في عيد الفطر

نظمت في عيد الفطر لسنة ١٣٥٣ﻫ
النورُ فاضَ فأهلًا أيُّها العِيدُ!
ما العِيدُ إن لم يكنْ للنَّاسِ تَعْييدُ؟
كم مَرَّ عِيدٌ فلم نَحفلْ بهِ ألمًا!
والآنَ في كلِّ يومٍ حولنا العيدُ
حُريَّة الناسِ لا شيءٌ يُعادِلُها
وما لغيرِ مَعانيها الأناشيدُ
بها الحياة حياةٌ لا حُدودَ لها
حين الفِداءُ لها مَجْدٌ وتَخليدُ
يا عِيدُ، أهلًا وأهلًا بعدَ مرحلةٍ
لا الحَيُّ فيها ولا فيها المواليدُ
تلك السِّنون من الأعمارِ ما حُسِبَتْ
وإنْ تَكنْ كثرتْ فيها المواعيدُ
طغَى الفسادُ بها طغيانَ ذِي شَرَهٍ
بئستْ وبئستْ لنا أحداثها السُّودُ
شالتْ أسانيدُها في كلِّ مَظلمةٍ
فما انتصفنا، ولم تُجدِ الأسانيدُ
سَلْني؛ فإني خبيرٌ بالذي اقترفتْ
كأنما العدلُ معدودٌ ومفقودُ
سَلْني؛ فإني امتحنتُ القومَ في نوَبي
فلم يكن لهمو في الحقِّ تسديدُ
لا يرفعون سوى أبناءِ شِيعَتهم
ومَنْ عَداهُمْ فتصفيدٌ وتشريدُ
حتى المودَّاتُ إنْ كانت مُنزَّهةً
تُداسُ حين جنى الودَّ المناكيدُ
بَرِئْتُ منهم ولو نالوا حقوقَ دمي
فكلهم مِن رِضَى الأوطانِ مطرودُ
إنْ ضاعَ إحسانُ ظني بينهم سَرَفًا
فقد عرفتُ به أينَ الرعاديدُ
وما بكيتُ على صدقي ولا شَممي
ولا ودادي، فما للنُّبلِ تبديدُ
لكن بكيتُ على أهلي، على وطني
وبين أقطابهِ جانٍ ورِعديدُ

•••

يا عِيد، أهلًا! لعلَّ التَّجرباتِ مَضتْ
كم تجرباتٍ خرافاتٌ أباديدُ!١
لكلِّ ظلْمٍ فَنَاءٌ مِنْ طبيعتهِ
فلن تَقيهِ جنودٌ أو تَقاليدُ
ما أجملَ النُّورَ في قلبي وفي نَظَري!
مِنْ بعدِ ما حُطِّمتْ تلك الجلاميدُ
فالآنَ أفهمُ مَعْنَى العيدِ في مَرَحٍ
وأنَّ عمريَ فيه الآنَ مَعْدُودُ
وأفهمُ الملبسَ الحالي كأنَّ لهُ
حُلَى الجِنَانِ، وفيه الصفوُ مشهودُ
وأفهمُ اللهوَ ألوانًا مجَسَّدةً
مِنَ البراءةِ، لا ختلٌ وتَصفيدُ
وأستسيغُ مِنَ الأطفالِ زامرةً
كأنما قد شدا بالسِّحرِ «داوودُ»
وأستطيبُ لهم رقصًا يرنحني
والأمسَ رنَّحني همٌّ وتنكيدُ
يُهنِّئُ البعضُ بعضًا دونَ ما حَذَرٍ
ويشمل الناسَ تعييدٌ وتجديدُ
كأنما الأرْضُ قد عادتْ طَهَارَتها
والجوُّ والناسُ أضواءٌ وتغريدُ
١  أباديد: ضائعة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤