قالت وقلت

«هذه رسالة تجمع من كلامها وكلامه مما كان يتساقط به الحديث بينهما، وقد دونها هو في مجالس شتى، وكل فصل من هذه الفصول كان يصلح أن تبنى عليه رسالة طالت أو قصرت».

•••

في بعض القصص أن لإحدى الغابات ملكًا يحكمها، وكان من شريعتها أن لا يبتوأ عرشها إلا من يذبح الجالس عليه … فالملك فيها أبدًا يقظان منتبه عيناه من سلاحه، ولا يزال السيف في يده مصلتًا ولو أن في كل إصبع من أصابعه سيفًا قاطعًا ثم غفلت عيناه غفلة لما نفعته عشرة أسياف، ولكانت إغماضته الموت لا محالة، ومع هذا الشقاء الحي فإنه يأتي إليه من يذبحه ليجلس في موضعه، أي ليتهيأ للذبح!

أما والله إن عاشق بعض النساء … لكالجالس على هذا العرش كل لذته من بلائه أنه لم يذبح بعد …!

•••

الموت ينتزع الروح، والهجر يترك الروح كأنها منتزعة، فهو موت لا ينتهي!

أيكون الحب في الحقيقة هو قدرة شخص جميل على تزوير نفسه، وتزوير الكون في نظر شخص آخر؟

•••

قالت له: لم أعدك شيئًا!

قال: نعم، لم تعديني بلسانك، ولكن وعدت بما فيك من الشفقة ما ترين فيَّ من الاضطرار!

•••

لو أني سميت النهار ليلًا والليل نهارًا لانتقل السواد والبياض إلى اللفظ بسهولة، ثم لا يكون ليل الله ولا نهار الله، فاجعلي لي منك دقيقة واحدة واقعة على زمنها، وخذي الثلاثمائة والستين يومًا كلاميًّا، دقيقة إنجاز ولا ولا سنة مواعيد.

•••

أأنت تخطئين؟ أما إنك لو تكلمت خطأ صرفًا لكان وجهك وحده برهانًا وحجة!

•••

ألم أرَ مثل هذا الفم الجميل: إذا افتر افتر عن ابتسامة، وإذا انطبق انطبق على هيئة ابتسامة، هو دائمًا إشارة أو تعبير، هو دائمًا تعبير أو إشارة.

•••

عندما أراك لا أتمالك أن أطرب وأهتز، أفهناك ألحان من جمالك تنطلق فيَّ.

•••

قالت له: كلماتي لا تتم بمعانيها، ولكن بفهمك أنت لمعانيها!

•••

وقالت: إن ساعة كتابتي إليك هي ساعة من الحياة معك وإن كنا على بعد!

•••

ليست المسكرات ولا المخدرات هي ما يعدونه من كذا وكذا، بل ومنها النظر إلى بعض الوجوه، والفكر في بعض الناس …!

•••

إنك تتكلمين ولا تعرفين أن وجهك ينقح فيَّ معاني كلامك.

•••

في الحب درجة من درجات الملائكة يرتفع إليها من قدر أن ينسى من حبيبه المادة الإنسانية وهي مالئة عينيه وحواسه، آه ما أشق أن يتحول العاشق في حبه إلى شريعة، ولكن ما ألذَّ أن يتحول!

•••

من العجيب ألا يكون المحزن في الحب إلا وسيلة لزيادة جمال الحبيب باهتياج محبه والتياعه، فهموم الغرام أشبه (بعمليات) جراحية في العواطف لترقيقها وإرهافها، كيما ترى أحسن مما كانت ترى، وتحس أكثر مما كانت تحس!

•••

هل الطبيعة الإنسانية بتأليفها بين حبيبين تضرب المثل على إمكان هذا الائتلاف بين الجميع؟ أم على استحالة إمكان التآلف الصحيح إلا بين اثنين فقط من الجميع …؟

•••

العقل يدل على نفسه بالنظر في الكون ويعبر عن ذلك بأفكاره، والقلب يدل على نفسه بالنظر في الحبيب ويعبر عن ذلك بأشواقه.

•••

كل كلمة فيها معناها، وحين تكون الكلمة منك يكون فيها من معناها ومنك …!

•••

قالت: أنا في نفسي كما أنا، ولكني في حبك كما أرى، فأنا اكتشف نفسي الجميلة فيك، وبهذا أجد حبك من عظمتي وسروري!

•••

إن مواعيدك من الكلام الذي يموت دائمًا بمرض النسيان!

•••

قالت: ينصح علماء القوة والرياضة للرجل القوي ألا يغضب فيذهب على الأقل نصف قوته، وأنا أنصح لك أن تغضب فتزيد قوتك على الأقل بقدر نصفها …!

•••

أساس الحب شيء خاص لا يعرف إلا بالشخص الذي هو فيه، وحينئذ فليس في الوجود كله مثل الشخص الذي هو فيه.

•••

كمال لذة الحب حين تتآخى الإرادة مع الإرادة … لا حين تتنافر أو تتعادى.

•••

ليس في الحب مسافات، فالمتحابان مجتمعان دائمًا في فكرة وإن كان أحدهما في المشرق والآخر في المغرب.

•••

قالت له: إذا كنت تريدني سماء تستوحيها وتستنزل منها ملائكة معانيك فلماذا تنكر عليَّ أن يكون لي مع أنواري سحاب وظلمة ورعد وبرق؟

•••

من تأله الجمال أن الحبيبة لا تريد الحقائق من الطبيعة إليها بل من الطبيعة إلى محبها أول، ثم من المحب إليها بعد …، تريد في حقائق الكون شعور تقديس الله، وشعورًا آخر بتقديسها هي أيضًا …! دولة ضعيفة: ولهذا لا يكون معه أبدًا إلا كالمستعمرة …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤