التأليف المسرحي

ليست لغة المسرح هي ما أقصد أن أتكلم عنه، وإن كان الناس قد ألِفوا قراءة بحوث مستفيضة يفاضل أصحابها بين اللغة الدارجة أو لغة الكلام وبين اللغة الفصحى أو لغة الكتابة، وأيهما أصلح لتكون لغةً للمسرح، وليست ترجع رغبتي عن هذا البحث إلى استهانة مني بأمره أو اعتقاد أن ما يمكن أن يقال فيه قد نفد كله، وإنما ترجع من ناحية إلى أني أميل إلى الحرية المطلقة، فلا أرى أيَّ ضير في أن يكتب مؤلف مسرحي باللغة الفصحى، وآخر باللغة الدارجة، وبأية لغة دارجة من مختلف اللهجات التي نسمعها في مصر وفي غير مصر من البلاد التي تتكلم العربية، والتي تصل لهجاتها أحيانًا إلى أن تصير رطانة غير مفهومة عند أبناء بلد آخر يتكلم العربية، وترجع من ناحية أخرى إلى اعتقادي أن هذا الخلاف حول لغة المسرح صائر بطبعه إلى الزوال. فإن انتشار التعليم في البلاد المختلفة انتشارًا سريعًا يقضي على الأمية، من شأنه أن يقرب بين لغة الكلام ولغة الكتابة، وأن يجعل اللغة التي تكتب بها الصحف ويكتب بها الأدباء هي لغة الحديث ولغة الكتابة في وقت معًا، مع فوارق بسيطة لا يقام لها وزن، ويومئذ تصبح لغة المسرح كما تصبح غيرها من اللغات هي اللغة الفصحى في متعارفنا نحن أهل هذا الجيل أو الجيل التي تُكتب هذه اللغة فيه. فإذا أراد مؤلف بعد ذلك أن يختار لقطعة مسرحية لهجة دارجة كان ذلك تأنقًا في الفن لا بأس به، ونحن في هذا كغيرنا من الأمم. فأنت تسمع في إنجلترا أو فرنسا أو إيطاليا لهجات في الشمال تختلف عن لهجات الجنوب، لكن لغة المسرح هي لغة الكتابة للجميع من غير أن يحول ذلك دون قيام مؤلف متأنق بوضع قطعة بلهجة مقاطعة من المقاطعات أو ناحية من النواحي.

على أن هذا الحل لمسألة التأليف المسرحي من ناحية اللغة لن يحول دون ظهور مشكلة أخرى وموضوع جدير بالبحث، كما كانت لغة المسرح جديرة بالبحث من سنوات ماضية. هذه المشكلة هي اللغة القديمة والشعر القديم، وهل يجب أن تكون ثروتنا المسرحية الحاوية لطائفة من القطع التمثيلية مكتوبة بهما، وقد أثير هذا البحث من ناحية عملية حين ترجم الأستاذ خليل مطران بعض روايات شكسبير في لغة عربية فيها من الفخامة والجزالة ما يتفق مع لغة شكسبير وما قد يعتبر من غير لغة الكتابة في عصرنا، وهو قد أثير حين وضع شوقي بك روايته الشعرية: «مصرع كليوبترا» ورواياته التي جاءت بعدها ومثلت على المسرح، فكانت صورة جديدة من اللغة المسرحية لم تؤلف من قبل. على أن هذه الإثارة العملية للبحث لن تكفي فيما أظن، لسد حاجات اللغة على وجهٍ يرضي أقطابها، وأعتقد أن البحث سيثار من ناحية نظرية أيضًا ليعرف: أمن الواجب أن يوجد في القطع المسرحية العربية نوع من «الكلاسيك» الذي يصل الحاضر بالماضي، أم نحن نستطيع نسيان هذا الماضي والاكتفاء ببذل كل جهودنا للتجديد للمستقبل، وسيصل هذا البحث وسيتفرع إلى بحوث أخرى، منها: أيجب أن ترجع الصلة بين الحاضر والماضي إلى بلاد العرب فتتصل البلاد التي تتكلم اللغة العربية جميعًا بتاريخها وبثقافتها وبآثارها وتعاليمها، على نحو ما اتصلت أمم الغرب كلها باليونان وروما القديمتين، أم أن ترجع الصلة بين الحاضر والماضي إلى صلة كل أمة بماضيها، فترتبط مصر بالفراعنة، وطرابلس (برقة) بقرطاجة، وبلاد الشام بفينقية، وأن تربط اللغة العربية السليمة بين هذه الثقافات المتصلة كلها، وتجعل منها وحيًا للأدب يقصد منه إلى إحياء الأدب العربي في ظل كل واحدة من هذه الثقافات المختلفة؟

أحسب أن هذا البحث سيثار عمَّا قريب، وبخاصة حين تخرج المدرسة الجديدة من طلاب الأدب الذين يدرسونه اليوم على طريقة علمية صالحة، على أن هذا البحث ليس هو أيضًا غرضي من هذا الفصل عن التأليف المسرحي، وإنما أقصد منه إلى ما يجب أن يتناوله هذا التأليف المسرحي، من ناحية أنه فن من فنون الاجتماع، من موضوعات، وقد دفعني إلى تناول هذه الناحية من المسألة ما قرأت ورأيت من قطع مسرحية مؤلفة بعد الحرب؛ فهذه القطع كلها، أو الكثرة الظاهرة منها، تتناول صور التطور الذي اتجهت الإنسانية بعد الحرب وبسببها نحوه، وكلها، أو الكثرة الظاهرة منها، تحاول توجيه تيار هذا التطور بتهذيب شذوذه ورده قدر المستطاع ليندفع في الناحية الطبيعية، أي في الناحية الأكثر جدوى على الإنسانية في رُقِيِّهَا وفي سعادتها في ظل الحضارة الغربية الحاضرة.

من بين ما تتناول هذه القطع التمثيلية من الموضوعات ما خلفته الحرب من أثر في شأنٍ الرجل والمرأة، واتجاه كل منهما في الحياة ونظرته إليها وعلاقة كل منهما على أثر ذلك؛ فقد كان من أثر الحرب أن أصبح الرجل غير مَيَّالٍ للعمل المتصل والكدح المستمر، بل صار ميالًا للمخاطرة والمجازفة يلتمس من طريقهما الثروة وبُعد الصوت ورفيع المكانة، كما كان إبان الحرب يلتمس من طريقها الظفر والنصر أو الموت والاستراحة من عناء الحرب والحياة. أما المرأة فقد ألقت الحرب عليها أعباء ثقالًا خلال أربع سنوات متتالية، فكانت في الدار الأب والمربي والمجدَّ لرزق البنين والبنات والعامل لرفاهية الأسرة كلها، وكانت خارج الدار العامل الذي لا يملُّ في الإسعاف والتمريض وفي المعمل والمصنع؛ لذلك أفادت من الحرب حريةً بمقدار ما حملت من عبء التبعة، وازدادت شعورًا بقوتها على الحياة بمقدار ما استطاعت أن تكافح لها ولذويها ولوطنها في الحياة، وهي اليوم تحاول أن تستبقي هذه القوة وتلك الحرية بإزاء الرجل، وأن تنظم علاقاتها معه على أساسهما. أما هو فقد أصبح يعتبر الهجوم سبيل النصر، وانتهاز الفرصة وسيلة الغنيمة، والمجازفة مفتاح التحكم والاستعلاء. على أن هذه الصفات الجديدة التي أكسبتها الحرب والرجل والمرأة لم تنزع بطبيعة الحال ما فطرا عليه من سلائق وعواطف تضطرب بين جوانحهما، وتجيش بها دخائل وجودهما. لهذا اضطربت العلاقات بينهما على أثر الحرب اضطرابًا أشار الكتّاب والاجتماعيون إليه، ونظروا مبهوتين يلتمسون الوسيلة إلى القضاء عليه، ومن بعض الوسائل تحليل أسباب هذا الاضطراب وردها إلى أصولها وإظهار الجماهير عليها، حتى تسترد قوى التنسيق بين العقل والعاطفة وبين السليقة والشذوذ، وقد لفت نظري في هذا التحليل استفزاز عاطفة النبل والكرامة عند المرأة لمحاربة هذه الوحشية المفترسة في سبيل المال مما أصاب الرجال على أثر الحرب داؤه. فهاته فتاة مهذبة متعلمة قوية على الحياة شاعرة بحقها في الحرية، يحبها رجل في مثل تهذيبها وتثقيفها، ولا تشعر هي نحوه بمثل العاطفة التي يشعر هو بها نحوها؛ ذلك بأنها وضيعة المنبت، وهي تريد أن تتخذ من شهاداتها وتهذيبها وسيلة للاستعلاء على منبتها، ويتصل بها شاب من المستمتعين بألقاب الشرف، أو من «الذوات» إن شئت تعبيرًا مصريًّا، فترى هي في علمها وشهاداتها ما يوازي شرفه، فتتعلق به وتود لو تكون دوقة، جزاء لها على ما أنفقت في تعلمها. لكن الدوق لا يعنيه العلم، ولا يهمه التهذيب، ولا يطمع في أكثر من أن يجعلها متعة هواه وفريسة ما أفادته الحرب من مغامرة، ويذكر لها صديقها المتعلم الذي يحبها، أن الدوق لا يعنيه علمها، وأنه إنما يحبها لو أنها أصبحت إحدى نجوم السينما أو إحدى ملكات الجمال، وبرغم تقززها من أن تظهر في هذا المظهر فإنها تنتهي بأن تعرض نفسها في معرض الجمال وتصبح مس فرنسا، فمس أوربا، فمس العالم. هناك يجن الدوق بها ويخطبها، ويحدد موعد العقد عليها. لكنه قد أضاع ثروته، فلا بد من أن يستفيد من ملكة الجمال في العالم يعرضها على مسارح أمريكا وأوربا، ويصبح وإياها نجمي مسرح أو نجمي سينما. هناك يثور شرفها، وتثور كرامتها، وتثور بها التعاليم التي تلقتها، فتعلن في الصحف أنها انتحرت، وتذهب إلى صاحبها الأول تعرض عليه ما حل بها من كارثة، وتنتهي بأن تصبح زوجًا له تعيش معه في ركن ضيق من الأرض تتمتع بنعمة الأمومة وسعادة الزوجية بعيدة عن المغامرات المخجلة المزرية بكل علم وكل كرامة.

وتلك فتاة مهذبة متعلمة قوية على الحياة شاعرة بحقها في الحرية، تزوجت رجلًا مقامرًا يريد الثروة والغنى العاجل، فيضارب في البورصة فتصيبه الخسارة تهوي به إلى حضيض الجريمة، ثم يعلم أن زوجه هذه ورثت سبعة ملايين من الفرنكات مع ابن عم لها ورث سبعة ملايين مثلها، وكانت الزوجة قد سئمت هذه الحياة المادية الوضيعة التي لا ترمي إلى مثل أعلى، ولا تطمع في غير المال تحتبله بكل الوسائل ومن مختلف الطرق، وزاد سأمًا أن أصبحت أمًّا، وأن صارت تخاف أن يفسد هذا الغارق في حضيض المادة كل المعاني الإنسانية في نفس ابنته. ثم كان ابن عمها الذي ورث مثلما ورثت قد وهب نفسه للفقراء والمحتاجين: يقوم على تربية أبنائهم، وحسن توجيههم في الحياة إلى أسمى ما في الحياة. فلما علم بما ورث أبى أن يقتضيه؛ لأنه لم يكن نقيَّ المورد؛ إذ كان لخالة ساءت زمنًا ما سيرتها، وأعلنت الأم البائسة أنها تنزل عن سبعة الملايين التي لها هي أيضًا، فجن جنون زوجها، وذهب يلتمس عون ابن عمها كي يردها عن عزمها، وبعد لأي قبلت أن تنزل له عن سبعة الملايين مقابل طلاقها وتسليمها ابنتها. فلما تمت الصفقة صاحت مبتهجة: لقد باعني ابنته! ووقفت حياتها على ابنتها تربيها تربية سليمة، وتوجهها إلى مثل أعلى.

ليست تقف موضوعات التأليف المسرحي عند هذا النوع من الإصلاح الاجتماعي. على أنها تحاول فيما تتناول منه تحليل أسباب الاضطراب النفساني والاجتماعي الذي خلّفت الحرب؛ لتظهر الجماهير عليها كي تسترد قوى التنسيق بين العقل والعاطفة وبين السليقة والشذوذ. ثم هي تتناول كذلك أنواعًا أخرى لعل الفن وحده هو صاحب الإملاء فيها. على أنها بالرغم من ذلك تتناول جانبًا من الحياة كما يراه الناس، وتتناوله بالتحليل أو بالعرض أو بالنقد، ثم إنها في كل حال تتناول جانبًا من الحياة على ما نراها ونحسها، فتجعلنا لذلك نرى صور الحياة من أحد جوانبها حين نرى هذه القطع تمثل على المسرح. قد يكون هذا الجانب تافهًا، وقد يكون ضعيفًا، وقد لا يرى البعض أن يتوجه إليه بأية عناية خاصة. لكنه على كل حال من الحياة التي نحيا؛ فهو لذلك يمسنا من ناحية الحسِّ أو الشعور أو التفكير أو العقيدة، ويحرك فينا واحدةً أو أكثر من هذه النواحي بمقدار قل أو كثر، وفي اعتقادي أن هذا هو الهم الأول للمسرح. فأما ما يكون فنًّا للفن من غير أن يكون ماسًّا بالحياة، فمن صور الكمال المستحبة، ومما يجب أن يفكر الكتّاب المسرحيون فيه تفكيرًا جديًّا، ولكن مع هذا الاعتبار دائمًا، وهو أن هداية المسرح الجماعة في الحياة يجب أن تنال أوفر حظ من العناية، ويجب أن تكون عند رجال المسرح في المكان الأول.

حاول بعض الكتاب المسرحيين في مصر، وفي مقدمتهم المرحوم محمد تيمور، أن يجعلوا غايتهم من قطعهم المسرحية هذا التوجيه الصالح لتطور الجماعة إلى الناحية الأكثر على الإنسانية جدوى في رقيها وفي سعادتها، فانتزعوا من وقائع الحياة في مصر صورًا أبرزوها على المسرح؛ لتمس من الجمهور بعض نواحي الحياة، ولتستفز منه العقل أو العاطفة أو العقيدة، ولست أحاول أن أحلل أو أنقد بعض هذه القطع. لكنّ هذا المجهود الصالح لم يصل إلى غايته، ولم تتداوله الأيدي بمقدار تتجلى معه من الحياة نواحٍ كثيرة، فتوجه في نفس المطلع على القطع التمثيلية المختلفة تيار التطور إلى الناحية المراد أن يتجه إليها، ولعلي لا أغلو إن قلت إن كثيرًا من هذه القطع كانت تنقصه روح الفن التي تضاعف الحياة على المسرح مضاعفة تجعل ما يتركه من الأثر في النفس قويًّا عميقًا لا يتبخر ولا يزول بعد مغادرة المشاهد المسرح بسويعات. قد يذهب بعضهم إلى أن جانبًا كبيرًا من اللوم في هذا يقع على الممثلين الذين ينقلون إلى الجمهور كل ما يريد المؤلف أن ينقله إليه من صور الحياة، ولا يوجهون هذا الجمهور إلى ما يريد المؤلف أن يوجهه إليه؛ ليندفع تيار تطوره إلى ناحية خاصة. لكني أعتقد من جانبي أن المؤلف جدير بمقدار من اللوم أكثر من الممثل، وهو جدير بكل اللوم إن كان واجبًا عليه هو أن يختار الممثل الذي ينقل قطعته المسرحية إلى الجمهور، وأكبر ظني أن لو اختيرت الموضوعات من واقع ما تضطرب به الحياة اختيارًا يجعل الموضوع لذاته قويًّا أخاذًا، لكان هذا الاختيار نفسه جديرًا أن يسمو بالممثل إلى ما لا تسمو به إليه القطع التي تمثل اليوم، والتي تعتمد أكثر أمرها على الخيال البعيد عن قوة تصويره ما في الحياة التي نرى ونحس.

نعم! فإن كثيرين من كتابنا وممثلينا يظنون المقدرة غاية المقدرة في إبداع ما لا تستطيع الحياة إبداعه، وأنت أكثر ما ترى على مسارحنا مآسي ومهازل منقولة عن اللغات الأوربية، والغرض من أكثرها لا يعدو إلهاب خيال الجماهير الساذجة القاصرة الخيال، والتي تريد لذلك أن ترى في المدهش وفي العجب والمطرب ما يعوض عليها قصر خيالها، وهذا الضرب من التأليف ومن التمثيل أقرب الضروب إلى ما يرغب الأطفال عادة في مشاهدته في خيال الظل و«القراكوز» ونحوهما، وإذا كان هذا النوع من الفن مما يثير إعجاب البعض فهو في نظري ليس بالفن، الذي يؤدي للحياة رسالة الفن الجدير باسم الفن، والذي يتصل بالحياة ويسبقها في تصوير سبيل الكمال لها، وفي تشذيب ما بها من شذوذ يعوقها عن سرعة السير في سبيل الكمال هذه، وهذا الفن هو الذي ندعو إلى دراسته، وإلى جعله موضع التأليف المسرحي.

وليست هذه الموضوعات بالقليلة أو التافهة في مصر. بل إنَّ مما تنقل الصحف السيارة من أخبار وحوادث قد نمرُّ عليها من غير أن تقف تطلعنا عندها، ما يجدر بالعناية والدراسة والبحث، وما يصلح خير صلاح؛ ليكون قطعًا تمثيلية إذا أتقنت من ناحية التأليف كانت من خير ما أخرج للناس في مختلف البلاد والأمم. لكن العناية والدراسة والبحث تحتاج إلى مجهود، وقد أصابتنا الحرب بما أصابت به أوربا من السعي للفرار من كل مجهود متصل مضنٍ ولكنه عظيم النتيجة عميق الأثر.

هل لنا أن نرجو التغلب على هذا الهمود الذي أصابنا في نواحٍ كثيرة منها ناحية التأليف المسرحي؟ وهل للمؤلفين المسرحيين عندنا أن ينظروا إلى هذا الفن نظرة جد، وأن يعتبروه جديرًا بمجهود مثابر منتج؟ وهل لكتابنا الذين يعنون بهذه الموضوعات أكثر من عنايتنا، والذين يعرفون لذلك أسباب ضعفها وقوتها أكثر مما نعرف، أن يكشفوا عن الأسباب، وعن وسيلة التغلب على الضعف، واستثارة مقومات القوة؟ إن النجاح في هذا، وما قد يكون أثرًا له من النجاح في التأليف المسرحي خليقٌ بأن يوجه تطور الأمة توجيهًا صالحًا لم توفق حتى اليوم له، وهذه غاية سامية جديرة بأكبر الرءوس وأنضج العقول.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤