قصر السعديات

كتبت جريدة الحياة البيروتية في عددها ٣١٨٨ ما يلي:

تُشاهَد الرئيسة زلفاء شمعون هذه الأيام، بكثرة في محلة السعديات بعد خلده، حيث تتفقَّد دارتها الخاصة التي أنجزت منها الطبقة الأولى.

وهذا الركن الهادئ الذي يدغدغه موج البحر انتقته زلفاء شمعون بنفسها، فهو خير مكان للابتعاد عن متاعب السياسة. وتجمع هذه الدارة بين الطرازين: الإنكليزي والدمشقي بالحدائق التي ستتوسَّطها في الداخل، وهي تُبنى بالحجر والخشب.

مساحة البناء عشرون ألف متر، وسيُزرع حول الدارة بستان ليمون وغابة صنوبر، ولكن أجمل ما سيكون في الدارة الحدائق الداخلية والغرفة الخاصة بأسلحة الصيد.

أمَّا مهندس الدارة، فيُعرف من دخان «المشحرة» الذي يملأ آفاق السعديات اليوم. والمقصود بالمشحرة غليون المهندس المبدع، عاصم سلام، الذي يلازم الورشة لتكون الدارة جاهزة في الربيع المقبل.

على هذا يتوازن شاطئ بيروت بدارتين: دارة السعديات في الجنوب، ودارة الكسليك في الشمال.

مثل هذه العجائب والغرائب المعمارية قرأنا أخبارها الطريفة في تاريخ الدولة العباسية حين اكتهلت، وما قصر «بتدين» إلا نمط من تلك الأنماط.

كَتَبَت جريدة الحياة عن دارة الرئيسة زلفاء كميل شمعون في السعديات، ولعلَّ اختيار هذا الموقع كان للتيمُّن بالتجديد العتيد؛ فالسعديات من السعد، ومَن أسعد من رئيس جمهورية بلد أمين كلبنان.

أمَّا مساحة بناء هذا القصر فقد حدَّدتها الجريدة الرصينة بعشرين ألف متر مربَّع، يحيط بها بستان ليمون، وغابة صنوبر ستجدِّد ذكر صنوبر بيروت.

وقد خصَّت الجريدة بالذكر الغرفة الخاصة بأسلحة الصيد في هذا القصر العامر.

يسألنا الشحَّاذ: هل عندكم شيء لله؟

ونحن بدورنا نسأل الرئيس اللبناني: هل في قصرك الميمون مكان للكتاب يسند إليه رأسه؟

هل فكَّرت يا فخامة رئيس جمهورية بلد الحِرَف والإشعاع بمكتبة خاصة؟

فمن يدريك أنَّ القصر السعديَّ لا يصبح في الدهر العتيد من الآثار اللبنانية، كما أصبح غيره من بيوت دير القمر؟

فاعمل على الأقل مكتبة تاريخية؛ لأنَّ اسمك الكريم سيُكتَب بأحرف من نور.

وإذا كنت لم تفتتح مؤتمر أدباء العرب كما فعل القوتلي، فلا أقل من أن تذكرَ المكتبة كما تذكَّرت غرفة سلاح الصيد، والحدائق الداخلية والخارجية، فالكتاب أعظم وأخلد حديقة، وإذا لم نتعرَّف عليه في قصورنا حسبتنا أُمِّيين.

أنا مؤمن بنظافة يد كميل شمعون، ولكنَّ هذا القصر العظيم لا يشجِّع الناس على تجديد الرئاسة، وكان أحرى بالسيدة شمعون أن تتريَّث إلى ما بعده.

وقد بدأت النكرزة منذ الآن، فالجريدة التي روت هذه البشرى ختمت كلمتها بقولها:

على هذا يتوازن شاطئ بيروت بدارتين: دارة السعديات في الجنوب، ودارة الكسليك في الشمال (كذا).

١٤ / ٩ / ١٩٥٦م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤