الفصل الثاني عشر

«زنجر» يحتفل بالمناسبة

تحدث «تختخ» إلى الضابط «حسام»، وشرح له كلَّ ما حدث، وكان ردُّ الضابط حسام أنه سوف يتصل به بعد عشر دقائق، وأن عليه أن يبقى في مكانه، نظر «تختخ» في ساعة يده، وظل يرقب محل بيع العصافير، فجأةً، رن تليفونه، وكان المتحدث «أمين»، صاحب المحل الذي قال له إنه عاتبٌ عليه لأنه تحدث إلى المعلم «جابر» صاحب عصافير الكناريا، لكن «تختخ» قال وهو يبتسم: كيف أتحدث إليه وأنا لا أعرف تليفونه؟! ثم أخبره أنه في الطريق إلى البيت لإحضار ثمن العصافير، ما إن أغلق التليفون، حتى رنَّ مرةً أخرى، وكان المتحدث الضابط «حسام»، الذي طلب منه ألا يتحرك من مكانه، وأنه في الطريق إليه.

•••

كان المغامرون قد عقدوا اجتماعًا في مكانهم المعتاد، في فيلَّا «محب»، في انتظار إشارة من «تختخ».

قالت «لوزة»: يجب أن نتصل به، فقد مرَّ وقت ونحن لا نعرف عنه شيئًا.

لكن «نوسة» كان من رأيها ألَّا يتصلوا به، فقد يُسبب له الاتصال اضطرابًا، وهو يتعامل مع بائع العصافير.

في نفس الوقت، أبدى «محب» قلقه … فهناك موعد مع «سمارة» آخِر النهار … وهم لا يعرفون سمارة … في النهاية اتفقوا أن ينتظروا ساعة، ثم يقومون بالاتصال ﺑ «تختخ».

•••

كان «تختخ» لا يزال يقف في زحام ميدان العباسية، فجأةً رنَّ تليفونه وكان المتحدث الضابط «حسام» الذي سأله: أين هو؟ أجاب «تختخ»: في الميدان، قال «حسام» إنه في سيارته الخاصة البيضاء، ويقف على يمين الميدان، نظر «تختخ» في نفس الاتجاه، فعرف سيارة حسام، وبسرعة كان يقطع الميدان إليها … وعندما ركب بجوار حسام الذي كان يقود السيارة بنفسه، قال حسام: الرجل اسمه «جابر القرش»، وهو يسكن في دار السلام، وهو رجل له سوابق، واتُّهم في أكثر من سرقة … ودخل السجن أكثر من مرة.

كان «تختخ» يسمع ويفكِّر في نفس الوقت، قال في نفسه: إذن، إما «جابر» الذي دخل الفيلَّا، أو أحد رجاله.

كانت سيارة «حسام» تحاول أن تجد طريقًا في وسط الزحام، فسأله «تختخ»: لماذا لم يستخدم سيارة الشرطة حتى يتفادى الزحام؟ فالمواطنون عادة يُفسِحون الطريق لسيارة الشرطة.

حسام: هؤلاء اللصوص دائمًا لهم «ناضورجية»، وهم الذين يكشفون المكان ويبلِّغونه إلى زعيمهم، وسيارة الشرطة سوف تُلفت النظر، ويمكن أن نفقد أثر العصافير في هذه الحالة.

عندما وصلت السيارة إلى المنيل، رفع «حسام» سرعة السيارة، ثم اتَّجه إلى كورنيش النيل … وأخذ طريقه إلى دار السلام، وعندما وصلت السيارة قريبًا من العنوان المحدَّد، كان من الصعب أن تمر في الحواري الضيقة، أوقف «حسام» السيارة، ونزل هو و«تختخ»، لم يكن البيت الذي يقصدونه بعيدًا، قطعا المسافة إليه في هدوء لا يلفت النظر، رأى حسام صبيًّا يقف على ناصية الحارة، فاقترب منه وسأله: أين بيت المعلم «جابر القرش»؟

فردَّ الصبي ببرودٍ شديدٍ: ولماذا تريدانه؟!

حسام: هل تعمل معه؟

الصبي: ولماذا تسأل؟

حسام: لنا مصلحةٌ عند المعلم، ونريد مقابلته.

نظر له الصبي قليلًا، ثم قال: وهو يتحرك: سوف أُخبره.

كان «تختخ» يُراقب الصبي في كثير من الدهشة، فقد كان يتصرف وكأنه رجلٌ كبير يفهم دوره في حياة المعلم «جابر القرش»، اختفى الصبي في بيتٍ قريبٍ، فتبعه «حسام» و«تختخ»، وقفا على بُعد خطواتٍ من الباب، انتظرا قليلًا، لكن «تختخ» لاحظ أن نافذةً في الطابق الأرضي قد فُتِحَت قليلًا، ثم أُغلِقَت.

لفت نظر الضابط «حسام» إليها، فابتسم «حسام» وهمس: يجب أن تعمل معنا يا عزيزي «توفيق»، فأنت سريع الملاحظة، ظهر الصبي، وفُوجئ بهما أمامه، فقال مباشرة: المعلم نائمٌ، تعالَ آخِر النهار.

لكن «حسام» تقدَّم مباشرة، ودفع الباب بشدة وهو يقول: إصحا يا «قرش»! فُتِحَ الباب، وظهر رجلٌ خشن المنظر على وجهه آثار إصابة قديمة، وهو يصرخ ويقول: مَن الذي خبط الباب؟!

ابتسم «حسام» وقال: المباحث يا «قرش»!

انكمش «القرش» في نفسه، وهو يقول بصوتٍ مُتردِّد: خير يا بيه؟!

قال حسام: أعرف قضاياك، لكني جئت هنا فقط لأن الصديق «توفيق» يُريد أن يشتري عصافير الكناريا التي عندك.

أبدى «القرش» دهشته وقال: أية كناريا؟! أنا لا أبيع العصافير، ولا أفهم فيها، وما عندي خاص بأولادي!

رفع «حسام» ذراعه، ودفع «القرش» من أمامه، ثم دخل البيت، كانت صالة متوسطة الحجم، قليلة الضوء، حاول «تختخ» أن يبحث بعينَيه عن أثرٍ لعصافير الكناريا، لكنَّ عينَيه لم تقع إلا على شيءٍ مُعلَّق مُغطًّى بملاءةٍ متسخة، نظر إلى الضابط «حسام» الذي مدَّ يده، وضغط زر النور، فغرقت الصالة في الضوء، فكَّر «تختخ» بسرعة، ثم قال ﻟ «القرش»: هل أستطيع رؤية عصافير الأولاد يا سيد «قرش»؟

ولم يكد ينتهي من جملته، حتى جاء صوتٌ يقول: «قرش» … «قرش».

تقدَّم «تختخ»، وجذب الملاءة، فكشف عن قفص به الببغاء الزرقاء.

قال «تختخ» بسرعة: «براون»!

ردَّدت الببغاء: «براون» … «براون»، «فرانسوا».

نظر «حسام» إلى «القرش» وقال: من أين هذه الببغاء يا «قرش»؟!

لكن «القرش» لم ينطق … وبسرعة تحدث «حسام» إلى قسم شرطة المعادي لإرسال سيارة شرطة إلى عنوان بيت «القرش».

في الطريق … و«تختخ» يجلس سعيدًا بجوار «حسام»، فكَّر أن هذه أسرع مغامرة قام بها المغامرون الخمسة؛ لكشف لغز اختفاء الببغاء «روز»، وعصافير السيدة «فرانسوا» … كانت سيارة الشرطة تتبع سيارة الضابط «حسام».

أخرج «تختخ» تليفونه، وتحدث إلى «محب» يطلب لقاءه هو والمغامرين في فيلَّا مستر «براون»، ولم يمضِ وقت طويل حتى كانت سيارة «حسام» تدخل فيلَّا مستر «براون»، حيث كان يقف هو والسيدة «فرانسوا» وبقية المغامرين.

وكانت لحظةً نادرة، فقد بكت السيدة «فرانسوا» عندما رأت الببغاء «روز»، التي هتفت عندما رأت «براون» و«فرانسوا»: «براون» … «براون» … «فرانسوا» … «فرانسوا».

وعندما انصرف «حسام» ومعه «القرش» مقبوضًا عليه، قال مستر «براون»: أصدقائي الأعزاء، المغامرين الخمسة، لا بُدَّ أن أحتفل بكم، وبعودة «روز» العزيزة، والباقي من عصافيري النادرة.

ابتسم «تختخ» وقال: والعصفور البلاتيني أيضًا.

وشهدت فيلَّا مستر «براون» احتفالًا صاخبًا، غنَّت فيه السيدة «فرانسوا»، بينما عزف مستر «براون» على البيانو … وغنَّت الكناريا أنغامها الجميلة، وقدَّم «زنجر» فاصلًا من الحركات التي أضحكتهم.

كان المغامرون الخمسة أكثر سعادةٍ، لأنهم كشفوا اللغز سريعًا، وأنهم أثبتوا براءة «بيومي» حارس الفيلَّا من تهمة اشتراكه في السرقة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤