اكتشاف أمريكا١

تصل إليَّ مجلة الجمهور الجديد من لبنان، وقد قرأت فيها المقال الذي أتشرف بأن أرفقه بهذه الرسالة عن اكتشاف اللبنانيين أمريكا قبل كولمبس، وهو موضوع يتطلب القول الفصل منكم في يومياتكم …

أحمد طلعت
شارع دمياط، مصر الجديدة

والموضوع — كما قال الأديب — جدير بالتحقيق والاهتمام، وخلاصته أنهم عثروا في البرازيل على وثيقة تاريخية مكتوبة بالحروف الفينيقية القديمة، تثبت أن الفينيقيين اكتشفوا أمريكا قبل كولمبس بزمن طويل، واتصل الأمر بقنصل لبنان العام في ساو باولو، فاهتم به وأبلغه عن طريق السفارة اللبنانية في «ريودي جانيرو» إلى دار الآثار البرازيلية؛ للتنقيب عن موضوعها في صخور سفح جبل السكر على مدخل العاصمة، ويقال إن بعض الدول تسعى لطمس معالم هذا الكشف الخطير؛ حرصًا على مفاخرها التاريخية.

ويُؤخذ من تعليقات الصحف الأمريكية أن هذه الوثيقة كُشفت سنة ١٨٩٩، وطُويت أخبارها حتى اطلع عليها الأستاذ ريتشارد هنيج Hennig سنة ١٩٤٠، وعكف على دراستها وتفسير كلماتها، ولكنه لم يستطع أن يعرف معانيها بلغتها المنسية، ولعلها ترجع إلى ما قبل الميلاد بعدة قرون؛ لأن حروفها تشبه حروف الأبجدية التي سبقت تطور الأبجدية السريانية بأجيال كثيرة.

والجديد في المسألة أن الكشف الذي تدل عليه تلك الوثيقة سابق لعصر الميلاد، وهذا هو وجه الغرابة فيه؛ إذ لا جديد في أخبار الكشف التي رويت عن القرن الخامس أو عن القرن العاشر أو عن القرن الثالث عشر بعد الميلاد، ولا عن أخبار الكشف التي رُويت في تلك العصور عن رواد أيرلندة وأيسلاندة وعن شواطئ القارة الأوربية في الشمال على الخصوص.

وليس بالجديد من أخبار هذه الكشوف أن العرب قد اشتركوا فيها كما جاء في كتاب مروج الذهب للمسعودي، وفي كتاب نزهة المشتاق للإدريسي، وهو الذي يروي عن أولئك الملاحين — الذين سماهم بالمغررين — أنهم وصلوا إلى جزيرة في بحر الظلمات، سماها جزيرة الغنم، ولقيهم فيها من يكلمهم باللغة العربية.

ومن الأدلة على سبق الكشافين من أفريقيا إلى النزول بأمريكا الجنوبية، أن كولمبس عاد منها بذهب مخلوط بالنحاس على النحو الذي يخلطونه به في «غانة».

١  الأخبار: ٧ / ١٢ / ١٩٥٩ وانظر [اكتشاف العرب لأمريكا قبل كولمبس].

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤