على صخرة سيدي بشر وحي بير مسعود

(الخطاب موجَّه إلى البحر في هذا المصيف الشهير برمل الإسكندرية.)

هيمانُ مثلك يا صديق الشاعرِ
أنظر تلهُّف ناظريَّ وخاطري!
أنا من علمت محبةً وتفانيًا
في كل معنى من نشيدك ساحر
أصغي إليه ولا أملُّ كأنما
أصغي إلى لحن الخلود العامر
عزفت به الأرباب من عليائها
قبل الوجود فكان روح الشاعر
نتقاسم الأحلام ملء خيالنا
ونبادل الإحساس بين مشاعر
وتظل تشجيني بموجك راويًا
قصص الحياة لساكن ولعابر
ألتذُ بالصوت الرخيم وإن يكن
ذاك الرتيب كرجع حلم غابر
لغة الجمال طلاقة بل ثورةً
والفنُّ يُعبَد في الجمال الثائر
هل كان قربي منك غير عبادة
أو كان صوتك غير صوت مقادر
أو لا، ففيم تأملي وتفهمي
نجواك وهي عميقة بسرائري؟
وعلام أصحب كل موجٍ واثبٍ
وأعدُّ ذرات الندى المتناثر؟
وعلام أشغف بالصخور روانيًا
وكأنَّها قامت عروش قياصر؟
وكأنها عبدتك مثلي حرةً
فتألهت بمظاهر وضمائر
قد جئت سباق الربيع وطالما
أنشقت منك هوى الربيع الناضر
وضممتني بأشعة فرحانة
مثلي كأنك بالأشعة آسري
حتى تناسيت الربيع وزهره
وقطفت من معناك حلو أزاهري
ونسيت عندك للصلاة خشوعها
لما رأيتك في ابتسامة ساخر
وجعلت من صور الصلاة دعابتي
لك غير مكترث وغير محاذر
حتى تُشاركنا الرمال وتنتشي
هذي الصخورُ فنرتقي بالخاطر
متصوفين كأننا لم نفترق
يومًا ولسنا من غريب عناصر!
١٩٤٢

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤