اجتماع التقييم رُبع السنوي المُنعقِد خارج مقر الشركة

لم يكن لدى ويل طاقة ليسوق المزيد من التشبيهات، ومن ثَم بدأ حديثه مباشرةً دون استطراد. فقال: «حسنًا. آخِر نوع من الاجتماعات يجب أن تعقدوه هو: التقييم رُبع السنوي خارج مقر الشركة.» ثم كتبَ هذه الكلمات على السبورة.

تدخَّل تيم قائلًا: «لدينا هذا النوع من الاجتماعات بالفعل. ليس دائمًا رُبع سنوي. ولكننا نعقد اجتماعًا خارج مقر الشركة نحو مرتَين سنويًّا.»

وكان ويل قد سمعَ عن اجتماعاتهم التي يعقدونها خارج مقر الشركة. ومن ثَم، استحثَّ تيم على الاستمرار في الحديث، فسَأله كما لو كان المخبر السري «كولومبو» يستجوب متهمًا مشتبهًا به. «ما الذي تقومون به عادة في هذه الاجتماعات؟»

نظرَ تيم حوله بحثًا عن مساعدة. فجاءه الردُّ من صوفيا. حيث قالت: «نمضي عادةً ليلة أو اثنتين، ربما في سان فرانسيسكو أو مدينة نابا أو تاهو.»

فسأل ويل: «وماذا تفعلون هناك؟»

تيم: «نمضي وقت الصباح في مناقشة أمور العمل، ثم نذهب للتزلج على الجليد، أو نشترك في تذوق أنواع الشراب، ثم نتناول غداءً شهيًّا. وأحيانًا يُحضر كلٌّ منهم زوجه أو زوجته أيضًا.»

تدخَّل كونر. وقال: «لقد قمنا أيضًا ببعض الأنشطة الجماعية التي تعزِّز روح الفريق، كسباقات تسلق الحبال، والهرم البشري.»

تعالت صيحاتُ الجميع عندما تذكَّروا هذه الأفعال المضحكة.

وقال ويل: «إذن ما الذي تتحدَّثون عنه بالضبط في الوقت المخصَّص لمناقشة قضايا العمل من الاجتماع؟»

لم يبدُ أن أحدًا من الحاضرين لديه إجابة. ومن ثَم، حاولَ كيسي أن يجيب. فبادرَ بقوله: «نناقشُ قضايا شبيهة بتلك التي نناقشها في اجتماعاتنا الأسبوعية. ونتحدَّث عن الأهداف التي نرجو تحقيقها في العام التالي. مثل أهداف المبيعات. ونسبة الأرباح. وأمورٌ من هذا القبيل.»

كان ويل مستعدًّا للهجوم. ولكن بلطفٍ. فقال: «حسنًا، لا أعرفُ الكثير عن الاجتماعات التي تُعقَد خارج مقر الشركة. ولكني أعرفُ مسئولًا تنفيذيًّا ممتازًا …»

قاطعَ كونر ليمزح مع ويل. فقال: «هل تتحدَّث عن والدتك؟»

انفجرَ الجميعُ في الضحك.

ابتسمَ ويل خجلًا. وقال: «نعم، إنها أمي.»

ضحكَ الفريق.

أخبرهم كيسي: «جديرٌ بالذكر أن والدة ويل قد تولَّت إدارة جميع أنشطة مصنع السيارات في فريمونت طوال ثماني سنوات؛ إنها مسئولة إدارية حازمة ونافذة البصيرة.»

كان ويل يشعر بالحرج، فاستأنفَ الحوار. وتابعَ قائلًا: «على أية حال، إنها ترى أن هذه الاجتماعات أنشطة لا طائل من ورائها. وتراها إهدارًا للوقت.»

اعترضت ميشيل. وقالت: «لا أتفقُ مع هذا الرأي، أعتقد أن التنفيذيين الذين يمضون الوقت بعيدًا عن عائلاتهم، ويضحون من أجل عملهم، يحتاجون لقضاء بعض الوقت بعيدًا عن العمل، والتعرف على عائلات بعضهم البعض، وتعميق العلاقات الشخصية والاجتماعية فيما بينهم. أعتقد أن الأمر يستحق العناءَ.»

بدت الدهشة على ويل من تعليق ميشيل. وقال: «هي لم تقل قط إن مثل هذه الاجتماعات التي تُعقَد خارج مقر الشركة إهدارٌ للمال. بل قالت إنها إهدار لفرصة إجراء عدد من أكثر الحوارات أهمية لأي فريق تنفيذي.»

فسألته ميشيل: «ماذا تقصد؟»

ويل: «إن اجتماع التقييم رُبع السنوي الذي يُعقَد خارج مقر الشركة يعد فرصة للخروج من دائرة الروتين اليومي والأسبوعي والشهري، ورؤية الأمور عن بُعد.»

ميشيل: «تقييم ماذا؟»

للمرة الأولى، قرأ ويل مباشرةً من الملاحظات المدوَّنة لديه. فقال: «حسنًا، الاستراتيجية. والوضع التنافسي. وروح الفريق. والعلاقات بين أعضاء الفريق التنفيذي. والأفضل أداءً. والأقل أداءً بين الموظفين. ورضا العملاء. نستطيع مناقشة كل الأمور التي تؤثر تأثيرًا بعيد المدى على نجاح الشركة. الأمور التي لا تستطيعون مناقشتها في الاجتماعات الأسبوعية أو الشهرية.»

سألَ مات السؤال المعتاد، لكنه طرحه هذه المرة بأسلوب ألطف. فقال: «لا أقصدُ أنَّ هذه الاجتماعات غير مهمة. ولكن كم تحتاج من الوقت لعقد اجتماع تقييم رُبع سنوي خارج مقر الشركة؟»

تمهَّل ويل. ثم قال: «لست متأكدًا.»

ولكن كيسي كان متأكِّدًا. فقال: «يعتمد ذلك على قائمة البنود التي نحتاج لمناقشتها؛ ربما نحتاج يومَين.»

أجفلَ مات.

قال كيسي: «ولكنك إذا فكَّرت في الأمر مليًّا، فستجد أننا لن نحتاج إلَّا إلى ثمانية أيام كل عام. من إجمالي ٢٤٠ يوم عمل؟ أي ٣٪ على الأكثر.»

تابعَ مات بإصرار. وأضافَ: «ولكن، يومان كاملان؟»

كان كيسي الآن قد اقتنعَ تمامًا بالفكرة. فقال: «نعم. نحتاج إلى يومَين كاملَين لنعرف مَن أفضل موظفينا، وكيف نرفع كفاءة المتلكئين أو نخرجهم من المنظومة. يومَين لندرس تحركات شركتَي «جو بوكس» و«جيم ستار». يومَين نتبادل فيهما المشورة والنقد. يومَين لنرى ما إذا كانت استراتيجيتنا لا تزال فعالة.»

صوفيا: «مرة أخرى، هل يوجد شيءٌ آخر نقوم به أهم من ذلك؟» ضحكت بصوت عالٍ. ثم تابعت: «لا أعرف ما رأيكم، ولكنني أشعر بالخجل لأننا لا نقوم بذلك بالفعل.»

بدا الجميع متفقين على ذلك، بمَنْ فيهم مات.

رفعَ كيسي يدَّه وتحدَّث. «لا أعرف ماذا ترون، ولكني أعتقد أنه من الصعب عليَّ أن أقوم بدور المنظِّم في هذه الاجتماعات إلى جانب المشاركة فيها. ما رأيكم جميعًا في استقدام استشاري للمساعدة؟»

سألَ كونر: «أتقصد اجتماعات التقييم رُبع السنوية التي تعقد خارج مقر الشركة فقط، أم الاجتماعات كلها؟»

فقال كيسي: «حسنًا، أقصد الاجتماعات التي تُعقَد خارج مقر الشركة، ولكن ربما يجب أن نفكِّر في الاجتماعات الأخرى أيضًا.»

تحدَّثت ميشيل أولًا. فقالت: «أعتقد أن الحصول على مساعدة الاستشاري في الاجتماعات رُبع السنوية سيكون أمرًا جيدًا. ما دام الشخص الذي نستعين به يتقن عمله، ولا يحاول إثبات مدى ذكائه.»

وافقَ الجميع، وراحَ كلٌّ منهم يتذكَّر مَن عرفهم من المستشارين السيئين.

قال كيسي: «أعرف شخصًا بارعًا في مثل هذه الأمور.» أعلنَ كيسي ذلك بحماس. وأضافَ: «وهو يستغرق بعض الوقت لاستكشاف الشركة، لكنه لا يتدخَّل في كل شيء. إنه يقدِّم العون فقط بطريقة تكاد تكون خفية.»

أرادَ ويل توضيحًا أكثر. ومن ثَم، سألَ: «وماذا عن بقية الاجتماعات؟»

فهزَّت ميشيل رأسها وقالت: «لا أعتقد ذلك. فالاجتماعات اليومية والأسبوعية لا تحتاج إلى تنظيم من أحد سوى كيسي. أما الاجتماعات الشهرية، فلا أعرف. يبدو أننا سنحتاج دائمًا إلى تدريب شخص من خارج الشركة.»

وافقَ مات قائلًا: «نعم. سيكون من الأفضل أن يتولى هذا الأمر شخصٌ من داخل الشركة. شخصٌ مثل ويل.»

لم يقل أحدٌ شيئًا، ولكن كلَّ فرد بالقاعة أدركَ أهمية ما قام به زميلهم المتشكِّك لتوه. فاعترافه بأن ويل يضيف قيمة للشركة كان أمرًا عظيمًا.

نظرَ كيسي في ساعته، ثم إلى ويل. وقال: «أعتقد أنه حان الوقت الآن للعودة إلى جدول أعمالنا الأساسي.» وكان تعليقه سؤالًا موجَّهًا إلى ويل أكثر من كونه إعلانًا بانتهاء الاجتماع.

كان باستطاعة ويل الاستمرار، ولكنه كان سعيدًا جدًّا لانتهاء الاجتماع بنتيجة إيجابية. فقال: «نعم، أعتقدُ ذلك أيضًا. لقد تناولنا تقريبًا الأنواع الأربعة من الاجتماعات.» ومع تحوُّل دفة الحوار، شعرَ ويل بارتياح. ولكنه كان يتمنَّى لو أن لديه ثقة أكبر في قدرة كيسي وفريقه على تطبيق هذه الأفكار حقًّا في غيابه، والأهم من ذلك أن تُطَبَّق قبل موعد الاجتماع الذي سيحضره جيه تي هاريسون وويد جاستن.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤