تصدير

هذه ترجمةٌ جديدة لمسرحية العاصفة لوليم شيكسبير، وهي الثامنة التي أترجمها لشاعر الإنجليزية الأكبر، وقد أطلعني صديقي الناقد العلَّامة والأديب ماهر شفيق فريد على ترجمتَين سابقتَين لها؛ الأولى بقلم محمد عوض إبراهيم (١٩٦١م)، والثانية بقلم جبرا إبراهيم جبرا (١٩٨٤م)، وأهداني صديقي الكاتب والمترجم علي طه حسنين ترجمتَين سابقتَين عليهما للمسرحية؛ الأولى بقلم يوسف إسكندر جريس (١٩٢٩م)، والثانية بقلم أحمد زكي أبو شادي (١٩٣٠م)، فإليهما أتوجَّه بالشكر والتقدير، ولا تعليق لي على أيٍّ من هذه الترجمات، بل أترك التعليق لمن يود المضاهاة والمقارنة من النقَّاد والباحثين.

أمَّا عن منهجي الخاص في الترجمة فيرتبط برؤيتي للجنس الأدبي الخاص الذي تنتمي إليه المسرحية، وهو المسرح الشعري، فهو الذي أملى عليَّ المزج بين النظْم والنثر مثل شيكسبير، على نحو ما أشرح في ختام المقدمة التي أعرض فيها لخصائص هذا الجنس الأدبي، قبل أن أعرض لأهم المذاهب النقدية في تناوُلها على مر العصور، حتى أنتهي إلى رأيٍ خاص فيه وفي أساليب ترجمته بإيجاز، ولقد ضبطتُ بالشكل ما ترجمتُه نظمًا حتى لا تختلَّ قراءته موزونًا.

وقد اعتمدتُ في الترجمة على طبعة آردن (Arden) من تحرير فرانك كيرمود (Frank Kermode) الصادرة عام ١٩٦٢م، وترقيم سطور النص العربي يشير إلى الترقيم في تلك الطبعة، كما اهتديتُ أثناء الترجمة بطبعتي سيجنيت (Signet) عامَي ١٩٦٢م (من تحرير روبرت لانجبوم Robert Langbaum) وعام ١٩٩٨م من تحريره أيضًا وبمقدمته، وطبعة نيو كيمبريدج شيكسبير (New Cambridge Shakespeare) من تحرير دافيد لندلي (David Lindley) بمقدمته الوافية وحواشيه المستفيضة، الصادرة عام ٢٠٠٢م، وطبعة أكسفورد وكيمبريدج من تحرير ستانلي وود، وأ. سيمز وود.
The Oxford and Cambridge Edition, ed. Stanley Wood and A. Syms-Wood.
وطبعة نيو بنجوين شيكسبير (New Penguin Shakespeare) من تحرير آن بارتون (Anne Barton)، كما اطلعتُ على الطبعة الأخيرة عام ١٩٩٩م لطبعة آردن من تحرير فيرجينيا ماسون (Virginia Mason)، وآلدن ت. فون (Alden T. Vaughan)، وهي لا تختلف من حيث تحقيق النص عن الطبعة التي اعتمدتُ عليها في الترجمة، وإن اختلفَت في بعض الشروح والتعليقات.

وكنت أقرأ في أثناء الترجمة حواشي هؤلاء المحررين جميعًا، وأوازن بين تفسيراتهم للنص حتى أستقر على المعنى الذي يُجمع النُّقاد عليه أو يكادون، فإذا اختلفوا انتقَيتُ ما يَطمَئن قلبي إلى صحته في ضوء الدراسات النقدية الكثيرة التي اطلعتُ عليها.

وأنا مدينٌ في عملي هذا للمخرج النابه الفنان فاروق الدمرداش، الذي كلفني بترجمة المسرحية ترجمةً جديدة لتقديمها في محطة الإذاعة البريطانية (B.B.C.)، فكان بذلك الحافز المباشر على العمل المرهق والممتع! كما أتوجَّه بالشكر والتقدير والامتنان العميق لأخي الكاتب والمترجم ماهر حسن البطوطي، الذي أرسل لي من نيويورك بعض طبعات المسرحية الحديثة التي اعتمدتُ عليها، وبالشكر والامتنان أيضًا للأستاذة وفية حمودة، التي أمدَّتني بعددٍ كبير من الدراسات النقدية الأجنبية الحديثة التي لولاها ما استطعتُ إخراج المقدمة بهذه الصورة، وبعضها فصولٌ مصوَّرة من كتبٍ حديثة، والبعض الآخر دراسات نُشرَت في المجلات العلمية المتخصصة، وقد استفدتُ منها جميعًا، وأشرتُ إلى الكثير منها في المقدمة بعد ترجمة عناوينها حتى يفهمها القارئ غير المتخصص، ثم أوردتُ الأسماء والعناوين الأصلية كاملة بالإنجليزية في قائمة المراجع في ذيل الكتاب.

وسوف يلاحظ القارئ بعض الضغط في المقدمة، بعد أن اعتاد في كتابتي الإفاضة بل والإسهاب، ولكنني كنت مضطرًا لذلك بسبب تلال المادة النقدية التي توافرَت وتراكمَت، فتزاحمَت في العشرين عامًا الأخيرة، وإذا كان كيرمود قد اشتكى من قلة النقد الجدير بالذكر المتوافر عن هذه المسرحية (ص٨١ من مقدمته)، فنحن نشكو اليوم كثرة الدراسات النقدية إلى الحد الذي فاق نقطة التشبع كما يقولون! بل إنني رغم الضغط والاختصار، قد أغفلتُ الكثير مما تجمَّع لدَي من دراسات. أرجو أن أكون قد يسرتُ بعض السبل أمام المتخصص بهذا الغرض، وأن يكون فيه تعويض عن ضغط المادة وتكديسها، والله ولي التوفيق.

محمد عناني
القاهرة – ٢٠٠٤م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤