الحكاية رقم «٦٧»

عبده السكري ابن أحد حَمَلَة القماقم والمباخر، أسرة فقيرة كثيرة العدد تضمها حجرة واحدة. كان عبده آخِر العنقود، فأدخله عم السكري الكُتَّاب فأحرز التفوُّق من أول يوم، ونصحَه سيدنا الشيخ بإلحاقه بالمدرسة الابتدائية، فتردَّد الرجل مليًّا بين إرساله إلى معلم ليحترف حرفة وبين طريق المدرسة الطويل، ثم قرَّر في النهاية إلحاقه بالمدرسة، كان قرارًا صعبًا، يعني أن يعيش عبده عالة عليه دهرًا طويلًا بدلًا من أن يُعينه بيوميته، ولكن تفوُّق عبده أنساه متاعبه ونفخ جناحَيه بالفخر، وعند انتهاء المرحلة الابتدائية قال عم السكري بزهو: أصبح لي ابن من موظفي الحكومة!

ولكن عبده أصرَّ على دخول المرحلة الثانوية، كان يمضي إلى المدرسة ببدلته القديمة المهترئة وحذائه المرقَّع وطربوشه المزيت، ولكن مرفوع الرأس بتفوُّقه، ويتكلَّم في السياسة أيضًا، واستحق بعد ذلك أن يُقبَل بمدرسة المهندسخانة بالمجَّان، وأن يُختار بعد ذلك عضوًا بالبعثة بإنجلترا. من يومها أطلق على عم السكري «أبو المهندس»، وذاع صيته في الحارة، وضُرب بذكاء ابنه المثل. كان حلم عم السكري في شبابه أن ينضم إلى عصابة فتوة أو ينتصر في خناقة، ولكن الزمن تغيَّر ويأتي بالأعاجيب!

•••

ويشغل عبده وظيفة مرموقة في الوزارة، وبفضله قام أول مصباح غازي في حارتنا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤