خامسًا: تاريخ الفِرَق

وقد دوَّنت كتب تاريخ الفِرَق أيضًا تاريخ الفلسفة. ووُضع الفلاسفة ضمن الفِرَق غير الإسلامية «الخارجون عن الملة الحنيفية والشريعة الإسلامية». كما هو الحال عند الشهرستاني (٥٤٨ﻫ) في «الملل والنحل»، والتي تبلغ ثلاثة أجزاء من مجموعة الخمسة أجزاء نظرًا لإفاضة الشهرستاني فيها واضعًا الفلاسفة لأول مرة مع الديانات والملل والنحل: اليهود، النصارى، المجوس، والزرادشتية، والمزدكية، والثنوية، والشنتوية … إلخ. وأهل الأهواء والنحل: الصابئة وأصحاب الروحانيات والحنفاء (الجزء الثالث). ثم يخصص جزءًا بأكمله (الرابع وبعض الخامس) للفلاسفة اليونان بعد الصابئة: هرمس، أصحاب الهياكل والأشخاص، الحرانية، الفلاسفة، ويجعل المتأخرين من فلاسفة الإسلام نموذج ابن سينا امتدادًا لليونان مع العرب في الجاهلية: الهند، أصحاب الروحانيات، عبدة الكواكب، عبدة الأصنام، حكماء الهند (الجزء الخامس). والشهرستاني هو الوحيد الذي أعطى هذه الأهمية للفِرَق غير الإسلامية. ولم يكتفِ باليهود والنصارى كما فعل ابن حزم ولكن أضاف فلاسفة اليونان وفلاسفة الإسلام والصابئة وحكماء الهند. ومع ذلك يوجد بعض التكرار للفلاسفة وللثقافات خاصة الهندية والفارسية، ربما بسبب الجمع بين منهج العرض الذي يُذكر فيه الموضوع ومنهج المقارنة الذي يُعاد فيه مقارنة الموضوع.١
ويتميز الشهرستاني بإدراك جيد للمذاهب وإحساس فلسفي بها. وفي عرضه للآراء والأقوال بصيرة ووضوح تكشف عن قدرة على التفلسف فهمًا وتعبيرًا وإيصالًا حتى في أشد الموضوعات تجريدًا مثل رياضة فيثاغورس ومنطق ابن سينا، وفلسفة أرسطو في ست عشرة مسألة تعرض الإلهيات والطبيعات دون المنطق اكتفاءً بعرضه عند المتأخرين من فلاسفة الإسلام، ابن سينا نموذجًا.٢ وقد يخطئ أحيانًا في تصنيف المذاهب عندما يجعل هيراقلطس وأباسيس من مدرسة فيثاغورس الرياضية، وهم من المدرسة الطبيعية.٣ وتبدو أحيانًا نغمة التشيع في تاريخ الشهرستاني مثل انبثاق نور إبراهيم جليًّا في إسحاق وخفيًّا في إسماعيل، ووصية موسى لهارون جلية وليوشع خفية؛ لأن الإمامة بعضها مستقر وبعضها مستودع.٤
يدخل الفلاسفة إذن ضمن أهل الأهواء والنحل في مقابل أرباب الديانات، دين الوحي في مقابل دين الطبيعة الذي يقوم على الفطرة السليمة والعقل الكامل والذهن الصافي.٥ وأحيانًا يضل العقل ويختلف العقلاء في مدارس فكرية ست هي:
  • (١)

    السوفسطائيون: إنكار المحسوس والمعقول، وبالتالي استحالة قيام العلوم لأنهم ينكرون المعارف كلها، حسية أو عقلية. فلا يوجد شيء يمكن معرفته. وإن عُرف فإنه لا يُعرف على وجه اليقين.

  • (٢)

    الطبيعيون الدهريون: الاعتماد على الحس وحده وإنكار المعقول، وإثبات كل ما هو محسوس وإنكار كل ما يتجاوز الحس.

  • (٣)

    الفلاسفة الإلهيون: إثبات المعقول دون الحدود والأحكام والشريعة والإسلام. يكفي الوصول بالعقل إلى مبدأ العالم والمعاد، والوصول إلى الكمال المطلوب، فالسعادة في العلم والمعرفة والشقاء في الجهل والسفه. الشرائع أمور مصلحية، والحلال والحرام أمور وضعية، عالم الروحانيين من الملائكة والعرش والكرسي واللوح والقلم، أمور معقولة وصور خالصة لها خيالات جسمانية. وأحوال المعاد والثواب والعقاب للترغيب والترهيب للعوام. الفلاسفة دهرية وحشيشية وطبيعية وإلهية أخذوا علومهم من مشكاة النبوة، فوقعوا في الغرور واشتغلوا بالأهواء.

  • (٤)

    الصابئة الأولى: إثبات الأحكام والحدود العقلية، من العقل ومن الوحي في مراحله الأولى، غاذيمون وهرمس وهما شيث وإدريس، وأنكروا تطور الوحي وتوالي الأنبياء بعدهما، وبالتالي ينفون شريعة الإسلام.

  • (٥)

    المجوس واليهود والنصارى: إثبات المحسوس والمعقول والحدود والأحكام العقلية والأنبياء الأُوَل والأواخر دون آخر الأنبياء وآخر الديانات.

  • (٦)

    المسلمون: إثبات المحسوس والمعقول والحدود والأحكام العقلية والأنبياء الأوائل والأواخر حتى آخر الشرائع والديانات.

لقد أدخل الشهرستاني لأول مرة الفلاسفة ضمن إطار تاريخ الأديان في خمسة أجزاء في «الملل والنحل»، الأول والثاني عن الفِرَق الإسلامية، الأول عن الأصول؛ أي علم العقائد (الكلام)، والثاني عن الفروع؛ أي علم الفقه. والثالث والرابع والخامس عن «الخارجون عن الملة الحنيفة والشريعة الإسلامية». الثالث عن اليهود والنصارى والمجوس، وأصحاب الاثنين المانوية وسائر فرقهم. وفي آخره «أهل الأهواء والنحل»، وهم الصابئة (باقي الجزء الثالث)، والحنفاء وهرمس وأصحاب الهياكل والأشخاص والفلاسفة، يونان ومسلمين (الجزء الرابع وأول الخامس)، ثم آراء العرب في الجاهلية وآراء الهند وأصحاب الروحانيات والكواكب وعبدة الأصنام وحكماء الهند (معظم الخامس).٦
القسمة إذن ثلاثية؛ أهل الكتاب، والمجوس، والفلاسفة. وتقوم على الكتاب: من له كتاب محقَّق مثل التوراة والإنجيل وهم اليهود والنصارى، ومن لهم شبهة كتاب وهم المجوس بعد أن رُفعت صحف إبراهيم إلى السماء بعد ما وقع من المجوس. والدين الطبيعي الذي ينتسب إليه الفلاسفة. فالدين نوعان؛ دين كتاب ودين طبيعة. والخارجون عن الملة الحنيفية والشريعة الإسلامية يقولون بشريعة وأحكام وحدود أعلام.٧
وهنا تدخل الأسطورة في عمل المؤرخ في شبهة الكتاب ورفع صحف إبراهيم مع أن التوراة أيضًا وُصفت بأنها صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى، ولم تُرفَع. وكذلك انبثاق نور إبراهيم في شعبتين؛ بني إسحاق وبني إسماعيل. فالكتاب مدوَّن قبل البعثة، والصحف غير مدوَّنة تأتي وتُرفع. وقد سُمِّي اليهود والنصارى «أهل الكتاب» لأن الناس كانوا نوعين؛ أهل كتاب يقرءون كاليهود والنصارى، وأميون لا يقرءون ولا يكتبون كالعرب. الفريق الأول في المدينة، والثاني في مكة. الأول ينصرون الأسباط ويذهبون مذهب بني إسرائيل، والثاني ينصرون دين القبائل ويذهبون مذهب بني إسماعيل، وكلاهما من نور إبراهيم. الأول ظاهر والثاني خفي. يظهر الأول في النبوة والثاني في المناسك والعلامة. قبلة الأول بيت المقدس، وقبلة الثاني البيت الحرام. شريعة الأول ظواهر الأحكام، والثاني رعاية المشاعر ورفاهية القلوب. خصماء الأول الكفار مثل فرعون وهامان، وخصماء الثاني المشركون مثل عبدة الأصنام والأوثان.٨
كانت الأمة اليهودية أكبر من الأمة النصرانية في شبه الجزيرة العربية، ولكن بعد دخول أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وأستراليا في النصرانية تفوق الآن النصارى اليهود، ويفوق المسلمون الديانات جميعًا من حيث العدد. لم يغير المسيح من شريعة اليهود، بل أكملها بالأخلاق والمواعظ، ولم ينقَدِ اليهود إليه اتهامًا له بأنه غيَّر الشريعة، من السبت إلى الأحد، وحلل أكل الخنزير، وبدَّل الختان والغسل. وقد جمعت الشريعة الإسلامية بين الاثنين واتهمتهما معًا بالتحريف. ويستعمل الشهرستاني القرآن والحديث مصادرَ له لمعرفة اليهودية في النصرانية وأهل الأهواء والنحل وهرمس.٩
ولا يعلن الشهرستاني عن مصادره كما أعلن المؤرخون الآخرون. هو فيلسوف يعرض المقالات والنظريات والآراء والأفكار. فالفكرة هي وحدة التعليل أو القول المنثور غير المباشر، وليس المنصوص المباشر نقلًا عن آخرين، فلا يهم المصدر بل الموضوع، لا يهم السند بل المتن، مما يجعل الشهرستاني أقرب إلى ابن هندو والمبشر بن فاتك اللذين أرَّخا للأقوال والحِكم والمأثورات وليس للأشخاص باستثناء بعض النوادر في حياة الفلاسفة كما فعل حنين بن إسحاق خاصةً نادرة أبقراط ووطنيته، ورفض خدمة ملك الفرس. ويروي نصفها عن ابن سينا.١٠
وأحيانًا قليلةً يذكر بعض الرواة، سواء في عرض الوافد أو الموروث، سواء كانت الرواية مباشرة من الفلاسفة أو عن فلاسفة نقلوا عنهم.١١ ويبدو أرسطو مؤرخًا يُروى عنه ما رواه عن الفلاسفة السابقين. ويفرِّق الشهرستاني بين الحِكَم والرأي؛ فبعض الفلاسفة يعرض حِكَمهم مسبوقة بلفظ قال، حتى ولو لم يكن قولًا مباشرًا ولكنه منقول عن مصادر مدوَّنة سابقة. وبعض الفلاسفة يعرض رأيهم؛ أي آراءهم ونظرياتهم، دون أن تكون مسبوقة بأفعال القول.١٢ أمَّا أبرقلس، فإن الشهرستاني يعرض شبهه على قِدَم العالم وتشبه حجج ابن رشد.١٣ والشبهة لا حكمة ولا رأي، بل ظن وشك يمكن الرد عليه فيها، مما يجعل الحكمة مقبولة على الإطلاق، والرأي مقبول نسبيًّا. الحِكَم معظمها أخلاقية إنسانية روحية، والرأي طبيعي أو إلهي. وإذا كانت الحِكَم للأفراد، فإن الرأي للأفراد والمدارس الفكرية.
ويبدو القرآن مصدرًا تاريخيًّا في قصص الأنبياء لمعرفة الديانات السابقة، خاصةً الصابئة والحرانيين وعبادة الأصنام والهياكل والأشخاص، وهي الديانات التي حاججها القرآن على لسان إبراهيم.١٤
وقد تبدو المصادر غير المعلنة مثل الاعتماد على الغزالي في «مقاصد الفلاسفة»، وربما «التهافت» لعرض آراء أرسطو، أو «النجاة» لعرض آراء الفلاسفة المتأخرين رواة عن أرسطو؛ فقد ساروا وراءه وتابعوه مقلدين متهالكين عليه، مع أن أرسطو يخطئ ويصيب.١٥ كما اعتمد الشهرستاني على مصادر أخرى تثبت أن نقل ثامسطوس وابن سينا عنه، وهما الشارحان الكبيران، لم يكن نقلًا دقيقًا.١٦ والنقل ليس إلا مجرد ربط دون رؤية أو تأويل أو توظيف. تغيب الدلالة على النقل خاصةً لو كان المنقول مجردًا في حاجة إلى قراءة وتأويل. وكمتكلم يبدأ الشهرستاني بالإلهيات حتى ولو كانت ما بعد الطبيعة؛ أي المقارنات، إلا مرة واحدة مع المجسطي وبطليموس، وبالرغم من وجود الدلالات وهي زيادة الموضوعات الإسلامية مثل النبوة والوحي والمعاد على أرسطو ومحاجة ابن سينا في الطبيعيات.
وواضح أولوية الوافد على الموروث في الفلسفة.١٧ ويتصدر أرسطو أعلام اليونان ثم أفلاطون على الإطلاق ثم سقراط والإسكندر الرومي، ثم أبقراط، ثم فيثاغورس، ثم ثامسطيوس، ثم فلوطرخس وديموقريطس وطاليس، ثم أنبادقليس وفرفوريوس، ثم هرمس، ثم زينون الأكبر وأبرقلس، ثم بطليموس وأنكساجوراس، ثم الشيخ اليوناني وثاوفرسطس وأنكسمانس وأغاذيمون ثم هيراقليطس وأبيقورس وإقليدس وهوميروس وسولون الشاعر وديوجانس الكلبي وأطوسايس الكلبي، ثم خريبوس وزينون الشاعر وزينون الأصغر وبارميندس وأكسونوفان وهرقل وآخرون. ومع المدارس يتصدر المشاءون والرواقيون. ومن الكتب نواميس أفلاطون، السماء والعالم والآثار العلوية لأرسطو، وفاذي (فيدون) لسقراط (أفلاطون)، والمجسطي. ومن حيث الأقوام يتصدر اليونان على الروم على الإطلاق.١٨ قد يوجد بعض الخلط بين زينون الأكبر وزينون الأصغر وزينون الشاعر وزينون فقط.
ومن حيث الكم يتصدر الوافد الموروث كذلك مع استبعاد هرمس العظيم لأنه مشترك بين الاثنين. ويتصدر أرسطو الوافد ثم فيثاغورس ثم أفلاطون ثم سقراط ثم أنبادقليس ثم أبرقلس ثم طاليس وهوميروس وأبقراط ثم حكماء أهل المظال (الرواقيون) وخروسيس وزينون والإسكندر والشيخ اليوناني ثم أنكسمانس وزينون الأكبر وديموقريطس وشيعته وفرفوريوس ثم أنكساجوراس وديموقريطس وسولون وإقليدس وديوجانس، ثم فلوطرخيس وهرقل وثامسطيوس.١٩ وواضح أن الشهرستاني من المدرسة الفيثاغورية، كما أن الشهرزوري من المدرسة الإشراقية نظرًا لتصدر مدرسة الفيثاغوريين التي ينتسب إليها كبار الفلاسفة سقراط وأفلاطون وأرسطو في مقابل المدرسة الطبيعية. فالعقل هو المقياس يشترك بين اليونان المسلمين، بين موضوع التاريخ وذات المؤرخ.

ويبدأ الشهرستاني قبل الحديث عن الفلاسفة بتعريف الفلسفة اشتقاقًا من اللفظ اليوناني «محبة الحكماء». والحكمة قولية وفعلية، وكأنها سنة؛ أي نظرية وعملية؛ أي عقيدة وشريعة. النظر طريق العمل. بعض الحكماء قدموا النظر على العمل، والبعض الآخر قدم العمل على النظر، وكلاهما الحق والخير. ويمكن للعقل الكامل الوصول للقسمين معًا. أمَّا الأنبياء فأعطوا الأولوية للعمل ولقسم من النظر، والحكماء أعطوا الأولوية للنظر وقسم من العمل. غاية الحكيم أن يتجلى لعقله نظام الكون حتى يتشبه بالإله عن طريق العقل. وغاية النبي أن يتجلى له نظام الكون فيقضي المصالح العامة عن طريق الترغيب والترهيب. والتشكيل والتخييل. فالفلاسفة يقبلون الأنبياء. ومن استمد علمه من مشكاة النبوة فإنه يقدِّرهم أعظم تقدير إلى حد التعظيم.

وقد اختلف الحكماء في الحكمة النظرية. كما خالف الأواخر الأوائل، والمتأخرون المتقدمين في عديد من المسائل. كانت مسائل الأوائل محصورة في الطبيعيات والإلهيات، في الباري والعالم، ثم زادوا الرياضيات. وبالتالي انقسم العلم إلى ثلاثة أقسام: علم ما وهو العلم الإلهي الذي يطلب ماهيات الأشياء، وعلم كيف وهو العلم الطبيعي الذي يطلب كيفيات الأشياء، وعلم كم الذي يطلب فيه كم الأشياء، وهو العلم الرياضي، سواء كان الكم مجرَّدًا (الحساب) أو مخالطًا (الهندسة). ثم أضاف أرسطو المنطق وسمَّاه تعليمات جرده من كلام القدماء؛ إذ لم تخلُ الحكمة منذ نشأتها من قوانين المنطق، وجعلها آلة العلوم. فأرسطوطاليس مبدعًا واضعًا للمنطق، بل هو تجريد وتنظيم وتقنين لأقوال الحكماء السابقين. فأصبحت الحكمة أربعة: العلم الإلهي وموضوعه الوجود المطلق، والعلم الطبيعي وموضوعه الجسم، والعلم الرياضي وموضوعه الأبعاد والمقادير، والعلم المنطقي وموضوعه المعاني الذهنية.٢٠
ولا يكتفي الشهرستاني بالعرض التاريخي السردي أو التأويلي، الموضوعي أو الذاتي، الخارجي أو الداخلي، بل يتجاوزه إلى النقد، سواء كان نقد الوافد أو نقد الموروث؛ فقد أغفل مفكرو المتأخرين من فلاسفة الإسلام ذكر مقالات اليونان كمؤرخين إلا القليل من النوادر، وكأن وظيفة فلاسفة الإسلام مجرد التأريخ الموضوعي السردي كما يفعل الشهرستاني. وما سر عظمة ابن سينا إلا أنه صمت عن مصادره وأعطى فلسفة عقلية خالصة جعلها الشهرستاني نموذجًا لفلاسفة المسلمين دون غيرها. بل إن بعض نقلهم كان تزييفًا، كما هو معروف في قضية النسبة الخاطئة للنصوص لغير مؤلفيها. ويصرِّح الشهرستاني بأنه تجاوز الفلاسفة وتحقق من صدق النقل وتعقبه بالنقد تاركًا الاختيار للقارئ في مقارنة القدماء بالمحدثين، الأوائل بالأواخر.٢١ ويعتمد الشهرستاني على تصحيح تاريخ الفلسفة اليونانية على سابقيه مثل فرفوريوس وهو على مذهب أرسطو، من روى عن أفلاطون أنه يقول بحدوث العالم وأن له بداية في الزمان.٢٢
ويردُّ الشهرستاني على أنكسيمانس في قوله إن الباري أبدع الأشياء ولا يعلمها إنكارًا للعلم الإلهي «وهذا من القول المستبشع.» فهناك صواب وخطأ في العقائد، فالقول بأن الباري لا يعلم شيئًا محال شنيع أو أنه يعلم بعض الصور دون البعض نقص لا يليق بالكمال. والقول بأنه يعلم جميع الصور والمعلومات «وهذا هو الرأي الصحيح»،٢٣ وكأن المؤرخ للفلسفة قد ترك وضعه إلى المتكلم الأشعري. ويرد على شُبَه اليونان، أبرقلس وأرسطو، بل وابن سينا في قِدَم العالم. فأكثرها مغالطات وتحكمات خصص لها الشهرستاني كتابًا خاصًّا ينقضها على قوانين منطقية على نقيض تعصب أبرقلس وأنصاره الذين حاولوا إيجاد العذر له بأنه يناطق الناس بمنطقين؛ روحاني وجسماني. وكان من يحاورهم جسمانيين. فخرج على طريق الحكمة التي لا تعرف إلا طريقًا واحدًا وهو البرهان وليس الجدل الذي يدعو إلى التشتت، ويجد كل صاحب هوًى فيه ما يريد.٢٤
أمَّا الموروث فيتصدر ابن سينا على الإطلاق، فهو نموذج فلاسفة الإسلام والممثل لهم جميعًا بالرغم من ذكر عشرين آخرين لا فرق بين رواة وفلاسفة، بين مترجمين وشُرَّاح، ولا فرق بين كبار الفلاسفة مثل الكندي والفارابي والعامري ومسكويه وصغارهم.٢٥ ويعتبرهم جميعًا من المتأخرين. واليونان من المتقدمين، امتدادًا لليونان عند المسلمين كما يدعي المستشرقون المحدثون في الغرب، وكأنهم لا أصالة لهم ولا دور حضاري لهم إلا تبعية اليونان. كلهم أتباع أرسطو إلا القليل الذي تابع أفلاطون مما يكشف عن نزعة عقلية واقعية عند المسلمين. رمزهم ابن سينا وزعيمهم الأول، يقتبس منه الشهرستاني عرضًا للفلسفة، المنطق والإلهيات والطبيعيات؛ فابن سينا هو الفلسفة، والفلسفة هو ابن سينا.٢٦ وهو إجحاف بالفلاسفة إلا ابن سينا، إعطاء الفلاسفة أقل مما يستحقون، وإعطاء ابن سينا أكثر مما يستحق. ويشمل الموروث أيضًا القرآن والأنبياء، شيث وإدريس وداود ولقمان. والنصارى جزء من تاريخ الإسلام.٢٧
ويقارن الشهرستاني فلاسفة اليونان بين بعضهم البعض؛ فالفلسفة اليونانية تمثل وحدة واحدة، كلًّا حضاريًّا واحدًا، يختلف الفلاسفة فيما بينهم ويتفقون داخل الحضارة اليونانية قبل أن ينتشر الخلاف بين الفلاسفة خارجها عند الشُّرَّاح، يونان ومسلمين. الفلسفة اليونانية تشرح بعضها البعض، لها مسارها الخاص، وبيئتها الخاصة، ترد إلى الداخل قبل أن تنتشر في الخارج. وهو ما فعله ابن رشد فيما بعد في شروحه على أرسطو بإرجاعه إلى تراثه اليوناني وجدل الفلسفة اليونانية من سقراط إلى أفلاطون إلى أرسطو، فلا يُفهم الجزء إلا بوضعه في الكل الذي خرج هذا الجزء منه. ويبدو أن هناك تقسيمًا للعمل لا إرادي بين فلاسفة اليونان؛ إذ اقتصر سقراط من الفلسفة على الإلهيات والأخلاقيات دون التعرض للمنطق والطبيعيات كما سيفعل أرسطو فيما بعد، وبالتالي تكتمل دورة الفلسفة اليونانية بين سقراط الإنسان، وأفلاطون الإلهي، وأرسطو الطبيعي.٢٨ وقد يتحول الخلاف بين الفلاسفة إلى معارك وردود مثل رد الحكماء المتأخرين على أنكساجوراس في إثباته جسمًا مطلقًا لم يعين له صورة سماوية أو عنصرية، وفي نفي النهاية عنه، وفي قوله بالكمون والظهور، وفي بيان سبب الترتيب وتعيينه المرتب.٢٩
ويبين الشهرستاني بداية الفلسفة اليونانية وأول القائلين ببعض آرائها؛ فأنكساجوراس هو أول من قال بالكمون والظهور، وهي الألفاظ التي ظهرت عند أصحاب الطبائع من المعتزلة.٣٠ والشعر عند اليونان كان سابقًا على الفلسفة، وتلك أهمية هوميروس وطاليس. وقد خالف أرسطو أستاذه أفلاطون؛ فعند الأستاذ كل إنسان مسير لما خُلق له، له طبعٌ مهيَّأ لشيء لا يتعداه، وعند التلميذ إن كان الطبع سليمًا صلح لكل شيء، وهو الخلاف بين الطبع والاكتساب. وعند الأستاذ النفوس الإنسانية أنواع لا تتعداها إلى ما عداها، وعند التلميذ النفوس الإنسانية نوع واحد إذا تهيأت نفسٌ لشيء تهيأ النوع لها. كما اختلف فيثاغورس وسقراط هل الحكمة قبل الحق أم الحق قبل الحكمة؟ ويحكم الشهرستاني في هذا الخلاف بأن الحق أعم من الحكمة، إلا أن الحق قد يكون جليًّا وقد يكون ضعيفًا. أمَّا الحكمة فإنها أخف من الحق ولا تكون إلا جلية. الحق مبسوط في العالم مشتمل على الحكمة المستفيضة في العالم. والحكمة موضحة للحق المبسوط في العالم. الحق ما به الشيء والحكمة ما لأجله الشيء.٣١
وتتم المقارنات بين فلاسفة اليونان من أجل إيجاد بنية للموضوع بعد تركيبه ورؤيته ومعرفة اختلاف الأسماء عليه؛ فتاريخ الفلاسفة يؤدي إلى الفلسفة، والتاريخ يكشف عن البنية، فما سمَّاه أرسطو البخت سمَّاه جرجيس قوة روحانية مدبرة للكل. وزعم الرواقيون أنه نظام لعلل الأشياء. وقال رابع إنه الحد. كما خالف أرسطو ومن بعده من الحكماء أستاذه أفلاطون في نظرية المُثُل أو الصورة مرجعِين الصورة إلى الأجسام، والأنفس إلى الأبدان.٣٢
وأحيانًا تكون المقارنة بين الوافد والموروث؛ فالموضوع واحد، والفلاسفة المتأخرون في الإسلام هم استمرار للفلاسفة المتقدمين اليونان. ويدخل المسلمون طرفًا في خلافات اليونان لبيان المواقف المتشابهة والمختلفة بين الثقافتين، أو من أجل استعمال مواقف الموروث لحل خلافات الوافد؛ فقد اختلف الأوائل في الإبداع والمبدع، هل هما معنًى واحد، أم إن الإبداع نسبة إلى المبدِع وإلى المبدَع. وهو نفس إشكال المسلمين في الإرادة بالنسبة للمريد والمُراد، وفي الخلق بالنسبة للخالق والمخلوق. وكذلك مقارنة خروسيبوس وزينون الرواقي من اتحاد الجوهرين؛ البدن والنفس، وهما شيء واحد عند الحسن البصري. وأحيانًا تتم المقارنة في لا زمان؛ فالفلاسفة جميعًا يعيشون معًا ويتعاصرون ويتحاورون في ذهن المؤرخ مثل ظهور أبو زكريا الصيمري مع الإسكندر.٣٣
وكان اليونان على صلة بغيرهم من الثقافات البابلية والفارسية والهندية والمصرية، يتعلمون ويعلِّمون، مما يجعل تاريخ الفلسفة اليونانية هو في نفس الوقت تاريخ الثقافات القديمة كلها. والدليل على ذلك هرمس اليوناني البابلي المصري الإسلامي. وتتم المقارنات مع حكماء الهند وفارس والروم والعرب من خلال عرض الفلسفة اليونانية، بالإضافة إلى أقسامهما المستقلة، وكأن اليونان هم المركز والثقافات القديمة هي المحيط.٣٤ فالحرانية تنسب مقالاتها إلى أغاذيمون وهرمس وأعيانا وأواذي، وهم أنبياء أربعة، أو إلى سولون جد أفلاطون لأمه. وكان لفيثاغورس تلميذان رشيدان؛ فلنكس (مرزنوش) دخل فارس، ودعا الناس إلى حكمة أستاذه بالإضافة إلى مجوسية قومه، فأخذ المجوس الجسمانية، وتركوا الروحانية.٣٥ ودخل تلميذ آخر (قلانوس) الهند، ودعا الناس إلى حكمة أستاذه مضافة إلى البرهمية، فأخذت الهند الروحانية، وتركت الجسمانية. وفي الهند رمز الحمامة المطوقة، والحمامة الواقعة في الشبكة للخلاص من المادة أو الانغماس فيها. وكان لليونانيين بيوت ليس بها نار للديانة المجوسية، وآخر به نار على باب القسطنطينية في بلاد الروم، والبعض في شرق الصين. كانت فارس هي المركز، وشرقها في الهند والصين وغربها في اليونان والرومان هما الأطراف.٣٦
وتبدو مصر أحيانًا منبعًا للفكر اليوناني، ويبدو الفلاسفة اليونانيون تلاميذ للحكماء المصريين، فقيل إن فلوطرخيس — وهو أول من شهر بالفلسفة ونُسبت إليه الحكمة — قد تفلسف بمصر قبل أن يعود إلى ملطية. ويقارن أيضًا اليونان مع النصارى، الظلم والهاوية عند أرسطو بالظلمة الخارجة عند النصارى.٣٧ ويقارن الشهرستاني بين الفلسفات القديمة وموقفها من النبوة؛ فبعض حكماء الهند من البراهمة لا يقولون بالنبوات مثل بعض حكماء العرب. وهم شرذمة قليلة لأن حكمتهم فلتات طبع وخطرات فكر، في حين يقول آخرون بها. وقد انقسم حكماء الروم إلى قدماء ومحدثين، أوائل وأواخر، يونان مثل الرواقيين والمشائين ومسلمين، وهم حكماء العجم، لأنه لم يكن للعجم قبل الإسلام فلسفة، بل كانوا يستقون حِكَمهم من الملل القديمة أو من سائر الملل. وخلط الصابئة الحكمة بالصبوة، حكمة الروم واليونان هي الأصل، وغيرهم كالعيال لهم! ويجعلهم مجموعتين؛ الحكماء السبعة ومن تبعهم من الحكماء.٣٨

ويفرد الشهرستاني للهند مساحة كبيرة وختم بها أرباب الملل والنحل؛ فالهند أمَّة عظيمة وآراؤهم مختلفة بين براهمة ودهرية وثنوية، تؤمن بإبراهيم، وأكثرهم صابئة تختلف فيما بينها بين قائل بالروحانيات، وقائل بالهياكل، وقائل بالأصنام، وحكماء على طريقة اليونان في العلم والعمل.

  • (١)
    البراهمة: والاسم ليس مشتقًّا من إبراهيم؛ لأنهم ينكرون النبوات أصلًا، بل من برهام؛ لاستحالة النبوة في العقول وتعارض كثير من الشرائع مع العقول مثل الشعائر وذبح الحيوان، وهم ثلاثة أصناف:٣٩
    • (أ)

      أصحاب البددة، شخص لا يولد ولا ينكح ولا يطعم ولا يشرب ولا يهرم ولا يموت. وأقل منهم مرتبة البرديسعية. ويكمن الكمال بخصال عشر: الجود، العفو، التعفف، التفكير بالخلاص، رياضة العقل بالعلم، تصريف، النفس، لين القلب، حسن المعاشرة، الإعراض عن الخلق، بذل الروح في سبيل الحق.

    • (ب)

      أصحاب الفكرة، وهم العلماء المهتمون بالنجوم. وتخالف طريقتهم طريقة الروم. الروم تحكم بالطبائع، والهند تحكم بالخواص.

    • (جـ)

      أصحاب التناسخ؛ تناسخ الأدوار والأكوار.

  • (٢)

    أصحاب الروحانيات، وهي وسائط تأتيهم بالرسالة من الله في صورة بشر من غير كتاب، فيأمرهم وينهاهم ويسن لهم الشرائع. ودليله الإعراض عن الدنيا، وهي فِرَق:

    (أ) الباهودية، الرسول ملك روحاني اسمه باهوديه. (ب) الكابلية، الرسول ملك روحاني، اسمه شب. (ﺟ) البهادونية، الرسول ملك عظيم اسمه بهادن في صورة إنسان.

  • (٣)

    عَبَدة الكواكب:

    (أ) عبدة الشمس. (ب) عبدة القمر (الجندريكينية).

  • (٤)

    عبدة الأصنام:

    (أ) المهاكالية. (ب) البركسهيكية. (ﺟ) الدهكينية، صنم على صورة امرأة. (د) الجلهيكية، عبادة الماء. (ﻫ) الأكنواطرية، عبادة النار.

  • (٥)

    حكماء الهند: أدخل المذهب تلميذ فيثاغورس قلانوس، وتلميذه الهندي، برحمنن؛ أي تهذيب النفس. لم يحاربهم الإسكندر بعد أن قتل جزءًا منهم وناظرهم. المناظرات دوَّنها أرسطو.

كما تتم المقارنة مع آراء العرب في الجاهلية بعد الفلاسفة؛ وذلك لأن العرب والهند يتقاربان على مذهب واحد، اعتبار خواص الأشياء والحكم بأحكام الماهيات، والغالب عليها الفطرة والطبع. في حين أن الروم والعجم يتقاربان أيضًا على مذهب واحد، اعتبار كيفيات الأشياء، والحكم بأحكام الطبائع، والغالب عليهم الاكتساب والجهد؛ فعند الشهرستاني العرب أقرب إلى الهند منهم إلى اليونان والعجم، والعجم أقرب إلى اليونان منهم إلى العرب والهند. عند العرب البيت العتيق بناه الله تحقيقًا لرغبة آدم وتوبته على شكل البيت المعمور في السماء، طواف الملائكة من نور. ثم بناه شيث وصي آدم من الحجر والطين، ثم أعاد بناءه إبراهيم بعد الطوفان، جمعًا بين الأسطورة والتاريخ. وأول من وضع الأصنام فيه عمرو بن لحي تقليدًا للشام، فأحضر هُبَل وإساف ونائلة على شكل زوجين للتقرب إلى الله زلفى. بيوت المجوس النيران، وبيوت العرب الأصنام. وكان للهند والعرب بيوت سبعة مبنية على السبع الكواكب في الهند وفارس وأرض العرب تم هدمها بعد الإسلام.٤٠
والعرب قسمان؛ معطلة ومحصلة بعض التحصيل. والمعطلة أقسام:
  • (أ)

    إنكار الخالق والبعث والإعادة، وإثبات الطبع المحيي والدهر المغني اعتمادًا على الطبائع المحسوسة وقِصَر الحياة والموت.

  • (ب)

    الإقرار بالخالق ونوع من الإعادة، وإنكار الرسل وعبادة الأصنام شفعاء عند الله، والحج لها، والنحر والهدايا والقرابين والمناسك والمشاعر، وهم من الدهماء وبعض النخبة. وقد كانت شبهتا العرب: إنكار حشر الأجساد وبعث الرسل، فآمن البعض بالتناسخ وطلب رسولًا غير بشري، وآمن آخرون باليهودية أو المسيحية أو الصابئة.

والمحصلة أقسام طبقًا لانشغالهم بالعلوم:
  • (أ)
    علم الإنسان والتواريخ والأديان، ومنها الدين الطبيعي الذي كان يقر بالبعث والثواب، جزاءً وعقابًا، كما كان يؤمن عبد المطلب. وكان قس بن ساعدة يعتقد بالتوحيد ويؤمن بالحساب.٤١ وكان هناك آخرون يؤمنون بالخالق، وخلق آدم وبالبعث. وقد حرَّم عامر بن الظرب الخمر على نفسه.٤٢ وكان ينقصهم وضع المرأة وقوانين الزواج وتحريم الزنا والجمع بين الأختين. وكانوا يحرِّمون الأشهر الحُرُم ويرمون الجِمار ويوفون يوم عرفة ويوم النحر. وكان البعض يغتسل من الجنابة ويغسِّلون الموتى ويكفِّنونهم.
  • (ب)

    علم الرؤيا، وكان أبو بكر على علم به.

  • (جـ)

    علم الأنواء، يتولاه الكهنة والقافة منهم.

١  الشهرستاني: «الملل والنحل»، مكتبة صبيح القاهرة، ٥ أجزاء في مجلدين (أسفل الفصل لابن حزم).
٢  السابق، ص٥٤–٦١، ص١٤١–١٧٠، ص٣٢–٥٣.
٣  السابق، ج٤، ص٦٩.
٤  السابق، ج٣، ص٩-١٠، ١٤.
٥  «أهل الأهواء والنحل: وهؤلاء يقابلون أرباب الديانات تقابُلَ التضاد كما ذكرنا، واعتمادهم على الفطرة السليمة والعقل الكامل والذهن الصافي» (ج٣، ٨٥–٨٨).
٦  التناسب الكمي كالآتي: في «الخارجون عن الملة الحنيفة والشريعة الإسلامية»، اليهود (١٧)، النصارى (١٧)، المجوس وأصحاب الاثنين والمانوية وسائر فرقهم (٣٩)، أهل الأهواء والنحل (٤٠٢). يخص الفلاسفة وحدهم (٢٩٨)؛ أي ثلاثة الأرباع، آراء العرب في الجاهلية (٢٦)، آراء الهند وأصحاب الروحانيات وعبدة الكواكب وعبدة الأصنام وحكماء الهند (٣٧).
٧  الشهرستاني، ج٣.
٨  السابق، ج٣، ص١٠–١٣، ٨–١٠.
٩  يستعمل لمعرفة اليهودية والنصرانية من الآيات (١٥)، والأحاديث (٣)، ولمعرفة أهل الأهواء والنحل وهرمس من الآيات (٤١) دون أحاديث.
١٠  الشهرستاني، ج٤، ص١٠٣، ١٢١–١٢٧؛ نادرة ديمقراطيس، ص١٢٩؛ بطليموس، ص٣٤؛ نادرة الإسكندر مع الكلبي، ج٥، ص٦-٧.
١١  السابق رواية فرفوريوس عن أنكساجوراس، ج٤، ٣٧-٣٨. ونُقل عنه (أنكسمانس)، ص٤٢. ومما نُقل عن أنبادقليس، ج٤، ص٥٠. ويُحكى عنه، ص٨٣، ٩٠-٩١. ورواية عن فرفوريوس، ج٤، ١٦٠. وعن أبي بكر الصيرفي، ج٥، ورواية السجزي، ج٤، ١٠٤، ج٥، ١٢. ما نقلناه سابقًا، ج٥، ١٨.
١٢  الحِكَم للفلاسفة: هرمس، سولون، هوميروس، أبقراط، ديموقريطس، إقليدس، بطليموس، الإسكندر، ديوجانس، الشيخ اليوناني، ثاوفرسطس. والرأي للفلاسفة: أنكساجوراس، أنكسمانس وأنبادقليس، فيثاغورس، سقراط، أفلاطون، فلوطرخس، أكستوفانس، زينون الأكبر، ديموقريطس وشيعته، فلاسفة أكاديما، هرقل، أبيقورس، أرسطوطاليس، فرفوريوس، ثامسطيوس، الإسكندر الأفروديسي.
١٣  الشهرستاني، ج٥، ص١٨–٢٠.
١٤  السابق، ج٤، ص١٤–٢٢.
١٥  السابق، ج٤، ص١٤٠-١٤١.
١٦  ونحن نبتدأ القول في الطبيعيات المنقولة عن أبي علي بن سينا في الطبيعيات. قال أبو علي بن سينا (ج٥، ص١٠١). وربما صمت ابن سينا أيضًا عن مصادره.
١٧  يذكر حوالي ٦٠ علمًا يونانيًّا، بالإضافة إلى ما يقرب من عشر مدارس فكرية. ولا يذكر من الموروث إلا ما يقرب من عشرين علمًا؛ أي بمقدار الثلث.
١٨  من حيث تردد الأسماء يكون ترتيب الفلاسفة اليونان على النحو الآتي:
أرسطو (٤٠)، أفلاطون (٣٥)، سقراط (١٧)، الإسكندر الرومي (١٦)، أبقراط (١٢)، فيثاغورس (١١)، ثامسطيوس (٩)، فلوطرخس، ديموقريطس، طاليس (٨)، أنبادقليس، فرفوريوس (٧)، هرمس (٦)، زينون الأكبر، أبرقلس (٥)، بطليموس، أنكساجوراس (٤)، الشيخ اليوناني، ثاوفرسطس أنكسمانس، أغاذيمون (٣)، هيراقليطس، أبيقورس، إقليدس هوميروس، سولون الشاعر (٢)، خريبوس، زينون الشاعر، أماسيس، أرسجانس، أفراطولس، أرقسطس، فيلاطن، أرسلاوس، كوروس، براميندس، أكسنوفان، هرقل، برقليطس، أبانوا، فلنكس، بمرزونوش، بقراطيس، خروسيبوس، بليموس، زينون الصغير، فوطس، مسطورس، تاون، سوس (١). ومن المدارس الفكرية أصحاب الرواق (المظلة)، المشاءون (٦)، ثم الشعراء، النُّساك الشاعريون، الحكماء السبعة، الفيثاغوريون، أهل لوقيون. ومن الأقوام يتصدر اليونانيون، حكماء الروم، الروم (٦).
١٩  اليونان (١٧٩ص)، والمسلمون (١١٧)، باستثناء هرمس (١٠). وترتيب فلاسفة اليونان كمًّا: أرسطو (٣٥)، فيثاغورس (٢٢)، أفلاطون (١٥)، سقراط (٩)، أنبادقليس (٨)، أبرقلس (٧)، طاليس، هوميروس، أبقراط (٦)، حكماء أهل المظال، خروسيس، زينون، الإسكندر، الشيخ اليوناني (٥)، أنكسمانس، زينون الأكبر، ديموقريطس وشيعته، فرفوريوس (٤)، أنكساجوراس، ديموقريطس، سولون، إقليدس، ديوجانيس (٣)، فلوطرخيس، هرقل، ثامسطيوس (٢).
٢٠  الشهرستاني، ج٤، ٢٥–٣٠.
٢١  «وقد أغفل المتأخرون من فلاسفة الإسلام ذكرهم وذكر مقالتهم رأسًا إلا نكتة شاذة نادرة ربما اعترضت على أفكارهم أشاروا إليها تزييفًا. ونحن تتبعناها نقدًا وألقينا زمام الاختيار إليك في المطالعة والمناظرة بين كلام الأوائل والأواخر» (الشهرستاني، ص٥، ٣٠).
٢٢  الشهرستاني، ج٥، ص٢٧.
٢٣  السابق، ج٤، ٤٠، ٩٩.
٢٤  «وهذه الشبهات هي التي يمكن أن يُقال فتُنقض، وفي كل واحدة منها نوع مغالطة وأكثرها تحكُّمات. وقد أفردت لها كتابًا أوردت فيه شبهات أرسطوطاليس. وهذه تقريرات أبي علي بن سينا ونقضتها على قوانينَ منطقيةٍ فليُطلب ذلك. ومن المتعصبين لأبرقلس من مهَّد عذرًا في ذكر هذه الشبهات» (الشهرستاني، ج٥، ٢٠).
٢٥  ابن سينا (١٢)، أبو سليمان السجزي (٣)، الحسن البصري، الكندي، حنين بن إسحاق، يحيى النحوي، أبو الفرج المفسِّر، أبو سليمان المقدسي، ثابت بن قرة، محمد النيسابوري، أبو زيد البلخي، أبو محارب القمي، أحمد السرخسي، طلحة النسفي، أبو حامد الأسفرايني، عيسى الوزير، مسكويه، يحيى بن عدي العامري، الفارابي، أبو زكريا الصيمري (١).
٢٦  المتأخرون من فلاسفة الإسلام (ص٣١–١٤٨) حوالي ١١٧ص، خص ابن سينا منها ١١٥ص! ويستغرق المنطق ٢٠ص (ص٣٢-٥٣)، والطبيعيات ٤٨ص (ص١٠١–١٤٨)، والإلهيات ٤٧ص (ص٥٣–١٠١). ولا تقسيم في فهرس الكتاب؛ فالمتأخرون من فلاسفة الإسلام كتلة واحدة يمثلها ابن سينا، هم مجرد أسماء بلا آراء (ص٣١-٣٢)، وهو العالم الواحد الذي وضع الفلسفة (الشهرستاني، ج٥، ٣٢–١٤٨).
٢٧  ذكر القرآن (١٩)، العرب (٢)، الأنبياء، ذو القرنين، شيث، إدريس، داود، لقمان، النصارى (١).
٢٨  والأمثلة على ذلك موافقة أنكساجوراس سائر الحكماء في المبدأ الأول أنه العقل الفعال، ومخالفته لهم في أن الأول الحق ساكن غير متحرك (الشهرستاني، ج٣، ٣٧).
٢٩  السابق، ج٣، ٣٩.
٣٠  السابق، في ج٤، ٣٧، ١٢١. وهي المشكلة المعروفة في الدراسات العربية باسم Mythos Logos.
٣١  السابق، ج٤، ١٧٤، ٧٧-٧٨.
٣٢  السابق، ج٤، ٨٨، ٩١-٩٢.
٣٣  السابق، ج٤، ٩٤، ١٣٨، ج٥، ٤.
٣٤  السابق، ج٤، ص٣٨-٣٩، ٢٣-٢٤.
٣٥  السابق، ج٤، ص٧١، ج٣، ص١٠٧-١٠٨، ج٥، ص١٧٤–٢١١.
٣٦  السابق، ج٣، ص٨٤.
٣٧  السابق، ج٤، ٩٧-٩٨، ١٧٤، ٢٢–٣٠.
٣٨  الحكماء السبعة هم: طاليس، أنكساجوراس، أنكسمانس، أنبادقليس، فيثاغورس، سقراط، أفلاطون. ومن تبعهم هم: فلوطرخيس، أبقراط، ديموقراطيس، والشعراء، والنُّساك (ج٤، ص٣).
٣٩  الشهرستاني، ج٥، ص١٧٤–٢١١. ويستعمل كمصادر من الآيات القرآنية آيتين.
٤٠  الشهرستاني، ج٥، ص١٤٨–١٧٤. ويعتمد في مصادره على آيات القرآن (١٨)، وحديثين، وعلى الشعر العربي (٣٤ شاهدًا، تتكون من ٧٢٫٥ بيتًا).
٤١  مثل عبد الطانجة بن ثعلب بن دبرة وبرة من قضاعة، وزهير بن أبي سلمى، وعلاف بن شهاب التميمي، وجُريبة بن الأشيم الأسدي، وعمرو بن زيد.
٤٢  بالإضافة إلى قيس بن عاصم التميمي وصفوان بن أمية بن محرث الكناني.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤