الفصل الخامس

نظرة نقدية

ذلك أن الرغبة الصحيحة هي جزء من العلم شأنها شأن الأسئلة الصحيحة.

بيكون

(١) موقف بيكون من الفروض

لم يدرك بيكون أهمية «الفرضية» hypothesis في العمل العلمي، وحذَّر منها وأسماها «استباق الطبيعة»؛ أي استنتاجات للعقل الإنساني تنصبُّ على الطبيعة، بينما هي تتجاوز ما تخبر به الطبيعة، ولكن كيف يمكن للمرء أن يعرف أين يبحث عن البيانات ذات الصلة، وكيف يعرف متى يتوقَّف ما لم يكن لديه «تصوُّر» ما — مهما يكن اختباريًّا (tentative) مبدئيًّا — عما يكون ذلك الشيء الذي يريد أن يكشفه؟!١ فليس من الواضح متى ينبغي على الباحث البيكوني أن يتوقَّف عن جمْع رُكام الجزئيات لكي يقفز إلى التعميم المجرَّد. بعد دستة من الشواهد؟ بعد ألف؟ الحق أن منهج بيكون لا يقدِّم شيئًا يرشد الباحث في تحديد ذلك غير الحدْس الحِرفي أو الغرزي. وبدون ذلك يظل الباحث البيكوني سادرًا في ملاحظة الجزئيات، سائخًا في رمال البيانات، محتجزًا على أول درجة من السُّلم البيكوني بين معلومات مبتذَلة، ولن يغادر الأرضَ أبدًا. ولعل اعتبارات مثل هذه هي ما دفع وليم هارفي إلى أن يصف بيكون بأنه «يكتب عن الفلسفة الطبيعية مثل لورد شانسلور» (قاضي القُضاة)؛ أي مثل سياسي أو مشرِّع لا مثل ممارس علمي، الحق أن أعظم خطوات التقدُّم في المعرفة العلمية لم تتحقَّق بواسطة الاستقراء البيكوني، بل بواسطة الحدوس الافتراضية الجريئة والمخاطِرة (أي بواسطة الفروض) التي تُعرَض عندئذٍ على محك الاختبار فإما تُعزَّز وإما تُكَذَّب.
تذهب النظرة الساذجة للعلم إلى أن العلماء «يلاحظون» الطبيعةَ، ويجمعون ملاحظاتهم ليُكوِّنوا بها صورةً صادقةً للأشياء، مركَّبًا من كل الحقائق وليس من شيء غير الحقائق، وبعبارة أخرى: تذهب النظرة التقليدية للمنهج الاستقرائي إلى أننا نبدأ بجمع ملاحظات خالصة، دون فروض مسبقة، تقدِّم لنا الوقائع بطريقة محايدة نزيهة، ومن تكرار هذه الملاحظات تبدأ أنماطٌ معينةٌ في الظهور وتؤدي إلى تكوين فروض عامة تربط بعض الظواهر الملاحظة، عندئذٍ تجري الاختبارات التجريبية التي تُثبت صدق الفروض فترقَى إلى منزلة النظرية. «المشكلة الكامنة في هذه النظرة هي أن هناك ما لا نهاية له من الملاحظات التي يمكن أن نلاحظها ونسجِّلها، الأمر الذي يجعل الوصف الدقيق للطبيعة طويلًا لا آخر له، ومضجِرًا كدليل التليفون. بإمكان المرء مثلًا أن يَشرَع في وصف هيئة كل حبة رمل على شاطئ معين، لكن لا أحد ولا حتى بيكون نفسه يمكن أن يتصوَّر كيف تكون مهمة العلم إذا سار بهذه الطريقة.»٢
ورغم ذلك فقد كان على العلماء أنفسهم (وكذلك على مراقبي العلم من الفلاسفة) أن ينفقوا زمنًا حتى يدركوا بوضوح أن الملاحظة — لكي تكون ذات معنًى — يجب أن تسترشد بنظرية. وقد ظل كثير من الناس يصرون على أن الملاحظات يجب أن تأتي أوَّلًا وبعدها وبناءً عليها يمكن للنظريات أن تنشأ، ولكن ما يحدث في عامة الأحوال هو أن نظريةً ما هي التي تُخبِر العالِم على وجه التحديد، أيُّ الملاحظات هي الجديرة بأن يقوم بها، أضِف إلى ذلك أن النظرية تمد العالِم أيضًا بالمفردات اللغوية التي يصف بها ملاحظاته. إن للأشياء والأحداث والمواقف التجريبية ما لا ينتهي من الخواص القابلة للملاحظة والوصف. إن النظريات هي التي تحدِّد للعالِم أي هذه الخواص هي التي تَعنيه وتتَّصل بموضوعه خلال وحدة محدَّدة من العمل العلمي.٣
وتترتب على الصورة المتطورة للعلم — والتي تؤكد على أهمية النظريات — نتيجةٌ عجيبة: إن اللغة التي تُسْتَعْمَل لكي تجسِّد الملاحظات والنتائج التجريبية هي ذاتها شيء تحدِّده نظرية معينة وتقدِّر له شكله وصفته مقدَّمًا، فتوصف اللغة التي يستخدمها عالِمٌ ملتزمٌ بنظريةٍ معينةٍ بأنها لغة «محملة بالنظرية» theory-laden.٤
والحق أنه ليس هناك طريقة آلية لابتكار الفروض العلمية، ولا طريقة آلية يمكن بها للعلم أن يحقِّق تقدُّمًا، وأن العلم ليس أقل احتياجًا للخيال من أي فن آخر. وقد لاحظ أينشتين أنه بينما يمكن للنظرية أن تُختبَر بالبيِّنة evidence فليس هناك طريق من البيِّنة إلى النظرية! علينا ألا نسأل العالِمَ من أين جاء بنظريته، بل نسأله عما أعدَّ لها من اختبارات. وإن تاريخ الممارسة العلمية ليُظهرنا على أن الاقتحامات الكبرى في العِلم تأتي عن طريق الحدْس: ثمة دائمًا قفزةٌ إبداعية تتجاوز المعلومات المتاحة وتضيف إليها شيئًا ما مستجدًّا، وأحيانًا ما تأتي ومضة الاستضاءة من الأحلام بالمعنى الحَرفي! أحيانًا ما يحلم العلماءُ نظرياتهم حلمًا! مثل حلم كيكوليه ببنية حلقة البنزين؛ إذ رأى فيما يرى النائم أفعى تعَض ذيلها (وقيل عدة أفاعٍ تعَض كلُّ واحدة ذيلَ تاليتها)، وحلم نيلز بور بالنظام الشمسي كنموذج للذرات، وحلم مندليف بالجدول الدوري للعناصر، المهم أن تكون علمًا؛ أي قولًا يحمل نبأً عن العالَم المحدَّد الذي وُجِدنا فيه، ويحمل في تضاعيفه تنبؤات قابلة للاختبار.٥
ربما لا نجد من الباحثين مَنْ يمكن اعتباره بيكونيًّا صميمًا إلا تيخو براهه الفلكي الدانمركي الذي كان يُشرف على فريقٍ بحثي جَمَع بجد ودأب مجلدات كاملة من البيانات الفلكية مُدرَجة في قوائمَ مرتَّبةٍ ومضجِرة، وحتى تشارلس دارون الذي ادعى أن «أصل الأنواع» يقوم على «مبادئ بيكونية» لا يمكن اعتباره بيكونيًّا صميمًا، فرقٌ بين أن تجمع شواهد لكي تقارن الأنواع وتبيِّن العلاقات بينها، وبين أن تُنظِّر آليةً (هي التطور من خلال الطفرة والانتخاب الطبيعي) تفسِّر تاريخها وتنوُّعها كله بقوة وأناقة، لقد أدرك دارون عندما قرأ مقال مالثوس عن السكان فكرة تطبيق الافتراض المالثوسي على جميع الأجسام الحية، وهو أن زيادة السكان تنزع إلى السرعة أكثر من وسائل الرزق والمعيشة. وقد استنتج دارون من هذا الافتراض النتيجةَ المحتملة، وهي أن ضغط السكان على وسائل الغذاء والطعام سيؤدي إلى صراع من أجل العيش يكون فيه البقاء للأصلح، وأن كل نوع يتغيَّر في كل جيل ليتكيف أكثر مع البيئة التي يعيش فيها، وأخيرًا (بعد أن حدَّد دارون المشكلة التي تواجهه ومجال ملاحظاته عن طريق الافتراض والاستدلال) اتَّجه إلى وجه الطبيعة النَّضِر، وأجرى لمدة عشرين سنة فحصًا استقرائيًّا صبورًا للحقائق.٦ هكذا يتبيَّن أن عمل «الفرض» أو «الحدْس الافتراضي» أهم بكثير مما كان يظن بيكون، وأن الطريقة العلمية أكثر مباشرةً وجرأة من طريقته.
وحتى بيكون نفسه لم يكن بيكونيًّا صميمًا! «فبعد إنكاره للفروض كان هو نفسه يستخدمها دون أن يدري، وإلا فكيف توصَّل إلى أن الحركة هي علة الحرارة؟! ليست الحركة هي الظاهرة التي كان يبحثها، وإنما كان يبحث ظاهرة الحرارة، ولم تكن الحركة مذكورة في أي من القوائم الثلاث؛ فالحركة اقتراح؛ أي فرض لتفسير تلك القوائم.»٧
لقد كان بيكون على خطأ في اعتقاده بأن الفروض مبنيةٌ على الاستقراء، الذي تكون مهمته في الواقع هي اختبار الفروض، بل إن مجرَّد القيام بسلسلة من الملاحظات يقتضي أن يكون لدى المرء من قبلُ فرضٌ أولي، أمَّا اكتشاف الفروض فلا يمكن أن توضع بشأنه مجموعة من القواعد العامة، كما أن رفض بيكون للقياس قد أدَّى به إلى الإقلال من أهمية وظيفة الاستنباط في البحث العلمي، ومن الجدير بالملاحظة — بوجه خاص — أنه لم يُبدِ تقديرًا كبيرًا للمناهج الرياضية التي كانت قد بدأت تتطوَّر في عصره؛ ذلك لأن دور الاستقراء في اختبار الفروض ما هو إلا جانب بسيط من جوانب المنهج، وبغير الاستنباط الرياضي الذي يقودنا من الفروض إلى موقف عيني قابل للاختبار، لا تتوافر لدينا معرفة بما يتعيَّن علينا اختبارُه.٨

(٢) بيكون والرياضيات

ويُؤخَذ على بيكون جهله أو تجاهله لدور التصوُّرات الرياضية والاستدلالات الرياضية في المنهج الاستقرائي، فهو «لم يُشِر إلى تلك التصوُّرات والاستدلالات في منهجه، وذلك عيبٌ لا يُغتَفَر له، نسيَ أننا باستخدامنا للمناهج الرياضية في المباحث الطبيعية قد نتنبأ بنتائج تجارب بطريق صوري لم نقم بها بعدُ، وحين نُجْرِي تلك التجارب ونضع نتائجها موضع الاختبار قد نتحقَّق من صدق التنبؤات، وهذا ما قام به جاليليو إلى جانب اتجاهه التجريبي قبل نشر بيكون الأورجانون الجديد بسنوات. نلاحظ هنا أن جاليليو كان أكثر ثقةً بالمناهج الرياضية موضع التحقيق التجريبي؛ سلامة الاستنتاج الرياضي شرطٌ كافٍ لصدق النتائج، ولا حاجة للملاحظة والتجربة إلا حين تكونان لازمتين.»٩
وعلى الرغم من ذلك فإن علينا ألا ننسى أن بيكون يقدِّر قيمة الرياضيات في «الأورجانون الجديد»، فبوسع المرء أن يستشف من وراء اهتمام بيكون الزائد ﺑ «الصور» الكامنة في الطبائع الكيفية نوعًا من الاتجاه إلى إدراك قيمة الصيغ الرياضية في التعبير عن القوانين النهائية للعالم الطبيعي؛ أعني اتجاهًا إلى استبدال الكم بالكيف.١٠ كما أنه في حديثه عن أوهام السوق يشير إلى أن الخلافات بين العلماء تنحل — بسبب استخدامهم لألفاظ اللغة المعتادة — إلى خلافات حول الأسماء؛ «ولذا فمن الأسلم — اقتداءً بحذر علماء الرياضيات — أن نبدأ منها ونُضفي عليها النظام باستخدام التعريفات.»١١ «وهكذا فإن التعريف الرياضي في رأيه وسيلةٌ لإضفاء المزيد من الدقة على الأفكار، على حين أن ألفاظ اللغة المتداولة تَحُول دون التعبير والملاحظات الدقيقة والأفكار المتعمقة. ومن هذا كله يتضح أن بيكون — مع تحمُّسه الشديد للعلم التجريبي — لم يكن معاديًا للرياضيات كما قد يبدو لأول وهلة، وأن انتقاداته للرياضة إنما ترجع إلى حذره من الإفراط في التجريد من جهة، وترجع من جهة أخرى إلى خوفه مما جَرَّه المنهج الاستنباطي (عن طريق القياس) من أضرار على العلم، وحرصه على الابتعاد عن كل ما قد يُشتَمُّ منه شبهة الاستنباط.»١٢

(٣) بيكون وعلوم عصره

ومن المفارقة أن بيكون رغم شغفه بالعلم لم يكن متابعًا جَيِّدًا لما يدور في زمنه من أبحاث علمية؛ فقد رفض نظرية كوبرنيقوس، وتجاهَل نظرية كبلر، ولم يعرِف قدْر أبحاث جلبرت،١٣ ولم يعرف — فيما يبدو — شيئًا عن فيساليوس رائد التشريح. ومن عجبٍ أنه لم يكن على دراية بعمل هارفي رغم أنه كان طبيبه الخاص، صحيح أن هارفي نشر اكتشافه بعد وفاة بيكون، إلا أن بيكون كان قمينًا أن يلمَّ بشيءٍ عن اكتشافه البيولوجي الكبير.

إنصافًا لبيكون

رغم كل ما قيل ويُقال عن قصور المنهج البيكوني، فإن مَنْ يأخذ فكرَ بيكون في سياقه الزمني ويتفهَّم اللحظة التاريخية التي كان يمثِّلها؛ يدرك أن كل هذه الانتقادات هي انتقاداتٌ لاحقةٌ استعاديةٌ، انتقادات «بأثرٍ رجعيٍّ» retrospective، انتقاداتٌ في ضوء التقدُّم الهائل الذي أنجزه العلم ومنهجه بعد بيكون، انتقاداتٌ من متفرجٍ على البَرِّ (الزماني) إلى مَن يصطرع ببسالة مع اللجج الحقيقية (الآنية)، انتقادات ليس فيها «تَمثُّل» ولا «مُواجَدة» empathy، انتقادات لا تلتفت إلى «الصراع المرير الذي كان يخوضه بيكون ضد أنصار الفكر التأمُّلي الاستنباطي ممن يستدلُّون على قوانين الطبيعة من كتب الأقدمين، ولا يبذلون أدنى جهد لمتابعة خصائصها وملاحظتها بأنفسهم؛ أي لا تلتفت إلى أهمية الإنجاز الذي حقَّقه بيكون في عصرٍ كانت فيه الروح المَدْرسية التقليدية لا تزال مسيطرةً على الأوساط العلمية، وهو الدعوة إلى منهج جديد للعلم مُستمَد من الاتصال المباشر بالطبيعة لا بالكتب، وإلى غاية جديدة للعلم هي تحقيق سيطرة الإنسان على الطبيعة وإخضاعها لأهدافه، بدلًا من الوقوف إزاءها موقف المتفرج المتأمل.»١٤ فإذا صَحَّ أن بيكون قد أغفل الفروض وتملَّكته نزعةٌ تجريبيةٌ متطرفةٌ، فلقد كان تطرُّفُها ردَّ فعلٍ مفهومًا على تطرُّف مضاد في التأمُّل العقلي الخالص كما كان سائدًا في التراث السابق كله، كانت هذه النزعة تُحتِّم عليه ألا يتجاوز الملاحظات المعطاة، ويحذر بشدة من الفروض بوصفها قفزات عقلية غير مأمونة.١٥ يقول Peter Urbach: «ومِن ثَمَّ فإن بيكون لم يكن يشجُب الفروض، بل الميل إلى التعامُل معها كما لو كانت غير قابلة للتصويب، ومثل هذا الموقف ينجم عنه نفورٌ من المضي في اختبار الفروض، ويؤدي إلى العلم العقيم الذي كان بيكون يراه من حوله.»١٦

(٤) الاستبعادُ البيكوني استباقٌ للتكذيب البوبري

ويُحمَد لبيكون أنه أدرك أهمية الرفض والاستبعاد، واستبق وجهة النظر الحديثة القائلة بأن على المرء في مجال البحث العلمي ألا يكتفي بتأييد فرضيته، بل ينبغي بالأحرى أن يلتمس البيانات التي من شأنها أن تفنِّد هذه الفرضية، لقد أدرك بيكون الأهمية الحاسمة للشاهد السلبي في المنهج العلمي، والدور المحوري الذي يلعبه التفنيد في مجال العلم، وهو في ذلك يُعَد مستبقًا لفكرة التكذيب عند كارل بوبر، كما أنه استبق فكرة بوبر عن «الخدع التحصينية» التي يلجأ إليها البعض لإنقاذ النظريات من الدحض. يقول بوبر: إن مِن دأْبِ البعض من أصحاب النظريات التي يتبيَّن كذبها بالاختبار أن يظلوا متمسكين بها ولا يتخلوا عنها، وأن يقوموا بعمليةٍ أشبه بالترقيع النظري لإنقاذ النظرية من الدحض، ومن الوسائل المعهودة في ذلك: إدخال «فرض مساعد» auxiliary hypothesis، أو «فرض عيني (تحايلي)» ad hoc hypothesis على مَقاس الشواهد المضادة ﺑ «غَرَض» استيعابها داخل النطاق التفسيري للنظرية، مثل هذا الإجراء ممكن دائمًا وميسور لأية فرضية مهما بلغت عبثيتُها وهشاشتُها، غير أنه ينقذ النظرية من الدحض بقدْر ما ينال من مكانتها العلمية ومحتواها المعلوماتي.
وثمة تحايلٌ آخر لتفادي الدحض، وهو — ببساطة — أن تُخرِج «المثال المضاد» counterexample من التعريف نفسه، فإذا كُنَّا مثلًا بصدد العبارة الكلية: «كل الغربان سود» وجابَهَنا شاهدٌ مضادٌّ لغراب أبيض لأمكننا القول: «إن غرابًا أبيض هو ليس غرابًا على الإطلاق.»
مثل هذه الفروض التحايلية المقحَمة والمناورات التعريفية هي نوعٌ من الغش والمُماحكة، وهي إجراءات رخيصة ومبتذلة، وعلى العالِم الحقِّ أن يتجنَّبها قدْر المستطاع، ورغم أن الفروض العينية تُستخدَم بالفعل في بعض الأحيان وتؤدي إلى نجاحاتٍ كشفيةٍ كبيرةٍ، فقد بذل بوبر جهده لتحديد القواعد المنهجية لاستخدام مثل هذه الطرق بحيث تكون مشروعة علميًّا وغير معطِّلة لتقدُّم المعرفة العلمية أو مُطِيلة لعمر نظريات بائدة لا تريد أن تتنحَّى وتُفسح الطريق لفرضيات جديدة أكثر قوةً تفسيرية وأكثر اقترابًا من الحقيقة.١٧
ويقول بيكون في ذلك: «… فإذا ما صادفَنا مثالٌ مضاد لم نلحظه من قبلُ ولم نعرفه، فإننا ننقذ المبدأ ونُبقي عليه بواسطة تمييزٍ عبثيٍّ حيث يكون التصرُّف الأقوم هو أن نصوِّب المبدأ نفسه.»١٨ ويقول في موضعٍ آخر: «من دأْبِ الفهْم البشري عندما يتبنَّى رأيًا (سواء لأنه الرأي السائد أو لأنه يروقه ويَسُرُّه) أن يقسِر كلَّ شيءٍ عَداه على أن يؤيِّده ويتفق معه، ورغم أنه قد تكون هناك شواهدُ أكثر عددًا وثقلًا تقف على النقيض من هذا الرأي، فإنه إما أن يهمل هذه الشواهد السلبية ويستخف بها، وإما أن يختلق تفرقةً تُسوِّل له أن يزيحها وينبذها؛ لكي يخلص — بواسطة هذا التقدير السبقي المسيطر والموبِق — إلى أن استنتاجاته الأولى ما زالت سليمةً ونافذة؛ ولذا فقد كان جوابًا وجيهًا ذلك الذي بَدَر من رجلٍ أطلَعوه على صورةٍ معلقةٍ بالمعبد لأناسٍ دفعوا نذورهم ومِن ثَمَّ نجوا من حطام سفينة، عساه أن يعترف الآن بقدرة الآلهة، فما كان جوابه إلا أن قال: «حسنًا، ولكن أين صورُ أولئك الذين غرقوا بعد دفع النذور؟!» وهكذا سبيل الخرافة، سواء في التنجيم أو في تفسير الأحلام أو الفأل أو ما شابه؛ حيث تجد الناس — وقد استهوتهم هذه الضلالاتُ — يلتفتون إلى الأحداث التي تتفق معها، أمَّا الأحداث التي لا تتفق — رغم أنها الأكثر والأغلب — فيغفلونها ويَغُضون عنها الطرف، على أن هذا الأذى يتسلل بطريقة أشد خفاءً ودقةً إلى داخل الفلسفة والعلوم؛ حيث يفرض الحكمُ الأوَّل لونَه على ما يأتي بعده، ويحمله على الإذعان له والانسجام معه، ولو كان الجديدُ أفضلَ وأصوبَ بما لا يُقاس. وفضلًا عن ذلك وبِغَضِّ النظر عن ذلك الهوى والضلال الذي ذكرتُ، فإن من الأخطاء التي تَسِم الفكرَ الإنساني في كل زمان أنه مُغرَمٌ ومُولَع بالشواهد الموجبة أكثر من الشواهد السالبة؛ حيث ينبغي أن يقف من الاثنين على حياد، والحق أنه في عملية البرهنة على أي مبدأ صحيح يكون المثال السلبي هو أقوى المثالين وأكثرهما وجاهة وفعالية.»١٩

(٥) بيكون و«التجربة الفاصلة»

يلحُّ بيكون على ضرورة الاهتمام خلال مراحل الاستقراء بالحوادث الأساسية؛ للوقوف بكيفيةٍ خاصة على «التجربة الفاصلة» أو «التجربة الحاسمة»؛ لأنها بمثابة العلامة التي تُوضع على مفترق الطرق لتوجيه المسافر إلى الجهة التي تؤدي به إلى مقصوده. فعندما يكون الباحث المجرِّب أمام حلولٍ محتملةٍ لمسألةٍ ما، فإن التجربة الحاسمة هي تلك التي تفصل في الأمر وتدلُّ على الحل المطلوب. يقول بيكون في الشذرة ٣٦ من الكتاب الثاني من الأورجانون الجديد: «في بحثه عن طبيعةٍ ما قد يَقَرُّ الذهنُ في مَحَلِّه ولا يمكنه أن يقرِّر إلى أيٍّ من طبيعتين (أو أكثر) ينبغي أن يعزو سببَ الطبيعة محل البحث؛ إذ إن طبائع كثيرة تقع معًا في العادة، هناك تنهض الشواهد الفاصلة بتبيان أن تصاحُب إحدى الطبائع مع الطبيعة محل البحث هو تصاحبٌ دائمٌ لا انفصام له، بينما تصاحب الأخرى متقطِّعٌ وغير دائم، من شأن ذلك أن يحسم البحثَ فتؤخذ الأولى على أنها السبب بينما تُرَد الثانية وتُرفَض، بذلك يقدِّم هذا النوع من الشواهد ضوءًا كثيفًا وسلطانًا عظيمًا بحيث ينتهي ويتم فيها مسارُ التفسير. قد تقع الشواهد الفاصلة ببساطة؛ إذ توجد بين شواهد مألوفة طويلة العهد، إلا أنها في الأغلب تكون جديدة ومستخدمة عمدًا ومطبقة خصيصًا، وتتطلَّب دأبًا واجتهادًا للكشف عنها.»٢٠
ويضرب بيكون أمثلة كثيرة لذلك، منها ظاهرة سقوط الأجسام التي يمكن أن تكون خاصية ذاتية (داخلية) للأجسام، كما يمكن أن تكون راجعة إلى كون الأرض هي التي تجذبها، فإذا قلنا بالاحتمال الثاني نتج من ذلك أن الأجسام سيضعف انجذابها إلى سطح الأرض بابتعادها عنه، فإذا استطعنا أن نثبت هذا بالتجربة حسمنا في الأمر، ويمكن القيام بهذه التجربة الحاسمة بوضع ساعة تعمل بالثقل في أعلى الصومعة مرة وفي أسفلها مرة أخرى، فإذا لاحظنا أنها تتحرَّك ببطء في أعلى الصومعة منها في أسفلها كان ذلك دليلًا على أن سقوط الأجسام راجع إلى جاذبية الأرض، لا إلى خاصية ذاتية في الأجسام نفسها.٢١
هذه الإشادة بالتجربة الحاسمة التي تُمَكِّن الباحث من ترجيح فرض على آخر تُعدُّ استباقًا بيكونيًّا كبيرًا، وسيكون لها شأن كبير في التفكير العلمي فيما بعد، ومن أشهر التجارب الفاصلة في تاريخ العلم حملة إدنجتون التي أيَّدت نظرية أينشتين في الجاذبية: كانت نظرية أينشتين تفضي إلى نتيجةٍ مفادُها أن الضوء لا بد أن ينجذب نحو الأجسام الثقيلة (مثل الشمس) تمامًا كما تنجذب الأجسام المادية، وكنتيجة لذلك أمكن تقدير أن الضوء القادم من نجم ثابت بعيد يبدو موقعه الظاهري قريبًا من الشمس سوف يصل إلى الأرض من اتجاه من شأنه أن يجعل النجم يبدو مبعدًا قليلًا عن الشمس، وبعبارة أخرى: إن النجوم القريبة من الشمس ستبدو كما لو كانت قد تحرَّكت قليلًا مبتعدة عن الشمس وعن بعضها البعض، هذا شيء يتعذَّر على الملاحظة في الظروف العادية ما دامت هذه النجوم غير مرئية بالنهار بفعل التوهُّج الهائل للشمس، غير أن من الممكن أثناء كسوف الشمس أن نأخذ صورًا فوتوغرافية لهذه النجوم، فإذا أخذنا صورة لنفس المجموعة من النجوم أثناء الليل أمكننا مضاهاة المسافات في كلتا الصورتين والتحقُّق من الأثر المُتوقع.٢٢ لقد صاغ أينشتين تنبؤًا شديد التحديد وقابلًا للملاحظة ومترتبًا على نظريته عن انحناء الضوء، وهو تنبؤ من شأنه إذا كذبته الملاحظة أن يدحض النظرية ويُجْهِز عليها.

(٦) القيم في العلم

ويُحمَد لبيكون أنه في غمرة حماسه للعلم والتجريب، وأمله في العلم بأن يسيطر على الطبيعة ويسخرها لخدمة الإنسان؛ فإنه لم يتمادَ في الرؤية الذكورية المعادية للبيئة والمستنزِفة للطبيعة، ولم يغفل دور القيم في العلم، وأهمية دخول القيم الإنسانية في صميم العمل العلمي، يقول بيكون: «إن مجرَّد القدرة أو المعرفة في ذاتهما إنما تعظِّمان الطبيعة البشرية ولا تجعلانها سعيدة؛ ومِن ثَمَّ فإن علينا أن ننتقي من بين الأشياء ما هو أنفع للبشرية … «الجدول الإنساني» human chart قائمة الأشياء التي يليق بنا أن نرغب فيها؛ ذلك أن الرغبة الصحيحة هي جزء من العلم، شأنها شأن الأسئلة الصحيحة.»٢٣ إن الفهْم الحقيقي لفكر بيكون في سياق عصره لَيَنْتَصف له ممَّن يتهمونه٢٤ بفرض التوجُّه الذكوري العدواني على الممارسة العلمية الغربية، وتصوُّرها كعملية استجواب للطبيعة وفرض النظام عليها واستلال قوانينها المسيرة من أجل قهرها وتسخيرها لمصلحتنا في نهاية المطاف.

(٧) نداء مبكِّر بالفصل بين العلم والدين

ويُحمَد لبيكون أيضًا أنه دعا إلى الفصل بين اللاهوت والعلم، وحذَّر من الخلط (المقولي؟) بين الوحي الإلهي والعلم البشري، واتخذ في ذلك موقفًا شبيهًا بموقف أوكام، فدعا إلى أن يهتم الإيمان والعقل كلٌّ بميدانه الخاص دون أن يتعدَّى أحدُهما على حدود الآخر، والوظيفة الوحيدة التي يَعزوها إلى العقل في الميدان الديني هي استخلاص النتائج من المبادئ المقبولة بالإيمان.٢٥ بذلك أسدَى بيكون خدمةً كُبرى إلى العلم، وجَنَّبَه تدخُّلَ رجال اللاهوت الذين كانوا يرون أنفسَهم «علماء» أصحاب الرأي المطلق في كل كشف جديد؛ لأنهم حملة الأسرار الإلهية، ولا يستطيع أحدٌ أن يشك في إيمان بيكون بتعاليم الدين،٢٦ غير أنه كان في الوقت ذاته حريصًا كل الحرص على إبعاد السلطة الدينية عن مجال الحقيقة العلمية، بحيث اكتفى في الشئون الدينية بالوحي، وتركَ للعقل مهمة بحث مادة العالم الطبيعي وكشف قوانينها، وبذلك صد عن الباحثين في مجال العلم هجمات رجال الدين دون استفزازٍ لهؤلاء الأخيرين.٢٧
يقول بيكون: «ليس ثمة ما هو أسوأ من تمجيد الخطأ؛ فحين تُؤلَّه الحماقةُ فذلكم بلاءٌ يحيق بالفكر. في هذه الحماقة انغمس بعضُ المحدَثين، وبغفلةٍ متناهيةٍ حاولوا أن يؤسِّسوا فلسفةً طبيعيةً على الفصل الأول من سفر التكوين وسِفْر أيوب وأجزاء أخرى من الكتاب المقدس، باحثين هكذا عن الموتى بين الأحياء، ومثل هذه الحماقة يجب أن تُوقَف وتُقمَع بكل قوة، فمن هذا المزج غير الصحي بين البشري والإلهي لا تنبثق فقط فلسفةٌ وهميةٌ، بل ودينٌ هرطقيٌّ؛ ومِن ثَمَّ فإن رأس الحكمة والاتزان أن نعطي للإيمان ما هو للإيمان ولا نَتَزَيَّد.»٢٨
ويقول في شذرة أخرى: «ولا يفوتنا أن نلاحظ أن الفلسفة الطبيعية كان لها خصمٌ مزعجٌ وعنيدٌ في كل عصر ألا وهو الخرافة والحماس الأعمى والمتطرف للدين؛ فنحن نرى بين اليونان أن أولئك الذين كشفوا العِللَ الطبيعية للرعد والعواصف لأول مرة لأناسٍ لم يسمعوا قَط عن هذا الشيء قد أُدينوا بالكفر، كما أن معاملة بعض آباء الكنيسة الأوائل لم تكن أفضل حالًا مع أولئك الذين أثبتوا بأوثق البراهين (بحيث لا يَعترِض عاقلٌ عليها الآن) أن الأرض كروية … ونفسُ الميل تَبَدَّى — وإنْ بطريقة مختلفة — في رسائل أولئك الذين لم يتورَّعوا عن استنباط وتأييد صدْق الدين المسيحي من مبادئ الفلاسفة وسلطتهم، وهلَّلوا لزواج الإيمان والعقل كما لو كان شرعيًّا، وفتنوا عقول الناس بتنويعةٍ سارةٍ من الأشياء، إلا أنهم في الوقت نفسه خلطوا الأشياء الإلهية بالأشياء البشرية، وهو اتحادٌ غير متكافئ … والبعض يخمِّنون ويتخيَّلون أنه إذا كانت العلل الوسطى غير معلومة فمن الممكن أن تُعزَى الأحداثُ المُفرَدةُ بسهولةٍ أكبر إلى يد الرب وعصاه (وهو في ظنهم شيء في مصلحة الدين بدرجة عظيمة): هذه ببساطة محاولة «لإرضاء الرب بكِذبة» … والبعض يخشى أن الحركات والتغيُّرات في الفلسفة سوف تنتهي إلى غزو الدين، وهناك مَن يبدو مُتخوِّفًا من أن تُفضي دراسة الطبيعة إلى اكتشافٍ ما يطيح بالدين أو يهُز سلطته على الأقل، وبخاصة بين الجهلاء، والخوفان الأخيران أتشمَّم فيهما رائحةَ حكمةٍ غرزية، وكأن الناس أحسَّت في أعماق عقلها وفي سرائرها شكًّا في قوة الدين وهيمنة الإيمان على العقل، فتملَّكها الخوف وأحسَّت أنها مهددة من بحث الحقيقة في الطبيعة …»٢٩
والحقيقة أن بيكون نفسه كان متديِّنًا، قرأ الكتاب المقدَّس وتأثَّر به في تكوين فكره وصياغة رسالته؛ فقد أوحت له قراءته لسِفْر التكوين بفكرة استعادة الإنسان لسيادته على الطبيعة كما كان الأمر قبل الخطيئة الأولى. وثمة التقاء بين معنى «الإحياء» instauration، وبين معنى «الخلاص»، والتقاء بين «الحرمان من المعرفة» وبين «السقوط»،٣٠ لقد كان الإنسان قبل السقوط يعرف الطبيعة ويسود عليها؛ فقد اختُصَّ آدم من بين جميع المخلوقات بالقدرة على تسمية الأشياء، ومن شأن القدرة على التسمية أن تصبح الأشياء المسماة معروفةً للإنسان وخاضعة له في الوقت نفسه، ولكن الإنسان فقَدَ هذه السيادةَ حين فقدَ المعرفة.٣١ وقد حُرِمَ من المعرفة ومن السيادة كلتيهما لارتكابه الخطيئة الأصلية، ولا سبيل إلى استعادة سيادته على الطبيعة إلا بالسعي الدءوب نحوها لمعرفتها أوَّلًا وللإفادة منها ثانيًا، واستعادة العلم المفقود هي الرسالة التي نادى بها بيكون ودعا إليها، وكان يقصد بالطبع العلم العملي التطبيقي الذي تقوم عليه الفنون والصنائع.٣٢
يقول بيكون في خاتمة الكتاب الثاني من الأورجانون الجديد: «ذلك أن الإنسان إثر «السقوط» خسر في الوقت ذاته حالة البراءة، خسر سيادته على الخلائق، وكلتا الخسارتين يمكن تعويضها إلى حدٍّ ما، حتى في هذه الحياة. الأولى بالدين والإيمان، والثانية بالفنون والعلوم؛ ذلك أن «اللعنة» لم تجعل الخَلقَ مطرودًا تمامًا وأبدًا، وإنما بمقتضى القرار الإلهي: «بعرق جبينك تغمس خبزك» (التكوين ١٩: ٣)، فإن الإنسان بجهوده المتنوعة (لا بالمجادلات بالتأكيد، ولا بالطقوس السحرية) يُجبِر الخَلقَ — أخيرًا وبقَدَر — على أن يزوِّده بخبزه؛ أي بحاجات حياته البشرية.»٣٣
١  Dion Scott-Kakures: History of Philosophy. Harper Perennial, 1993, p. 104.
٢  وليم جيمس إيرل: مدخل إلى الفلسفة، ترجمة عادل مصطفى، مراجعة يمنى طريف الخولي، المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، العدد ٩٦٢، القاهرة، ٢٠٠٥م، ص٩٤-٩٥.
٣  المرجع السابق، ص٩٥.
٤  أو «مشحونة» أو «مشرَبة» أو «ملقَّحة» بالنظرية، انظر المرجع السابق، ص١٠٨.
٥  عادل مصطفى: المغالطات المنطقية، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ٢٠٠٧م، ص٤٥.
٦  ول ديورانت: قصة الفلسفة، ص١٧٨.
٧  د. يُمنى طريف الخولي، فلسفة العلم في القرن العشرين، عالم المعرفة، الكويت، العدد ٢٦٤، ديسمبر ٢٠٠٠م، ص٧٤.
٨  برتراند رسل: حكمة الغرب، ترجمة د. فؤاد زكريا، الجزء الثاني، عالم المعرفة، الكويت، ديسمبر ١٩٨٣م، ص٦١.
٩  د. محمود فهمي زيدان: الاستقراء والمنهج العلمي، ص٧٠-٧١.
١٠  آفاق الفلسفة، ص١١٣-١١٤.
١١  الأورجانون الجديد: ١: ٥٩.
١٢  آفاق الفلسفة، ص١١٤.
١٣  يقول رسل في «تاريخ الفلسفة الغربية» إنه كان معجبًا بجلبرت الذي كان عمله في المغناطيسية يجسِّد المنهج الاستقرائي على نحوٍ رائع.
١٤  حكمة الغرب، الجزء الثاني، مقدمة المترجم، د. فؤاد زكريا، ص١٠.
١٥  المرجع السابق، ص٦١ (حاشية للمترجم د. فؤاد زكريا).
١٦  Editor’s Introduction to: Novum Organum of Francis Bacon., Translated and edited by Peter Urbach and John Gibson, Open Court, Chicago and La Salle, Illionis, 3rd priniting, 1995, p. xix.
١٧  انظر «تحصين النظريات»، في كتابنا «كارل بوبر: مائة عام من التنوير ونصرة العقل»، دار النهضة العربية، بيروت، ٢٠٠٢م، ص٦٧-٦٨.
١٨  الأورجانون الجديد: ١: ٢٥.
١٩  الأورجانون الجديد: ١: ٤٦.
٢٠  الأورجانون الجديد: ٢: ٣٦.
٢١  د. محمد عابد الجابري: مدخل إلى فلسفة العلوم، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط٥، ٢٠٠٢م، ص٢٤١.
٢٢  كارل بوبر: الحدوس الافتراضية والتفنيدات، عن كتابنا: كارل بوبر: مائة عام من التنوير، ص٢٤.
٢٣  الأورجانون الجديد: ٢: ٤٩.
٢٤  مثل هوركهايمر وأدورنو وبعض الإيكولوجيين والنسويين.
٢٥  حكمة الغرب، ج٢، ص٥٩.
٢٦  بيكون هو صاحب المقولة الشهيرة: «قليل من الفلسفة تميل بعقل الإنسان إلى الإلحاد، ولكن التعمُّق في الفلسفة يُفضي بعقول الناس إلى الإيمان.»
٢٧  آفاق الفلسفة، ص١١٦.
٢٨  الأورجانون الجديد: ١: ٦٥.
٢٩  الأورجانون الجديد: ١: ٨٩.
٣٠  د. حبيب الشاروني: فلسفة فرانسيس بيكون، ص٢١.
٣١  لأننا بجهلنا للطبيعة نصبح عبيدًا لها.
٣٢  المرجع السابق، ص٢٨-٢٩.
٣٣  الأورجانون الجديد: ٢: ٥٢.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤