القسم الثاني

(نفس المكان … المحقق واقف حيث يطل على الحديقة، ويُشرف على عملية الحفر، ويُحادث حفَّارًا غير ظاهر … وفي الجانب الآخر الخادم العجوز تُحادث لبَّانًا غير ظاهر، كما لو كان ذلك من نافذة تطل على الطريق.)

(للحفار الذي في الحديقة): طبعًا تحت الشجرة!

نعم … نعم.

(المحقق يُتابع عملية الحفر بحركة من رأسه تُساير الجاروف في حركته.)

(الخادمة تتجه إلى حيث المحقق … وهو لا يُلقي بالًا إليها ويستمر في متابعة عملية الحفر في الحديقة.)

(طرق على الباب الخارجي.)

(الخادمة في الخارج تُطلق صيحة رعب هائلة.)

(الزوجة تظهر بملابس الخروج مندهشة.)

(يتجه بسرعة إلى حيث يُوجد التليفون.)

(يضع السماعة.)

(طرق على الباب الخارجي.)

(يظهر الزوج عليه أمارات التعب.)

(يتعانقان.)

(يُصافح الزوج ثم الزوجة وينصرف.)

(يرى رأسها ينحدر في يده … فيهزها فزعًا وقد رآها فارقت الحياة.)

بهانة! … بهانة! … زوجتي! … عزيزتي! … بهانة … بهانة … لا حول ولا قوة إلَّا بالله! … أكان الأمر يحتاج إلى هذا إلى … إلى هذا … ما العمل الآن؟ … ما العمل؟ … يجب أن أفعل شيئًا! … وبسرعة! … بسرعة! … قبل كل شيء يجب أن أُبلغ البوليس … وأُسلِّم نفسي … هذا هو الواجب … قتلت زوجتي لأنَّها … لأنِّي … لأنَّها …

(يظل يردد ذلك وهو متجه إلى حيث جهاز التليفون فوق المنضدة، ولكنَّه ينحرف عنه ويختفي في الداخل لحظة، ثمَّ يعود بغطاء فرش أبيض يغطي به زوجته الميتة ويزحزحها قليلًا إلى جهة مستترة … ثمَّ يعود إلى التليفون ويُدير الرقم ويرفع السماعة إلى أذنه، وعندئذٍ يظهر في الجانب الآخر من المسرح «المحقق» أمام مكتبه يرفع سماعته، ويدور بينهما الحديث.)

(كلٌّ منهما يضع سماعته … ويختفي المحقق.)

(يتجه إلى حيث ترك الجثة ويحملها على كتفه ويخطو بها نحو الحديقة … وعندئذٍ يسمع طرقًا على الباب فيُخفي الجثة في مكانها ويذهب ليفتح.)

(ينظر حوله كالباحث عن شيء.)

(يتحرك متجهًا إلى حيث وضع الجثة … ثم لا يلبث أن يُسْمَع صياحه، ويظهر مضطربًا مأخوذًا.)

(يذهب إلى الحديقة، يتبعه الدرويش بنظراته.)

(يختفي الدرويش … ويخلو عندئذٍ المسرح … ثمَّ يدوي في أرجائه فجأة صوت خفي لحفلة «السبوع»: «برجلاتك برجلاتك» ويعقبها فجأة صوت القطار وصفيره ونشيد الرحلة المدرسية: يا طالع الشجرة هات لي معك بقرة … ثمَّ يختلط الصوتان؛ حفلة السبوع ونشيد القطار وصفيره، ويتداخل أحدهما في الآخر.)