الفصل الثاني

المشهد الأول

(جانبٌ آخر من الجزيرة.)

(يدخل ألونزو، وسباستيان، وأنطونيو، وجونزالو، وأدريان، وفرانشيسكو، وآخرون.)

جونزالو : أرجوك، سيدي، أن تطرح الأحزان! فهناك ما يدعوك
بل يدعونا جميعًا للفرح! نجاتنا أهم مما ضاع منا

بل تفوقه كثيرًا! أمَّا دواعي حزننا فشائعة!

تشاركنا كل يوم فيها زوجة بحَّارٍ ما،

والملَّاحون العاملون لحساب تاجرٍ ما، والتاجر ذاته؛

الجميع يكابدون الحزن نفسه! وأما عن المعجزة،

أي نجاتنا من الهلاك، فلا يذكرها مثلنا

إلا القليل من ملايين البشر! إذَن فوازِن سيدي بحكمةٍ

بين ما فقدناه، وما يعزِّينا عن فقده!
ألونزو : اسكت أرجوك! ١٠
سباستيان (جانبًا إلى أنطونيو) : يتلقى التسرية مثل الحساء البارد!
أنطونيو (جانبًا إلى سباستيان) : ولن يتركه من يسرِّي عنه!
سباستيان (جانبًا إلى أنطونيو) : إنه يشحن زنبرك الساعة! ساعة بديهته!
وسوف تدق بعد قليل!
جونزالو : سيدي!
سباستيان (جانبًا إلى أنطونيو) : أول دقة! عد معي!
جونزالو : إنْ حَزِن الإنسان على كل ما ينزل به، فسوف يأتيه …
سباستيان : دولار!
جونزالو : دُوَار! صدقتَ وإن لم تقصد! ٢٠
سباستيان : بل أنت حرَّفتَ الكلمة فبدَت ذات حكمة!
جونزالو (للملك) : وإذَن يا مولاي …
أنطونيو : تبًّا له من مبذر للكلمات!
ألونزو : أرجوك أن تقتصد!
جونزالو : قد انتهيتُ ولكن …
سباستيان : ما زال يتكلم!
أنطونيو : فلتتراهن: من منهما سيبدأ الكلام؟ هو أم أدريان؟ وليكن
الرهان ذا قيمة!
سباستيان : الديك العجوز!
أنطونيو : بل الكتكوت الصغير! ٣٠
سباستيان : مرافق! وقيمة الرهان؟
أنطونيو : ضحكة!
سباستيان : موافق!
أدريان : رغم أن هذه الجزيرة، على ما يظهر، صحراء …
أنطونيو (يضحك) : ها ها ها!
سباستيان : إذَن أخذتَ قيمة الرهان!
أدريان (مستمرًّا) : ورغم أنها لا تصلح للإقامة، ويتعذر الوصول إليها تقريبًا …
سباستيان : فإنها، مع ذلك …
أدريان : فإنها، مع ذلك …
أنطونيو : ما أيسر استكمال العبارة عليه! ٤٠
أدريان : تتَّسم قَطعًا بصفاء الجو، في رقة ورهافة واعتدال!
أنطونيو : اعتدال كانت فتاة فيها رقة!
سباستيان : ورهافة، على نحو ما أفتى بأسلوب العلماء!
أدريان : فالهواء يرسل أنفاسه فائقة العذوبة.
سباستيان : كأن لدَيه رئتَين، فاسدتَين!
أنطونيو : نعم، أو يحمل العبير من مستنقع.
جونزالو : فكل شيء هنا مفيد للأحياء.
أنطونيو : صحيح، إلا وسائل العيش.
سباستيان : بل لا يوجَد منها شيء، أو قُل أقل القليل! ٥٠
جونزالو : ما أغزر ما يبدو الكلأ، وما أشهاه وما أينع خضرته!
أنطونيو : الأرض سمراء بالفعل.
سباستيان : وبها عينٌ خضراء!
أنطونيو : لا يفوته الكثير!
سباستيان : إلا الحقيقة! فلا يصيب شيئًا منها!
جونزالو : أما الغريب العجيب حقًّا؛ بل الذي لا يكاد يُصدَّق …
سباستيان : مثل الكثير من الغرائب والعجائب!
جونزالو : فهو أن ملابسنا التي تشرَّبَت ماء البحر، لا تزال على نضرتها، ٦٠
ولا تزال زاهية كأنما لم يغمرها ماء البحر، بل صُبغَت بألوانٍ جديدة!
أنطونيو : لو قُدِّر لأحد جيوبه أن ينطق لأعلن أنه يكذب!
سباستيان : نعم! أو لَعمَد إلى إخفاء كذبه فيه!
جونزالو : يُخيَّل إليَّ أن ثيابنا الآن على حالها من النضرة الأولى، عندما
لبسناها أول مرة في تونس، في حفل زفاف كلاريبيل، ابنة

الملك الحسناء، على ملك تونس.
سباستيان : لقد كان زفافًا جميلًا! وها قد انتعشَت أحوالنا في طريق العودة! ٧٠
أدريان : ما زان عرش تونس من قبل مثل هذه الملكة!
جونزالو : منذ زمن دايدو الأرملة!
أنطونيو : الأرملة؟ لعن الله الكلمة! ما الذي أتى بها؟ دايدو الأرملة!
سباستيان : ولنفترض أنه قال الأرمل إينياس أيضًا! ماذا يضيرك؟ وكيف
تغضب لذلك؟
أدريان : هل قلت الأرملة دايدو؟ هذا يدعوني إلى دراسة الموضوع، فلقد
كانت ملكة على قرطاج لا على تونس!
جونزالو : تونس اليوم يا سيدي هي قرطاج الأمس! ٨٠
أدريان : قرطاج؟
جونزالو : نعم وأؤكد لك … قرطاج!
أنطونيو : لفظه أقوى من القيثار العجيب الذي ارتفعت على أنغامه الأسوار!
سباستيان : لقد رفع الأسوار والمنازل أيضًا!
أنطونيو : لقد يسَّر حدوث المحال! فما الذي ييسره الآن؟
سباستيان : أظن أنه سيضع هذه الجزيرة في جيبه ويعود بها إلى المنزل،
ويعطيها لابنه، باعتبارها تفاحة!
أنطونيو : ثم يرمي البذور في البحر حتى تنبت جُزرًا أخرى!
جونزالو : نعم! (تونس هي قرطاج)! ٩٠
أنطونيو : نطقتَ أخيرًا؟!
جونزالو (إلى ألونزو) : كنا نتحدث يا سيدي عن ملابسنا التي لا تزال
نضيرة مثلما كانت في حفل زفاف ابنتك في تونس، التي

أصبحَت الآن ملكة!
أنطونيو : وأفضل من جلس على عرشها!
سباستيان : باستثناء الأرملة دايدو، أرجوك!
أنطونيو : آه! دايدو الأرملة! الأرملة دايدو، طبعًا!
جونزالو : أليس صداري يا سيدي نضيرًا مثلما كان في أول يوم أرتديه؟
أقصد النضرة النسبية!
أنطونيو : وُفِّقتَ في اختيار الكلمة الأخيرة! ١٠٠
جونزالو : عندما ارتديتُه في حفل زفاف ابنتك؟
ألونزو : إنك تحشر هذه الكلمة في أذني، ولكن عقلي
لا يشتهيها ولا يستسيغها! ليْتني ما ذهبتُ

لتزويج ابنتي هناك! ففي طريق العودة فقدتُ ابني،

وأظن أنني فقدتُها هي أيضًا! فهي تعيش بعيدًا كل البعد

عن إيطاليا، وقد لا أراها من جديدٍ أبدًا!

أوَّاه يا وارث مُلكي في نابولي وفي ميلانو!

أية أسماكٍ غريبة تغذَّت بك؟!
فرانشيسكو : ربما لا يزال على قيد الحياة! لقد شاهدتُه ١١٠
وهو يضرب الأمواج من تحته، ويركب ظهرها،

كان يتقدم رافعًا هامته في الماء، غير عابئ بعدائها،

ويتلقى بصدره أعلى الأمواج التي صادفَته!

وظل يرفع رأسه الجَسورة فوق الأمواج المصطخبة،

ويجدِّف بذراعَيه القويتَين، بضرباتٍ شديدة،

حتى وصل إلى البر، حيث انحنَت الصخور

فوق الشاطئ الذي أبلت الأمواج أطرافه،

كأنما لتتلقاه جاثيةً وتريحه من وعثائه!

لا شك عندي أنه وصل إلى البر سالمًا!
ألونزو : لا لا! لقد ذهب!
سباستيان : سيدي! لا تلومنَّ إلا نفسك على هذه الخسارة الكبرى
بعد أن رفضتَ أن تُنعم بابنتك على أوروبا ١٢٠

وفضَّلتَ أن تتزوج في تونس، فحرمتَ عينَيك رؤيتها،

ودفعتهما إلى البكاء حزنًا عليها!
ألونزو : اسكت أرجوك!
سباستيان : ركعنا جميعًا أمامك، وألححنا عليك أن ترجع عن عزمك،
والحسناء نفسها وازنت بين بُغض الزواج وطاعة الآباء

أي الكفتَين ترجح! وأخشى أن نكون قد فقدنا ابنك أيضًا

وإلى الأبد! ولقد أدَّى ذلك إلى زيادة عدد الأرامل

في ميلانو ونابولي زيادةً كبيرة، بل لن يستطيع العائدون من الرجال

تعويضها! والخطأ خطؤك أنت! ١٣٠
ألونزو : وأفدح الخسائر خسارتي!
جونزالو : مولاي سباستيان! ما تقوله حق، ولكنك تقوله
بأسلوبٍ فظ وفي غير الوقت المناسب!

إنك تنكأ الجرح بدلًا من تضميده!
سباستيان : هذا صحيح!
أنطونيو : مثل جرَّاحٍ ماهر!
جونزالو : الجو يكفهر يا سيدي الكريم عندنا جميعًا
إذا تكاثرت الغيوم في وجهك!
سباستيان : الجو يكفهر؟
أنطونيو : يكفهر جدًّا!
جونزالو : لو توليت استعمار هذه الجزيرة، يا مولاي …
أنطونيو : لبذر فيها بذور الشوك!
سباستيان : أو بذور الحُميض والخُبيزة! ١٤٠
جونزالو : ولو أصبحتُ ملكًا عليها، ماذا أفعل؟
سباستيان : تنجو من السكْر لعدم وجود النبيذ!
جونزالو : سأصل إلى أسمى غاياتي في هذه الجمهورية
بمخالفة كل ما هو متَّبع! سوف أحرِّم التجارة

بأنواعها، وأُلغي القضاء، والتعليم، والغنى والفقر،

وتشغيل الخدم، والعقود، والمواريث، وحدود الأراضي،

وفلاحتها، وزراعة الكروم، وسأُلغي استخدام

المعادن، والقمح، والنبيذ، والزيت،

والمهن والحِرف، فيغدو الرجال بلا عمل، جميعًا، ١٥٠

والنساء أيضًا، ولكن عفيفات طاهرات، ولا سيادة لأحد …
سباستيان : لكنه يود أن يصبح ملكًا ذا سيادة!
أنطونيو : إن ذيل جمهوريته ينسى رأسها!
جونزالو : وجميع الأشياء في الطبيعة المألوفة سوف تؤتي أكلها
دون عرق أو جهد، ولن يكون عندنا خيانة أو جريمة

أو سيف أو رمح أو خنجر أو مدفع أو نحتاج إلى أي آلة

من آلات الحرب، ولكن الطبيعة سوف تأتينا،

من تلقاء ذاتها، بالوفرة والخير الكثير

لإطعام أفراد شعبي الأبرار. ١٦٠
سباستيان : ألن يتزوج أفراد رعاياه؟
أنطونيو : مطلقًا يا أخي! فالكل عاطل! بغايا وأوغاد!
جونزالو : وسوف أبلغ الكمال في حكمي لهم حتى أتجاوز العصر الذهبي!
سباستيان : فليحفظ الله جلالته!
أنطونيو : عاش جونزالو!
جونزالو : كما إنني … هل تسمعني يا سيدي؟
ألونزو : اسكت أرجوك! فكلامك عندي خواء!
جونزالو : أُصدِّق سمُوَّك كل التصديق، وما قلتُه إلا لأتيح فرصة الضحك
لهذين السيدَين، فبصدر كلٍّ منهما رئة حساسةٌ رهيفة، تدفعهما

إلى الضحك من الخواء! ١٧٠
أنطونيو : كنا نضحك منك!
جونزالو : وأنا في سياق هذا الهذر خواء بالقياس إليهما، وهكذا تستطيعان
أن تُواصلا الضحك من لا شيء!
أنطونيو : يا لها من ضربةٍ شديدة!
سباستيان : لولا أن السيف وقع على بطنه!
جونزالو : أنتما من معدنٍ أصيل، وقد تحوِّلان القمر عن فلكه إن ظل فيه
خمسة أسابيع دون تغيير وجهه!

(يدخل آرييل — في خفاء — يعزف موسيقى رزينة.)

سباستيان : نحوِّل مسار القمر، ثم نصطاد الطيور النائمة بمضاربنا في الظلام! ١٨٠
أنطونيو : أرجوك يا مولاي الكريم … لا تغضب!
جونزالو : لا لا! أؤكد لكما! لن أغامر بسمعتي واشتهاري بالتعقل! لن
أبدي مثل هذا الضعف! وأرجو أن تضحكا حتى أنام؛ إذ

أحس بتثاقل في الحواس!
أنطونيو : تهيأ للنوم إذَن واسمعنا!

(ينام الجميع فيما عدا ألونزو، وسباستيان وأنطونيو.)

ألونزو : يا عجبًا! نام الجميع بهذه السرعة؟ ليْت عينَي
تتوليان، وحدهما، حبس أفكاري تحت الجفون،

بل أحس أنهما تريدان ذلك.
سباستيان : أرجوك يا سيدي! لا تتجاهل تثاقُل الجفون،
إذ يندر أن يزور النوم أجفان الحزين، ١٩٠

فإن زاره أراحه وواساه.
أنطونيو : سوف نتولَّى كلانا يا مولاي حراستك
أثناء راحتك ونسهر على سلامتك.
ألونزو : شكرًا لكما! ما أروع هذا الثقل العجيب!

(ينام ألونزو، يخرج آرييل.)

سباستيان : ما أغرب النعاس الذي ملك حواسهم!
أنطونيو : إنها طبيعة الجو هنا!
سباستيان : إذَن لماذا لا يغلق أجفاننا؟ لا أحس بنفسي
ميلًا إلى النوم!
أنطونيو : ولا أنا! فحواسي يقظة! لقد ناموا معًا كأنما اتفقوا على ذلك!
بل تهاوَوا كأنما أصابتهم صاعقة! ماذا يمكن

يا سباستيان العظيم أن … (يتردد) ماذا يمكن أن … ولكن كفى! ٢٠٠

ومع ذلك فأظنني أرى أفكاري في وجهك،

أي ما ينبغي لك أن تكون! فالفرصة سانحة تناديك

وخيالي القوي يرى تاجًا يهبط فوق رأسك!
سباستيان : ماذا تقول؟ هل تتكلم وأنت نائم؟
أنطونيو : ألا تسمعني أتكلم؟
سباستيان : أسمعك، ولا شك أنها لغة النوم، وأنت تتكلم
في نومك! ما ذكرت الآن؟ يا له من نومٍ غريب!

كيف تنام هذا النوم العميق وعيناك مفتوحتان،

وتظل واقفًا، تتكلم وتتحرك؟
أنطونيو : سباستيان، أيها الشريف النبيل! ٢١٠
كيف تترك حظَّك الرائع ينام — بل يموت —

وتغفو وأنت صاحٍ يقظ؟
سباستيان : أنت تغطُّ غطيطًا واضحًا، وله معانيه!
أنطونيو : لستُ أمزح كما اعتدت … ولكنني جاد، وعليك بالجد أيضًا
إن انتهبتَ لما أقول! فإن فعلتَ تضاعف قدرك ثلاثة أضعاف!
سباستيان : قل إنني الماء الساكن؛ لا يتقدم ولا يتراجع!
أنطونيو : سأعلِّمك كيف تتقدم!
سباستيان : علِّمني كيف! فما ورثتُه من كسلٍ علَّمني التراجع فقط!
أنطونيو : ليْتك تعلم فحسب مدى اهتمامك وإعزازك
للغاية التي تسخر منها الآن! وكيف يزيد تنكرك لها ٢٢٠

من قبولها واحتضانها! فكثيرًا ما يفشل من يتراجع

بل ويهوي إلى القاع بسبب خوفه أو تكاسله!
سباستيان : أكمِل حديثك أرجوك! إن في عينَيك وخدَّيك
ما يدل على أهمية ما لدَيك! بل أرى مَولد فكرةٍ

مخاضها عسير عليك!
أنطونيو : ها هي ذي: لئن كان هذا النبيل الضعيف الذاكرة،
والذي ستضعف ذكراه أيضًا عندما يُوارَى التراب،

كاد أن ينجح في إقناعنا بأن ابن الملك حيٌّ يُرزَق،

فهو روح الإقناع، وحرفته الوحيدة هي الإقناع، ٢٣٠

فمن المحال أن يكون قد نجا من الغرق،

كما إنه من المحال أن يكون هذا النائم سابحًا في الماء!
سباستيان : قد انقطع أملي في نجاته من الغرق!
أنطونيو : لا تذكر انقطاع الأمل! فما أعظم الأمل الذي يراودك!
فانقطاع الأمل في نجاته معناه انتعاش الأمل الأعظم …

الفائق! بل الذي لا يرى الطموح نفسه ما يعلو عليه!

وإن كان من الصعب على بصره إدراك الغاية! هل توافقني

على أن فرديناند قد غرق؟
سباستيان : انتهى!
أنطونيو : قل لي إذَن مَن الوريث التالي لعرش نابولي؟
سباستيان : كلاريبيل! ٢٤٠
أنطونيو : هذه ملكة تونس! وهي تقيم في مكانٍ بعيد
يقضي الإنسان عمره راحلًا ولا يصل إليه،

ولن تصلها أنباء نابولي إلا إذا حملَت الشمس البريد،

فالقمر أبطأ مما ينبغي، بل لن تصل حتى يكبر الصغار

وتنبت اللحى على ذقونهم، ويفصلها عن نابولي بحرٌ شاسع

كاد أن يبتلعنا جميعًا، وإن أرجع بعضنا،

بفضل القدَر وحده، حتى نقوم بدورٍ مرسوم!

كان ما مضى يمثِّل المقدمة المكتوبة، وأما المستقبل

ففي يدك، وسوف أنهض به معك!
سباستيان : ما هذا كله؟ ماذا تقول؟ صحيح أن ابنة أخي ٢٥٠
هي ملكة تونس، ولكنها أيضًا وارثة عرش نابولي،

وبين المكانَين مسافةٌ ما!
أنطونيو : مسافةٌ طويلة! ويبدو أن كل ذراع فيها يصيح:
«كيف تستطيع كلاريبيل أن تقتفي آثارنا

عائدة إلى نابولي؟ فلْتمكث في تونس، ولْيستيقظ سباستيان!»

لكأن الموت قد أخذهم الآن، في نومهم هذا! بل لن يزيدوا

به سُوءًا عما هم عليه! وهناك من يستطيع أن يحكم نابولي

مثل هذا النائم! ونبلاء يستطيعون الثرثرة طويلًا

وبلا داعٍ مثل جونزالو هذا! بل إنني أستطيع ٢٦٠

تعليم الببغاء أن يضارعه في عمق الألفاظ! ليْتك تدري

ما يدور بخاطري! فما أروع الفرصة التي

يتيحها النوم لانطلاقك! هل تفهمني؟
سباستيان : أظن أني أفهمك!
أنطونيو : وكيف ترى ذاتُك طالِعَ سعدك؟
سباستيان : أذكر أنك خلعتَ أخاك بروسبيرو وأخذتَ مكانه!
أنطونيو : صحيح، وانظر كيف تناسبني ملابسي،
بل لقد أصبحَت أكثر ملاءمةً لي، كان خدَمه في حكْم زملائي

وأصبحوا الآن من أتباعي!
سباستيان : لولا وخْز ضميرك! ٢٧٠
أنطونيو : نعم نعم! وأين وخْز ذلك الضمير؟
لو كان من دمَّلٍ في قدمي، لبستُ حذاءً واسعًا،

ولكنني لا أحس بوجود ذلك الإله في صدري!

ولو كان بيني وبين ميلانو عشرون ضميرًا

لأصبحَت كقطع السكَّر التي تذوب فلا تعترضني!

ها هو ذا أخوك النائم، وسوف يستوي بالأرض التي

يرقد عليها، إذا بات في حالٍ لا تختلف كثيرًا؛ أي إذا مات!

وأستطيع أنا، بهذا الصارم المطيع، بل بثلاث بوصات فحسب،

أن أُذيقه النوم الأبدي! وفي الوقت نفسه، تفعل أنت فعلي،

فترسل تلك المضغة الهرمة، أستاذ الحكمة (جونزالو)، ٢٨٠

إلى عالم الرقاد السرمدي، فلا يلومنا على ما فعلنا!

أما سائر الرجال، فسوف يستمتعون بنوازعنا

كما تلْعق القطة قطرات اللبن! بل يوجِّهون عقارب الساعة

إلى الوقت الذي نحدده ونراه مناسبًا!
سباستيان : السابقة التي أعتمد عليها هي ما فعلتَه أنت!
فكما حصلتَ يا صديقي العزيز على ميلانو

سأحصل أنا على نابولي! جرِّد سيفك! ضربةٌ واحدة

تعفيك من دفع الجزية، وتأتيك بحبي؛ حب الملك!
أنطونيو : فلنستلَّ السيفَين معًا، وعندما أرفع يدي، ارفعْ يدك ٢٩٠
واهبط بها على جونزالو!
سباستيان : نعم ولكن … كلمةٌ واحدة!

(ينتحيان جانبًا للتهامس.)

(يعود آرييل (غير مرئي) ويعلو صوت الموسيقى والغناء.)

آرييل :
مولاي بفن السحر رأى الخطر المحْدق حقًّا
بك يا صاحبه النائمْ! ولذلك أرسلني فورًا
حتى أنقذ الاثنين وإلا ذهبَت خطته بددًا!
(يغنِّي في أذن جونزالو.)
وبينما تغط هنا في سُباتِكْ
صحا من يدبِّر أخْذ حياتِكْ
وللوقت يرنو ويلحظ
إذا كنتَ تبغي الحياة فبادِرْ
بنفْض نعاس الجفون وحاذِرْ
تيقَّظْ! تيقَّظْ تيقَّظْ. ٣٠٠
أنطونيو : فلْنفاجئه إذَن معًا!
جونزالو (يفتح عينيه) : أيها الملائكة الكرام! احفظوا الملك!

(يصحو الآخرون.)

ألونزو : يا عجبًا كل العجب! هل صحا كلاكما؟
ولماذا استل كلٌّ منكما سيفه؟ ولماذا هذا الشحوب المرعب؟
جونزالو : ماذا في الأمر؟
سباستيان : كنا نقف لحراستكم أثناء نومكم، فإذا بنا
منذ لحظة، نسمع هديرًا راعدًا كخوار الثوار أو زئير الأسد!

ألم توقظكم تلك الجلبة؟ لقد صكَّت أذني صكة مخيفة!
ألونزو : لم أسمع شيئًا!
أنطونيو : كان ضجيجًا ترتعد له آذان الوحوش ويزلزل الأرض!
قطعًا كان زئير سِربٍ كامل من الأسود! ٣١٠
ألونزو : هل سمعتَه يا جونزالو؟
جونزالو : أقسم بشرفي! لقد سمعتُ يا سيدي طنينًا غريبًا أيقظني!
ومن ثَم هززتُك يا سيدي وصِحتُ! وعندما فتحتُ عيني

وجدتُ سيوفهما مشهرة في أيديهما! لقد سمعتُ ضجةً ما

لا شك في هذا! وعلينا إذَن أن نحترس ونحترز

أو أن نغادر هذا المكان. فلنجرِّد سيوفنا إذَن!
ألونزو : هيا نترك هذه البقعة، ولنستكمل البحث
عن ولدنا المسكين!
جونزالو : فلتحفظه السماء من هذه الوحوش! فلا شك أنه في الجزيرة!
ألونزو : سيروا بنا هيا! ٣٢٠
آرييل :
سأمضي إليك بروسبيرو حتى تحيط بما قد فعلتُ بأمركْ
ويا ملِكًا صحبَتك السلامة في رحلة البحث عن ولدكْ!

(يخرج الجميع.)

نهاية المشهد الأول من الفصل الثاني

المشهد الثاني

(ناحيةٌ أخرى في الجزيرة.)

(يدخل كاليبان حاملًا كومة من الحطب، يدوِّي هزيم الرعد.)

كاليبان : فلْتنزل على رأس بروسبيرو جميع الجراثيم التي ترفعها
الشمس من المستنقعات والأوحال والسهول، ولْتملأ

بقاع جسمه كلها بالأمراض! أعرف أن العفاريت التابعة له

تسمعني، ولكنني لا بد أن أشتمه! وإن لم تجرؤ على قرصي

أو تخويفي بأطياف الأشباح، أو إلقائي في الوحل،

أو تضليلي بوهج المستنقعات في الظلام، إلا إذا

أمرها بذلك! ومع ذلك فهو يسلطها عليَّ

لأتفه الأسباب! تتمثَّل أحيانًا بالقرود التي

تكشِّر عن أنيابها وتعوي في وجهي ثم تعضني!

وأحيانًا بالقنافذ التي تُلقي بنفسها في طريقي ١٠

وأنا أسير حافي القدمَين، فتغرس أشواكها

فيهما كلما خطوتُ، وأحيانًا تلتفُّ الأفاعي حولي

وتفحُّ بألسنتها المشقوقة في وجهي حتى يطير عقلي!

(يدخل ترينكولو.)

وانظروا ها هو ذا أحدهم! جاء يعاقبني
على التباطؤ في جمع الحطب! سأنبطح على وجهي

فربما لم يلمحني!
ترينكولو : لا أرى هنا أشجارًا كبيرة أو صغيرة تحمي الإنسان من تقلبات
الجو، وأحس بهبوب عاصفةٍ أخرى، وأسمع صفيرها في

الريح، وأرى على البعد امتداد السحاب الأسود، وسحابةً ٢٠

ضخمة تشبه قرية النبيذ القبيحة التي توشك أن تسكب خمرها!

فإذا سمعتُ قصف الرعد من جديد فلن أعرف أين أختبئ!

وأما تلك السحابة فلن تملك إلا أن تنهمر مدرارًا! آه! ما هذا؟

إنسان أم سمكة؟ ميتٌ أم حي؟ قد يكون سمكة، فرائحته

كالسمك! رائحة سمكة معتقة! لا كرائحة «البكالاه» الطازج!

سمكةٌ غريبة! لو كنتُ الآن في إنجلترا — وقد زرتُها يومًا ما —

لرسموا صورتها وعلَّقوها حتى تجذب السياح، ولَدفع السياح

نقودهم للتسلي برؤيتها، ولجاءت بثروةٍ لصاحبها! فأي مخلوقٍ ٣٠

غريب هناك يثري صاحبه! فالإنجليز يستكثرون دفع قرشٍ واحد

لمساعدة شحَّاذٍ أعرج، ويدفعون عشرة ليشاهدوا أحد الهنود

الحمر، حتى بعد موته! هذه السمكة لها رِجلان مثل البشر،

وزعانف مثل الذراعَين! ما زال جسده دافئًا قسمًا بالله! سوف

أقول الآن رأيي، ولن أكتمه عنكم! ليس هذا سمكة، بل أحد

سكان الجزيرة، بعد أن صعقَته صاعقة منذ قليل! (صوت

هزيم الرعد) يا للقرف! هبَّت العاصفة من جديد! سوف

أحتمي بعباءته، وأندسُّ تحتها! فلا يوجَد مأوًى لي سواها!

فالشقاء يرغم الإنسان على الرقاد مع أغرب الغرباء! سوف ٤٠

ألتحف بالعباءة حتى تشرب الأرض العاصفة حتى الثمالة!

(يدخل ستيفانو وهو يغنِّي، حاملًا زجاجة خمر.)

ستيفانو :
لن أركب بعد الآن البحرْ
بل سوف أموت على البرّْ!
لا يليق إنشاد هذه الأغنية البشعة في جنازة أحد! على أي حالٍ
هذا عزائي!

(يشرب.)

يغنِّي :
ربان المركب وأنا والكنَّاسْ
ورئيس الملَّاحين وكل الحراسْ
والمدفعجي ومساعده أيضًا
أحببْنا كل بنات الناسْ
مولا وميجا ومارجي وماريانْ
لكنْ ما أحببْنا المدعوَّة كيتْ ٥٠
فلها في فمها شر لسانْ
تصرخ في وجه البحَّارْ
اشنق نفسك يا إنسانْ!
تكره نكهة قار المركب والقطرانْ!
أما إن شعرَت يومًا بالحكَّة
فيد الحائك تنقذها في كل مكانْ!
وإذَن هيا للبحر أيا شُبَّانْ
ولتُشنَق كيتُ الآنْ!
هذه أغنيةٌ بشعة أيضًا! ولكن في هذا عزائي وتسليتي.

(يشرب.)

كاليبان (يتأوَّه) : لا تعذبْني! آه! آه!
ستيفانو : ماذا هناك؟ ألدَينا شياطين هنا؟ هل هذه حيَل السحرة الذين
يعرضون المتوحشين والهنود الحمر؟ وهل نجوتُ من الغرق ٦٠

حتى أخاف من أرجُلك الأربع؟ فكما جاء في الأمثال: ما سار

إنسان على أربع أرجل يستطيع أن يغلبه! وسوف أكرر المثل،

ما دام ستيفانو يتنفس من أنفه!
كاليبان : العفريت يعذبني! آه آه!
ستيفانو : هذا وحشٌ من وحوش الجزيرة، له أربع أرجل، وأظن أنه
يعاني من الحمَّى! أنَّى له أن يتكلم لغتنا؟ سوف أسعفه مكافأة

على علمه باللغة! إذا استطعتُ أن أشفيه؛ فسوف أستأنسه

وأصحبه إلى نابولي معي، فهو جديرٌ بالإهداء إلى أي إمبراطور ٧٠

لبس يومًا حذاءً من جلد البقر!
كاليبان : لا تعذبني! أرجوك! سأسرع بإحضار الحطب إلى المنزل!
ستيفانو : إنها نوبة الحمَّى وهو يهذي ويخرف! سأذيقه طعم خمري،
فإذا لم يكن قد ذاقها من قبل، فسوف تقضي على النوبة! إذا

استطعتُ أن أشفيه وأستأنسه، فلن أطلب ثمنًا باهظًا له،

ولكنني سأبيعه إلى من يدفع أعلى الأسعار! ٨٠
كاليبان : لم تؤلمني إلا قليلًا حتى الآن! ولكنك ستزيد من الألم حالًا!
عرفتُ ذلك من ارتعاشك! لقد عمل سحر بروسبيرو عمله فيك!
ستيفانو : اعتدِل على جنبك وافتح فمك! هيا اشرب! هذا سيعلمك
الكلام؛ فالمثل يقول: «الجِعَة أنطقَت القطة.» افتح فمك أيها

القط! سينفض هذا عنك انتفاض الحمَّى! وأؤكد لك! بل

سوف ينفضها حقًّا! أنت لا تعرف أصدقاءك! افتح فكَّيك من

جديد! هيا!
ترينكولو : أنا أعرف هذا الصوت! إنه صوت … لا لا! لقد غرق! وهؤلاء
من الشياطين! رحمتك يا رب! ٩٠
ستيفانو : أربع أرجُل وصوتان؛ وحشٌ بالغ الرقة! صوته الأمامي يمتدح
صديقه، وصوته الخلفي يسبه ويشتمه! لسوف أشفيه ولو

أفرغتُ في فمه كل ما في الزجاجة من خمر! هيا اشرب!

كفى! سوف أفرغ بعض الخمر في فمك الآخر!
ترينكولو : ستيفانو!
ستيفانو : هل يناديني فمك الآخر؟ رحمتك يا رب! رحمتك يا رب! هذا
شيطانٌ لا وحش! سوف أتركه فليس في يدي ملعقةٌ طويلة

كالتي تلزم لصحبة الشيطان! ١٠٠
ترينكولو : ستيفانو! لو كنتَ ستيفانو حقًّا فالْمسني بيدك، وتحدَّث إليَّ،
فأنا ترينكولو! لا تخف! صديقك المخلص ترينكولو!
ستيفانو : إن كنت ترينكولو حقًّا فاخرج من ذاك المكان! سأجرك من
الأرجل الصغرى! أنا أعرف أرجل ترينكولو، وهذه هي حقًّا

ها أنت خرجت، ولا شك أنك ترينكولو بلحمه وشحمه! ما

الذي أدخلك في ثوب هذا الوحش؟ أم إنه قادرٌ على ولادة

أمثالك؟
ترينكولو : كنت أظن أنه مات بعد أن صعقَته صاعقة! ولكن ألم تغرق
أنت يا ستيفانو؟ أرجو ألا تكون قد غرقتَ! هل مرَّت ١١٠

العاصفة؟ لقد اختبأتُ في عباءة الوحش الميت خوفًا من

العاصفة! وهل أنت حيٌّ تُرزَق يا ستيفانو؟ مرحى يا ستيفانو!

لقد نجا رجلان من نابولي!
ستيفانو : أرجوك لا تقلبْني بين يديك، فمعدتي مقلوبة أصلًا!
كاليبان : هذان كائنان رائعان، إذا لم يكونا من العفاريت! وأحدهما —
هذا — إلهٌ جميل، وفي يده شرابٌ سماوي! سأركع له!
ستيفانو : ولكن كيف نجوتَ؟ وكيف أتيتَ إلى هنا؟ قل الصدق وأقسِم ١٢٠
على هذه الزجاجة! قل كيف جئت إلى هنا؟ أما أنا فقد نجوتُ

على ظهر برميلٍ من الخمر الإسباني، وكان البحَّارة قد ألقوا به

في الماء، قسمًا بهذه الزجاجة — وهي، كما ترى — قمقم

صنعته بنفسي من لحاء إحدى الأشجار، بعد أن ألقت الأمواج

بي إلى الشاطئ.
كاليبان : قسمًا بهذه الزجاجة، سأصبح من رعاياك المخلصين، فمذاق
هذا الشراب لا ينتمي إلى الأرض!
ستيفانو : ها هي الزجاجة! أقسم عليها أن تقول الصدق وقل لي كيف نجوتَ!
ترينكولو : سبحتُ إلى الشاطئ يا صاحبي مثل البط! إذ أستطيع أن
أصبح مثل البط وأقسم! ١٣٠
ستيفانو : إذَن قبِّل الكتاب … تفضل! ذق! ربما تستطيع السباحة مثل
البط، فقد خُلِقتَ تشبه الإوز!
ترينكولو : ستيفانو! هل لدَيك المزيد من هذا الشراب؟
ستيفانو : البرميل كله يا صاحبي! وقبو خموري في كهفٍ صخري على
شاطئ البحر، وفيه أخفيتُ النبيذ عن العيون! وأنت أيها

الوحش! كيف حالك الآن؟ هل ذهبَت الحمَّى عنك؟
كاليبان : ألم تهبط من السماء؟
ستيفانو : بل من القمر! وأؤكد لك! كنتُ في يومٍ من الأيام الرجل الذي
ترى وجهه في القمر!
كاليبان : لقد شاهدتُك في القمر، وأنا أعبدك! وأذكر أن سيدتي دلَّتني ١٤٠
عليك، وعلى كلبك ومكنستك!
ستيفانو : أقسِم على ذلك! قبِّل الكتاب! سوف أملؤه قريبًا بالمزيد! أقسم!
ترينكولو : قسمًا بضوء النهار المبارك، إنه لوحشٌ تافه! كيف خفتُ أنا
منه؟ وحشٌ ضعيف هزيل! الرجل الذي في القمر! وحشٌ

مسكين يصدِّق كل ما يقال له! (بعد أن يشرب كاليبان) هنيئًا

مريئًا أيها الوحش!
كاليبان : سأدلك على كل شبرٍ من الأرض الخصبة في الجزيرة، وسوف
أقبِّل قدمَيك! أتوسل إليك: كن إلهي المعبود!
ترينكولو : قسمًا بهذا الضوء إنه لوحشٌ خئُون سكِّير إلى أقصى حد! فما ١٥٠
إن يغفو إلهه حتى يسرق زجاجته!
كاليبان : سأقبِّل قدمك، وأقسم أن أكون من رعاياك!
ستيفانو : هيا إذَن! اركع وأقسم!
ترينكولو : سأموت من الضحك من هذا الوحش الذي يتذلل كالكلب
الصغير! وحشٌ بالغ البشاعة! تحدثني نفسي بأن أضربه لولا …
ستيفانو : هيا! قبِّل!

(يشرب كاليبان.)

ترينكولو : لولا أن الوحش المسكين سكران! وحشٌ كريه!
كاليبان : سأدلك على أفضل الينابيع، وأقطف لك أنواع التوت البري، ١٦٠
وأصيد لك الأسماك، وأجلب لك الحطب الكافي!

لعنة الله على الطاغية الذي أخدمه!

لن أحمل إليه الحطب بعد الآن، بل سأخدمك أنت

أيها الرجل الرائع!
ترينكولو : وحشٌ مضحك، يرى في السكِّير رجلًا رائعًا!
كاليبان : أرجوك! دعني أصحبك إلى أشجار التفاح المثمرة،
وسوف أستخرج لك بأظفاري الطويلة جذور جوز الأرض

وأُريك أعشاش الطيور، وكيف تنصب الفخ لصيد

القرد ذي اللحم الطيب، وأدلك على عناقيد البندق، ١٧٠

وآتيك بأفراخ طيور البحر من أعشاشها فوق الصخور!

فهل ستأتي معي؟
ستيفانو : أرجوك تقدَّم، سوف أسير خلفك، وعليك بالصمت! اسمع
يا ترينكولو! لقد غرق الملك وجميع الرفاق، ومن حقِّنا أن

نرث هذا المكان! اسمع (إلى كاليبان) احمل زجاجتي! (إلى

ترينكولو) سوف نملؤها من جديدٍ بعد قليل!
كاليبان (يغنِّي بصوت مخمور) : وداعًا أيا سيدي الوداع الوداع!
ترينكولو : الوحش يعوي! الوحش سكران!
كاليبان (يغنِّي) :
لن أبني أي سدودٍ بعد الآنْ!
للصيد وحفظ الأسماك لإنسانْ ١٨٠
أو أُحضر أحطاب الغابْ
للسيد يأمر فيُجابْ!
أو أعمل في تنظيف الأخشابْ
أو غسل الأطباق بأي مكانْ
بان بان بان … كاليبانْ
بدَّل سيِّدَه السلطانْ!
الحرية يا هوه! الحرية يا هوه! الحرية! الحرية! الحرية يا هوه!
ستيفانو : أيها الوحش الجميل! تقدَّم وسوف نَسير وراءك!

(يخرجون.)

نهاية الفصل الثاني

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤