تحية الريحاني

مرحبًا بالثقافة الغربيّهْ
تتجلّى في روحكَ الشرقيّهْ
مرحبًا بالحكيم مُحيي المعرّي
مرحبًا بالنبوغ والعبقريّه
مرحبًا بالعظيم أكرمِ ضيفٍ
لملوك الجزيرةِ العربيّه
فيلسوفِ الفريكةِ الصائب الرَّأْ
يِ، ربيبِ الحريّة الفكريّه
لم يزدنا قدومُكَ اليومَ علمًا
بكَ يا صاحبَ البَنانِ النديّه
حملتْ هذه البنانُ يَراعًا
فبَلَوْنا كيف القوى السحريّه
فاض حتى غدوتَ، والناسُ منهُ
بعيونٍ عن أن تراكَ غنيّه
عيبُهُ أنه لسانُ حسودٍ
نشرَ الفضلَ منكَ بين البريّه
فيه ما شاء ذو الحِجى، وتَمنّى
من غذاءٍ له، ومن أُمنيّه
حكمةٌ تملأ الصدورَ ضياءً
خبرةُ الدهرِ أمُّها والرويّه
وهدى جائرٍ، وسلوى حزينٍ
من ضميرٍ حيٍّ، وأصدق نيّه
ببيانٍ كأنه نَفَحاتٌ
حملتْها يدُ النسيمِ زكيّه

•••

جئتَ والقومُ يا أمينُ سكارى
وعبيدُ المآربِ الشخصيّه
جئتَ والقومُ ذاهلون نيامٌ
قد أضاعوا القضيّةَ الوطنيّه
جئتَ والقومُ في فلسطينَ نَهْبٌ
لأيادي المطامعِ الأشعبيَّه
بلدي كان قُدوةً لفلسطيـ
ـنَ، شديدًا دفاعُه في القضيّه
كان ذا نخوةٍ وفيه حميَّه
أين منها حميّةُ الجاهليَّه
كان يُدعى حصنَ البلادِ فأضحى
وفلسطينُ منه تَلقى الرزيَّه
نَبِّهِ القومَ يا أمينُ، وسَلْهم
أين باتت تلك النفوسُ الأبيّه
جعلتْهم أهواؤهم ساعةَ الشِّدَّة
شتّى القلوبِ سُودَ الطويّه
بينما أنتَ بالجزيرة تسعى
لوفاقٍ ووحدة قوميّه
وترود القفارَ وَهْي سعيرٌ
من حجازيّةٍ إلى نجديّه
دبَّ فينا الشقاقُ يا لبلادٍ
أصبحتْ تحت رحمةِ الحزبيّه
دمعةً يا أمينُ قد غاض دمعي
وفلسطينُ منه ليستْ رويّه
صرخةً يا أمينُ قد بُحَّ صوتي
أتراهم في رقدةٍ أبديّه؟
بُثَّ فيهم روحًا جديدًا يفيقوا
ويرَوْا كم يدٍ تعيث خفيّه

•••

إنْ أكنْ مُسْرِفًا بلومي فَلَوْمي
صادرٌ عن مَحبّتي القلبيّه
وعزيزٌ عليَّ أنْ تُبصرَ العَيْـ
ـنُ فلسطينَ، وَهْي تُعطى هديّه
وفلسطينُ لن تكونَ ضحيّه
قبل أنْ تذهب النفوسُ ضحيّه
أيها الفيلسوفُ جئتَ بخيرٍ
فسلامًا وراحةً وتحيّه
دمتَ حتى تشاهدَ العُرْبَ طُرًّا
في ظلال السلامِ والحريّه
١٩ نيسان ١٩٢٧

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤