الأزرق والأخضر

(١٩٢١م)

الأخضر

من الثُّريَّا تتدلى الأصابعُ البلورية النحيلة المُستدقَّة. ينزلق الضوءُ عبر البلور صوبَ الأسفل، فيَقطرُ مثل بحيرة من الأخضر. على مدارِ اليوم تَظلُّ أصابعُ الثُّريَّا العَشرُ تَقطرُ أخضرَها فوق الرخام. ريشُ الببغاوات — صيحاتُها الخَشِنة — الشفراتُ الحادَّة لأشجار النخيل — خضراء، أيضًا؛ الإبَرُ الخضراءُ تلمع في الشمس. لكنَّ البلورَ الجافَّ يتقاطر فوق سطح الرُّخام؛ والبحيراتُ تُحوِّم فوق رمال الصحراء؛ والجِمال تتهادى عَبْرها؛ حطَّت البحيراتُ فوق الرخام؛ الاندفاع شذَّب حوافَها؛ لكنَّ الأعشابَ الضارَّة تسدُّها؛ هنا وهناك براعمُ زهرٍ بيضاء؛ ضفدعٌ يتخبَّط ويَثِبُ؛ في الليل تنتصب النجومُ هناك على نحوٍ ثابت. يأتي المساء، وتَكنسُ الظِّلالُ الأخضرَ عن سطح المَوقد؛ وعن سطح المحيط المضطرِب. لا بواخرَ آتية؛ الأمواج التي بلا هدف تتمايلُ تحت السماء الخاوية. إنه الليل؛ الإبرُ تَقطرُ بُقعًا من الأزرق. ويختفي الأخضر.

الأزرق

الوحشُ ذو الأنف الأفطس يَبرزُ على السطح وينفجرُ من خلال منخارَيه البليدَين عمودان من المياه، مُتَّقِدان بالبياض في المركز، وعند الحواف يقذفان خيوطًا من الخَرَز الأزرق. ضرباتٌ من الأزرق تُسطِّر الجسمَ المِلاحيَّ الأسودَ لمخبئه. قاذفًا الوحلَ من الفم والمنخارَين راح يغنِّي، مُثقَلًا بالماء، أطبَقَ عليه الأزرقُ مُنقِّبًا عن البلورتَين المصقولتين لعينيه. مَرميٌّ على الشاطئ يرقد، خامدًا، بليدًا، تتساقط عنه قشورٌ زرقاءُ جافَّة. أزرقُها المعدني يُبقِّع الحديدَ الصَّدئ على الشاطئ. الأزرقُ هو عروقُ ألواح الزَّورَق المُحطَّم. وموجةٌ تتدحرجُ تحت الأجراس الزرقاء. لكنَّ الكاتدرائيةَ مختلفة، باردة، مُحمَّلة بالبخور، أزرقُ باهتٌ بلونِ وشاح السيدة مريم العذراء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤