ملخص وافٍ

إنَّ أول سؤال يجب طرحه والإجابة عنه فيما يخصُّ الاجتماعات هو: ما هي المشكلة الحقيقية؟ في الواقع، توجد مشكلتان.

المشكلة الأولى: هي أن الاجتماعات مملة؛ فهي مزعجة وغير مشوِّقة وعقيمة. فحتى لو لم يكن لدى الناس أيُّ شيءٍ آخر يقومون به، تظل فكرة الجلوس في اجتماع فريق يفتقر إلى التحفيز أو اجتماع عبر الهاتف أو اجتماع خارجي لمدة يومَين تمثِّل أحد أكثر الأنشطة إزعاجًا وجلبًا للضيق في ثقافة العمل الحديثة. ويتضاعف هذا الضيق عندما نضع في اعتبارنا أن معظم الأشخاص الذين يعانون ضيق تلك الاجتماعات يكون لديهم بالفعل أشياء أخرى ليقوموا بها.

المشكلة الثانية: تتجاوز في أهميتها المشكلة الأولى، وهي أن الاجتماعات غير فعالة. إن أكثر الأسباب المبرِّرة للنفور من الاجتماعات هو أنها لا تساهم في نجاح مؤسساتنا. فوسط ذلك القدر الكبير من ضيق الوقت الذي يعانيه الناس، يكون من المحبط بالفعل أن يضطروا إلى استنزاف طاقتهم ووقتهم في نشاط غير مثمر.

إذن فالسؤال الأهم: ما الذي يجعل الاجتماعات مملة وغير فعالة؟

الاجتماعات مملة لأنها تفتقر إلى الدراما. أو الصراع. وفي الواقع، فإن معظم الاجتماعات يتوافر بها كثير من العناصر اللازمة لإحداث تلك الدراما، التي تعد من العوامل الأساسية لاستمرار التفاعل بين البشر. ولكن لسوء الحظ، بدلًا من التنقيب عن هذا الصراع القيم، فإن معظم قادة الاجتماعات يركِّزون على تجنب التوتر وينهون اجتماعاتهم في الوقت المحدَّد بالضبط. ومع أن تلك المساعي تبدو نبيلة، فهي سبب جوهري للاجتماعات السيئة.

وللحَدِّ من ملل الاجتماعات، يتعيَّن على القادة أن يبحثوا عن أسباب مقبولة للكشف عن الصراع الفكري البنَّاء واستثارته. وبذلك، سيتمكَّن القادة من إشراك الأعضاء، ممَّا يقود إلى مناقشة أكثر حماسًا تؤدي في النهاية إلى اتخاذ قراراتٍ أفضل.

الاجتماعات غير فعالة؛ لأنها تفتقر إلى ملاءمة البِنية لسياق الأحداث. فأكثر المؤسسات تعقد نوعًا واحدًا فقط من الاجتماعات المنتظمة، وفي الغالب يطلق على هذا النوع من الاجتماعات اسم اجتماع الموظفين. فمرة كل أسبوع أو مرتَين في الشهر، يجتمع الموظفون لمدة ساعتَين أو ثلاث ساعاتٍ يتناقشون بعشوائية في أمور تتناول كلَّ شيءٍ بدءًا من الاستراتيجية إلى خطط العمل، ومن الأمور الإدارية إلى ثقافة الشركة. ونظرًا لعدم وضوح الموضوعات التي يجب مناقشتها، فلا يوجد سياق واضح لتلك المناقشات العديدة التي تُطرح في الاجتماعات. وفي النهاية، لا يُتخَذ إلا القليل من القرارات لأن المشاركين يواجهون صعوبة في تحديد ما إذا كان المفترض أن يتناقشوا أم يصوِّتوا أم يتبادلوا الأفكار أم يتدخَّلوا أم يستمعوا فقط.

ولجعل الاجتماعات أكثر فعالية، نحن بحاجة إلى عقد أنواع متعددة من الاجتماعات، وأن نميِّز بوضوح بين الأهداف والأساليب والأوقات المتنوعة لهذه الاجتماعات.

نقدِّم فيما تبقَّى من هذا القسم دراسة وافية للمشكلتَين الأساسيتَين في الاجتماعات: غياب الصراع وغياب البِنية. كما أنه يتضمَّن حلولًا ملموسة للتعامل مع هذه المشكلات، وكذلك تحذيرات عن التحديات التي تعترض الطريق في أغلب الأحيان.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤