الفصل السادس

كتابة الإعلان

ذات مرة قال عملاق الإعلانات ديفيد أوجلفي: «إذا كنت تحاول إقناع الناس بفعل أحد الأمور أو بشراء أحد الأشياء، فإنني أرى أنه من الضروري أن تستخدم لغتهم، اللغة التي يستخدمونها في الحياة اليومية، اللغة التي يُفكرون بها. إننا نحاول الكتابة بالعامية.»1 وبعض أعظم العبارات الإعلانية تشترك في أمرين، ألا وهما: أنها لا تبدو مثل عبارات الإقناع بالشراء، وأنها تبدو حقيقية. وبعض هذه العبارات أصبحت جزءًا من العامية، مثل:

افعلها فحسب. (نايكي)

مَن يدري ماذا سيحدث؟ (يانصيب نيويورك)

ألدَيك لبن؟ (هيئة كاليفورنيا لمعالجة الألبان)

أظهر الاهتمام. (الرابطة الحضرية القومية)

أين لحم البيف؟ (وينديز)

تُقدِّم هذه العبارات مكونًا ضروريًّا للكتابة الجيدة والإعلان الناجح، ألا وهو تجسيد ونقل فكرة صائبة والابتعاد عن شكل عروض البيع الترويجية.

(١) أيهما يأتي أولًا؛ عبارات الإعلان أم الصورة الإعلانية؟

عند صنع الإعلان ماذا يأتي أولًا؛ العبارة الإعلانية، أي الرسالة اللفظية الأساسية، أم الصورة الإعلانية؟ يتوقف الأمر على الظروف، إليكم بعض السيناريوهات الشائعة:
  • يناقش الفريق الإبداعي الأفكار ويستقرون على بعضها ثم يمضي أفراد الفريق كلٌّ إلى مهمته؛ فيقوم كاتب الإعلانات بالكتابة ويقوم المخرج الفني بالتصميم، ويعمل كلاهما على الأفكار التي كانت وليدة عملهما معًا.

  • يُفكر أحد أعضاء الفريق في العبارة الإعلانية أو الصورة الإعلانية، ثم ينطلقون من هذا المنطلق. وفي بعض الأحيان يمكن أن يخرج كاتب الإعلان بفكرة الصورة الإعلانية، بينما يتوصل المخرج الفني إلى العبارة الإعلانية.

  • اعتمادًا على فكرة اقترحها الفريق قد تتولد الصورة الإعلانية والعبارة الإعلانية في الوقت نفسه.

لعملية خلق الإعلان طرق عديدة؛ فبعض الناس يفكرون في ضوء الكلمات. ويوصي رجل الإعلانات الناجح جورج لويس بالكتابة أولًا. في حين يفكر البعض الآخر بالصور. وفي الوقت نفسه يوجد أشخاص يتناوبون التفكير بالطريقتين. لا يهم حقًّا أيهما يأتي أولًا ما دامت العبارة الإعلانية والصورة الإعلانية كلتاهما تعملان على نحو متضافر وتقومان على أساس فكرة سليمة. وعلى أيِّ حال، فإنه في مرحلةٍ ما يقوم كاتب الإعلان بالكتابة ويصوغ العبارة الإعلانية الرئيسية ومتن الإعلان، ويقوم المخرج الفني بالتصميم. ونظرًا لأن الفريق الإبداعي يولِّد الأفكار بصورة جماعية، فيجب أن يُسهم كل عضو من أعضاء الفريق بما يتمتع به من مهارات أخرى في جهود الفريق؛ فالكاتب يجب أن يكون كاتبًا جيدًا؛ أي يكون شخصًا مُتمكنًا من حرفته. والمخرج الفني يجب أن يكون مصممًا رائعًا؛ أي يكون شخصًا متمرسًا للغاية في الجرافيك والتصميم الدعائي.

(١-١) الصورة والكلمات: ما هي الطريقة المفترض أن تعملا بها؟

في أيِّ وسيلة إعلامية تُوصل الصور والكلمات معًا رسالة كاملة يتجاوز تأثيرها في مجملها تأثير عناصرها منفردة، ويمكن ملاحظة ذلك في الإعلان الجريء المُقدم من وكالة آر + آر بارتنرز في شكل ٦-١.

شكل ٦-١: إعلان مطبوع: «عطلة أسبوع السيارات».

الوكالة الإعلانية: آر آند آر بارتنرز، لاس فيجاس.

المدير الإبداعي: رون لوبيز.

كاتب الإعلان: جايدج كليج.

المخرج الفني: بيكا مورتون.

المصور الفوتوغرافي: ديفيد بيري.

© ٢٠٠١.

«الرجل الذي يقول العبارة الإعلانية مغرم للغاية ﺑ «سيارته» لدرجة أنه يتجاهل المرأة المثيرة. وتضيف درجات الألوان والملابس القديمة الطراز إلى جاذبية وشخصية العلامة التجارية.»

يتفق معظم محترفي الإبداع على أنه عندما تكون العبارة أو الصورة هي «النجمة» أو «البطلة» في الإعلان، ينبغي أن تلعب الأخرى دورًا مساعدًا. فإذا تنافست الصور والكلمات على لفت انتباه المستهلك، فقد يسبب ذلك تشوشًا أو يكون التأثير مفرطًا؛ ومِن ثَمَّ يجب أن تتعاون الصور والكلمات، وتكمل كلٌّ منهما الأخرى كما هو الحال في لوحة الإعلان الخارجي المضحك لملاهي بلاي لاند الذي أعدته وكالة ريثينك أدفرتايزينج (شكل ٦-٢). لكن هذا لا يعني ضرورة أن تكون العبارة الإعلانية والصورة متشابهتين، بل يعني أن إحداهما لا بدَّ أن تُكمل الأخرى مثلما يكمل المتن الإعلاني والصور الإعلانية كلٌّ منهما الآخر في حملة وكالة مارتن إيجينسي لصالح مؤسسة مكتبة جون إف كينيدي (شكل ٦-٣). وعن هذه الحملة قال جو ألكسندر المدير الإبداعي في وكالة مارتن إيجينسي: «كان روبرت وجون كينيدي صديقين مقربين. وكان هدفنا الأول هو إخبار الناس بهذه العلاقة. وبحثنا في سجل صور المكتبة عن صور تُظهرهما وهما يعملان معًا. وبعد ذلك كانت المسألة مسألة العثور على الكلمات المناسبة فحسب.»

شكل ٦-٢: إعلان مطبوع: «استمتع».

الوكالة الإعلانية: ريثينك أدفرتايزينج، فانكوفر، كولومبيا البريطانية.

المخرج الفني وكاتب الإعلان: إيان جراي.

المصور الفوتوغرافي: هانس سيبما.

العميل: بلاي لاند.

«يعبر الإعلان تعبيرًا سريعًا ومختصرًا وخفيف الظل للغاية عن الإثارة المصاحبة لجولة جامحة في مدينة ملاهٍ.»

شكل ٦-٣: إعلان مطبوع: «٣ يونيو ١٩٦٣ استسلام روسيا» و«الإخوة الكبار».

الوكالة الإعلانية: ذا مارتن إيجينسي، ريتشموند، فيرجينيا.

مديرو الإبداع: هال تينتش وجو ألكسندر وكليف سورا.

المخرجان الفنيان: كليف سورا وتوم جيبسون.

كاتب الإعلان: جو ألكسندر.

© مؤسسة مكتبة جون إف كينيدي.

«يقول توم ماكنوت مدير الاتصالات في مكتبة ومتحف جون إف كينيدي في بوسطن، ماساتشوستس إنه «على الرغم من الدقة التاريخية للحملة، فإنها مرحة أيضًا وتتحدث عن قيم الأسرة بطريقة يمكننا جميعًا التفاعل معها»، «وقد حققت اهتمامًا عامًّا هائلًا بروبرت كينيدي والدور البارز الذي لعبه في إدارة أخيه.»

يقول النص الموجود في المنتصف: «أحيانًا يُعجب الإخوة الكبار بالإخوة الصغار.»»

إليكم بعض الأنماط المفيدة التي تستفيد من العلاقات التكاملية بين الصور والكلمات:
  • تُحدِّد الكلمات النموذج البصري.

  • تنافس الكلمات النموذج البصري فتخلق مقارنة أو مفارقة.

  • الكلمات مباشرة والصورة غير عادية (أي إنها مضحكة أو غريبة أو عجيبة أو هزلية أو صادمة).

  • الصورة مباشرة والكلمات غير عادية (أي إنها مضحكة أو غريبة أو عجيبة أو هزلية أو صادمة).

في النمطين الأخيرين تمثل الصورة والكلمة فريقًا تجمعه علاقة كوميدية؛ إذ نجد أنه إما الكلمة أو الصورة هي النموذج السوي والأخرى هي النموذج المضحك. ولا يسع المرء سوى أن ينظر إلى الصور غير المتوقعة في حملة سوكل لصالح داون تاون دنفر (شكل ٦-٤)؛ فالصور هزلية على نحو مبهج والعبارة مباشرة: «خذ إجازةً من الجبال.» على النقيض من ذلك، فإن إعلان وكالة ماثيوز، إيفنز، ألبرتاتسي لصالح نادي بولينج الملاعب الخضراء في سان دييجو يعرض صورًا مباشرة مصحوبة بعبارات مضحكة (شكل ٦-٥)، وهو الأسلوب نفسه الذي تتبعه لوحة الإعلانات الخارجية ذات الإحساس المهيب التي صممتها وكالة ماستوس لصالح سباق خيول إبسوم (انظر شكل ٦-٦)، حيث نجد أن العبارة الإعلانية غير متوقعة في حين أن الصورة مثيرة على مستوى الرسم. وتوضح دراسة الحالة عن إعلان ماستوس هذا الأسلوب قائلة: «احتجنا أن نجد شيئًا يعكس مكانة الحدث، لكننا استفدنا أيضًا من كون الحدث متاحًا … ومن خلال التركيز على الأشخاص الذين يحضرون الحدث تمكنَّا من إحياء السبب الذي جعل الحدث ناجحًا للغاية على مدار هذا الزمن الطويل، ألا وهو كون الحدث يمثل جزءًا من نسيج الحياة البريطاني والصيف البريطاني.»

في أيٍّ من هذه الأنماط نجد أن الصورة والعبارة الإعلانية تكمل كلٌّ منهما الأخرى في توصيل الرسالة الإعلانية بأكملها.

شكل ٦-٤: إعلان مطبوع: «دب في متجر الموسيقى» و«قنفذ في قطار خفيف».

الوكالة الإعلانية: سوكل، دنفر.

المدير الإبداعي: مايك سوكل.

المخرج الفني: نورم شيرر.

المصور الفوتوغرافي: جوزيف هانكوك.

العميل: داون تاون دنفر.

«الصور المبالغة طُعمٌ مضمونٌ لجذب انتباه المشاهد. وعندما تُعبر تلك الصور عن فكرة فإنها تُقدِّم فرصة رائعة حقًّا لإقناع المشاهد.»

شكل ٦-٥: إعلان مطبوع: «ليست عملية معقدة».

الوكالة الإعلانية: ماثيوز، إيفنز، ألبرتاتسي في سان دييجو.

المخرج الفني والمصور الفوتوغرافي: دانا نايبيرت.

كتابة الإعلان: جون ريسر.

العميل: نادي بولينج الملاعب الخضراء في سان دييجو.

© ٢٠٠٢ ماثيوز إيفنز ألبرتاتسي.

«إن درجة اللون البني التي توحي بالقِدم، وكذلك الخطوط والعناصر الرسومية وزوايا التصوير الجاذبة للانتباه، تكملها الكتابة الذكية.»

شكل ٦-٦: إعلان مطبوع: «رياضة الملوك».

الوكالة الإعلانية: ماستوس، لندن.

المدير الإبداعي: جون ميريمان.

المخرج الفني: جون ميريمان.

كاتب الإعلان: جون ميريمان.

الرسام: مات كوك.

العميل: سباق خيول إبسوم.

«صُمِّم المتن الإعلاني الذي يلي الشعار الإعلاني «رياضة الملوك» ليكون جزءًا لا يتجزَّأ من الإعلان، باستخدام خط فني مميز لكتابة هوية الأشخاص الذين سيحضرون سباق الخيول أو من الممكن أن يحضروه أو الذين قد حضروه. لم يكن المكتوب قائمة تسرد الأسماء، بل كانت قائمة تسرد أنواع الأشخاص الذين اشتركوا في هذا اليوم الرائع في الهواء الطلق؛ بدءًا من متذوقي طعام الكلاب والراقصين حتى الكهنة وبائعي الحليب.»

ماستوس

(١-٢) الصورة أم الكلمات؟ أيهما يجب أن يسيطر؟

الاهتمام بالكتابة؟ أم الاهتمام بالصورة؟ بطبيعة الحال سوف يشهد المخرجون الفنيون بقوة الصور. ومن المؤكد أن كُتَّاب الإعلانات سوف يدفعون بأن الكلمات أدوات قوية.

الإعلانات القائمة على الصورة هي تلك الإعلانات التي تنقل فيها الصورة ثقل الرسالة الإعلانية أو التي لا يوجد بها كتابة إعلانية باستثناء الخاتمة؛ فالصورة تأسر انتباه المشاهد أولًا. أما الإعلانات القائمة على الكتابة فتنقل الرسالة الإعلانية من خلال الكلمات في الأساس، وقد لا تحتوي على أي صورة باستثناء تصميم الخطوط والشعار أو المنتج المصور في الخاتمة؛ فالكتابة تأسر انتباه المشاهد أولًا. على سبيل المثال، نجد أن الإعلان الذي قدمته وكالة ديفيتو فيردي لصالح نيويورك مترو يقوم على الكتابة (شكل ٦-٧)؛ فالكتابة الساخرة تنقل الرسالة. وفي حملة مؤثرة لصالح جمعية مرض التصلب المتعدد كانت الإعلانات قائمة على الصور (شكل ٦-٨). بطبيعة الحال، تدعم الكتابة والصورة إحداهما الأخرى في كثير من هذه الإعلانات؛ إذ توجد علاقة تضافر بينهما، وتعملان في تعاون كامل لنقل الرسالة الإعلانية.

لتحديد النهج الإبداعي على أفضل وجه يمكنك أن تطرح هذه الأسئلة: هل الجمهور يفضل القراءة أم النظر إلى الصورة؟ هل الكلمات تثير الانتباه بما يكفي لجعل الناس يُقبلون على قراءتها؟ هل الصورة جذابة لدرجة تجعل الناس يتوقفون ويُبدون اهتمامًا؟

إذا كان الإعلان سيُستخدم على النطاق الدولي، فمن الحكمة أن يكون الاعتماد على الصور أكبر من الاعتماد على الكلمات. هل توجد طرق أخرى مفيدة للتفكير في الكلمات كجزء من الرسالة الإعلانية؟

(١-٣) كم عدد الكلمات الذي يُعتبر زائدًا عن الحد؟

إذا كان العنوان مثيرًا، فسوف أقرؤه. في إعلان وكالة هانت أدكينز لصالح ميستيك ليك القائم كله على الكتابة تُظهر وكالة هانت أدكينز معرفتها الجيدة بالجمهور، فضلًا عن أن المزاح يجعل الإعلان جذابًا (شكل ٦-٩).

من الضروري أيضًا الالتزام بالإيجاز. اعتادت أمي أن تُسمي ذلك النهج «الموجز والجذاب». على سبيل المثال، ينصح زميلي الأستاذ ألان روبنز طلابه بأن يحذفوا كلَّ ما يمكن حذفه دون الإخلال بالمعنى.

شكل ٦-٧: حملة إعلانية مطبوعة: «ريتشيل وروس ومونيكا وتشاندلر» و«لأن الليلة المثيرة تتطلب شخصين».

الوكالة الإعلانية: ديفيتو/فيردي، نيويورك.

المدير الإبداعي: سال ديفيتو.

المخرجان الفنيان: أنتوني ديكورولاس وبراد إيميت.

كاتبا الإعلان: بيير ليبتون وإريك فيهرينكوف.

العميل: نيويورك ميترو.

«السخرية اللاذعة في الكتابة الإعلانية مناسبة على نحو مثالي لجمهور نيويورك الذي يفتخر بقدرته على المزاح المعقد. تُشتهر هذه الوكالة الإعلانية بسخريتها الحادة. ويقول شعار هذه الحملة: «أترغب في قضاء سهرة ممتعة؟ إنها مدينة كبيرة، ربما تحتاج إلى بعض المساعدة.»»

شكل ٦-٨: إعلان مطبوع: «الشلل» و«سلس البول».

الوكالة الإعلانية: ساتشي آند ساتشي، لندن.

المدير الإبداعي: ديف دروجا.

العميل: جمعية مرض التصلب المتعدد.

«باستخدام مجموعة من مفاتيح التشغيل والإيقاف المدعومة بالصور المؤثرة توضح إعلانات الخدمة العامة كيف أن الشخص المُصاب بمرض التصلب المتعدد لا يعرف مطلقًا أي جزء من جسده سوف يعطل، وتحثنا على التبرع من أجل إيجاد علاج.»

شكل ٦-٩: إعادة إطلاق منتج: إعادة افتتاح كازينو بهوية جديدة.

الوكالة الإعلانية: هانت أدكينز، منيابوليس.

المدير الإبداعي وكاتب الإعلان: دوج أدكينز.

المدير الإبداعي المساعد والمخرج الفني: ستيف ميتشيل.

العميل: ميستيك ليك.

«تميز وكالة هانت أدكينز كازينو ميستيك ليك عن بقية الكازينوهات من خلال حملة مضحكة. يقول دوج أدكينز: «المزاح أفضل أداة لتجاوز شكوك الناس المشروعة لفترة وجيزة؛ ما يمنحنا فرصة مشاركة رسالتنا معهم.»»

على الرغم من وجود عبارات فعالة مُكوَّنة من كلمتين مثل «ألدَيك لبن؟»، فإن العنوان القصير يمكن أن يكون صعبًا بالنسبة للكاتب المبتدئ.

علاوة على ذلك، يجب أن يكون طول العنوان مناسبًا للنسق. فعدد كبير من الكلمات على لوحة إعلان عملاقة على الطريق لن يكون نافعًا، بينما القليل من الكلمات المُختارة بعناية سيكون في غاية الفعالية. ويقول المصمم كارلوس سيجورا من مؤسسة سيجورا في شيكاجو: «ضع عملك في السياق المناسب.»

(٢) أعراف أو تقاليد الإعلان

تتكون الصيغة الإعلانية التقليدية من صورة وعبارة إعلانية، وتستخدم معظم الإعلانات هذه الصيغة. وعند التواصل مع جمهور عالمي أو جمهور مختلط يعتمد كثير من الإعلانات على الصورة في توصيل الرسالة؛ فالصور مفهومة عالميًّا على نحو أفضل.

على جانب آخر، عند مخاطبة قطاع معين من السوق، فإن الإعلانات المعتمدة على العبارات — حيث تحمل الكلمات الرسالة الأساسية — يمكن أن تحقق تواصلًا بالغ الوضوح.

(٣) الكتابة بإبداع

إن سر الابتكار الفعال في الإعلانات لا يكمن في تكوين كلمات وصور جديدة مراوغة، بل في وضع الكلمات والصور المألوفة في علاقات جديدة.

ليو بيرنيت

يجب أن تكون الكتابة الإعلانية جديدة وغير متوقعة. ويجب أيضًا أن تبدو كما لو كانت في حوار طبيعي مع القارئ.

ما المبدع في الشعار الإعلاني السابق للرابطة الحضرية القومية المُتمثل في عبارة «أظهر الاهتمام»؟ إنه يُجسد فكرة، ويطالبنا بالتصرف بطريقة جادة، إنه عاطفي، ومؤثر وغير رسمي في الوقت نفسه. أما عبارة مثل «ومن يدري ماذا سيحدث؟»، فجمالها يتمثل في أنها حقيقية وطبيعية تمامًا في سياق العامية.

ما المبدع في عبارة: «ألدَيك لبن؟» حسنًا، كان بإمكان جيف جودباي أن يقول: «هل لديك أي قدر من اللبن؟» أو «ألدَيك أي قدر من اللبن؟» كلتا العبارتين تعبر عن فكرة «ألدَيك لبن؟» لكنَّ كلتيهما لا تنطبع في الذهن بالقدر نفسه. إن عفوية العبارة الإعلانية تُضيف إلى مصداقيتها.

(٣-١) قل الرسالة في العنوان؛ لا تعتمد على محتوى الكتابة الإعلانية

لا يهتم معظم الناس بقراءة محتوى الإعلان. والأشخاص المهتمون بالعنوان والصورة قد يكملون قراءة المحتوى الإعلاني. أما الأشخاص الذين يبحثون عن معلومات، مثل المستهلكين الذين يبحثون عن أجهزة استريو أو الشخص الذي يبحث عن نصيحة في أحد إعلانات الخدمة العامة، فهؤلاء يكون لديهم اهتمام كافٍ لقراءة المحتوى الإعلاني. ورغم ذلك، فمن الحكمة عدم الاعتماد على المحتوى الإعلاني في نقل الرسالة الرئيسية. بل يجب أن ينقل العنوان والصورة الرسالة الأساسية، ويدعم المحتوى تلك الرسالة ويضيف إليها. وفي الغالب يكون من المفيد كتابة المحتوى الإعلاني أولًا؛ فهذه المعالجة يمكن أن تُسفر عن عنوان للإعلان.

(أ) الشعار كرسالة

الشعار هو العبارة اللافتة التي تنقل فائدة أو روح العلامة التجارية أو المجموعة، وتعبر عن موضوع شامل أو استراتيجية شاملة لحملة أو مجموعة من الحملات الإعلانية؛ يُطلق عليه أيضًا «الزعم» أو «العنوان الختامي» أو «العبارة الرمزية» أو «العنوان الفرعي». ومن أهم الأمثلة على ذلك شعار «أيها الأصدقاء لا تدَعوا أصدقاءكم يقودون وهم مخمورون» (الخاص بوزارة النقل الأمريكية)، وشعار «لا تخرج من البيت من دونها» (الخاص بإعلان بطاقة أمريكان إكسبريس).

وإذا لم يصل التصور الإعلاني كاملًا لأي سبب من الأسباب، فمن الممكن أن يوضح الشعار التواصل أو يكمله، وفقًا لنصيحة جريج وازياك المدير الإبداعي في وكالة كونسبت فارم في نيويورك.

بمجرد أن تتوصل إلى فكرة عن الشعار يجب أن تُجسد الحملة كلها هذه الروح كما في حملة وكالة وورك لصالح كريستار بنك (شكل ٦-١٠). يقول كابيل هاريس من وكالة وورك عن مفهوم حملة كريستار: «أظهرت الأبحاث وتخطيط العملاء أنه بدلًا من الأساليب التقليدية «العاطفية والمطمئنة» والمبالغة في الوعود الشائعة في هذا المجال، فإنه من الأفضل تقديم بنك كريستار عن طريق رسائل تواصل مباشرة وصريحة غير مبالغة. وهكذا لم تعتمد الحملة أسلوب كلام البنوك، بل تَواصل بنك كريستار مع العملاء من وجهة نظرهم بدلًا من وجهة نظر البنك. وأظهرت الإعلانات نفسها أننا نفهم مخاوف العملاء؛ إذ ارتكزت الحملة حول شعارٍ لا يشبه إطلاقًا شعارات البنوك، ألا وهو: «هذا بنك. والبنوك تحتاج إلى عملاء».»

شكل ٦-١٠: إعلان مطبوع: «هل أنت طبيعي؟»

الوكالة الإعلانية: مؤسسة وورك، ريتشموند، فيرجينيا.

المدير الإبداعي: كارولين تاي ماكجورج.

المخرج الفني والمصمم: كابيل هاريس.

كاتب الإعلان: كاثلين لين.

العميل: كريستار بنك.

«استخدمت الحملة المنشورة في الصحف مزيجًا من العناوين العريضة الاستباقية، واللون الموحد، والمحتوى الإعلاني القصير، وكانت الإعلانات واضحة ولا تُنسى. ونظرًا لأن الوكالة كانت منتبهة للأمر الذي ينص على «إتمام الإعلان بأقصى سرعة ممكنة»، فقد جعلت الإعلان كله نصيًّا؛ ومِن ثَمَّ قللت الوقت المطلوب لتنفيذ الإعلان (الذي كان سيتضاعف في حالة استخدام رسوم أو صور).»

(ب) اختبار «هل أبدو مثل عرض البيع الترويجي؟»

بعض العناوين من عينة «نقدم الطعم القوي لغموس الجبن الرائع» تبدو عروض بيع ترويجية سيئة. والبعض الآخر المكتوب بطريقة تقل عن نظيرتها سوءًا — على شاكلة «ستحب غموس الجبن الجديد والمحسن الذي نقدمه.» — يبدو أيضًا مثل عرض البيع الترويجي.

وبمجرد الانتهاء من كتابة العنوان أو المحتوى الإعلاني فإنه يوصى بشدةٍ باختباره عن طريق قوله جهرًا. هل يبدو رسميًّا؟ أو يشبه كلام رجل المبيعات المزعج الذي يحاول أن يبيعك شيئًا ما؟ يجب أن يبدو مثل عبارةٍ يمكن أن تقولها في حوار مع أحد الأصدقاء.

على سبيل المثال، زعْم «أنت أوفر حظًّا مما تظن» في إعلان كازينو ميستيك ليك (شكل ٦-١١) الذي صممته وكالة هانت أدكينز يبدو كجملة مألوفة، فضلًا عن أنه مكتوب بطريقة حوارية طبيعية.

(٤) الأسلوب

يقول إريك سيلفر المدير الإبداعي التنفيذي في وكالة بي بي دي أوه وورلد وايد، نيويورك: «إن مفتاح ابتكار لإعلان رائع هو العثور على الفكرة الواضحة الوجيزة المثيرة. وهذا ينطبق على كلِّ الوسائل الإعلانية: الطباعة والإذاعة والتليفزيون، والإعلانات الخارجية … إلخ.» وبمجرد توليد الفكرة يجب أن تكون طريقة صياغة المحتوى ناقلة للرسالة على نحو ملائم. إن أسلوب الكتابة يُسهم في الرسالة مثلما يُسهم اختيار الخطوط في الطابع العام.

شكل ٦-١١: الوكالة الإعلانية: هانت أدكينز، منيابوليس.

المدير الإبداعي وكاتب الإعلان: دوج أدكينز.

المدير الإبداعي المساعد والمخرج الفني: ستيف ميتشيل.

العميل: ميستيك ليك كازينو.

«عنوان هذين الإعلانين المُسلِّيَين حقًّا هو: «أنت أوفر حظًّا مما تظن.»»

على سبيل المثال، أسلوب المحتوى الإعلاني في حملة وكالة مولين لصالح «هاوتن ميفلين» (شكل ٦-١٢) مناسب على نحو مثالي للأمر المطلوب: «ارفع مستوى لغتك.»

هل ستكتب حملة مناهضة للمخدرات موجَّهة للأطفال وحملة مناهضة للمخدرات موجَّهة للآباء بالطريقة نفسها وبالإيقاع نفسه، وباللغة نفسها؟ كما هو الحال دائمًا، فهم الجمهور ضروري في كتابة المحتوى الإعلاني الناجح. فلكي تُقنع شخصًا بالتبرع بالدم أو بالتبرع بالمال لإحدى الجمعيات الخيرية يجب أن تخلق رابطًا. يجب أن تلمس أعماق القارئ العاطفية، أن تجعله يتمكن من العثور على شيء وثيق الصلة بتجربته، وأن يتحفَّز قائلًا: «آه حقًّا، هذا صحيح!» «إنك تتحدث عني.» «أنت تعرفني.» فمن الضروري أن يكون المحتوى الإعلاني وثيق الصلة تمامًا بالفرضية الإعلانية ومناسبًا تمامًا للجمهور. على سبيل المثال، الإعلان الموجَّه إلى سائحين يزورون مدينة نيويورك يحمل الطابع الذي يتوقعه السائحون ويجدونه محبَّبًا في سكان نيويورك الصريحين (شكل ٦-١٣).

شكل ٦-١٢: حملة إعلانية مطبوعة: «يدور» و«مائي» و«يتجول».

الوكالة الإعلانية: مولين، وينام، ماساتشوستس.

المسئول الإبداعي: إدوارد بوش.

المدير الإبداعي: جيم هجار.

المخرج الفني: بول لافي.

كاتب الإعلان: براين هيس.

المصور الفوتوغرافي: دان نوري.

متخصص الفنون الرقمية (ديجيتال أرتيست): دايف نادو.

العميل: هاوتن ميفلين.

© مولين.

«باستخدام مرادفات أقل شيوعًا عن الكلمات المتداولة، تحثنا هذه الإعلانات على الاستعانة بالقاموس.»

شكل ٦-١٣: إعلان مطبوع: «تشبه مجلتنا كثيرًا رجل نيويورك العادي».

الوكالة الإعلانية: ديفيتو/فيردي، نيويورك.

المدير الإبداعي: سال ديفيتو.

المخرجان الفنيان: أبي أرون وروب كاردوتشي.

كاتبا الإعلان: أبي أرون وروب كاردوتشي.

العميل: «تايم أوت نيويورك».

«بالتلاعب بالكلمات على نحو ماهر، يُعبِّر هذا الإعلان عن مزايا المجلة.»

(٤-١) صوت مَن هذا؟

بصوت مَن كُتب هذا المحتوى الإعلاني؟ هل هو مكتوب من وجهة نظر العلامة التجارية؟ هل يبدو أنه يحمل صوت أحد الخبراء؟ هل هو شهادة؟ هل هو صوت شخصية في الإعلان؟

هل يأتي من شخص لا نراه في الإعلان؟ هل محتوى الإعلان يخبرك بما يجب أن تفعل أو كيف يجب أن تتصرف؟ هل العنوان يأخذ طابع حديث الأمهات مع أطفالهن؟ هل يبدو كما لو كان صديقًا يُسدي إليك النصح؟ إن الكلمات تأخذ صوتًا معينًا في أي إعلان.

من المحتمل أن يكون العنوان بصوت شخص مُصوَّر في الإعلان، كما في حالة الإعلان الساخر للنظارات الشمسية إيه جيه (شكل ٦-١٤). أم هل يمثل الصوت العلامة التجارية كما في حملة الخطوط الجوية الأمريكية حيث النغمة صادقة والكلمات تعبر عن رسالة مهمة (شكل ٦-١٥)؟

شكل ٦-١٤: إعلان مطبوع: «لا تدع عينيك تفضحان أمرك».

الوكالة الإعلانية: كارمايكل لينش، منيابوليس.

المدير الإبداعي: جيم نيلسون.

المخرج الفني: جيمس كلوني.

كاتب الإعلان: توم كامب.

المصور الفوتوغرافي: رون كروفوت.

العميل: نظارات شمس إيه جيه.

«تظهر الفائدة الوظيفية للنظارات الشمسية من خلال صورة مقتطعة من وجه تركز على تعبير العيون يصحبها محتوًى لا علاقة له بالنظارات.»

شكل ٦-١٥: حملة إعلانية مطبوعة: «مستلزمات مكتبية».

الوكالة الإعلانية: زوبي أدفرتايزينج، كورال جيبلز، فلوريدا.

مخرج فني أول: خوسيه رييس.

كاتب إعلان أول: ألبرتو أورسو.

متخصص المشتريات الفنية: خورخيه شيرينو.

المدير الإبداعي المساعد: هيكتور فابيو برادو.

نائب المدير الإبداعي: إيمي باثكيث.

العميل: الخطوط الجوية الأمريكي.

«كان هدف الحملة تحطيم النموذج التقليدي لدعاية التنوع العرقي. فبدلًا من إظهار مجموعة من العرقيات المختلفة، اخترنا نهجًا بسيطًا للغاية ومباشرًا؛ فالأشخاص ليسوا أشياء ويجب ألَّا يعاملوا على هذا النحو. ومنحتنا البرامج الكثيرة والمتنوعة التي تتناول موضوع التنوع العرقي المطبقة بالفعل لدى الخطوط الجوية الأمريكية العتاد اللازم لانتهاج هذا النهج الجريء.»

زوبي أدفرتايزينج

يمكننا معرفة من الذي يتحدث إلينا من سياق الإعلان ككل؛ الكلمات بالإضافة إلى الصور. بالإضافة إلى ذلك، يعبر المحتوى أيضًا عن نبرة أو حالة معينة. فقد يبدو رسميًّا أو غير رسمي، أو مؤسسيًّا أو علميًّا أو وديًّا أو ناقدًا أو من الممكن أن يعكس أي طابع آخر. وفي واقع الأمر يخبرنا إعلان وكالة كول ماكفوي لصالح إدارة السياحة في مينيسوتا مَن الذي يتحدث إلينا (شكل ٦-١٦)؛ إذ يتخذ شكلًا أشبه بمذكرة عفوية يقترح فيها أحد «زملاء العمل» على زميله أخذ قسط من الراحة التي يحتاجها كثيرًا مع بعض المرح الباعث على الاسترخاء من خلال استكشاف مينيسوتا.

شكل ٦-١٦: إعلان مطبوع: «خذ إجازتك من فضلك، أنت وزملاؤك».

الوكالة الإعلانية: كول + ماكفوي، منيابوليس.

المدير الإبداعي: جون جارفيس.

المخرج الفني: جون مونتجومري.

كاتبا الإعلان: إريك هازباند وديف كيبر.

المصور الفوتوغرافي: لين كينيدي.

العميل: مكتب السياحة في مينيسوتا.

© ٢٠٠٢ مكتب السياحة في مينيسوتا.

«عنوان مقنع مقرون بصورة تُوحي بالإجازة المنعشة وتعبر عن رسالة مفادها أن كثيرًا منا يحتاج إلى وقت لاستكشاف ولايات مثل ولاية مينيسوتا.»

(٥) عملية الكتابة

ينصح تيم ديليني من وكالة ليجاس ديليني والمشهور بعناوينه الماهرة والحاذقة وسخريته اللاذعة فيقول: «أشعر بأريحية كبيرة تجاه الكتابة، لدرجة أنني أكتب فحسب. أنا لا أخافها. ولا أقول لنفسي: «يا إلهي لن أتغلب على ذلك أبدًا.» لقد تعلمت هذا عندما كنت صغيرًا … ففي بداية حياتي المهنية أخبرني أحد الأشخاص أن كل ما يجب فعله عندما أتعرض لنوبة من العجز عن الكتابة هو الاستمرار في كتابة أي هُراء قديم. وسوف تأتيني الأفكار في النهاية. إلا أن بعض الأشخاص لا يفعلون ذلك؛ فهم يجلسون يعتصرون أيديهم في يأس، أو ينهضون وينسحبون من المهمة.»2

إن الفكرة تؤدي إلى فكرة أخرى عادةً؛ فعندما تكتب ستكون في حالة تفكير.

  • اكتب كثيرًا: أثناء الكتابة من الممكن أن تولد فكرة للعنوان. اكتب عددًا لا بأس به من الأسطر.
  • ينبغي اعتبار الكتابة فرصة للعب: فالعب بكل طاقتك، واستمتع بالعملية.
  • عندما تبدأ في كتابة الأسطر، استمر في الكتابة: لا تحكم على ما كتبت إلا بعد وقت طويل. وفيما بعد ستكون مضطرًّا إلى تعديل ما كتبت.
  • التعديل: المراجعة والتعديل جزء لا يتجزَّأ من فن الكتابة.

(٦) عزِّز مهارتك في الكتابة

اقرأ، اقرأ، اقرأ.

اقرأ الأدب الرفيع، اقرأ الروايات الحزينة والكوميدية. جَرِّب أنواعًا أدبية مختلفة. اقرأ الكثير من الصحف اليومية التي تفوز بالجوائز الصحفية.

أهم أمر يمكن أن تفعله لتحسين كتابتك هو أن تكتب وتكتب وتكتب. وجرب أيضًا أيًّا من تمارين الكتابة التالية:
  • اكتب مذكراتك.

  • اكتب خطابات للأصدقاء.

  • اكتب أوصافًا مضحكة للأشياء.

  • اكتب كلمات أغانٍ عن مكونات حساء الطماطم.

  • اقرأ واسمع واكتب.

يقول جريج وازياك المدير الإبداعي (وكاتب الإعلانات) في وكالة كونسبت فارم إن أفضل تمارين كتابة الإعلانات تأتي من كتابة إعلانات الإذاعة؛ فكتابة الإعلانات للإذاعة تعلمنا التوقيت وسرد القصة؛ إذ لا توجد في هذا النوع من الإعلانات صور للفت انتباه الشخص؛ فالأمر كله معتمد على الكلمات والإيقاع والسرعة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤