الفصل التاسع عشر

جمعية اللواء الأبيض

قلنا: إنَّ حوادث مصر في سنة ١٩١٩ وما تلاها، وفي ضمن ذلك مفاوضات ملنر والخلاف بين الزعيم سعد والمغفور له عدلي يكن باشا سنة ١٩٢١ ومفاوضات كرزون، كان لها صدى في السُّودان، وبَيَّنَّا أسباب ذلك، وقد وجدت هذه الحوادث في بيئة الشبان الموظفين السُّودانيين نفوسًا مستعدة لمشايعة الحركة الوطنية المصرية، والهتاف معها بحياة الملك فؤاد وسعد باشا والوفد والاستقلال التَّام لمصر والسُّودان.

على أنَّهم قد رأوا أن هذه المشايعة القلبية غير كافية؛ ومن ثمَّ اتَّجهوا إلى تكوين هيئة ذات برنامج. وكان ذلك بتأليف جمعية اللواء الأبيض، التي ظهر نشاطها ووجودها مع نشاط مصر بتأليف الوزارة السعدية واجتماع البرلمان المصري سنة ١٩٢٤ ودعوة وزارة العمال الإنكليزيَّة الأولى سعدًا للمفاوضة.

وقد أُنشئت الجمعية. وتألفت الهيئة التنفيذية للجمعية برياسة الملازم أوَّل علي عبد اللطيف وسكرتيريه المرحوم عبيد الحاج الأمين مترجم سابق بمصلحة السجون السُّودانية بالخرطوم، وعضوية صالح عبد القادر وحسن شريف وحسن صالح الموظفين يومئذ بمصلحة البوستة والتلغراف بالخرطوم.

ومن أعضاء آخرين منهم: المرحوم المهندس السُّوداني محمد سر الختم بالرَّي المصري بالخرطوم، وعلي ملاسي ووهبة إبراهيم الموظفين بالبوسته والتلغراف، وعبيد صالح إدريس بالجمارك، والشيخ عمر دفع الله التاجر بأم درمان، ومحمد المهدي الخليفة نجل التَّعايشي، وعرفات محمد عبد الله، وعثمان محمد هاشم.

وهناك أعضاء سرِّيون خفيت أسماؤهم، وكان أكثرهم من موظفي الحكومة السُّودانية. وقد وضعوا برنامجًا لجمعيتهم، ويتلخص في المجاهرة بتأييد المصريين في موقفهم بطلب الاستقلال التَّام لمصر والسُّودان.

وأنشئت فروع للجمعية في بورسودان، والأبيض، وواد مدني وعواصم أخرى. وكان القصد من تأليف الجمعية وحركتها معارضة حركة أخرى ظهرت في السُّودان لتوقيع عرائض ضد المصريين وبطلب فصل السُّودان عن مصر. وقد جمعت الجمعية عرائض ثقة بتأييد المصريين، وأرسلت العرائض إلى القاهرة مع الملازم أول زين العابدين عبد التَّام ومحمد المهدي الخليفة. ولكنَّ الحكومة قبضت عليهما في حلفا في أثناء سفرهما إلى القاهرة وأعادتهما إلى الخرطوم، أمَّا العرائض فقد تمكَّنَا من تسليمها إلى موظف مصري كان يرافقهما. وكان ذلك تأييدًا لسعد باشا لمناسبة اقتراب مفاوضاته، وكان من مظاهر نشاط الجمعية احتجاجات في الجرائد المصريَّة والإنكليزية على الحكومة السُّودانية. وأُنشئت فروع للجمعية في العطبرة وحلفا وبورسودان ومروى وواد مدني. وقد جهدت الحكومة السُّودانية عندئذ في منع هذه الحركة، فعمدت إلى نقل أعضائها، وهم من الموظفين بها إلى جهات بعيدًا عن الخرطوم.

بعد ذلك أخذت الجمعية تجاهر بنشاطها، فوزعت منشورات ونظمت مظاهرات هتفت بحياة سعد باشا وبنداءات أخرى. فقبضت الحكومة على المتظاهرين وحاكمتهم، وأصدرت المحكمة الجنائية بالخرطوم أحكامًا مختلفة منها سجن «علي عبد اللطيف» لمدة ثلاث سنوات بتهمة التحريض على المظاهرات وبسجن الآخرين لمدة ستة أشهر بتهمة التظاهر. وذلك في شهر يوليو سنة ١٩٢٤.

وفي بورسودان حدثت مظاهرات وحُكم على قائدي المظاهرة وهم: علي ملاسي، بالسجن لمدة ثلاث سنوات لإلقائه خطابًا باللغة الهدندوية واللغة العربية، واتُّهم بالتحريض على المظاهرات والعصيان، وحكم بحبس كلّ من وهبة إبراهيم «من أقباط السُّودان» بمصلحة البوسته، ومحمد عبد المنعم زايد بالسكة الحديد، وأحمد صبري زايد بالجمارك، «وهما مصريًّان ولدا في السُّودان»، وعبيد صالح إدريس بالجمارك، وقُبض على صالح عبد القادر وكيل جمعية اللواء الأبيض ببورسودان.

تنبهت الحكومة إلى حركة الجمعية ونشاطها، وبثت العيون والأرصاد لمنع استفحال أمرها. ومن ذلك القبض على أعضاء الجمعية البارزين وسجنهم ومحاكمتهم بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم. وذلك في شهر أغسطس سنة ١٩٢٤.

(١) عصيان من طلبة المدرسة الحربية بالخرطوم

كان عدد طلبة المدرسة الحربية السُّودانية بالخرطوم ٦٠ طالبًا، وكان قومندان المدرسة البكباشي بيز واليوزباشي حسن حسني الزيدي «مصري» — الآن قائمقام. — وقومندان الأورطة الثامنة — والمدرسون عبد الرحمن فهمي وإبراهيم شعبان، وهما مصريًّان، والملازم أول إبراهيم محمد حسن وهو ضابط «سوداني».

في الساعة السابعة صباحًا يوم ٩ أغسطس سنة ١٩٢٤ خرج طلبة المدرسة في مظاهرة عسكرية مسلحة، وطافوا بثكنات الجيش المصري بالخرطوم، هاتفين بحياة الملك فؤاد وسعد باشا وعلي عبد اللطيف.

وعندما علمت الحكومة بأمر المظاهرة، صدرت الأوامر إلى الأورطة الإنكليزيَّة المعسكرة في الخرطوم، بمحاصرة المدرسة والاستيلاء على الجبخانة.

فلمَّا عاد الطلبة إلى المدرسة الساعة الحادية عشرة صباحًا أمرهم اللواء مكاون باشا قومندان قسم الخرطوم بتسليم أسلحتهم. فأبوا تسليمها. وتوسط آباؤهم فحملوهم على تسليم السلاح. فسلموه وقبضت الحكومة على ستة طلبة اتهموا بقيادة المظاهرة والتحريض عليها، وأودعوا سجن ثكنات الجيش المصري، حيث كانت الأورطة الرابعة منه معسكرة بالخرطوم.

وقبض على سبعة من تلامذة الصفوف، وأودعوا سجن قسم الأشغال العسكرية بالخرطوم بحري. وصدرت الأوامر لبقية الطلبة بالعودة إلى دروسهم. ولكنهم لم يذعنوا. وشرطوا لعودتهم الإفراج عن زملائهم. ودخلوا بالمدرسة، ولكنَّهم استمروا مضربين عن تلقي دروسهم. وكانوا ينادون بهُتافات مختلفة. واستمر الحال على هذا النحو عشرين يومًا، ثمَّ نقلوا إلى باخرتين نيليتين أمام كلية غوردون رستا في وسط النَّهر بعيدًا عن الشاطئ تحت حراسة بولوك من الأورطة الثالثة المصريَّة حتَّى أواسط سبتمبر. ثمَّ أودعوا السجن العمومي بالخرطوم بحري. وأفرج عن بعضهم بغير محاكمة، وحكم على الباقين كلٌّ بالسجن لمدة ست سنوات في يوم ١١ نوفمبر سنة ١٩٢٤.

(٢) الهياج في السجن في ٢٤ نوفمبر سنة ١٩٢٤

وفي ٢٤ نوفمبر سنة ١٩٢٤ حصل هياج في السجن؛ ذلك أن طلبة الحربية أُودعوا سجن «كوبر» بالخرطوم مع المعتقلين السياسيين والعاديين. وقد طُبِّقت عليهم لائحة السجون، ومنها إعطاؤهم طعام السجن وخبزه، فأضرب الطلبة عن ذلك الطعام، وطلبوا أن يقدم إليهم طعام مدرستهم كما كان الحال في أثناء اعتقالهم في السفن وقبل الحكم عليهم. فرفضت إدارة السجن طلبهم. وكانت الأغلال محكمة في أرجلهم وأرجل المعتقلين السياسيين. وقد حاولت إدارة السجن أن تضع الأغلال في أيدي الطلبة الحربيين علاوة على أرجلهم عقابًا لهم على عدم إذعانهم للائحة السجن فهاجوا وتمرَّدوا وكسروا الأبواب وهي من الخشب، بواسطة الجرادل الموضوعة في الزنزانات للشرب ولقضاء الحاجة، وكان ذلك صباحًا عقب اغتيال السير لي ستاك بالقاهرة. فلمَّا تسامع المعتقلون السياسيون الخبر وسمعوا الصياح فعلوا مثلهم وانضموا إليهم. وخرج الجميع هاتفين متظاهرين في ساحة السجن. فأغلق حرَّاس السجن أبواب السجن الخارجية، وانتشروا في أعلى السور، وحضرت قوة من الجيش الإنكليزي حاصرت السجن وكسر المسجونون السلاسل والأغلال وورش السجن، واستولوا على أقمشة السجن واستعملوه في اللباس وفي غطاء الرأس وفي الالتحاف. والتجأوا في إعداد إطعامهم إلى مخزن علف البهائم، وصنعوا من ذرته بليلة كانت غذاءهم لمدة تسعة أيام.

وكان الطلبة المسجونون يتصلون بجنود الجيش المصري وضباطه الذين كانت ثكناتهم على مقربة من السجن، بواسطة إشارات الرايات العسكرية، وكانوا يعلمون أخبار المدينة بهذه الطريقة كما كان يعلم الجيش المصري أخبار المسجونين، وقد صادرت القوة الإنكليزيَّة عربة كانت مرسلة من الضبَّاط المصريين إلى المسجونين، وكانت تحمل إليهم صنوف الغذاء.

وقد يئس المسجونون عندما علموا بمقتل السردار، وأُمر الجيش المصري بإخلاء مواقعه والعودة إلى مصر وتنفيذ الأمر، فأذعنوا وصاروا مكبَّلين بالأصفاد في أيديهم وأرجلهم، ثمَّ نقل من بينهم عشرون مسجونًا إلى ثكنات الجيش الإنكليزي بالخرطوم، وهم الذين عُدُّوا زعماء للثائرين، الذين كان عددهم ٨٠ مسجونًا سياسيًّا مضافًا إلى ٥٨ من طلبة المدرسة الحربية و١٣٧ من المسجونين العاديين المحكوم عليهم بعقوبات لارتكابهم جنايات.

وكان تمرد الطلبة في السجن يوم ٢٤ نوفمبر سنة ١٩٢٤.

وحاصر البوليس السجن. وانضمَّ المسجونون السياسيون الآخرون والمسجونون العاديون إلى الطلبة. وعلموا يوم أول ديسمبر سنة ١٩٢٤ فقط بمقتل السردار وبالأمر الذي صدر بسحب الجيش المصري من السُّودان، وذلك عندما شاهدوا الجنود المصريَّة تركب القطار إلى مصر وتُخلي المواقع. وقد حاصر الجيش الإنكليزي السجن.

وفي فبراير حوكم المتهمون في حادثة السجن، واتهموا بمحاولة قلب النِّظام المقرَّر شرعًا. وحُكم عليهم بعقوبات مختلفة أقلها السجن لمدة تسعة أشهر مع الأشغال الشاقة كنقل المواد البرازية والأتربة.

هدأت الحالة في السُّودان عقب ذلك، وأخذت الحكومة السُّودانية تفرج عن المسجونين قبل انتهاء المدد في مناسبات.

وحوكموا على تمردهم داخل السجن، وصدرت الأحكام عليهم في ٣٠ فبراير سنة ١٩٢٥ بسجن محمد المهدي خليفة ٧ سنوات وعبيد الحاج الأمين بست سنوات، وبسجن ستة آخرين بينهم ثلاث طلبة لمدة خمس سنوات، وتراوحت الأحكام الأخرى بين ٣ سنوات و٩ شهور.

(٣) قضية المؤامرة الكبرى

(٣-١) محاكمة أعضاء اللواء الأبيض والمتظاهرين

حوكم أعضاء جمعية اللواء الأبيض وآخرون بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم، وحكم بسجن علي عبد اللطيف لمدة سبع سنوات مضافة إلى ثلاث سنوات سبق الحكم بها عليه في يوليو سنة ١٩٢٤، وبقية الأعضاء بين الحبس لمدة ثلاث سنوات وستة شهور، بينهم خمسة مصريون، حكم بحبس أحدهم — أحمد أمين مترجم الأورطة التاسعة السُّودانية — لمدة سبع سنوات، وبحبس أحمد المليجي وحامد عوضين سعفان وأحمد المنياوي وأحمد نجيب بمدد أخرى. وقد قضى أحمد أمين خمس سنوات في سجن الخرطوم بحري. وأمَّا الباقون فأُبعدوا إلى مصر عقب الحكم عليهم بنحو شهر. وأكثرهم الآن موظفون بالحكومة المصرية.

(٣-٢) مظاهرات الأورط السُّودانية

قامت الأورطة السُّودانية الثَّانية عشرة المعسكرة في ملاكال في ٢١ سبتمبر سنة ١٩٢٤ بمظاهرة سلمية غير مسلحة، وهتفت بحياة الملك فؤاد وسعد باشا، وبسقوط الظلم، فنُقلت ونقل من الملاكال أربعة ضباط، وهم الملازمون الثانون علي البنا، ومحمود الثدي «سودانيان»، وعزيز حيدر، وعبد العزيز شريف، وهما «مصريان».

وفي ١٥ ديسمبر حدث في الأورطة الثالثة عشرة السُّودانية في «واو» أن احتج الضبَّاط السُّودانيون والمصريون بالأورطة على عدم إقامة العلم المصري الأخضر الجديد بدلًا من العلم الأحمر السابق. فنقل هؤلاء الضبَّاط إلى جهات مختلفة في السُّودان ومصر، وأنزل أحمد فوزي من ملازم أول إلى ملازم ثانٍ، ووبِّخ محمود رأفت.

(٤) الأورطة العاشرة السُّودانية في ثالودي (النوبة)

صدرت الأوامر للضباط المصريين في الأورطة العاشرة السُّودانية بالسفر إلى مصر في ٢٤ نوفمبر سنة ١٩٢٤ وبتسليم السلاح. فأبوا تسليمه وعصت الأورطة أوامر الضبَّاط الإنكليز. ورافق الضبَّاط السُّودانيون الضبَّاط المصريين في سفرهم إلى مصر. ولكن أعيد السُّودانيون عند أسوان إلى السُّودان.

وظل الموقف حرجًا بين ٢٤ نوفمبر حتَّى ٢٨ نوفمبر، حيث وصلت جنود سودانية من الأبيض فاحتلت المعسكر، وسافر الضبَّاط المصريون إلى مصر.

(٥) الأورطة الحادية عشرة

منذ شهر يوليو سنة ١٩٢٤ نُدب كثير من الضبَّاط السُّودانيين من أورطهم للخدمة في الخرطوم وأم درمان. وعند صدور الأمر للجيش المصري بالانسحاب من السُّودان، أظهر الضبَّاط السُّودانيون رغبتهم في مرافقة المصريين في سفرهم إلى مصر. واجتمع جنود سودانيون مع ضباطهم السُّودانيين، وهم المرحوم الملازم أول سليمان محمد والمرحوم الملازم الأول عبد الفضيل ألماظ، والملازم الثَّاني المرحوم حسن فضل المولى، والملازم الثَّاني علي البنا، والمرحوم الملازم الثَّاني ثابت عبد الرحيم، والملازم السيد فرح وكانوا بلوكا، أي ١٢٠ جنديًّا وستة ضباط، وفي أثناء مسيرهم في شارع غوردون ومعهم سلاحهم للانضمام إلى الجيش المصري بالخرطوم بحري، تصدى لهم الجيش الإنكليزي عند المستشفى العسكري بشارع غوردون بالقرب من كوبري النِّيل الأزرق. وأمر قومندان قسم الخرطوم الجنود بالعودة. فلم يذعنوا. فأطلق الجيش الإنكليزي الرصاص على الجنود السُّودانيين للتهديد. فردَّ البلوك السُّوداني. وبقيت الحركة ٢٤ ساعة. ومات الضابط عبد الفضيل ألماظ. وهرب بعض الجنود إلى بلادهم بجبال النوبة. وقبض على الآخرين وأفرج عنهم. أمَّا الباقي فحكم على خمسة منهم وهم: سليمان محمد، وحسن فضل المولى، وثابت عبد الرحيم، وعلي البنا بالإعدام، نفذ الحكم على الثلاثة الأولين، واستبدل الحكم بالنسبة لعلي البنا بالسجن ١٥ سنة.

واختفى الضابط السيد فرح، وأفرج عن حضرة علي البنا أفندي، ووصل في هذا العام إلى القاهرة، وقد تقرَّر تعيينه في وظيفة كتابية في مصلحة الأملاك الأميرية بمصر بعد سجنه لمدة عشر سنوات، قضى منها خمسة في سجن الخرطوم، وخمسة في سجن واو، وكان بسجن واو علي عبد اللطيف وعبيد الحاج الأمين، الذي توفي في ٥ يوليو سنة ١٩٣٢ متأثرًا بالحمى السوداء، ومحمد المهدي خليفة أفرج عنه سنة ١٩٣٥، ومحمد عيد النجيت قضى سنة ونصفًا في واو، وأفرج عنه سنة ١٩٣١، أمَّا علي عبد اللطيف فقد مرض بقواه العقلية وهو الآن في سجن المجاذيب.

(٦) جمعية الاتحاد السُّوداني

أنشئت في أغسطس سنة ١٩٢٤ جمعية الاتحاد السُّوداني برياسة أحمد أمين المصري المترجم وأعضاء من الضبَّاط السُّودانيين بالمعاشات والخدمة، ومحمد أحمد راشد مترجم «مصري»، كان يطبع المنشورات. وتألفت هذه الجمعية بعد القبض على جمعية اللواء الأبيض. وقد حكم على أحمد أمين بالحبس سبع سنوات، وبسجن محمد أحمد راشد لمدة سنتين، وقد أُفرج عنه بعد شهرين.

ولقد وجه مستر لالسبوري، العضو في البرلمان الإنكليزي، إلى وزير الخارجية البريطانية في مجلس النواب البريطاني السؤال الآتي يوم ١٨ مارس سنة ١٩٢٥:

كم عدد الأشخاص الذين اعتقلتهم السلطة البريطانية في السُّودان في الأشهر الستة الماضية بتهم سياسية؟ وكم عدد الذين أُخرجوا من السُّودان، وما هي التهم التي اتُّهِموا بها؟ وهل من بينهم موظفون في الحكومة؟ وهل يريد الوزير أن ينشر أسماء الموظفين الذين أُبعدوا والذين اعتقلوا ونوع التهم الموجَّهة إليهم؟

فأجابه مستر تشمبرلن وزير الخارجية بما يلي:

قبض على أربعة وتسعين شخصًا بتهم تعاقب عليها قوانين السُّودان منذ وقعت اضطرابات شهر أغسطس الماضي «أي في سنة ١٩٢٤». وكانت للتهم علاقة بهذه الاضطرابات. وأُعيد إلى مصر، في المدة ذاتها، مائة وخمسة وعشرون شخصًا كانوا حميعهم تقريبًا موظفين في حكومة السُّودان. وسبب إعادتهم هو أنَّ وجودهم في السُّودان كان خطرًا على الراحة العامة. وقد سويت علاقاتهم وفاقًا لشروط خدمتهم فنالوا ما يستحقونه من المعاشات أو المكافآت، كما كانوا قد انقطعوا عن العمل بسبب المرض، ولكنهم لو حكم عليهم في محكمة تأديب أو محكمة نظامية لما نالوا شيئًا.

وليس لدي المعلومات المطلوبة في القسم الأخير من السؤال.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤