الكوخ المحترق

بدأت المغامرة المثيرة في ليلةٍ من ليالي شهر سبتمبر.

كانت الساعة التاسعة والنصف ليلًا، وضاحية «المعادي» هادئة إلا من نباح كلبٍ في مكانٍ ما، عندما شبَّ حريقٌ ضخمٌ في غرب الضاحية. وكان «محب» يستعد للنوم، عندما رأى الحريق فصاح مناديًا أخته: «نوسة» … «نوسة» لقد شبَّ حريقٌ قريب من منزلنا!

وجاءت «نوسة» مسرعةً ونظرَتْ من النافذة، وقالت: إنه حريقٌ ضخم، هل تعتقد أنه في أحد المنازل؟

ردَّ «محب» في انفعال: لا أدري، هيا بنا نشاهده.

وأسرع «محب» و«نوسة» يغادران المنزل في الظلام، والتقيا في الطريق ﺑ «عاطف» وأخته «لوزة». واتجه الأربعة إلى ناحية الحريق، وكان عددٌ كبيرٌ من الناس قد اتجهوا ناحيته أيضًا، وارتفعت الأحاديث في الظلام.

– إنه منزل الأستاذ «حنبلي».

– ليس المنزل بالضبط، إنه الكشك الصغير الذي في الحديقة.

وحاول الأصدقاء الأربعة الاشتراك في إطفاء الحريق، ولكن الشاويش «علي» صاح بهم: فرقع أنت وهو من هنا.

وكانت هذه هي عادته كلما رآهم، فسمَّوه الشاويش «فرقع».

وطلب الشاويش «فرقع» من «فاطمة» طبَّاخة الأستاذ «حنبلي» أن تستدعي السائق ومعه الخرطوم الذي يرشُّ به السيارة، ولكن «فاطمة» قالت إن السائق خرج بالسيارة إلى محطة القطار؛ ليستقبل الأستاذ «حنبلي» الذي كان في القاهرة منذ الصباح.

واشتبك الشاويش «فرقع» مع ولدٍ سمين كان يحاول المشاركة في إطفاء النار، فقال الولد السمين: لا تَصِح في وجهي، إنني أساعدكم.

وكان مع الولد كلبٌ أسود ظريفٌ حاول عضَّ الشاويش «فرقع» فأعجب الأصدقاء بشجاعته.

وفي لحظاتٍ سقط سقف الكوخ محدثًا دويًّا، فتراجع الأولاد إلى الخلف، ثم سُمع صوت سيارة قادمة، كان بها الأستاذ «حنبلي» الذي أسرع إلى الكوخ صائحًا: أوراقي الثمينة … كتبي الغالية … مخطوطاتي الأثرية، أنقذوها … أنقذوها!

وأخذ الشاويش يتحدَّث إليه محاولًا تهدئة أعصابه: لا فائدة يا أستاذ، لقد احترق كل شيء، ولكن ألَا تعرف كيف حدث الحريق؟

وردَّ الأستاذ في ضيق: من أين لي أن أعرف، لقد حضرتُ حالًا من القاهرة!

وقال أحد الواقفين: لعلك تكون قد أمَّنت على هذه الأوراق الثمينة يا أستاذ!

فرد «حنبلي»: طبعًا؛ إنها تساوي آلاف الجنيهات، ولكن ما قيمة النقود؟

ولم تكن «لوزة» تعرف معنى التأمين، فشرح لها «محب» معناه قائلًا: إذا كان عندك شيء ثمين تخافين عليه السرقة أو الاحتراق، فهناك شركات تسمَّى شركات التأمين تضمن لكِ إذا احترق الشيء أو ضاع دفعت لك الشركة قيمته كاملة. وذلك مقابل أقساط مالية بسيطة تدفعينها.

وصاح الأستاذ «حنبلي» مخاطبًا الشاويش: أبعد هؤلاء الناس عنِّي، يكفي ما حدث لي.

وتفرَّق الناس أمام صيحة الشاويش المشهورة: فرقع أنت وهو، فرقع.

وتفرَّق الأصدقاء، واتفقوا على اللقاء صبيحة اليوم التالي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤