العَزم الأكيد

لقد مرَّ شهر الآن تقريبًا منذ أن عادَ ويل إلى تناول أدويته، وكان بالتأكيد يشعر بتحسُّن. ولكن الأمر سيستغرق بضعة أسابيع حتى يعود إلى حالته الطبيعية، وقلة النوم تزيد مثل هذه الاضطرابات سوءًا وتجعل من الصعب السيطرة عليها بصرف النظر عن كمية الأدرينالين أو الكافيين أو الأدوية المضادة للاكتئاب التي تتدفق في جسم المرء.

ومع بدء الاجتماع، كان ويل يشعر أنه في حالة غريبة ولكنه ما زال مسيطرًا على نفسه، أو هذا ما كان يتمنَّاه.

بدأ كيسي الاجتماع بالسؤال: «أين كونر؟»

أوضحت صوفيا: «لديه اجتماع مع أحد العارضين في معرضه التِّجاري.» وأضافت: «قال إنه سيكون هنا في غضون ساعة تقريبًا.»

بدا كيسي مُحبَطًا، لكنه لم يقل شيئًا.

شعرَ ويل فجأةً برغبة مُلِّحة في التعليق على رفض كيسي مطالبة فريقه بحضور هذه الاجتماعات؛ لقد كان من الواضح أن السهر المتواصل قد أثرَّ عليه سَلبًا. ولكي يتجنَّب التفوُه بأي شيءٍ قد يندم عليه، وقفَ ويل مبتعدًا عن المائدة وقال: «معذرةً. سأعود حالًا.» ثم غادرَ القاعة.

سارَ ويل نحو الرَّدْهة متسائلًا ما الذي حدث له الآن. وكان لسان حاله يقول: «لماذا أهتم إذا ما كان كيسي يدع كونر يتهرَّب من الاجتماعات؟» ثم خطرَ بباله أنَّ الجميع لا بد أن يحضروا الاجتماع إذا قُدِّرَ لخطته أن تجد أية فرصة للنجاح. ولكن بدلًا من توبيخ كيسي علانيةً، تحرَّك ويل فجأة قاصدًا مكتب كونر مباشرةً.

عندما اقتربَ ويل وجدَ باب مكتب نائب الرئيس لشئون التسويق مفتوحًا. وكان كونر جالسًا إلى مكتبه يعمل على جهاز الكمبيوتر. طرقَ ويل الباب ودخلَ دون انتظار الرد. وقال: «معذرة.»

نظرَ كونر إلى أعلى في هدوءٍ. وقال: «مرحبًا يا ويل. ماذا هنالك؟»

ويل: «لدينا اجتماع الآن.» قالها ويل كما لو كان يطرح سؤالًا.

كونر: «نعم، ولكن كان لديَّ مقابلة مع أحد الأشخاص من شركة «تريد تِك». ولقد طلبت من صوفيا أن تخبر كيسي بذلك.»

سألَ ويل كنوع من الضغط: «إذن أين هو؟»

شعرَ كونر فجأةً ببعض الضيق. وقال: «هل تقصد الشخص القادم من شركة «تريد تِك»؟ لقد غادر منذ خمس دقائق تقريبًا. ولكن لديَّ بعض أعمال المتابعة أقوم بها. سأكون في الاجتماع قبل الساعة الحادية عشرة.»

هنا وقفَ ويل، محاولًا تحديد إذا كان اضطرابه أم تصميمه هو الذي يجبره على أن يقول ما سيقوله. لا يهم ماذا كان السبب؛ لأنه لم يتمكَّن من التراجع الآن. ومن ثَم، قال: «لا بد من وجودك هناك يا كونر.»

كان رئيسُ قسم التسويق مشدوهًا، ولكن ليس غاضبًا. إنه مثل زملائه الآخرين يحب ويل. ولذا، ردَّ قائلًا: «معذرةً، ماذا قلت؟»

استرخى ويل ولطَّف من حِدَة لهجته قليلًا. وقال: «استمع إليَّ يا كونر، هذا اجتماع مهم. إنه مهم لنا جميعًا، ولكنه مهم لكيسي على وجه الخصوص. ويجب أن يحضر الجميع.» حدَّق ويل في كونر، وهو يكاد يتوسَّل إليه.

نظرَ كونر إلى ويل متفحِّصًا لثانية، ثم ردَّ بلهجة عَمَلية. «حسنًا إذن»، ثم أمسكَ بدفتر ملاحظاته. وقال: «هيا بنا.»

شعرَ ويل بارتياح، واصطحبَ كونر عائدًا إلى قاعة الاجتماعات. وعندما دخلا، نظرَ كيسي إليهما، محاولًا فهم ما حدثَ خارج القاعة.

عرفَ ويل أنَّ كيسي قد فهمَ الأمر بطريقة ما.

استؤنِفَ الاجتماعُ بعد أن جلسَ الاثنان إلى المائدة. وكان تيم يتحدَّث عن الموازنة، أو شيء متعلق بها.

كان ويل متحمسًا بعد مداخلته الناجحة مع كونر، ومن ثَم قرَّر ألَّا ينتظر فقال: «إذا سمحتم لي، جميعًا. أعتذر عن المقاطعة، ولكن هناك أمرًا يجب أن نقوم به اليوم. وأنا آسف لأننا سنضطر لتأجيل البنود المُدرَجة في جدول الأعمال حتى الأسبوع المقبل.»

بَدَت الدهشة على تيم وبقية الحاضرين. ما عدا كيسي، الذي بدا مترقِّبًا لما سيقوله ويل أكثر من كونه قلقًا.

وقبل أن يتمكَّن أي شخص من توجيه سؤال، بدأ ويل الحديث. فاستهلَّ بقوله: «هذه الاجتماعات ليست جيدة، كما أنها تسبِّب مشكلاتٍ أكثر مما نتخيَّل.»

فجأةً، ظهر القلقُ على وجه كيسي. فقد ظنَّ أن ويل على وشك إطلاع الفريق على حقيقة الوضع مع جيه تي هاريسون، وهذا أمر كان سيزعجه كثيرًا إذا أُثير الآن.

وعندما قرَّر كيسي أن يمنع مساعِده من مواصلة الحديث، شرحَ ويل الأمر. «لقد تحدَّثتُ مع الموظفين في هذه الشركة على مدى الشهر الماضي تقريبًا، وسوف تندهشون جدًّا مما يقولونه.»

استرعى كلامه انتباه الحاضرين جميعهم.

تابعَ ويل: «إنهم يتساءلون عن كفاءتكم، أو كفاءتنا. إنهم لا يفهمون كيف نعقد اجتماعًا أسبوعيًّا هنا لمدة ساعتَين، ثم لا نخرج منه بتوجيهاتٍ واضحة لهم. لا تسيئوا فهمي. إنهم فيما يبدو يحبونكم جميعًا بصدق. وهذا هو سبب حَيرتهم بشأن نتائج هذه الاجتماعات.»

كان كيسي يريد أن ينهي الاجتماع قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، ولكن ترقُّبه لسماع ما سيقوله ويل كان يمنعه من ذلك.

كالعادة، تحدَّث تيم أولًا. فقال: «إلى مَنْ تحدثت؟ أقصدُ، هل أنت متأكِّد أن …»

قاطعه ويل بأسلوب مُهذَّب. فقال له: «اسمعني يا تيم. أنا لا أختلق الأمر. ثِق بي.»

أيدت ميشيل ويل. وقالت: «إذا نظرتم إلى ما أشارت إليه نتائج الدراسة الخاصة بصنع القرار ومهارات التواصل، فستجدون أنَّ ما يقوله ويل معقول.»

تابعَ ويل: «وبالإضافة إلى ذلك، أنا أراقب الاجتماعات منذ أكثر من شهر، ولا أفهم كيف يمكن أن يجتمع ستة من الأذكياء ذوي الحكمة هنا أسبوعًا بعد أسبوع، ويستمرون في القيام بشيء لا أراه في الواقع إلا إهدارًا للوقت.» ثم توقَّف ويل ليسمح للفريق باستيعاب ما قال.

وقبل أن يعترض أحد — وخصوصًا تيم — أكملَ ويل عرضَ فكرته. فقال: «على الأقل أنا لم أفهم الأمر حتى الليلة الماضية.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤