تصدير

هذا هو الجزء الرابع من واحات العمر، وهو يَختلف عن الأجزاء الثلاثة الأولى من السيرة الذاتية الأدبية في أنه لا يتضمَّن رصدًا لأحداث الحياة الأدبية أو غيرها، بل يتناول قصصًا أو حكايات بالغة التنوع، أدبية وغير أدبية، ساهمت في تكوين بعض خيوط الأفكار الأساسية التي نُسجت منها تلك السيرة، وقد قسمتُها إلى خمسة فصول يتداخَل بعضها في بعض؛ فالأول يتناول مفهوم «الأقنعة» وتغلغله في حياتنا، والثاني يتناول خيطًا آخر هو التفكير بمنطق «الأبيض والأسود»، والثالث فكرة «الدائرة» وتداعياتها على عدة مستويات، والرابع معنى «الوعي» — سلبًا وإيجابًا — والخامس معاني «القوة» والفرق بينها وبين «القدرة»، وهي خيوط تَنبع إذن من الحكايات، أو قل إن الحكايات المتشابكة هي التي أوحت بها؛ ومن ثم فهي متشابكة مثلها، ولذلك فإن التقسيم يبدو تعسُّفيًّا إلى حدٍّ ما؛ فالحكايات يمكن تفسيرها في إطار أيٍّ من هذه الخيوط الفكرية، ويضمُّ النسيج العام إطارٌ أدبي لم أتبيَّنه إلا آخر الأمر، وهو مدى انشغالي بالشعر الرومانسي، وخصوصًا بالشاعر وليم وردزورث الذي كتب سيرته الذاتية شعرًا، وكتب قصيدة «خاطرات الخلود» قُبَيْل تلك السيرة وبُعَيْدها، ولقد ترجمت منها فقرات عديدة قد تستطيع أن تقول ما لم أقدر على قوله ثم أدرجت النص الكامل أخيرًا.

ومن الطبيعي في مثل هذه الحكايات ألا تلتزم بتسلسُل زمني، فإن لها منطقها الخاص، وبعضها يبدأ قبل الحدِّ الزمني لواحات العمر ويَنتهي بعده، وبعضها له «أبطاله» الذين يعيشون بيننا، وكان من الطبيعي إذن أن أُخفي أسماء البعض أو أبدلها أو أبتسرها كي لا أَمَسَّ «سمعة» أيٍّ منهم، فالهدف من روايتها هو المعنى لا الحدث نفسه.

وبعدُ، فأرجو أن يجد القارئ في الحكايات بعض التسرية، وبعض الأفكار، فهذا جل ما يتمنَّاه الكاتب.

والله من وراء القصد!
محمد عناني
القاهرة في ٢٠٠٢م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤