إهداء الكتاب

إلى سيدي وملاذي خليل أفندي سركيس

هذا كتابي أصدِّره بقصيدة برسم فضلك؛ على رجاء أن يَحوز القبول، وأن لا يَعدِم من آيات لطفك وعظيم فضلك ما ينطق لسانه بالحمد. وهي قصيدة ركَّبتُ فيها طريقة نقلتُها عن ابن اللبَّانة مخترعها، وأول مَنْ نظَم على هذا المِنوال، وذلك في قصيدته التي منها:

وتبسَّمَت عن جوهرٍ فحَسِبتُه
ما قُلِّدَتْه مَحامدي من جوهرِ

يمدح بها مبشرًا العامري الملقَّب بالناصر، جعل فيها صدر البيت غزَلًا وعَجُزَه مديحًا، فقلتُ مُعارضًا:

قلبٌ على عرش الغرام قد استقَر
فكأنَّه فينا الخليلُ إذا أمَرْ
وحُشاشةٌ ملَكَ الهُيامُ عِنانَها
ملْكَ الخليلِ لكل فضلٍ قد بهَرْ
فَرَض الغرامُ القلبَ نُقطتَه كما
فرضَ الذَّكا صدرَ الخليلِ له مَقَر
لي في الهوى غزلٌ أرقُّ من الصَّبا
فكأنه بلطيفِ حِكمته انتشَرْ
في ثَغْرِها نَظْم الصِّحاحِ كأنما
عن جوهريِّ حديثِه الْتقطَتْ دُررْ
لله زينبُ إذ تبدَّى غيظُها
فكأنها لم تُلْفِ مَبسِمَه الأغَر
حلَّت مُعقَّد شَعْرِها فحَكَت بِذا
حلَّ الخليلِ مُعقَّدَ الأمْرِ الأمَر
تَحكي سيوفُ لَحاظِها في فَتْكها
أفكارَه لما ترَدَّتْ بالظَّفَرْ
وكذاك أبيضُ فرْقِها في شَعرها
ألطافُه نحوي ومن يُنكِرْ كفَرْ
وكأنما منها احمرارُ خُدودِها
خَجْلى بإقدامي عليه بما خطَرْ
وكأنَّ أسودَ خالها في خدِّها
بعضُ القصور لدى تفضُّلِه الأبَر
جارت عليَّ وقد سهَت أفما تُرى
عَلِمَت بأنَّ لدى الخليلِ لنا مفَر
علمٌ له في المجد بيتٌ خِلْتُه
بيتَ القصيد وفي مَعالينا القمَرْ
أفعالُه تَروي لنا أفضالَه
والفعل عندي عن مَصادره صدَرْ
طلْقٌ بَشوش الوجه داعيةُ النَّدى
نورُ الهدى مُخزي العِدى قيد النظرْ
هذا امتداحي سيِّدي قد أينعَت
أزهارُه بندَى ندًى فاق المطَرْ
ما لي بتَسْكين القوافي مَقصِدٌ
إلا لتعلَمَ أن فضلَك لا يُجَر
وكذاك قدرك ليس يُخفَض عند مَنْ
رُفِعت عواملُه بداعيةِ البصرْ
أُهْديك مولاي النَّدى لكنَّما
شتَّان بين نداك والبادي الأثَرْ
سليم

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤