المفاجأة المثيرة

التقى الأصدقاء في حديقة «عاطف»، فعرض عليهم «محب» فردة حذاء الأستاذ «عتيق» فأكدوا جميعًا أنها تحمل نفس النقوش التي كانت في الحفرة، ولكن «لوزة» هزَّت رأسها قائلة: إنكم مخطئون، إنها ليست نفس النقوش.

وتضايق الأصدقاء لهذه الملاحظة، وأسرع «عاطف» بإحضار الرسم الذي رسمه «تختخ» لآثار الحذاء، وكانت صدمة لهم أن وجدوها تختلف عن نعل حذاء الأستاذ «عتيق».

فقال «محب»: أهنيكِ يا «لوزة»، إن ذاكرتكِ قوية حقًّا. والآن علينا أن نستعرض الموقف ونرى ما سنفعل بعد ذلك، إنني لا أستبعد أن يكون «حامد» و«عتيق» قد اتفقا على إحراق الكوخ، فإن المتشرد رأى «حامد» يتحدث إلى شخصٍ في الحديقة، لعله كان «عتيق»، وعلينا الآن أن نردَّ للأستاذ «عتيق» فردة الحذاء، ثم نقابل «عيوشة» لنعرف لماذا حذرت «حامد»!

عاطف: اتفقنا، وبالمناسبة كيف حالك الآن يا «تختخ»؟

تختخ: على ما يرام، وسوف أريكم الإصابات حالًا.

محب: لا وقت الآن لرؤية أي شيء، هيا بنا لمقابلة «عيوشة».

وأسرع الجميع لمقابلة «عيوشة»، وكانت فرصة طيبة أن وجدوها وحدها في المطبخ.

وسألتهم «عيوشة»: هل أبلغتم رسالتي إلى «حامد»؟

محب: نعم، ولكن لماذا هذا التحذير؟

عيوشة: سأقول لكم، ولكن أرجوكم ألَّا تخبروا أحدًا.

محب: نعدك بهذا!

عيوشة: إن «حامد» لم يشعل الحريق؛ فقد كنت معه منذ الساعة السابعة إلى العاشرة ليلتها.

محب: ولماذا كنتِ معه؟ وماذا كنتما تفعلان؟

عيوشة: لقد طلب مساعدتي له في أخذ ملابسه؛ لأن الأستاذ «حنبلي» عندما طرده، لم يجد وقتًا لأخذ الملابس، فعاد في المساء قبل حضور الأستاذ «حنبلي»، ففتحت له باب المطبخ ليدخل منه، ولكن ما كاد يدخل حتى دخلت «فاطمة» الطبَّاخة، فأسرعنا نختبئ في الحديقة، وظللنا هناك حتى خرجت «فاطمة»، فأسرعت أفتح له إحدى النوافذ، فقفز منها إلى الداخل حيث أحضر ملابسه، ثم عاد حيث كنت أنتظره في الحديقة فشكرني ثم غادر المكان.

محب: دون أن يُشعل الحريق؟

عيوشة: دون أن يُشعل شيئًا على الإطلاق.

وهكذا اتضح للأصدقاء أن الشخص الذي كان مع «حامد» في الحديقة، كما روى المتشرد، هو «عيوشة»، فقال «محب»: شكرًا لكِ يا «عيوشة»، ولكن ألم تشاهدي شخصًا آخر يدخل الحديقة في ذلك المساء؟

عيوشة: نعم، رأيت الأستاذ «عتيق».

قالت «لوزة» منفعلة: إذن فالأستاذ «عتيق» هو الذي أشعل النار، فقد اتضح لنا الآن أنه ليس المتشرد، ولا «حامد»، ولا «عيوشة»، ولا «فاطمة». لم يبقَ إلا «عتيق».

تختخ: نعم، «عتيق» هو الذي أشعل النار.

وانصرف الأصدقاء بعد هذه المفاجآت، واتفقوا على أن يقوم «محب» و«تختخ» بإعادة فردة الحذاء إلى منزل الأستاذ «عتيق» ليلًا. والبحث عن الحذاء الذي كان يرتديه «عتيق» ليلة الحريق.

انتظر «تختخ» حتى صارت الساعة التاسعة، وهو الموعد المتفق عليه للذهاب إلى منزل «عتيق»، فحمل فردة الحذاء، وانطلق إلى هناك، وكان «محب» ينتظره في مكانٍ قريبٍ ليأتي عندما يطلق له «تختخ» إشارة بأن لا أحد يراقبهما.

مر «تختخ» أمام منزل «عتيق» ولما تأكد أن لا أحد يراقبه أطلق إشارة التحذير وهي تقليدٌ لنعيق البومة: «أووو … أووو.»

ولم يكد «تختخ» يطلق الصيحة حتى كانت يد غليظة قد امتدَّتْ وأطبقَتْ عليه، وكانت يد الشاويش «فرقع».

أطلق الشاويش ضوء مصباحه القوي على «تختخ» فشاهد فردة الحذاء في يده فسأله في خشونة: ما هذا؟

تختخ: فردة حذاء، كما ترى.

الشاويش: وماذا تفعل بها هنا؟

تختخ: لا أعرف، لقد أعطاها لي شخص ما و… اتركني، فأنا لم أرتكب خطأً!

وقلب الشاويش فردة الحذاء، ورأى النعل، فأدرك أنه عثر على دليلٍ هامٍّ وقال ﻟ «تختخ» في تهديد: قل لي حالًا، من أين أتيت به، وحذاء من هذا؟

ولكن «تختخ» بدلًا من أن يجيب عن السؤال، استجمع قوته كلها، وثنى جسمه، وأفلت من يد الشاويش، وأسرع يجري في الظلام واختفى.

دار «تختخ» حول المنزل، ثم استجمع أنفاسه المتقطعة وصاح مقلِّدًا البومة: «أووو … أووو.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤