النبات في رحلات جغرافي العرب

وإنا لنجتزئ عن التطويل بترجمة بعض هؤلاء الذين صنفوا في النبات، وذكر شيء مما نقلوه في مصنفاتهم:

(١) ابن واضح اليعقوبي Ibn Wadeh AL-Yaaqobi (ت ٢٩٢ﻫ/٩٠٥م)

هو أحمد بن أبي يعقوب بن واضح اليعقوبي، جده من موالي المنصور، هو أول جغرافي ذكر النبات في كتبه، كان رحالة يحب الأسفار، ساح في بلاد الإسلام شرقًا وغربًا، ودخل أرمينية سنة ٢٦٠ﻫ، ثم الهند، وعاد إلى مصر وبلاد العرب، ألف في رحلاته كتاب البلدان، وذكر فيه من نبات مصر اللبخ، وتوفي سنة ٢٧٨ﻫ.

(٢) ابن رستة Ibn Rusta (ت نحو ٣٠٠ﻫ/٩١٢م)

أبو علي أحمد بن عمر بن رستة، ألف كتاب الأعلاق النفيسة سنة ٢٩٠ﻫ في أصبهان في سبعة مجلدات، وذكر في كلامه عن مصر النخيل، والموز، والجميز.

(٣) ابن فضلان Ibn Fodlan (ت بعد ٣١٠ﻫ/٩٢٢م)

هو أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حماد، مولى محمد بن سليمان، أنفذه المقتدر بالله العباسي سنة ٣٠٩ﻫ إلى ملك الصقالبة وبلدهم بلغار، وكتب رسالة ذكر فيها ما شاهده منذ انفصل من بغداد إلى أن عاد إليها، قال: ولهم تفاح أخضر شديد الحموضة، تأكله الجواري فيسمن، وليس في بلدهم أكثر من البندق، وقال: رأيت لهم شجرًا لا أدري ما هو مفرط الطول، وساقه أجرد من الورق، ورءوسه كرءوس النخل، له خوص دقاق إلا أنه مجتمع، يعمدون إلى موضع من ساق هذه الشجرة، يعرفونه فينقبونه ويجعلون تحته إناء، يجري إليه من ذلك الثقب ماء أطيب من العسل، وإن أكثر الإنسان من شربه أسكره كما تسكر الخمر.

وهذه الرسالة مطبوعة ببطرسبرج سنة ١٨٣٣م مع ترجمة روسية.

(٤) الهمداني AL-Hamdany (٢٨٠–٣٣٤ﻫ/٨٩٣–٩٤٥م)

هو أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب بن يوسف بن داود الهمداني، من قبيلة همدان باليمن المعروف ﺑ (ابن الحائك)، توفي بسجن صنعاء سنة ٣٣٤ﻫ، وخلف عدة مؤلفات في الفلك، والطبيعيات، والجغرافيا وغيرها.

ومن مصنفاته:

  • (١)

    كتاب الأكليل في أنساب حمير وأيام ملوكها.

  • (٢)

    كتاب سائر الحكمة، والمسالك، والممالك.

  • (٣)

    كتاب صفة جزيرة العرب … وغيرها.

وقد ذكر الهمداني في كتاب صفة جزيرة العرب، أن من نبات جنوب بلاد العرب: الأعناب، والورس، والحامض، والممزوج، والمليس، والسفرجل، والأجاص، والمشمس، والتفاح الحلو والحامض، والخوخ الحميري والفارسي والهندي، والجوز الفرك، واللوز الفرك، والكمثري، وبها الورد والباقلا الأخضر، وجميع أصناف البقول، وجميع أصناف الحبوب. ثم ذكر من نبات جزيرة العرب نحو سبعين اسمًا.

(٥) أبو عبيد البكري Abu Obayed EL-Bakri (ت ٤٨٧ﻫ/١٠٩٤م)

هو عبد الله بن عبد العزيز البكري، وقد تقدم ذكره في أهل الأندلس، وله كتاب أعيان النبات والشجيرات الأندلسية.

(٦) الشريف الإدريسي AL-Adrisy (٤٩٣–٥٦٠ﻫ/١١٠٠–١١٦٥م)

هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس الصقلي، وقد تقدم ذكره ضمن علماء الأندلس، وله كتاب الأدوية المفردة، وكتاب الجامع لصفات أشتات النبات، وهو موجود مخطوطًا بمكاتب إستانبول، وقد تقدم الكلام عليه وشرحه.

(٧) السائح الهروي AL-Harawy (ت ٦١١ﻫ/١٢١٥م)

هو أبو الحسن علي بن أبي بكر بن علي الهروي الأصل، ولد في الموصل، وطاف البلاد ونزل حلب، وله كتاب «الإشارات إلى معرفة الزيارات»، وهو بالمكتبة الملكية باسم «رحلة أبي الحسن»، وله «التذكرة الهروية في الحيل الحربية»، وتوفي سنة ٦١١ﻫ/١٢١٥م.

(٨) القزويني AL-Kozwiny (٦٠٥–٦٨٢ﻫ/١٢٠٨–١٢٨٣م)

هو زكريا بن محمد بن محمود القزويني، يرجع نسبه إلى أنس بن مالك، ولد في قزوين سنة ٦٠٥ﻫ/١٢٠٨م، ودخل إلى الشام والعراق وتعرف إلى ابن عربي.

وتولى قضاء واسط والحلة في أيام المستعصم العباسي، وسقطت بغداد في يد المغول وهو في ذلك المنصب، وتوفي سنة ٦٨٢ﻫ/١٢٨٣م، وصنف كتبًا كثيرة، منها: «عجائب المخلوقات في الفلك والجغرافيا والطبيعة عند العرب» قسم فيه المخلوقات إلى قسمين: العلويات: يعني السماء وما فيها، وهو علم الفلك، والسفليات: وهي الأرض وما عليها من حيوان، ونبات، وجماد، ورتب النبات فيها إلى قسمين: القسم الأول في الشجر، وهو كل نبات له ساق، والقسم الثاني، وهو النجوم، والنجم كل نبت ليس له ساق صلب مرتفع. ثم شرح الأشجار، والنجوم مرتبة على حروف المعجم، وله أيضًا «آثار البلاد وأخبار العباد»، «وخطط مصر»، والكتاب الأول طبع مرارًا في أوربا وفي مصر، وترجم إلى عدة لغات.

(٩) جمال الدين الوطواط AL-Watwat (٦٣٢–٧١٨ﻫ/١٢٣٥–١٣١٨م)

هو محمد بن إبراهيم بن يحيى بن علي الأنصاري جمال الدين الكتبي الوراق، ولد سنة ٦٣٢ﻫ، وهو من خيرة العلماء في كثير من الفنون الأدبية وغيرها، وله تصانيف كثيرة منها: «غرر النقائص الفاضحة»، و«غرر الخصائص الواضحة» أو «العرر والغرر»، ومجمودة رسائل، وكتاب «مباهج الفكر ومناهج العبر»، وهو في أربعة أجزاء: الأول في السماء أو الفلك وتوابعه، والثاني في الأرض وما عليها، أي في الجغرافية، والثالث في الحيوان، والرابع في النبات، وهذا الجزء يتضمن النبات وما يوافقه من الأرضين، وفلاحه الحبوب، والقطاني وأصناف البقول، وسائر أنواع النبات، وتوفي سنة ٧١٨ﻫ/١٣١٨م.

(١٠) النويري AL-Nowayri (٦٧٧–٧٣٣ﻫ/١٢٧٨–١٣٣٣م)

هو أبو العباس شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب بن محمود بن عبد الدائم البكري النويري الشافعي، أحد رجال الملك الناصر محمد بن قلاون، نسبته إلى نويرة (إحدى قرى بني سويف)، ومولده بقوص سنة ٦٧٧ﻫ/١٢٧٨م، وتقلب في الخدم الديوانية، وتولى المناصب العالية، وتوفي سنة ٧٣٢ﻫ، وله من الكتب: «نهاية الأرب في فنون الأدب»، وهو كتاب ضخم اشتمل على علوم كثيرة، قسمه إلى خمسة فنون، وكل فن إلى خمسة أبواب.

الفن الرابع منه في النبات على اختلاف أشكاله وأقداره، وأنواع الطيب وغيرها، وهو النبات بفروعه.

(١١) عبد اللطيف البغدادي Abd AL-Latef EL-Bagdadi (٥٥٧–٦٢٩ﻫ/١١٦٢–١٢٣١م)

هو الشيخ الإمام موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغدادي، وقد تقدم ذكره، وله من كتب النبات كثير فليراجع.

(١٢) ابن فضل الله العمري Ibn Fadl Allah AL-Omary (٧٠٠–٧٤٩ﻫ/١٣٠١–١٣٤٩م)

هو أبو العباس شهاب الدين أحمد بن يحيى بن فضل الله بن يحيى ابن وعجان بن خليفة، ويتصل نسبه بعمر بن الخطاب. ولد بدمشق سنة ٧٠٠ﻫ/١٣٠١م، وتعلم فيها، وفي القاهرة والإسكندرية والحجاز، وتولى القضاء وغيره في القاهرة، ثم رحل إلى بلده، وتوفي بدمشق سنة ٧٤٨ﻫ، وكان إمامًا في الأدب والتاريخ والمسالك والبلدان، والإنشاء، وله مشاركة في سائر العلوم على اختلاف مواضيعها، وله كتب هامة أجلها كتاب «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار»، (وهو تحت الطبع بالقاهرة)، وهو كتاب كبير ينقسم إلى قسمين: الأول في الأرض، أي الجغرافيا وما يلحقها، والثاني في سكان الأرض من حيوان وجماد، وفي هذا القسم بحث في العلوم الطبيعية، كالمعادن، والحيوان، والنبات، توفي ابن فضل الله العمري سنة ٧٤٩ﻫ/١٣٤٨م.

(١٣) ابن بطوطة Ibn Batota (٧٠٣–٧٧٩ﻫ/١٣٠٤–١٣٧٧م)

هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي المعروف ﺑ (ابن بطوطة)، رحالة كبير، ومؤرخ، ولد في طنجة سنة ٧٠٣ﻫ/١٣٠٤م، ونشأ بها، وخرج من بلده سنة ٧٢٥ﻫ/١٣٢٥م للحج، فطاف ببلاد: المغرب، ومصر، والشام، والحجاز، واليمن، والعراق، والبحرين، وفارسي، والهند، ثم إلى قبجاق، وبخاري، وأفغانستان، ثم إلى دهلي، ثم أنفذه السلطان تغلق في بعثة إلى الصين وبلاد التتر، واتصل بكثير من الملوك والأمراء والسلاطين، واستعان بهباتهم في كل أسفاره، ثم عاد إلى المغرب سنة ٧٥٠ﻫ/١٣٣٩م، ورحل في السنة التالية إلى غرناطة، ثم إلى السودان سنة ٧٥٢ﻫ/١٣٥١م فدخل تمركتو وملي، وعاد إلى فارس، وأملى أخبار رحلته على محمد بن جزي، وأسمى رحلته هذه «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأقدار»، وطبعت رحلته بالعربية بمصر ومعها ترجمة فرنسية في فرنسا، وتوفي في مراكش سنة ٧٧٩ﻫ/١٣٧٧م.

وقد ذكر ابن بطوطة كثيرًا من النبات في كل بلد رحل إليها، فذكر ممَّا رآه من نبات الهند القمح الذي لا مثيل له: الكذر Paspalum scrobuculatum، والقال Panicum germanica Roth، والشاماخ Panicum frumentaceum Roxb, Panicum Colonum، والماش Phaselolus Max، والمنج Phaselolus Mungo، واللوبيا Dolichos lubia، والموت Cyperus rotundus، وهو مثل الكذر إلا أن حبوبه أصغر وهو علف للدواب.

وذكر القمح، والشعير، والعدس، والحمص، والأرز، وقال: إنهم يزرعون ثلاث مرات في السنة، والسمسم، وقصب السكر.

وذكر من الفاكهة: العنب Iemanguier، والشكي (Le jaeqier) Jack-frui ltree, Ortocarpus integrifoia; والبركي بالهندية Barki sehund, Par-Ki thakar، واسمه العلمي Euphorbia tirucalli، والتندو Diospyros melanoxyulon Roxb، وهو ثمر شجر الأبنوس وحباته في قدر حبات المشمش، ولونها، وهو شديد الحلاوة، والجمون Eugenia jambosajambosa vulgarus، ويشبه ثمر الزيتون الأجاص شديد الحلاوة وطعمه كطعم العنب الكسيرا Scirpus Kyssor وهي شديدة الحلاوة وتشبه القسطل، والفلفل، والنارجيل، والزنجبيل، والفوفل Noixd’ arec، والتنبول Betel، والقرفة، والبقم، والرمان يثمر مرتين، والأترج، والليمون، والقلقاس، والجاوي، والفرنفل Giroflier، والعود الهندي Aloes، وقصب الكافور Benjoin، واللبان والأفاوية Parfums، وجوز الطيب Noixde muscad، والبسباسة، وجوز بوا (كلها واحد).

وذكر ابن بطوطة من نبات الجاوه ما لا يخرج عن نبات الهند، وذكر من نبات الصين: السكر، والقطن، والخروع، والسدر، وأم غيلان، والأعناب، والإجاص، والبطيخ العجيب، والقمح، والعدس، والحمص؛ ومن نبات خوارزم البطيخ الذي لا نظير له.

وذكر نبات جنوب بلاد العرب وثمارها، فمنها قطفار الموز، تزن الحبة منه ١٢ أوقية، طيب الطعم، شديد الحلاوة، وذكر التنبول، والنارجيل.

وذكر فاكهة الشام مثل: التين، والزيتون، والمشمش اللوزي، والبطيخ، والخروب.

وذكر من نبات إفريقية (السوان والنيجر) الكثير منها: الغرني، وهو ثمر كالأجاص شديد الحلاوة، والقوني يشبه الخردل، ويعمل منه الككسو، والقافي شيء يشبه القلقاس.

(١٤) عبد الرحمن بن داود الأندلسي Ibn Dawood AL-Andalosy (٧٨٢–٨٥٦ﻫ/١٣٨٠–١٤٥٢م)

له «نزهة النفوس والأفكار في معرفة النبات والأحجار»، فيه وصف علمي، ومنه نسخة بالخزانة التيمورية كتبت سنة ٨٤٨ﻫ.

(١٥) سراج الدين بن الوردي Ibn AL-Wardy (٦٩١–٧٤٩ﻫ/١٢٩٢–١٣٤٩م)

هو سراج الدين أبو حفص عمر بن مظفر بن محمد بن عمر بن أبي الفوارس بن الوردي القرشي البكري، ولد في معرة النعمان سنة ٧٤٩ﻫ/١٣٤٨م، وقيل: سنة ٧٥٠ﻫ، وتوفي بحلب، وله كتب كثيرة منها: «خريدة العجائب وفريدة الغرائب» في الجغرافيا، ذكر فيه ابن الوردي نبات المغرب الأقصى، كقصب السكر الذي ليس على وجه الأرض مثله طولًا وغلظًا، فطول العود الواحد يزيد على عشرة أشبار في الغالب، ودوره شبر، وحلاوته لا يعادلها شيء، ورأى رطبًا أخضر اللون، حسن المنظر، أحلى من الشهد، ونواه في غاية الصغر، وذكر: التين، والزيتون، ورأى الزعفران ببرقة والرمان، والرطب والعنب بالإسكندرية، وقصب السكر بالفيوم، وذكر بعض نبات الصين كالراوند Rheum verum، والأرز Pinus cedrus، والموز وقصب السكر، والنارجيل، والشكي والبركي Le jacquier تطرح ثمرًا طول الثمرة أربعة أشبار مدورة كالمخروط، وله قشر أحمر وهو لذيذ الطعم، وفي جوف تلك الثمرة حب مثل الشاهبلوط يشوى في النار، ويؤكل، فيوجد فيه طعم التفاح، وطعم الكمثري.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤