إطلاق سراح وايومينج إد

يجب على المرء إبلاغ طبيبه، أو مُحاميه، أو المُحقق الخاص به بالحقيقة كاملة. فإذا كان لطبيبٍ أن يعالج؛ يجب أن يُمنح ثقة المريض الكاملة؛ وإذا كان لمُحامٍ الفوز بقضية؛ فإنه يحتاج إلى معرفة الأدلة ضد مُوكله، وكذلك النقاط التي ستَصبُّ في مصلحته؛ وإذا كان لعميلٍ سري أن يحل لغزًا؛ يجب أن تُكشَف له جميع الأوراق. وأولئك الذين لا يثقون ثقةً كاملةً في رجلٍ محترف يجب ألا يخيب أملُهم عندما تكون النتائج غير مُرضية.

أدَّت الثقة الجزئية التي وُضعت فيَّ إلى إطلاق سراح مُجرم خطير، وجعلتني أتعاون مع لصٍّ على الرغم مِني، وأوقعَتْ بي تحت طائلة القانون. بالطبع، لا أدَّعي أبدًا أنني أمتلك تلك الثقة المُطلقة في القانون التي يبدو أنها حقٌّ مُكتسَب لكل رجلٍ إنجليزي. لقد عشتُ على مقربةٍ وثيقة من آلية القانون، وشاهدتُ الكثير من أخطائه المُروعة، حتى امتنعتُ عن ذلك التقدير الأعمى الذي يبدو سائدًا في الجزُر البريطانية.

يُوجَد بيتُ شِعر هزلي يُجسِّد هذه الروح أفضل من أي شيءٍ يمكنني كتابته، يقول:

لن يلتفَّ حبل المشنقة حول رقبة مُحتال،
إذا كان لديه رأي جيد في القانون.

يُمثل هذان الشطران نموذجًا لتوجُّه الفكر البريطاني في هذا الاتجاه. فإذا كنتَ تشكك في حُكمٍ صادر من محاكمهم فأنت مُحتال، وهذا يُنهي الأمر. ومع ذلك، عندما يقوم رجل إنجليزي بالتحايُل على القانون؛ فلن يصِل رجل على وجه الأرض إلى ما هو أبعدُ منه. يا له من شعبٍ رائع! لا يمكن لعقلاء البلدان الأخرى فَهمه أبدًا.

أخطأتُ تمامًا عندما انخرطتُ في شئونٍ تكاد تكون غير قابلة للدفاع عنها، وغير قانونية بالمرة.

حاول مُوكلي أولًا أن يرشوني للامتثال لرغباته، لكنني رفضتُ بصرامة. ثم انهار جزئيًّا، وناشد — دون وعي كما أعتقد — قلبي وهو أمر غريب بالنسبة إلى رجلٍ إنجليزي. ولقد كان قلبي الحنون دومًا أكثر نقاط ضعفي. فنحن الفرنسيين عاطفيون. لقد راهَنَت فرنسا من قبلُ على وجودِها ذاته من أجل المُثل العُليا، بينما تُناضل الدول الأخرى من أجل الأرض، أو الأموال، أو التجارة. فلا يمكنك اختراقي برُمحٍ من ذهب، لكنني سأصبح طوع يمينك عندما تلوِّح بعصا التعاطف.

كان يخدمني في شقتي رجل أطلق على نفسه اسم دوجلاس ساندرسون، الذي ربما كان أو لم يكن لقبَه الشرعي. كان هذا سؤالًا لم أتطرَّق إليه مُطلقًا، وحتى هذه اللحظة التي أكتب فيها أجهل لقبَه الحقيقي، إذا لم يكن هذا لقبه الحقيقي، تمامًا مثل ذلك الصباح الذي قابلني فيه لأول مرة. كان رجلًا مُسنًّا يتمتَّع بهيبةٍ ووقار غير مُصطنَعَين، يتحدَّث ببطء، ويرتدي ملابس داكنة اللون بعض الشيء. لم يُشبه زيُّه زيَّ رجلٍ مهني، ولا زيَّ رجلٍ نبيل. أدركتُ على الفور الطبقة التي ينتمي إليها، ويا لها من طبقةٍ يصعُب التعامُل معها. لقد كان خادمًا شخصيًّا أو وكيل أعمال خاصًّا لإحدى العائلات العريقة والنبيلة على الأرجح، مُجسِّدًا في نفسه جميع عيوب وفضائل الأسرة التي خدمَها — مُشددًا بعض الشيء على كلٍّ منها — والتي كان بلا شك والده، وجدُّه، وجدُّه الأكبر مُرتبطين بها حتى يكون بهذه الشخصية هو وأمثاله. غالبًا ما يكون شرَف المنزل الذي يخدمه عزيزًا عليه أكثر ممَّا هو عزيز على مُمثل ذلك المنزل. مثل هذا الرجل يكون دائمًا مُستودعًا لأسرار الأسرة، وهذا المُستودَع لا يمكن للذهب، أو التهديدات، أو التملُّق التأثير على حصانته.

عرفت — عندما نظرتُ إليه — أنني عمليًّا كنتُ أنظر إلى سيدِه؛ لأنني عرفت العديد من الحالات التي كان فيها المظهر الشخصي للاثنين يكاد يكون مُتطابقًا، الأمر الذي ربما أدَّى إلى ظهور العبارة الإنجليزية: «الخادم مِثل سيده.» كان الخادم أكثر تكبرًا بعضَ الشيء، وأقلَّ لطفًا بعض الشيء، وأكثر انعزالًا عن غيره بعض الشيء، وأقلَّ حميميةً بعض الشيء، وأكثر تشامُخًا بعض الشيء، وأقلَّ إنسانيةً بعض الشيء، ويميل أكثر إلى أن يكون شخصًا محافظًا بعض الشيء، وإجمالًا، لقد كان شخصًا من الصعب وغير المُمتع التعامُل معه بعض الشيء.

عندما أشرتُ إليه للجلوس، بدأ حديثه قائلًا: «سيدي، أنا رجل ثري جدًّا، وقادر على الدفع جيدًا مقابل المهمة التي سأطلب منك تَولِّيها. إنَّ مُطالبتك بعرض شروطك قد تبدو أمرًا لا يفعله تاجر، لذلك يُمكنني أن أقول من البداية إنني لستُ بتاجر. والخدمة التي سأطلبها منك تحتاج أقصى درجات السرية، ولهذا أنا على استعدادٍ لدفع ثمن ذلك. وقد يُعرِّضك هذا الأمر لخطر الإصابة أو خسارة حريتك، ولهذا أنا على استعدادٍ للدفع. ومن المُحتمل أن يتطلَّب ذلك إنفاق مبلغٍ كبير من المال؛ هذا المبلغ تحت تصرُّفك.»

وهنا توقف؛ لقد تحدَّث ببطءٍ وبشكل مؤثر، مع لمسةٍ من الغطرسة في نبرة صوته التي أثارت — بسبب تحامُله — روح المنافسة الكامنة في طبيعتي. ومع ذلك — في هذه اللحظة — أحنيتُ رأسي فحسب، وأجبته بلهجةٍ تكاد تكون متغطرسةً مثل لهجته:

«لا بدَّ أن المهمة إما غير جديرة بالاهتمام، أو غير مُرحبٍ بها. وبذِكر الأجر أولًا؛ فإنك تقلِب الترتيب الطبيعي للأشياء. يجب أن تذكُر في البداية ما تتوقَّع منِّي فعله، ثم — إذا قبلتُ المهمة — يحين وقتُ مناقشة تفاصيل النفقات.»

إما أنه لم يتوقَّع مثل هذا الرد، أو أنه كان يكره فتح ميزانيته، فقد ظلَّ ناظرًا إلى الأرض لبضع لحظات، وهو يزم شفتَيه في صمت. وأخيرًا، استطرد قائلًا، دون أن يرفع عينيه، ودون أي انتقاصٍ من طريقته المُتعالية التي أثارت سخطي في البداية، والتي كانت سببًا لتداعيه الذي من شأنه أن يهدم بمُنتهى الجرأة وقارَه البارد الذي كان يُحيط به مثل العباءة:

«من الصعب على الأب أن يثِق بشخصٍ غريب تمامًا ليُخبره بنزوات ابنه الحبيب، وقبل القيام بذلك يجب أن تتعهَّد بأن هذه المعلومات ستحظى بالسرية التامة.»

أجبته: «هذا أمر بديهي.»

كانت العبارة بالفرنسية، فقال السيد ساندرسون بحدة: «لا أفهم الفرنسية.» وكأنَّ استخدام العبارة كان إهانةً له.

أجبتُه بلا مُبالاة:

«إنها تعني — بطبيعة الحال — أن هذا أمرٌ بديهي. كل ما يُهمك أن تُخبرني به عن ابنك لن أقوله لأحد. أرجو أن تبدأ، دون مزيدٍ من المراوغة في الكلام، لأن وقتي ثمين.»

قال: «كان ابني دائمًا طائشًا إلى حدٍّ ما ولا يحتمِل التحكُّم فيه. وعلى الرغم من أن كل ما يتمناه كان تحت تصرفه هنا في الوطن؛ فقد اختار زيارة أمريكا، حيث وقع في رفقةٍ سيئة. أؤكد لك أنه لا يُوجَد شرٌّ حقيقي في الصبي، لكنه تورَّط مع آخرين، وقد عانى بشدة من تهوُّره. وهو الآن نزيل في سجنٍ في الغرب، منذ خمس سنوات. كان معروفًا باسم وايومينج إد، وأُدين بهذا الاسم.»

«ماذا كانت جريمته؟»

«كانت جريمته المزعومة إيقاف قطارٍ للسكك الحديدية والسطو عليه.»

«كم عدد سنوات حُكمه؟»

«لقد حُكِم عليه بالسجن مدى الحياة.»

«ماذا ترغب منِّي أن أفعل؟»

«لقد قدَّمْنا كل طعن مُمكن إلى حاكم الولاية سعيًا للحصول على عفو. ولكن باءت جميع المحاولات بالفشل. وقد قيل لي إنه إذا أُنفقت أموال كافية؛ فقد يكون من المُمكن ترتيب هروب ابني.»

«بعبارةٍ أخرى، هل تريد مِني رشوة مسئولي السجن؟»

«أؤكد لك أن الفتى بريء.»

ولأول مرة أظهر الرجل العجوز مشاعر إنسانيةً في شكل رعشةٍ في صوته.

«حسنًا، إذا كان بإمكانك إثبات ذلك؛ فلماذا لا تتقدَّم بطلبٍ لمحاكمةٍ جديدة؟»

«مع الأسف، ملابسات القضية؛ من القبض عليه على متن القطار نفسه، وعدد الشهود ضده، لا تُعطيني أي أملٍ في أن تنتهيَ المحاكمة الجديدة بحُكم مختلف، حتى إذا حصل على مُحاكمة جديدة، وهو أمر أُخبِرْت أنه غير مُمكن. لقد جرَّبنا بالفعل كل الوسائل القانونية التي تهدف إلى إطلاق سراحه.»

«فهمت. والآن أنت عازم على تبنِّي وسائل غير قانونية؟ أنا أرفض أن يكون لي أي علاقة بالمُمارسة السيئة التي تقترحها. لقد اعترضتَ على عبارةٍ بالفرنسية، يا سيد ساندرسون، ربما واحدة باللاتينية تكون أكثر إرضاءً لك. إنها «الحقيقة سوف تنتصِر.» وقُلتها هذه المرة باللاتينية. سأطمئنك تمامًا فيما يتعلق بابنك. ابنك في هذه اللحظة يحتل مكانةً متواضعة — وإن كانت شريفة — في المنزل الكبير الذي أتيتُ منه، ويأمُل في الوقت المناسب أن يحلَّ محلَّ والده بجدارة، كما حللتَ أنت محلَّ والدك. أنت لستَ رجلًا ثريًّا، أنت مُجرد خادم. وابنك لم يكن في أمريكا قط، ولن يذهب إلى هناك أبدًا. إنه ابن سيدك، وريث المُمتلكات الإنجليزية العظيمة، الذي أصبح وايومينج إد المحبوس في السجن بالغرب. حتى ممَّا قلته، ليس لديَّ أدنى شكٍّ في أنه كان يستحقُّ الإدانة، ويمكنك العودة إلى سيدك وإخباره بذلك. لقد جئتَ إلى هنا لإخفاء السِّرِّ المُخزي لمنزل ثري ونبيل؛ يُمكنك العودة وأنت تعلم أن هذا السِّرَّ قد كُشِف، وأن الظروف التي ألزمتني أن أُبقيها سرية لم تكن موجودة أبدًا. سيدي، هذا جزاء الكذب.»

كان يُمكنني الإحساس بازدراء الرجل العجوز لي، حيث كان واضحًا للغاية. كان درع التحفظ البارد مُكتملًا لدرجة أنني في الواقع كنتُ أتوقع أن أراه يتكبَّر تكبرًا كاملًا، ويغادر الغرفة، مُترفعًا عن إجراء المزيد من المفاوضات مع شخصٍ أهانه. وممَّا لا شك فيه أن هذه هي الطريقة التي كان سيتصرَّف بها سيده، لكن حتى مع وجود المرءوس لم أكن مُستعدًّا للانهيار الفوري لهذا الصرح من الصلَف والتفاخُر. بعد لحظاتٍ قليلة من بداية حديثي بعباراتٍ لها نفس حدة عباراته، أمسكَت يداه المُرتجفتان بذراعَي الكرسي الذي كان يجلس عليه، وأظهرت لي عيناه الآخذتان في الاتساع — اللتان كانتا تنظُران إليَّ وأنا أتابع حديثي بشيءٍ من الفزع والدهشة — أنني أطلقتُ سهمي العشوائي مباشرةً في قلب الحقيقة. وبدلًا من أن يُصبح وجهه شاحبًا، ظهرت عليه بُقَع وتحوَّل للَّون الأخضر. وعندما اتهمتُه أخيرًا بالكذِب، قام ببطء، وهو يرتجِف مثل رجُلٍ مشلول، لكنه لم يكن قادرًا على الوقوف باستقامة، لذا جلس بلا حولٍ ولا قوة مرةً أخرى على كرسيه. سقط رأسه على الطاولة أمامه، وأجهش بالبكاء.

صاح قائلًا: «ليساعدني الرب! هذا ليس سِرِّي الذي أحاول حمايته.»

قفزتُ إلى الباب، وأدرتُ المفتاح في القفل حتى لا تتمَّ مقاطعتنا بأي طريقة، ثم، ذهبتُ إلى الخزانة، وسكبتُ له كأسًا مملوءةً بأجود أنواع الكونياك المُستورد من جنوب نهر اللوار، وربتُّ على كتفه، وقلتُ باقتضاب:

«تفضل، اشربْ هذا. الوضع ليس أسوأ مما كان عليه قبل نصف ساعة. لن أُفشيَ السِّر.»

شرِبَ الكونياك في جرعةٍ واحدة، واستعاد السيطرة على نفسه ببعض الجهد.

انتحب قائلًا: «لقد أخفقتُ في مهمتي. لا أعرف ما قُلته ليقودك إلى معرفة الوضع الحقيقي بهذه الدقة، لكنني كنتُ أحمق مُستهترًا. فليُسامحني الله؛ كانت هناك أمور كثيرة تتوقَّف على عدم ارتكابي لأي خطأ.»

أجبته: «لا تدع هذا الأمر يُزعجك. لا شيءَ مما قلته أعطاني أدنى فكرة.»

تابع: «لقد وصفتَني بالكاذب، وهذه كلمة صعبة من رجلٍ إلى آخر، لكنني لا أكذب من أجل نفسي، وعندما أفعل ذلك من أجل شخصٍ أكنُّ له كل توقير واحترام، فإن أسفي الوحيد هو أنني فعلت ذلك دون جدوى.»

قلت له مطمئنًا: «سيدي العزيز، الذنب ليس ذنبك على الإطلاق. كنتَ ببساطة تحاول فعل المستحيل. إن اقتراحك المجرد المكشوف هو السبب وراء الوصول إلى هذا. فأنا عليَّ الذهاب إلى الولايات المتحدة، وهناك أرتكب جريمة، أو سلسلةً من الجرائم، برشوة المسئولين الذين حلفوا اليمين ليخونوا واجبهم والسماح للمُدان بالهروب.»

«أنت تُعبر عن الأمر بقسوةٍ شديدة يا سيدي. يجب أن تعترف أنه — خاصةً في البلدان الجديدة — هناك فوضى في إطار القانون وخارجه. هرب المُجرمون الحقيقيون في عملية السطو على قطار السكة الحديد، وتم القبض على سيدي الشاب المسكين. ووالده — أحد أكثر الرجال مدعاةً للفخر في إنجلترا — كبُر في السن قبل أوانه تحت وطأة هذا العار الفظيع. إن قلبه مُنفطر، ويُحتضر، ومع ذلك يظهر بمظهرٍ هادئ أمام العالَم، بكل الشجاعة العريقة الخاصة بعِرقه. إن سيدي الشاب هو الابن الوحيد، وإذا لم يظهر — في حالة وفاة والده — ينتقل اللقب والمُمتلكات إلى الغُرباء. وإنَّ قِلة حِيلتنا في هذا الوضع تزيد من هوله. نحن لا نجرؤ على اتخاذ أي خطوةٍ في العلن. فسيدي الكبير له تأثير ضخم بين الطبقة الحاكمة في هذا البلد، والتي كان عضوًا فيها منذ فترة طويلة، لدرجة أنه إذا ذُكر اسمه؛ يعتقد الرجل الإنجليزي العادي أنَّ سلطته غير محدودة. ومع ذلك، لم يجرؤ على استخدام تلك السلطة لإنقاذ ابنه من حياة الجاني وموته. وبغضِّ النظر عن مدى مُعاناته أو معاناة أي شخصٍ آخر، يجب تجنُّب الإشهار، وهذا سِر لا يمكن البَوح به بأمانٍ لغير أولئك الذين يعرفونه الآن.»

«كم شخصًا يعرف ذلك؟»

«في هذا البلد ثلاثة أشخاص. وشخص واحد في أحد السجون الأمريكية.»

«هل ما زلت تتواصل مع الشاب؟»

«آه، نعم.»

«بشكل مباشر؟»

«لا، من خلال شخصٍ ثالث. ناشد سيدي الشابُّ والدَه ألا يكتب إليه مباشرة.»

«وهذا الوسيط — كما يمكن أن نطلق عليه — هل هو الشخص الثالث الذي يعلَم السر؟ ومن هو؟»

«لا أجرؤ على إخبارك بذلك!»

«سيد ساندرسون، سيكون من الأفضل لسيِّدك وابنه أن تكون أكثر صراحةً معي. إن هذه الثقة غير الكاملة أمر مُضلل. هل قدَّم الابن أي اقتراح بخصوص إطلاق سراحه؟»

«أوه، نعم، ولكن ليس الاقتراح الذي قدمتُه لك. كانت رسالته الأخيرة مفادها أنه في غضون ستة أشهر أو نحو ذلك ستكون هناك انتخابات لمنصب الحاكم. واقترح استخدام مبلغٍ كبير من المال للتأثير في هذه الانتخابات حتى يمكن لرجلٍ تعهد بالعفو عنه الجلوس على كرسي الحاكم.»

«حسنًا. وهل هذا المبلغ يُدفع للشخص الثالث الذي أشرتَ إليه؟»

«نعم.»

«هل لي أن أعتقد أن هذا الشخص الثالث هو الذي تُدفع له مبالغ مختلفة خلال السنوات الخمس الماضية من أجل رشوة الحاكم للعفو عن الشاب؟»

تردَّد ساندرسون لحظةً قبل أن يُجيب، وفي الواقع، بدا مُتحيرًا جدًّا بين ما يميل إلى فعله وما يجب عليه فعله، حريصًا على إعطائي أي معلومة أعتبرها ضرورية، ومع ذلك بدا مُكبلًا بالتعليمات التي قيَّدَه بها سيده، حتى لوَّحت بيدي أخيرًا وقلت:

«لا داعي للردِّ يا سيد ساندرسون. هذا الطرف الثالث هو جوهر الموقف. أشكُّ بشدة في أنه يبتزُّكم. ولو أنك فقط تعطيني اسمه، وتسمح لي بإغرائه للقدوم إلى مسكني، فأنا أمتلك سجنًا خاصًّا صغيرًا، يُمكنني أن أُلقيه فيه، وأجرؤ على قول إنه قبل مرور أسبوع في الظلام، وهو يعيش على الخبز والماء، ستكون لدَينا الحقيقة بشأن هذا الأمر.»

إليك الآن الطبيعة غير المنطقية للرجل الإنجليزي! بدا العجوز المسكين ساندرسون، الذي أتى إليَّ باقتراحٍ لخرق قانون أمريكا، مرعوبًا عندما اقترحتُ باستخفاف وضعَ رجلٍ في زنزانة هنا في إنجلترا. نظر إليَّ في ذهول، ثم ألقى عينيه حوله خفية، كما لو كان خائفًا من أن يفتح تحته باب الشرَك الذي يهبط به إلى الزنزانة الخاصة بي.

«لا تفزع يا سيد ساندرسون، أنت آمِن تمامًا. لقد بدأتَ من الطرف الخاطئ لهذا العمل، ويبدو لي أن خمس سنوات من التبرُّعات لهذا الطرف الثالث دون أي نتيجة ربما فتحت أعيُن حتى النبلاء الأكثر نفوذًا في إنجلترا، ناهيك عن أعين خادمه المُخلص.»

قال ساندرسون: «في الواقع يا سيدي، يجب أن أعترف لك أنني أشكُّ منذ فترة طويلة في هذا الشخص الثالث، لكن سيدي تشبَّث به باعتباره أمله الوحيد، وإذا تمَّ التدخُّل في شئون هذا الشخص الثالث، يُمكنني أن أقول لك إنه أودع في لندن في مكانٍ ما غير معروف لنا، سجلًّا كاملًا للقضية، وإذا حدث أنه اختفى لأكثر من أسبوع في أي وقت، فسيخرج هذا السجل للنور.»

«عزيزي السيد ساندرسون، هذه الحيلة قديمة قِدَم نوح وفُلكه. يجب أن أجازف. اسمح لي أن ألقيَ القبض على هذا الرجل، وسأضمن عدم حدوث أي إشهار.»

هزَّ ساندرسون رأسه بحُزن، وقال:

«قد يحدُث كل شيء كما تقول يا سيدي، لكن كل ذلك لن يدفع بنا إلى الأمام. هدفنا الوحيد هو إطلاق سراح سيدي الشاب. ربما كان الشخص غير المذكور، والذي يمكن أن نطلق عليه اسم رقم ثلاثة، يخدعنا طوال الوقت، لكن هذه مسألة غير مُهمة.»

«اعذُرني، لكني أعتقد أنها مهمة. افترض هنا أن سيِّدَك الشاب قد أُطلق سراحه. سيستمر رقم ثلاثة هذا في الحفاظ على سلطته عليه، التي يبدو أنه استغلها لتهديد والده طوال السنوات الخمس الماضية.»

«أعتقد أنه يُمكننا منع ذلك يا سيدي، إذا نُفذت خُطتي.»

«إذن فأنت صاحب خطة رشوة المسئولين الأمريكيين؟»

«نعم يا سيدي، ويُمكنني أن أقول إنني أتحمَّل مسئولية المجيء إليك بالكامل. في الواقع، أنا أعصي أوامر سيدي الضمنية، لكنني رأيته يدفع أموالًا، ومبالغ كبيرةً جدًّا، إلى هذا المدعو رقم ثلاثة على مدى السنوات الخمس الماضية؛ ولم يُسفر هذا عن شيء. سيدي رجل نزيه، لم يرَ سوى القليل من العالَم الحقيقي، ويعتقد أن الجميع صادقون مِثله.»

«حسنًا، قد يكون الأمر كذلك يا سيد ساندرسون، لكن اسمح لي أن أقترح أنَّ الشخص الذي يقترح خطةً للرشوة، وأقل ما يُقال عنها، التهرُّب من القانون؛ يُظهر بعض المعرفة بالمُستويات الدنيا من هذا العالَم، وهو ليس في وضع يسمح له بالتباهي بصِدقه.»

«سأخبرك بهذا الأمر، سيد فالمونت. سيدي لا يعرف أي شيءٍ عن خُطتي. لقد أعطاني المبلغ الضخم الذي طلبه رقم ثلاثة، ويفترض أن هذا المبلغ قد دُفع بالفعل. لكنه في واقع الأمر لم يُدفع ولن يُدفع حتى يُنفَّذ اقتراحي ويفشل. وفي الواقع، أنا على وشك استخدام هذه الأموال — كلها إذا لزم الأمر — إذا كنتَ ستقوم بالمهمة. لقد دفعتُ لرقم ثلاثة حصته الشهرية المعتادة، وسأواصل القيام بذلك. وقد أخبرته أن سيدي يضع اقتراحه قيدَ النظر؛ لذلك لا يزال أمامنا ستة أشهر للبتِّ في الموضوع، وأن سيدي ليس من الأشخاص الذين يُقرِّرون على عجل.»

«يقول رقم ثلاثة إن هناك انتخابات في غضون ستة أشهر للحاكم. ما اسم الولاية؟»

أبلغني ساندرسون. وتوجَّهتُ إلى خزانة الكتب، وأخذت الدليل السنوي الأمريكي الحالي، وتصفحته، وعدتُ إلى الطاولة.

«لا تُوجَد انتخابات في تلك الولاية، سيد ساندرسون، لمدة ثمانية عشر شهرًا. رقم ثلاثة هو مجرد مُبتز، كما توقعت.»

أجاب ساندرسون وهو يخرج صحيفةً من جيبه: «بالتأكيد يا سيدي. لقد قرأتُ في هذه الصحيفة واقعةً عن رجلٍ مسجون في سجنٍ تحت الأرض في إسبانيا. رتَّب له أصدقاؤه الأمر مع المسئولين على هذا النحو: اعتُمِدَت وفاة السجين وجرى تسليم جُثته إلى أقاربه. الآن، إذا كان من الممكن القيام بذلك في أمريكا، فسيخدم غرضَين. ستكون أسهل طريقةٍ لإخراج سيدي الشاب من السجن. وسيجري التعامُل مع وفاته على أنها سجل قانوني؛ وبالتالي لا يمكن البحث عنه مِثلما يمكن أن يحدُث إذا هرب ببساطة. وإذا تكرَّمت بالقيام بهذه المهمة؛ فربما ترى سيدي الشاب في زنزانته، وتطلُب منه أن يُرسل رسالةً إلى رقم ثلاثة؛ هذا الذي يتواصل معه باستمرار ويُخبره أنه مريض جدًّا. ثم يمكنك ترتيب الأمور مع طبيب السجن لإبلاغ هذا الشخص بوفاة سيدي الشاب.»

«حسنًا، يُمكننا أن نُجرِّب ذلك، لكن لا يمكن خداع المُبتز بسهولة. فبمجرد أن ذاق الدم تحوَّل إلى نمرٍ آكل للبشر. لكن لا يزال هناك دائمًا زنزانتي الخاصة، وإذا فشلت خطتك لإسكاته، فأنا أضمن نجاح طريقتي التي تتميَّز بنفس القدْر من عدم الالتزام بالقانون والمزيد من القسوة.»

•••

يتبين أن الوساوس المُتعلقة بقَبول هذه المهمة وكراهيتي الأولى للرجل العجوز التي أشرتُ إليها في الفصل السابق قد تلاشت أثناء المحادثة. رأيته تحت ضغط العاطفة العميقة، وبدأت أخيرًا في إدراك المخاطرة الكبرى التي يُقدِم عليها بمخالفة إرادة سيِّدِه المُستبد. إذا حُجب مبلغ كبير من المال لفترةٍ طويلة عن المُبتز، فإن دوجلاس ساندرسون يُخاطر بإمكانية تواصُل رقم ثلاثة مع سيده بشكلٍ مباشر. ومن شأن التحقيق إظهار أن الخادم العجوز قد اقترب بشكلٍ خطير من تعريض نفسه لتُهمة خيانة الأمانة، وحتى الاختلاس فيما يتعلق بالمال، وكل هذا الخطر الذي كان يتكبَّده بشكلٍ بطولي لغرَضٍ غير أناني يتمثَّل في خدمة مصالح ربِّ عمله. خلال مقابلتنا الطويلة، أصبح العجوز ساندرسون بطلًا في عيني تدريجيًّا، وعلى عكس القرار الذي اتخذته في البداية، قبلتُ مهمته في نهاية الأمر.

ومع ذلك، فإنني لا أشعر بالفخر تجاه تجاربي الأمريكية، وكل ما يُهمني أن أقوله حول هذا الموضوع هو أن رحلتي كانت ناجحةً تمامًا. كان المدان السابق رفيقي على متن السفينة أرونتيك؛ وهي أول سفينة بخارية تُبحر مُتجهة نحو إنجلترا بعد أن وصلْنا إلى نيويورك قادمين من الغرب. بالطبع كنتُ أعلم أن عامين أو ثلاثة أعوام من الحياة القاسية في معسكرات المناجم والمزارع، تليها خمس سنواتٍ في السجن، لا بدَّ أنها أحدثت تأثيرًا جذريًّا، ليس فقط في الشخصية، ولكن أيضًا في المظهر الشخصي للرجل الذي تعرَّض لهذا الحرمان. ومع ذلك — مع مراعاة كل هذا — لا يسَعُني إلا أن أخشى أن الأسرة الإنجليزية العريقة، التي كان هذا الشاب هو الأمل والفخر بالنسبة إليها، ستُصاب بخيبة أملٍ كبيرة. وعلى الرغم من التغيير الذي أحدثته عملية الهندمة وارتداء زيٍّ مُتحضر، إلا أن وايومينج إد كان لا يزال يبدو مُجرمًا أكثر منه رجلًا نبيلًا. اعتبرتُ نفسي ملتزمًا بعدم طرح أي استفسارات على الشاب فيما يتعلق بنَسَبه. وبالطبع، إذا كنتُ أرغب في معرفة السِّرِّ بنفسي، لم يكن عليَّ سوى الضغط على زرٍّ أسفل الطاولة عندما غادر ساندرسون مسكني في شُقق إمبريال فلاتس، مما كان سيجعله مُتعقَّبًا ويمكن العثور عليه. كما يُمكنني إضافة أن السجين السابق لم يتطوَّع بالبوح بأي تفاصيل عن نفسه أو عن أُسرته. مرةً واحدةً فقط على متن السفينة حاول الحصول على بعض المعلومات مِني بينما كنَّا نَسير على السطح معًا.

قال: «أنت تعمل لصالح شخصٍ آخر، على ما أعتقد؟»

«نعم.»

«شخص آخر في إنجلترا؟»

«نعم.»

«هل هو من دفع المال؟»

«نعم.»

كانت هناك وقفة انعطفنا خلالها مرَّتَين أو ثلاثًا في الصمت.

ثم قال أخيرًا: «بالطبع، ليس هناك سِر في ذلك. كنت أتوقع المساعَدة من الجانب الآخر، لكن العقيد جيم تأخَّر جدًّا في هذا الأمر، كنتُ أخشى أنه نَسِيني.»

«من هو العقيد جيم؟»

«العقيد جيم باكستر. ألم يكن هو من أعطاك المال؟»

«لم أسمع عن هذا الرجل من قبل.»

«إذن من دفع المال؟»

أجبته وأنا أنظر إليه بجانب عيني وأنا أذكر الاسم: «دوجلاس ساندرسون.» يبدو أنه لم يكن له أي تأثير عليه. جعَّد جبينه لحظةً ثم قال:

«حسنًا. إذا لم تسمع عن باكستر من قبل، فأنا لم أسمع مُطلقًا عن ساندرسون.»

قادني هذا إلى الشك في أن دوجلاس ساندرسون لم يُعطني اسمه الصحيح، ولا شكَّ أن العنوان الذي زوَّدني به كان مجرد عنوانٍ مؤقت. لم أرسل إليه برقيةً من أمريكا بشأن نجاح الرحلة، لأنني لم أكن متأكدًا من نجاحها حتى أصل بأمانٍ إلى أرضٍ إنجليزية، ولا حتى آنذاك، في واقع الأمر. على أي حال، تمنَّيتُ ألا أترك أي أثرٍ ورائي، لكن في اللحظة التي وصلتْ فيها سفينة أرونتيك إلى ليفربول، أرسلتُ برقيةً لساندرسون لمُقابلتنا في ذلك المساء في شقتي.

كان ينتظرني عندما دخلتُ أنا ووايومينج إد معًا. من الواضح جدًّا أن الرجل العجوز كان في حالة توتُّر عصبي. لقد كان يسير في الغرفة ذهابًا وإيابًا ويداه مضمومتان خلف ظهره، وبمجرد أن سمِعَنا نقترب توقف في نهاية الغرفة، ويداه ما زالتا مُتشابكتين خلف ظهره، ويعلو وجهه الصارم قلقٌ عميق. كانت جميع المصابيح الكهربائية مضاءة، وكانت الغرفة مضيئة كالنهار.

صاح: «ألم تُحضره معك؟»

رددت: «أُحضره معي؟ ها هو وايومينج إد!»

حدَّق العجوز فيه للحظة أو اثنتين بذهول، ثم صرخ قائلًا:

«يا إلهي! يا إلهي! هذا ليس الرجل!»

التفتُّ إلى رفيقي في السفر صاحب الشعر القصير.

«لقد أخبرتني أنك وايومينج إد!»

ضحك بانفعال.

«حسنًا، لقد كنتُ ذلك في السنوات الخمس الماضية — إن جاز التعبير — لكنني لم أكن وايومينج إد قبل ذلك. قل لي أيها العجوز، هل تعمل لصالح العقيد جيم باكستر؟»

كان ساندرسون — الذي يبدو أن عدة سنوات مرَّتْ عليه فجأةً منذ دخولنا الغرفة — غير قادرٍ على الكلام، وهزَّ رأسه فحسْب بطريقة يائسة.

فجأةً هتف المُجرم السابق مع ضحكةٍ مُضطربة تتَّسِم بالهزلية والحيرة: «أعتقد أيها الفِتية أن هذا نوع من سُوء الفَهم، أليس كذلك؟ أتمنَّى لو كان العقيد جيم هنا ليوضح الأمر.» وصاح فجأة، مُوجهًا كلامه إليَّ بحدة: «وأعتقد أيها الزعيم، أن عدم التطابُق هذا ليس خطئي. فأنا لم أبدل الأطفال في المهد. أنت لا تنوي إعادتي إلى هذا الجحيم، أليس كذلك؟»

قلت: «كلَّا، ليس إنْ قلتَ الحقيقة. اجلس.»

جلس السجين السابق على كرسيٍّ قريب قدْر الإمكان من الباب، محاولًا الاقتراب منه قليلًا وهو يجلس. كان وجهه يبدو حادًّا وماكرًا مثل وجه جرذٍ مُحاصَر.

أكَّدت له: «أنت بأمانٍ تام. اجلس هنا بجوار الطاولة. حتى لو هربتَ عبر هذا الباب؛ فلن تتمكن من الخروج من هذه الشقة. سيد ساندرسون، تفضل بالجلوس.»

جلس العجوز مُحبطًا على أقرب كرسي. ضغطتُ على زِر، وعندما دخل خادمي قلتُ له:

«أحضر بعض الكونياك والويسكي الأسكتلندي، وكئوسًا، وزجاجتَي صودا.»

سأل السجين وهو يلعق شفتيه: «أليس لدَيك أي ويسكي من كنتاكي أو كندا؟» أصبح شحوب السجن في وجهه الآن أكثر حدةً بفعل شحوب الخوف، ولمعتْ عيناه بنظرة ذُعر لهاربٍ من العدالة. وعلى الرغم من الراحة التي حاولتُ منحه إيَّاها، فقد علِم أنه قد تمَّ إنقاذه بالخطأ مكان شخصٍ آخر، وللمرة الأولى منذ خروجه من السجن أدرك أنه بين غرباء وليس بين أصدقاء. وفي مأزقِه هذا، لجأ إلى مشروب قارَّتِهِ الأصلية.

قلتُ للخادم: «أحضر زجاجة ويسكي كندي.» فاختفى وعاد بعد قليل ومعه ما طلبته. أغلقتُ الباب خلفه، ووضعتُ المفتاح في جيبي.

سألت المجرم السابق: «بماذا أدعوك؟»

قال بضحكةٍ مصطنعة: «يمكنك أن تدعوَني جاك للاختصار.»

«حسنًا. جاك، تفضَّل.» سكب لنفسه كأسًا مملوءةً للغاية من مشروب الدومينيون، رافضًا تخفيفه بالصودا. أخذ ساندرسون سكوتش، وصببتُ لنفسي كأسًا صغيرةً من البراندي.

بدأتُ الحديث: «الآن يا جاك، يُمكنني إخبارك بصراحةٍ أنه إذا كنتُ أرغب في إعادتك إلى السجن، فلا يُمكنني القيام بذلك دون أن أورِّط نفسي في جريمة. فأنت مَيت قانونًا، ولديك الآن فرصة لبدء الحياة من جديد، وهي فرصة آمُل أن تغتنمها. وإذا وصلتَ لأبواب السجن بعد ثلاثة أسابيع من اليوم، فلن يجرءوا على السماح بدخولك؛ فأنت مَيت. هل يجعلك هذا تشعر بتحسُّن؟»

«حسنًا أيها الرجل النبيل، يمكنك التأكُّد من أنني لم أعتقد مُطلقًا أنني سأسعد لسماع خبر وفاتي، لكنني سعيد ما دام كل شيء قد تمَّ إصلاحه كما تقول، ويمكنك التأكُّد من أنني سأبتعد عن السجن في المُستقبل قدْرَ المُستطاع.»

«هذا صحيح. الآن، يمكنني أن أعِدك أنك إذا أجبتَ جميع أسئلتي بصِدق؛ فسوف تحصُل على مالٍ يكفي لتوفير بدايةٍ جديدة لك في الحياة.»

قال جاك بإيجاز: «هذا جيد بما فيه الكفاية.»

«هل كنتَ معروفًا في السجن باسم وايومينج إد؟»

«نعم يا سيدي.»

«إذا لم يكن هذا هو اسمك، فلماذا استخدمته؟»

«لأنَّ العقيد جيم — في القطار — طلب منِّي القيام بذلك. قال إن ذلك سيمنحه نفوذًا في إنجلترا لإطلاق سراحي.»

«هل كنتَ تعرف وايومينج إد؟»

«نعم يا سيدي، لقد كان واحدًا منَّا نحن الثلاثة الذين سَطَوا على القطار.»

«ماذا حلَّ به؟»

«لقد قُتل بالرصاص.»

«من قبل أحد الركاب؟»

ساد الصمت الذي تخلَّله أنينُ الرجل العجوز وهو يُحني رأسه. كان جاك ينظر إلى الأرضية بعناية، ثم نظر إليَّ وقال:

«أنتَ لا تتوقَّع مني أن أشي بصديق، أليس كذلك؟»

«بما أن هذا الصديق قد تخلَّى عنك على مدار السنوات الخمس الماضية، يبدو لي أنك لستَ بحاجةٍ إلى إظهار قدْر كبير من الاهتمام به.»

«لستُ متأكدًا من أنه فعل ذلك.»

«أنا متأكد؛ لكن لا تهتم بهذه النقطة. أطلَق العقيد جيم باكستر النار على وايومينج إد وقتله. لماذا؟»

«ها أنت يا صديقي تستبق الأحداث. فأنا لم أقُل ذلك.»

مدَّ يدَه بشيءٍ من التحدِّي ناحية الزجاجة الكندية.

قلتُ وأنا أقوم من مكاني بهدوء، ماسكًا الزجاجة بنفسي: «عفوًا، إنه ليُحزنني أكثر ممَّا أستطيع قوله أن أحِدَّ من كرم ضيافتي. أنا لم أفعل شيئًا كهذا في حياتي من قبل، لكن هذه ليست حلقة شُرب؛ إنه اجتماعٌ جاد للغاية. لقد منحك الويسكي الذي تناولته بالفعل شجاعةً زائفة، ونظرةً خاطئةً للأمور. فهل ستُخبرني بالحقيقة أم لا؟»

فكَّر جاك مَليًّا في هذا الأمر لبعض الوقت ثم قال:

«حسنًا يا سيدي، أنا على استعدادٍ تامٍّ لإخبارك بالحقيقة بقدْر ما يتعلق الأمر بنفسي، لكنني لا أريد التخلِّي عن أحد أصدقائي.»

«كما سبق أن قلت؛ إنه ليس صديقك. لقد قال لك أن تأخذ اسم وايومينج إد؛ حتى يبتزَّ والد وايومينج إد. لقد فعل ذلك على مدار السنوات الخمس الماضية، حيث يعيش في رفاهيةٍ هنا في لندن، ولم يُحرك ساكنًا لمساعدتك. في الواقع، لا شيء سيُرعبه أكثر من معرفة أنك الآن في هذا البلد. وبحلول هذا الوقت ربما يكون قد تلقَّى الأخبار من طبيب السجن بأنك مَيت، ومن ثم يعتقد أنه آمِن إلى الأبد.»

قال جاك: «إذا كان بإمكانك إثبات ذلك لي.»

فقاطعتُه: «أستطيع وسأفعل.» ثم توجَّهتُ إلى ساندرسون، وسألته:

«متى ستُقابل هذا الرجل مرةً أخرى؟»

أجاب: «الليلة، الساعة التاسعة. لقد حان موعد أجرِهِ الشهري، وهو يُطالب بالمبلغ الكبير الذي أخبرتك به.»

«أين ستُقابله؟ في لندن؟»

«نعم.»

«في منزل سيدك بالمدينة؟»

«نعم.»

«هل ستأخذنا إلى هناك وتُخبئنا حيث يُمكننا رؤيته ولا يمكنه رؤيتنا؟»

«نعم. أنا أثق في نزاهتك، يا سيد فالمونت. سوف تأتي لي عربة مُغلقة في الساعة الثامنة، ويمكنك مُرافقتي. ومع ذلك، يا سيد فالمونت، ليس لدَينا أي ضمانٍ بأنه نفس الشخص الذي يُشير إليه هذا الشاب.»

«أنا مُتأكد من أنه كذلك، وأعتقد أنه لا يُطلق على نفسه اسم العقيد جيم باكستر، أليس كذلك؟»

«كلَّا.»

كان المُجرم المُدان يُحوِّل نظره بيننا أثناء هذه المحادثة. وفجأةً قرَّب كرسيه من الطاولة وقال:

«حسنًا، يبدو أنكم صادقون يا رفاق، وبعد كل ما قِيل وفُعل، أنت من أخرجني من السجن. الآن، أنا شِبه متأكد أنك مُحق بشأن العقيد جيم، لكن على أي حال، سأُخبرك بما حدث بالضبط. كان العقيد جيم بريطانيًّا، وأفترض أن هذا هو السبب في أنه ووايومينج إد كانا صديقَين مُقربين إلى حدٍّ كبير. كنا ندعو جيم باكستر بالعقيد، لكنه لم يقُل أبدًا إنه كان عقيدًا أو أي شيءٍ آخر. قِيل لي إنه كان ينتمي إلى الجيش البريطاني، وإن شيئًا ما حدث في الهند؛ لذا كان عليه أن يهرُب. لم يتحدَّث عن نفسه أبدًا، لكنه كان زميلًا رائعًا للغاية عندما كان يُخطط لإرضاء أي شخص. دعَوناه بالعقيد لأن ظهره كان مُستقيمًا، وكان يسير كما لو كان في مَوكب. عندما ظهر هذا الوافد الجديد الإنجليزي الشاب، أصبحتْ علاقته بالعقيد وثيقة، وربح العقيد بسببه قدرًا كبيرًا من المال في لعب الورق، لكن هذا لم يُحدِث أيَّ فرقٍ في صداقتهما. كان العقيد يربح دائمًا في لعب الورق، وربما كان هذا ما بدأ الحديث عن سبب تركه للجيش البريطاني. كان الرجل الأكثر حظًّا على الإطلاق في هذا المجال من الأعمال. لقد التقَينا جميعًا أثناء التهافت على مناجم الذهب الجديدة، والتي لم تبلُغ قيمتها سنتًا واحدًا، وغادر الرفاق واحدًا تلوَ الآخر وذهبوا إلى مكانٍ آخر. لكن وايومينج إد صمَد، حتى بعد أن أراد العقيد جيم المغادرة. طالما كان هناك الكثير من الأشخاص، لم يكن العقيد جيم يفتقر إلى المال أبدًا، على الرغم من أنه لم يستخرجه من الأرض، ولكن عندما انخفض عدد السكان إلى عددٍ قليل؛ حينها مرَرْنا جميعًا بأوقاتٍ عصيبة. في هذا الوقت، علمتُ أن العقيد جيم كان سيسطو على قطار. سألني إذا كنتُ سأنضم إليه، وقلتُ إنني سأفعل إذا لم يكن هناك الكثير من الأشخاص في العصابة. لقد قمتُ بهذا الأمر من قبل، وكنتُ أعلم أنه لا يُوجَد خطر أكبر من وجود مجموعةٍ كبيرة من الرفاق. يمكن لثلاثة رجالٍ السطو على قطار أفضل من ثلاثين. الجميع يخافون ما عدا موظف شركة الشحن السريع، ومن السهل عمومًا إسكاته؛ لأنه يقف حيث يُوجَد الضوء، ونُطلق النار من الظلام. حسنًا، اعتقدتُ في البداية أن وايومينج إد كان على درايةٍ بالخطة، لأنه عندما كنَّا ننتظر على جنبٍ للإشارة إلى القطار تحدَّث عن استمرارنا فيه حتى الوصول إلى سان فرانسيسكو، لكنني اعتقدتُ أنه كان يمزح فحسْب. أعتقد أن العقيد جيم تخيَّل أنه عندما يُصبح الموقف حرجًا، لن يتراجع إد ويتركنا في الوقت الصعب دون مساعدة؛ فهو كان يعلم أن إد كان شجاعًا مثل الأسد. على الجنب — حيث يتقدَّم القطار — جهَّز العقيد فانوسه، وأشعلَه، ولفَّ منديلًا حريريًّا أحمر رقيقًا حوله. كان من المُقرَّر أن يمر القطار السريع من هناك حوالي منتصف الليل، لكن مصباحه الأمامي لم يظهر إلا عندما اقتربت الساعة من الواحدة صباحًا. كنا نعلم أن جميع الركاب سيكونون في الفراش في عربات النوم، ونيامًا في عربة التدخين وعربة الركاب العادية. لم نكن ننوي التطفُّل عليهم. كان العقيد قد أحضر إصبعًا أو اثنين من الديناميت من المناجم، وكان سيُفجر الخزنة في عربة القطار السريع لفتحها، والخروج بما يُوجَد بداخلها.

توقَّف القطار عند الإشارة بشكلٍ صحيح، وأطلق العقيد بضع طلقاتٍ فقط لإعلام المُهندس بأننا ننوي السطو على القطار. قام المهندس ورجل الإطفاء فورًا برفع أيديهما، ثم التفت العقيد إلى إد، الذي كان يقف هناك مصدومًا، وقال له بحدَّةٍ شديدة، كما لو كان يتحدَّث إلى كتيبةٍ من الجنود:

«قم بمراقبة هذين الرجلين.» ثم قال لي: «هيا يا جاك.» ثم صعدنا إلى باب عربة القطار السريع، الذي أغلقه الرجل من الداخل وهرب. أطلق الكولونيل مُسدسه على القفل، ثم ضرب الباب بكتفه؛ فتحطَّم الباب، وتبع ذلك على الفور دويٌّ آخر، حيث كان موظف الشحن الضئيل مُستعدًّا من الداخل. كان قد أطفأ الأنوار وراح يُطلق الرصاص دون توقُّف على الباب المفتوح. قفز العقيد ليحتمِيَ داخل العربة، ولم يُصبه شيء، لكن إحدى الطلقات أصابتني فوق الركبة مباشرة، وكسرت ساقي، وسقطتُ على الأرض دون حراك. وبمجرد أن عدَّ العقيد سبع طلقات، هجم على موظف الشحن مثل النمر، وفي وقتٍ قياسي قام بتقييده بعقدةٍ يصعب فكُّها. وفي لمح البصر، أشعل عودَ ثقاب، وأشعل المصباح. وبالرغم من شجاعة موظف الشحن، بدا خائفًا للغاية، وبمجرد أن صوَّب العقيد جيم مُسدسًا نحوَ رأسه، تخلَّى عن المفاتيح وأخبره كيف يفتح الخزنة. كنتُ قد تراجعت إلى زاوية العربة في الداخل، وكنتُ أئنُّ من الألَم. كان العقيد جيم يُفرِّغ أرفف الخزنة من المال ويحشُره في كيس.

وصاح قائلًا: «هل تأذَّيتَ يا جاك؟»

«نعم، لقد كُسِرت ساقي.»

«لا تدعْ هذا يُزعجك، سوف نُخرجك من هنا لا تقلق. هل تعتقد أنه يمكنك ركوب حصانك؟»

قلت: «لا أعتقد ذلك، أعتقد أنني قد قُضيَ علي.» وكنتُ أحسب أنني كذلك.

لم ينظر الكولونيل جيم حوله قطُّ، لكنه كان يبحث في تلك الخزنة بطريقة يَشيب بسببها شعر رأسك، مُلقيًا الطرود الكبيرة جانبًا بعد تمزيقها لفتحها، آخذًا النقود فقط، التي كان يحشرها في كيسٍ كان معه، حتى أصبح مُثقلًا بالمال مثل مليونير. ثم فجأةً شتَمَ لأن القطار بدأ يتحرك.

صاح قائلًا وهو يقِف على قدميه: «ماذا يفعل هذا الأحمق إد؟»

في تلك اللحظة دخل إد، وهو يحمِل مُسدسًا في كل يد، ويستشيط غضبًا.

وصاح: «ها أنت أيها اللصُّ الملعون، أنا لم أحضُر معك للسطو على قطار!»

صرخ العقيد جيم بأعلى صوت: «اخرج أيها الأحمق، اخرج وأوقف هذا القطار. كُسِرَت ساق جاك. لا تقترب مِني خطوةً أخرى، وإلا سأقتلك!»

لكن إد استمرَّ في التقدُّم، ورجع العقيد جيم للخلف، ثم كانت هناك رصاصة دوَّت وكأنها نيران مدفع في العربة المُغلقة، وسقط إد على وجهه. قلَبَه العقيد جيم، ورأيتُ أنه أُصيب بقوة في منتصف جبهته. كان القطار يسير الآن بسرعةٍ كبيرة نسبيًّا، وكنَّا بالفعل على بُعد أميالٍ من مكان ربط خيولنا. لم أسمع قطُّ رجلًا يشتُم مثل العقيد جيم. فتَّش في جيوب إد، وأخذ حزمةً من الأوراق كانت داخل معطفه، وحشرَها في ملابسه. ثم التفت إليَّ، وقال لي بمنتهى الطيبة:

«جاك، صديقي، لا أستطيع مُساعدتك، سوف يعتقلونك، لكن ليس بتُهمة القتل. فموظف الشحن هناك سيشهد على ما حدث. وعلى أي حالٍ هي ليست جريمة قتل من جانبي، بل دفاع عن النفس. وأنت رأيتَ أنه كان قادمًا نحوي عندما حذَّرتُه أن يبتعِد.»

كل هذا قاله بصوتٍ عالٍ حتى يسمعه موظف الشحن، ثم انحنى نحوي وهمس:

«سأُعيِّن لك أفضل مُحامٍ مُمكن، لكنني أخشى أنهم ملزمون بإدانتك. وإذا فعلوا ذلك؛ فسوف أنفق كل قرشٍ من هذه الأموال لإطلاق سراحك. أطلِق على نفسك اسم وايومينج إد في المحاكمة. لقد أخذتُ كل أوراق هذا الرجل حتى لا يمكن التعرُّف عليه. ولا تقلق إذا حُكم عليك، فتذكَّر أنني سأعمل ليلًا ونهارًا من أجلك. وإذا كان المال يمكن أن يُخرجك؛ فستخرُج؛ لأن هذه الأوراق ستُساعدني في الحصول على المال المطلوب. إن أهل إد أغنياء في إنجلترا، لذلك سوف يدفعون مُرغَمين لإخراجك إذا تظاهرتَ بأنك هو.» وبهذا ودَّعَني وقفز من القطار. هذه — أيها السادة — هي القصة بأكملها تمامًا كما حدثت، ولهذا السبب اعتقدتُ أن العقيد جيم قد أرسلك ليُطلق سراحي.»

لم يكن هناك أدنى شكٍّ في ذهني أن المُجرم قد أخبر الحقيقة بالضبط، وفي تلك الليلة، في الساعة التاسعة، تعرَّف على الرائد رين بوصفه العقيد السابق جيم باكستر. خبَّأنا ساندرسون في رواقٍ حيث يُمكننا أن نرى، ولكن لم نتمكن من السمع. بدا الرجل العجوز مُصممًا على ألا نعرِف أين كنَّا، واتخذ كل الاحتياطات كي لا نعلَم ما يجري. أعتقد أنه خبأنا بعيدًا عن مدى السمع، حتى لا نعلم اسم النبيل إذا ذكرَه الرائد. بقِينا في الرواق لبعض الوقت بعد أن غادر الرائد قبل أن يأتي ساندرسون إلينا مرةً أخرى حاملًا معه مُغلفًا.

قال: «العربة تنتظر عند الباب. وبعد إذنك يا سيد فالمونت، سأرافقك إلى شقتك.»

ابتسمتُ لحذَر العجوز الشديد، لكنه تابع بجديةٍ شديدة:

«ليس الأمر كذلك يا سيد فالمونت. أودُّ أن أتشاور معك، وإذا قبلت، فلديَّ مهمة أخرى سأعرضها عليك.»

قلت: «حسنًا، آمُل أن تكون مقبولةً أخلاقيًّا وليس مثل المهمة السابقة.» لكن العجوز لم يرُد على هذا.

ساد الصمتُ في العربة أثناء عودتنا إلى شقتي. كان ساندرسون قد اتخذ الاحتياطات اللازمة من سحب ستائر العربة، وهو ما لم يكن بحاجةٍ إلى القيام به؛ لأنه — كما قلت — كان من أبسط الأمور في العالَم بالنسبة إليَّ أن أكتشف من هو صاحب العمل، إذا كنتُ أرغب في معرفة ذلك. في واقع الأمر، لا أعرف، حتى يومِنا هذا، الشخص الذي كان يُمثله.

مرةً أخرى في غرفتي مع تشغيل المصباح الكهربائي، صُدمتُ وذُهلتُ لرؤية تعبير وجه ساندرسون. لقد كان وجهَ رجلٍ يودُّ أن يرتكب جريمة قتلٍ بفظاعة ويُشنَق بسببها. إذا صُوِّر التعطش للانتقام على وجه بشريٍّ في وقتٍ ما، فقد كان ذلك على وجهه في تلك الليلة. تحدَّث بهدوءٍ شديد، ووضع المُغلَّف أمامه على الطاولة. قال:

«أعتقد أنك ستتَّفِق معي في أنه لا يُوجَد عقاب على الأرض شديد القسوة لذلك المخلوق الذي يُطلِق على نفسه اسم الرائد رين.»

قال المجرم: «إنني على استعدادٍ لإطلاق النار عليه في شوارع لندن غدًا، إذا طلبتَ مني.»

تابع ساندرسون بعناد: «إنه لم يقتُل الابن فحسْب، بل أبقى الأب في عذاب الحزن والخوف لمدة خمس سنوات، مُستنزفًا منه المال طوال الوقت، وذلك كان أقلَّ جرائمه. غدًا سأُخبر سيدي أن ابنه مات منذ خمس سنوات، وحقيقة أن ابنه مات رجُلًا أمينًا وشريفًا ستُخفِّف من وطأة هذه الكارثة الثقيلة. أشكرك على عرْض قتل هذا المجرم الحقير. أنوي أن يموت، ولكن ليس بهذه السرعة أو بهذه الرحمة.»

وهنا فكَّ رباط المُغلَّف، وأخذ منه صورةً سلَّمها للمجرم:

«هل تعرف هذا الشخص؟»

«نعم بالتأكيد؛ هذا هو وايومينج إد كما كان يبدو في المنجم. وفي الواقع، كما كان يبدو عندما تعرَّض لإطلاق النار.»

ثُم سلَّمني ساندرسون الصورة. وقال: «هناك مقال قرأته عنك في الصحيفة، يا سيد فالمونت، يقول إنه يمكنك انتحال شخصية أي شخص. هل يمكنك انتحال شخصية هذا الشاب؟»

أجبته: «ليس هناك صعوبة في ذلك.»

«إذن هلَّا فعلت هذا؟ أتمنَّى منكما أنتما الاثنين أن تلبسا بهذه الطريقة. سأعطيكما تفاصيل عن الأماكن التي يتردَّد عليها الرائد رين. أريدكما أن تُقابلاه معًا وعلى حِدة، بقدْر ما تستطيعان؛ حتى تدفعا به إلى الجنون أو الانتحار.» قال ساندرسون مُخاطبًا جاك: «إنه يعتقد أنك ميت. أنا على يقينٍ من أن الخبر قد وصل إليه الليلة. إنه حريص للغاية على الحصول على المبلغ الضخم الذي كنتُ أحجزه عنه. يمكنك مُخاطبته، لأنه سيتعرَّف على صوتك كما سيتعرَّف على شخصك، لكن من الأفضل ألا يتكلَّم السيد فالمونت؛ لأنه قد يعلَم حينها أنه ليس صوتَ سيدي الشاب المسكين. أقترح أن تُقابلاه أولًا معًا، ودائمًا في الليل. سأترك الباقي لك، يا سيد فالمونت.»

مع هذه الجملة قام العجوز وترَكَنا.

ربما يجب أن أتوقف عن سرد هذه القصة هنا، لأنني كثيرًا ما تساءلتُ عما إذا كنتُ عمليًّا مُذنبًا بالقتل غير العمد.

لم نلتقِ الرائد رين معًا، لكننا رتَّبنا أن يُقابل جاك تحت أحد أعمدة الإنارة، ثم يُقابلني تحت عمود الإنارة التالي. كان ذلك بعد منتصف الليل، وكانت الشوارع شبه مهجورة. اختفت الحشود، ولم يتبقَّ في حركة المرور سوى الحافلات الأخيرة، وسيارة أجرة مُتأخرة بين الحين والآخر. نزل الرائد رين على درجات ناديه، وتحت عمود الإنارة الأول. ومع سطوع الضوء بالكامل على جاك، تقدَّم المُدان وقال:

«أيها العقيد جيم، أنا وإد في انتظارك. كان هناك ثلاثة في عملية السطو تلك وأحدُهم كان خائنًا. ورفيقاه القتيلان يطلُبان من الخائن أن ينضمَّ إليهما.»

ترنَّح الرائد للخلف باتجاه عمود الإنارة، ورفع يدَه على جبينه، وتمتم بشيءٍ أخبرَني جاك به بعد ذلك:

«يجب أن أتوقف عن الشُّرب! يجب أن أتوقَّف عن الشُّرب!»

ثم تمالك نفسه، وسار بسرعةٍ نحوَ عمود الإنارة التالي. ظهرتُ أمامه مباشرة، لكنني لم أُصدِر أي صوت. نظر إليَّ بعيونٍ منتفخة، بينما صرخ جاك بصوته العالي، الذي بلا شك تردَّد صداه كثيرًا في جميع أنحاء المنطقة:

«تعالَ يا وايومينج إد ولا تهتمَّ به. سيتبعنا.»

ثم أطلق صيحة حرب. لم يستدِرِ الرائد، لكنه استمرَّ في التحديق في وجهي، وهو يتنفَّس بصوتٍ عالٍ مثل شخصٍ مُصاب بسكتةٍ دماغية. دفعتُ قُبعتي للخلف ببطء، ورأى على جبيني العلامة الحمراء لثُقب الرصاصة. رفع يديه وسقط على الرصيف مُحدثًا ضجة.

«قصور القلب» كان رأيَ الطبِّ الشرعي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤