صلاة الملائكة

المنظر الأول

(في السماء … ملكان من الملائكة.)

الملاك الأول : انظر، ما هذا الدخان الصاعد إلينا من الأرض؟
الملاك الثاني : هم البشر يحرق بعضهم بعضًا.
الملاك الأول : أتراهم نسوا قول إلهنا لقابيل: «ماذا فعلت؟ صوت دم أخيك صارخ إليَّ من الأرض، فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتَقبل من يدك دم أخيك!»
الملاك الثاني : وما ترى الأرض قائلة وهي تفتح اليوم فاها لتقبل لججًا متلاطمة من دماء مليون هابيل!
الملاك الأول : يا للويل! أوَنظل نحن في عليائنا نطل عليهم في سكون؟
الملاك الثاني : وما في مقدورنا أن نصنع لهم؟
الملاك الأول : نهبط إليهم لنرد إلى عقولهم الصواب؛ ونفتح بصائرهم على نور الحق.
الملاك الثاني : إنهم سُكارى لا يبصرون ولا يصغون ولا يعون.

(ترتفع إلى السماء أصوات صلاة.)

الملاك الأول : أتسمع؟ ما هذه الأصوات الجميلة الصاعدة إلينا من الأرض؟
الملاك الثاني : تلك صلاة جامعة يتوجه بها إلى السماء بعضُ العقلاء.
الملاك الأول : أصغ. إنها صاعدة من ثلاث جهات: من الشرق ومن الغرب ومن وسط الأرض أوَبعد ذلك لا تريد منا أن نحرِّك ساكنًا، نحن أهل السماء؟
الملاك الثاني : قلت لك لن تستطيع لهؤلاء البشر شيئًا.
الملاك الأول : وهذه الدعوات الخارجة من قلوب نبيلة؟ أتغلق من دونها الأبواب؟ ألا ينبغي أن تجد إلى أسماعنا سبيلًا وفي أرواحنا مستقرًّا؟ بالقسوة أهل السماء إن ردوا هذه الدعوات وصدوا هذه الصلوات، وتركوها تسقط على رءوس أصحابها الراكعين أصداء باردة جوفاء! إني ذاهب بمفردي.
الملاك الثاني : تهبط إليهم؟
الملاك الأول : نعم؛ ملبيًا النداء، وإذا لم أستطع لهم شيئًا. فلأعش على الأقل بينهم أحمل نصيبًا من العذاب مثل فرد منهم؛ فرد من بسطاء الشعب لا يملك غير قلب.
الملاك الثاني : أخشى عليك منهم!
الملاك الأول : لا ينبغي لك أن تقول ذلك. وداعا!
الملاك الثاني : إلى الملتقى!

المنظر الثاني

(غابة في أوروبا … الملاك الأول في هيئة قروي بسيط يجلس على حافة جدول تعبا حائرًا.)

الملاك : آه. ها هنا على الأقل مكان لا تلاحقني فيه أصوات التدمير والتخريب والانفجار. لقد صدق رفيقي. إن مجرَّد الهبوط إلى هذه الأرض كالنزول إلى أسفل طبقات الجحيم! (يسمع صوتًا في ماء الجدول فيصيح) من هنا؟

(تظهر فتاة فقيرة من بين الأشجار تحمل متاعها وفي يدها إناء ملأته من الجدول.)

الفتاة (في خوف) : من أنت؟
الملاك : أنا … أنا آتٍ من المدينة.
الفتاة : أنا أيضًا آتية من المدينة. إنك فيما أرى تعب. تسمح لي أن أقدم إليك قليلًا من ماء الجدول؟
الملاك : لا. شكرًا لك. إني متعطش إلى قليل من الهدوء.
الفتاة : ها هنا مكان هادئ.
الملاك : نعم.
الفتاة : سأذهب لئلا أزعجك.
الملاك : بل ابقى واجلسي وحدثيني أيتها الفتاة، لماذا تهيمين وحدك في هذه الغابة الموحشة؟
الفتاة (تدمع عيناها) : لم يبقَ لي أهل.
الملاك : لا تبكي.
الفتاة : ماتت أمي مريضة ولم نكن نملك ثمن الدواء، وقد لحق بها أبي. أما إخوتي فأخذتهم الحرب ولا أدري أفي الأحياء هم أم في الأموات.
الملاك : ولماذا يقتتلون؟
الفتاة : لست أدري.
الملاك : وماذا أنت صانعة؟
الفتاة : أود لو أجد عملًا أرتزق منه، ألا تستطيع أن تعطيني عملًا يا سيدي؟
الملاك : أنا؟!
الفتاة : هناك كثيرون مثلنا لا يجدون طعامًا ولا دواءً ولا مأوًى.
الملاك : وا أسفاه!
الفتاة : ماذا بك يا سيدي؟
الملاك : لا شيء.
الفتاة : صوتك ضعيف ووجهك شاحب، إنك جوعان من غير شك.
الملاك : لا تهتمي لأمري.
الفتاة (تخرج من حقيبتها تفاحة) : كُلْ هذه التفاحة، لقد قطفتها فجر اليوم من شجرة تفاح برية في مدخل الغابة. إنها لم تزل خضراء ولكن عصيرها حلو شهي.

(الملاك ينظر إليها طويلًا.)

الفتاة : لماذا تنظر إلى هكذا؟
الملاك (يتناول التفاحة ويبقيها في يمينه) : شكرًا لك أيتها الفتاة!
الفتاة : لماذا لا تأكل؟
الملاك : لقد طعمت ورُويت.
الفتاة : متى؟
الملاك : الآن؛ من رحمة قلبك.
الفتاة : بل كلْ. إن الرحمة وحدها لا تكفي طعامًا لنا.
الملاك : إنها هي كل طعامي وشرابي.
الفتاة : آه يا صديقي الطيب القلب، أتأذن لي أن أدعوك صديقًا!
الملاك : إنك لتضيئين روحي بالفرح.
الفتاة : هلم نسير معًا في هذه الغابة لعلنا نهتدي إلى بغيتنا عفوًا. ما أشد أثرتي! إني ما سألتك عن حالك.
الملاك : إني … إن بغيتي هي أن أراك في خير. هلمي نسير، ما أجمل الأرض لو استطاع الإنسان فيها أن يبصر وأن يحب وأن يجعل الرحمة تتدفق من نفسه تدفق الماء من هذا الجدول!
الفتاة : انظر أيها الصديق! هذا الطير الأخضر الذي يرد ماء الجدول، إن بجانبه أرنبًا وحشيًّا، أتراه؟ إنه خلف العشب، وإنه يشرب هو الآخر، لكأني بهما صديقان.
الملاك : نعم … نعم.
الفتاة : اسمع، الآن وقد احتسى الطير من كأس النهر، ها هو ذا يفتح منقاريه ويغرد.
الملاك : وهذا الأرنب لم يقفز ولم يهرب، إنه كالمعتاد الإصغاء إلى صديقه. انظري أذنيه وقد تفتحتا كأنهما زنبقتان؛ وعينيه وقد لمعتا كأنهما فيروزتان!
الفتاة : أتدري ماذا يقول هذا العصفور؟
الملاك : لا يمكن أن يكون فيما يقول غير الخير والسلام والأمل.
الفتاة : أصبت. إنه يخاطب هذه الزهرة البرية التي ما زال يقطر منها الطل.

(تغني.)

يا بسمة الصبح للكائنات!
هذا الندى ليس قطرة ماء.
يا زهرة الأمل للكائنات!
إن دمعك دمع السماء.
الملاك : غنيها مرة أخرى.
الفتاة : ماذا بك؟ أرى في عينيك عبرة تلمع أيها الصديق!
الملاك : غني مرةً أخرى «إن دمعك دمع السماء» أصبتِ … أصبت يا صديقتي اللطيفة!
الفتاة (تنظر إليه مليًّا) : رباه!
الملاك : لماذا تطيلين النظر إليَّ!
الفتاة : لست أدري.
الملاك : لا تراعي، هلمي نسير. هاتي يدك!
الفتاة : إني لم أسألك عن اسمك؟
الملاك : وأنا أيضًا لم أسألك عن اسمك. ما نفع الأسماء؟ لقد عرفت عنك كل ما ينبغي أن أعرف.
الفتاة : وأنا أيضًا (يسمعان صوتًا يقترب).
الملاك : مَن المقبل؟
الفتاة (تنظر) : هذا راهب فيما أرى.

(يظهر راهب يحمل متاعه فوق منكبيه.)

الراهب : مَن أنتما؟
الملاك : من أين أنت قادم أيها الراهب؟
الراهب : من الويل الأكبر، والليل الأبهم، والخطب الأعظم الذي حاق بالبشر. هنالك حيث يمطر الإنسان أخاه الإنسان نارًا محرقة دونها نار جهنم!
الفتاة : اجلس يا أبي، إنك متعَب.
الراهب : اسقيني شربة من ماء.
الفتاة (تسقيه من الإناء وتعطيه تفاحة من حقيبتها) : اشرب واطعم واهدأ نفسًا.
الملاك : لماذا يقتتلون؟
الراهب (وهو يأكل) : لأنهم يعبدون اليوم إلهًا جديدًا يُحل قتل الشعوب ويأمر بشريعة الأقوى … إلهًا ذا مخالب وأنياب مصفحة بالصلب والفولاذ.
الفتاة : نعم، يا للبلاء!
الملاك : وأنت أيها الراهب. ماذا تنتظر للذود عن الإله الحقيقي الذي يأمر بشريعة العدل والمحبة والإخاء البشرى.
الراهب : بماذا أذود؟
الملاك : بسلاحك القدسي؛ الحق.
الراهب : الحق! إني أنتظر إلى أن ينبت للحق أنياب.
الملاك : لن ينبت للحق أنياب، ولا ينبغي له؛ لأن الحق نور ينفذ إلى القلوب.
الراهب : أما سمعت أن سلطة «القوة» تطفئ اليوم كل نور، سواء ما أشعَّ في المدن أو الطرقات أو القلوب؟
الملاك : أهذا كلام رجل الدين؟
الراهب : من أين أنت هابط أيها الرجل؟ إن الأديان ذاتها قد وقعت اليوم في يد القُوَى الطاغية، تدَّعي حمايتها، وتضع عليها رايتها كأنها قطع من الأرض!
الملاك : لا تدع الشك يُداخلك في صميم رسالتك أيها الراهب، فيا ضيعة الآمال إذا حدث ذلك! إن كل هذا التقتيل والتحريق والتدمير الذي أصاب الأرض لأقل خطرًا عليها من تدمير الإيمان بسلطان الحق.
الراهب (يطيل النظر إلى الملاك) : من أنت أيها الرجل الساذج؟
الفتاة : لا تختلفا، خيرٌ لنا أن نتجه ثلاثتُنا صوب السماء وأن نسألها المعونة على إطفاء نار الشر وإقرار الخير بين البشر.
الراهب : أنت أيضًا أيتها الفتاة البسيطة، تحسبين السماء أصواتنا الثلاثة الضعيفة وهي التي لم تسمع دوي المدافع وانفجار القنابل!
الفتاة : أحقًّا قد تخلت عنا السماء يا أبي؟ أوَقد تركتنا وجهًا لوجه أمام قسوتنا ووحشيتنا وآثامنا؟ أمَا مِن رجاء؟ أمَا مِن عزاء؟ تكلم أيها الراهب، يا أبتاه، متى نستطيع أن نهتف من قلوبنا: «ترنمي أيتها السموات وابتهجي أيتها الأرض، لتشدُ الجبال بالترنم؛ لأن الرب قد عزى شعبه وعلى بائسيه يترحم.»
الراهب : كفكفي دمعك أيتها البُنَية!
الملاك : نعم. ابسمي أيتها الصديقة اللطيفة.
الفتاة : أنت أيضًا في عينك دمعة.
الملاك : ابسمي وغني.
الفتاة (باسمة) : أغنية الزهرة البرية؟
الملاك : نعم.
الفتاة (تغني) :
يا بسمة الصبح للكائنات!
هذا الندى ليس قطرة ماء.
الملاك (مكملًا) :
يا زهرة الأمل للكائنات!
إن دمعك دمع السماء.
الراهب (يصيخ السمع) : أصغيا … ألا تسمعان حفيفًا بين الشجر؟
الفتاة : نعم!
الملاك (ينظر) : هذا رجل هائم على وجهه.
الراهب : إنه طريد آخر.

(يظهر رجل يحمل متاعه وعصاه ويترنح قليلًا.)

الرجل (يقف أمام الثلاثة متأملًا) : فتًى وفتاة وراهب! وإذا اجتمع راهب وفتًى وفتاة فمعناه زواج يعقد؟ أأنا مخطئ أيها السادة؟ ولقد كان ينقصكم واحد؛ الشاهد (يشير إلى نفسه) وقد حضر، وخمر وكئوس (يخرج زجاجة وكأسًا من بين متاعه) وقد حضرت!
الراهب : مَن أنت أيها المخلوق؟
الرجل : عالم في الكيمياء.
الراهب : أوَكُل سِكِّير يحمل زجاجة يستطيع أن يدَّعِي علم الكيمياء؟
العالم : أوَكُل من يحمل زجاجة تستطيع أن تدعوه سِكِّيرًا أيها الراهب؟
الراهب : أوَتطمع في أن أدعوه قديسًا؟
العالم : إن دعوتني كذلك فإنك لن تعدو الحقيقة بكثير ولكني أكتفي منك بأقل من ذلك. ادعني فقط «رجلًا ذا ضمير».
الراهب : إنك في عُرف السماء رجل مرتكب لمعصية.
العالم : آه، دعنا من قاموس حرفتك وكلماتك المحفوظة أيها الراهب. حسبك الفتى والفتاة «زبونين» فصب على رأسَيهما مما في جعبتك. أما أنا فاتركني وشأني. فإني ما جئت هذه الغابة إلا لأني رجل ذو ضمير. ألا تُصدِّق؟ ألا تُصدِّقون جميعًا؟
الملاك : إني أرى نقاء ضميرك.
العالم : ها هو ذا رجل طيب القلب كريم النفس. إليك وحدك يا هذا أوجه الكلام. فإني واثق من أنك تفهمني. أمَّا بقية الناس …
الملاك : نعم. إني أفهمك.
العالم : قبل كل شيء ثق أني عالم في الكيمياء.
الملاك : إني أثق.
العالم : الآن هات يدك وخذ كأسًا.
الملاك : لا. لا. شكرًا. إني … إني لست عطشان.
العالم (يجرع) : أما أنا فأريد أن أملأ رأسي خمرًا لأقتل العلم غرقًا. لا تحسب أني خرجت عن وقار العلماء. لم يبقَ للعلم ولا للعلماء وقار.
الملاك : لماذا؟
العالم : تلك قصة طويلة لم أجئ لسردها الآن. لا تذكرني بما كان أيها الرجل.
الملاك : ربما استطعت لك شيئًا.
العالم : أنت؟
الملاك : إني رجل بسيط، ولكني أستطيع أن أفهمك. لأني أحس ما في نفسك. وأتألم لألمك.
العالم (يلتفت إليه وينظر مليًّا) : من أنت؟ إنك فيما أرى رجل فقير بائس شريد! نعم. أنا أيضًا تألمت لك يومًا لك ولأمثالك من ملايين البائسين، ومن أجل ذلك طردوني واضطهدوني. ومن أجل ذلك أنا الآن معكم في هذا المكان.
الفتاة : من أجل الفقراء والبائسين!
العالم : جميعًا، وأنت معهم، وهذا الراهب أيضًا، لقد أنفقت عشرين عاما أفكر فيكم. عشرين عامًا أضع مشروعًا لإسعادكم أيتها المخلوقات المسكينة. إن العلم كان يستطيع القضاء على شقائكم، وإزالة جوعكم ومرضكم وعريكم، وإبدال جحيمِكم جنةً واسعة. لقد أوصلتني الكيمياء إلى نتائج عظيمة بنفقات مقبولة. ولكن … إليكم المهزلة: جاء يوم فإذا الزعيم الطاغية يطلبني ويقول لي: «اطرح من رأسك هذه البحوث الخرافية ووجه علمك إلى طريق المجد.» فقلت له «وما هو طريق المجد؟» فأجابني صائحًا: «نريد قنابل قنابل، نريد مدافع مدافع، نحن نريد من كيميائك أن تحول اللبن إلى قنابل والزبد إلى مدافع، وأنت تريد أن تحول اللبن والزبد إلى أفواه الحمقى والمغفلين أمثالك أيها العالم الأخرق!»
الملاك : اللهم رُحماك!
العالم : أرأيتم كيف تبدد حلمي أيها الإخوان؟ والآن ها أنا ذا قد فقدت إيماني بسمو رسالة العلم! آه لعنة الله على العلم الذي يرضى أن ينتزع الطعام من أفواه البشر ليضعه في أفواه المدافع! (يجرع كأسه).
الملاك : لا ينبغي أن تيأس.
الراهب : أيها الرجل الساذج. متى يكون اليأس إذن؟
الملاك : مهلًا. مهلًا. لا تفزعوا كل هذا الفزع أمام قوة الشر.
العالم : أيها الفتى إنك لا تدرك مدى قوة الشر. إن عودًا واحدًا من الثقاب يستطيع أن يحرق مدينة، وإن طاغية واحدًا ألهب أمته بحمى التدمير وألقى بكل مالِها في إعداد أدواته قد استطاع أن يلهب في عين الوقت جيرانَه بالعدوى، فجيرانَ جيرانه ثم العالم أجمع. وإذا كل بلاد الأرض تلقى كنوزها وغذاء أبنائها في هذا الأتون. وإذا مليارات المليارات تتدفق من مشارق الأرض ومغاربها في هذا السبيل الجهنمي. لم تعُد الإنسانية جمعاء تفكر في غير آلات الخراب، وإنفاق مليارات المليارات من أجلها. وأنا الذي كنت أحلم بمليار واحد لإسعاد البشر أجمعين، كل أنهار الذهب التي تنبع من قلب الأرض تصب الآن مواد منصهرة لتحطيم الأرض. هذه الحمى الخبيثة التي أصابت الآدميين كافة هي ككل حمة منشؤها جرثومة، جرثومة واحدة في شكل طاغية. دخل جسم الدنيا الهادئة المطمئنة فأحدث فيها تلك الإفرازات السامة والاهتزازات الهستيرية التي قد تؤدي بها إلى الانحلال، فالاحتضار، فالموت.

(يسمع صوت انفجار.)

الفتاة (منفزعة) : ما هذا؟ أتسمعون؟
العالم : تلك قنبلة سقطت في الغابة.
الراهب : صه! أسمع أزيز طائرات.
الفتاة : إلهي، أوَلن يتركوا حتى الغابات النائمة الباسمة.
الراهب (ينظر إلى السماء صائحًا بقول الكتاب المقدس) : «استيقظي! استيقظي. البسي درع القوة يا ذراع الرب. استيقظي كما في أيام القِدَم … ألست أنت طاعنة التنين؟ ألست أنت مجففة البحر ومياه الغمر العظيم، الجاعلة أعماقه طريقًا لعبور المفديين؟»
الملاك (مرتلًا) : «أنا. أنا هو معزيكم، من أنت حتى تخافي من إنسان يموت ومن ابن الإنسان الذي يُجعل كالعشب؟»

(انفجار يدوي دويًّا عظيمًا.)

العالم : إليكم قنبلة انفجرت قُربنا!
الراهب : هلموا نختبئ قبل أن تصيبنا شظية.
العالم : لن نختبئ، يريدون حياتي، فليأخذوها فقد أخذوا خير ما فيها وهي حريتي العلمية.
الفتاة : وأنا أيضًا لن أختبئ؛ فقد أخذوا أهلي.
الراهب : وأنت أيها الفتى؟
الملاك : أنا هنا في خدمتكم.
الراهب : لست أنا إذن الذي يبكي جسده. فلنثبت جميعًا وليأخذوا إذا شاءوا هذه الرمم والأشلاء.
العالم : صدقت هي رمم وأشلاء بعد أن تجردت من الحرية والتفكير والعقيدة والإيمان والهناء بل … حتى الآدمية جردونا منها. كل شيء أخذوه ليجعلوه وقودًا لتلك النيران التي أشعلوها كي تُظهِر أسماءَهم الخاملة مضيئة في عين التاريخ.
الراهب : التاريخ! التاريخ هذا الدَّنُّ الذي صنعتموه أنتم بأيديكم أيها العلماء وملأتموه بخمر الانتصارات الدموية لتُسكِروا به أولئك السفاكين والطغاة، فأفرَغوه من أفواههم بدورهم في نفوس الرعايا والشعوب!
العالم : وأنتم يا رجال الدين، ألم ترضوا أحيانًا أن تخلعوا أردية القداسة على مجازر أولئك السفاكين والطغاة؟
الملاك : كفى تنابذًا! لماذا لا تتفقان؟ كلاكما مؤمن، وكلاكما راهب؛ فما الدين إلا إيمان القلب وما العلم إلا إيمان العقل!
العالم : أصبت. كفى تنابذًا بين العلم والدين منذ مئات السنين! كفى!
الملاك : آه لو اتحد العقل والقلب من قديم ضد الغريزة الحيوانية لكان للإنسانية اليوم شأن آخر.
الراهب : لقد سخروا منا طويلًا هؤلاء العلماء وقالوا إنهم فوق الإنسانية لأنهم يبحثون عن الحقيقة.
العالم : ليس هناك علم فوق الإنسانية، تلك عقيدتي دائمًا، ولقد قلتها لزملائي يوم حاكموني وجردوني من شاراتي وألقابي وقبلوا هم أن يخدموا الطغيان، صحت فيهم: ينبغي أن يكون العلم إنسانيًّا وإلا وقع في الحيوانية؛ لأن ما خرج من يد أحدهما وقع في مخلب الآخر. ولا شيء ولن يكون شيء غير ذلك فوق هذه الأرض، آه، إنكم لا تدركون مدى قوة الشر أتعلمون كم بلغت تكاليف الحرب الكبرى الماضية؟ اسمعوا قول زميلي الدكتور بطار الأمريكي الذي قضى سنوات يجمع الإحصاءات، لقد ذكر في تقريره الذي قدمه لمؤسسة روكفلر أن ما أنفق على تلك الحرب في سنواتها الأربع لو أنه صُرِف في التعمير بدلًا من التدمير لكان من المستطاع أن يخصص لكل أسرة في العالم منزل صغير بحديقة جميلة؛ وأن تنشأ في كل مدينة يزيد سكانها على عشرين ألفًا مكتبة نفقاتها مليون جنيهٍ وجامعة نفقاتها مليون جنيهٍ أيضًا، ثُم يبقى بعد ذلك مبلغ عظيم يكفي لإنشاء المستشفيات في كل بقاع الأرض! ولكن … ولكن البشر لم يجرءوا بعد على تحمُّل بعض هذه النفقات من أجل خيرهم وسعادتهم!
الملاك : هات يدك أيها الراهب.
الراهب : ماذا تفعل؟
الملاك : أضعها في يد العالم.
الراهب : نعم، ضعها في يده. إلهي الذي في السموات، إني أحس إيماني الكامل يعود إلى قلبي كما تعود النعجة الضالة إلى الحظيرة!
الملاك : ثق يا أخي الراهب أن القلب والعقل وهما المَلَكتان النورانيتان العلويتان في الإنسان لا يمكن أن يمكثا طويلًا في أسر المخالب والأنياب.
الراهب : من أنت أيها الفتى؟ ينبغي أن تقول لنا من أنت؟
الملاك : أنا … إني ذاهب، ينبغي أن أذهب الآن … لأصنع شيئًا آخر.
العالم : أوَتترك الفتاة؟
الملاك : إنها بينكما في سلام وأمان.
الراهب : أوَلا تنتظر حتى نعقد لك عليها كما قال أخونا العالم؟
الفتاة (تدمع عيناها) : إني لست به جديرة!
الملاك (تدمع عيناه) : يا زهرة الأمل لا تبكي فإن دمعك دمع السماء!
الفتاة : وداعًا!
الملاك (يلوح إليها بالتفاحة في يمينه) : يا شجرة الحب للكائنات، لن تفارقني تفاحتك، ولا ذكراك يا ألطف المخلوقات!

(يختفي.)

المنظر الثالث

(قاعة مؤتمر … الطاغيتان واقفان وحدهما يتأملان خريطة للدنيا فوق مائدة والأبواب عليهما مغلقة.)

الطاغية الأول (يشير بأصبعه إلى جزء من الخريطة) : أريد أن أسود هذه الأمم والشعوب!
الطاغية الثاني (يشير إلى الجزء الآخر) : وأنا أسود هذه الأمم والشعوب!

(يظهر الملاك من خلف إحدى الستائر.)

الملاك : الأمم والشعوب خلقها ربها حرة لا تُقتَسم ولا تُستَلب كما تُقتَسم الغنائم والأنعام!
الطاغيتان (مذعورَين) : من هذا؟
الملاك : كيف نسيتما قول الله في التوراة «ها إني أرفع إلى الأمم يدي وإلى الشعوب أقيم رايتي، هل تُسلَب من الجبار غنيمة؟ وهل يفلت سبي المنصور؟ فإنه هكذا قال الله، حتى سبي الجبار يُسلَب وغنيمة العاتي تفلت، وأنا أخاصم مخاصمك وأخلِّص أولادك وأطعم ظالميك لحم أنفسهم ويسكرون بدمهم كما في سلاف …»
الطاغية الأول : كيف دخل هذا الرجل؟
الطاغية الثاني (همسًا) : صه! لا تتحرك في يمينه قنبلة يدوية صغيرة على شكل تفاحة!
الطاغية الأول : فهمت.
الطاغية الثاني (للملاك) : وبعد؟ نحن في خدمتك.
الملاك : بل أنا الذي في خدمتكما، إذا رضيتما أن تفتحا قلبيكما قليلًا لرحمة السماء!
الطاغية الأول : إنك لا شك أخطأت المكان الذي تُفهَم اليوم فيه هذه اللغة!
الملاك : إني لم أيأس بعد من فهمكما إياها.
الطاغية الأول : بل ينبغي أن تيأس سريعًا؛ فإن لدينا الآن لغةً أخرى وكتبًا مقدسة جديدة أملتها روح شعبنا الجديد ومطالب حياته.
الملاك : ما هي مطالب الحياة لشعبكم الجديد؟
الطاغية الأول : أن يسود على بقية الشعوب والأجناس.
الملاك : وأن يسود عليه هو الشقاء والجوع والظلام!
الطاغية الأول : إنه مستعد لبذل التضحية.
الملاك : بذل التضحية لمن؟ لك أنت أيها الطاغية؛ لأن تلك هي مطالبك أنت لا مطالب الشعب؛ إذ لا يمكن لشعب أن يطلب من أعماق نفسه حقًّا هذه المطالب، إن ضمير الشعب أبسط وأنقى من ذلك. إنما السيادة والجبروت والطغيان هي مطالب الغرور التي تنبت في رأس رجل واحد، فيُسخِّر شعبه المسكين كله لتحمل أعبائها ويسأله التضحية ويعطيه ثمنها هذه الألفاظ التي تُسكِره ولا تُشبِعه. مَن هو الشعب الحقيقي غير ذلك الحطاب في الغابة والفلاح في الحقل والعامل في المصنع والتاجر في الحانوت والزوجة في البيت. أهؤلاء يطمعون في أن يسودوا الشعوب والأجناس؟ لماذا؟ إنما كل مطالبهم من الحياة أن يجدوا طيب الغذاء وراحة البال والضمير وصحة الجسم والعقيدة وحرية القول والعمل والتفكير … مطالبهم الحقيقية في الحياة أن يسودوا الشقاء الآدمي لا أن يسودوا إخوتهم الآدميين. وما كان أيسر تحقيق آمالهم النبيلة لو أنكم أيها الطغاة أردتم حقًّا إسعادهم هم، ولكنكم لا تريدون غير إسعاد أنفسكم أنتم بالاستيلاء على ما تحسبونه تيجان المجد الذي يزين جباهكم المظلمة!
الطاغية الأول (همسًا لزميله) : هذا رجل خطر!
الطاغية الثاني (همسًا) : لو خاطب الشعب بهذا الكلام. لكن كيف تركه رجالك حرًّا حتى الساعة؟
الطاغية الأول (للملاك) : هذا كلام بديع، مَن أنت أيها الرجل؟
الملاك : إني … رجل غريب، آتٍ من بعيد.
الطاغية الأول (همسًا) : لحسن الحظ!
الطاغية الثاني (همسًا) : إن فيه مع ذلك لسذاجة تدعو إلى الاطمئنان، تستطيع أن تضغط على زر الجرس الداني من إصبعك، لكن مع الحذر.

(يفعل ذلك ويفتح الباب ويدخل بعض الأتباع.)

الطاغية الأول (مشيرًا إلى الملاك) : هذا السيد النبيل زارنا على غير انتظار ومن غير دعوة.
كبير الأتباع : كيف دخل؟
الطاغية الأول : هذا ما ينبغي أن تجروا فيه تحقيقًا.
كبير الأتباع (يحيط مع رجاله بالملاك) : اتبعنا.
الطاغية الثاني : عجبًا، إنه لم يقاوم؟
الملاك : ماذا هم صانعون بي؟
الطاغية الأول (ساخرًا) : ما صُنِع بالمسيح قبلك!
الطاغية الثاني (ساخرًا) : تمجيدًا لقدرك وقدر رسالتك التي بلغتنا!
الملاك : آه «لكن هذه ساعتكم وسلطان الظلام!»
الطاغية الأول (لتابعه) : لا ينبغي لهذا الرجل أن يخالط الشعب لحظة، استجوبوه استجوابًا سريعًا وأعدموه.
الطاغية الثاني : حاذروا مما في يده اليمنى.
كبير الأتباع (يقبض على يمين الملاك) : هذه تفاحة؟
الطاغية الأول : حقيقية؟
كبير الأتباع : نعم، وما زال عليها ندى الصباح.
الملاك (في تضرُّع) : لا تأخذوها مني. لا تأخذوها مني!

المنظر الرابع

(محكمة عسكرية.)

الرئيس (للملاك نافد الصبر) : وبعد، ألا تريد أن تجيب؟
الملاك : لقد أجبت.
الرئيس : أصغ إليَّ. من واجبي أن أنبهك مرةً أخيرة إلى سوء المصير إذا أصررت على إخفاء الحقيقة.
الملاك : أنا أخفي الحقيقة؟ لماذا؟ إني لا أعرف كيف تُخفَى الحقيقة.
الرئيس : لقد سألتك عن اسمك، ما اسمك؟
الملاك : اسمي؟ الحقيقة أني لم أفكر في ذلك. لم يكن لديَّ وقت لاختيار اسم من الأسماء، لقد كان ما يشغلني أعظم من ذلك وأجل. ومع ذلك ما الفرق بين اسم واسم، كل الأسماء سواء، اختر لي من الأسماء ما تشاء.
الرئيس (يلتفت إلى أعضاء المحكمة حوله يائسًا) : ووطنك؟ جنسيتك؟
الملاك : عجبًا! هذا أيضًا شيء لم أفكر فيه. إنما أنا على هذه الأرض الجميلة وكفى. ما الفرق بين بقعة وبقعة، وجنس وجنس، كل البقاع والأجناس سواء. اختر لي من البقاع والأجناس ما تشاء.
الرئيس (يلتفت إلى من حوله هازًّا رأسه) : وأهلك؟
الملاك : أهلي! عجبًا … لماذا تسألوني هذه الأسئلة الغريبة! أهلي؟ كل الناس أهلي؛ لأن كل بني الإنسان إخوة. حتى أنتم يا من تحاكمونني. أنتم أيضًا أهلي. إني أحبكم كلكم. لأني أحب بني الإنسان.
الرئيس : كيف دخلت قاعة الزعيمَين؟
الملاك : كما دخلت هذه القاعة، وكما دخل هذا الضوء (يشير إلى شعاع الشمس الداخل من النافذة).
الرئيس : لقد كان حول المكان حراس.
الملاك : لم أرَ حراسًا، ولم يمنعني أحد من الدخول.
الرئيس : ولماذا دخلت؟
الملاك : لأفتح قلبَي الطاغيتَين.
الرئيس (هامسًا للأعضاء) : لقد اعترف أخيرًا.
(يلتفت إلى الملاك) تفتح قلبَيهما؟ بأي سلاح؟
الملاك : بسلاح الحق المضيء.

(الرئيس يهز رأسه خائب الأمل.)

الرئيس : ألم يكن معك سلاح آخر؟
الملاك : لا أستطيع أن أحمل غيره.
الرئيس : حمل هذا السلاح على كل حال يكفي وحده لإدانتك.
هل لك شركاء؟
الملاك : نعم.
الرئيس (يتناول القلم في رجاء.) : أملِ عليَّ أسماءهم.
الملاك : ضع اسمك في المقدمة.
الرئيس (وقد فوجئ) : ماذا تقول؟
الملاك : وضع أسماء هؤلاء الأعضاء من حولك وهؤلاء الحراس والجنود، وبقية أفراد هذا الشعب وجميع الشعوب. لن تجد ورقًا يتسع لكافة الأسماء، كل من له قلب شريك لي؛ لأن كل قلب يترنم في أعماقه بعين الكلمات وينشد عين الأناشيد. ولكن الآذان لا تسمع من هذا شيئًا لأن هنالك لحظات يطغى فيها صوت الشر على كل الأصوات!

(الرئيس يتشاور همسًا مع الأعضاء.)

الرئيس (ملتفتًا إلى الملاك) : ألديك دفاع آخر تبديه؟
الملاك : دفاع عمن؟
الرئيس : عن نفسك بالطبع.
الملاك : نفسي؟ أيتها السموات عجبا! أأنا جئت لأدافع عن نفسي؟
الرئيس : إذن فقد انتهت محاكمتك. قررت المحكمة العسكرية اعتبار المتهم خطرًا على الأمن وسلامة الدولة وحكمت بإعدامه رميًا بالرصاص قبل غروب شمس هذا النهار.
الملاك (كالمخاطب نفسه في دهشة) : خطر على الأمن وسلامة الدولة ذلك الذي يقول للناس: حِبُّوا بعضكم بعضًا!
الرئيس (في شبه سخرية وهو ينهض) : إن المحكمة تأسف لعدم تشرفها بوضعك على الصليب؛ فالصلب ليس عقوبة مقررة في قانون المحاكم العسكرية!

(المحكمة بكامل هيئتها تنفض.)

الملاك (بين الحراس يائسًا) : إلهي! ما هؤلاء البشر الذين يعدون الحض على تآخيهم جريمة لا تُغتفَر!

المنظر الخامس

(أمام طابور الإعدام.)

الضابط (للملاك) : تطلب شيئًا؟
الملاك : لا. شكرًا لكم.
الضابط (لأحد جنوده) : عصب رأسه!

(يتقدم الجندي بعصابة سوداء ليخفي رأس الملاك وعينيه.)

الملاك (يقصيه عنه برفق) : لماذا تحجبون عني منظر الأرض الجميلة في اللحظة الأخيرة؟
الضابط : إنما نحجب عنك منظرًا آخر.
الملاك : منظركم وأنتم تسفكون دمي! حتى هذا المنظر لا ينبغي أن تحجبوه عني؛ فإني أعرف كيف أحبكم على الرغم من ذلك وأرثي لكم، أنتم أيها الجنود الذين يصفونكم دائما ﺑ «الشجعان» تمويها وتضليلًا ليخدعوكم عن حقيقة الحياة الإنسانية، ويغروكم بحياة الكواسر في الغابة «تَقتلون وتُقتَلون» ذلك كل عملكم «المجيد»! وتلك كل حياتكم التي يريدونها لكم على هذه الأرض التي لا تبصرون جمالها ولا تسمعون غناءها؛ لأنهم يغطون رءوسكم وعيونكم بهذه الخوذات الثقيلة!
الضابط (صائحًا) : كفى. كفى. أمستعد؟
الملاك : مستعد. اللهم اشهد أني صنعت من أجلهم ما استطعت!
الضابط (يلحظ يد الملاك) : ماذا تحمل في يمينك؟
الملاك (يرفع يده بالتفاحة في حرص وخوف) : لا تأخذوها مني!
الضابط : تفاحة؟ ما تصنع بها الآن؟
الملاك (متوسلًا) : إنها خير ذكرى أحملها من الأرض!
الضابط (ينظر في ساعته) : أزفت الساعة!

(يصيح في الطابور فيرفع الجنود بنادقهم ويصوبونها إلى صدر الملاك.)

الملاك : اللهم اشهد أني لم أُرِد تركهم ولا التخلي عنهم، إنما هم …

(ينطلق الرصاص إلى فؤاده فيقطع عبارته.)

المنظر السادس

(في السماء … تراتيل الملائكة وصلاة من أرجاء السماء.)

الملاك الثاني (للملاك الأول) : عُدت إلينا سريعًا!
الملاك الأول : ويل لساكني الأرض؛ إن إبليس نزل إليهم وبه غضب عظيم عالِمًا أن له زمانًا قليلًا.
الملاك الثاني : ألم أقل لك إنهم لن يصغوا إلينا وإنك لاقٍ منهم ما لقيت؟
الملاك الأول (ناظرًا إلى التفاحة في يده) : آه … لكن مع ذلك …
الملاك الثاني : ما هذه التفاحة؟ أنت أيضًا طردوك من الأرض بتفاحة كما طُرِد آدم من السماء!
الملاك الأول (هامسًا مترنمًا) : يا شجرة الحب للكائنات. إن دمعك دمع السماء.
الملاك الثاني : ماذا بك؟! إنك تعود إلينا بوجه غير الذي ذهبت به.
الملاك الأول (يصغي) : ما هذه الأصوات والتراتيل؟
الملاك الثاني : تلك صلاة يقيمها رفاقك الملائكة؛ فقد علموا أنك على الأرض في خطر.
الملاك الأول : من أجلي أنا يصلون! ألا فلتكن صلاة الملائكة أجمعين من أجل أهل الأرض المساكين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤