الفصل الثاني

الصور الشمالية

fig54
شكل ٢-١: بعض الصور الشمالية من صور السماء عن نسخة مطبوعة من كتاب الصوفي.

الدب الأصغر Ursa Minor

هو أقرب الصور إلى القطب الشمالي ويُرْسَم في الخرائط والكرات السماوية بصورة دب صغير قائم الذنب، وفي طرف ذَنَبِه نجم كبير من القدر الثاني (وقال الصوفي: إنه من القدر الثالث) وهو نجم القطب، ولكنه ليس في القطب تمامًا بل يبعد عنه نحو درجة و٢٠ دقيقة؛ ولذلك يدور حول القطب كل ٢٤ ساعة، ولو لم تستبِن العين دورانه لقربه من القطب، وفي الصورة ٢٤ نجمًا بين القدر الثاني والرابع، والسبعة الأنور منها تسمِّيها العرب بنات نعش الصغرى فالأربعة منها التي في شكل مربع هي النعش، والثلاثة التي على الذَّنَب بناته، وتُسمي النيرَين من المربع الفرقدَين، وتُسمي نجم القطب الجَدْي، وتسمية هذه الصورة بالدب ترجمة عن اليونانية، وفي خرافات اليونان أن يونو اغتاظت من كلستو وابنها أركاس ومسختهما دبتين ثم نقلها زفس (المشتري) إلى السماء لئلا يصيدهما الصيادون.

كوكبة الدب الأكبر Ursa Major

قال الصوفي إنَّ كواكبه ٢٧ كوكبًا من الصورة وثمانية حوالي الصورة (والمعروف الآن أن في الصورة ٨٧ نجمًا ظاهرًا، واحد منها من القدر الأول أو الثاني، وثلاثة من القدر الثاني، وسبعة من القدر الثالث، و٢٠ من الرابع والبقية من دون ذلك) وبعد أنْ ذَكَرَ مواقعها من الصورة وأقدارها خالف بطليموس في بعضها، وقال القزويني وغيره إنَّ العرب تُسمِّي الأربعة النيِّرة التي على المربع المستطيل والثلاثة التي على ذَنَبِه بنات نعش الكبرى، فالأربعة التي على المربع المستطيل نعش والثلاثة التي على الذَّنَب بنات، وتسمِّي أيضًا الأربعة التي على النعش سرير بنات نعش، وتُسمِّي النجم الذي على طرف الذَّنَب القائد والذي على وسطه العناق وفوق العناق كوكب صغير يُسمِّيه العرب السُّها وهو الذي يَمْتَحِنُ به الناس أبصارهم فيقولون: أريها السها فتريني القمر، وتُسمِّي الستة التي على أقدامه الثلاث على كل قدم منها اثنان قفزات الظبي، والقفزة الأولى وهي التي على الرِّجْل اليمنى تتبعها الصرفة، وهي الكوكب النيِّر الذي على ذَنَبِ الأسد والكواكب المجتمعة التي فوق الصرفة تسميها العرب الهلبة، وتقول ضَرَبَ الأسد بذَنَبِه الأرض فقفزت الظباء والكواكب السبعة التي على عنقه وصدره وعلى الركبتين كأنها نصف دائرة تسمَّى سرير بنات نعش وتسمَّى الحوض أيضًا، والكواكب التي على الحاجب والأذن والذَّنَب والخطم تسمَّى الظباء، تقول العرب إنَّ الظباء لمَّا نفرت من الأسد وردت الحوض، وأمَّا الثمانية التي حول الصورة اثنان منها ما بين الهلبة والقائد وأحدهما أنور من الآخر تُسمِّيه العرب كَبِد الأسد، والستة الباقية تحت القفزة الثالثة التي على اليد اليسرى ثلاثة منها أنور: هي الظباء والباقية أولاد الظباء والاثنان اللذان هما في غاية الخفاء قبل الذئبين أظفار الذئب، وقد وقعت العوائد بين الذئبين وبين النسر الواقع، فشبهت العرب النيرَين بذئبين قد طمعا في استلاب الربع، وشبَّهت العوائذ بأربع أينُق عطفن على الربع، وفي أصل الذئب كوكب يُسمَّى الذيخ وهو ذَكَرُ الضِّباع.

كوكبة التنين Draco

كوكبة التنين: وهي شكل أفعى رأسها تحت رِجْلَي الجاثي الآتي وصفه وذنبها بين الدب الأصغر والأكبر، وفيها ٨٠ كوكبًا ظاهرًا: أربعة من القدر الثاني، وسبعة من الثالث واثنا عشر من الرابع والبقية دون ذلك، وقال الصوفي والقزويني وغيرهما إنَّ كوكبة التنين واحدًا وثلاثين كوكبًا من الصورة، وليس حواليها شيء من الكواكب المرصودة، والعرب تُسمِّي الكوكب الذي على اللسان الراقص والأربعة التي على الرأس العوائذ، وفي وسط العوائذ كوكب صغير جدًّا تُسمِّيه الربع وهو ولد الناقة، وتسمِّي النيِّرَين اللذين على مؤخره الذئبين، والاثنين اللذين في غاية الخفاء قبل الذئبَين أظفار الذئب، وقد وقعت العوائذ بين الذئبين وبين النسر الواقع منعطفات على الربع، فشبَّهت العرب النيرين بذئبين قد طَمعا في استلاب الربع، وشبَّهت العوائذ بأربع أينُق قد عطفت على الربع وفي أصل الذئب كوكب يُسمَّى الذيخ كما تقدَّم.

وفي خرافات اليونان أنَّ هذا هو التنِّين الذي استعان عليه قدموس بالآلهة منرفا فقتله وقلع أضراسه وزرعها فنبتت رجالًا مُسلَّحين، وقيل: بل هو التنين الذي قتله هِرَقْل فنقله زفس إلى السماء.

fig55
شكل ٢-٢: صور التنين والدب الأصغر والدب الأكبر، وقسم من قيفاوس نقلًا عن القاموس الإنسلكوبيذي.
fig56
شكل ٢-٣: صورة التنين من نسخة خطية من كتاب الصوفي.
وله في النسخة التي أمامنا من كتاب الصوفي ثلاث حلقات كما ترى في الصورة المقابلة، أمَّا الكتب والخرائط الأوروبية فيختلف عدد حلقاته فيها من ثلاث في الصورة التي رسمناها هنا وهي تمثِّله وتمثِّل الدب الأكبر والأصغر وجانبًا من كوكبة قيفاوس إلى خمس حلقات كما في أطلس إيليا بورت Elijah H. Burritt، أو حلقتين فقط كما في أطلس توما هيث Thomas Heath.

كوكبة قيفاوس أو الملتهب Cepheus

يصوَّر في الأطالس والكتب الإفرنجية بصورة كهل في يده اليسرى قضيب أو صولجان، وعلى رأسه قَلْنَسوة أو عمامة فوقها تاج، وهو في النسخة التي أمامنا من كتاب الصوفي بصورة شاب راكع على إحدى رجليه وعلى رأسه قلنسوة، وفيه ٣٥ نجمًا ظاهرًا أكبرها من القدر الثالث بين ذات الكرسي شرقًا، ونجم ذَنَب الدجاجة المُسمَّى الردف غربًا، والقطب شمالًا إذا كان قرب الهاجرة ويعرف رأس الصورة من ثلاثة كواكب من القدر الرابع على حافة المجرَّة يتكوَّن منها مثلث صغير، وقال الصوفي إنَّ كواكبه أحد عشر كوكبًا من الصورة واثنان خارج الصورة، وهو بين القطعة الغليظة من كوكبة التنين وبين كوكب ذات الكرسي المسمَّى كف الثريَّا أو الكف الخضيب، وبين كوكب الجَدْي والنير الذي على ذنب الدجاجة الذي يُسمَّى الردف، ورأسه بين ذَنَبِ الدجاجة وبين ذات الكرسي ورِجْلاه مع كوكب الجَدْي على مثلث واسع، ثم ذكر محل كل كوكب من كواكبه وقدره في نظر بطليموس، وفي نظره وقال هو والقزويني إنَّ العرب تُسمِّي الكوكب الذي على صدره النثرة، والذي على منكبه الأيمن الفرق والدائرة التي تحصل من كواكب ذراعه، ومما هو خارج من كواكب الدجاجة من جناحها الأيمن القدر، والذي على الرِّجْل اليسرى الراعي وبين رِجْلَيه كوكب يُسمَّى كلب الراعي، وبين رِجْلَيه وبين كواكب الجَدْي كواكب صغار في وسط المثلث يسمِّيها العرب الأغنام أو الشياه.

ويُقال في خرافات اليونان إن قيفاوس ملك من ملوك الحبشة وزوجته كيسوبيا (ذات الكرسي) وإنَّ ابنتهما أندروميدا (المرأة السلسلة).

كوكبة العواء أو البقَّاء أو الصنَّاج Arctophylax أو Bootes

لها في الصورة ٥٤ نجمًا واحد منها من القدر الأول وهو السماك الرامح، وسبعة من القدر الثالث وعشرة من الرابع، قال الصوفي والقزويني إنه يُسمَّى أيضًا الصنَّاج وحارس السماك، وكواكبه اثنان وعشرون كوكبًا من الصورة وواحد خارج الصورة، وصورته صورة رجل في يده اليمنى عصا بين كواكب الفكة وبين بنات نعش الكبرى، وتُسمِّي العرب الكواكب التي على الرأس وعلى المنكبين وعصا الضباع والذي على يده اليسرى والذي على الساعد من هذه اليد وما حول اليد من الكواكب الخفية أولاد الضباع، والخارج من الصورة كوكب نيِّر بين فخذيه يُسمَّى السماك الرامح، والسماك مُفْرَدًا يسمى حارس السماء وحارس السماك؛ لأنه يُرَى أبدًا في السماء فلا يرى طالعًا ولا غاربًا متى كان طلوعه مع الشمس أو قبلها بمدة.

وأكثر العرب جعلوا السماكين ساقَي الأسد وجعلوا الرمح على ساقه اليمنى، وقال الصوفي إنَّ العرب سمَّتْه سماكًا لسموكه؛ أي ارتفاعه في السماء وسمَّته رامحًا؛ لأنها شبهت الكوكب الذي في فخذه الأيمن والذي على ساقه اليسرى برمح.

وفي محاسن القبَّة الزرقاء للدكتور فان ديك: «إن الصورة سمِّيت عند اليونان ليكادن أي الذئب وعند العبرانيين الكلب النبَّاح وعند اللاتينيين الكلب.» وفي قاموس القرن التاسع عشر أن معنى اسمه باليونانية الحرَّاث أو البقَّار؛ أي سائق البقر.

كوكبة الفكة أو الإكليل الشمالي Corona Borealis

فيها ٢١ كوكبًا أكثرها دون القدر الثالث، وأول مَنْ ذكر الإكليل الشمالي يودكسوس١ في القرن الرابع قبل المسيح، وقال بطليموس إنَّ كواكبه ثمانية وكذا قال الصوفي وهي على استدارة خلف عصا العواء وتُسمَّى الفكة وفي استدارتها ثُلْمَة تُسمِّيها العامة قصعة المساكين لأجل الثلمة، وفي محاسن القبَّة الزرقاء أن ثيسيوس ملك أثينا حُبِسَ في لغز كريت لكي يفترسه ثور يأكل اللحوم فقَتَلَ الثور وكانت أريداني ابنة مينوس قد أعطته خيطًا يستدل به على تعاريج اللغز فخرج منه وتزوَّج بها، ثم أخذها إلى تكسوس وهجرها وبعد ذلك تزوَّجها بخوس وأحبَّها وأعطاها إكليلًا فيه سبعة كواكب، فوضع هذا الإكليل بين النجوم بعد موتها.

كوكبة الجاثي أو هرقل أو الراقص Hercules

فيها ١١٣ كوكبًا واحد من القدر الثاني، أو بين القدر الثاني والثالث، و٩ من الثالث، و١٩ من الرابع، والبواقي دون ذلك، قال الصوفي: إنَّ الجاثي صورة رجل مدَّ يديه إحداهما وهي اليمنى إلى الكواكب المتجمِّعة التي على جنوب الفكة، وهي التي على رأس حية الحواء، والأخرى إلى كوكبة النسر الواقع وقد جثا على ركبته، ورأسه مُتقدِّم إلى النير الذي على رأس الحواء وأحد رجليه على طرف عصا الصناج وهي اليمنى، والأخرى عند الأربعة التي على رأس التنين التي تُسمَّى العوائذ، والعامة تُسمِّي الذي على كعبه الأيسر والنيرين من العوائذ اللذين على رأس التنين والذي على موضع ذقنه الصليب؛ لأنها قد صارت شبيهة بالصليب، وهو الصليب الواقع تشبيهًا بالصليب الذي يتبع النسر الطائر، وهو من الأربعة الكواكب التي على بدن الدلفين، وهِرَقْل مشهور بالشجاعة في أقاصيص اليونان، ويقال إن زفس نقله إلى السماء بعد موته وَوَضَعَهُ بين النجوم.

كوكبة اللورا أو السلياق Lyra

وتُسمَّى أيضًا الأوز والصنج والمغرفة والسلحفاة وفيها ٢١ نجمًا أكبرها النجم المعروف بالنسر الواقع وهو من القَدر الأول، وقد شبَّهته العرب بنسر ضمَّ جناحيه إلى نفسه كأنه وقع على شيء، وجناحاه النجمان الذين على جانبه واسمه الإفرنجي Vega تحريف كلمة واقع، وقال الصوفي: إنَّ كواكب اللورا عشرة. وبعد أنْ ذكر ما تقدَّم عن النسر الواقع وخطَّأ بطليموس في عرض بعض كواكبه، قال إنَّ قُدَّام النسر الواقع كواكب خفيَّة يُسميها العرب الأظفار، وقد يُسمَّى النسر الواقع مع قلب العقرب الهرَّارين؛ لأنهما يطلعان معًا في كثير من العروض.

كوكبة الدجاجة أو الأوز العراقي Cygnus

هذه الصورة في المجرَّة إلى الشرق من السلياق وتُعْرَف بخمسة كواكب على هيئة صليب أكبرها في الذئب ويُسمَّى الردف، وذَنَبُ الردف وذَنَبُ الدجاجة ويتلوه الذي في الرأس ويُسمَّى منقار الدجاجة، والأربعة المصطفَّة عرضًا تُسمَّى الفوارس والذي في ملتقى ذراعي الصليب سُمِّي صدر الدجاجة، والذي في آخر الذَّنَب سمِّي ظِلْف الفرس زعمًا أنه يد الفرس من كوكبة الفرس.

وقال الصوفي إنَّ كواكب الدجاجة ١٧ من الصورة، واثنان خارج الصورة، وأكثر كواكبها في المجرَّة العظيمة. وبعد أنْ ذكر هذه الكواكب كوكبًا كوكبًا ومواقعها وأسماءها قال: «وفي خلال صورة الطائر كواكب كثيرة خفية تركنا ذكرها؛ لأنها خارجة عن الأقدار الستة.» وقد سمَّاها أوفيديوس الوزة العراقية.

كوكبة ذات الكرسي Cassiopeia

قال الصوفي: «هي صورة امرأة جالسة على كرسي له قائمة كقائمة المنبر في نفس المجرَّة خلف الكواكب التي على رأس قيفاوس، وكواكبها ثلاثة عشر.» ويعد فيها الآن ٥٥ كوكبًا: خمس منها من القدر الثالث مكوَّنة الكرسي في شكل مثلثين، قال الصوفي: «إن العرب تُسمِّي النيِّر فيها الكف الخضيب؛ وهي كفُّ الثريا اليمنى المبسوطة، ويُسمَّى أيضًا سنام الناقة؛ لأنه يتقدَّم هذه الكواكب ثلاثة كواكب على اليد اليمنى من صورة المرأة المسلسلة التي تسمَّى أندروميذا.»

وفي خرافات اليونان أنَّ كسيوبيا (أي ذات الكرسي) هي زوجة قيفاوس ملك الحبشة وأم أندروميذا، اشتهرت بجمالها وافتخرت أنها أجمل من عَذارى البحر فشكون أمرهنَّ إلى نبتون؛ فأرسل تنِّينًا هائلًا يفسد تخومها، فلم يرضين بل طلبن أن تقيد ابنتها أندروميذا بسلاسل على صخرةٍ فريسةً للتنين، فقُيِّدَت وجاء فرساوس وهو حامل رأس الغول وَقَتَلَ التنين.

كوكبة فرساوس أو حامل رأس الغول Perseus

صورة رجل في المجرَّة مجنَّح الرِّجْلَين، في يده اليمنى سيف، وفي اليسرى رأس غول موقعه إلى الشرق من ذات الكرسي، وفي الصورة ٥٩ نجمًا اثنان منها من القدر الثاني وأربعة من القدر الثالث، والاثنان الأوَّلان أحدهما في صدره ويُسمَّى الجنب أو مرفق الثريا والآخر في جبهة رأس الغول ويُسمَّى رأس الغول، وهو يتغيَّر فيكون من القدر الثاني، ثم يقلُّ إشراقه رويدًا رويدًا حتى يبلغ القدر الرابع في يومين ونحو ٢١ ساعة، والنجم الذي في فخذه اليسرى سمِّي منكب الثريَّا والذي في الكعب الأيسر عاتق الثريا أو الكلاب، وكواكب فرساوس كلها بين الثريا وبين ذات الكرسي، قال الصوفي: «وفوق رأس فرساوس اللطخة السحابية التي في يد فرساوس وسمَّتْها العرب بالمِعصم.» وفي خرافات اليونان أن فرساوس ابن زفس، ولمَّا وُلِدَ أُلقِي في البحر هو ووالدته فقذفتهما الأمواج إلى بعض الجزائر فنجَّاهما صياد وأخذهما إلى ملك الجزيرة فربَّى فرساوس في هيكل منرفا، ولمَّا شبَّ وعد الملك أن يأتيه برأس مدوسا وهي غولة كل من نظر إلى رأسها صار حجرًا، فأعاره بلوتون خوذة الإخفاء (أي التي تخفي لابسها) وأعطته منرفا ترسها وأعطاه عطارد خفَّين مجنحَين وخنجرًا من حجر الألماس، فقطع رأس مدوسا بضربة واحدة، وبينما هو مارٌّ في الهواء ورأس مدوسا في يده قطرت منه قطرات دم فصارت أفاعي، ومن ثمَّ كثرت الأفاعي في صحاري أفريقية، ولقي في طريقه أندروميذا مقيَّدة بالسلاسل لتكون فريسة للتنين، فوعد أن يخلِّصها إذا زوجه بها قيفاوس، فوعده قيفاوس بذلك فحوَّل رأس مدوسا نحو التنين فتحوَّل حجرًا، واشتهر فرساوس بذلك، ولما مات جُعِلَ بين الكواكب.

كوكبة ممسك الأعنَّة أو صاحب المعز Auriga

هو بصورة رجل قائم خلف فرساوس بين الثريَّا وبين كوكبة الدب الأكبر، يصوَّر في بعض الأطالس الأوروبية بصورة رجل ممسك أعنَّة بيده اليسرى وحامل جَدْيًا على ذراعه اليمنى، وقد رُسِمَ في النسخة التي أمامنا من كتاب الصوفي بصورة رجل راكع على ركبته اليسرى وعلى رأسه عمامة من الكشمير وبإحدى يديه عصا في أسفلها أنشوطة، وفي أعلاها خيطان ربط بهما حقتان، وفيه ٦٦ نجمًا أنورها العيوق على منكبه الأيمن، وهو من القدر الأول، قال الصوفي: «إنَّ العرب تُسمِّي الكوكب النيِّر الذي على مرفق اليد اليمنى تحت العيوق العنز، والاثنين المتقاربين اللذين على المعصم الجديين وعلى كعبه الأيسر كوكب من القدر الثاني، وهو الذي على طرف قرن الثور الشمالي مشترك بينهما، وفي وسط الصورة كواكب من القدر السادس تسميها العرب الخبا؛ لأنها على صورة الخبا، والعرب تطلق على العيوق اسم العنز وتُسمِّيه أيضًا رقيب الثريَّا؛ لأنه يطلع في كثير من المواضع بطلوعها.»

والاسم العربي ممسك الأعنَّة ترجمة من Aurea اللاتينية، ومعناها عنان أو لجام أو نضو أو من أوروس اليونانية ومعناها السريع، والعيوق يقال إنه معرَّب من كلمة أيس اليونانية ومعناها عنز وهذا معنى اسمه اللاتيني Capella أي العنزة.

كوكبة الحواء والحُويَّة (Ophiuchus) Serpentarius, Serpens

هي صورة رجل قائم وقد قَبَضَ بيديه على حية، والرجل في أطلس برت كهل حاسر الرأس طويل اللحية رأسه يصل إلى رأس الجاثي، وقَدَمُه اليسرى على العقرب قرب قلبه، والحية رأسها تحت الفكة وذَنَبُها يصل إلى كوكبة العقاب، وقد قَبَضَ عليها بيديه وأمرَّها بين فخذيه، أكبر كواكبه على عنق الحية ويُسمَّى عنق الحية والكواكب المصطفَّة على رأسها تُسمَّى النسق الشامي والتي تحت عنقها النسق اليماني وما بين النسقين الروضة، والكواكب التي في الروضة الأغنام، وقد سمِّي كوكب رأس الحواء الراعي ورأس الجاثي كلب الراعي.

والحواء ترجمة كلمة أوفكسس اليونانية من أوفس حية واكسين لمسك، وفي خرافات اليونان أنه أبسكولاب الذي اشتهر بعلم الطب حتى سمِّي إله الطب، طُلِبَ إلى رومية في زمان وباء فأخذ صورة حية معه، ومن ثمَّ عبد تحت صورة حية وصارت الحية رمزًا إلى فن الطب.

كوكبة السهم Sagitta

هو خمسة كواكب بين منقار الدجاجة والنسر الطائر في نفس المجرَّة، نصله إلى ناحية المشرق وفوقه إلى ناحية المغرب، وطوله في رأي العين إذا كان في السماء نحو ذارعين وفي صورة كتاب الصوفي نجمان على الفوق ونجم على النصل ونجمان بينهما.

fig57
شكل ٢-٤: بعض صور السماء نقلًا عن أطلس هيث.

كوكبة العُقاب وهو النسر الطائر Quila

قال الصوفي: إن كواكب العُقاب تسعة من الصورة وستة خارجها، والعرب تُسمِّي الثلاثة المصطفَّة النسر الطائر؛ لأن بإزائه النسر الواقع، والعامة تُسمِّي الثلاثة المشهورة خارج الصورة الميزان لاستواء كواكبه.

وفي خرافات اليونان أنَّ العُقَاب هو ميروبس ملك جزيرة كوس حوَّله زفس عقابًا وجعله بين النجوم، وقيل إنه هو الذي استحال إليه زفس نفسه.

كوكبة الدلفين Delphinus

كواكبه ١٨ ذكر منها الصوفي عشرة فقط؛ لأنه لا يذكر ما تحت القدر السادس، وقال إنَّ العرب تسمِّي الأربعة التي على المعين القعود والعامة تسمِّيها الصليب، والذي على الذَّنَب عمود الصليب.

كوكبة قطعة الفرس Equuleus

هي صورة رأس فرس وعنقها فيها عشرة كواكب ذكر الصوفي أربعة منها فقط: اثنان منها عند فمها واثنان في أعلى رأسها، ويرى لها في أطلس برت أربعة نجوم أخرى صغيرة.

وفي خرافات اليونان أنَّ عطارد وَهَبَ هذا الفرس لكستور أحد التوءمين وهو مشهور بإذلال الخيل.

كوكبة الفرس الأعظم Pergasus

هي في كتاب الصوفي وفي الأطالس الإفرنجية بصورة فرس مجنَّح مقطوع بعد يديه، وتُعْرَف بسهولة من أربعة كواكب كبيرة يتألَّف منها مربع كبير أحدها مشترك بينها وبين رأس المرأة المسلسلة ويسمَّى سرَّة الفرس ورأس المرأة المسلسلة أيضًا، ويتكوَّن منه ومن الثاني المسمَّى منكب الفرس أو ساعد الفرس المضلَّع الشمالي، ومن منكب الفرس والكوكب الأكبر المسمَّى مركب الفرس أو متن الفرس يتكوَّن الضلع الغربي، ومن مركب الفرس والكوكب الرابع المسمَّى الجنب أو جناح الفرس يتكوَّن الضلع الجنوبي، وعند أنف الفرس كوكب كبير أيضًا يسمَّى أنف الفرس أو جحفلة الفرس وفم الفرس، وسمِّي الضلع الشمالي من المربع بالفرغ المقدم من منازل القمر، وسمِّي الجنب بالفرغ المؤخَّر من منازل القمر، وعند متصل رأس الفرس بعنقها نجمان سُمِّيَا سعد البهائم، وعلى العنق قبل انفصاله نجمان آخران سُمِّيَا سعد الهمام، والاثنان المتقاربان على الصدر سُمِّيَا سعد النازع، والاثنان على الركبة اليمنى سعد مطر.

fig58
شكل ٢-٥: بعض صور السماء نقلًا عن أطلس هيث.
وكواكب الفرس كثيرة يعدُّون منها الآن ١٠٢، ثلاثة منها من القدر الثاني، وعيَّن بطليموس عشرين كوكبًا فقط وتابعه الصوفي، وقال إنَّ العرب تُسمِّي الأربعة النيِّرة التي يتكوَّن منها المربع الكبير فرع٢ الدلو، وتُسمِّي الاثنين المتقدِّمين من الأربعة: الفرع الأول والفرع المتقدم، وتسمِّي الاثنين التاليين: الفرع الثاني والفرع المؤخر والموقدة السفلى … إلخ.

وفي خرافات اليونان أنَّ هذه الفرس نبتت من دم المدوسا بعد ما قَطَعَ فرساوس رأسها فذللها نبتون ووهبها لبلريفون ملك أبيروس لكي يقهر الخميرا، وهو تنين يقذف من فمه لهيبًا فقتله، وحاول العروج إلى السماء على متن هذا الفرس، فأرسل زفس ذبابة لسعتها فجمحت ووقع بلريفون عن ظهرها، فصعدت إلى السماء وحدها فجعلها زفس بين الكواكب.

كوكبة المرأة المسلسلة Andromeda

صُوِّرَت في كتاب الصوفي بصورة امرأة رافعة يديها كأنَّها خافت من أمرٍ دهاها، وفي الأطالس الأوروبية بصورة امرأة مُتَّكئة على أحد الحوتين، والسلاسل في يديها ورجليها أو في يديها فقط، وقد تقدَّم أن النجم الذي في رأسها هو أحد النجوم الأربعة من مربع الفرس، وفيها سبعون كوكبًا: ثلاثة منها من القدر الثاني واثنان من الثالث والبواقي دون ذلك، وفي المجسطي ٢٣ كوكبًا فقط وتابعه الصوفي، ومن كواكبها المسمَّاة بأسماء خاصة الكوكب الذي تحت خاصرتها ويسمَّى جنب المسلسلة وبطن الحوت، والذي على رِجْلِها اليمنى ويُسمَّى رجل المسلسلة، والذي على قدمها يُسمَّى عناق الأرض، وفي خرافات اليونان أن أندروميذا هي ابنة قيفاوس ملك الحبشة، وقد رُبطت بالسلاسل إلى صخر لكي يفترسها تنين البحر فأنقذها فرساوس ووضعت في السماء بعد موتها.

كوكبة المثلث Triangulum

فيها أربعة كواكب من القدر الرابع بين الشرطين في رأس الحَمَلِ، وبين الكوكب الذي على رجل المرأة المسلسلة المسمَّى عناق الأرض، والذي في رأس المثلث في الجنوب الغربي سمِّي رأس المثلث وأمامه القاعدة وفيها ثلاثة كواكب.

١  يودكسوس Eudoxus عالم يوناني نشأ في أواسط القرن الرابع قبل المسيح، واشتهر بعلم الفلك وكَتب فيه. درس في أثينا على أفلاطون، وانتقل إلى مصر فأقام ١٦ شهرًا عند كهنة عين شمس (أون أو المطرية)، قال استرابون إنه اكتشف أنَّ السنة الشمسية أطول من ٣٦٥ يومًا، وأراتوس Aratus شاعر يوناني من أهل صقلية وُلِدَ سنة ٣١٥ قبل المسيح، نَظَمَ كتاب يودكسوس في الفلك شعرًا.
٢  ذُكِرَت كلها في كتاب الصوفي بالعين المهملة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤