الفصل السادس

الأسطورة وعلم النفس

هناك نظريات عديدة في كل مجال معرفي ساهمت في دراسة الأسطورة. ففي علم النفس، هيمنت نظريتان على المجال هيمنة شبه كاملة: نظرية الطبيب النمساوي سيجموند فرويد (١٨٥٦–١٩٣٩) ونظرية الطبيب النفسي السويسري سي جي يونج (١٨٧٥–١٩٦١).

سيجموند فرويد

بينما يحلل فرويد الأسطورة عبر كتاباته، تقع مناقشته الأساسية لخرافته الرئيسة، أسطورة أوديب، في كتاب «تفسير الأحلام» على نحو لائق؛ إذ إن فرويد، وكذلك يونج، يوازيان بين الأساطير والأحلام:

إذا كانت مسرحية «أوديب ملكًا» تثير مشاعر الجمهور الحداثي بصورة لا تقل عن إثارة مشاعر الجمهور اليوناني المعاصر، فإن تفسير ذلك الوحيد هو أن الأثر الذي تحققه لا يكمن في التناقض بين القدر والإرادة [الحرة] للإنسان، بل يجب البحث عنه في الطبيعة الخاصة للمادة التي تعد مثالًا لهذا التناقض. ولا بد أن ثمة شيئًا [كامنًا] يجعل صوتًا بداخلنا مستعدًا للنطق بإدراك القوة الإجبارية للقدر في مسرحية «أوديب ملكًا» … ويثير مصيره [أوديب] مشاعرنا لأنه كان من الممكن أن يكون مصيرنا نحن؛ لأن الوحي الإلهي أنزل علينا قبل ميلادنا اللعنة نفسها التي أنزلها على أوديب … وتقنعنا أحلامنا بأن الأمر كذلك. ويبين لنا الملك أوديب، الذي ذبح أباه لايوس وتزوج أمه يوكاسته، تحقق رغباتنا الطفولية. في المقابل، فإننا، بحظ أكبر من حظه، نجحنا في الفصل بين رغباتنا الجنسية وبين أمهاتنا، وفي نسيان غيرتنا من آبائنا، قدر استطاعتنا عدم الانزلاق نحو الإصابة بالاضطرابات الانفعالية.

(فرويد، «تفسير الأحلام» المجلد الرابع، ص٢٦٢-٢٦٣)
fig10
شكل ٦-١: سيجموند فرويد.1

على المستوى السطحي أو الظاهري، تروي قصة أوديب جهوده العبثية في الفكاك من مصيره الذي فُرض عليه. في المقابل، على المستوى الأعمق، يريد أوديب أن يفعل ما لا يريد أن يفعله من الناحية الظاهرية. فهو يريد أن يمثِّل «عقدة أوديب». وبذلك، فإن المستوى الظاهري أو الحرفي للأسطورة يخفي المعنى الكامن الرمزي. وعلى المستوى الظاهري، يعتبر أوديب الضحية البريئة للقدر، بينما على المستوى الأعمق الكامن يعتبر مذنبًا. وإذا جرى فهم الأسطورة بصورة صحيحة، فإنها لا تصوِّر فشل أوديب في التغلب على قدره المحتوم، بل في نجاحه في تحقيق أمتع رغباته.

في المقابل، لا يتوقف المعنى الكامن عند هذا الحد، فلا تقتصر الأسطورة على أوديب على الإطلاق. وكما أن المستوى الظاهري، الذي يعتبر أوديب فيه ضحية، يخفي مستوًى كامنًا يعتبر فيه أوديب جانيًا؛ فإن هذا المستوى بدوره يخفي مستوًى أكثر كمونًا، يعتبر الجاني الحقيقي فيه هو صانع الأسطورة، وأي قارئ تأسره الأسطورة. فتدور الأسطورة هنا حول تحقق عقدة أوديب في القارئ أو صانع الأسطورة من الذكور، وهو الذي يتماهى مع أوديب ومن خلاله يحقق عقدته هو. وفي جوهرها، لا تعتبر الأسطورة سيرة بل سيرة ذاتية.

في أي شخص تكمن عقدة أوديب؟ إلى حد ما تكمن في جميع الذكور البالغين، الذين لم ينضج أي منهم تمامًا بحيث يتغلب على رغباته التي أُثيرت لأول مرة في الطفولة. ولكن لا تزال هذه العقدة كامنة في الذكور البالغين المضطربين انفعاليًّا الذين لا يزالون عالقين في مرحلتهم الأوديبية. ولأسباب عديدة، لا يستطيع هؤلاء إشباع رغباتهم بصورة مباشرة. فربما لم يعد آباؤهم أحياء، أو إذا كانوا أحياءً صاروا لا يعدون مصدر تهديد أو جاذبية كما كانوا. إضافة إلى ذلك، لم يكن أكثر الآباء تدليلًا ليوافقوا لأبنائهم على إشباع رغباتهم. وعلى الأرجح سيجري الإمساك بأي ابن ينجح في ذلك ومعاقبته. فضلًا عن ذلك، سيكون الذنب الذي سيشعر به الابن لقتله الأب الذي يحبه قدر ما يكرهه، ولفرض نفسه على أم تقاومه؛ هائلًا. غير أن العقبة الكبرى في تمثيل العقدة هي مسألة أعمق من ذلك بكثير، وهي ألا يعرف المرء أن لديه عقدة في المقام الأول، لأنها قُمعَت.

في ظل هذه الظروف، توفر الأسطورة النموذج الأمثل لإشباع الرغبات. وبينما تخفي الطبقات الخارجية للأسطورة معناها الحقيقي ومن ثم تحول دون الإشباع، تكشف هذه الطبقات في الوقت نفسه عن ذلك المعنى الحقيقي ومن ثم توفر الإشباع. على أية حال، حتى على المستوى الحرفي، يقتل أوديب أباه ويضاجع أمه، ويفعل ذلك عن غير قصد. فإذا كان أوديب هو الذي يفعل ذلك عن عمد في المستوى التالي — وليس صانع الأسطورة أو القارئ — فإن الفعل سيكون متعمدًا. ويكشف المستوى الأعلى إذن، على الرغم من إخفائه المعنى الحقيقي جزئيًّا، عن المعنى في المستوى الأدنى. ويكمن المعنى الحقيقي دومًا في المستوى الأدنى، إلا أنه لا يصل إلا من خلال المستوى الأعلى. ومن خلال توحدهم مع أوديب، يحقق الذكور البالغون المضطربون انفعاليًّا إشباعًا جزئيًّا لرغباتهم الأوديبية المصاحبة لهم منذ وقت طويل دون وعي منهم بوجودها. تمثِّل الأسطورة إذن حلًّا وسطًا بين جانب النفس الذي يريد إشباع الرغبات بالكامل، والجانب الآخر الذي لا يريد أن يعرف أن هذه الرغبات موجودة. وبالنسبة إلى فرويد، تؤدي الأسطورة وظيفتها «من خلال» معناها. فتنفِّس الأسطورة عن الرغبات الأوديبية من خلال عرض قصة يجري تمثيل هذه الرغبات فيها رمزيًّا.

من خلال هذه الطرق جميعًا، تقابل الأسطورة الأحلام التي — مثل العلم في رأي تايلور وفريزر — تقدِّم نموذجًا يحلل به فرويد ويونج الأساطير. وبالتأكيد، هناك فوارق بين الأساطير والأحلام: فبينما تعتبر الأحلام خاصة، فإن الأساطير عامة؛ وبينما تقتصر الأساطير بالنسبة إلى فرويد على الأشخاص المضطربين انفعاليًّا، فإن الأحلام شاملة للجميع. في المقابل، تعتبر أوجه الشبه بين الأساطير والأحلام من منظور فرويد ويونج أكثر أهمية.

أوتو رانك

توجد التحليلات الفرويدية الكلاسيكية للأسطورة في كتاب كارل أبراهام «الأحلام والأساطير» وكتاب أوتو رانك «أسطورة ميلاد البطل». وينهج أبراهام ورانك نهج الأستاذ (فرويد) في مقارنة الأساطير بالأحلام — مثلما يشير عنوان كتاب أبراهام — وفي اعتبار أن الإشباع الخفي الرمزي للرغبات الأوديبية المكبوتة والمسيطرة على النفس شعورٌ مصاحب لصانع الأسطورة أو القارئ البالغ منذ وقت طويل. في المقابل، يدرس رانك أساطير أكثر ويحللها بمزيد من التفصيل، ويقدِّم حبكة مشتركة، أو نمطًا لفئة واحدة من الأساطير؛ ألا وهي فئة أساطير الأبطال، خاصةً أساطير الأبطال الذكور. ويحلل أتباع فرويد جميع أنواع الأساطير ولا يكتفون بتحليل أساطير الأبطال فقط. ولكن يحوِّل أتباع فرويد الأنواع الأخرى للأساطير إلى أساطير أبطال. ويحوِّل رانك نفسه الميلاد والبقاء إلى إنجازات بطولية. وقد جرى النظر إلى أساطير الخلق باعتبارها أساطير يتحقق فيها إنجاز ولادة العالم من خلال الذكور والإناث على حد سواء.

بالنسبة إلى رانك، الذي ينهج نهج فرويد، تتعامل البطولة مع ما يطلق عليه يونج «النصف الأول للحياة». ويتضمن هذا النصف الأول من الحياة — أي الميلاد، الطفولة، المراهقة، والرجولة المبكرة — ترسيخ المرء لنفسه كشخصية مستقلة في العالم الخارجي. ويتجلى تحقيق الاستقلال بصورة واضحة في الحصول على وظيفة عمل وشريك حياة. ويتطلب الحصول على أي من ذلك الانفصال عن الوالدين والتحكم في الغرائز. ولا يشير الاستقلال عن الوالدين إلى رفضهما بل إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي. بالمثل، لا يشير التحكم في الغرائز إلى إنكارها بل إلى السيطرة عليها. وعندما قال فرويد إن معيار السعادة يتمثل في القدرة على العمل والحب، فإنه يشير بجلاء إلى غايات النصف الأول من الحياة، الذي يستمر إلى الأبد من وجهة نظره. وتتضمن المشاكل الفرويدية التعلق بأي من الأبوين أو بالغرائز. ويعتبر المرء عالقًا في مستوى طفولي للتطور النفسي عندما لا يزال معتمدًا على أبويه لإشباع غرائزه أو لإشباع غرائزه بطرق تنافي العرف الاجتماعي.

نمط رانك لأسطورة البطل، من كتاب «أسطورة ميلاد البطل»

ربما تُصاغ القصة البطولية النموذجية نفسها وفق الملخص التالي: البطل هو ابن لأبوين عظيمين، عادةً ابن ملك. يسبق مجيئه إلى الحياة صعوبات، مثل كبح الشهوة، أو الحرمان الجنسي لفترة طويلة، أو الاتصال الجنسي السري بين الوالدين لموانع أو عقبات خارجية. وخلال فترة الحمل أو قبلها، تظهر نبوءة — في صورة حلم أو أمر إلهي — تحذر من ميلاد الطفل، وعادةً ما ينطوي التحذير على مخاطر تهدد الأب (أو من يمثله). وكقاعدة، يجري التخلص من الطفل بإلقائه في المياه أو في صندوق. فينقذ الطفل بعد ذلك حيوانات، أو أشخاص متواضعو الحال (رعاة)، ويرضع الطفل من ثدي أنثى حيوان أو امرأة بسيطة. وبعد أن يكبر، يعثر البطل على والديه العظيمين، بطرق متباينة. فيأخذ البطل ثأره من أبيه، من جانب، ويُعترف به من جانب آخر. وأخيرًا، يحقق البطل مكانةً وأمجادًا.

يقع نمط رانك، الذي يطِّبقه على أكثر من ثلاثين أسطورة عن الأبطال، في النصف الأول من الحياة. وفيما يشبه بالكاد نمط يوهان جورج فون هان، الذي جرى الإشارة إليه في الفصل الخامس وهو النمط الذي لم يدرِ به رانك على ما يبدو، ينتقل رانك من مرحلة ميلاد البطل إلى الحصول على «وظيفة».

حرفيًّا، أو عن وعي، يعتبر البطل شخصية تاريخية أو أسطورية مثل أوديب. ويعتبر البطل بطلًا نظرًا لأنه يصعد من العدم إلى العرش. وحرفيًّا، يعتبر البطل ضحية بريئة لأبويه أو للقدر. وعلى الرغم من أن والديه كانا يرغبان في طفل ثم قررا التضحية به فقط لإنقاذ الأب، فإنهما يقرران فعليًّا التضحية به. إذن فانتقام البطل متوقع في ظل هذه الظروف، إذا كان قتل الأب يحدث عن وعي. فمن لن يفكر في قتل شخص يريد قتله؟

ورمزيًّا، أو بصورة غير واعية، يعتبر البطل بطلًا ليس لأنه يجرؤ على الفوز بالعرش بل لأنه يجرؤ على قتل أبيه. وبطبيعة الحال، القتل هنا متعمد، ولا يرجع السبب في ذلك إلى الأخذ بالثأر بل إلى الإحباط الجنسي؛ إذ رفض الأب أن يُسلم زوجته لابنه، وهذا هو الهدف الحقيقي لمساعي الابن:

وكقاعدة، يرجع السبب الأعمق غير الواعي بصورة عامة في كره الابن للأب، أو شقيقين بعضهما لبعض، إلى التنافس على الإخلاص في الرعاية وحب الأم.

(رانك، «أسطورة ميلاد البطل»، ص٦٦)
ولأنه أفظع من أن يتم مواجهته، يُخفى المعنى الحقيقي لأسطورة البطل من خلال قصة مصطنعة تجعل من الأب، وليس الابن، مذنبًا. ويتمثل النمط ببساطة في:

التماس العذر، فيما يبدو، للمشاعر العدوانية التي يكنها الطفل لأبيه، والتي في هذه الأسطورة توجه ضد الأب.

(رانك، «أسطورة ميلاد البطل»، ص٦٣)

إنَّ ما يسعى البطل إليه يصاغ في صورة نزاع على السلطة، وليس في زنا محارم. الأدهى من ذلك، يصير البطل — البطل المحدد في الأسطورة — طرفًا ثالثًا؛ وليس صانع الأسطورة أو أي شخص يتأثر بها. وبالتوحد مع هذ البطل المحدد، يحتفي صانع الأسطورة أو القارئ بانتصار البطل احتفاءً غير مباشر، فيما يعبر عن احتفائه هو نفسه في حقيقة الأمر. وبذلك يشير الضمير «هو» إلى البطل الحقيقي للأسطورة.

وحرفيًّا، تصل الأسطورة إلى نقطة الذروة عند اعتلاء البطل العرش. ورمزيًّا، يحصل البطل على رفيقة أيضًا. وربما يستخلص المرء إذن أن الأسطورة تعبِّر بذكاء عن الهدف الفرويدي للنصف الأول من الحياة. وفي واقع الأمر، تعبِّر الأسطورة عن العكس تمامًا. فلا تتمثل الرغبة المُشبعة في انفصال المرء عن والديه وعن غرائزه الخارجة عن العرف الاجتماعي بل، على العكس، في أكثر العلاقات حميمية مع والدَي المرء وفي أكثر الغرائز خروجًا على العرف الاجتماعي: قتل الأب وزنا المحارم، إن لم يكن الاغتصاب. ولا يشير استيلاء المرء على وظيفة الأب والانقضاض على أمه إلى الاستقلال التام عنهما.

وبينما يكون صانع الأسطورة أو القارئ إنسانًا بالغًا، فإن الرغبة التي جرى التنفيس عنها بالأسطورة لا تكشف إلا عن طفل لا يتجاوز عمره ثلاث أو خمس سنوات:

يصنع البالغون الأساطير، إذن، من خلال التقهقر إلى خيالات الطفولة، ويُعزى للبطل الفضل بسبب التاريخ الطفولي الشخصي لصانع الأسطورة.

(رانك، «أسطورة ميلاد البطل»، ص٧١)
ويكمن الخيال في إشباع الرغبة الأوديبية لقتل والد المرء بغرض الوصول إلى والدته. فتُشبع الأسطورة رغبة لا يتجاوزها أبدًا البالغ الذي يخترعها أو يستخدمها. ويعتبر ذلك البالغ طفلًا أبديًّا من الناحية النفسية. وفي ظل عدم تطور أنا قوية تتحكم في غرائزه، يعتبر هذا البالغ مضطربًا انفعاليًّا:

هناك فئة محددة من الأشخاص، الذين يُطلق عليهم المضطربون انفعاليًّا، أظهروا من خلال تحليلات فرويد بقاءهم أطفالًا، إلى حد ما، وإن بدوا ناضجين.

(رانك، «أسطورة ميلاد البطل»، ص٥٨)

بما أن الطفل لا يستطيع التغلب على أبيه، يتخيَّل صانع الأسطورة نضجه بما يكفل له القيام بذلك. باختصار، لا تعبِّر الأسطورة عن الهدف الفرويدي للنصف الأول من الحياة، بل عن هدف الطفولة المستدام الذي يمنع المرء من تحقيقه.

ومن غير ريب، إن إشباع الرغبة الأوديبية رمزي أكثر منه حرفيًّا، مستتر أكثر منه علنيَّا، غير واع أكثر منه واعًا، عقلي أكثر منه بدنيًّا، وغير مباشر أكثر منه مباشرًا. ومن خلال التوحد مع البطل المحدد، يمثِّل صانع الأسطورة أو قارئها في عقله أفعالًا لا يجرؤ على القيام بها في العالم الواقعي. حتى إن الأفعال الأوديبية للبطل «المحدد» تُعد مستترة؛ إذ إن النمط البطولي يعمل على المستوى الظاهر أو بالقرب منه، وليس على المستوى المستتر. في المقابل، تحقق الأسطورة إشباعًا ما، بل تحقق أفضل إشباع ممكن في ضوء الصراع بين دوافع وأخلاقيات الشخص المضطرب انفعاليًّا. ويقارن رانك بين هذا الشخص المضطرب انفعاليًّا، الذي قمع دوافعه ومن ثم يحتاج إلى التنفيس عنها بصورة غير مباشرة، وبين «الشخص المنحرف جنسيًّا»، الذي يحقق دوافعه ومن ثم لا يحتاج على الأرجح إلى وسيلة وسيطة مثل الأسطورة لإشباع رغباته.

جاكوب أرلو

تغير الاتجاه السائد في التحليل النفسي كثيرًا منذ ظهور كتاب رانك «أسطورة ميلاد البطل». ويرى المحللون النفسيون المعاصرون مثل الأمريكي جاكوب أرلو (١٩١٢–٢٠٠٤) أن الأسطورة تسهم في التطور الطبيعي للأشخاص، وليس في ترسيخ الاضطراب الانفعالي، وقد أرشدهم في هذه الرؤية تطور علم نفس الأنا، الذي وسَّع نطاق التحليل النفسي من الشخصية غير الطبيعية إلى الشخصية الطبيعية. وفي رأي هؤلاء، تساعد الأسطورة على النضج بدلًا من البقاء طفلًا، كما هي حال بيتر بان. وتحث الأسطورة على التكيف مع العالمين الاجتماعي والمادي بدلًا من الهروب الطفولي منهما. وبينما لا تزال الأسطورة تعمل على إشباع رغبات الهُو (ذلك الجزء من العقل الذي تنشأ منه الدوافع الغريزية)، فإنها تؤدي بصورة أكبر وظائف الأنا؛ الدفاع والتكيف، والأنا العليا؛ نكران الذات. إضافة إلى ذلك، تفيد الأسطورة الجميع من منظور أتباع فرويد المعاصرين، ولا تقتصر فقط على المضطربين انفعاليًّا. وباختصار، ينظر أولئك إلى الأسطورة بصورة إيجابية بدلًا من النظر إليها بصورة سلبية مثل أتباع فرويد الكلاسيكيين. ونقلًا عن أرلو:

يسهم التحليل النفسي إسهامًا أكبر في مجال دراسة الميثولوجيا من [مجرد] إظهار الرغبات، من خلال الأساطير، التي تدور في تفكير المرضى اللاواعي. وتعتبر الأسطورة نوعًا خاصًّا من الخبرة الجماعية، فتمثل شكلًا خاصًّا من أشكال الخيال المشترك، كما تعمل على جذب الفرد لإقامة علاقات مع أعضاء جماعته الثقافية بناءً على حاجات مشتركة بعينها. ومن ثم، يمكن دراسة الأسطورة من وجهة نظر وظيفتها في تحقيق التكامل النفسي، فيما يتعلق بكيفية أداء دورها في إبعاد مشاعر الذنب والقلق، وكيف تمثل وسيلة للتكيف مع الواقع ومع الجماعة التي يعيش الفرد بين أفرادها، وكيف تؤثر في تبلور الهوية الفردية وتشكيل الأنا العليا.

(أرلو، «علم نفس الأنا ودراسة الميثولوجيا»، ص٣٧٥)

وبينما تشبه الأساطير الأحلام في رأي أتباع فرويد الكلاسيكيين، فإنها لا تشبه الأحلام من منظور أتباعه المعاصرين. وفيما لا تزال الأحلام تعمل على إشباع الرغبات، فإن الأسطورة تعمل على إنكار الرغبات أو التسامي بها. ويرى أتباع فرويد الكلاسيكيون أن الأساطير تُعد أحلامًا عامة، غير أنها في منظور أتباعه المعاصرين تعمل على التآلف مع الآخرين «نظرًا لأنها» عامة.

برونو بتلهايم

في كتابه الأكثر مبيعًا، «استخدامات السحر»، يتفق المحلل الفرويدي المعروف برونو بتلهايم (١٩٠٣–١٩٩٠)، نمساوي المولد وأمريكي الإقامة، مع أرلو في كثير من أطروحاته، بيد أن كتابه يدور حول الحكايات الخرافية «وليس» حول الأساطير، التي يضعها في مقابل الحكايات الخرافية بطريقة مثيرة ويفسرها بطريقة فرويدية كلاسيكية. ويميل أتباع فرويد الكلاسيكيون إلى النظر إلى الأساطير والحكايات الخرافية باعتبارها متشابهة، مثلما يعتبرون الأساطير والأحلام متشابهة. وبينما يضع أتباع فرويد المعاصرون الأساطير في مقابل الحكايات الخرافية، فإنهم يفضلون الأساطير عنها، حيث يرون أن الأساطير تخدم الأنا أو الأنا العليا، بينما تخدم الحكايات الخرافية الهُو. (ولا يُستثنى من أتباع فرويد الكلاسيكيين في تشبيه الأساطير بالحكايات الخرافية إلا عالم الأنثروبولوجيا المجري جيزا روهيم [١٨٩١–١٩٥٣]، الذي يضع الأساطير في مقابل الحكايات الخرافية، أو الحكايات الشعبية، بطريقة تنبئ عن أسلوب أرلو في مقاربته لاحقًا.)

يفعل بتلهايم عكس ما يفعله أرلو تمامًا. فمما لا شك فيه أنه لا يعتبر الأساطير إشباعًا للرغبات، غير أنه يكرر أطروحات أرلو، فيرى أن:

الأساطير عادةً ما تقحم متطلبات الأنا العليا في صراع مع الأفعال التي يحركها جزء الهُو، ومع رغبات الأنا لحفظ النفس.

(بتلهايم، «استخدامات السحر»، ص٣٧)

في المقابل، يرى بتلهايم، على خلاف أرلو، أن الأنا العليا الخرافية لا تتسم بأية مرونة، حتى إنها تجعل عملية النضج التي تتبناها مستحيلة التحقيق. وبينما تدعو الحكايات الخرافية — شأنها شأن الأساطير — إلى تحقيق النضج، فإنها تفعل ذلك بصورة أكثر رفقًا؛ ومن ثم تنجح فيما تفشل فيه الأساطير. ففي الأساطير، ينجح الأبطال، الذين هم عادةً آلهة؛ لأنهم استثنائيون. أما في الحكايات الخرافية، يعتبر الأبطال أشخاصًا عاديين يُلهم نجاحهم الآخرين لتقليدهم. باختصار، بينما ينتهي المطاف بالأساطير في رأي بتلهايم بعرقلة النمو النفسي، تدعم الحكايات الخرافية النمو النفسي.

آلان دندس

لم يرفض جميع أتباع فرويد المعاصرين الأسلوب الكلاسيكي في تناول الأسطورة؛ إذ اتبع عالم التراث الشعبي الأمريكي البارز آلان دندس (الذي وُلد عام ١٩٣٤) النمط القديم بجرأة وتحدٍّ. ففي رأيه، تشبع الأسطورة الرغبات المكبوتة بدلًا من إنكارها أو التسامي بها. فيكتب:

يعتبر محتوى التراث الشعبي … غير واعٍ إلى درجة كبيرة؛ بناءً عليه، فإنه يمثل الهُو، وليس الأنا، في الغالب الأعم. ومن هذا المنظور، لا يستطيع علم نفس الأنا أن يلقي الضوء على معظم محتوى التراث الشعبي.

(دندس، «الدراسة النقدية للعادات»، صxii)

يستمتع دندس بالكشف عن الرغبات الخفية المخالفة للأعراف الاجتماعية التي تنفس عنها الأساطير؛ وهي رغبات تتضمن ممارسة الجنس الشرجي، والعلاقات الأوديبية، والعلاقات السوية، والعلاقات المثلية، وفي بعض الأوقات تشمل الرغبات موضوعات غير جنسية على الإطلاق.

رانك منفصلًا عن فرويد

بينما كان فرويد مستعدًّا للتسليم بأن «فعل الميلاد يمثل التجربة الأولى للقلق، ومن ثم فهو مصدر ونموذج الشعور بالقلق»، فإنه لم يكن مستعدًّا على الإطلاق لجعل الميلاد المصدر الرئيس، ناهيك عن الوحيد، للقلق والاضطراب الانفعالي. ورفض أيضًا أن يصنف عقدة أوديب، التي تتمحور حول الأب، تحت صدمة الميلاد، والتي تتمحور بالضرورة حول الأم. أما بالنسبة إلى رانك، الذي اختلف مع فرويد حول هذا الموضوع، يعتبر شعور القلق لدى الرضيع عند الميلاد مصدر جميع أنواع القلق اللاحقة. فيصبح الصراع مع الأب نتيجةً لأن الأب يمنع شوق الطفل للعودة إلى رحم الأم، وليس لأن الأب يمنع الابن من إشباع رغبة مضاجعة الأم. فيحل الخوف من الأب محل الخوف من الأم التي تزيد من عذاب ابنها بتخليها عنه وليس بحرمانه منها جنسيًّا؛ ولذا تعتبر الرغبة الجنسية تجاه الأم وسيلة للعودة إلى الرحم، لا وسيلة لإشباع رغبة أوديبية.

يدلل كتاب رانك «أسطورة ميلاد البطل» على الفجوة بين طرحه اللاحق، بعد انفصاله عن فرويد، والذي يركِّز على ميلاد البطل، وبين طرحه الأصلي الفرويدي الذي يركِّز على أفعال البطل. فبينما يشير عنوان الكتاب إلى ميلاد البطل فقط بصورة لا لبس فيها، فإن نمط الأسطورة يصنف عملية الميلاد تحت أفعال البطل: فلا تعتبر عملية الميلاد حاسمة نظرًا لانفصال البطل عن أمه، بل نظرًا لمحاولة الآباء منع الآثار المترتبة على نبوءة قتل الأب عند الميلاد. ويشير رانك أنه على الرغم من أن ميلاد البطل يشكِّل من ثم تحديًا للأبوين، فإن الأبوين أنفسهما هما من يعارض ميلاد الابن، وليس الابن هو الذي يقاوم ميلاده.

يأتي التحول الحقيقي في تناول رانك لهذا الموضوع في كتاب «صدمة الميلاد»، الذي يفسِّر فيه بصورة منهجية جميع مراحل الحياة البشرية بحيث تتلاءم مع صدمة الميلاد. ويستمر رانك في اعتبار الأسطورة إشباعًا للرغبة، إلا أن الرغبة المُشبعة الآن هي الرجوع عن الميلاد أو خلق رحم ثانٍ، كما هي الحال في باقي جوانب الثقافة. فبينما يعتبر الأب مذنبًا في كتاب «أسطورة ميلاد البطل» نظرًا «لمعارضته» عملية الميلاد، تعتبر الأم هي الطرف المذنب في كتاب «صدمة الميلاد» نظرًا «لوضعها» طفلًا. ولا يمثل غض أوديب بصره عن أفعاله الأوديبية عند اكتشاف ارتكابه زنا المحارم ذنبًا ارتكبه بل يمثل:

عودة إلى ظلام رحم أمه، وتارةً أخرى يعبر اختفاؤه النهائي من خلال صخرة مشقوقة نقلته إلى العالم السفلي عن الرغبة نفسها في العودة إلى الأرض الأم.

(رانك، «صدمة الميلاد»، ص٤٣)

بالتأكيد، ستعتبر أسطورة أدونيس هنا حالة قبل أوديبية — وليس أوديبية — عن الارتباط بالأم، بل الأدهى من ذلك أنه حتى لا يدرك أنه قد وُلد ودُفع به إلى العالم. إذ يفترض أدونيس أنه لا يزال يعيش في عالم يشبه الرحم، ويدلل موته — وليس ميلاده — على هلاكه، ولا يقدم له أية وسيلة للعودة إلى الرحم.

سي جي يونج

بينما تقتصر البطولة في رأي فرويد ورانك على النصف الأول من الحياة، فإنها تنطوي أكثر من منظور سي جي يونج على النصف الثاني من الحياة. فكل من فرويد ورانك يريان أن البطولة تنطوي على العلاقات مع الآباء والغرائز، غير أن يونج يعتبر أنها تنطوي على العلاقات مع اللاوعي. وفي النصف الأول من الحياة، لا تشير البطولة إلى الانفصال عن الآباء والغرائز المنافية للعرف الاجتماعي فحسب، بل تشير أكثر إلى الانفصال عن اللاوعي. ويرى يونج أن نجاح أي طفل في صياغة وعي هو إنجاز بطولي خارق. ومثل أتباع فرويد، يحلل أتباع يونج جميع أنواع الأساطير جملة واحدة، وليس أساطير الأبطال فقط، كما يفسرون الأنواع الأخرى من وجهة نظر بطولية. على سبيل المثال، ترمز أساطير الخلق إلى خلق الوعي من اللاوعي.

وفي رأي فرويد، اللاوعي هو نتاج قمع الغرائز، غير أن يونج يرى أنه يُورث ولا يُخلق، ويشمل أشياء أخرى أكثر بكثير من الغرائز المقموعة. ويشير استقلال اللاوعي في رأي أتباع يونج إذن إلى ما هو أكثر من استقلال الغرائز؛ فيشير إلى تشكيل الوعي، الذي يتمثل موضوعه في النصف الأول من الحياة في العالم الخارجي.

fig11
شكل ٦-٢: سي جي يونج.2

وفي رأي يونج وأتباعه، يتمثل هدف النصف الثاني المميز في الوعي أيضًا، إلا أن هذا الوعي هو وعي باللاوعي كما يراه يونج وأتباعه وليس وعيًا بالعالم الخارجي. فعلى المرء العودة إلى اللاوعي الذي تنقطع صلته به دومًا. في المقابل، لا يتمثل الهدف في قطع المرء صلاته بالعالم الخارجي بل في العودة إلى العالم الخارجي. والحل الأمثل لذلك هو تحقيق التوازن بين الوعي بالعالم الخارجي والوعي باللاوعي. وبذلك يكون الهدف في النصف الثاني من الحياة هو استكمال إنجازات النصف الأول وليس التخلي عنها.

ومثلما تتضمن مشكلات نظرية فرويد الكلاسيكية الفشل في ترسيخ المرء خارجيًّا، تتضمن مشكلات نظرية يونج على نحو خاص الفشل في إعادة ترسيخ المرء داخليًّا. وتنبثق المشكلات الفرويدية من الارتباط الزائد بعالم الطفولة، بينما تنبثق مشكلات نظرية يونج من الارتباط الزائد بالعالم الذي يلجه المرء عند تحرره من عالم الطفولة؛ أي العالم الخارجي. ويعني الانفصال عن العالم الداخلي الشعور بالخواء والفقدان.

جوزيف كامبل

يسمح يونج نفسه بتحقيق البطولة في نصفَي الحياة، على عكس جوزيف كامبل الذي يُعتبر كتابه «البطل ذو الألف وجه» نظيرًا لكتاب رانك «أسطورة ميلاد البطل»، ولكن من منظور كلاسيكي خاص بيونج. ومثلما يحصر رانك البطولة في النصف الأول من الحياة، يحصرها كامبل في النصف الثاني.

نمط أسطورة البطل لكامبل، نقلًا عن «البطل ذو الألف وجه»

الممثلة في: «الانفصال–الابتداء–العودة»، والتي يمكن أن نطلق عليها اسم الوحدة النووية للأسطورة الأحادية.

يغامر البطل في انتقاله من عالم الحياة اليومية العادية إلى منطقة العجائب الخارقة: فيقابل قوى مدهشة ويحقق نصرًا مؤزرًا، ثم يعود من هذه المغامرة الغامضة مزودًا بالقوة اللازمة لإسباغ البركات على إخوانه.

يبدأ طرح رانك بميلاد البطل، ولكن يبدأ طرح كامبل بمغامرات البطل. فحيثما ينتهي طرح رانك، يبدأ طرح كامبل؛ عند استقرار البطل البالغ في موطنه. ويجب أن يكون بطل رانك صغيرًا في السن بما يكفي بحيث يظل أبوه وفي بعض الحالات جده يمارس صلاحيات الحكم. وبينما لا يحدد كامبل عمر بطله، فإنه يجب ألا يكون أصغر من بطل رانك عند انتهاء الأسطورة؛ أي سن الرجولة المبكرة. ويجب أن يعيش البطل في النصف الثاني من الحياة. غير أن كامبل يعترف بالبطولة في النصف الأول من الحياة بل ويستشهد بكتاب رانك «أسطورة ميلاد البطل»، بيد أنه ينزل بهذه البطولة الشابة إلى مجرد الاستعداد لتحقيق البطولة في عمر النضوج. وفي طرح معارض ليونج، يعتبر كامبل الميلاد نفسه فعلًا غير بطولي نظرًا لحدوثه بصورة غير واعية!

يجب أن يكون بطل رانك ابنًا لوالدين من العائلة المالكة أو على الأقل ينتميان إلى عائلة عالية الشأن، لكن يمكن أن ينتمي بطل كامبل إلى أية طبقة اجتماعية. ويورد كامبل ذكر البطلات قدر ذكره للأبطال، على الرغم من أن المرحلة الثانية من النمط الذي يطرحه — نمط الابتداء — تحتِّم أن يكون الأبطال ذكورًا! وبالمثل، يكون بعض أبطاله صغارًا في السن، على الرغم من أن النمط الذي يطرحه يتطلب أبطالًا بالغين! وأخيرًا، يقتصر نمط كامبل على الأبطال البشريين، على الرغم من أن بعض أبطاله من الآلهة! في المقابل، يسمح نمط رانك بوجود أبطال من الآلهة والبشر على حد سواء.

وبينما يعود بطل رانك إلى مسقط رأسه، يمضي بطل كامبل إلى عالم غريب وجديد، لم يزره من قبل قط ولم يدرِ بوجوده أبدًا:

لقد استدعى القدر البطل ونقل المركز الروحي لجاذبيته من داخل إطار مجتمعه الباهت إلى عالم مجهول. ويمكن تمثيل هذا العالم المصيري الذي ينطوي على ثروات ومخاطر على حد سواء بأكثر من طريقة: كأرض قصية، كغابة، كمملكة سفلية، تحت الأمواج، أو في السماء، كجزيرة سرية، كقمة جبل شامخة، أو كحالة حلم عميق.

(كامبل، «البطل ذو الألف وجه»، ص٥٨)

يمثل هذا العالم الاستثنائي عالم الآلهة، ويجب أن يأتي البطل من عالم البشر بحيث يكون في تضاد مع ذلك العالم.

في هذا العالم العجيب الخارق، يلتقي البطل بإلهة وإله عظيمين، وتكون الإلهة الأم محبة وراعية له:

فهي النموذج الأمثل للجمال، وأقصى إشباع لجميع الرغبات، والغاية النهائية المبهجة لأي بطل أرضي أو غير ذلك.

(كامبل، «البطل ذو الألف وجه»، ص١١٠-١١١)

على النقيض من هذه الإلهة، يكون الإله طاغية وعديم الرحمة، أو «غولًا». يضاجع البطل الإلهة ثم يتزوجها، ويحارب الإله، سواء قبل أو بعد مقابلته الإلهة. رغم ذلك، يتوحد البطل مع الإله والإلهة على حد سواء — وليس مع الإلهة فقط — توحدًا روحيًّا، ومن ثم يصبح هو نفسه إلهًا.

بينما «يعود» بطل رانك إلى دياره لمقابلة أبيه وأمه، «يغادر» بطل كامبل الديار لمقابلة الإله والإلهة، اللذين يعتبران بمنزلة أبيه وأمه وإن لم يكونا والديه. في المقابل، تتشابه مقابلة كل منهما بعضها مع بعض على نحو مميز؛ فمثلما يقتل بطل رانك أباه، ثم يتزوج أمه وهو ما يحدث خفيًّا، يتزوج بطل كامبل أيضًا الإلهة، وإن كان في ترتيب عكسي للأحداث، ثم يقاتل الإله، وإن لم يقتله.

ولكن لا تزال الفروق بين البطلين أكثر أهمية من ذلك. فنظرًا لأن الإلهة ليست أمًّا للبطل، لا تعتبر مضاجعته إياها زنا محارم. إضافة إلى ذلك، لا يقتصر الأمر على زواجهما بل إنهما يصيران كيانًا واحدًا روحيًّا. وعلى الرغم مما توحي به المظاهر، لا تعتبر علاقة البطل بالإله في رأي كامبل أقل إيجابية؛ إذ يسعى البطل إلى حب الإله مثل الحب الذي فاز به أو على وشك الفوز به من الإلهة. فهو يسعى إلى تحقيق المصالحة، أو «التكفير عن خطيئته».

عندما يكتب كامبل أن الأساطير المصاحبة لطقوس الابتداء «تفصح عن الجانب المعطاء الحميد في «النمط الأصلي» للأب»، فإنه يستخدم هذا المصطلح بمعناه وفقًا لرؤية يونج. وفي رأي أتباع فرويد، ترمز الآلهة إلى الآباء، بينما في رأي أتباع يونج يرمز الآباء إلى الآلهة، الذين بدورهم يرمزون إلى الأنماط الأصلية للأب والأم، والتي تمثل العناصر المكونة لشخصية البطل. ولا ترمز علاقة البطل بهذه الآلهة إلى علاقة ابن بأشخاص آخرين — أبويه — مثلما يذهب فرويد ورانك بل إلى جانب واحد من شخصية الذكر — أناه — أي إلى جانب آخر؛ لاوعيه. ولا يعتبر الأب والأم سوى نمطيين أصليين يتألف منهما اللاوعي اليونجي، أو «الجمعي». وتوجد الأنماط الأصلية في اللاوعي ليس نظرًا لكبتها بل لأنها لم توجد أبدًا في الوعي. وفي رأي يونج وكامبل، لا تنشأ الأسطورة وتؤدي وظائفها لإرضاء دوافع الاضطراب الانفعالي التي لا يمكن التعبير عنها صراحةً، مثلما يذهب فرويد ورانك، وإنما للتعبير عن الجوانب الطبيعية في الشخصية والتي لم تسنح لها الفرصة بعد للتحقق.

وبالتوحد مع بطل الأسطورة، يتخيَّل صانع الأسطورة أو القارئ من الذكور على نحو غير مباشر — في رأي رانك — القيام بمغامرة، إذا تحققت بصورة مباشرة، سيجري تمثيلها على أبويه أنفسهما. على النقيض، يتخيَّل صانع الأسطورة أو القارئ سواء من الذكور أو الإناث — في رأي كامبل — مغامرة ستظل تدور في عقله إذا تحققت بصورة مباشرة؛ إذ لا يتعامل البطل إلا مع أجزاء من العقل. وباستخدام لغة المواد المخدرة، تعتبر المغامرة البطولية في رأي كامبل بمنزلة «الانتشاء».

وبنجاحه في الإفلات من العالم الآمن اليومي والانطلاق إلى عالم خطر جديد، يجب على بطل كامبل، حتى يستكمل الرحلة، الإفلات من العالم الجديد الذي استقر فيه، ثم العودة إلى عالم الحياة اليومية. ويتميز العالم الجديد بالجاذبية الشديدة بحيث تصبح عملية الإفلات منه أكثر صعوبة من مغادرة الديار؛ بناءً عليه، كانت سيرسي وكاليبسو والسيرانات وآكلو اللوتس يغرون أوديب بحياة خالدة لا نصب فيها ولا تعب.

يعارض يونج شأنه شأن فرويد وجود حالة صرفة من اللاوعي، على الرغم من عدم فهم هذه الحالة فهمًا سليمًا. فكلاهما يسعى إلى تحويل اللاوعي إلى وعي؛ لذا يظل الوعي هو النموذج المثالي من منظورهما. ويعارض يونج رفض الوعي العادي، أو وعي الأنا، لصالح اللاوعي بنفس قوة معارضته لرفض اللاوعي لصالح وعي الأنا. ويسعى يونج إلى تحقيق التوازن بين حالتَي وعي الأنا واللاوعي، بين الوعي بالعالم الخارجي والوعي باللاوعي. وفي رأيه، يشير فشل البطل في العودة إلى عالم الحياة اليومية إلى الفشل في مقاومة إغراء اللاوعي.

على النقيض من يونج، يسعى كامبل إلى تحقيق حالة من اللاوعي الصرف. فلا يعود بطل كامبل إلى عالم الحياة اليومية أبدًا، مستسلمًا إلى حالة اللاوعي. إلا أن كامبل نفسه يشترط عودة بطله إلى عالم الحياة اليومية. كيف، إذن، يرفضه بطله؟ تتمثل الإجابة في أن العالم الذي يعود إليه بطل كامبل هو العالم الجديد الغريب، الذي يتضح أنه يتخلل كل شيء في عالم الحياة اليومية. فلا يوجد عالم منفصل للحياة اليومية؛ ويُعد هو والعالم الجديد عالمًا واحدًا:

يمكن تصوير العالمين، عالم الآلهة [الجديد] وعالم البشر [اليومي] على أنهما عالمان متمايزان بعضهما عن بعض، عالمان مختلفان كاختلاف الحياة والموت، كاختلاف النهار والليل … في المقابل، تعتبر المملكتان في حقيقة الأمر مملكة واحدة.

(كامبل، «البطل ذو الألف وجه»، ص٢١٧)

ومثل دوروثي في فيلم «ساحر أوز»، لم يكن يتوجب على البطل مغادرة الديار على الإطلاق. وبينما يسعى يونج إلى تحقيق التوازن بين وعي الأنا واللاوعي، يسعى كامبل إلى دمجهما. وبالمزج بين تفسير فلسفي لأساطير الأبطال وتفسير نفسي، يعتبر كامبل أن جميع أساطير الأبطال تنادي بتحقيق التوحد الروحي.

أدونيس

بينما يذكر يونج أدونيس ذكرًا عابرًا، فإنه يذكره كمثال على النمط الأصلي للطفل الأبدي، أو «الصبي الدائم». ويناقش يونج هذا النمط الأصلي أيضًا نقاشًا عابرًا، على الرغم من استفاضته عبر صفحات كثيرة في الحديث عن نمط أصلي وثيق الصلة به، هو نموذج الأم العظيمة. وكتبت ماري لويز فون فرانز، وهي أحد أقرب تلامذة يونج إليه، كتابًا عن نمط الصبي، وإن كانت قد تناولت حالات أخرى باستفاضة، بخلاف حالة أدونيس.

ومن وجهة نظر يونجية، لا تعمل أسطورة أدونيس على مجرد تقديم النمط الأصلي للصبي بل تقيِّمه أيضًا. وتؤدي الأسطورة أيضًا وظيفة تحذيرية إلى أولئك الذين يتوحدون مع النمط الأصلي. ويعني عيش المرء «صبيًّا»، مثلما يعيش أدونيس، أن يظل المرء طفلًا من الناحية النفسية وفي النهاية كجنين. وتنتهي حياة الصبي في الأسطورة دائمًا بالموت المبكر، وهو ما يعني من الناحية النفسية موت الأنا والعودة إلى حالة تشبه حالة اللاوعي في الرحم، وليس العودة إلى الرحم الحقيقي، مثلما يذهب رانك بعد تحرره من رؤية فرويد.

وكنمط أصلي، يشكِّل الصبي جانبًا من شخصية المرء التي، كجانب من الشخصية، لا بد من تقبلها. وتنتمي شخصية الصبي لإنسان يتجاوز كثيرًا من الحدود؛ فيجعل جانب الصبي يسيطر على سائر جوانب شخصيته. ويستسلم صاحب هذه الشخصية إلى هذا الجانب — جانب الصبي — غير قادر على مقاومة سحرها، ومن ثم يتخلى عن أناه وينكص إلى حالة من اللاوعي الصرفة.

يتمثل السبب في عدم قدرة الشخصية الصبيانية على مقاومة النمط الأصلي للصبي في بقائه واقعًا في أسر النمط الأصلي للأم العظيمة، التي تتوحد في البداية مع حالة اللاوعي ككل. وبعدم قدرته على تحرير نفسه من الأم العظيمة، لا يصيغ صاحب هذه الشخصية أنا قوية مستقلة، ودونها لا يستطيع مقاومة أية امرأة يصادفها تغمره بالاهتمام الخانق. ويشير استسلام صاحب الشخصية الصبيانية إلى النمط الأصلي للصبي إلى استسلامه إلى الأم العظيمة، التي يتوق إلى العودة إليها. فالصبي «يمضي في حياته معتمدًا على الأم وبمساعدتها فحسب، ولا يستطيع أن يرسخ لشخصيته، ومن ثم يجد نفسه في حالة دائمة من زنا المحارم». حتى إن يونج يطلق على صاحب هذه الشخصية مجرد «حلم للأم» التي في نهاية المطاف تجذبه إليها.

بيولوجيًّا، يتراوح عمر الصبي من المراهقة، وهي الفترة الأكثر إثارةً، إلى فترة منتصف العمر أو حتى العمر المتقدم. ونفسيًّا، يكون الصبي رضيعًا. وفيما يعتبر الشخص الواقع في قبضة عقدة أوديب في رأي فرويد شخصًا عالقًا من الناحية النفسية في عمر الثلاث إلى الخمس سنوات، يعتبر الصبي في رأي يونج عالقًا في فترة ولادته. وبينما تفترض عقدة أوديب افتراضًا مسبقًا وجود أنا مستقلة تسعى «أنويًّا» إلى الاستحواذ على الأم لنفسها، يشتمل نموذج الصبي على أنا واهية تسعى إلى الاستسلام إلى الأم. ولا يسعى الصبي إلى الهيمنة بل إلى المكوث في أحشائها، ومن ثم النكوص إلى مرحلة تسبق حتى مرحلة الولادة نفسها.

في رأي فرويد ورانك، أثناء تأثره بفرويد أو بعد تحرره من اتباع رؤيته على حد سواء، يشير الارتباط بالأم عند أية مرحلة إلى الارتباط بأم المرء الحقيقية أو أية أم بديلة. وفي رأي يونج، يشير الارتباط بالأم إلى الارتباط بالنمط الأصلي للأم، الذي تعتبر الأم الحقيقية أو البديلة فيه أحد تجلياتها فقط. وبينما يجب على الصبي في رأي فرويد تحرير نفسه من هذا التوق — الطفولي أو الأوديبي — لأمه، فإنه يجب عليه في رأي يونج تحرير نفسه من ميله إلى التوحد مع النمط الأصلي للأم. وفي رأي فرويد، يشير الفشل في التحرر إلى الارتباط الأبدي بالأم. وفي رأي يونج، يشير ذلك إلى قصر شخصية المرء على النمط الأصلي للأم داخل النفس. وبينما يدور الصراع في رأي فرويد من أجل الحرية بين شخص وآخر — الابن والأم — يدور الصراع في رأي يونج بين جانب من شخصية المرء وجانب آخر — الأنا واللاوعي — وهو أول ما يرمز إليه النمط الأصلي للأم.

ونظرًا لأن النمط الأصلي يتجلى من خلال الرموز فحسب، وإن كان بطريقة غير مباشرة على الإطلاق، لا تظهر جوانب النمط الأصلي للأم التي يعرفها الصبي إلا من خلال أمه الحقيقية أو البديلة. فالأم التي ترفض ترك ابنها تقصر رؤيته على جانب الاهتمام السلبي الخانق للنمط الأصلي للأم. في المقابل، فإن الأم التي تترك ابنها تفتح الآفاق أمامه على الجانب التعزيزي الإيجابي للنمط الأصلي للأم، وإن كان بتردد. وفي البداية، يتردد أي طفل في ترك الأم، وتغريه الأم — التي تغمره بالاهتمام الخانق — بالبقاء، من خلال الكشف فقط عن جانب الاهتمام الخانق في النمط الأصلي للأم. وتحث الأم المعززة الابن على مقاومة هذا الإغراء، من خلال الكشف عن الجانب التعزيزي أيضًا في النمط الأصلي للأم. وفي جميع جوانب النمط الأصلي للأم، يكون هذا النمط موروثًا. وتحدد خبرة المرء بشخصيات الأم أية جوانب من النمط الأصلي تظهر. ولن يطوِّر الصبي — الذي لم يتعامل قط مع شخصية أم تعزيزية — هذا البعد من النمط الأصلي الكامن داخله.

قد يكون الصبي واعيًا أو غير واعٍ بشخصيته. ومما لا شك فيه، بينما يصادف الصبي الواعي إناثًا جذابات في صورة تجليات لنمط الأم العظيمة، فإنه على الأقل يدرك أن الذكور الآخرين ينظرون إلى النساء نظرة مختلفة، كشركاء حياة محتملين. ويسلِّم هذا الصبي الواعي بأن الاتحاد الروحي مع أي من تلك النساء هو الحل الأمثل له. ويدرك أيضًا باختلافه عن الآخرين مفتخرًا بذلك. ولعل أبرز الأمثلة المعروفة عن حالة الصبي الواعي هو كازانوفا.

في المقابل، يفترض الصبي غير الواعي أن الآخرين مثله. ويفترض هذا الصبي أن جميع الذكور الآخرين يسعون إلى الاتحاد مع النساء؛ إذ لا توجد علاقات أخرى ممكنة. ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك هو إلفيس بريسلي، الذي يمثل نموذجًا للطفل المرتبط بأمه الذي عاش العشرين عامًا الأخيرة من حياته كراهب في عالم طفولي يشبه الرحم، عالم بينما كانت جميع رغباته تُلبَّى فيه، كان يعتبر نفسه شخصية طبيعية تمامًا، شخصية «أمريكية صرفة».

بناءً عليه، يمكن أن يكون الصبي شخصية حقيقية أو رمزية. ويتحول بعض الصبية المشهورين تاريخيًّا إلى رموز. وبينما يعتبر الصبي المشهور تاريخيًّا بالغًا من الناحية البيولوجية، فربما لا ينضج الصبي الرمزي أبدًا، ومن ثم يُعد مثالًا على الحياة الشابة الأبدية التي تسعى الشخصيات الصبيانية إلى تقليدها. ولعل أبرز الأمثلة على الإطلاق على الصبي الرمزي تتمثل في شخصية بيتر بان وشخصية الأمير الصغير.

وكما أن الصبي قد يكون واعيًا أو غير واعٍ، فإنه ربما يتكيف مع العالم المحيط به أو العكس ظاهريًّا. وظاهريًّا أيضًا، ربما يستقر الصبي حال الزواج والحصول على فرصة عمل، لكنه لا يجد إشباعًا في أيهما. وربما لا يشعر بالاستقرار ولو ظاهريًّا، كما هي الحال مع دون جوان والطالب الأبدي.

يتمثل النقيض للنمط الأصلي للصبي في النمط الأصلي للبطل؛ إذ ينجح البطل فيما يفشل فيه الصبي. ففي النصف الأول من الحياة، تكون الأنا بطولية حال نجاحها في تحرير نفسها من اللاوعي وفي ترسيخ نفسها في المجتمع. وينجح البطل في الحصول على فرصة عمل مرضية وشريكة حياة. ويفشل الصبي في تحقيق أي من ذلك. وفي النصف الثاني من الحياة، تكون الأنا، التي صارت وقتئذٍ مستقلة، بطولية حال نجاحها في الانفصال عن المجتمع والعودة إلى حالة اللاوعي دون السقوط فيها. فبينما يرسخ البطل نفسه في النصف الأول من الحياة وفق أعراف المجتمع، يتحدى البطل هذه الأعراف في النصف الثاني من الحياة. وفيما يعتبر البطل شخصية متحدية بصورة واعية، يعتبر الصبي شخصية متحدية بصورة لاواعية. وبينما يخاطر البطل بكل شيء مقابل ما يؤمن به، لا يؤمن الصبي بشيء ومن ثم لا يخاطر بشيء. وبينما يشبه البطل الحقيقي شخصية ديدالوس، يشبه الصبي شخصية ابنه إيكاروس. ونظرًا لأن الصبي يعتبر بطلًا فاشلًا في النصف الأول من الحياة، فإنه يعتبر بطلًا فاشلًا بالضرورة في النصف الثاني من الحياة أيضًا. في الواقع، هو لا يرى أن هناك نصفًا ثانيًا للحياة.

ويعتبر أدونيس صبيًّا نموذجيًّا نظرًا لأنه لم يتزوج أبدًا، ولم يعمل أبدًا، ويموت صغيرًا. ولا ينضج أدونيس قط. وهو يخرج من شجرة أولًا ليولد. وفي رواية أوفيد، تتباطأ أمه، التي تحولت إلى شجرة، في تركه. ومثل أي أمٍّ أخرى، ربما تكون أم أدونيس قد شعرت بالحبور لحملها إياه، لكنها بخلاف أي أم عادية ترغب في إخفائه، وكان يتوجب على أدونيس البحث عن مخرج بنفسه.

بمجرد خروج أدونيس من الشجرة، في رواية أبولودورُس، تهرع أفروديت إلى إلقائه في صندوق، وبالتأكيد لم ترجعه إلى الشجرة؛ بناءً عليه، تلغي مولده الذي كان بالغ الصعوبة. وعندما فتحت برسيفوني الصندوق، الذي ائتمنتها أفروديت عليه دون الكشف عن محتوياته، وقعت هي الأخرى في حب أدونيس ورفضت إعادته. فكل إلهة، مثل أمه، أرادت الاستحواذ عليه لنفسها. وعلى الرغم من أن قرار زيوس يجعله حرًّا مدة ثلث السنة، يتخلى أدونيس عن ثلثه إلى أفروديت. وبذلك لا يخرج أدونيس أبدًا عن رعاية هذه النماذج للنمط الأصلي للأم.

لا يستطيع أدونيس مقاومة الإلهتين؛ ليس لأنهما يثرناه جنسيًّا؛ فهو لا يرى فيهما إناثًا جميلات إلى حد لا يقاوم، بل ينظر إليهما باعتبارهما مثل أمه، ولا يسعى إلى مضاجعتهما بل إلى المكوث في أحشائهما. وتوجد بينه وبين الإلهتين حالة بدائية من التوحد الروحي التي يطلق عليها لوسيان ليفي-بريل، والذي يستشهد به يونج كثيرًا، «غموض المشاركة» (انظر الفصل الأول). ونفسيًّا، يقع أدونيس في مرحلة الإنسانية التي يعتبرها ليفي-بريل، ومن بعده، يونج بدائية. ولأنه غير واعٍ بالاختلاف بين حياته وحياة أي شخص آخر، يعتبر أدونيس صبيًّا بصورة متطرفة أو بأخرى، فهو غير واعٍ وكذلك سطحي. وبينما قد يثني كامبل على توحد أدونيس مع العالم روحيًّا، يدين يونج هذا العالم باعتباره عالمًا طفوليًّا.

هوامش

(1) © Corbis.
(2) Mary Evans Picture Library.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤