الفصل الرابع

المنظر الأول

(قاعة الجلسة في محكمة الجنايات بالإسكندرية … منصة القضاة خالية … والجمهور يتخذ مكانه في المقاعد بجلبة … قفص الاتهام به المتهمون … ومقاعد المحامين لم تُشغَل بعدُ … حاجب الجلسة يريد حفظ النظام.)

(يدخل شاهين في بدلة عادية بدون روب مسرعًا مهرولًا، حاملا رزمة أوراق ضخمة … لا تلبث أن تتبعثر منه على الأرض … فينحني عليها بلهفة وحرص ليجمعها.)

(يرن جرس حجرة المداولة فيسرع إليها الحاجب … وينهض شاهين بأوراقه التي جمعها ويتجه إلى مكانه قرب قفص موكله … بينما يدخل قاعة الجلسة بعض المحامين … ويأخذون أماكنهم.)

(يتمتم بقراءة الفاتحة ويرفع يديه إلى السماء ويضعهما على وجهه … وعندئذٍ يُفتَح باب حجرة المداوَلة ويظهر الحاجب معلنًا.)

(تظهر هيئة المستشارين والنيابة.)

(وعندئذٍ يقف كل جمهور قاعة الجلسة احترامًا إلى أن يتخذ المستشارون أماكنهم من المنصة فيجلس الجمهور ويسود الصمت في القاعة.)

(المحامون في الجلسة يضحكون.)

(أحد المحامين الجالسين يخلع روبه ويقدمه إلى شاهين.)

(يُرتَج عليه ويستجمع ذهنه.)

(المحامون يضحكون … والحضور في الجلسة.)

(ضحك من الحاضرين.)

(يغرق في الأوراق بارتباك.)

(المستشار الذي على اليمين يميل على أذن الرئيس.)

(في قفص المتهمين يهمس المتهم لزميله.)

(يخرج من الجلسة وهو يردد كالمذهول كلمة: أنا مجرم … مجرم …)

المنظر الثاني

(مكتب شاهين، حجرة حقيرة الفرش، بها بابان باب خارجي يؤدي إلى سلم البيت وباب داخلي يؤدي إلى حجرةٍ أخرى داخلية يظهر من بابها المفتوح طرف سرير … نافذة تطل على الشارع.)

(تترك النافذة وتتجه إلى الباب الخارجي.)

(يظهر شاهين في رداءٍ طويل ثقيل شِبه معطف أو كاكولة، وهو أصفر الوجه وقد استند إلى باب حجرة السرير متوكئًا.)

(نبوية والمعلم يلتفتان مذعورَين.)

(يتقدم ببطء مستندًا إلى الجدار والمكتب، حتى يصل إلى مقعد فوتيل ممزق فيرتمي عليه … نبوية والمعلم ينظران إليه في صمت.)

(نبوية وحسانين يتبادلان النظارات الحائرة.)

(صوت بلحة من الشارع.)

(حسانين يغمز نبوية ويخرجان في رفق … في الوقت الذي يدخل فيه صبحي وهو في ملابس سوداء وينظر كلٌّ منهما للآخر.)

(صبحي يجلس.)

(لحظة صمت.)

(لحظة صمت.)

(لحظة صمت.)

(يخرج.)

(تدخل.)

(شاهين يطرق مفكرًا.)

(صوت بوق سيارة يدوي طويلًا، ثم صوت المعلم حسانين يصيح من بئر السلم.)

(صوت زيزا في الخارج.)

(شاهين يتجمد في مقعده أصفرَ الوجه كأنه تحول إلى تمثالٍ من شمع.)

(تدخل زيزا فترى شاهين على مقعده، فتقف مشدوهة لا تدري ما تفعل بينما تخرج نبوية وهي تنظر إليها وإلى ملابسها الفخمة معجبة.)

(صمت.)

(يسمع بوق سيارة.)

(أصوات من الخارج.)

(يُسمَع طلق ناري في الحجرة الداخلية وصوت سقوط جسم على الأرض … يجمد عيسوي وزيزا مكانهما بغير حراكٍ ذاهلَين.)