الفصل العاشر

رد على نقد١

ما زلت أذكر هذا المقال الرائع الذي نشرته «السياسة» للأستاذ رفيق بك العظم منذ أسبوعين، ووعدت بالرد عليه، ثم حالت حوائل بيني وبين هذا الرد إلى الآن، ما زلت أذكر هذا المقال، وأريد أن أرد عليه، فإن الخلاف بين هذا العالم الجليل وبيني لا يتناول أشياء مفصلة فحسب، وإنما يتناول مبدأ عامًّا قبل كل شيء.

وقد عرف الناس رأي هذا العالم الجليل في هذا المبدأ، وأريد أن يعرف رأيي فيه، ولست أدري أأطمع في إقناع هذا العالم الجليل أم أيأس منه؟ لأن الخلاف بينه وبيني جوهري جدًّا، وشديد جدًّا، يذهب مذهبًا في التاريخ وفهمه، وأذهب مذهبًا آخر في التاريخ وفهمه، ويخيل إليَّ أن ليس إلى الاتفاق بين هذين المذهبين من سبيل.

لا يزال العالم الجليل رفيق بك العظم، وكثير من العلماء المعروفين في الشرق، يسبغون على التاريخ الإسلامي صفة من الجلال والتقديس الديني، أو الذي يشبه الديني، تحول بين العقل وبين النظر فيه نظرًا يعتمد على النقد والبحث العلمي الصحيح، فهم يؤمنون بمجد القدماء من العرب وجلال خطرهم وتقديس مكانتهم، وهم يضيفون إليهم كل خير، وينوهونهم عن كل شر، وهم يصفونهم بجلائل الأعمال، ويرفعونهم عن صغائرها، وهم يتخذون ذلك قاعدة من قواعد البحث، ومقياسًا من مقاييس النقد، فإذا أضفت إلى الرشيد شيئًا فليس هذا الشيء صحيحًا إلا إذا كان في نفسه خليقًا بالرشيد، يليق به وبمكانته، وليست هذه المكانة هي مكانته في نفسها، وإنما هي المكانة التي خلعها عليه القدم، وبعد العهد، وجلال الخلافة، وكرامة الدين، وسطوة الأمة العربية.

فأما النقد التاريخي من حيث هو نقد تاريخي، فأما النظر إلى الناس من حيث هم ناس، ووصفهم بما يمكن أن يوصف به الناس، وتحليل أخلاقهم وعاداتهم كما تحلل أخلاق الناس وعاداتهم، والملاءمة بين هذه الأخلاق والعادات، وما اكتنفها من الظروف والأحوال؛ فذلك شيء قلما يفكر فيه هؤلاء العلماء أو يلتفتون إليه.

ولست أغض من هؤلاء العلماء، وإنما أجلُّهم وأكرمهم، وحسبك أن إمامهم في هذا المذهب هو ابن خلدون، ولعلك تعلم أني أجل ابن خلدون وأكبره، ولكني أخالفهم في الرأي، وأرى أن مذهبهم في التاريخ غير مستقيم، وأنه خليق بأن يتغير، وأنه سيتغير بدون شك، بل أنا أرى أكثر من هذا، أرى أن هذا المذهب — مذهب تقديس السلف وتنزيهه عن الصغائر، مذهب إسباغ الدين على التاريخ — طور من أطوار التاريخ لا بد من أن يمر به، بل طور من أطوار الحياة العقلية والسياسية للناس، لا بد من أن يمروا به، وقد خضعت لهذا الطور أمم أخرى غير العرب، فكتب مؤرخوها كما يكتب الأستاذ رفيق بك العظم، ورأوا في الآباء والأجداد ما يرى في قدماء العرب.

ذلك أن هذه الأمم إذا اضطرتها صروف الحياة إلى أن تنزل عن مجدها، وتنحط عن مكانتها العالية، فتخضع لخطوب الدهر حينًا، وتنام عن العزة والسلطان، ثم استفاقت من هذا النوم، وتنبهت بعد الغفلة، وطمحت إلى أن تسترد المجد القديم، وتستأنف سيرها في سبيل العلياء، فأول شعور تجده في نفسها إنما هو الشعور بهذا المجد القديم، والحاجة إلى إجلال أصحابه وإكبارهم واتخاذهم مُثلًا عليا.

فأنت لا تنظر إلى هؤلاء الناس نظرًا علميًّا مجردًا بريئًا، وإنما تنظر إليهم نظرًا متهمًا، ملؤه الإعجاب والإكبار، لأنك تتأثرهم، وتحتذي على مثالهم، وإذن فرأيك فيهم غير صحيح، وحكمك لهم أو عليهم متهم، وكيف تستطيع أن تجمع بين الإعجاب الذي لا حد له، وبين النقد العلمي الذي لا يعرف الهوى، ولا يتأثر بالميول والعواطف؟! ومن هنا يتأثر بحثك ونقدك بهذا الإعجاب، وهذا الميل إلى الاحتذاء والتقليد، فتصرف همتك إلى أن تبرئ موضع إعجابك من كل عيب، وتدفع عنه كل مكروه، وتبذل ما تستطيع من قوة وجهد، لتوجد فنًّا من النقد التاريخي له قيمته وخطره.

ولكن الغاية التي يسمو إليها ليست علمية بالمعنى الصحيح؛ لأنه يسمو إلى التنزيه والتمجيد، لا إلى التحقيق الذي لا يسمو إلى مدحٍ ولا إلى ذم، والذي لا يحفل بحمدٍ أو هجاء.

انظر إلى مقدمة ابن خلدون، وإلى القسم الأول من هذه المقدمة، انظر بنوعٍ خاص إلى منهجه التاريخي، وإلى هذا النقد الذي بسطه ليبين أغلاط المؤرخين وتورطهم في ضروب من الخطأ في الحكم، تجده قد تصور قواعد علمية لا بأس بها؛ فهو يكره الغرض والهوى، ويحذر من أخطار كثيرة تحيط بكاتب التاريخ، ويحبب إليك، أو يحتم عليك، تحكيم العقل فيما يروى لك من الحوادث، وهو يصل من هذا كله إلى استكشاف قوانين قيمة في النقد التاريخي، ولكنه لا يكاد يعرض لتطبيق هذه القوانين كما يقولون، حتى يتورط في مثل ما تورط فيه المؤرخون من قبل؛ لأنه متأثر بمجد القدماء، وصلاح القدماء، وطهارة القدماء، وانحطاط المعاصرين، وفساد أخلاقهم وأحوالهم.

فهو إذا أراد مثلًا أن يصحح نسب الدولة الإدريسية في المغرب الأقصى لم يعمد إلى بحث تاريخي، وإنما استدل على صحة هذا النسب بحديثٍ شريف، فيه أن الولد للفراش وللعاهر الحجر، وهو إذا أراد أن يدفع عن الرشيد ما اتهم به من العبث والمجون، لم يذهب مذهب المؤرخين في ذلك، وإنما تحدث إليك بأن الرشيد كان يصلي مائة ركعة في اليوم، وكان يحج سنة ويغزو سنة أخرى، وإذا كان هذا شأنه فليس من الممكن أن يعبث، ولا أن يلهو.

ولم يفكر ابن خلدون في أن من حق مؤرخ آخر، أن ينكر عليه أن الرشيد كان يصلي مائة ركعة في اليوم، أو أن يزعم له أن الرشيد كان يجمع بين الصلاة وبين العبث، ولم يخطر ذلك لابن خدلون؛ لأن ابن خلدون كان يعجب بالرشيد ويكبره، ويريد أن يضعه هو وأمثاله من الخلفاء موضع القدوة الصالحة والمثل الأعلى.

ولقد أذكر رسالة صغيرة قرأتها للمؤرخ اليوناني «بلوتارك Plutarque» قصد بها إلى نقد «هيرودوت Hérodote» واتهمه فيها بالكذب والافتراء، وكان لهذه الرسالة في العصر القديم شهرة أساءت إلى «أبي التاريخ» فظن فيه الناس الظنون؛ لأنه اتهم قدماء اليونان وأبطالهم في الحرب الفارسية اليونانية بالنقائص المختلفة، فوصف بعضهم بالخيانة، وبعضهم بالغدر، وبعضهم بالجبن، وبعضهم بالرشوة، ونهض «بلوتارك» للدفاع عن هؤلاء الأبطال فزعم أن «أبا التاريخ» كاذب، وأن هؤلاء الأبطال أرفع مكانة، وأعلى منزلة، وأجل خطرًا، من أن يقعوا في مثل هذه الآثام.

وفتن اليونان بهذا النقد؛ لأنه يبرئ الآباء والأجداد من هذه النقائص، فلما كان العصر الحديث، وكان استكشاف الآثار اليونانية، وكان استكشاف مناهج النقد الحديثة في التاريخ، ظهر أن «هيرودوت» لم يكذب ولم يتكلف، وأن «بلوتارك» هو الذي تكلف تقديس الناس وتبرئتهم مما لا يبرأ منه الناس.

وليس هذا بغريب؛ فقد عاش «أبو التاريخ» في أيام مجد اليونان وعزتهم، فلم يكن يؤذيه، ولم يكن يؤذي اليونان، أن يصف أبطالهم بما لا يسلم منه الناس من العيوب، وعاش «بلوتارك» أيام ذلة اليونان، وانحطاطهم السياسي، فكانت هذه النقائص تؤذيهم، وكانوا محتاجين إلى المبالغة في مجدهم التليد حين أعوزهم المجد الطريف.

هذه حالنا … ليس لنا مجد ولا مأثرة؛ فنحن ننتحل مجد الآباء والأسلاف زينة لنا وافتخارًا، ويخيل إلينا أن وصف هذا المجد بأوصافه الطبيعية لا يغض من الأسلاف وحدهم، وإنما يغض منهم ومنا، أليس كذلك؟ وإلا فما مفاخرتنا بالعرب؟ وما مفاخرتنا بالفراعنة؟ وما مفاخرتنا بآثار العرب والفراعنة؟ ضرب من الغرور، نخفي به ما نحن فيه من جهلٍ وانحطاطٍ وضعف.

لقد كان رواة العرب ومؤرخوهم الذين عاشوا أيام مجد العرب وعزتهم، لا يكرهون أن يصفوا خلفاء العرب وأمراءهم، بما يتصف به الناس من نقص؛ لأن هذا الوصف لم يكن يؤذيهم، ولا يؤذي العرب في أيامهم، وحسبك أن تقرأ، لا أقول كتابًا بعينه، وإنما أقول في أي كتاب من كتب الأدب والتاريخ، لترى خلفاء العرب وأمراءهم وذوي المكانة فيهم، يوصفون بالخير والشر، وبالرفعة والضعة، بما هو مشرف وبما هو مُزْرٍ؛ ذلك لأن هؤلاء الناس كانوا ناسًا لا ملائكة.

يقول الأستاذ وأصحابه: إن هذه الأخبار مختلفة منتحلة، وأنا أول من يعترف بأن كثيرًا من الأخبار مختلق منحول، ولكني لا أستطيع أن أومن بأن كل خير يصف القدماء بما لا يرضي منحول، وأن كل خبر يصفهم بما يرضي صحيح.

هذا إسراف، وإسراف كثير، وإنما القصد والإنصاف هو أن تعرض لهذه الأخبار المختلفة بالنقد والتمحيص، فتتبين بقدر ما تستطيع ما كان منها صادقًا، وما كان منحولًا، وأنا أزعم أن كثيرًا جدًّا من هذه الأخبار صادق، وأزعم أن كثيرًا جدًّا من خلفاء بني أمية وبني العباس كانوا كما يقول الرواة يعبثون ويصطنعون ضروب اللهو، ويستمتعون بفنون من اللذات كان يكرهها الدين، لقد كان «أغسطس» و«نيبريوس» و«نيرون» كبار الكهنة في روما، ولكنهم كانوا قياصرة أيضًا، فكانوا يؤدون للدين حقه، وكانوا يؤدون للدنيا حقها.

ولقد كان لويس الرابع عشر والخامس عشر مظهرًا لقوة المسيح في فرنسا، ولكنهما كانا في الوقت نفسه مظهرًا لسلطان الفرنسيين، وثروة الفرنسيين ومجون الفرنسيين، فكان يصليان، وكانا يعبثان، وكانا يسمعان وعظ آباء الكنيسة وخطبائها، وكان هذا الوعظ يوجه إليهما عنيفًا مخيفًا كأنه الصواعق، فيعجبان ويفزعان من سخط الله، ثم ينصرفان إلى القصر فما هي إلا أن يتورطا في الموبقات.

ولا تقل: كان هذان مسيحيين، وكان قياصرة الرومان وثنيين، وكان خلفاؤنا مسلمين، فقد تختلف الديانات في جوهرها، ولكن الأثر الديني في نفوس الناس واحد لا يكاد يختلف، فمن المسيحيين والوثنيين أتقياء ورعون، كما أن من المسلمين والإسرائيليين أتقياء ورعين، ولا تقل: إن مجد العرب وما كانوا يأتون من جلائل الأعمال وما كانوا يقومون به من فتح وبسط للسلطان، كان يحول بينهم وبين اللهو والعبث؛ فأنا أؤكد لك أن «أغسطس» لم يكن خاملًا ولا عاجزًا، وأن لويس الرابع عشر لم يكن كسلًا ولا مغرقًا في النوم.

وما رأيك في أن عصر الثورة الفرنسية، وهو عصر هذا الجد المفزع المخيف، كان أشد العصور الفرنسية دعابة ومجونًا، وكانت تجري فيه أنهار الدماء وأنهار الخمر!

وما رأيك في هذا العصر الذي نعيش فيه؟ وما رأيك في الحرب الكبرى، وما جرت على أوروبا من هول؟ أتظن أن الأوروبيين انصرفوا إلى جد هذه الحرب وأخطارها، عما في الحياة من عبث ولهو؟ كلا! لقد ازداد سلطان اللهو في أوروبا، ولقد كان الجندي يقتتل ويتعرض لألوان الهول، حتى إذا ظفر باليوم أو الأيام بعيدًا عن ساحة القتال، اندفع في لذاته وشهواته اندفاعًا لم يكن يعرفه قبل الحرب … ماذا أقول؟ لقد كانت تحمل إليهم اللذات في ميدان القتال، فكانت أصوات المدافع ودويها لا تمنع أصوات المغنين والمغنيات والممثلين والممثلات أن تصل إلى آذان الجند، وكانت المنايا ترقص أمام هؤلاء الجند فتروعهم، فإذا سلموا منها وظفروا بوقت الراحة، ذهبوا فاستمتعوا برقص الراقصات، ولم يمنعهم هذا كله أن يظفروا بالمجد سواء منهم الغالب والمغلوب.

فلم يكن إذن ليمنع الأمويين والعباسيين أن يستمتعوا بلذات الحياة، ولم يكن الفتح ليمنعهم أن يستمتعوا بهذه اللذات، ولم يكن العلم ليحول بينهم وبين ذلك، فما كان حظهم من العلم، بأكثر من حظ المعاصرين من أهل أوروبا وأمريكا، ولقد كان حظهم من اللذة أقل من حظ المعاصرين من أهل أوروبا وأمريكا.

خليق بنا أن نتدبر حين نقرأ التاريخ، ونحاول فهمه وتفسيره، خليق بنا أن نفهم قانونين وضعهما ابن خلدون، ولكن أن نفهمهما أحسن مما فهمهما ابن خلدون، وهما: أن الناس جميعًا متشابهون مهما تختلف أزمنتهم وأمكنتهم، وأن الناس جميعًا مختلفون مهما تشتد بينهم وجوه الشبه.

يجب أن نفهم هذين القانونين، وأن نحسن الملاءمة بينهما، وأن نعرف فيم يختلف الناس، وفيم يتشابهون، وما أثر هذا الاختلاف وهذا التشابه؟ ونحن إذا فهمنا هذين القانونين عرفنا أن العصر العباسي قد كان كغيره من عصور المجد والحضارة، فيه جد وهزل، وفيه شك ويقين.

وأنا أزعم — وأعتقد أني قادر على إثبات ما أزعم — أن القرن الثاني للهجرة قد كان عصر لهو ولعب، وقد كان عصر شك ومجون، وكل شيء يثبت صحة هذا الرأي؛ فقد كان هذا العصر عصر انتقال من بداوة إلى حضارة، ومن سذاجةٍ إلى تعقيد، ومن فطرةٍ خالصة إلى علمٍ وفلسفة، وقد كان فوق هذا كله عصر امتزاج بأمم مختلفة، وشعوب متباينة، منها البدوي والحضري، ومنها الجاهل والعالم، ومنها الغني والفقير.

أفتريد أن تختلط هذه الأمم وتمتزج هذه الشعوب، دون أن تضطرب لهذا الاختلاط والامتزاج أخلاق وعادات ونظم؟ دون أن ينهار بناء قديم ويقوم بناء جديد؟ إنك لا تستطيع أن تمزج طائفة من عناصر الكيمياء المختلفة دون أن يحدث لهذا الامتزاج اضطراب وانقلاب جديدان، أفتريد أن يمتزج العربي والفارسي والمصري والرومي، وأن تبقى الأخلاق والعادات كما كانت دون أن ينالها فساد أو اضطراب؟ ذلك شيء تستطيع أن تفترضه في الخيال، فأما في الحياة الواقعة فليس إليه من سبيل.

ها نحن أولاء عاشرنا الأوروبيين معاشرة ليست بالقوية ولا المتصلة؛ فانظر إلى أثرها القوي العميق في حياتنا العامة والخاصة، ثم حدثني عما يمكن أن يحدث لو أن الاتصال بيننا وبين الأوروبيين كان من القوة والعمق مثل الاتصال بين العرب والفرس والروم، لست أدري لم تفرق بين هذه العصور والأجيال المتشابهة وإن اختلفت، المتفقة وإن افترقت.

يجب أن نفهم قانوني ابن خلدون، فالناس جميعًا متشابهون مهما تختلف أزمنتهم وأمكنتهم، مختلفون مهما تشتد بينهم وجوه الشبه.

أنا أزعم إذن أن القرن الثاني للهجرة كان عصر شك ومجون، وأزعم أن كل شيء في هذا العصر يؤيدني في هذا الرأي، وحسبي أن ألفت الأستاذ رفيق بك إلى أن هذا القرن قد بدأ بخلافة الوليد بن يزيد، وختم بخلافة الأمين بن الرشيد، وأحب أن يقارن بين هذين الخليفتين، ثم ألفت الأستاذ إلى بشار، ومطيع، وأبي نواس، والرقاشي، والعباس بن الأحنف، ومسلم بن الوليد، وحماد عجرد، ويحيى بن زياد، وابن المقفع، وأبان بن عبد الحميد، وغيرهم من الشعراء والكتاب والمفكرين، ولا أريد أن أذكر الفقهاء وأصحاب الكلام مخافة أن يغضب المتحرجون.

ألفت الأستاذ إلى هؤلاء جميعًا، وأحب أن يقرأهم ويدرس حياتهم على هذه القاعدة وهي أنهم ناس لا ملائكة، ولكني أخشى ألا يفعل الأستاذ لأنه اتخذ لنفسه قاعدة تقديس القدماء، أما أنا فلا أقدس القدماء، وإنما أنظر إليهم كما أنظر إليك وإلى نفسي، وأعلم أنهم مثلك ومثلي يجدُّون، ويمزحون، يحسنون ويسيئون، وعلى هذه القاعدة وحدها حدثتك فيما مضى، وعلى هذه القاعدة نفسها سأحدثك في الأسبوع الآتي عن الخمر عند أبي نواس.

١  نُشرت بالسياسة في ٦ رجب سنة ١٣٤١ / ٢٢ فبراير سنة ١٩٢٣.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤