يا رجال البلاد

لا تبالي بألفِ خطبٍ عراها
نفسُ حُرٍّ مفجوعةٍ بحماها
شفَّها الغيظُ والأسى وتراها
كظمتْ غيظَها، وأخفتْ أساها
كلّما أوشكتْ تسيلُ دموعًا
كاذباتٍ ضحكتُ ممّنْ بكاها
قد سقى الأرضَ بائعوها بكاءً
لَعَنَتْهُمْ سهولُها ورُباها
وطني مُبْتلًى بعُصبةِ (دَلَّا
لينَ)، لا يتّقون فيه اللّهَ
في ثيابٍ تُريكَ عِزًّا ولكنْ
حَشْوُها الذلُّ والرياءُ سَدَاها
ووجوهٍ صفيقةٍ ليس تَنْدى
بجلودٍ مدبوغةٍ تغشاها
وصدورٍ كأنهنَّ قبورٌ
مظلماتٌ قلوبُهمْ مَوْتاها
حُسِبوا في الرجال، هلْ كانتِ الأَنْـ
ـعامُ إلَّا لمثلِهم أشباها؟

•••

يا رجالَ البلادِ يا قادةَ الأُمَّـ
ـةِ، ماذا دهاكُمُ ودهاها؟
هل لديكم سياسةٌ غيرُ هذا الْـ
ـقَوْلِ، يُحيي من النفوس قُواها؟
صكَّتِ الألسنُ المسامعَ حتى
لقيتْ من ضجيجكم ما كفاها
عرفَ الناسُ والمنابرُ والأقْـ
ـلامُ أفضالَكم فهاتوا سواها
كلُّكم بارعٌ بليغٌ بحمد الْـ
ـلهِ، طَبٌّ بحالنا ودَواها
غيرَ أن المريضَ يرقبُ منكمْ
هذه الجرْعةَ التي لا يراها
كان أولى بكم لَوَ أنَّ مع القَوْ
لِ فَعالًا محمودةً عُقباها
مَثَلُ القولِ لا يؤيِّدُه الفِعْـ
ـلُ، أزاهيرُ لا يفوحُ شذاها
وَهْو كالدوحة العقيمِ: ظلالٌ
واخضرارٌ ولا يُرجّى جَناها

•••

رحم اللهُ مُخلِصًا لبلادٍ
ساوموه الدّنيا بها فأباها
لو أتَوْهُ بالتِّبْر وَزْنَ ثراها
لأباهُ وقال أفدي ثراها
انفروا أيها النيامُ فهذا
يوم لا ينفعُ العيونَ كراها
كُشِفتْ منكمُ المقاتلُ
وامتَدَّتْ إليها المثقّفاتُ قناها
نَبِّئوني عنِ القويِّ متى كا
نَ رحيمًا، هيهات مَنْ عَزَّ تاها
لا يلينُ القويُّ حتى يُلاقي
مثلَهُ عِزَّةً وبطشًا وجاها
لا سمتْ أمّةٌ دهتْها خطوبٌ
أرهقتْها، ولا يثورُ فتاها
١٩٣٣

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤