الفصل الثالث

مؤتمرات نقابات العمال (١٩٤٤–١٩٥٢م)

واجهت الحركة العمالية أعنف الضربات حين نشبت الحرب في عام ١٩٣٩م، فطارد البوليس النقابيين، واعتقل البارزين من زعمائهم، وناءت الأحكام العرفية بكلكلها على العمال؛ فحظرت النشاط العمالي بمنعها للإضرابات، وكان أن تفرقت النقابات — كما رأينا في الفصل السابق — من جديد بتداعي اتحاد نقابات عمال المملكة المصرية وإغلاق دورها.

وكما كانت الحرب وبالًا على حركة العمال من حيث تقييد الحرية النقابية؛ فإنها أدت إلى زيادة حجم الطبقة العاملة، ونال العمال — في أثنائها — الاعتراف القانوني بنقاباتهم.

ولما كان نمو الحركة العمالية وازدهارها مرتبطًا بنمو الصناعة وما يتبعه من اتساع الطبقة العاملة، وتعقد العلاقات بين العمل ورأس المال؛ لذلك نعرض فيما يلي تطور الصناعة في أثناء الحرب العالمية الثانية وفي أعقابها، لنقف على ظروف العمل وأحوال العمال في تلك الحقبة.

أفادت الحرب العالمية الثانية الصناعة المصرية كثيرًا، فلم تؤدِ ظروف الحرب إلى نقص الواردات فحسب بل أدت ظروف وجود حوالي ٢٥٪ من قوات الحلفاء المحاربة في مصر إلى ازدياد الطلب على المنتجات الصناعية، فألحق ٢٠٠ ألف عامل مصري بورش الصيانة والمصانع الحربية التابعة للقوات البريطانية، كان من بينهم ثمانون ألفًا من العمال المهرة، وساعد «مركز إمدادات الشرق الأوسط» بعض الصناعات بتزويدها بالمواصفات الفنية ويسر لها سبيل الحصول على قطع الغيار والمواد الخام، ووجدت بعض المنتجات المصرية طريقها إلى الأقطار المجاورة؛ حيث كانت المنتجات الصناعية شحيحة لتعذر الاستيراد من الخارج، وأدت هذه الظروف إلى ازدهار بعض الصناعات، وبصفة خاصة النسيج والأغذية المحفوظة والكيماويات والزجاج والجلود والأسمنت ومواد البناء الأخرى، والبترول والصناعات الميكانيكية، بينما تأسست صناعات جديدة مثل حفظ وتعليب الخضراوات، وصناعة المطاط (الإطارات) وصناعة قطع الغيار والأدوات المختلفة، كما تنوعت الصناعات الكيماوية والدوائية، وقامت صناعة الجوت كذلك.١

وكانت السنوات الثلاث الأولى من الحرب سنوات رخاء بالنسبة للصناعة المصرية، ولكن بعض الصناعات التي كانت وليدة الحرب لم تلبث أن تداعت أمام المنافسة الأجنبية، غير أن الواردات الأجنبية أصبحت محدودة — نسبيًّا — نظرًا لقيام الصناعات المحلية بمواجهة متطلبات السوق المحلية، فاستوردت مصانع جديدة، وتأسس العديد من المصانع.

وقد شجع نجاح مصانع المحلة وكفر الدوار الكثيرين على إنشاء مصانع أخرى للغزل والنسيج تدار بالآلات الميكانيكية حتى بلغ عدد مصانع الغزل في عام ١٩٤٨م تسعة عشر مصنعًا، ومصانع النسيج نحو مائة مصنع، وبلغ إنتاج مصانع غزل القطن في عام ١٩٤٦م نحو ٤٠٤٣٢ طنًّا من الخيوط القطنية بعد أن كان نحو ثلاثين ألف طن في عام ١٩٣٨م، وبلغ إنتاج مصانع المنسوجات القطنية في عام ١٩٤٦م نحو ٢٠٣٦٧٣٦٥٦ مترًا من الأقمشة بعد أن كان نحو ١٣٠ مليون متر في عام ١٩٣٨م، وكان إنتاج تلك المصانع يسد ٨٠٪ من حاجة الاستهلاك المحلي. أما مصانع غزل الصوف ونسجه فكانت تسد ٢٠٪ من حاجة الاستهلاك المحلي، ونمت صناعة غزل الحرير ونسجه، وصناعة التريكو الكتان، والخشب المضغوط والخزف، ونشأت صناعة الورق والأواني المنزلية وأدوات الكهرباء والبلاستيك والألمنيوم والنحاس والحديد.٢
وحين حل عام ١٩٤٩م زادت وطأة المنافسة الأجنبية على جميع قطاعات الصناعة وتراكمت البضائع المخزونة وأغلقت بعض المصانع ثم أتاحت الحرب الكورية للصناعة المصرية فرصة التنفس من جديد لارتفاع أسعار القطن، مما أدى إلى تزايد القوة الشرائية المحلية، ومقاومة المنافسة الأجنبية. وفي عام ١٩٥١م واجهت الصناعات المصرية — وبخاصة النسيج — الكثير من الصعاب نتيجة للصراع الإنجليزي — المصري وما تبعه من اضطراب الأحوال الداخلية في البلاد.٣

لقد ترتب على زيادة الطلب على الأيدي العاملة لخدمة جيوش الحلفاء في أثناء الحرب ونتيجة لزيادة النشاط الصناعي، تدفق المهاجرين من الريف إلى المدن جريًا وراء فرص العمل التي كانت متاحة، وسبل الكسب الميسرة.

وكان من المتوقع أن تغلق المصانع الحربية — التي أقامها الحلفاء — أبوابها بمجرد انتهاء الحرب، وكان معنى هذا أن يصبح العمال الذين يعملون في تلك المصانع بلا عمل، وقد حاولت الحكومة إيجاد حل للمشكلة المنتظرة حين أشرفت الحرب على نهايتها عام ١٩٤٤م، ودارت مفاوضات بين وزارة الشئون الاجتماعية وممثلين لاتحاد الصناعات وللسلطة العسكرية البريطانية اقترح فيها أن تبيع السلطة العسكرية البريطانية هذه المنشآت للحكومة المصرية.٤ ولكن يبدو أن الصعوبات المالية قد اعترضت سبيل هذا الاقتراح فلم تتم الصفقة.
وما لبثت تلك المصانع أن أغلقت أبوابها بمجرد انتهاء الحرب كما توقفت معظم الصناعات التي نشأت نتيجة لظروف الحرب. فتفاقمت مشكلة البطالة، وأدى وجود جيش العاطلين إلى انخفاض مستوى الأجور برغم الارتفاع المطرد للأسعار، وازدياد تكاليف المعيشة على النحو الذي يبينه الإحصاء التالي:٥
(يونيو/أغسطس ١٩٣٩ = ١٠٠٪)
نهاية السنة سعر الجملة تكاليف المعيشة
١٩٣٩ ١٢٢٪ ١٠٨٪
١٩٤٠ ١٤٣٪ ١٢٢٪
١٩٤١ ١٨٣٪ ١٥٦٪
١٩٤٢ ٢٥١٪ ٢١٥٪
١٩٤٣ ٢٩٢٫٧٪ ٢٥٧٫٢٪
١٩٤٤ ٣٣٠٫٣٪ ٢٩٢٫٢٪
١٩٤٥ ٣٣٣٫٤٪ ٢٩٠٫٥٪

وهكذا كانت الطبقة العاملة — في نهاية الحرب — ترزح تحت أقسى الظروف، وزاد الأمر سوءًا اكتظاظ المدن بمن هاجروا من الريف وعدم عودتهم إلى قراهم.

وكانت حكومة الوفد قد أصدرت قانون الاعتراف بالنقابات في عام ١٩٤٢م، وتشكلت نقابات لعمال المؤسسات في ظل القانون، وشرعت تلك النقابات تنظم النضال من أجل المطالبة بإيجاد حل للأزمة، فوقع عدد من الإضرابات التي لقيت مقاومة الحكومة، واستطاعت النقابات — أحيانًا — أن تحقق بعض المطالب كما حدث حين هدد عمال شركة مياه القاهرة بالإضراب إذا لم تستجب الشركة لمطالبهم الخاصة بتحسين الأجور وتخفيض ساعات العمل؛ فتدخل وزير الشئون الاجتماعية في الأمر وهدد باستيلاء الحكومة على الشركة إذا لم تستجب لما يكون عادلًا من مطالب العمال،٦ فسلمت الشركة ببعض المطالب وتغاضت عن الأخرى.

واضطرت حكومة أحمد ماهر أمام ضغط العمال واتساع إضراباتهم إلى إصدار كادر عمال الحكومة الذي ينظم الأجور وقواعد منح العلاوات وغيرها، وقد أدى إصدار هذا الكادر إلى قيام موجة من السخط بين العمال الذين يعملون بالشركات والمؤسسات الأهلية، فهبُّوا يطالبون بتطبيق كادر عمال الحكومة عليهم، وبدأت النقابات تتصل بعضها ببعض بغرض تكوين جبهة لتوحيد النضال من أجل هذه الغاية، وقد أثمرت هذه الاتصالات تأسيس «مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية».

مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية

لم يكُن قانون الاعتراف بنقابات العمال (القانون ٨٥ لسنة) ١٩٤٢م يسمح بإقامة اتحاد عام لنقابات العمال حتى لا تجرَّ الحكومة — التي كانت تمثل المصالح الرأسمالية — على نفسها المتاعب حين يتجمع العمال كطبقة في تنظيم قوي يتمتع بشخصية اعتبارية تستند إلى القانون. وسمح القانون بإقامة اتحادات مهنية تجمع نقابات عمال المهنة الواحدة بشروط معينة حددها القانون.

ولكن التحايل على القانون كان ميسورًا، وضربت حكومة الوفد بنفسها — التي أصدرت القانون — أول مثل للتحايل عليه حين أسست اتحادًا لنقابات العمال الموالية للوفد تحت اسم «رابطة النقابات». وسار العمال على نفس الدرب، فحين أرادوا تأسيس اتحاد لنقاباتهم اختاروا اسم «مؤتمر» وأطلقوه على اتحادهم ليكون واجهة تحمي وجوده ولا توقعه تحت طائلة القانون. فكان أول تجمع لنقابات العمال بعد صدور قانون الاعتراف بالنقابات تحت هذا الاسم هو «مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية».

ترجع نشأة هذا المؤتمر إلى عام ١٩٤٤م، عندما أعلن مشروع كادر عمال الحكومة في نوفمبر متضمنًا مقدمة تشير إلى ما يعانيه العمال من حرمان في معيشتهم، وطالب بالقضاء على هذه المتاعب بتيسير سبل الحياة لهم. وقد استرعى هذا المشروع ومقدمته أنظار العمال ودفعهم إلى التفكير في تطبيق هذا الكادر على عمال المؤسسات الأهلية؛ لذا أجرت النقابات اتصالات فيما بينها، وتم الاتفاق على عقد اجتماع في ٩ من ديسمبر عام ١٩٤٤م بدار نقابة عمال مطبعة مصر، وعقد الاجتماع في الموعد المحدد، وتناقش ممثلو النقابات في مشروع الكادر وفي الطريقة التي يتقدمون بها إلى أولي الأمر طالبين تطبيقه عليهم، وإعداد المذكرات اللازمة في مثل هذه الحالة، وحددوا يوم ١٦ من ديسمبر موعدًا لاجتماعهم التالي.

وفي نفس الوقت كان أعضاء مجلس إدارة نقابة شركة مصر الجديدة يفكرون في نفس الموضوع، ووجهوا الدعوة بالفعل إلى بعض النقابات للاجتماع بدار نقابتهم بمصر الجديدة، وكان ذلك في اليوم التالي للاجتماع الذي عقد بدار نقابة عمال مطبعة مصر، وعندما علم المجتمعون بما دار في الاجتماع السابق، رأوا ضرورة توحيد الجهود بتشكيل جبهة واحدة تتقدم بمطالب العمال، ومن ثم قرروا الاشتراك في اجتماع ١٦ من ديسمبر.

حضر ذلك الاجتماع ستون مندوبًا يمثلون ثلاثين نقابة من أكبر النقابات في مصر، وتم الاتفاق على إطلاق اسم «مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية» على الجبهة التي تكوَّنت من اتحاد عمال تلك النقابات، ووافق المجتمعون على صيغة المذكرة المزمع تقديمها إلى الجهات المختصة وإلى القصر الملكي للمطالبة بتطبيق كادر عمال الحكومة على جميع عمال البلاد، دون تفرقة بين عامل الحكومة وعامل المؤسسة الأهلية.٧
استمر المؤتمر ينظم نضال النقابات المنضمة إليه، وينطق باسمها، وكان يضم في عام ١٩٤٥م، ٢٥ نقابة من نقابات القاهرة هي نقابات عمال النقل والمرافق (الترام – مصر الجديدة – ثورنيكروفت – الأتوبيس – النور– المياه – الطيران) ونقابات الشركات الصناعية (مطبعة مصر – السكر بالحوامدية – سيجوارت – أسمنت طرة – الميكانيكا والكهرباء – الحرير بحلوان – الكاوتشوك الإفريقية – التطريز والرسم – مصر للسينما والتمثيل)، بالإضافة إلى نقابات عمال ومستخدمي المحال التجارية، ومستخدمي دور السينما، وعمال كوتسيكا، وشركة أراضي الدلتا. وكانت تؤيد المؤتمر سبعون نقابة من نقابات الأقاليم، وبلغ عدد أعضاء نقابات المؤتمر بالقاهرة وحدها خمسة عشر ألفًا من العمال.٨

وفي سبتمبر عام ١٩٤٥م وردت أنباء عن عقد المؤتمر التأسيسي لاتحاد النقابات العالمي بباريس، فأوفد مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية إلى المؤتمر العالمي ثلاثة مندوبين، واعتمدهم المؤتمر العالمي كأعضاء، وبذلك اكتسب مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية صفة شبه رسمية. وفي ٢٨ من نوفمبر ١٩٤٥م عقد اجتماع عام لنقابات القاهرة والأقاليم أدلى فيه المندوبون بتفاصيل أبحاث وقرارات مؤتمر باريس، واستقر رأي المجتمعين على الكفاح المنظم المستمر في سبيل حياة أفضل، وأن يكون المؤتمر هو المحرك والموجه لهذا الكفاح، ومن ثَم كان اتجاههم إلى إعداد دستور للمؤتمر، وتشكيل لجان لبحث القوانين ووضع الاقتراحات الخاصة بتعديلها.

وانحصرت أهداف المؤتمر في تنظيم العمال المصريين على أسس ديمقراطية دون تفرقة في الجنس أو الدين داخل «مؤتمر نقابات عمال مصر»، وتمثيل العمال المصريين في الاتحاد العالمي لنقابات العمال وجميع المؤتمرات الدولية، وإثبات حق المؤتمر الطبيعي في الاشتراك الفعلي في وضع القوانين العمالية وإقرارها، وكذا الدفاع عن مصالح العمال أمام الهيئات الرسمية وأمام أصحاب الأعمال والقضاء، وأخيرًا تنظيم كفاح العمال ضد الاعتداءات التي تقع عليهم، وفي سبيل التحرر الوطني وتوطيد أركان الديمقراطية وتدعيم أسس الأمن الدولي.

أما وسائل تحقيق هذه الأهداف فقد حددها المؤتمر على النحو التالي:٩
  • (١)

    الديمقراطية الكاملة داخل النقابات المنضمة إليه والتعاون الوثيق بينها.

  • (٢)

    التبادل المنظم للمعلومات والخبرة في العمل النقابي لدعم تنظيم الحركة العمالية.

  • (٣)

    القضاء على كل ما يعرقل النضال النقابي والنضال في سبيل أهداف المؤتمر وذلك باتخاذ جميع الوسائل لحماية المناضلين عن العمال ضد الفصل والتهديد والإرهاب والاعتقال وإعانة أسرهم في أثناء اعتقالهم، وكفايتهم ماديا في أثناء فصلهم.

  • (٤)

    استخدام جميع الطرق لتفسير أهداف وغايات المؤتمر بالمحاضرات والنشرات والاجتماعات العامة وإصدار جريدة عمالية تنطق باسمه وتعبر عن آرائه.

ويتضح من هذا الطابع التنظيمي الهادف الذي اكتسبه المؤتمر بعد اتصاله بالمنظمات العمالية في الخارج من خلال المؤتمر التأسيسي لاتحاد العمال الدولي، ومن ثَم حرصه على الإعداد لتكوين تنظيم عمالي كبير يجمع نقابات العمال في البلاد تحت رايته، ويكون بمثابة تجمع للطبقة العاملة في مواجهة رأس المال، ونعني به «مؤتمر نقابات عمال مصر» الذي بدأ مؤتمر المؤسسات والشركات الأهلية يَعُد العدة لكي يكون نواة له، وحرصه أيضًا على تأكيد التمسك بالديمقراطية داخل المؤتمر والنقابات المنضمة إليه، وكذلك اهتمامه بتنظيم كفاح العمال من أجل التحرر الوطني وتوطيد دعائم الديمقراطية وتدعيم السلام العالمي.

وكما شهد عام ١٩٤٦م دخول مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات في مرحلة تنظيمية جديدة، شهد أيضًا التحامه بالعمل الوطني للمطالبة بالجلاء.

فقد تقدمت حكومة النقراشي (٢٤ من فبراير عام ١٩٤٥م–١٥ من فبراير عام ١٩٤٦م) بمذكرة إلى الحكومة البريطانية في ٢٠ من ديسمبر ١٩٤٥م تطلب فيها فتح باب المفاوضات من أجل إعادة النظر في معاهدة ١٩٣٦م، واستبدلها باتفاق للدفاع المشترك، فردت الحكومة البريطانية مؤكدة تمسكها بالقواعد الجوهرية التي قامت عليها المعاهدة، مما أدى إلى إثارة الرأي العام في البلاد. ففي ٩ من فبراير خرجت مظاهرة ضخمة من طلبة جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن)، ولكنها اصطدمت بالبوليس عند كوبري عباس، وأصيب ٨٤ من الطلبة بإصابات جسيمة، كما قامت عدة مظاهرات في الأقاليم كان البوليس يقمعها بالعنف، وكان رد الفعل شديدًا في البلاد مما اضطر وزارة النقراشي إلى الاستقالة (١٥ من فبراير عام ١٩٤٦م).

وأسندت الوزارة إلى إسماعيل صدقي الذي كسب الرأي العام — في البداية — بسماحه بقيام المظاهرات مع الاحتياط لحفظ الأمن.١٠ وتألفت لجنة مشتركة من الطلبة في ١٧ من فبراير أصدرت ميثاقا وطنيًّا يرتكز على ثلاثة مبادئ: الجلاء — ودولية القضية المصرية — والتحرر من العبودية الاقتصادية، ولكن الطلبة أحسوا أنهم في حاجة إلى قوة تدعم الكفاح من أجل الجلاء فبدءوا يتصلون بالعمال، وأثمرت هذه الاتصالات عن تكوين «اللجنة الوطنية للعمال والطلبة» التي نظمت إضرابًا عامًّا يوم ٢١ من فبراير باعتباره يوم الجلاء.١١

وكان مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية عضوًا باللجنة الوطنية للعمال والطلبة ومن ثَم اشتراكه في تنظيم هذا الإضراب وما تبعه من نضال وطني من أجل الجلاء.

وقد حدد المؤتمر موقفه من الحركة الوطنية في بيان نشر بالنشرة التي كان يصدرها تحت اسم «المؤتمر»، فذكر أن الهيئات السياسية القائمة أنكرت قضية الوطن وتآمرت مع المستعمر، ووقفت في وجه الكفاح الشعبي، ولذلك وقعت على عاتق العمال «مسئولية قيادة الشعب لتحقيق أهدافه الوطنية»، لتحقيق الجلاء عن وادي النيل عسكريًّا بطرد جيوش الاحتلال من البلاد، واقتصاديًّا بنزع سيطرته المالية عليها، وإداريًّا بطرد الموظفين الإنجليز الذين يعملون في خدمة الحكومة المصرية، فالعمال يكافحون من أجل التحرر التام من الاستعمار لأن فيه تحقيقًا لرفع الأجور، وانخفاض ساعات العمل، وتمتع العمال بمستوى معيشة أحسن، وأن على العمال أن ينظموا صفوف الشعب المناضل ولا يسلموا قيادته لأيدي أعداء الحركة الوطنية الذين خانوها في الماضي ويخونونها في الحاضر. ففي انتصار قضية الوطن انتصار لقضية العمال.١٢
وأصدر المؤتمر بيانًا هاجم فيه جماعة الإخوان المسلمين لقيامها بتأليف لجنة للطلبة والعمال قامت بنشر بيانات هاجمت فيها اللجنة الوطنية للعمال والطلبة، ولاشتباك أعضاء الجماعة في معارك مع العمال بشبرا الخيمة استخدمت فيها العصي، وطالب المؤتمر الحكومة باتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه الاعتداءات.١٣

مؤتمر نقابات عمال مصر

أدى قيام مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية بدور فعال في النضال الوطني عام ١٩٤٦م إلى علوِّ شأنه واتساع نفوذه وزيادة التفاف النقابات حوله، ومن ثَم سعى للخروج عن نطاقه المحدود ليضمَّ جميع نقابات العمال في مصر في منظمة جديدة تحمل اسم «مؤتمر نقابات عمال مصر»، وزود النقابات بمشروع لائحة النظام الأساسي للمؤتمر المزمع تأسيسه لدراسته وإبداء الرأي فيه.

وقد حدد مشروع لائحة النظام الأساسي لمؤتمر نقابات عمال مصر أهدافه بالعمل على تنظيم العمال المصريين، النقابيين منهم والمحرومين من حق تأليف النقابات، على أسس ديمقراطية دون تفريق بينهم على أساس الجنس أو الدين أو القومية أو العقيدة السياسية، داخل مؤتمر نقابات عمال مصر الذي يعتبر بذلك الهيئة التي تضم العمال جميعًا وتنظمهم وتقود كفاحهم، كما يقوم المؤتمر بتمثيل العمال المصريين في الاتحاد العالمي لنقابات العمال وفي جميع المؤتمرات الدولية. ويتمسك المؤتمر بحقه الطبيعي في الاشتراك الفعلي مع الهيئات التشريعية في وضع القوانين العمالية وإقرارها والدفاع عن مصالح العمال إزاء الهيئات الرسمية وأمام أصحاب الأعمال والقضاء، وكذلك تنظيم كفاح العمال ضد الاعتداء الذي يقع على حقوقهم، وتنظيم كفاحهم في سبيل التحرر الوطني، وتصنيع البلاد، وتوطيد أركان الديمقراطية وتدعيم أسس السلام الدولي.١٤
ولم تخرج الوسائل التي حددها النظام الأساسي للمؤتمر الجديد على ما جاء بقانون مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية، وبدت في مشروع اللائحة ظاهرة جديدة، فقد نصَّت المادة الثامنة على أن المؤتمر يعمل على تنظيم العاملات في رابطات توجههن إلى الكفاح النقابي والوطني.١٥

ووضع مشروع لائحة للجان الإقليمية التي تضمُّ النقابات التابعة للمؤتمر بالأقاليم حددت فيه أغراضها بالعمل على تقوية النقابات، وضمَّ العمال غير النقابيين إلى نقاباتهم أو مساعدتهم على تكوين نقابات لهم إذا لم تكن لهم نقابات، وإيجاد اتصال فعلي بين النقابات المماثلة في المنطقة وبين النقابات المماثلة لها في المناطق الأخرى، وبحث حالة العمل والمستوى الاجتماعي في المنطقة والسعي بجميع الوسائل لتحسينها، ودراسة القوانين ومشروعات القوانين لإبداء وجهة نظر العمال فيها. وأخيرًا تنظيم ثقافة عمالية لعمال الأقاليم بإقامة المكتبات وإلقاء المحاضرات وإصدار النشرات.

وقد اتخذ مشروع اللائحة من قانون اتحاد النقابات الدولي نموذجًا له، واستفاد منه إلى أبعد الحدود وخاصة في الناحية التنظيمية، وتمثيل النقابات في المؤتمر بنسبة عدد أعضائها، كما اقتبس الكثير من قانون مؤتمر نقابات الشركات والمؤسسات الأهلية.

وما إن تم وضع الأساس القانوني والتنظيمي للمؤتمر المزمع تأسيسه حتى وجه مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية الدعوة إلى جميع نقابات العمال لحضور الاحتفال بعيد أول مايو عام ١٩٤٦م بناء على توصية اتحاد النقابات العالمي بباريس ومشاركة لعمال العالم في الاحتفال بعيدهم، ولإعلان مولد «مؤتمر نقابات عمال مصر».١٦
وفي اليوم المحدد للاجتماع فوجئ العمال — الذين وفدوا من جميع أنحاء البلاد — بمحاصرة البوليس لمقر المؤتمر ولمكان الاجتماع، ولكنهم نجحوا في عقد اجتماعهم في مكان آخر حيث أُعلن تأسيس «مؤتمر نقابات عمال مصر»، وتمت الموافقة على لائحته الأساسية واتخذ المجتمعون قرار بالإجماع بتقديم مذكرة إلى إسماعيل صدقي يحددون فيها مطالب العمال الاقتصادية والسياسية.١٧
وبدت في هذا الاجتماع أولى ثمرات جهود المؤتمر لتنظيم العاملات، فانضمت «رابطة العاملات بالقاهرة» إلى عضوية المؤتمر، ودعيت لحضور الاجتماع التأسيسي، فحضرت الاجتماع مندوبات عن الرابطة، وألقت إحداهن (حكمت الغزالي) كلمة الرابطة، فشرحت أغراضها التي انحصرت في بثِّ روح الوعي والإدراك لمن يُعوِزه حتى تتحد العاملات مع العمال كقوة لنجاح الحركة العمالية، إذ إن «هدف الرابطة الأول دخول العاملات النقابات ليشعرن بأن لا فرق بينهن وبين العمال، فمصلحتهم واحدة، وآمالهم واحدة، وعدوهم واحد»، كما أن من أغراض الرابطة تكتيل العاملات في وحدة تدافع عن حقوقهن كنساء، والعمل على تحقيق المساواة مع الرجل في النواحي الاقتصادية والاجتماعية، فمن الناحية الاقتصادية، المطالبة بحق العمل ومساواة الأجور أي أجر مماثل لعمل مماثل، ومن الناحية السياسية المطالبة بحق الانتخاب مثل الرجل تمامًا، حتى لا يسري على المرأة قانون لم تشترك في وضعه. أما من الناحية الاجتماعية، فيجب العمل على تسهيل الحياة أمام المرأة بفتح دور الحضانة، وبيوت الأمومة ورياض الأطفال، وإقامة مطاعم شعبية، وتعميم الوحدات الصحية، هذا عدا حق التعليم المجاني بجميع مراحله، كما يجب أن تعطي المرأة نفس الحقوق على الأطفال مثل الرجل تمامًا، وأن تمنح إجازة مدة شهر قبل الوضع وشهر بعد الوضع، بالإضافة إلى التأمين الاجتماعي. «فالرابطة تعمل على التخلص من استغلال أصحاب الأعمال للمرأة العاملة من ناحية، واستغلال الرجل لها من ناحية أخرى».١٨

ولعل اهتمام مؤتمر نقابات عمال مصر بتنظيم العاملات هو أول اهتمام من نوعه بالمرأة العاملة، فيما عدا المحاولة التي قام بها «اتحاد نقابات عمال وادي النيل» — الذي أقامه الوفد في ١٩٢٤م — فقد أفردت جريدته الأسبوعية «اتحاد العمال» صفحة للمرأة العاملة كان يدعو الاتحاد من خلالها إلى تنظيم صفوف العاملات، وكان هذا أمرًا طبيعيًّا بعدما حدث من اشتراك المرأة في ثورة ١٩١٩م، وإثباتها لوجودها كقوة لها وزنها في النضال الوطني، ولكن تلك المحاولة لم تتجاوز نطاق الدعوة، ولم يترتب عليها قيام تشكيل نقابي نسائي.

وليس لدينا معلومات عن النشاط النقابي النسائي في مصر على الإطلاق، فلم نسمع عن وجود نقابة للعاملات حتى في أكثر الفترات نشاطًا، ولم تضع اتحادات العمال التي ظهرت فيما بين الحربين في برامجها الاهتمام بتنظيم العاملات، وربما كان مرد هذا إلى قلة عدد العاملات في الصناعة بوجه عام، وكان المجال الوحيد لاستخدام المرأة ينحصر في صناعة حلج القطن وصناعة النسيج، وعلى وجه العموم كن يعملن في أعمال ثانوية لا تجعل لهن وزنًا يغري المنظمين النقابيين بتنظيمهن في نقابات خاصة بهن، كما وقفت التقاليد حائلًا بينهن وبين الاشتراك في النقابات مع العمال جنبًا إلى جنب.

الواقع أن سوء الأحوال الاقتصادية التي كان يعاني منها العمال في أعقاب الحرب العالمية الثانية كان الدافع الأول لتجمعهم واتحاد نقاباتهم، فقد لجأت المصانع التي دعت ظروف الحرب إلى إنشائها، وكذلك المصانع التي وسعت نشاطها نتيجة زيادة الطلب على إنتاجها في أثناء الحرب، إلى إغلاق أبوابها أو تخفيض أجور عمالها أو الاستغناء عن بعضهم، حين عجزت عن الصمود أمام المنافسة الأجنبية. وكانت مشكلة عمال النسيج بشبرا الخيمة هي المثال البارز لهذه الحالة.

فقد أغلقت مصانع النيل (وكانت من أكبر مصانع النسيج بالمنطقة) أبوابها، ونتج عن هذا تعطيل آلاف العمال، كما أنذرت مجموعة من المصانع عمالها برغبتها في إيقاف نشاطها وتخفيض أجور من يرغب في الاستمرار في العمل من عمالها، وأدى هذا إلى وقوع اضطرابات من جانب العمال واجهتها الحكومة بالعنف، فألقت القبض على عدد كبير منهم، وتدخل مؤتمر نقابات عمال مصر في الأمر، فأجرى مفاوضات مع وزارة الشئون الاجتماعية من أجل الوصول إلى حل للمشكلة، ولكن الحكومة لم تفعل أكثر من إطلاق سراح من كانت قد اعتقلتهم من العمال مقابل أخذ تعهد كتابي على كل منهم بإطاعة القانون ونظام المصنع الذي يعمل به، وعدم الاشتراك في أي إضراب مهما كان نوعه وإلا تعرض للوقوع تحت طائلة القانون.١٩

ولكن العمال لم يُذعنوا لقرار الحكومة، وامتنعوا عن العمل إلا إذا سمح لهم بالعودة إلى أعمالهم بدون قيد أو شرط مع عدم المساس بأجورهم، وأدى هذا الموقف من جانب العمال إلى زيادة الأمر سوءًا، فإن أحدًا لم يُعرهم التفاتًا، وطحنتهم البطالة، وعانت أسرهم من جراء ذلك الكثير.

وتباين موقف الصحف إزاء هذه المشكلة، فوقفت الصحف اليسارية في جانب عمال شبرا الخيمة تدعو إلى ضرورة إيجاد حل لمشكلتهم، وكان «الوفد المصري» في مقدمة تلك الصحف وشنت جريدة الإخوان المسلمين حملة على العمال اتهمتهم بأنهم يستجيبون لذوي المبادئ الهدامة، وأن هدفهم «الهدم الفوضوي»، وكانت تشير بهذا إلى اتهام العمال بالخضوع لتوجيه الشيوعيين.٢٠
ولم تكُن ظروف عمال النسيج بالإسكندرية بأفضل من ظروف إخوانهم عمال شبرا الخيمة، فقد قامت مصانع «شركة النزهة» وبعض مصانع النسيج الأخرى بتوفير أعداد كبيرة من العمال فأضرب العمال احتجاجًا على ذلك، وقامت الحكومة بإلقاء القبض على عدد منهم، وأضرب بعضهم عن الطعام، وحين ذهب وفد من العمال إلى مكتب العمل يطلبون النظر في مشكلتهم والإفراج عن المسجونين من زملائهم لم يُعرهم أحد التفاتًا، فأصدرت «الجبهة المتحدة لنقابات عمال الإسكندرية» بيانًا احتجت فيه على تصرفات أصحاب الأعمال، وطالبت بحل مشكلة العمال المفصولين، وهددت بإعلان الإضراب العام إذا لم تحل مشكلتهم.٢١
وكانت هذه الظروف هي المحور الذي دارت حوله المذكرة التي رفعها مؤتمر نقابات عمال مصر إلى رئيس الوزراء في ١٠ مايو، والتي افتتحت بالاحتجاج على ما أقدمت عليه الحكومة من مصادرة للاجتماع الذي عقد في أول مايو، ومنع الاحتفال بالعيد العالمي للعمال، وعرضت المطالب التي ينادي بها المؤتمر باعتباره الهيئة التي تمثل جميع النقابات، وحددت مدة شهر لإجابة هذه المطالب يعلن بعدها الإضراب العام إذا لم تتحقق. وكان أول هذه المطالب سياسيًّا وهو تحقيق الجلاء التام سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا عن وادي النيل فورًا، أما المطالب الأخرى فكانت اقتصادية، فطالبوا بتطبيق كادر عمال الحكومة على جميع العمال لتحسين أحوالهم وما يترتب على ذلك من زيادة قدرتهم الشرائية فتحل الأزمة الاقتصادية، ومكافحة البطالة بمنع أصحاب المصانع من إغلاقها، واستيلاء الحكومة على كل مصنع يحاول إغلاق أبوابه، وشراء الحكومة لورش الجيش الأمريكي والبريطاني، وعلى الحكومة أن تقوم بإصدار قانون التأمين ضد البطالة، وطالبوا بالإفراج عن القادة النقابيين٢٢ الذين قبض عليهم بسبب نشاطهم النقابي والوطني، وتحديد ساعات العمل لجميع العمال المصريين بما لا يزيد عن أربعين ساعة في الأسبوع مع عدم المساس بالأجور، واعتبار الأول من مايو من كل عام عيدًا عامًّا لجميع العمال المصريين بإجازة مدفوعة الأجر.٢٣
ولكن مرت عشرة أيام دون أن تحرك الحكومة ساكنًا، أو تهتم بالاتصال بزعماء المؤتمر فأنفذ المؤتمر الرسائل إلى النقابات يحثها على إرسال برقيات إلى رئيس الوزراء لتأييد مطالب المؤتمر وإعلان تضامنها معه، وأن يُرسل نص البرقية إلى إحدى الصحف اليومية في صبيحة ٢٥ مايو، وتقوم كل نقابة بطبع نص مذكرة المؤتمر إلى رئيس الوزراء وتوزيعه على العمال سواء كانوا مشتركين فيها أو غير مشتركين.٢٤
انهالت البرقيات على الحكومة، وبدأت خطورة الحركة تبدو واضحة. وقبل موعد تنفيذ الإضراب العام بأربعة أيام (٥ من يونيو) اتصل بالمؤتمر أحد رجال صدقي، وطلب إيفاد مندوبين من أعضاء المؤتمر لمقابلة وزير الشئون الاجتماعية والتفاهم معه حول مطالبهم، وحين التقى المندوبون بالوزير اتفق الطرفان على تأجيل موعد الإضراب على أن يقوم الوزير بعرض الأمر على اتحاد الصناعات للنظر في تحقيق المطالب، ولكن اتحاد الصناعات رفض الموافقة على هذه المطالب، ومن ثم قررت اللجنة التنفيذية للمؤتمر تحديد يوم ٢٥ من يونيو عام ١٩٤٦م لتنفيذ الإضراب العام إذا لم تحقق المطالب قبل يوم ٢٠ من يونيو. وانهالت برقيات النقابات على الحكومة من جديد لتأييد مطالب المؤتمر.٢٥

واستطاعت الحكومة أن تدقَّ إسفينًا شقَّ وحدة العمال، فلما كان عمال النقل هم ركيزة التأثير في الرأي العام — حين تتوقف المواصلات عند قيام الإضراب وتتعطل مصالح الناس — فيضغط الرأي العام على الحكومة لإجابة مطالب تلك الفئة المظلومة، ومن ثَم يكون نجاح الإضراب مؤكدًا. فقد جمعت الحكومة مندوبين من نقابات عمال النقل بالقاهرة — بوسيلة أو بأخرى — وعُقد اجتماع في وزارة الشئون الاجتماعية قرر فيه عمال النقل التزامهم بعدم تنفيذ قرار الإضراب على أن يتم تشكيل لجنة وزارية عليا من العمال وأصحاب الأعمال ومندوبين عن الحكومة وممثلين لمجلس الشيوخ والنواب، وعقدت اللجنة أول اجتماع لها في ٩ من يوليو.

وأسقط في يد مؤتمر نقابات عمال مصر بخروج القوة المؤثرة في نجاح الإضراب على قراره، ولم يتم تنفيذ الإضراب، وفي ليلة ١١ من يوليو قضى المؤتمر نحبه، فقد ألقي القبض على زعمائه، وعلى البارزين من النقابيين ضمن موجة الاعتقالات العارمة التي قضت بها حكومة صدقي على الأصوات التي ارتفعت لمعارضة مشروع معاهدة صدقي-بيفن، وقد قبض في تلك الليلة على بعض الكتَّاب والصحفيين وطلبة الجامعة، ووجهت إلى الجميع تهمة العمل على قلب نظام الحكم والترويج للشيوعية، فكانت حركة الاعتقالات هذه حلًّا ضمنيًّا لمؤتمر نقابات عمال مصر.

يتضح من دراستنا لمؤتمر نقابات عمال مصر أنه قد نشأ في البداية على نطاق محدود جمع عمال الشركات والمؤسسات الأهلية لغرض اقتصادي، ثم ما لبث أن أدرك القائمون على أموره ما لاتحاد النقابات من قدرة على فرض مطالب العمال على الحكومة وأصحاب الأعمال، فشرعوا يُعِدون العدَّة لإقامة (اتحاد عام) للنقابات، وساعدت الظروف على تقوية هذا الاتجاه فكان التحام ذلك التنظيم النقابي بالعمل الوطني من أجل الجلاء، واحتكاكه بالتشكيلات النقابية في الخارج من خلال المؤتمر التأسيسي لاتحاد النقابات العالمي، كفيلًا بخلق الإحساس بالقدرة على إبراز الشخصية العمالية المتكاملة في شكل جبهة تجمع شمل نقابات العمال في مصر.

وكان للشيوعيين نصيب الأسد في قيادة كل من المؤتمرَين، فقد عمرت تلك الفترة بنشاط المنظمات الشيوعية الذي اتجه إلى محاولة السيطرة على نقابات العمال بوسيلتَين، إحداهما؛ محاولة العمال الشيوعيين الوصول إلى مراكز القيادة فيها، ومن ثم توجيهها، وثانيتهما؛ محاولة جذب قادة النقابات إلى المنظمات الشيوعية، ومن ثَم إخضاعهم لتوجيهها.

ويبدو أثر المنظمين الشيوعيين واضحًا في البيانات التي صدرت عن مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية، وفي لائحة النظام الأساسي لمؤتمر نقابات عمال مصر، الذي نصَّ في مقدمته على أن المؤتمر سيكافح كفرقة من جيش العمال العالمي، جيش السلام والعدل والحرية، كما رفع المؤتمر شعار «يا عمال مصر اتحدوا».٢٦

ولعل وجود نسبة كبيرة من الشيوعيين في قيادة المؤتمر كان السبب في محاربة الحكومة له بضراوة، فمن مصادرة الاجتماعات إلى اعتقال القادة ورؤساء النقابات المنضمة إليه.

ولكن مسئولية وأْد مؤتمر نقابات عمال مصر، وهو لا يزال في المهد، تقع على عاتق قادته ومُنظميه، بقدر ما تقع على عاتق الحكومة، فقد اشترط المؤتمر في مطالبه بصورة تدل على عدم النضج السياسي، وعدم الفهم لحقيقة الأوضاع الاقتصادية حينئذ، فلم يكن معقولًا أن تقوم الحكومة (في عام ١٩٤٦م) بتحقيق «الجلاء التام عن وادي النيل سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا» في مدة شهر، كما لم يكن من الممكن أن تسلم الرأسمالية المصرية بتحقيق المطالب الاقتصادية — التي تَقدَّم بها المؤتمر — في الوقت الذي كانت تعاني فيه أزمةً شديدة بسبب ضعف القدرة الشرائية في السوق المحلية، وتداعي الكثير من الصناعات أمام المنافسة الأجنبية بعد أن زالت ظروف الحرب. وبذلك مهَّد القائمون على أمور المؤتمر الطريق أمام الحكومة — بقصد أو بدون قصد٢٧ — لتوجيه ضربة قاضية إلى المؤتمر.

اللجنة التحضيرية للاتحاد العام لنقابات العمال بالقطر المصري

أعقبَ القضاء على «مؤتمر نقابات عمال مصر» موجة إرهابية وجهت إلى العمال الذين زاد تذمرهم بتفاقم مشكلة البطالة، وبارتفاع الأسعار ارتفاعًا جنونيًّا، وضربت الحكومة كل محاولة تنشأ للمطالبة بإيجاد حل للحالة السيئة التي تردَّى فيها العمال.

وكان لعمال شركة مياه القاهرة مطالب قِبَل الشركة ظلوا يطالبون بها فترة ليست بالقصيرة دون جدوى، وحين يئسوا من إجابة مطالبهم أعلنوا الإضراب عن العمل، فتدخلت السلطات في الأمر، ووجهت إدارة الشركة إلى مجلس إدارة النقابة تهمة التحريض على الإضراب وألقيَ القبض على زوجات العمال لإرغام أزواجهن على العودة للعمل، وبرغم تبرئة القضاء لأعضاء مجلس إدارة النقابة، فقد قررت الشركة فصلهم على ما في ذلك من مخالفة لحكم القضاء وقانون النقابات، كما قامت شركة أتوبيس القاهرة بفصل حوالي سبعين عاملًا من بينهم رئيس وسكرتير النقابة لإرهاب باقي العمال، وحلَّت الحكومة النقابة العامة لعمال النسيج الميكانيكي بشبرا الخيمة بسبب نشاطها الموجه ضد إغلاق المصانع وتشريد العمال، وحين قام بعض النقابيين ببورسعيد والفيوم والقاهرة بمحاولة تكوين اتحادات مهنية وفقًا لأحكام قانون النقابات؛ صادرت الحكومة اجتماعاتهم، كما صادرت اجتماعات الجمعيات العمومية للنقابات، ومنعت عقد اجتماع دعت إليه نقابات القاهرة عام (١٩٤٧م) للتشاور في المطالب القومية.٢٨

وإزاء هذه الظروف تعذرت إقامة جبهة — في أواخر الأربعينيات — تجمع نقابات العمال على نحو ما حدث في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وتبلور النشاط العمالي في تلك الحقبة حول نقابة المؤسسة، فدخلت كل نقابة في صراع مع الشركة التي يعمل بها أعضاؤها، ولكن كان من النادر أن تصل إلى تحقيق مكاسب ذات بال، فيما عدا النقابات التي كانت على درجة من القوة تسمح لها بتوجيه ضربة تضرُّ بمصالح الشركة، كعمال ترام القاهرة الذين نجحوا — تحت التهديد بالإضراب — في انتزاع كادر لعمال الترام من بين براثن الشركة عام ١٩٤٩م، وعمال شركة الغزل الأهلية بالإسكندرية الذين تمكَّنوا من إبرام عقد عمل مشترك مع الشركة في نفس الفترة.

وبحلول عام ١٩٥٠م بدأت النقابات تتحرك لمحاولة تكوين «اتحاد» يجمع شملها؛ فجرَت اتصالات بين النقابات بعضها ببعض لتحقيق هذه الغاية، وكان للنقابيين الشيوعيين دور بارز في هذه الناحية، وأصدر اثنان من هؤلاء المنظمين النقابيين كُتيبًا بغرض الدعوة لتوحيد النقابات في حركة نقابية واحدة حول برنامج محدد، ودعا الكاتبان النقابات إلى التمسك بذلك البرنامج والعمل من أجل تحقيقه، وتقوية الاتصال بين النقابات.٢٩
وأصبح البرنامج الذي تضمنه الكتيب أساسًا لبرنامج «اللجنة التحضيرية للاتحاد العام لنقابات العمال بالقطر المصري» التي تشكلت في عام ١٩٥١-١٩٥٢م من قادة النقابات البارزين ودخلتها عناصر جديدة من النقابيين الذين تربوا في حجر «مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية»، وكان هذا البرنامج يدور حول المطالبة بوضع حد أدنى للأجور، وسن قانون للتأمين ضد البطالة والشيخوخة والعجز، وتعديل قانون عقد العمل الفردي على أساس تقييد سلطة أرباب الأعمال في فصل العمال، والاعتراف بحق العامل في الحصول على مكافأة عن مدة عمله في حالة استقالته، وتخفيض ساعات العمل بحيث لا تتجاوز ثماني ساعات يوميًّا وست ساعات بالنسبة للأعمال الشاقة الخطيرة، والمساواة في الأجور بين الجنسين ومنح النقابات حق الاشتراك في وضع مشروعات القوانين قبل إصدارها، والاعتراف بحق الإضراب العام باعتباره حقًّا مشروعًا، وأخيرًا الاعتراف بحق العمال في إقامة اتحاد عام يجمع شمل النقابات ويدافع عن مصالحهم.٣٠

وقد دأبَت اللجنة التحضيرية على توجيه الدعوة إلى أكبر عدد من النقابات للانضمام إليها والمساهمة في أعمالها، فانضم إليها أكثر من مائة نقابة، وكان هذا دليلًا على إدراك العمال لأهمية قيام الاتحاد العام بالنسبة لحل مشاكلهم الاقتصادية المتفاقمة، وقامت اللجنة بإصدار عدد من البيانات وجهتها إلى العمال ودعتهم فيها إلى الاشتراك في أعمال اللجنة، كما أوفدت اللجنة مندوبين عنها إلى الاتحاد العالمي للنقابات، وإلى مؤتمر الاتحاد العام لنقابات العمال في السودان.

وعقدت اللجنة عدة جلسات اشترك فيها أغلب النقابات المنضمة إليها من مختلف أنحاء القطر، واستقر الرأي — كخطوة أولى — على توجيه الدعوة إلى جميع نقابات العمال في مصر لحضور مؤتمر عام يُعقد بمقر نقابة عمال ترام القاهرة (حيث كانت سكرتارية المؤتمر) في مساء الأحد ٢٧ من يناير ١٩٥٢م لتبادل وجهات النظر وتحديد الخطوات الواجب إتباعها، كما وجهت الدعوة إلى الاتحاد العالمي للنقابات، والاتحاد العام لنقابات العمال بالسودان لإيفاد مندوبين لحضور هذا المؤتمر، وكانت النية متجهة إلى إعلان تأسيس «الاتحاد العام لنقابات العمال بالقطر المصري».

وكانت الأحداث تخبئ ما لم يكن في الحسبان، فقد شبَّ حريق القاهرة في صباح السبت ٢٦ من يناير عام ١٩٥٢م، وأعلنت الأحكام العرفية، وبذلك كان من المتعذر عقد المؤتمر، وخاصة أن السلطات ألقت القبض على معظم زعماء النقابات وقادة اللجنة التحضيرية، وكانت اللجنة أول هيئة تصدر بيانًا تستنكر فيه حريق القاهرة، فقد أصدرت في مساء اليوم نفسه بيانًا وجَّهته إلى «الشعب المصري عامة والعمال خاصة»، ذكرت فيه أن أعمال التخريب والشغب لا تخدم إلا الاستعمار وأنه «لا سبيل إلى إجلاء الاستعمار إلا بالكفاح الإيجابي المنظم والمحدد الأهداف وبتوحيد الصفوف».

وفي مايو أعيد تشكيل اللجنة تحت اسم «اللجنة التأسيسية لاتحاد نقابات العمال المصرية»، ووضعت لائحة النظام الأساسي للاتحاد، فحددت أغراضه بالدفاع عن المصالح النقابية فردية كانت أو مشتركة، والعمل على تحسين العلاقات بين النقابات وأصحاب الأعمال، وتدعيم الروابط بين النقابات، ورفع مستواها التنظيمي والثقافي والاقتصادي، وتنظيم العلاقات بين الحركة العمالية المصرية والحركة العمالية الدولية.٣١
ونوقش موضوع الاتحاد بمؤتمر العمل الدولي بجنيف، واتصل الاتحاد العالمي للنقابات ببروكسل بالمفوضية المصرية وطلب منها الاتصال بالحكومة المصرية للعمل على تأليف اتحاد مصري للعمال، لِما لتأليفه من أثر طيب في المحافل الدولية.٣٢
وتَقرر عقد مؤتمر من نقابات العمال لبحث اللائحة وتبادل وجهات النظر بشأن نظام الاتحاد ثم إعلان تأسيسه، وتحدد لعقد المؤتمر أيام ١٤، ١٥، ١٦ من سبتمبر عام ١٩٥٢م٣٣ ولم يكن قد مضى على قيام الثورة أكثر من شهر ونصف، وكانت الأحوال الداخلية غير مستقرة، فرفضت السلطات السماح بعقد المؤتمر لدواعي المحافظة على الأمن.

وبانفضاض اللجنة التأسيسية للاتحاد العام لنقابات العمال المصرية، طويت صفحة من تاريخ النقابات في مصر، لتفتح صفحة جديدة تخرج عن نطاق هذا البحث.

إن أبرز ما يميز النشاط النقابي في أعقاب الحرب العالمية الثانية هو تخلص النقابات من سيطرة الأحزاب والهيئات السياسية على قياداتها وتوجيهها، فقد كانت تلك المرحلة تمتاز باستقلال الحركة النقابية بأمورها فتصدت للقيادة والتوجيه عناصر من العمال أنفسهم ممن تمرسوا بالعمل النقابي على جميع المستويات، كما امتازت بالنضال من أجل تأسيس (اتحاد عام) لنقابات العمال، وثمة ظاهرة ثالثة هي عودة العناصر الشيوعية إلى محاولة توجيه النقابات بقدر كبير من النجاح — أحيانًا — بصورة تختلف عما حدث في عام ١٩٢٤م، فبينما كان الحزب الشيوعي المصري يقوم بتوجيه النقابات عن طريق قادة من المثقفين، كانت المنظمات الشيوعية — في أعقاب الحرب الثانية — تحرص على أن يحمل النقابيون من أعضائها عبء توجيه النقابات، ومثَّلت النقابة العامة للنسيج الميكانيكي بشبرا الخيمة بؤرة هذا النشاط.

وإذا كان صدور قانون الاعتراف بالنقابات في عام ١٩٤٢م حدثًا فريدًا في تلك المرحلة؛ فإنه تقع على عاتق القانون نفسه مسئولية تمزيق أوصال الحركة النقابية في تلك الفترة، فقد حرَّم تأسيس اتحاد عام للنقابات وابتدع الاتحادات المهنية التي تجمع نقابات المهنة الواحدة، وحتى هذا النوع من الاتحادات لم يستطع تحقيق اتحاد واسع يجمع كل نقابات المهنة، فلم يكن اتحاد النقل المشترك يضمُّ في عام ١٩٥١م — على سبيل المثال — أكثر من ثماني نقابات كانت جميعًا بالقاهرة في حين أن عدد النقابات الخاصة بعمال النقل بلغ ١٤٤ نقابة في نفس السنة.٣٤
١  Charles Issawi. Egypt at mid-century, pp. 141-142.
٢  عبد الرحمن الرافعي، في أعقاب الثورة المصرية، ج١، ص٢٧٥-٢٧٦.
٣  Charles Issawi, op. cit., p. 142.
٤  محمد حسين هيكل، مذكرات في السياسة المصرية، ج٢، ص٣٠٠.
٥  National Bank of Egypt, 1898–1948, p. 75.
٦  محمد حسين هيكل، المرجع السابق، ص٢٩٦.
٧  نشرة نقابة مستخدمي المحال التجارية بالقاهرة، أول مايو عام ١٩٤٦م، ص٦، ٧.
٨  نفس النشرة، نفس التاريخ، ص٨.
٩  النشرة السابقة، نفس التاريخ، ص٧، ٨.
١٠  عبد الرحمن الرافعي، في أعقاب الثورة المصرية، ج٣، ص١٨٤.
١١  شهدي عطية الشافعي، تطور الحركة الوطنية ١٨٨٢–١٩٥٦م، ص٩٨.
١٢  المؤتمر، نشرة غير دورية تصدر عن مؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية، رقم ٥، ٢٥ / ٤ / ١٩٤٦م.
١٣  نفس النشرة، نفس التاريخ.
١٤  مشروع لائحة النظام الأساسي لمؤتمر نقابات عمال مصر، ص٥، ٦.
١٥  المصدر السابق، ص٩.
١٦  من حسين كاظم إلى رئيس نقابة عمال صناعة الزجاج بالقاهرة وضواحيها، رسالة رسمية في ٢٥ / ٤ / ١٩٤٦م (انظر: ملحق ٣).
١٧  مقال بعنوان «صفحة من كفاح العمال في مصر» بدون توقيع، مجلة رابطة الشباب، العدد ١٦٠.
١٨  المؤتمر، نشرة غير دورية، رقم ٦، ١٨ / ٥ / ١٩٤٦م.
١٩  الوفد المصري، ٨ / ٦ / ١٩٤٦م.
٢٠  الإخوان المسلمين، ٢٠ / ٦ / ١٩٤٦م.
٢١  الوفد المصري، ٢١ / ٦ / ١٩٤٦م.
٢٢  كانوا ثلاثة هم: محمد يوسف المدرَّك، محمود العسكري، طه سعد عثمان، وجميعهم من النقابيين الشيوعيين، وقد قبض عليهم بتهمة الحض على كراهية الرأسمالية.
٢٣  المؤتمر، نشرة غير دورية، رقم ٦، ١٨ / ٥ / ١٩٤٦م.
٢٤  من حسين كاظم إلى رئيس نقابة عمال ومستخدمي المحلات التجارية، في ٢١ / ٥ / ١٩٤٦م، (انظر: ملحق ٤).
٢٥  مجلة رابطة الشباب، العدد ١٦٠، ١ / ٥ / ١٩٤٧م.
٢٦  مشروع لائحة النظام الأساسي لمؤتمر نقابات عمال مصر، ص٤.
٢٧  أدى هذا الموقف إلى جعل محمد يوسف المدرَّك (أحد مندوبي عمال مصر في المؤتمر التأسيسي للاتحاد العالمي للنقابات) يذهب إلى اتِّهام زعماء مؤتمر نقابات عمال مصر بالتواطؤ مع الحكومة للقضاء على المؤتمر، فقدَّموا تلك المطالب وهم يعلمون تمامًا أنه لا يمكِن تحقيقها ليتيحوا للحكومة فرصة القضاء على المؤتمر بعد أن كاد يحقق وجود جبهة عمالية قوية في البلاد.(مقابلة شخصية في ٢ / ١ / ١٩٦٥م).
٢٨  مذكرات عمارة، ص٣٨، ٣٩.
٢٩  يس مصطفى ومحمد فتحي، النصيحة إلى العمال في مصر، ص٢٢.
٣٠  المصدر السابق، ص١٤.
٣١  لائحة النظام الأساسي للاتحاد العام للنقابات المصرية، ص٣.
٣٢  الأهرام، ٩ / ٦ / ١٩٥٢م.
٣٣  المصري، ٢٥ / ٨ / ١٩٥٢م.
٣٤  الأهرام، ٩ / ٦ / ١٩٥٢م.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤