كل شيءٍ … في المخبأ السري!

نزل «تومي» فتبعه «أحمد»، لكنهما لم يدخلا القاعة جاء «دوك»، وقف أمام المبنى، الذي كان يبدو مثل كرة قدمٍ كبيرةٍ، ضغط على زرٍّ في الجدار، فدارت الكرة، حتى توقفت بعد قليلٍ، وفتح الباب، دخل «دوك» فدخلا خلفه.

كان الذهول يصيب «أحمد»، لقد كانت قاعةً غريبةً، مليئة بالأجهزة والكاميرات. وقف «أحمد» ينظر حوله … فقال «دوك»: يومًا ما سوف تعرف كل هذه الأشياء.

تقدم الثلاثة، حتى دخلوا حجرة اجتماعات صغيرة، كانت تضمُّ عددًا من الرجال.

قال «دوك»: الزملاء: تين، همفري، تيستا، ديكار، رول، ماتي.

كان «أحمد» يُتابع الأسماء، وهو ينظر إليهم.

أخيرًا قال «دوك»: الصديق «حامد»، رجلنا الجديد.

وقفوا جميعًا، فحيَّاهم «أحمد» بانحناءةٍ، وأخذ كلٌّ منهم مكانه حول مائدةٍ مُستديرة، ضغط «دوك» زرًّا، فتحرَّكت المائدة، حتى أصبحت في شكل حدوة الحصان، فجأة، شاهد «أحمد» أضواء تلمع عن بعد، وشمَّ رائحة البحيرة.

ظهرت الدهشة على وجهه فقال «دوك»: إنك أمام البحيرة مباشرة، هذه الأضواء التي تلمع … قوارب صيد.

بينما كان «دوك» يتحدث وصلت رسالة إلى «أحمد» كانت الرسالة تقول: الهجوم الليلة! كان ينظر إلى «دوك» ويحاول أن ينسى الرسالة مؤقتًا.

قال «دوك»: إذا خرجت من هنا، يكون بينك وبين الماء متران فقط. وصمت لحظةً، ثم قال: في الصباح يُمكن أن ترى كل هذه الأشياء بوضوحٍ.

وضغط زرًّا أمامه، فخرجت من وسط الحدوة منضدة مستديرة، كانت تحمل أكواب العصير، مدَّ كل واحد يده يأخذ كوبه، ورفع «دوك» كوبه قائلًا: في صحة صديقنا «حامد»، ولتكن بداية جيدة لزمالةٍ طويلةٍ. فرفعوا أكواب العصير، ثم أخذوا يشربونها في هدوءٍ …

بعد عشر دقائق، قال «همفري» الذي كان يبدو أطولهم: هل نبدأ الاجتماع حتى ننتهي من عمل الغد؟

قال «دوك»: لا بأس، وحتى يرى «حامد» طريقة العمل.

وصمت «دوك» قليلًا، ثم ضغط زرًّا أمامه، فأُضيئت شاشة صغيرة، ظهر على وجهها وجه رجل هادئ، قال «دوك» يُخاطبه: هل أعددت رحلة الغد؟

جاءه الرد: نعم.

دوك: هل «شيك ماير» مجهَّزٌ للرحلة؟

الرد: نعم.

وقع اسم «شيك ماير» في سمع «أحمد»، فجعله أكثر تركيزًا؛ إذن هذا هو الرجل المهم جدًّا الذي خطفته سيارة الإسعاف بعد قتلِه.

قال «دوك» يُخاطب «همفري»: كل شيءٍ جاهزٌ.

كانت هذه فرصته، فكَّر فيها «أحمد»؛ إن الرجال كلهم في مكانٍ واحدٍ في نهاية الجزيرة، لو أن الهجوم يحدث الآن لكانت النتيجة مضمونة.

نظر له «دوك» قائلًا: هل تحب أن ترحل غدًا؟

فكَّر «أحمد» بسرعة: نعم.

ضحك «تومي» وهو يقول: إنه يخشى العودة إلى السجن!

قال «دوك»: من الصعب أن يعود مرةً أخرى.

فجأة، أظلمت القاعة، وصاح «دوك»: ماذا حدث؟!

لم يردَّ أحد، ضغط أحد الأزرار أمامه، لكن شيئًا لم يظهر، كانت هذه فرصته، وفكَّر فيها «أحمد» بسرعةٍ، هل يختفي؟

لكن قبل أن يتصرَّف أي تصرُّفٍ، أُضيئت القاعة مرةً أخرى، وجاءته رسالة سريعة: استغلَّ اللحظة في المرة القادمة … فعرف أن الشياطين يقومون بالتحكم في التيار الكهربائي.

ضغط «دوك» زرًّا أمامه، ثم تحدَّث: ما الذي حدث؟!

جاءه الرد: لا ندري، إنها مسألةٌ من خارج المكان، نحاول أن نعرفها.

ولم يكد ينتهي الرد، حتى أظلمت القاعة مرةً أخرى، فصاح «دوك»: هذه مسألةٌ ليست عاديةً!

وسمع «أحمد» في الظلام، أصوات أقدام تَبتعِد وظل في مكانه.

مضت عدة دقائق، ثم أُضيئت القاعة، وفي الباب المؤدي إلى البحيرة كان يقف «فهد» مبتسمًا، وقال: هيا بسرعة إننا نريد أن نصطادهم في هدوء.

فأسرع «أحمد» بالخروج من الباب، واختفى هو و«فهد».

وكان صوت «تومي» يأتي من الخارج: حامد، حامد، لا تخف!

دخل «تومي» فلم يجد أحدًا، واقترب من الباب المؤدِّي إلى البحيرة، وبسرعةٍ كانت عدة أيدي تشدُّه، فيختفي في الظلام، ودخل «أحمد»، وجلس حيث كان.

اقترب صوت ينادي: تومي، تومي. ثم دخل «دوك»، فقال: ألم ترَ «تومي»؟!

أجابه «أحمد»: إنني لم أتحرَّك.

قال «دوك»: لا أدري ماذا حدث؟! هذه أولُ مرةٍ تحدث فيها هذه المسائل! واقترب من مقعده وجلس.

فكَّر «أحمد» بسرعةٍ: هل ينقضُّ عليه؟ إلَّا أن صوت رنين التليفون القريب قطع أفكاره.

رفع «دوك» السماعة، وظهرت الدهشة على وجهه، وقال: في الصالون أجهزة الكشف، تبعًا للموجات. ونظر إلى «أحمد» وظلَّ يستمع، ثم قال في النهاية: لا بأس، لا بأس، سوف أرى.

ووضع السماعة، ونظر إلى «أحمد» نظرة طويلة، ثم قال في هدوءٍ: يبدو أنك خدعتنا خدعةً بارعةً! أظن أنها لن تستمرَّ!

ومدَّ يده إلى الأزرار أمامه، لكن قبل أن يضغط أحدها، كان «أحمد» قد قفز مبتعدًا عن كرسيه، في نفس اللحظة كان الكرسي يطير في الهواء، ليصطدم «بدوك» الذي تلقَّاه بيد، ثم ضغط عدة أزرار بسرعةٍ.

عرف «أحمد» أن لحظة الاشتباك قد بدأت، فصفَّر صفير الشياطين، فجأة … دخل «فهد» و«رشيد» و«خالد». لكن «دوك» كان قد اختفى، لقد غاص من خلال فتحة فتحَها أحدُ الأزرار.

قال «أحمد»: هناك مخبأ سرِّي، أين «تومي»؟!

دخلت «إلهام» وهي تسوق «تومي» أمامها، وقد رُبط بحبل فقال «أحمد» بسرعة: بدلًا من النهاية، ساعِدنا حتى نساعدك.

نظر «تومي» له لحظة، ثم قال: إنَّني أُصدِّقك.

ونظر إلى مجموعة الأزرار وقال: الثالث، الخامس، والسابع … يغلقون أبواب المخبأ السري.

بسرعةٍ ضغط «فهد» الأزرار التي أشار إليها «تومي».

قال «أحمد»: لا بد من إرسال رسالةٍ إلى رقم «صفر» بالموقف.

فانهمك «رشيد» بإرسال الرسالة، في نفس الوقت اقترب «أحمد» من «تومي» وقال: كيف الوصول إليهم؟

نظر له «تومي» لحظةً، ثم قال: اضغط رقم ٤، إنه نفق من البحيرة، يُفتح فيملأ المخبأ ماء!

أحمد: أين تقع فتحات الأبواب؟

شرح «تومي» ﻟ «أحمد» مكانها، فقال «أحمد» ﻟ «إلهام»: عندما أُرسل إليكِ إشارةً، اضغطي الزر الرابع أولًا، ثم الثالث.

قفز خارجًا من الباب، فتبعه «فهد» و«رشيد» و«خالد»، وأسرعوا إلى حيث أشار «تومي»، كانوا ينزلون في مُنحدَر يقترب من شاطئ البحيرة. فجأة، ظهر الباب، كان يلمع تحت ضوء الكشاف الذي يحمله «أحمد».

أشار «أحمد» إلى «فهد» أن يُرسل إشارةً إلى «إلهام» لتُنفِّذ الأمر. أرسل «فهد» الإشارة إلى «إلهام»، ومرَّت دقيقةٌ، ثم فُتح الباب. فجأة، ظهر «دوك» مندفعًا لكن كان الشياطين يقفون، وقد أمسك كلٌّ منهم مسدَّسه في انتظار أي حركةٍ.

ظهرت الدهشة على وجه «دوك»، فقال «أحمد»: ليس الآن! وأشار له أن يقترب، وظهر بقية الأعضاء الواحد خلف الآخر.

وقال «أحمد»: «هيَّا إلى السطح».

ساقوهم صعودًا في المنحدر، حتى أصبحوا قريبين من سطح الأرض.

فجأة، دوَّت طلقات الرصاص كالمطر … تقدَّم أفراد العصابة تحت دوي الطلقات، في نفس الوقت، اضطر الشياطين إلى الاحتماء بالجدران، وكان الموقف بالنسبة لهم صعبًا.

أخرج «خالد» قنبلة يدوية، ثم سحب مسمار الأمان، وألقاها في اتجاه الطلقات، دوى صوت القنبلة، لكن انفجارًا رهيبًا دوَّى فتردَّد صداه في الليل، وارتفعت ألسنة اللهب، حتى أصبحت الجزيرة كالنهار. تقدَّم الشياطين، وكانت القاعة السرية مُشتعلةً بكاملها.

قال «أحمد»: نتوزع إلى الفيلَّا، لكنه فجأةً قال: أين «إلهام»؟

أسرعوا جميعًا في اتجاه القاعة السرية المشتعلة، ولم يكن يظهر شيءٌ سوى ألسنة اللهب، ملأ الخوف نفوس الشياطين، لكن فجأة وضع «أحمد» يده على صدره، ثم قال: الحمد لله، رسالة من «إلهام»، إنها مختفيةٌ في مكانٍ ما.

أسرعوا إلى الفيلَّا، كانت النيران قد بدأت تخمد، ويعود الليل بظلامه من جديد … زحف «أحمد» و«فهد» من جانب، وزحف «رشيد» و«خالد» من جانب آخر. لم يكن يُسمع صوت داخل الفيلَّا، فتقدَّموا في حذر، اقترب «أحمد» من الشرفة العريضة، وكانت مفتوحة.

قفز في هدوء إليها، ثم نظر إلى الداخل، لم يرَ أحدًا، فأشار إلى «فهد» ثم دخل الصالون … فجأةً، انقضَّ عليه عملاقٌ ضخمٌ، في نفس اللحظة التي كان فيها «فهد» يكاد يدخل من الشرفة.

ضرب العملاق «أحمد» ضربةً قويةً جعلته يطير في الهواء، لكن «فهد» كان أسرع إليه، طار في الهواء، إلَّا أن العملاق كان مستعدًّا؛ فقد رفع أحد الكراسي وضرب به «فهد» المندفع إليه. تلقَّى «فهد» الكرسي بيد، ثم ضرب العملاق بقدمه ضربةً جعلته يترنَّح.

كان «أحمد» قد استعاد نفسه، فقفز في اتجاه العملاق، إلَّا أن الباب فُتح، ليظهر فيه مجموعة الرجال كلهم.

وقف «أحمد» و«فهد»، أمامهم، فقال «دوك»: ألقيا مسدَّسيكما.

لم يتحرك «أحمد» أو «فهد». التقت أعينهما، وكانا يتفاهمان بلغتهما. فجأة، كان أحمد قد اشتبك مع أقرب الرجال إليه، وكان «همفري»، في نفس الوقت كان «فهد» قد اشتبك مع «تيستا» فلم يستطع الآخرون فعل أي شيء، كان عليهم أن ينتظروا انتهاء المعركة، حتى لا يصيبوا زميليهم. كان «أحمد» و«فهد» قد اتفقا على ألَّا تنتهي المعركة بسرعةٍ، حتى يُعطيا فرصة ﻟ «رشيد» و«خالد» للوصول.

وكما توقَّعا، لم تمر دقائق، حتى كان «رشيد» يتحدث من خارج حجرة الصالون، وهو يقدِّم ماسورة مسدَّسه.

قال «رشيد» دون أن يظهر: ألقوا المسدَّسات.

ضغط «ماتي» زناد مسدسه، وهو يُصوِّبه في اتجاه مسدس «رشيد» الذي أطلق مسدسه في نفس اللحظة، فأصاب «ماتي» في يده، ولم يكن أمام الآخرين إلَّا أن يُلقوا مسدساتهم.

ظهر «رشيد» و«خالد»، ومن بعيد كانت تدوي في الليل أصوات سيارات الشرطة التي كانت تقترب.

ظهر «تومي» مُكبَّلًا في حباله، ثم ظهرت «إلهام» خلفه، وهي تمسك مسدسها، فظهرت الدهشة على وجه رجال العصابة.

وعندما دخل رجال الشرطة، كان الشياطين يَنسحبون بسرعة لأماكن أخرى، وهم يأخذون «تومي» …

وفي أحد المخابئ السرية، وجدوا «جيمس فابر»، أو «شيك ماير» مُخدَّرًا وغائبًا عن الوعي. في نفس الوقت، وجدوا سيارة إسعافٍ تقف داخل المخبأ، الذي كان يَمتدُّ في نفق تحت الأرض، إلى الطريق الرئيسي خارج الجزيرة.

وقف الشياطين عند بوابة الجزيرة، وأرسل «أحمد» رسالةً سريعة إلى رقم «صفر» بانتهاء المعركة. فجاءهم الرد: أُهنِّئكم، أظنكم سوف تمضون الليلة في أوبرج الفيوم، إن المدير في انتظاركم.

انطلقت سيارة الشياطين في جوف الليل إلى أوبرج الفيوم، لقد كانوا يشعرون فعلًا بالحاجة إلى النوم …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤