الفصل الثالث

الوجود

(٣٤) الله

(أ) نظرية أفلاطون في الوجود مماثلة لنظريته في المعرفة بمعنى أنها تصعد من المحسوس إلى المعقول وتخضع الأول للثاني، وقد قص حكاية حاله بإزاء العلم الطبيعي فقال ما خلاصته — بلسان سقراط: لما كنت شابًّا كثيرًا ما قاسيت الأمرَّيْنِ في معالجة المسائل الطبيعية بالمادة وحدها على طريقة القدماء، وسمعت ذات يوم قارئًا يقرأ في كتاب لأنكساغورس «هو العقل الذي رتب الكل وهو علة الأشياء جميعًا» ففرحت لمثل هذه العلة وتناولت الكتاب بشغف، ولكني ألفيت صاحبه لا يضيف للعقل أي شأن في العلل الجزئية لنظام الأشياء، بل بالضد يذكر في هذا الصدد أفعال الهواء والأثير والماء وما إليها، مثله مثل رجل يبدأ بأن يقول: إن سقراط في جميع أفعاله يفعل بعقله ثم يعلل جلوسي هنا — في السجن — بحركات عظامي وعضلاتي، ويعلل حديثي بفعل الأصوات والهواء والسمع وما أشبه، ولا يعنى بذكر العلل الحقة وهي: لما كان الأثينيون قد رأوا أحسن أن يحكموا عليَّ، ورأيت أنا أحسن؛ أي أقرب إلى العدالة أن أتحمل القصاص الذي فرضوا عليَّ، فقد بقيت في هذا المكان، ولولا ذلك لكانت عظامي وعضلاتي منذ زمن طويل في ميغاري أو في بويتيا؛ حيث كان قد حملها تصور آخر للأحسن، فتسمية مثل هذه الأشياء عللًا منتهى الضلالة، أما إن قيل: لولا العضلات والعظام فلست أستطيع تحقيق أغراضي فهذا صحيح، وعلى ذلك فما هو علة حقًّا شيء، وما بدونه لا تصير العلة علة شيء آخر.١ والعلة الحقة عاقلة تلحظ معلولها قبل وقوعه وترتب الوسائل إليه، فإن شيئًا لا يفعل إلا إذا قصد — أو قُصد به — إلى غاية، والغاية لا تتمثل إلا في العقل، وعند هذه الصخرة يتحطم كل مذهب آلي، ولما كان «الموجود الوحيد الكفء للحصول على العقل هو النفس،٢ كانت العلل العاقلة نفوسًا تتحرك حركة ذاتية، وكانت المادة شرطًا لفعلها أو علة ثانوية خلوًا من العقل تتحرك حركة قسرية وتعمل اتفافًا، إلا أن تستخدمها العلل العاقلة وسيلة وموضوعًا وتوجهها إلى أغراضها،٣ والنفس غير منظورة بينما العناصر والأجسام جميعًا منظورة،٤ فيبلغ أفلاطون من هذا الطريق إلى عالم معقول يصفه بأنه إلهي؛ لاشتراكه في الروحية والعقل، ولكنه يعين فيه مراتب ويضع في قمته الله.
(ب) يبرهن أفلاطون على وجود الله من الوجهتين المتقدمتين: وجهة الحركة ووجهة النظام، فمن الوجهة الأولى يقرر أن الحركات سبع: حركة دائرية، وحركة من يمين إلى يسار، ومن يسار إلى يمين، ومن أمام إلى خلف، ومن خلف إلى أمام، ومن أعلى إلى أسفل، ومن أسفل إلى أعلى، وحركة العالم دائرية منظمة لا يستطيعها العالم بذاته، فهي معلولة لعلة عاقلة، وهذه العلة هي الله أعطى العالم حركة دائرية على نفسه وحرمه الحركات الست الأخرى وهي طبيعية، فمنعه من أن يجري بها على غير هدى.٥ ومن الوجهة الثانية يقول: إن العالم آية فنية غاية في الجمال، ولا يمكن أن يكون النظام البادي فيما بين الأشياء بالإجمال وفيما بين أجزاء كل منها بالتفصيل نتيجة علل اتفاقية، ولكنه صنع عقل كامل توخى الخير ورتب كل شيء عن قصد،٦ وثمة برهان آخر: فقد رأينا أفلاطون يضع المثل؛ لأنه وجد المحسوسات تتفاوت في صفاتها، فدله هذا التفاوت على أن الصفات ليست لها بالذات ولكنها حاصلة في كل منها بالمشاركة فيما هو بالذات، وخص بالذكر مثال الجمال في المأدبة، ومثال الخير في الجمهورية، فقال عن الأول: إنه علة الجمال المتفرق في الأشياء، والمقصد الأسمى للإرادة في نزوعها إلى المطلق، والغاية القصوى للعقل في جدله، لا يوصف؛ أي لا يضاف إليه أي محمول؛ لأنه غير مشارك في شيء ولكنه هو هو.٧ وقال عن الثاني: في أقصى حدود العالم المعقول يقوم مثال الخير، هذا المثال الذي لا يدرك إلا بصعوبة، ولكنا لا ندركه إلا ونوقن أنه علة كل ما هو جميل وخيِّر، هو الذي ينشر ضوء الحق على موضوعات العلوم ويمنح النفس قوة الإدراك، فهو مبدأ العلم والحق يفوقهما جمالًا مهما يكن لهما من جمال، هو أسمى موضوع لنظر الفيلسوف والغاية من الجدل تعلقه، وإن جماله ليعجز كل بيان، لا يوصف إلا سلبًا ولا يعين إيجابًا إلا بنوع من التمثيل الناقص، وكما أن الشمس تجعل المرئيات مرئية وتهبها الكون والنمو والغذاء دون أن تكون هي شيئًا من ذلك فإن المعقولات تستمد معقوليتها من الخير، بل وجودها وماهيتها، ولو أن الخير نفسه ليس ماهية وإنما هو شيء أسمى من الماهية بما لا يقاس كرامة وقدرة. اعلم أن الخير والشمس ملكان: الواحد على العالم المعقول، والآخر على العالم المحسوس،٨ ومقصد أفلاطون واضح، هو أن التفسير النهائي للوجود هو «أن الخير رباط كل شيء وأساسه»٩ من حيث إن العلة الحقة عاقلة، وإن العاقل يتوخى الخير بالضرورة.
(ﺟ) فالله روح عاقل محرك منظم جميل خيِّر عادل كامل بسيط لا تنوع فيه، ثابت لا يتغير، صادق لا يكذب، ولا يتشكل أشكالًا مختلفة كما صوره هوميروس ومن حذا حذوه من الشعراء،١٠ وهو كله في حاضر مستمر، فإن أقسام الزمان لا تلائم إلا المحسوس، ونحن حينما نطلق الماضي والمستقبل على الجوهر الدائم فنقول: كان وسيكون، ندل على أننا نجهل طبيعته؛ إذ لا يلائمه سوى الحاضر،١١ وهو معني بالعالم بخلاف ما يدعيه السوفسطائيون محتجين بنجاح الأشرار، فإن الله إن كان لا يُعنى بسيرتنا؛ فذلك إما لأنه عاجز عن ضبط الأشياء؛ وهذا محال؛ وإما لأن السيرة الإنسانية أتفه عنده من أن تستحق عنايته؛ وهذا محال كذلك؛ لأن كل صانع يعلم أن للأجزاء شأنها في المجموع فيعنى بها، فهل يكون الله أقل علمًا من الإنسان؟! إن ساعة الأشرار آتية لا محالة، هذا عن الشر الخلقي، أما الشر الطبيعي فما هو في ذاته إلا نقص في الوجود أو خير أقل؛ هو ضد يتميز به الخير كما يتميز الصدق بالكذب، لم يرده الله بل سمح به فداء للخير الفائض على العالم، ويستحيل أن يكون العالم المصنوع خيرًا محضًا فيشابه نموذجه الدائم، هو إذن ناقص، ولكنه أحسن عالم ممكن، وعناية الله تشمل الكليات والجزئيات أيضًا بالقدر الذي يتفق مع الكليات، ونحن نرى الطبيب يراعي الكل قبل الجزء، والفنان يدبر أفعاله على مقتضى الغاية ويرمي إلى أعظم كمال ممكن للكل فيصنع الجزء لأجل الكل لا الكل لأجل الجزء، كذلك حال الصانع الأكبر، فإن تذمر الإنسان فلأنه يجهل أن خيره الخاص يتعلق به وبالكل معًا على مقتضى قوانين الكل، فوجود الله وكماله وعنايته حقائق لا ريب فيها، وإنكارها جملة أو فرادى جريمة ضد الدولة يجب أن يعاقب عليها القضاء؛ لأن هذا الإنكار يؤدي مباشرة إلى فساد السيرة فهو إخلال بالنظام الاجتماعي، وقد ينكر المرء الله بتاتًا، وقد يؤمن به وينكر عنايته، وقد يؤمن به وبعنايته وينكر كماله وعدالته فيتوهم أنه يستطيع شراء رضائه بالتقدمات والقرابين دون النية الصالحة، والبدعة الثالثة أشنع من الثانية؛ لأن الإهانة فيها أعظم، والثانية أشنع من الأولى لنفس السبب؛ فإن إنكار الله أهون من إنكار عنايته مع الإيمان به، وإنكار العناية أهون من تصور الله مرتشيًا. الأولى والثانية جديرتان بالمناقشة، أما الأخيرة فأحق بالسخط منها بالتفنيد.١٢

(٣٥) الطبيعة

(أ) لما أراد أفلاطون أن يبين كيف تحقق النظام في العالم وحصلت الصور الكلية في الأجسام، أنطق «ثيماوس» الفيثاغوري بقصة التكوين، وإنما أورد آراءه على لسان واحد من الفيثاغوريين؛ لأنها قائمة على مبادئ عقلية رياضية، وإنما آثر القصة على الحوار والخطاب؛ ليدل على أن العالم المحسوس لا يوضع في قضايا ضرورية، وأن العقل البشري لا يستطيع أن ينفذ إلى أغراض الله في الطبيعة؛ فليس أمامه إلا الظن والتشبيه،١٣ قال ثيماوس: كل ما يحدث فهو يحدث بالضرورة عن علة، والعالم حادث قد «بدأ من طرف أول»؛ لأنه محسوس، وكل ما هو محسوس فهو خاضع للتغيير والحدوث وله صانع، ولما كان الصانع خيِّرًا والخير بريئًا من الحسد، فقد أراد أن تحدث الأشياء شبيهة به على قدر الإمكان؛ فرأى أن العاقل أجمل من غير العاقل، وأن العقل لا يوجد إلا في النفس؛ فصور العالم كائنًا حيًّا عاقلًا لا على مثال شيء حادث بل على مثال «الحي بالذات»١٤ أجمل الأحياء المعقولة الحاوي في ذاته جميع هذه الأحياء، كما أن العالم يحوي جميع الأحياء التي من نوعه، فالعالم واحد؛ لأن صانعه واحد ونموذجه واحد، وهو كل محدود ليس خارجه ما يؤثر فيه ويفسده فلا تصيبه شيخوخة ولا مرض، وهو كروي؛ لأن الدائرة أكمل الأشكال، متجانس يدور على نفسه في مكانه، أما نفسه فهي سابقة على الجسم صنعها الله «من الجوهر الإلهي البسيط والجوهر الطبيعي المنقسم ومزاج من الاثنين»؛ فكانت غلافًا مستديرًا للعالم تحويه من كل جانب، وتتحرك حركة دائرية وتحرك الباقي، وتدرك المحسوس المنقسم والمعقول البسيط، وتنفعل بالسرور والحزن والخوف والرجاء والمحبة والكراهية، وتملك أن تخالف قانون العقل فتصير شريرة حمقاء وتضطرب حركتها فتنزل النكبات بالعالم، وأما جسم العالم فلما شرع الله يركبه أخذ نارًا ليجعله مرئيًّا، وترابًا ليجعله ملموسًا، ووضع الماء والهواء في الوسط.١٥
(ب) غير أن هذه العناصر لم تكن كذلك منذ البدء، وإنما كان العالم في الأصل «مادة رخوة» أي غير معينة، غامضة لا تدرك في ذاتها بل بالاستدلال، كل ما نعقله عنها أنها موضوع التغير أو المكان والمحل الذي تحصل فيه الصور المعينة؛ لأنه إذا كان الأصل معينًا وكانت له صورة ذاتية فليس يفهم التغير الذاتي، وعلى ذلك فليست العناصر مبادئ الأشياء؛ لأنها معينة من جهة، ولأنها من جهة أخرى تتحول بعضها إلى بعض، فيدلنا هذا التحول على أنها صور مختلفة تتعاقب في موضوع واحد غير معين في ذاته، ألست ترى أن ما نسميه ماءً إذا تكاثف صار ترابًا وحجارة، وإذا تخلخل صار هواءً وريحًا؛ وأن الهواء إذا اشتعل تحول نارًا؛ وأن النار إذا تقلصت وانطفأت عادت هواءً؛ وأن الهواء إذا تكاثف صار سحابًا وضبابًا؛ وأن هذه إذا تكاثفت جرت ماءً، وهكذا دواليك؟١٦ هذه المادة الأولى كانت تتحرك حركات اتفاقية، تلك الحركات الست التي قلنا: إن الأشياء تتحرك بها إذا تركت وشأنها من غير نفس تدبرها، فاتحدت ذراتها على حسب تشابهها في الشكل، وألفت العناصر الأربعة: النار مؤلفة من ذرات هرمية أي ذات أربعة أوجه تشبه سن السهم؛ لذلك كانت أسرع الأجسام وأنفذها، والهواء مؤلف من ذرات ذات ثمانية أوجه أي من هرمين، والماء من ذرات ذات عشرين وجهًا، والتراب أثقل الأجسام من ذرات مكعبة، وبعد أن تنظمت المادة هذا النوع من التنظيم بتوزعها عناصر أربعة — وهو أقصى ما تستطيع أن تبلغ إليه بذاتها — ظلت العناصر مضطربة هوجاء «كما يكون الشيء وهو خلو من الإله» حتى عين الصانع لكل منها مكانه على ما ذكرناه ورتَّب حركته.١٧
(ﺟ) ثم فكر الصانع فيما عسى أن يزيد العالم شبهًا بنموذجه، ولما كان النموذج حيًّا أبديًّا فقد اجتهد أن يجعل العالم أبديًّا، ولكن لا كأبدية النموذج فإنها ممتنعة على الكائن الحادث، فعني بصنع «صورة متحركة للأبدية الثابتة» فكان الزمان يتقدم على حسب قانون الأعداد، وكانت الأيام والليالي والشهور والفصول ولم تكن من قبل، ورأى الصانع أن خير مقياس للزمان حركات الكواكب، فأخذ نارًا وصنع الشمس والقمر والكواكب الأخرى مشتعلة مستديرة وجعل لكل منها نفسًا تحركه وتدبره، ولما كان مبدأ التدبير إلهيًّا بالضرورة فقد صنع هذه النفوس مما تخلف بين يديه بعد صنع النفس العالمية؛ إلا أنه جعل تركيبها أقل دقة من تركيب هذه فكانت أدنى منها مرتبة ولكنها إلهية مثلها عاقلة خالدة يأتيها الخلود لا من طيب عنصرها — وكان أفلاطون قد ذهب إلى هذا الرأى في المقالة العاشرة من الجمهورية — بل من خيرية الصانع تأبى عليه أن يعدم أحسن ما صنع.١٨
(د) ثم اتخذ منها أعوانًا تصنع نفوس الأحياء المائتين، وإنما مست الحاجة إلى هذه النفوس لتتحقق في العالم جميع مراتب الوجود نازلة من أرفع الصور إلى أدناها، وليكون العالم كلًّا حقًّا، وإنما وكل أمر صنعها إلى نفوس الكواكب؛ لأن كل صانع يصنع ما يماثله، والصانع الأول لا يصنع إلا نفوسًا إلهية فلا يكون هناك التفاوت المطلوب، أخذ إذن ما تخلف من الجوهرين الثاني والثالث وصنع مزيجًا قسمه على الكواكب وكلف آلهتها أن تنزله أجزاء في أجسام مهيأة لقبوله وأن تضم إليه نفسين مائتتين: إحداهما انفعالية والأخرى غذائية، أما الانفعالية فغضبية وشهوانية تحس اللذة والألم والخوف والإقدام والشهوة والرجاء يضعونها في أعلى الصدر بين العنق والحجاب لكيلا تدنس النفس الخالدة المستقرة في الرأس، وأما الغذائية فيضعونها في أسفل الحجاب، فصنع الآلهة الرجل كاملًا بقدر ما تسمح طبيعته، والرجل الصالح يعود جزء نفسه الخالد، بعد انحلال هذا المركب، إلى الكوكب الذي هبط منه ويقضي هناك حياة سعيدة شبيهة بحياة إله الكوكب، أما النفس الشريرة فتولد ثانية امرأة، فإن أصرت على شقاوتها ولدت ثالثة حيوانًا شبيهًا بخطيئتها وهكذا بحيث لا تخلص من آلامها ولا تعود إلى حالتها الأولى حتى تغلب العقل على الشهوة وتصعد السلم فترجع رجلًا صالحًا، ودرجات هذا السلم المرأة فالطير فالدواب فالزحافات فالديدان فالأحياء المائية، أوجدتها الخطيئة والجهالة نازلة بها نحو الأرض درجة فدرجة «وهكذا كان الأحياء في ذلك الزمان، واليوم أيضًا، يتحول بعضهم إلى بعض بحسب ما يكسبون أو يخسرون من العقل»،١٩ وأراد الآلهة أن يلطفوا أثر الحرارة والهواء في الإنسان، مع ضرورتهما له، وأن يوفروا له الغذاء، فمزجوا جوهرًا مماثلًا لجوهر الإنسان بكيفيات أخرى، وأوجدوا طائفة جديدة من الأحياء هي الأشجار والنباتات والبذور تحيا بنفس غذائية، وليست هذه النفس عاقلة؛ ولكنها تحس اللذة والألم والشهوة فهي منفعلة وليست فاعلة؛ إذ قد حرمت الحركة الذاتية فكانت جسمًا مثبتًا في الأرض.٢٠
(ﻫ) هذه خلاصة حديث ثيماوس في مواضعه الفلسفية، وهذا الحديث مثال آخر لنزعة أفلاطون التوفيقية وملكته التنسيقية؛ فقد أخذ بالعقل الذي قال به أنكساغورس وبين عيب المذهب الآلي وأقام الغائية على أساس متين، ثم استبقى الآلية في الكليات والجزئيات حتى في الظواهر الحيوية كالاغتذاء وحركة الدم والتنفس والشيخوخة والموت،٢١ وصور الأجسام جميعًا، حية وغير حية، مركبة من نفس العناصر متمشية على نفس القوانين لا يميزه في ذلك من ديموقريطس إلا أن هذه الآلية خاضعة لتدبير الصانع يفرض عليها غاياته من خارج فتحققها هي بوسائلها الخاصة أي بحركة تلك المثلثات والأشكال الهندسية التي للعناصر، وأخذ أفلاطون صفات العالم عن الإيليين — وبالأخص عن أكسانوفان — فجعله واحدًا كرويًّا متناهيًا حيًّا عاقلًا، ولكنه استبقاه حادثًا متغيرًا، وأضاف الثبات والضرورة للعالم المعقول، ونبذ رأي الطبيعيين في الأجرام السماوية وانحاز إلى العقيدة القديمة «كل ما هو سماوي فهو إلهي» وأقامها على افتقار الحركة الدائرية لمحرك عاقل، فوفر بها حلقات في سلسلة الموجودات الروحية وأمكنة لخلود النفوس الإنسانية، وأخذ التناسخ عن الفيثاغوريين، ومع أنه أضاف الإحساس للنبات فقد قصر التناسخ على الحيوان، وكانوا يمدونه إلى جميع الأحياء، وبنى عليه فكرته الغريبة في التطور النازل من الرجل إلى المرأة إلى أدنى أنواع الحيوان تبعًا للخطيئة ونقص العقل، فكان أمينًا لمبدئه «إن النقص تضاؤل الكمال.»
(و) يبقى مسألتان؛ إحداهما: ما معنى حدوث العالم في القصة؟ والأخرى: ما هي بالضبط فكرة الله عند أفلاطون بعد ما رأينا من اشتراك الألوهية وكثرة الآلهة؟! أما عن المسألة الأولى فالواقع أن أسلوب هذه القصة غير مألوف في الفلسفة اليونانية، حتى لقد قال أرسطو: «إن الأقدمين جميعًا ما عدا أفلاطون اعتقدوا أن الزمان قديم، أما هو فقد جعله حادثًا؛ إذ قال: إنه وجد مع السماء، وإن السماء حادثة.»٢٢ وقد مر بنا ذلك ورأيناه يضع دورًا خاضعًا للآلية البحتة قبل تدخل الصانع، فيكون مقصوده على الأقل أن العالم حادث في الزمان من حيث الصورة، وإذا اعتبرنا قوله: إن النفس العالمية سابقة على جسم العالم وإنها مصنوعة، لزم أن جسم العالم مصنوع أيضًا، وأن العالم حادث مادة وصورة، فأخذنا عبارته «العالم ولد وبدأ من طرف أول» بحرفيتها، على أن تلاميذه الأولين ومن جاء بعدهم من الأتباع قد عارضوا أرسطو في إجرائه الكلام على ظاهره، وقالوا: إن «ثيماوس» قصة، وإن للقصة عند أفلاطون حكمًا غير حكم الحوار والخطاب، وإن الغرض من تصويره العالم مبتدئًا في الزمان، ومن قوله: «قبل وبعد» سهولة الشرح فقط، والحق أن فكرتي حدوث العالم والإبداع من لا شيء لم تكونا معروفتين لليونان، ولا يوجد في كتب أفلاطون نص يسمح بحل هذا الإشكال، ولكنها جميعًا ناطقة بأن النظام من الله، وهذا كاف لإقامة المذهب الروحي.
(ز) ولكن ما الله عند أفلاطون؟ فقد قيل من ناحية: إن إرسال الكلام على الصانع قصة رمزية يجيز القول أن ليس الصانع شخصًا قائمًا بذاته، ولكنه يمثل ما للمثل من قدرة وعلية في المادة، والرد على هذا التأويل أن نفس البرهان وارد في «القوانين» وهي ليست قصة، وقيل من ناحية أخرى: إن كل شيء عند أفلاطون إله أو إلهي: المثل ومثال الخير ومثال الجمال، والصانع والنموذج الحي بالذات، والنفس العالمية والجزء الناطق من النفس الإنسانية، وآلهة الكواكب، وآلهة الأولمب والجن،٢٣ فأين الله بين هؤلاء؟ وكيف وحدنا الصانع ومثال الخير ومثال الجمال، ولم يقرب أفلاطون بينهم، بل تركهم متفرقين؟ مفتاح الجواب ما أشرنا إليه من اشتراك لفظ الله والإلهي في لغته، وهو يقصد «مبدأ التدبير» متمايزًا من المادة كل التمايز، فحيثما وجد التدبير والنظام وجد العقل ووجدت الألوهية أي الروحية ولكن متفاوتة بتفاوت الوجود، فالنفس الكلية وآلهة الكواكب — وأفلاطون لا يذكر آلهة الميثولوجيا إلا تسامحًا وبشيء من التهكم ظاهر — مدينون للصانع بوجودهم وخلودهم، فهم آلهة باشتراك الاسم فقط، أما الصانع والخير والجمال والنموذج فتوحيدهم لا يكلف كبير عناء، فهم من جهة موضوعون على قدم المساواة كل في قمة نوع أو «مقولة»: الصانع الفاعل الأول، والخير غاية العقل القصوى، والجمال المطمح الأسمى للإرادة، والنموذج أول المثل وحاويها جميعًا، وهم من جهة أخرى موصوفون بعضهم ببعض: الصانع خيِّر ومثال الخير مصدر المثل والنموذج محلها، وكلهم جميل وكلهم أجمل الموجودات، فالله الصانع من حيث هو علة فاعلية تطبع صور المثل في المادة «على نحو يصعب وصفه»، وهو النموذج من حيث هو علة نموذجية تحتذى، وهو الجمال والخير من حيث هو علة غائية تحب وتطلب، هم صفات لواحد ميزها أفلاطون بحسب المناسبات، وكان همه موجهًا لوضع المذهب الروحي ضد الطبيعيين والسوفسطائيين ولم يكن لمسألة التوحيد في أيامه مثل ما صار لها من الأهمية فيما بعد، فلما أحل الأعداد محل المثل في دروسه الأخيرة عبر عن الله بالواحد «الواحد بالذات».

(٣٦) النفس الإنسانية

(أ) رأينا نظرية المثل تتضمن القول بالنفس موجودة قبل اتصالها بالبدن من حيث إن هذه المثل ليست متحققة في التجربة بما هي مثل ولا مكتسبة بالحواس؛ فلا بد من قوة روحية تعقلها أو بالأحرى تذكرها بعد أن عقلتها في عالم يماثلها، ورأينا تفسير الحركة يرجع إلى مبدأ غير مادي يتحرك بذاته ويحرك المادة، وهذا التفسير ينطبق على العالم بالإجمال وعلى كل جسم بالخصوص، وإذن فللإنسان نفس، قد يقول قائل: ما النفس إلا توافق العناصر المؤلفة للبدن وليس لها وجود ذاتي وإنما هي كالنغم بالإضافة إلى الآلة والأوتار،٢٤ ولكن التوافق والنغم نتيجة والنتيجة لا تباين المقدمات والنفس تدبر البدن وتتحكم في الأعضاء وتقاوم البدن بالإرادة متى كانت حكيمة ولم يكن ذلك ليتأتى لو كانت النفس نتيجة تناسق عناصره وطبائعه فليست نغمًا ولكنها الموسيقي الخفي الذي يحدث النغم،٢٥ وعلى ذلك فالنفس حقيقة لا ريب فيها يدل على وجودها تذكر المثل وحركة الجسم وتدبيره بمقتضى الحكمة.
(ب) على أن رأي أفلاطون في ماهية النفس وعلاقتها بالجسم لا يخلو من التردد والغموض، ففي المحاورة الواحدة «فيدون» يحد النفس تارة بأنها فكر خالص، وطورًا بأنها مبدأ الحياة والحركة للجسم دون أن يبين ارتباط هاتين الخاصتين، ولا أيتهما الأساسية، كذلك الحال في علاقة النفس بالجسم، فتارة يعتبرهما متمايزين تمام التمايز فيقول: إن الإنسان النفس، وإن الجسم آلة، وتارة يضع بينهما علاقة وثيقة فيذهب إلى أن الجسم يشغلها عن فعلها الذاتي — الفكر — ويجلب لها الهم بحاجاته وآلامه، وأنها هي تقهره وتعمل على الخلاص منه٢٦ دون أن يبين ماهية هذا التفاعل، بل هو يذهب بهذا التفاعل إلى حد علاج الجسم بالنفس والنفس بالجسم٢٧ وقيام الشعور والإدراك في النفس عند تأثر الجسم بالحركة المادية على ما بين هذه الحركة والظاهرة النفسية من تباين، وفي الجمهورية يرد الأفعال النفسية إلى ثلاثة: الإدراك والغضب والشهوة، ويسأل: هل يفعل الإنسان بمبادئ ثلاثة مختلفة، أم أن مبدأً واحدًا بعينه هو الذي يدرك ويغضب ويحس لذات الجسم؟ فيقرر أن المبادئ عدة؛ لأن شيئًا ما لا يُحدث ولا يقبل فعلين متضادين في وقت واحد ومن جهة واحدة، فلا يضاف إليه حالات متضادة إلا بتمييز أجزاء فيه فيجب أن نميز في النفس جزءًا ناطقًا وجزءًا غير ناطق لما نحسه فينا من صراع بين الشهوة تدفع إلى موضوعها والعقل ينهى عنه، ولنفس السبب يجب أن نميز في الجزء غير النطقي بين قوتين هما الغضب والشهوة: الغضب متوسط بين الشهوة والعقل، ينحاز تارة إلى هذا وطورًا إلى تلك، ولكنه يثور بالطبع للعدالة، ونحن لا نغضب على رجل مهما يسبب لنا من ألم إذا اعتقدنا أنه على حق؛ لذلك كثيرًا ما يناصر الغضب العقل على الشهوة ويعينه على تحقيق الحكمة فيما هو خلو من العقل والحكمة،٢٨ وهذا كلام لا غبار عليه إذا أريد به تمييز قوى ثلاث في النفس الواحدة، ولكنا رأينا أفلاطون في «ثيماوس» يضع في الإنسان ثلاث نفوس ويعين لكل منها محلًّا في الجسم فيزيد إلى صعوبة التوفيق بين النفس والجسم صعوبة التوفيق بين النفوس الثلاث، وبينا هو في «فيدروس» يشبه النفس في حياتها السماوية الأولى بمركبة مجنحة، الحوذي فيها العقل، والجوادان الإرادة والشهوة،٢٩ إذا بكلامه في «ثيماوس» يشعر أن الغضبية والشهوانية صنعهما الآلهة للحياة الأرضية والوظائف البدنية.
(ﺟ) وقد اختص أفلاطون مسألة الخلود بقسط كبير من عنايته، ذكرها في جميع كتبه وخصص لها «فيدون» وكان يحس إحساسًا قويًّا بخطورتها ووجوب بحثها، ونحن نجد في «فيدون» ثلاثة أدلة على خلود النفس: يبدأ أفلاطون بأسهلها تناولًا وهو التناسخ، وتداول الأجيال البشرية، تلك العقيدة القديمة الأرفية الفيثاغورية، فيقول: إذا كان صحيحًا أن النفس التي تولد في هذه الدنيا تأتي من عالم آخر كانت قد ذهبت إليه بعد موت سابق وأن الأحياء يبعثون من الأموات، ينتج لنا أن النفس لا تموت بموت الجسم، ولكن هذا تسليم برأي متواتر لا تدليل؛ لذلك يحاول ربط هذا الرأي بقضية كبرى واستخراجه منها نتيجة لازمة فيقول: إذا نظرنا في التغير بالإجمال — وهو قانون العالم المحسوس — وجدناه تبادلًا دائرًا بين الأضداد يتولد الأكبر من الأصغر والأحسن من الأسوأ وبالعكس، فتصح لدينا العقيدة القديمة بأن الحياة تبعث من الموت، ولو لم يكن الأمر كذلك لكانت الأشياء قد انتهت إلى السكون المطلق، وإذن فقد كانت النفس قبل الولادة وستبقى بعد الموت، ويتأيد هذا الدليل من ناحية أخرى: ذلك أن هناك ضدين هما العلم والجهل، وبعثًا من نوع آخر هو تذكر المثل بعد نسيانها، فإذا كانت النفس قد عرفت المثل قبل هبوطها إلى الأرض فليس ما يمنع بقاءها بعد الموت.٣٠ والدليل الثاني يدور على تعقل المثل: فإن هذه بسيطة ومن ثَمت فهي ثابتة؛ إذ إن المركب هو الذي ينحل إلى بسائطه ويتحول، أما البسيط فلا يجوز عليه تحول أو انحلال، فلا بد أن تكون النفس التي تعقل المثل شبيهة بها على حسب القول القديم «الشبيه يدرك الشبيه» وعلى ذلك فالنفس بسيطة ثابتة.٣١ «ويسكت سقراط ويسكت الجميع وبعد هنيهة يقول سيمياس: إن العلم بحقيقة مثل هذه الأمور ممتنع أو عسير جدًّا في هذه الحياة ولكن من الجبن اليأس من البحث قبل الوصول إلى آخر مدى العقل فيجب إما الاستيثاق من الحق، وإما — إن امتنع ذلك — استكشاف الدليل الأقوى والتذرع به في اجتياز الحياة كما يخاطر المرء يقطع البحر على لوح خشب، ما دام لا سبيل لنا إلى مركب أمتن وآمن؛ أعني إلى وحي إلهي» (ص ٨٥).
ويقول قابس: إن كل ما يلزم من الدليل الأول بفروعه الثلاثة هو أن النفس كانت قبل الولادة، ومن الثاني أنها شبيهة بالمثل، فمن هذين الوجهين لا تتنافى خصائصها مع البقاء، أما البقاء نفسه فلم يقم الدليل عليه؛ إذ من يدرينا؟ لعل النفس تفنى بتلاشي قوتها بعد أن تكون تقمصت أجسامًا عدة،٣٢ هنا يلجأ أفلاطون إلى نظريته في المشاركة ويقدم دليلًا ثالثًا فيقول: لما كانت النفس حياة فهي مشاركة في الحياة بالذات ومنافية للموت بالطبع، وليست تقبل الماهية ما هو ضد لها؛ فالنفس لا تقبل الموت.٣٣ فيقتنع قابس ويعلن سيمياس أنه مقتنع أيضًا إلا أن شعوره المزدوج بعظم المسألة وبالضعف البشري يضطره لبعض التحفظ بإزاء هذه الأدلة على وجاهتها، فيسلم له سقراط بحقه في هذا التحفظ ويزيد قائلًا: بل إن المقدمات أنفسها مفتقرة لبحث أوكد.٣٤

(د) وإذا رحنا نحن نقوِّم أدلته ونمتحن مقدماتها كما يريد وجدنا الأول يسلم بالدور تسليمًا، فلا يحاول دعمه حتى يقع في غلط هو أشبه بالمغالطة حين يدعي أن الضد يخرج من الضد وكلامه يدل فقط على أن الضد لا ينقلب إلى ضده حتى يتلاشى أولًا كالحار والبارد أو يكسب أو يخسر شيئًا كالصغير يصير كبيرًا وبالعكس، أما التذكر فليس التفسير الوحيد لتعقل الكليات فقد نجردها من الجزئيات على مذهب أرسطو، وأما أن النفس حياة وحركة فلا يدل قطعًا على بقاء النفوس إلا إذا صح أن الحركة والحياة لها بذاتها أو أن مشاركتها في الحياة بالذات لا يجوز أن تكون مؤقتة كسائر المشاركات أو أن بقاء العالم قضية ضرورية، يبقى تعقل المثل وهو الدليل الأقوى فيما نرى؛ فإنه ينظر للنفس في ذاتها لا بالإضافة للجسم وللطبيعة ويراها روحية تدرك الروحيات وتتوق إليها وتعلم ما بينها وبين المادة من تغاير وأن حياتها الخاصة لا تتحقق تمامًا إلا بخلاصها من المادة في عالم روحي مثلها: وهذا لب عقيدة أفلاطون، وما عداه محاولة لتوكيدها.

وسواء أفلحت هذه المحاولة أم أخفقت فالعقيدة ثابتة «يدافع عنها بشدة»٣٥ هي ثابتة من مذهبه بأكمله؛ إذ يستحيل على من اقتنع بالعقل والروح والفضيلة أن يصدق بفناء النفس وغلبة المادة وبطلان الحياة الإنسانية، وكيف لا نعجب بهذا الرجاء وهذا الشوق إلى السماء وهذا الأسف الرائع؛ لأن وحيًا إلهيًّا لم ينزل ليُحيل الرجاء الجميل يقينًا وطيدًا؟ نقطة واحدة تشوب هذا المذهب: هي التناسخ، وقد كان في وسع أفلاطون أن يمحوها وهو القائل: «إن النفس الحيوانية التي لم تدرك الحقيقة قط لا تستطيع أن تقوم في جسد إنساني»٣٦ فكيف تقوم نفس إنسانية في جسم حيواني؟ نحن نعلم أن التناسخ ركن من أركان مذهبه (٣٤–أ، ٣٦–ﺟ) ولكن كان في وسعه أن يضع نفسًا للمرأة ونفوسًا حيوانية مترتبة بترتب الأنواع — كما وضع نفسًا نباتية — وأن يحصر التناسخ في دائرة النوع، الخيال هو الذي طغى هنا على المنطق، ويغتفر لأفلاطون أنه كان يصدر عن وجوب التكافؤ بين العمل والجزاء وإيمانه بالعدالة الإلهية.
١  فيدون ص٩٦ (ﻫ)–٩٩ (ﺟ).
٢  ثيماوس ص٤٦ (د).
٣  انظر أيضًا القوانين م١٠ ص٨٩٤–٨٩٦.
٤  ثيماوس ص٤٦ (د).
٥  ثيماوس ٣٤ (أ) و٤٣ (ب).
٦  ثيماوس ص٢٨ (أ)-٢٩ (أ).
٧  المأدبة ص٢١٠-٢١١.
٨  الجمهورية م٦ و٧ في مواضع مختلفة وبالأخص ص٥٠٦–٥٠٩.
٩  فيدون ص٩٩ (ﺟ).
١٠  الجمهورية م٢ ص٣٧٩.
١١  ثيماوس ص٣٧ (ﻫ).
١٢  القوانين م١٠. هذه المقالة مرجع هام يقول فيها أفلاطون: إن للإلحاد مصدرين كبيرين: الأول دعوى الطبيعيين أن العالم وجزئياته بما فيها النفوس نتاج حركة العناصر المادية غير العاقلة، والآخر دعوى السوفسطائيين أن المبادئ الخلقية وضعية وأن ليس هناك خير وشر بالذات، ثم يمضي في البرهنة على وجود الله، وعنايته، وعدالته؛ وهو يذكر الآلهة بالجمع، وسنعرض لهذه المسألة فيما بعد.
١٣  ثيماوس ص٢٩ (ﺟ) و٤٨ (ﺟ د) و٥٩ (د).
١٤  طبقًا لنظرية المثل ولأن كل صانع إنما يحتذي مثالًا.
١٥  ثيماوس ص٢٧ (د)–٣٧ (ﺟ).
١٦  ثيماوس ص٤٨–٥٧.
١٧  ثيماوس ص٥٢–٥٧.
١٨  ثيماوس ص٣٧–٣٩.
١٩  ثيماوس ص٦٩ (ﺟ)–٧١ (أ) و٩٠ (ﻫ) و٩١ (د)-٩٢ (ﺟ) وأيضًا فيدون ص٨٠ (ﻫ)–٨٢ (ﺟ).
٢٠  ثيماوس ص٧٧.
٢١  ثيماوس ص٧٧–٨٢ وغيرها.
٢٢  السماع الطبيعي م٨ ف١ ص٢٥١ ع ب س١٤–١٩.
٢٣  الجن عنده وسط وواسطة بين الآلهة والبشر متصفون بالحكمة والخير.
٢٤  فيدون ص٨٥-٨٦. وانظر ما ذكرناه في عدد ١٣ (ﺟ).
٢٥  فيدون ص٩٢–٩٥.
٢٦  فيدون ص٦٤–٦٦.
٢٧  ثيماوس ص٨٢–٨٩.
٢٨  الجمهورية م٤ ص٤٣٦–٤٤٠.
٢٩  ص٢٤٦.
٣٠  ص٧٠–٧٧.
٣١  ص ٧٨–٨٤. وهذا الدليل وارد في الجمهورية بفرعين: النفس بسيطة لا تنحل بانحلال الجسم. النفس تعقل المثل الدائمة فهي دائمة مثلها (م١٠ ص٦٠٨ وما بعدها).
٣٢  ص٨٦–٨٨.
٣٣  ص١٠٥–١٠٧. وفي «القوانين» (م١٠ ص٨٩٥-٨٩٦) يعرض دليلًا مستمدًا من تعريف النفس بأنها مبدأ متحرك بذاته محرك للجسم فيقول من ناحية: إن ما يتحرك بذاته فهو خالد من حيث إنه لا يوجد فيه ولا في غيره ما يقف حركته، ومن ناحية أخرى: النفوس علة الحركات الطبيعية فهي باقية إذ لو كانت تنتهي لانتهت الطبيعة أيضًا، فنعود إلى الدليل الأول في «فيدون». وفي «فيدروس» ص٢٤٥ كلام قريب من هذا.
٣٤  ص١٠٧ (أ ب).
٣٥  «فيدون» ص٦٣ (ﺟ).
٣٦  فيدروس ص٢٤٩ (ب، ﺟ).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤