الفصل الثاني

تُطاردني حتى اليوم ظلال تلك البدايات، مع أن السنين قد خلقت بيني وبينها شيئًا من البُعد؛ فعندما أنظر من النافذة إلى حديقة الموالح التي كتب عليها الشتاء السكون وأفكِّر فيما حدث لنا، يستحوذ عليَّ شعورٌ بأننا قد وقعنا في خطأ كبير وقتها.

كان مرض أبي قد بدأ يدِبُّ إليه بخطوات بطيئة ومُحيِّرة، حتى إنه كان من الصعب إدراك أهمية التغيرات التي تعتريه إدراكًا سليمًا؛ فقد كانت الأعراض تتسرَّب إليه كالموت في أسطورة الفلاح عندما كان الموت يقف ببابه ويجلجل بعظامه دون أن يسمح لأحدٍ برؤيته. كنا كمن يسمع أصواتًا ويظنُّها صفير الريح الذي يمر خلال بيته الذي بدأ يتداعى ببطء وهو لا يدري.

ظهرت أول أعراض المرض في منتصف التسعينيات، إلا أننا لم نتمكن من فهم السبب فهمًا سليمًا. أهز اليوم رأسي متحسرًا كلما تذكَّرتُ تجديد الغرفة العلوية عندما حطَّم أبي الغطاء الأسمنتي لخزان المياه الذي كان لدينا في ذلك الوقت؛ لأنه لم يستطع رفع الغطاء وحده ووضعه في مكانه مجددًا. لم تكن تلك المرة الأولى التي شعرتُ فيها أن أبي يُعكِّر عليَّ صفو حياتي متعمِّدًا. ويومها صرخت في وجهه وصرخ في وجهي. بعد ذلك وطوال الفترة التي كنت أعمل فيها في البيت كنت أغادر البيت بانتظام وأنا أشعر بالخوف من أن مفاجأةً صادمة أخرى ستكون بانتظاري عندما أعود.

كما أذكر أيضًا زيارة أحد مذيعي الراديو السويسري لي؛ فقد كان يومًا آخر حُفر في ذاكرتي. كان ذلك في خريف عام ١٩٩٧ بعد صدور روايتي الأولى بفترة قصيرة، وكان من المفترض أن أقرأ فصلًا منها ليتم تسجيله؛ لذا رجوتُ أبي ألا يُصدر ضجيجًا في أثناء ذلك. وما إن بدأ التسجيل حتى بدأ معه صوتُ طَرْقٍ متصل في الورشة الملحقة بالبيت، واستمر الطَّرْق ما استمر المحرر في التسجيل. وبينما كنت أقرأ شعرت بغضب شديد من والدي، بل ربما بكرهٍ له؛ لما أبداه من لامبالاة. وحاولت تجنُّبه في الأيام التي تلت ذلك، ولم أتحدث إليه ولو بشقِّ كلمة لمدة أيام؛ فقد كنت أرى فيما فعله محاولة «تخريب متعمَّد».

متى تزوَّج بيتر، أخي الأكبر؟ كان ذلك في عام ١٩٩٣. وفي حفلة العُرس أُصيب أبي بألمٍ في المعدة وغثيان؛ لأنه لم يستطع تقدير كمية الطعام التي أكلها؛ لذلك تناول بعد الوجبة المتعددة الأطباق عشرَ قطع أو خمس عشرة قطعة من كعكة الزفاف، وبعدها ذهب إلى البيت بخطوات متثاقلة حيث رقد في سريره لمدة يومين وهو يعاني من آلام شديدة. وكان يخاف من أن يموت على إثر ذلك، إلا أنه لم يستطع استدرار عطف أيٍّ منا أو تعاطفنا؛ لأننا كنا نظن أنه يستحق ما حدث له. ولم يلحظ أحدٌ منا أنه يفقد ببطءٍ قدراته العملية اللازمة للحياة اليومية.

كان المرضُ يتسلَّل إليه وينصُب شباكه حوله ببطء، وقد وقع في براثنه دون أن نلحظ ذلك.

وفي الوقت الذي كنا فيه — نحن أولاده — نُسيء فهم تلك العلامات، كان هو بالتأكيد يتألَّم لشعوره بتلك التغيرات التي تعتريه؛ ذلك الشعور بالخوف الرهيب من أن شيئًا مُعاديًا يتملَّكه ولا يستطيع هو إلى مقاومته سبيلًا. ولم يتفوَّه يومًا بكلمةٍ عن هذا الأمر، فقد كان تكتُّمه وعدم قدرته على التعبير عن مشاعره يقفان حاجزًا أمام ذلك. لم يكن الحديث عن مشاعره يومًا من سمات شخصيته؛ إذ لم يَقُم بذلك أبدًا، وكان الوقت قد تأخر على الشروع في ذلك الآن. ومما جعل الأمور تزداد سوءًا أنه قد ورَّث هذا الطبع لأولاده؛ لذا لم تأتِ من جانبنا أي مبادرة في هذا الاتجاه. لم يستطع أحدٌ منا التغلب على ذلك، وتركنا الأمور تسير في مسارها. نعم، في الحقيقة كان أبي يبدو غريبًا في بعض الأحيان، ولكن ألَمْ يكن ذلك يحدث دائمًا؟ ومن ثم فقد كان سلوكه يبدو لنا كما ألفناه دائمًا.

•••

في الحقيقة كانت جميع الأمور الغريبة تبدو في بادئ الأمر مجرد نتيجة منطقية لبعض سماته الشخصية في مواجهة موقف جديد؛ فقد كان أبي يكبر في السِّن، وتركته زوجته بعد زيجةٍ استمرت ثلاثين عامًا؛ ولهذا كان افتراض أنه يفتقد للدافعية أقرب للتصديق.

فقد أنهكه الانفصال عنها، وقد كان معارضًا بشدة لفكرة الطلاق؛ لأنه كان من ناحيةٍ يريد البقاء مع أمي، ومن ناحية أخرى كان يرى أن بعض الأمور تُمثِّل التزامًا قويًّا. ولكنه لم يدرك بما يكفي أن هناك أمورًا قد استنفد تحمُّلها رصيدَ الصبر. فعلى العكس تمامًا من أنماط الحياة المرنة المعروفة اليوم كان أبي يتمسَّك بقرارٍ تم اتخاذه قبل عقود ولم يُرِد فسخ عهدٍ بعد توكيده. وكان في هذا الجانب أيضًا ينتمي إلى جيل آخر غير الذي تنتمي إليه زوجته التي تصغره بخمسة عشر عامًا؛ إذ لم يكن الأمر بالنسبة إليها يتعلق بوعدٍ قطعته على نفسها، وإنما بحياتها وإمكانية أن تجد السعادة في مكان آخر. وعندما تركتْ أمي البيت ظلَّ أبي متشبثًا في داخله بتلك العلاقة المنتهية، وفيًّا لأمرٍ قد ذهب أدراج الرياح.

أدَّى هجرُ أمي لأبي إلى دخوله في حالة من الاكتئاب والكسل، وكأنه آلةٌ فقدت آخر زنبرك كان يعمل فيها. ترك أبي كلَّ شيء، حتى العمل في الحديقة، مع أنه كان يعلم أن أولاده مشغولون جدًّا في أعمالهم، ويتأوَّهون ألمًا من هذا الحمل الإضافي. كان أبي قد تنصَّل فعليًّا من كل واجباته، ولم يبقَ أثرٌ من هِمَّته ونشاطه كما كان في الأيام الخوالي؛ تلك الهِمَّة التي كانت تجعله لعقود طويلة يُحقِّق تقدمًا في كل ما يريد. أخبرنا أبي بطريقة مقتضبة أن الدور قد حان الآن على الشباب؛ لأنه قد عمل في حياته بما يكفي.

مثل هذه الأعذار كانت تضايقنا، إلا أنها كانت فعلًا أعذارًا، ولكن لشيء غير الذي ظنناه. كنا نعتقد أن السبب في حالة التراخي التي كانت تعتريه هو كسله، بينما كان العكس صحيحًا؛ فقد كان كسله نتيجةً للعجز الذي أصابه. ولأن الواجبات، حتى البسيط منها، كانت تتراكم عليه، فقد كان يشعر أنه فقد السيطرة على الأمور؛ لذا قرَّر التخلي عن أي مسئولية.

وبدلًا من أن يسقي نباتات الطماطم يوميًّا، كان يُمضي وقته في لعب الورق منفردًا، أو في مشاهدة التليفزيون. أذكر كم كانت رتابة الأمور التي تُمتعه تبدو لي مقززةً. كانت حياته بالنسبة إليَّ، وأنا أحاول أن أجد طريقي في الحياة العملية وقتها، تفوح منها رائحة اللامبالاة العطنة. لعب الورق ومشاهدة التليفزيون؟! لا يمكن اعتبار تلك الأمور محتوًى للحياة أبدًا، هكذا كنت أرى الأمور، لكني لم أحاول أن أجعل من رأيي موضوعًا للمناقشة. كنت أرجو أبي، كنت أسخر منه وكنت أستفزه، كنت أتحدث أمامه عن الكسل وفقدان العزيمة، إلا أن كل المحاولات — حتى أكثرها إلحاحًا — لم تفلح تمامًا في إخراجه من الحالة التي كان عليها. وكان أبي يتلقَّى جميع الهجمات عليه دون أن يُحرِّك ساكنًا، وكأنه حصان يقف وسط العاصفة دون حراك، ثم كان يستكمل حياته اليومية كالمعتاد.

لو لم أكن في ذلك الوقت مضطرًّا إلى قضاء عدة أشهر كل عام في البيت، حيث كنت أعمل منفِّذ صوت وفيديو في مسرح مدينة بريجينتس لأكسب عيشي بجانب عملي في الكتابة، لكنت تجنَّبت المرور ببيت والدي تمامًا. وبعد مكوثي عدة أيام هناك كنت أغرق في حالة من الاكتئاب. وهكذا كان الوضع أيضًا مع إخوتي الذين تركوا البيت الواحد بعد الآخر. تفرَّق الأبناء وأحكمت الوحدةُ شباكها حول أبي.

هكذا كانت حالتنا المزاجية في عام ٢٠٠٠ عندما لم يكتفِ المرض بافتراس عقل أبي، بل امتد أيضًا إلى الصورة التي رسمتُها له وأنا طفل فافترسها. طوال طفولتي كنت فخورًا بأني ابنه، واليوم أصبحت وبصورة متزايدة أعتبره أحمقَ.

أعتقد أن جاك دريدا كان محقًّا عندما قال: «عندما يكتب المرء، فإنه يبحث دائمًا عن الغفران.»

•••

حكت العَمَّة هدفيج أنها جاءت ذات مرة لزيارة أبي بصحبة إميل — الأخ الأكبر من بين ستة إخوة لأبي — وكان إميل قد أحضر معه ماكينة ورداء الحلاقة، ولا تذكر عمتي إذا كان أبي قد وافق على قص شعره ذلك اليوم أم لا. كان اليوم قد انتصف عندما دهشت عمتي لرؤية طبقٍ به بقايا طعامٍ موضوعًا على الأريكة في غرفة المعيشة. وبعد ذلك سقط كوبٌ من يد أبي، وظل يُحدق في الزجاج المحطم على الأرض عاجزًا عن التصرف. عندها عرضت عليه عمتي أن تقوم هي برفع الزجاج من على الأرض، وسألته عن مكان المكنسة والجاروف، ولكنه عجز عن تحديد مكانهما، ورأت فجأة الدموع في عينَيْه. في هذه اللحظة تحديدًا أدركتْ عمتي الأمر.

ولكنهما لم يتحدثا عن ذلك أبدًا. وخاض أبي تلك المعركة ضد نفسه دون أن ينطق بكلمة واحدة؛ لم يحاول أن يقدِّم تفسيرًا، كما لم يُقدِم على أي محاولة للهروب، إلا عندما توجَّه في رحلة حجٍّ إلى مدينة لورد بفرنسا.

كان ذلك في عام ١٩٩٨ بصحبة ماريا، أخته الكُبرى التي يناديها الجميع ميلي، وإيريش، أصغر إخوته الذين هم على قيد الحياة، وفالتراود، زوجة أخيه. أبي — الذي لم يسافر مع زوجته وأولاده في عُطلة أبدًا؛ لأنه رأى العالم في أثناء الحرب كما يدعي — يخرج الآن في رحلة طويلة نسبيًّا وبداخله بصيصٌ من الأمل في الحصول على الرحمة.

هناك يقف المرء ويبتسم ابتسامةً جوفاء، ويُصلي بالنهار كما يصلي بالليل، وكأن صلوات الليل ليست ذات تأثير كافٍ.

ويُحكَى أن ميلي التي كانت تعاني وقتها من مشكلات في قدميها قالت له:

«يمكنكَ أن تسير نيابةً عني وأنا أفكِّر نيابةً عنك.»

•••

أصعب الأمور هي تلك التي لا نفهمها؛ ولذلك فقد تحسَّن الوضع عندما زادت العلامات التي تشير إلى أن أبي يعاني مما هو أكثر من النسيان وفقدان الدافعية؛ فقد أصبحت الأمور اليومية الاعتيادية تُمثِّل له مشاكل مستعصيةً على الحل، ولم يعُد ممكنًا تبرير ذلك بأنه شارد الذهن وحسب؛ لم يعُد خداع النفس ممكنًا. في الصباح كان يرتدي نصف ملابسه بالمقلوب، أو يرتدي أربعة أردية بعضها فوق بعض، وفي المساء يضع البيتزا المُجمَّدة بعلبتها في الفرن، أما جواربه فكان يضعها في البرَّاد. ومع أننا أدركنا حجم المأساة شيئًا فشيئًا، فإننا أدركنا في لحظة ما أن أبانا لا يعاني حالةً من الكسل، بل يعاني مرض ألزهايمر.

لسنوات عديدة لم يخطر ذلك ببالي؛ فقد كانت صورة أبي التي رسمتُها له في مخيلتي تقف في طريق تصديق حدوث شيء كهذا. حتى وإن بدا الأمر غريبًا، فأنا لم أظنَّ أبدًا أن أبي سيفعل شيئًا مثل ذلك!

•••

خفَّف استبصار حقيقة الأمر الوضع علينا جميعًا؛ فقد أصبح للفوضى التي عانيناها في الأعوام الماضية مبررٌ يمكننا تقبُّله، ولم نعُد نشعر بأننا محطَّمون كما كنا. ولكن الإحساس بأننا قد أضعنا كل هذا الوقت الطويل نصارع شبحًا كان إحساسًا مريرًا؛ فقد كان أحرى بنا ألف مرة أن نستغلَّه بصورة نافعة، ولو كنا أكثر ذكاءً وانتباهًا واهتمامًا لوفَّرنا على أبينا، بل وعلينا أيضًا، كثيرًا من المشقة، ولكُنا اعتنينا به بصورة أفضل وطرحنا بعض الأسئلة المهمة في وقت مُبكر.

•••

مثَّلت بدايات المرض فترةً عصيبةً وفشلًا ذريعًا لنا؛ إذ كانت فترة الخسائر الكُبرى.

فكان من ضحاياها ذكرياتُ حياة أبي، وبعضُ الأشياء الملموسة التي كانت لها أهمية في حياته؛ فقد اختفت دراجة أبي ذات الثلاث سرعات والمقود المعوج والمقعد الجلدي، التي كانت لديه منذ الخمسينيات. على مدار عقود طويلة حتى عند سقوط الثلج أو تجمُّع الجليد كان أبي يركبها في طريقه إلى عمله في الإدارة المحلية، حيث بدأ عمله هناك في وظيفة كاتب عندما كان في السادسة والعشرين من عمره. كما فقد أيضًا الصورة النصفية التي أُخذت له بعد الحرب مباشرة ويظهر فيها وهو شابٌّ لا يتجاوز وزنه الأربعين كيلوجرامًا. كان أبي يحمل معه تلك الصورة مع صورة لأمه في حافظة نقوده، وذلك لأكثر من ستين عامًا. وهي أشياء كان قلبُهُ متعلِّقًا بها بشدة.

حكيت ذات مرة لصديقةٍ اسمها أدريان عن صورة أبي وعن مدى حزني لفقدها، ووصفتُها لها قائلًا: كان أبي قد أتمَّ لتوِّه عامه التاسع عشر، وقد التُقِطتْ بعد أيام قلائل من إطلاق سراحه من أحد المعسكرات الروسية، حيث تعافى هناك من مرض الدوسنتاريا، وجاء تعافيه مصادفةً أكثر منه نتيجةً للعلاج بعد أن قضى أسابيع على شفير القبر وسط كمٍّ هائل من البؤس يصعب تصوُّره. كان أبي يحب أن يُرِي الناس تلك الصورة، حيث يبدو بشعر قصير جدًّا، وملامح وجهٍ شديدة البروز، وطريقة خاصة في التعبير، يصعب فهمها؛ فقد كان يبدو على عينَيْه اللامعتَيْن الغامقتَيْن الصفاءُ والانزعاج الشديد في آنٍ واحد؛ مما جعلهما جذَّابتَيْن. لم تكن صورةً يقف الرائي عندها ساخرًا من أن صاحبها يحملها معه بدلًا من أن يحمل في حافظة نقوده صورةً لزوجته وأولاده.

عندما ذهبتُ إلى فولفورت نبَّهتني أدريان لعمل نسخة من تلك الصورة، وتعجَّبت لعدم قيامي بذلك حتى الآن. كان ذلك في عام ٢٠٠٤ عندما عُدت من برلين ووصلت في المساء، حيث كان أبي يُوجد في هذا الوقت تقريبًا يوميًّا في بيت بيتر وزوجته أورزولا يراقب حفيدته وهي تلعب في الحديقة. عندما وصلتُ إلى البيت أخذت أفتِّش في سُتراته وبناطيله، وبحثتُ في الأدراج والخزانات، تمامًا كما كنت أفعل قبل سنوات وأنا طفل. ولكن بحثي لم يكن مجديًا هذه المرة. واتصلت بهيلجا لأسألها إذا كانت تعرف مكان حافظة نقود أبي، وقالت لي إنها تعتقد أن الحافظة مفقودة منذ سنوات؛ فقد ضيعها أبي. أذكر حتى اليوم كم أصابتني خيبة الأمل، بل والغضب، عندما سمعت ذلك؛ غضبٌ من نفسي، غضبٌ منا جميعًا؛ لأننا لم نتصرف في الوقت المناسب.

حادثتُ أبي في المساء بشأن الصورة، واختلق قصةً غريبة؛ حيث قال إنه كان في زيارة لمصر واليونان، وهناك سُرقت منه بناطيله.

فسألته بدهشة: «كيف؟ ماذا؟ أين؟» واتضح لي فجأةً أن أبي لم يفقد الصورة فحسب، وإنما ضاع منه ما كان يعرفه عن ماضيه.

«أبي، أتقول إنك كنت في مصر؟»

«طبعًا لم أكن هناك باختياري، وإنما في إطار عملية التهجير القسري للأطفال.»

فسألته وأنا ذاهل: «وهل أعجبتك الحال هناك؟»

فهزَّ كتفَيْه وقال: «كان الأمر مملًّا. لم أرَ هناك أي شيء، ولم أعايش أي أحداث. كنت هناك غير قادر على فعل أي شيء، ولا أفعل شيئًا ولا أعرف شيئًا.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤