نطق دهرًا وسكت قهرًا١

قضى الشيخ أمين الخولي نحو عشرين سنة، يكتب ويشطب ثم يشطب ويكتب فيما يسميه نقدًا تارة، وفيما يسميه تحليلًا موضوعيًّا تارة أخرى، ومداره كله على موضوعات من الأدب الغربي والثقافة العصرية، أوجز ما يقال عنها إننا قرأنا فيها كتب النقد والتحليل أكثر مما يحفظ الشيخ أمين من أبيات ألفية ابن مالك، مع التواضع الكثير!

وكنا نقرأ بعض ما كتب وشطب، ونسمع ببعضه ولا نقرؤه، ثم نشطبه جميعًا ولا نرى فيه ما يحتمل المناقشة … ولعلنا وغيرنا سواء في النظرة إلى كل ما يكتبه الشيخ أمين نقدًا لموضوعات الأدب الحديث! هل رأيتم الريفي الذي يدخل المطعم مرة أو مرتين وينطلق بعدها إلى مجالس الحاضرة ليعلم الناس كيف يأكلون بالشوكة والسكين؟

من لم يره فقد رأى الشيخ في نقده «الموضوعي» لتلك الموضوعات، وعرف لكل منهما حقه في المناقشة والتعليق.

ثم ألف الشيخ أمين، أو أعاد تأليف كتابه عن الإمام مالك، فقدم له بفصل طويل في الموضوع أو في النقد الموضوعي ولا مؤاخذة … وما هذا الموضوع يا ترى؟ ليس مالكًا ولا ابن مالك، ولا هو ذلك، ولا شبيه ذلك …

كلا … ولكنه هو الموضوع الذي خلاصته على لسان الشيخ أمين:

أنا الموضوع، أنا التاريخ، أنا السند، أنا الموضوعية … أنا العلم … أنا العلماء … أنا أنا أنا الأمناء … أنا كذلك وكل ذلك، ولكن من هو العقاد موضوع المقدمة دون مالك وأهل مالك؟ هو بالإيجاز: ما ليس كذلك!

ولقد كان في وسع الشيخ أمين أن يحمل شوكته وسكينه كما يشاء ليعلم بها الحضريين السذج كيف يأكلون، بل كيف يشربون الماء بالشوك والسكاكين.

كان في وسعه ذلك «كله جميعًا» دون أن نحاسبه على لقمة واحدة، غصت بها حلوق المساكين على هذه المائدة!

ولكننا سئلنا عما يخصنا منها وجاءنا السؤال ممن يستحقون الجواب، فسمعنا وأجبنا، وانكسرت الشوكة والسكين في يمين الشيخ أمين!

ولقد صاح التاريخ والموضوع والسند و«الأنا» المكررة مرات عداد الأسطر في الصفحات، ولقد صاح معها «الأمناء» الذين يتعددون بعدد الأشكال والأزياء، ولجوا في الصياح وهم يعلنون السكوت عن المباح وغير المباح.

إن اللامفهومية — على ما يظهر — مذهب «لدني» لمن يخرج عن كل موضوع في الكتابة الموضوعية.

فمن المفهوم أن يعتصم بالسكوت من تحرش به الناس وألحوا عليه بالتحرش ليتكلم على كرهٍ منه، فإذا سيق إلى الكلام مرة بعد مرة قالها مرة واحدة ليعلن النية على السكوت الطويل أو القصير.

ولكن هذا غير مفهوم ممن يتصدى للكلام ويعيد الكلام ويعود إلى الإعادة والناس معرضون عنه لا يلتفتون إليه، فإذا تكلم دهرًا ثم سكت قهرًا، فمعنى ذلك أنه قد عرف أخيرًا أن الله حق وأن الكلام باطل لا يغني عن الحق، وأنَّ أعلم الخلق، ومعلم الغرب والشرق، خليق أن يخفي الشوكة والسكين، في موضع «موضوعي» أمين!

•••

وحسن على كل حال أن يسكت المتكلم إذا كان يتكلم ليقول ما تمجه الأسماع وتأباه العقول.

حسن أن يسكت وليس بالحسن أن يتكلم ليتمسح بصفاف الحروف، ويزعم أن الكلمتين «في الكتاب» سقطتا من المطبعة ولم تسقطا من قلمه، ثم يعود القارئ إلى طبعة الكتاب الأولى، فيرى أن المؤلف الأمين مصرٌّ على إسقاط الكلمتين من الآية القرآنية؛ لأنه في الصفحة اﻟ (٣٢٩) من تلك الطبعة يقول عن الإمام مالك: إنه في حديث السفرجل تلا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ … الآية!

هكذا بغير إتمام الآية وبغير ذكر «بيناه للناس في الكتاب»، وآية الآيات في النقل الصحيح أن المؤلف الذي يضن على الشواهد القرآنية بالتمام يفسح الصفحات لأكذوبة أبي حيان من الألف إلى الياء، ويفسحها للواهن الضعيف من الأحاديث المكذوبة ثم يعيدها من طبعة إلى طبعة ومن صفحة إلى صفحة بغير اقتضاب، إلا لإخفاء المصدر المدعى عليه!

يفعل هذا ويكرر فعله ويحرم علينا أن نحاسبه على الحذف من القرآن أو على اقتضاب الإشارة إليه، وإنه ليبيح لنفسه من رواية أبي حيان أن يحاسبنا على صورة غلاف، وأن يجعل تلك الرواية سندًا قاطعًا يحرم على المصورين والمؤلفين رسم علي بن أبي طالب على ظهر حصان.

وإنه ليكمل الحديث الواهن ويعترف بتوهينه، ثم يقول إن مالكًا يعتبره في حكم القرآن الكريم الذي يلعن الله واللاعنون من يكتمونه، ثم هو يبني على هذا السند الواهن وصف الرشيد بالحماقة وإقدامه على محو الثابت في الكتاب؟ وما الثابت في الكتاب؟ الثابت في الكتاب هو ذلك الحديث غير الثابت وغير الجدير بالذكر في صفحة بعد صفحة وطبعة بعد طبعة، حيث تضن الصفحات على آيات القرآن بالإتمام.

وأعبث العبث أن يقرر توهين الحديث، ثم يبلغ من ثقته به أن يحسبه من الأحاديث التي أسقطت من «الموطأ»، وهو لا يدري أن إثبات الأحاديث في الموطأ إنما يستشهد به على الأحكام الفقهية في الكتاب والسنة؛ لأنه كتاب فقه وليس بكتاب حديث.

•••

وإن أحرى الناس أن يسكت ولا يُجري القلم بكلمة في أمر الأحاديث النبوية، من يتكلم في أمر كتب الأحاديث، فيُسمعنا العجب من تقسيمها إلى شائع وغير شائع وعادي وفوق العادة. فما علمنا أن كتب الأحاديث تنقسم إلى شيء غير كتب الصحيح وغير الصحيح؛ فليست هي بشيء منقوش وشيء آخر غير منقوش، وليست هي بتحفة في متحف المخطوطات أو سلعة في أسواق المطبوعات، فإنما هو تقسيم لم يذكره غير إنسان واحد نسيج وحده في أمثال هذه التقسيمات، وإنما هو تقسيم يعرفه الذين يقسمون أزياء الرجال بين «الكرافتة» وطوقها المنشى، أو بين اللاسة والطاقية على الجلباب والجاكتة الرياضية، أو بين الصندل المخروق في الترام وفي السوق، أو بين الفيصلية على الجبة والقفطان، أو بين الجبة والقفطان بالرأس العريان!

كلا! ليس بالحسن أن يتكلم الإنسان ليميز بين كتب الحديث بغرائب الأزياء، وإنما تتميز كتب الحديث بصحة السند وصدق الرواة، ولا تمييز لها غير ذلك عند طلاب الحقائق من الأحاديث. فإذا جاز هذا التمييز لأحد يستجيز ما لا يجوز، فليس بالجائز في العقول أن يكون القاضي عياض قد نقل حديثًا بالسند الصحيح عن نافع عن عبد الله بن عمر ثم حكم عليه بالتوهين. فمن الجهل المحض أن ينسب هذا إلى القاضي عياض وهو يعلم أن هذا السند هو أصح الصحيح.

هذا أيضًا من البعد عن العقول في حكم المستحيل، ثم نعود بالمسألة فوق ذلك إلى سند يغني عن إسناد الرواة كلهم أجمعين، صادقين أو غير صادقين، وذلك هو سند الواقع الذي لا شك فيه من خبر التاريخ.

مات جعفر بن أبي طالب قبل إسلام معاوية ببضعة شهور، فمن المستحيل أن يكون حاضرًا يهدي السفرجل إلى رسول الله بعد إسلام معاوية بزمن يقصر أو يطول.

من المستحيل هذا إلا إذا صح عند الشيخ أمين فرض واحد وسند واحد، لا يستغرب منه أن يعتمد عليه، فقد كان جعفر — رضي الله عنه — يُلقب بالطيار بين أهل الجنة، ومن الجنة حمل السفرجل إلى الأرض، ثم عاد سالمًا إلى قواعده في السماء.

إن كان هذا سند الشيخ أمين — أو الشيخ أمناء بالجملة — فليبينه لنا من مصادره «غير العادية» … ولن يكون في هذا البيان أغرب في الافتتان من مصادره عن أبي حيان عن فلان، ولا فلان …

بل لن يكون أغرب من تعرضه لتمحيص الثقة بالرواة والثقة بنافع مولى ابن عمر على الخصوص، وإنه ليجهل تاريخه ويقول عنه في طبعته المطولة إن الخليفة بعثه إلى مصر «يُعلم الناس الحديث وفيها مات سنة ١١٧ هجرية»، ولو راجع تاريخه — وهو بعض ما يلزم لتحقيق سند الرواة — لعلم كما جاء في التجريد أنه مات بالمدينة!

كل هذا جميعه ليس بحسن ولا شبيه بالحسن، وأسوأ من هذا «كله جميعه» أن يأخذ بتلابيب مالك المظلوم، وهو يتصدى لتمحيص تاريخه، فلا يزال هذا الإمام المظلوم موعودًا من الشيخ بإسناد الأحاديث الباطلة إليه في كل خبر يعترضه اسم من أسماء الجعافرة، كائنًا من كان، لا فرق بين جعفر بن أبي طالب وجعفر الصادق وأبي جعفر المنصور.

فنحن لم نقرأ من قبل كتاب الشيخ أمين عن مالك في طبعته الأولى ولا في طبعته الثانية، ولكن فاضلًا مطلعًا نبهنا فانتبهنا إلى هذه «الموضوعية» الطريفة في الشيخ أمين، وقال لنا:
إنها ليست أولى أفاعليه بالإمام المظلوم — رضوان الله عليه — لأنه روى عنه في الصفحة (١٦٠) من طبعته الأولى أنه قال عن أهل العراق إنهم أهل كذب وباطل وزور، وإنه تحدث في ذلك مع الإمام جعفر الصادق — رضوان الله عليه — ولم يحصل من ذلك شيء، غفر الله له ذنوبه مع الإمامين الجليلين. والشاهد على ذلك هو نفس الشاهد الذي يُشير إليه الشيخ أمين الخولي، المحقق المدقق السند الأوحد في فهم ما يطلع عليه، وهو الزواوي؛ حيث يقول بالحرف الواحد من الصفحة (٢٤):

قال مالك: قال لي جعفر يومًا: أعلى ظهرِها أحد أعلم منك؟ قلت: بلى. قال: فسمهم لي. قلت: لا أحفظ أسماءهم. قال: قد طلبت هذا الشأن في زمن بني أمية وقد عرفته؛ أما أهل العراق فأهل كذب وزور، وأما أهل الشام فأهل جهاد ليس عندهم كبير علم، وأما أهل الحجاز ففيهم بقية العلم، وأنت عليم الحجاز فلا تردن على أمير المؤمنين قوله. قال مالك: ثم قال لي: قد أردت أن أجعل هذا علمًا واحدًا أكتب به إلى أمراء الأجناد وإلى القضاة فيعملون به، فمن خالف ضربت عنقه.

وبعد هذا الكلام في الأسانيد «فوق العادة»، أسانيد غير شائعة يطلع عليها الشيخ أمين، يكتب كتابه ويرفع حجابه ليُعلم الناس فهم السير وتحقيقها، فينسب إلى مالك — الذي ابتلاه الله به — حديث أبي جعفر المنصور، ويفهم أن جعفرًا الذي كان يتحدث إلى مالك المظلوم هو الإمام جعفر الصادق، وليس في يده الكتابة إلى الأجناد والقضاة ولا ضرب الأعناق وزجر العصاة … ويفهم أن الإمام جعفرًا يسأل مالكًا تلميذه: أعلى ظهر الأرض من هو أعلم منك؟ ثم يفهم أن الأستاذ يسأل التلميذ عمن هو أعلم منه، فيجيبه التلميذ بأنه مجهول!

يفهم «كل ذلك جميعه»، ويخفى على فهمه وتحقيقه واستنباطه وتوفيقه أن الذي يقدر على الكتابة إلى قادة الجند وولاة الحكم وعلى ضرب أعناق المخالفين وتوحيد الشرائع والقوانين، لن يكون جعفرًا الصادق، ولن يكون في ذلك العصر غير رجل واحد هو الخليفة أبو جعفر المنصور.

إنه ليس بالحسن أبدًا أن يكون هذا هو مبلغ المؤلف من فهم الأسانيد، ثم يتعرض بعد ذلك لخبر عن اسم فيه جيم أو عين أو فاء أو راء؛ لا فرق بين جعفر الطيار شهيد السفرجل في تحقيقات الشيخ أمين، أو جعفر الصادق شهيد التهم والأقاويل، أو جعفر الخليفة، أو أبناء أبي جعفر أجمعين؛ في تلك التحقيقات أو تلك التخامين.

وأعجب العجب أن يؤجل القائل بهذا سكوته يومًا واحدًا بعد ذلك، وأن يتكلم فلا يقول شيئًا إلا ليبسط كمه ويحمل شوكته وسكينه، ويجعل صناعته تعليم خلق الله كيف يفهمون وكيف يسندون وكيف يحققون وكيف يتموضعون ولا يتواضعون؛ لأنه هو وحده يلقن التاريخ كيف يقول كلمة التاريخ.

وإن الأشياء التي يحسن بالمتكلم أن يجتنب الكلام فيها لكثيرة، يبحث عنها الشيخ أمين إذا شاء وإذا استطاع، فلا نحصيها في هذا المقال، ولكننا نضيف إليها من باب الملاحظات الخفيفة ملاحظة أو اثنتين.

فليس بالحسن أن يكتب المعتذر ليعتذر فيقول إنه يذكر الملاحظة الخفيفة في هامش الكتاب ولا يسوقها مساق الجد في نقد الفن والتاريخ؛ فإن الاعتذار بالعبث لا يبيح له أن يرتب على ذلك العبث جدًّا أكبر من كل جد يستند إليه قائل في الكلام على الأنبياء والأئمة وسائر خلق الله.

إذ أي جد أكبر من الجد الذي يحتاج إليه الناقد، ليكون سندًا له، حين يقول إن النبي في وقعة بدر كان يضحك حتى يمسك بيده على فمه استهزاء بالإمام؟ وأي جد أكبر من الجد الذي يحتاج إليه محقق الأسانيد ليجرد عليًّا، فارس عدنان، من كل وصف بالفروسية ومن حق الظهور على ظهر حصان؟ وأي جد أكبر من الجد الذي يسول لهذا الموضوعي السندي أن يرمي المؤلف بالحاجة الشديدة للأصول التاريخية، وأنه يغير الترجمة تغييرًا عنيفًا وينقض كلمة التاريخ؟

فالذين يرتبون على ملاحظات «الهامش» أمثال هذه الأحكام القاطعة الصادعة، يعبثون بالجد عبثًا يحرم عليهم أن يتناولوا قلمًا ليكتبوا في صميم العلم والتاريخ، ما داموا يجهلون موضع الجد والوقار وموضع الخفة والعبث في وصف الحقائق وتقدير الرجال. فإذا تكلم المجترئ على هذا العبث، فإنما يحسن به أن ينطق ليعلن توبته عن اللفظ الهازل في غير موضعه، فليست قصة أبي حيان إذَنْ بالسند الثابت الذي ينقب عنه المؤرخ حين يكون الأمر أمر الجد من النبي وأمر الفروسية من الإمام، وليست عبقرية الإمام إذن في حاجة شديدة إلى الأصول التاريخية، وليست صورة الفارس إذن تغييرًا عنيفًا للتاريخ، وليس التاريخ إذن بقائل تلك الكلمة الحاسمة التي تسجل علينا من أجل تلك الصورة — وحدها — أننا ننقض الحقيقة ونهدم التاريخ.

وليس من الحسن أن يتكلم المتكلم، فيدخل بالمناقشة العلمية في باب من أبواب الفهاهة الصبيانية.

قال شيخ لطفلة يومًا: إنك صغير لا تحتمل هذا الطعام. فكان جواب الطفل الصغير لشيخه الكبير: بل أنت الطفل الذي لا يحتمل ذلك الطعام!

واحدة بواحدة، وخالصين؟!

أهذا هو الحوار؟ أهذه هي المناقشة الموضوعية؟

إننا، إذ نأخذ العبث على الشيخ أمين، لا نحتاج إلى كلمة واحدة في وصف عبثه غير كلامه الذي يسجله على نفسه بلسانه، فليس أعبث عبثًا من هذا الولع بالتفتيش عن الأقاويل الواهنة من كل كاذب أو مكذوب عليه، ثم الاعتذار عنها مع الاعتراف بوهنها ليقيم عليها ما يقيم من تقدير الأقدار والحكم على الحوادث والرجال، وذلك هو العبث الذي أبينا السكوت عليه.

فما هو عبثنا نحن حين نأخذ عليه عبثه من كلامه بشهادة قلمه ولسانه؟

– أنت «كخة».

– لا، أنت أنت الكخة!

مثل هذا الحوار «كخة» في الغاية من «الكخية»، وبخاصة حين يصدر من شيخ يداول بين أغطية الرءوس جمعاء؛ من العمامة إلى القلنسوة إلى الطاقية إلى الطربوش إلى الرأس المكشوف ظاهرًا وباطنًا بغير غطاء!

وكثير من الأشياء يبلغ هذا المبلغ من «الكخية»، ويفرض الجد على الشيخ أن يتجنب الكلام فيه، ولكن الأخير منها في هذا المقال كلامه الذي لا ينتهي عن «الأصالة» المحتكرة، وعن «أصالته» هو التي لا فرق بينها حين يتصدى لما لا يحسنه، وبين حمل الشوكة والسكين لتعليم الآكلين والشاربين.

إنك يا مولانا لن تدعي أصالة أقرب إلى دعواك من الكتابة في الفقه وعن الفقهاء.

أليس كذلك؟

بلى كذلك!

وإذا كان كذلك، وكان ذلك ما تتعلمه من العقاد في الكتابة عن الفقه والفقهاء؛ فاحذر على أصالتك كل الحذر، واعرف قدرك وأقدار غيرك؛ فقد عرفها الناس بغير حاجة إلى أصالتك. فإذا حسن لَديك أن تنطق بعد أن حسن لديك أن تسكت، فلن يفوتك ولن يفوت قراءنا الذين هم أحق منك بجوابنا أن يعرفوا المزيد، إن كان متسع لمزيد.

١  الأخبار: ٢٦ / ١٢ / ١٩٦٢.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤