الفصل الحادي عشر

الهروب

أصبح أبيض الناب مقاتلًا ماهرًا، فقد تعلم أن ينقض على الكلاب الغافلة، وأن يقلبها على ظهرها، ثم يهجم على بطونها. ولهذا السبب تحديدًا، تحاشته الكلاب جميعًا، وكانت معاركها معه تنتهي سريعًا بطرده إلى خيمته. وفي المرات النادرة التي تشهد غياب الرجال، كانت المعارك تزداد خطورة؛ إذ كانت الكلاب تستمر في القتال إلى أن يعلن أحدها الاستسلام ويدعى إلى هدنة. وبينما ازدادت خسة أبيض الناب كل يوم عن اليوم الذي يسبقه — مع تلقي المزيد من الضرب من جراي بيفر والقسوة من الكلاب الأخرى — قلت قدرته على الاستسلام، إلى أن جاء يوم قُتل فيه أحد الكلاب.

كانت المعركة مخيفة وسريعة للغاية، وكان أبيض الناب شديد البأس والثقة فيها، حتى إن المعركة لم تدم سوى بضع دقائق. بعد ذلك ركض أبيض الناب إلى المنزل، وجلس إلى جانب سيده بجوار النار وكأن شيئًا غريبًا لم يحدث. لم يكن أبيض الناب يدرك أنه اقترف أي خطأ، فلم يكن هناك من يوجهه أو يدله على الصواب.

جاء صاحب الكلب الآخر إلى جراي بيفر، وطلب منه أن يعوضه عن خسارته، لكن جراي لم يلتفت إليه، وقال له: «لا يمكن للمرء أن يغير طبيعة الذئب، وأبيض الناب هو ذئبي.»

في تلك الليلة بجوار النار، أعطى جراي بيفر أبيض الناب قطعة إضافية من اللحم، وقال له: «أنت مقاتل حقيقي.»

كانت هذه كلها دروسًا صعبة للذئب، فقد كوفئ على قسوته وقدرته القتالية. كان همه الوحيد في الحياة هو أن يبث السعادة في نفس سيده، ووقع في ظنه أن القتال هو أفضل طريقة لذلك.

كان جراي بيفر سريع اللجوء دائمًا إلى ضرب أبيض الناب، وكان من الصعب أن يفرِّق الذئب بين الصواب والخطأ، وكان الضرب يأتيه في أوقات من غفلته. فمثلًا، عندما سرق سمكة من يد طفل صغير، لم يضربه جراي بيفر على ذلك، وعندما أتى والد الطفل ليشكو ما فعله الذئب مهددًا بأن يرديه قتيلًا، دافع عنه جراي بيفر. مع ذلك عندما كان أبيض الناب يعود إلى خيمته في نهاية اليوم، ربما تلقى ركلة دون تحذير سابق عند اقترابه من النار. ولم يعرف قط ماهية الضربة أو السبب وراءها، لكنه اعتاد أن يتوقع الأسوأ.

كانت الأيام تزداد قصرًا يومًا بعد الآخر، وقد شرعت القبيلة في حزم الأمتعة وفض المخيم والانتقال إلى الجنوب من أجل قضاء الشتاء هناك. راقب أبيض الناب كلو-كوتش أثناء حزمها للأمتعة، وكذلك جراي بيفر أثناء وضعه تلك الأمتعة على مزلجة، ثم تجول حول المخيم، ورأى أن الجميع يفعل ما يفعله سيده وزوجته، فأدرك أن الأشياء من حوله تتغير ثانيةً.

كانت معظم الأُسَر قد رحلت بالفعل عندما ذهب أبيض الناب إلى الغابة، على أنه لم يبتعد كثيرًا إلا بقدر ما يكفي لاختفائه. سمع صوت جراي بيفر يناديه. كان من الصعب للغاية ألا يطيع سيده، غير أنه لزم مكانه ولم يبرحه. بعد فترة قليلة، توقف جراي بيفر عن الصياح، وساد الصمت أرجاء المخيم، وأدرك الجرو أنه الآن وحيد داخل البرية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤