الفصل السادس

الخدعة

قال «تختخ»: هنا تأتي الخدعة! وتصوَّرُوا معي، «بيومي» الحارس وهو يجلس هنا — وأشار إلى كشك الحراسة الموجود في مدخل الفيلَّا — ثم أكمل كلامه: وجاء «فودة» الذي قال ﻟ «بيومي» إنه بلديَّاته، وإنه يبحث عن عمل … ثم قام معه عندما حدَّثه عن الطيور التي يربِّيها مستر «براون»، وزوجته السيدة «فرانسوا»، وفتح باب الفيلَّا، ودخل «بيومي» و«فودة» … ولم يغلق «بيومي» باب الفيلَّا خلفه، فلماذا يُغلقه إذا كان هو و«فودة» سوف يعودان؟ في هذه الحالة، كان هناك مَن ينتظر فتْحَ باب الفيلَّا … وعندما دخل «بيومي» و«فودة»، أسرع ودخل خلفهما بسرعةٍ وبهدوءٍ، واختفى داخل الفيلَّا، خصوصًا وقد رأينا مكتب مستر «براون» قريبًا من الباب، يعني اختفى داخل المكتب، وعاد «بيومي» و«فودة»، فأغلق «بيومي» الباب، وهكذا ظل اللص موجودًا في مكتب الفيلَّا، وظل «فودة» مع «بيومي» حتى أوصله إلى المحطة ليسافر لبلده، ويتأكد فودة أن «بيومي» لن يعود.

كان المغامرون يتابعون شرح «تختخ» للخدعة التي حدثت، وقد علَت وجوههم الدهشة ونظروا إلى بعضهم، فقالت «لوزة»: هذا تصوُّر رائعٌ، وأظن ما حدث هكذا بالضبط!

فكَّر «تختخ» قليلًا، ثم قال: ومع ذلك، وحتى نتأكد من الأمر جيِّدًا، دعونا نُحقِّق ذلك على الطبيعة، ثم تحدث إلى الضابط «حسام» مساعد «سامي»، وسأله إن كان يمكن أن يلقاه في فيلَّا مستر «براون»، وأن يصحب معه «بيومي»، فأجابه «حسام»: إن هذا ممكن طبعًا! واتفقا على أن يلتقيا هناك بعد نصف ساعة.

وقالت «نوسة»: إذا كان هذا صحيحًا، فهو يعني أن «بيومي» بريءٌ من الاشتراك في سرقة الفيلَّا.

قال «تختخ» وهو يُخرج مفكرته: دعونا نُلقي نظرة على الملاحظات التي سجَّلتها، ما دام أمامنا بعض الوقت.

وبدأ المغامرون الخمسة يُناقشون الملاحظات، وكان أولها أن باب الفيلَّا غير مكسور، وهذا صحيحٌ بعد اكتشاف الخدعة، ونافذة المطبخ كانت مفتوحة بعد أن اكتشفها «محب» عندما دخلوا الفيلَّا واكتشفوا السرقة، وهذا طبيعيٌّ؛ لأن الذي سرق نزل من النافذة، ولم يستطع إغلاقها، واختفاء «بيومي» عادي لأنه سافر إلى شكشوك، أما بقايا الطعام فهو يعني أن اللصوص كانوا مطمئنين بأن أحدًا لن يعود بعد سفر مستر «براون» وزوجته إلى شرم الشيخ، ثم سفر «بيومي»، وأما من كان في الفيلَّا، فهما اثنان فقط، بدليل الكرسيَّين اللذين كانا بعيدَين قليلًا عن طاولة المطبخ.

وقال «تختخ»: كل ذلك عاديٌّ جدًّا، لكن تبقى نقطتان، قطعة القماش، وهو دليلٌ جيِّد.

نبحَ «زنجر»، وكأنه فهم ما يعنيه «تختخ» الذي ابتسم، ونظر إلى «زنجر»، وقال: هذه سوف تكون مهمتك يا عزيزي «زنجر»!

ثم أضاف «تختخ»: وتبقى علبة السجائر والتليفون الذي عليها، وصحيح أن الطين طمس ثلاثة أرقام من نهاية الرقم، وقد حاولت أن أتخلَّص من الطين، وأن أحتفظ بالأرقام كاملة فلم أستطع، ومع ذلك، سوف تُفيدنا الأرقام الباقية.

نظرت «نوسة» في ساعتها، وقالت: حان الوقت، فقد مضت نصف ساعة.

استعدَّ المغامرون الخمسة للانصراف … وقفز «زنجر» يسبقهم … إلا أن «عاطف» رفع يده وقال: هناك سؤالٌ لم نسأله من البداية.

قالت «لوزة» بسرعةٍ: وما هو السؤال؟

نظر المغامرون إلى بعضهم، فقال «عاطف»: اللصوص الذين دخلوا الفيلَّا، ماذا كان هدفهم؟ سرقة أي شيءٍ؟ أم إنهم يقصدون المجوهرات بالذات؟ أم سرقة العصافير؟

قال «محب»: سؤال مهمٌّ، كان يجب أن نسأله من البداية!

قال «تختخ»: دعونا نلحق بالمفتش «سامي»، ونبحث عن إجابة السؤال، ونحن في الطريق، ولو أنِّي فكرت فيه … وأتصور أنني وصلت إلى إجابةٍ منطقيةٍ.

تحرك المغامرون الخمسة، وركبوا دراجاتهم، وانطلقوا إلى فيلَّا مستر «براون»، كانت الساعة في حدود العاشرة مساءً، والشوارع تكاد تكون خاليةً إلَّا من سيارة تمر مسرعة، أو صوت سيارة الشرطة يتردَّد من بعيد، يقطعه نباح بعض كلاب الحراسة، كان «محب» و«نوسة» و«عاطف» و«لوزة» ينتظرون إجابة السؤال من «تختخ» الذي كان يفكر في الخطوة القادمة، لكن «لوزة» لم تستطع الانتظار، فقالت: أين إجابة السؤال؟

ابتسم «تختخ» وقال: نؤجل الإجابة حتى ننتهي من مهمتنا الآن … وبعدها سوف نعقد اجتماعًا لنناقش ما فكرت فيه.

ما إن وصلوا حتى رأوا سيارة الشرطة أمام الفيلَّا، قفز «زنجر» سريعًا، واتَّجه إلى حيث الضابط «حسام» الذي ربت عليه مبتسمًا، فقد كان يقف عند بوابة الحديقة، ومعه «بيومي»، ومستر «براون»، وبعض جنود الشرطة، ما إن رآهم مستر «براون» حتى ابتسم، وقال: أصدقائي الأعزاء، إنني أشكر لكم اهتمامكم، وأنقل لكم تحيات زوجتي، كان المفروض أن تكون معي في استقبالكم، لكنها متوعِّكةٌ وحزينة من أجل اختفاء العصافير، وخصوصًا ببَّغاءنا العزيزة «روز»، ومجوهراتها الثمينة.

قال «حسام» ﻟ «تختخ»: فهمت أنك تريد إعادة الأحداث على أرض الواقع … أليس صحيحًا؟

ابتسم «تختخ»، وقال: بالضبط … ثم نظر إلى «بيومي» الذي لم يعرفه، وأضاف: يا أخ «بيومي»، هل يمكن أن تشرح لنا ما حدث يوم أن كان معك بلدياتك «فودة»؟

نظر «بيومي» إلى الضابط «حسام» الذي قال: هيَّا يا «بيومي»، اشرح لنا ما حدث، كما طلب الصديق «توفيق».

تردَّد «بيومي» قليلًا، ثم قال: كنا نجلس هنا أمام كشك الحراسة، وكنت أُحدِّث «فودة» عن العصافير، وخصوصًا الببغاء «روز» التي تتحدث كالبني آدم، ولم يصدق ما قلتُه، فأردتُ أن أُثبت له، فأخذته وذهبنا إلى الفيلَّا.

وتقدَّم «تختخ» إلى الفيلَّا، فتحرَّك الآخَرون خلفه، حتى وصلوا إلى باب الفيلَّا. فقال «بيومي»: دخلتُ أولًا، ودخل «فودة» خلفي.

ثم دخلوا الفيلَّا، وذهبوا إلى حيث الأقفاص الخالية إلا من بعض العصافير التي عادت، وأخذوا يستمعون إلى «بيومي» الذي أكمل كلامه: ناديت على «فودة» حتى تسمعني «روز»، وفجأةً قالت: «فودة»، «فودة»!

اندهش فودة، وقال: إنها تتحدث مثلنا، وظللنا واقفين و«فودة» يسألني عن الفيلَّا، وعن الخواجة، وأنا أُجيب، ثم قال لي: إن كان الخواجة سوف يوافق على أن يعمل في الجنينة، ومرةً أخرى تكلمَتْ «روز» وأعادت الكلام الذي قاله «فودة»، ثم خرجنا من الفيلَّا، وأغلقتُ الباب بالمفتاح، ووضعته في جيبي، وظللنا جالسين عند الكشك حتى جاء موعد السفر، فأصرَّ «فودة» على أن يوصلني إلى المحطة، وهناك قال لي إنه سوف يعود بعد أسبوعٍ، ويكون الخواجة قد عاد.

نظر المغامرون إلى بعضهم، فقال مستر «براون»: يا «بيومي»، إذا كنتَ أغلقت الباب، فكيف سرقوا الفيلَّا؟! ثم نظر إلى الضابط «حسام» وقال: إنني أتَّهم «بيومي» بأنه شريكٌ في سرقة الفيلَّا.

نظر «حسام» حوله، ثم تساءل: أين الصديق «توفيق»؟

ابتسم المغامرون، في حين قال مستر «براون»: لقد كان هنا … فهل تركنا وانصرف؟ ولماذا؟ هل حدث شيء؟!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤