الفصل الثامن

الدين

[إنَّ سَرْدنا لتاريخ هذا الجزء من حياة أبي يستحق أن يتضمن ذكرًا لبعض آرائه الدينية. وبالرغم من أنه يُوضِّح أنه لم يكن يُفكِّر في المسائل الدينية بنحوٍ منهجي ومستمر، فإننا نعرف من كلماته أنَّ الأمر كان يشغل ذهنه كثيرًا في هذه الفترة (١٨٣٦–١٨٣٩).

في أعماله المنشورة، كان مُتحفِّظًا في الحديث عن مسألة الدين، وما تركه عن هذا الموضوع لم يكن مكتوبًا بنية النشر. (والاستثناء الذي يمكن أن نذكره هو كلماتٌ قليلة جاءت بالتزامن مع مقال الدكتور أبوت «حقائق للعصور» والتي قد سمح أبي بنشرها في صحيفة «ذي إندكس».)

وأعتقد أنَّ تحفظه في الحديث عن الأمر كان نابعًا من أسبابٍ عدة، ومنها أنه كان يرى أنَّ معتقدات الفرد الدينية هي أمرٌ خاص في الأساس، ولا تخص أحدًا غيره. ويتضح ذلك في الفقرة التالية المأخوذة من أحد خطاباته في عام ١٨٧٩:1

إنَّ ماهية آرائي هي مسألة لا تعني أحدًا فيما سواي. أما وإنك قد سألت، فيمكنني أن أقول إنَّ حكمي كثيرًا ما يتذبذب … وفي أكثر حالات التذبذب تطرُّفًا، لم أكن قط ملحدًا بمعنى إنكار وجود الإله. وبصفةٍ عامة، (ولا سيما مع تقدمي في السن أكثر وأكثر) لكن ليس دائمًا؛ فإنني أعتقد أنَّ وصف «اللاأدري» هو الأصوب لوصف موقفي العقلي فيما يتعلق بالدين.

لقد كان يُحجم تلقائيًّا عن جرح مشاعر الآخرين فيما يتعلق بالأمور الدينية، وكان متأثرًا أيضًا باعتقاده بأنه ينبغي على المرء ألا ينشر رأيه في موضوع لم يمنحه قدْرًا كبيرًا من التفكير المتأني والمستمر. ويتضح تطبيقه لهذا الحذر على نفسه فيما يتعلق بمسألة الدين في خطابٍ إلى الدكتور إف إي أبوت، من كامبريدج، الولايات المتحدة (٦ سبتمبر ١٨٧١). فبعد أن يشرح أنَّ ضَعفه الناتج عن المرض قد جعله يشعر بأنه ليس «أهلًا للتفكير العميق في أعمق الموضوعات التي يمكن أن تملأ ذهن المرء»، يضيف: «بخصوص خطاباتي السابقة إليك، فقد نسيت محتواها تمامًا؛ إذ يتحتم عليَّ كتابة الكثير من الخطابات، ولا أستطيع التفكير فيما أكتبه إلا قليلًا. بالرغم من ذلك، فإنني أعتقد تمامًا أنني لم أكتب كلمةً واحدة لم أفكر فيها في ذلك الوقت، وآمل أيضًا ألا أكون قد فعلتُ ذلك، لكنني أعتقد أنك ستتفق معي في أنَّ أيَّ شيءٍ يُقدَّم إلى الجمهور يجب التفكير فيه بتروٍّ وعرضه بعناية. ولم يخطر بذهني على الإطلاق أنك قد ترغب في نشر أيِّ مُقتطَفٍ من خطاباتي، وإلا لكنتُ قد احتفظت بنسخةٍ منها. إنني أُعلن صراحة عن «خصوصية المحتوى» في بعض الخطابات، وهذا نسقٌ لم أكتسبه حتى الآن إلا بنحوٍ جزئي؛ وذلك بسبب بعض الخطابات التي كتبتُها على عَجلٍ وطُبعَت، ولم تكن تستحق أن تُطبع على الإطلاق، غير أنها مقبولة بخلاف ذلك. إنه لأمرٌ سخيف جدًّا أن أعتقد أنَّ خطابي السابق إليك يستحق أن تُرسله إليَّ مع تحديدِ أيِّ جزءٍ منه ترغب في نشره، لكن إن كنتَ ترغب في القيام بذلك، فسوف أخبرك على الفور بما إن كان لديَّ أيُّ اعتراضٍ أم لا. إنني أشعر إلى حدٍّ ما بعدم الرغبة في الإفصاح للجمهور عن آرائي في المسائل الدينية؛ إذ إنني أشعر بأنني لم أفكر في الأمر بعمقٍ كافٍ يُبرِّر الإفصاح عن آرائي للجمهور.»

ويمكنني أيضًا أن أستشهد بخطابٍ آخر إلى الدكتور أبوت (١٦ نوفمبر ١٨٧١) وفيه يوضح أبي بنحو أكثر تفصيلًا أسبابه في شعوره بأنه ليس مؤهلًا للكتابة في الموضوعات الدينية والأخلاقية:

يمكنني أن أقول بكل صدق إنَّ طلبك لي بأن أكون أحد المُساهمِين في صحيفة «ذي إندكس» يُشرِّفني كثيرًا، وأنا ممتنٌّ للغاية على المُسوَّدة. وأنا أيضًا أُكنُّ كامل التأييد للرأي القائل بأنه يجب على كل فرد أن ينشر ما يعتقد أنه الحقيقة، وأنا أحترمك كثيرًا لقيامك بذلك بقدر كبير من الإخلاص والحماس. بالرغم من ذلك، لا يمكنني الامتثال لطلبك للأسباب التي سيلي ذكرها، واعذرني إذ أذكرها ببعض التفصيل؛ إذ إنه سيُحزِنني لو بدوتُ لك فظًّا. إن صحتي ضعيفة للغاية: لا يحدث «أبدًا» أن أقضي ٢٤ ساعة دون أن أعاني فيها من التعب لساعاتٍ طويلة لا أكون قادرًا فيها على القيام بأي شيء على الإطلاق. ونتيجةً لذلك، ضاع عليَّ شهران كاملان متتاليان في هذا الفصل. وبسبب هذا الضعف، وكذلك دُوار رأسي، لا أستطيع إتقان الموضوعات الجديدة التي تستلزم قدْرًا كبيرًا من التفكير، ولا أتناول إلا الموضوعات القديمة. إنني لم أكن قط مُفكرًا أو كاتبًا سريعًا، وكلُّ ما حَقَّقتُه من إنجازات في مجال العلوم يُعزى إلى التفكير الطويل والصبر والمثابرة.

حسنًا، لم يسبق لي من قبل أن فكَّرتُ بنحوٍ منهجي في الدين وعلاقته بالعلم أو في الأخلاق وعلاقتها بالمجتمع، وبدون أن أُركِّز تفكيري على مثل هذه الموضوعات لفترةٍ «طويلة،» لن أكون قادرًا حقًّا على كتابةِ أيِّ شيءٍ يستحق النشر في صحيفتك.

لقد سُئل عن آرائه بشأن الدين أكثر من مرة، ولم يكن يعترض عادةً على فعل ذلك في خطاب خاص؛ ومِن ثَمَّ، فقد كتب الردَّ التالي إلى طالب هولندي (٢ أبريل ١٨٧٣):

إنني أثق في أنك سوف تعذرني في الكتابة بعد فترةٍ طويلة حين أخبرك بأنني كنت مريضًا منذ وقتٍ طويل، وأنا الآن بعيد عن بيتي للحصول على بعض الراحة.

ليس من الممكن أن أجيب عن سؤالك باختصار، ولستُ متأكدًا إن كنتُ أستطيع القيام بذلك أم لا، حتى إذا كتبت ببعض الإسهاب. بالرغم من ذلك، يمكنني أن أقول إنَّ عدم إمكانية تصوُّر أنَّ هذا الكون العظيم المليء بالعجائب، وكذلك ذواتنا الواعية، قد نشأ عن طريق الصدفة هو ما يبدو لي أنه الحُجة الأساسية لوجود إله؛ أمَّا عما إذا كان لهذه الحجة قيمةٌ حقيقة أم لا، فهذا ما لم أتمكن قط من تحديده. إنني أُدرك أننا إذا سلَّمنا بوجود سببٍ أول، فإنَّ العقل سيظل يطالب بأن يعرف من أين أتى وكيف. وكذلك لا يمكنني أن أُغفل الصعوبة المرتبطة بوجود كل هذا القدْر من المعاناة في العالم. وأنا أميل أيضًا إلى الانصياع بعض الشيء إلى حُكم العديد من الرجال البارعين الذين كانوا يؤمنون تمامًا بالإله، غير أنني أيضًا أدرك مدى ضعف هذه الحُجة. ويبدو لي أنَّ النتيجة الأسلم هي أنَّ هذا الموضوع بأكمله يتجاوز نطاق العقل البشري، لكن يمكن للمرء أن يقوم بواجبه.

ومرةً أخرى في عام ١٨٧٩، بعث إليه طالبٌ ألماني، يسأله بطريقةٍ مشابهة. وقد أجاب عن الخطاب أحد أفراد عائلة أبي، وقد كتب ما يلي:
يرجوني السيد داروين أن أقول إنه يتلقى عددًا كبيرًا جدًّا من الخطابات، فلا يمكنه الإجابة عنها كلها.
وهو يرى أنَّ نظرية التطوُّر تتوافق تمامًا مع الإيمان بوجودِ إله، لكنك يجب أن تتذكر أنَّ الأشخاص يختلفون في تعريفهم لما يقصدونه بكلمةِ إله.
غير أنَّ ذلك لم يُرضِ الشاب الألماني الذي كتب مرةً أخرى إلى أبي، وتلقى منه الرد التالي:

إنني منشغل للغاية، وأنا رجلٌ عجوز ومريض ولا يمكنني أن أبذُل وقتي في الإجابة عن أسئلتك بنحوٍ كامل، وهي أسئلة في واقع الأمر لا يمكن الإجابة عنها. ليس للعلم أيُّ علاقة بالمسيح، باستثناءِ أن طابع البحث العلمي يجعل المرء حذِرًا في الإقرار بصحة الأدلة. أمَّا عن نفسي، فأنا لا أعتقد أنه كان هناك أيُّ وحيٍ على الإطلاق. وأمَّا عن وجود حياةٍ تالية، فيجب على كلِّ امرئٍ أن يختار لنفسه من بين الاحتمالات الغامضة المتعارضة.

والفقرات التالية هي مقتطفات، مختصَرة بعض الشيء، من جزء من السيرة الذاتية التي كتبها أبي عام ١٨٧٦، وهو يُوضِّح فيها تاريخ آرائه الدينية:

على مدى هذَين العامَين [من أكتوبر ١٨٣٦ إلى يناير ١٨٣٩] اتجهتُ إلى التفكير كثيرًا بشأن الدين. على متن «البيجل»، كنت متدينًا إلى حدٍّ ما، وأَتذكَّر أنَّ العديد من الضباط كانوا يسخرون مني بشدة، (بالرغم من أنهم أنفسهم كانوا مُتدينِين)؛ ذلك أنني كنت أستشهد بالإنجيل بصفته حجةً دامغة في القضايا التي تتعلق بالأخلاق. أعتقد أنَّ حداثة النقاش هي ما كان يُمتِعُهم. لكن بحلول هذا الوقت؛ أي الفترة بين ١٨٣٦ و١٨٣٩، بدأت أرى تدريجيًّا أنَّه لا يمكن تصديق العهد القديم أكثر مما يمكن تصديق الكتب الهندوسية المقدَّسة. وقد ظلَّت هذه المسألة تشغل ذهني ولا تبرحه: أيُعقل أنه إذا كان الإله قد أنزل وحيًا للهندوس، أن يسمح له بأن يكون له علاقة بالإيمان بفينشو وسيفا وغيرهما، مثلما أنَّ المسيحية لها علاقة بالعهد القديم؟ وقد بدا لي أنَّ هذا الأمر لا يُعقل على الإطلاق.

وبالمزيد من التفكير في أنَّ البراهين الواضحة ستكون ضرورية لأيِّ شخصٍ عاقل لكي يؤمن بالمعجزات التي تؤيد المسيحية، وأنه كلما زادت معرفتنا بقوانينِ الطبيعة الثابتة، بدتِ المعجزات أمرًا لا يُصدَّق بدرجةٍ أكبر، وأنَّ الرجال في ذلك العصر كانوا جاهلِين وسريعِي التصديق بدرجةٍ نكاد ألا نُدركها على الإطلاق، وأنه لا يمكن إثبات أنَّ الأناجيل لم تُكتب بالتزامن مع الأحداث، وأنها تختلف فيما بينها في العديد من التفاصيل المهمة، التي قد بدت لي أنها مهمةٌ للغاية بحيث لا يمكن أن نعزُوها إلى الدرجة المعتادة من عدمِ دقةِ شهود العيان؛ من خلال مثل هذه الأفكار، والتي لا أذكرها على أساس أنَّها مبتكرة أو قيِّمة وإنما لأنها قد أَثَّرت فيَّ، بدأتُ تدريجيًّا في عدم الإيمان بالمسيحية بصفتها وحيًا إلهيًّا. وقد كان لحقيقةِ أنَّ العديد من الأديان المزيَّفة قد انتَشرَت في أجزاءٍ كبيرة من الأرض كالنار في الهشيم، تأثيرٌ كبير عليَّ.

غير أنني كنتُ عازفًا تمامًا عن التخلي عن إيماني، وأنا واثق من هذا؛ إذ يمكنني أن أتذكر جيِّدًا أنني كثيرًا ما كنت أتخيل أحلام يقظة عن خطاباتٍ قديمة بين الشخصيات الرومانية البارزة، وعن مخطوطات تُكتشف في بومبي أو غيرها، وتؤكِّد بوضوحٍ قاطعٍ كلَّ ما ورد في الأناجيل. بالرغم من ذلك، فقد كنت أجد صعوبةً أكبر، مع تحرير نطاقِ عقلي، في أن أجد أدلةً تكفي لإقناعي؛ ومِن ثَمَّ، فقد تسلل إليَّ عدم التصديق بالدين ببطءٍ شديد، لكنه اكتمل في النهاية. وقد كان تسلُّله بطيئًا للغاية حتى إنني لم أشعُر بأي جزَع.

وبالرغم من أنني لم أفكر كثيرًا في وجود إله شخصي حتى فترة متأخرة بدرجة كبيرة نسبيًّا من حياتي، فإنني سوف أذكر هنا النتائج المبهمة التي توصلتُ إليها. إنَّ الحجة القديمة المتمثلة في مسألة التصميم الذكي، والتي قال بها بيلي، وكنتُ أجد أنها حجةٌ حاسمة فيما سبق، قد سَقطَت الآن بعد اكتشاف قانون الانتقاء الطبيعي؛ فعلى سبيل المثال، لا يمكننا أن نجادل الآن بأنَّه لا بد أنَّ كائنًا ذكيًّا هو الذي صنع المفصلة الجميلة في ذوات الصدفتَين، مثلما أنَّ الإنسان هو الذي يصنع مفصلة الباب. يبدو أنَّ قابلية الكائنات العضوية للتباين وفعل الانتقاء الطبيعي، لا ينطويان على تصميم بأكثر مما تنطوي عليه الرياح في هبوبها. غير أنني قد تناولتُ هذا الموضوع في نهاية كتابي «تباين الحيوانات والنباتات تحت تأثير التدجين»، وأعتقد أنَّ الحُجة الواردة هناك ليس لها تفنيد حتى الآن.

لكن مع غض الطرف عن أساليب التكيُّف الرائعة اللانهائية التي نجدها في كل مكان، يمكن أن يُطرح السؤال التالي: كيف يمكن تفسير الترتيب الخيِّر بوجه عام للعالم؟ إنَّ بعض الكُتاب متأثرون بالفعل بشدةٍ بحجم المعاناة في العالم، حتى إنهم يشكون فيما إذا كنا سنجد سعادة أم شقاءً أكبر إذا نظرنا إلى جميع الكائنات الواعية في العالم، ومما إذا كان العالم في مجمله جيدًا أم سيئًا. أمَّا عن رأيي، فأنا أعتقد أنَّ السعادة هي التي تسود قطعًا، غير أنه من الصعب جدًّا إثبات ذلك. وإذا سلمنا بصحة هذه النتيجة، فإنها سوف تتناغم تمامًا مع ما يمكن أن نتوقعه من آثار الانتقاء الطبيعي. فإذا كان جميع أفراد أيِّ نوعٍ مُعيَّن يعانون عادةً بأقصى درجة؛ فإنهم سوف يُحجِمون عن الإكثار من نوعهم، وما من سببٍ لدينا يجعلنا نعتقد أنَّ ذلك حدث على الإطلاق، أو حتى كان يحدث غالبًا على الأقل. وإضافةً إلى ذلك، فإنَّ بعض الاعتبارات الأخرى تقودنا إلى الاعتقاد أنَّ جميع الكائنات الواعية، قد تَشكَّلت لكي تستمتع، بصفةٍ عامة، بالسعادة.

إنَّ جميع من يعتقدون مثلما أعتقد أنَّ جميع الملكات الجسدية والذهنية (باستثناء تلك التي لا تمثل ميزة ولا عيبًا لمالكها) في جميع الكائنات قد تطورت من خلال الانتقاء الطبيعي أو من خلال البقاء للأصلح، سواء من خلال الاستخدام أو العادة، سيتقبلون أنَّ هذه الملكات قد تشكَّلت حتى يتمكن مالكوها من النجاح في المنافسة مع الكائنات الأخرى؛ ومِن ثَمَّ، يزدادون عددًا. والآن، قد يتجه أحد الحيوانات إلى اتباع المسار الذي يكون الأكثر نفعًا للنوع؛ إمَّا من خلال المعاناة، مثل الجوع والعطش والخوف، أو من خلال المتعة، مثل الطعام والشراب وتكاثُر النوع وما إلى ذلك، أو من خلال الجمع بين الوسيلتَين معًا، كما في البحث عن الغذاء. لكن إذا استمر الألم أو المعاناة من أيِّ نوع لفترةٍ طويلة، فإنَّ ذلك يتسبب في اكتئاب الكائن ويُقلِّل من قوة حركته، لكنه يجعل الكائن قادرًا على حماية نفسه ضد أيِّ أخطارٍ كبيرة أو مفاجئة. أما المشاعر الممتعة، على الجانب الآخر، فيمكن أن تستمر لفترةٍ طويلة دون أن تولِّد أيَّ مشاعرِ اكتئاب؛ فهي على العكس من ذلك، تحفِّز النظام بأكمله لزيادة الحركة؛ ومِن ثَمَّ، يتضح من هذا أن تطوَّرت معظم الكائنات الواعية أو كلها بهذه الطريقة من خلال الانتقاء الطبيعي، والتي تكون مشاعر المتعة فيها بمثابةِ أدلةِ التوجيه المعتادة لهذه الكائنات. ونحن نرى هذا في المتعة التي نستمدها من الإجهاد، وحتى أحيانًا من الإجهاد الكبير للجسد أو الذهن، وكذلك في المتعة التي نستمدها من وجباتنا اليومية، وعلى وجه الخصوص في المتعة التي نستمدها من التواصل الاجتماعي وكذلك من حُب عائلاتنا. ومحصلة مثل هذه المشاعر الممتعة، والتي تحدث عادةً أو تتكرر باستمرار، تُوفِّر لمعظم الكائنات الواعية، وأنا لا أشك في ذلك، سعادةً يفوق قَدْرها ما يجدونه من شقاء، بالرغم من أنَّ بعضها يُعاني كثيرًا في بعض الأحيان. وتتوافق هذه المعاناة مع الإيمان بالانتقاء الطبيعي، والذي لا يكون مثاليًّا في فعله، غير أنه يفيد في أن يجعل كلَّ نوعٍ من الأنواع ناجحًا بأكبر قَدرٍ ممكن في معركة الحياة مع الأنواع الأخرى، في ظل مجموعة من الظروف المتغيرة والمعقدة بنحوٍ مدهش.

إنَّ أحدًا لا ينكر وجود قَدرٍ كبير من المعاناة في العالم. وقد حاول البعض أن يُفسِّروا ذلك فيما يتعلق بالإنسان بتصور أنَّها تساعد في تحسين وضعه الأخلاقي، لكنَّ عدد البشر لا يُقارَن على الإطلاق بعدد الكائنات الواعية الأخرى، وهي التي كثيرًا ما تُعاني دون أيِّ تحسينٍ أخلاقي. ويبدو لي أنَّ هذه الحُجة القديمة المتمثلة في وجود المعاناة في مقابلِ وجودِ سببٍ أَوَّل ذكي هي حُجةٌ قوية، غير أنَّ وجود هذا القدْر الكبير من المعاناة، يتفق، كما أوضحنا، مع الرؤية القائلة بأنَّ جميع الكائنات العضوية قد تطوَّرَت من خلال التباين والانتقاء الطبيعي.

في الوقت الحاضر، تُستمد الحجة الأكثر شيوعًا لوجودِ إلهٍ ذكيٍّ من القناعات والمشاعر الداخلية العميقة التي يختبرها معظم الأشخاص.

في وقتٍ سابق، قادتني مثل هذه المشاعر التي أشرتُ إليها للتو (بالرغم من أنني لا أعتقد أنَّ الشعور الديني قد نما بقوة لديَّ في أيِّ يومٍ من الأيام) إلى الاعتقاد الراسخ بوجود إله، وبخلود الروح. وفي يومياتي كتبتُ ما يلي بينما أقف في قلبِ عظمةِ إحدى الغابات البرازيلية: «ليس من الممكن أن أعطي فكرةً مناسبة عن هذه المشاعر السامية بالدهشة والإعجاب والتفاني، وهي التي تملأ العقل وتسمو به.» وأنا أتذكر جيدًا أنني كنت مقتنعًا أنَّ الإنسان ينطوي على ما هو أكثر من النفَس الذي يدخل إلى جسده ويخرج منه. أمَّا الآن، فأكثر المناظر عظمة لن تبُث في عقلي مثل هذه المشاعر والأفكار. وربما يصح القول بأنني قد أصبحتُ مثل رجلٍ أُصيب بعمى الألوان؛ لذا، فإن الاعتقاد السائد لدى البشر بوجود اللون الأحمر، ينفي أيَّ قيمةٍ لاستخدام عدم قدرتي على تمييز اللون الأحمر كدليل. وستكون هذه الحُجة سليمةً إذا كان كل البشر من جميع الأعراق لديهم هذا الاعتناق الداخلي بوجودِ إلهٍ واحد، لكننا نعرف أنَّ ذلك بعيدٌ كلَّ البعد عن الواقع؛ ولهذا، لا يُمكِنني أن أرى أيَّ قيمةٍ لاستخدامِ مثلِ هذه الاعتقادات والمشاعر الداخلية كدليلٍ على ما يُوجد فعلًا. إنَّ تلك الحالة الذهنية التي أثارتها فيَّ المناظر العظيمة قبل ذلك، وهي التي ارتَبطَت بصورةٍ وثيقة بالإيمان بالإله، لم تكن تختلف بصورةٍ جوهرية عما ندعوه عادةً بالشعور بالتسامي، وبالرغم مما قد يُوجد من صعوبة في تفسير نشأة هذا الشعور، فلا يمكن تقديمه على أنه حُجة بوجود الإله، مثلما أنه لا يمكننا تقديم ما يشبهه من المشاعر القوية الغامضة التي تثيرها فينا الموسيقى على أنه حُجة على ذلك.

وأمَّا عن الفَناء، فما من شيءٍ يُوضِّح لي [بوضوحٍ شديد] أنَّه اعتقادٌ قوي وشبه فطري، كالتفكير في وجهة النظر التي يقول بها الآن معظم علماء الفيزياء، وهي أنَّ الشمس وجميع الكواكب، ستغدو باردةً جدًّا بمرور الوقت؛ فلا تصبح مناسبة لاستمرار الحياة، إلَّا أن يصطدم جسمٌ كبير للغاية بالشمس؛ فيمنحها حياةً جديدة. ولمَّا كنت أعتقد أنَّ الإنسان سيصير في المستقبل البعيد أكثر كمالًا بدرجةٍ كبيرةٍ مما هو عليه الآن، فإنني أجد أنَّ التفكير بأن مصيره وهو وجميع الكائنات الواعية الأخرى إلى الاندثار التام، بعد مثل هذا التقدُّم البطيء المستمر على مدى فترةٍ طويلة، فكرة ليست معقولة. أمَّا بالنسبة إلى الذين يتقبَّلون تمامًا خلود الروح الإنسانية، فإنَّ الهلاك التام لعالمنا لن يبدو مُروِّعًا جدًّا.

وثَمَّةَ سببٌ آخر، مرتبط بالعقل لا بالعاطفة، للاقتناع بوجود إله، وأنا أرى أنَّ له ثقلًا أكبر كثيرًا من غيره. وهو ينبع من الصعوبة الشديدة، بل استحالة تصور أنَّ هذا الكون الضخم والرائع، بما في ذلك الإنسان وقدرته على النظر في الماضي وكذلك المستقبل، هو نتيجة صدفة أو ضرورة. وحين أفكر في هذا، أجد أنني مرغم على أن أتطلَّع إلى سببٍ أول يتمتع بعقلٍ ذكي يشبه عقل الإنسان بدرجةٍ ما، وأنني أستحق أن أُدعى مؤمنًا. لقد كانت هذه النتيجة حاضرة في ذهني بقوةٍ قُرابة الوقت الذي كنت أكتب فيه «أصل الأنواع»، ومنذ ذلك الوقت، أصبحت تضعف تدريجيًّا، مع تعرُّضي للعديد من التقلُّبات. غير أنَّ الشك يظهر مرةً أخرى هنا؛ هل من الممكن أن نثق في عقلٍ كعقل الإنسان، الذي أعتقد أنه تطوَّر من عقلٍ بسيط للغاية كعقول أدنى الحيوانات مرتبة، في التوصُّل إلى مثل هذه الاستنتاجات الخطيرة؟

لا يمكنني الزعم أنني قد ألقيتُ الضوء على هذه المعضلات ولو بقَدرٍ ضئيل للغاية. إنَّ لغز بداية الأشياء جميعها من المشكلات التي لا يمكننا حلها، وأمَّا بالنسبة لي، فإنني راضٍ بأن أظل لا أدريًّا.

إنَّ الخطابات التالية تُكرِّر إلى حدٍّ ما ما ورد في السيرة الذاتية التي كتَبها عن نفسه. ويُشير الخطاب الأول إلى مقال «حدود العلم: حوار» الذي نُشر في مجلة «ماكمِلان ماجازين»، في عدد يوليو ١٨٦١.]

من تشارلز داروين إلى الآنسة جوليا ويدجوود
١١ يوليو [١٨٦١]

لقد أرسل إلينا أحدهم مجلة «ماكمِلان ماجازين»، ولا بد لي أن أخبركِ بإعجابي الشديد بمقالكِ. بالرغم من ذلك، فعليَّ أن أعترف بأنني لم أستطع أن أفهم مقصدكِ بوضوح في بعض الأجزاء، والسبب الأساسي في ذلك على الأرجح هو أنني لم آلف تسلسُلات الأفكار الميتافيزيقية على الإطلاق. أعتقد أنكِ تفهمِين كتابي [أصل الأنواع] تمام الفهم، وهو أمرٌ يندر حدوثه مع نُقادي. إنَّ الأفكار الواردة في الصفحة الأخيرة من المقال قد وَردَت على ذهني بنحوٍ مبهم لمراتٍ عديدة. وبفضل العديد من مراسليَّ، اتجهت مؤخَّرًا إلى التفكير، أو بالأحرى إلى محاولة التفكير، في بعض النقاط الأساسية التي تناولتِها، غير أنَّ النتيجة هي أنني دخلتُ في متاهة؛ الأمر يشبه التفكير في أصل الشر، وهو الأمر الذي تُشيرين إليه. إنَّ العقل يأبى أن ينظر إلى هذا الكون، بالحالة التي هو عليها، دون أن يُفكِّر في أنه قد جرى تصميمه. بالرغم من ذلك، ففي الجوانب التي يتوقع فيها المرء تجلِّي التصميم بأكبرِ درجة، وأعني بذلك، في تركيب الكائنات الواعية، كلما زاد تفكيري في الموضوع، قلَّ ما أستطيع أن أجده من دليلٍ على التصميم. إنَّ آسا جراي وآخرين غيره يعتقدون أنَّ كل تباين، أو على الأقل كل تباين مفيد، (وهو ما يُشبِّهه جراي بقطرات المطر التي لا تسقط في البحر وإنما تسقط على الأرض لتخصبها) قد صُمِّم لحكمة. بالرغم من ذلك، حين أسأله عما إذا كان يعتقد أنَّ كل تباين في الحمام الجبلي، والتي توصَّل منها الإنسان من خلال التراكُم إلى الحمام النفَّاخ أو الهزاز، قد صُمم لحكمة إمتاع الإنسان أم لا، فإنه لا يعرف بمَ يجيب. وإذا تقبَّل هو أو أيُّ أحدٍ غيره أنَّ هذه التباينات عَرَضية، فيما يتعلق بغرضها (لكن ليس بالطبع فيما يتعلق بالسبب فيها أو أصلها)، فلا أرى أيَّ سببٍ يجعله لا يُصنِّف التباينات المتراكمة، والتي شكَّلت نقار الخشب المتكيف بصورةٍ رائعة، على أنها قد صُمِّمَت لحكمة؛ إذ سوف يكون من السهل تخيُّل أنَّ الحوصلة المتمددة للحمام النفَّاخ أو ذيل الحمام الهزَّاز ذاتُ فائدة لهذه الطيور في الطبيعة، لما لها من عاداتٍ حياتية غريبة. تلك هي الأفكار التي تُثير حيرتي بشأن التصميم، غير أنني لا أدري إن كنتِ ستَهتمِّين لمعرفتها أم لا …

[عن موضوع التصميم، كتب (في يوليو ١٨٦٠) إلى الدكتور جراي:

كلمةٌ أخرى عن «القوانين المصممة» و«النتائج غير المصممة». إنني أرى طائرًا أريده طعامًا لي؛ فآخذ بندقيتي وأقتله، وأنا أفعل ذلك «عن سابقِ تصميمٍ مني». وثَمَّةَ رجل بريء وصالح يقف تحت شجرة وتقتله صاعقة من البرق. هل تعتقد (وأنا أود حقًّا أن أعرف رأيك في ذلك) أنَّ الإله قد قتل هذا الرجل «عن سابقِ تصميمٍ منه»؟ إنَّ الكثير من الأشخاص أو معظمهم يعتقدون ذلك، لكنني لا أعتقد ذلك ولا أستطيع أن أفعل هذا. إن كنتَ تعتقد ذلك، فهل تعتقدُ حين يلتهم طائر السنونو ناموسة أنَّ الإله قد خطَّط مسبقًا أن يلتهم ذلك السنونو تلك الناموسة في تلك اللحظة المحددة؟ إنني أعتقد أنَّ الإنسان والناموسة في المأزق نفسه. إذا لم يكن موت الإنسان ولا موت الناموسة عن سابقِ تصميم، فأنا لا أجد أيَّ سببٍ جيد للاعتقاد بأنَّ «أول» مُولَّدٍ أو إنتاجٍ تمَّ عن سابقِ تصميمٍ بالضرورة.]

من تشارلز داروين إلى دابليو جراهام
داون، ٣ يوليو، ١٨٨١
سيدي العزيز

أتمنى ألا يُزعِجك مني شكري الصادق لك على ما وَجدتُه من متعة في قراءة كتابك الرائع «عقيدة العلم»، بالرغم من أنني لم أنتهِ من قراءته بعدُ؛ إذ إنني أصبحتُ أقرأ ببطءٍ شديد نظرًا لكبر سني. لقد مَر وقتٌ طويل منذ أن أثار اهتمامي أيُّ كتابٍ آخر. لا بد أنَّ العمل عليه قد استغرق منك سنواتٍ عديدة وقدْرًا كبيرًا من العمل الشاق مع تخصيصِ وقت فراغك بأكمله له. إنكَ لا تتوقع على الأرجح من أيِّ شخصٍ أن يتفق معك تمامًا بشأن العديد من الموضوعات الإشكالية، وثَمَّةَ العديد من النقاط التي لا أستطيع أن أستسيغها في كتابك. والنقطة الأساسية التي لا يمكنني أن أستسيغها هي قولك بأنَّ وجودَ ما يُسمى بالقوانين الطبيعية يدل على وجودِ الغاية، وأنا لا أستطيع أن أرى صحة ذلك. بالإضافة إلى ذلك، إنَّ العديد من الأشخاص يتوقَّعون أننا سنكتشف ذات يوم أنَّ القوانين العظيمة المتعددة تنبُع بصورةٍ حتمية من قانونٍ واحد. لكن حين أنظر إلى القوانين بالطريقة التي نعرفها عليها الآن، وأنظر مثلًا إلى القمر، الذي ما تزال قوانين الجاذبية — وحفظ الطاقة بالطبع — وكذلك قوانين النظرية الذرية، ساريةً عليه، لا أستطيع أن أرى وجودَ أيِّ غايةٍ بالضرورة. أَستُوجد غايةٌ إن عاشتِ الكائنات الأدنى مَرتبةً وحدها على القمر مجردةً من الوعي؟ غير أنه ما من خبرة لديَّ في التفكير المُجرَّد، وربما أكون مخطئًا تمامًا. على أيِّ حال، لقد عبَّرتَ عن اقتناعي الداخلي، وإن كان بحيويةٍ ووضوحٍ أكبر كثيرًا مما كان يمكنني فعله، وهو أنَّ «الكون» لم ينشأ نتيجةً للصدفة. غير أنَّ الشك المُروِّع ينتابني دائمًا عما إذا كانت المعتقدات التي يتوصل إليها عقل الإنسان، والذي تطوَّر من عقلِ حيواناتٍ أدنى منه مرتبة، ذاتَ أيِّ قيمةٍ أو يمكن الوثوق بها على الإطلاق. هل يمكن لأحدٍ أن يثق في معتقداتِ عقلِ قرد، إن كان لمثل هذا العقل أي معتقدات؟ ثانيًا، أعتقد أنه يُمكِنني تقديم بعض الأدلة التي تَدحَض هذا القدْر الضخم من الأهمية وهو الذي تعزوه إلى أعظم رجالنا؛ فقد اعتدتُ على أن أنظر إلى الرجال من المرتبة الثانية والثالثة والرابعة على أنَّ لهم أهميةً عظيمة، وذلك على الأقل في حالة العلم. وأخيرًا، يمكنني أن أُقدِّم الكثير من الأدلة على أنَّ الانتقاء الطبيعي قد ساهم، ولا يزال يساهم، في تقدُّم الحضارة بقدْرٍ أكبر كثيرًا مما يبدو أنكَ مستعدٌّ للإقرار به. تَذكَّر قَدْر الخطر الذي تعرَّضَت له البلاد الأوروبية قبل قرونٍ قليلة فيما يتعلق بإخضاعها من قِبل الأتراك، ومدى سخافة مثل هذه الفكرة في الوقت الحاضر! لقد تغلَّبَت الأعراق الأكثر تحضُّرًا التي تُسمى بالأعراق القوقازية على الأتراك وهَزمَتهم هزيمةً نكراءَ في معركة الكفاح من أجل البقاء. وإذا نظرنا إلى العالم في عهدٍ ليس بالبعيد، فسنجد عددًا مهولًا من الأعراق الأقل تحضُّرًا قد أبادتها الأعراق الأكثر تحضُّرًا في جميع أنحاء العالم. غير أَنني لن أكتب أكثر من هذا، ولن أذكر النقاط الكثيرة التي أثارت اهتمامي في كتابك. لقد استلزم الأمر بالفعل أنَّ أعتذر عن إزعاجك بانطباعاتي، وعذري الوحيد هو تلك الإثارة العقلية التي كان كتابك هو السبب فيها.

أستأذنك يا سيدي العزيز أن أظل
صديقك المخلص والممتن
تشارلز داروين

[لم يتحدث والدي كثيرًا في هذه الموضوعات، وما من شيء يمكنني أن أُساهم به من ذكرياتي عن محادثاته يمكن أن يضيف شيئًا إلى الانطباعات التي ذكرناها هنا بشأن موقفه تجاه الدين. غير أنه يمكننا أن نعرف المزيد عن أفكاره من التعليقات العابرة التي نجدها في خطاباته. (في هذا الإطار، نشر الدكتور أفلينج سردًا لحوارٍ له مع أبي. وأعتقد أنَّ قُراء هذه النشرة («آراء تشارلز داروين الدينية»، فري ثوت بابليشينج كامباني، ١٨٨٣) قد يتوهَّمون أنَّ التشابُه بين آراء أبي وآراء الدكتور أفلينج، أكثر مما كان عليه بالفعل، وأنا أقول ذلك بالرغم من اقتناعي بأنَّ الدكتور أفلينج عرض انطباعاته عن آراء أبي بدقةٍ كبيرة. لقد حاول أفلينج أن يُوضِّح أنَّ مصطلح «لا أدري» ومصطلح «ملحد» مترادفان تقريبًا، وأنَّ المُلحِد هو مَن لا يؤمن بإله، دون أن ينكر وجوده؛ ذلك أنه لا يقتنع بوجود إله. وقد كانت ردود أبي تدل على تفضيله للموقف غير العدائي للأدرية. ويبدو أنَّ الدكتور أفلينج يرى (الصفحة ٥) أنَّ غياب العدائية في آراء والدي لا يجعلها تختلف عن آرائه بنحوٍ جوهري. بالرغم من ذلك، فإنني أرى أنَّ الاختلافات من هذا النوع تحديدًا هي التي تُميِّز والدي تمامًا عن فئة المُفكِّرين التي ينتمي إليها الدكتور أفلينج).]

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤