الفصل الخامس

لم يتغير مظهر استديو التصوير عما كان عليه منذ عام. دفعت الباب فأعلن جرسه عن وصولي. التفتت إليَّ امرأة شابة، انهمكت في ترتيب أدراج خزانة بأفلام جديدة. سألتني عما أريد. خلا وجهها من العيوب، فقسماته منتظمة ورقيقة؛ بينما تناثرت بعض بقع النمش الواضحة على وجنتيها البارزتين وتحت عينيها، وهي تعكس لون شعرها. لكن طبقات صوتها المنسجمة لم تنجح في طرد العصبية الحادة التي تثيرها ثأثأتها الشديدة.

– أ…نتم، أنتم تر…يدون.

– أنا المفتش كادان، أتيت لرؤية الأستاذ روسنير. ألا يزال يعمل هنا؟

أخذت تؤدي واجب الرد عليَّ. صررت على أسناني وضممت قبضتَي يدي حتى لا أصرخ فيها لتكتب وتضع حدًّا لهذه المحنة.

– و… والد… دي يقوم برﺑ… بور تاج عن ﻣﻨ… منتزه إﻳ… باكس … لحساب البلدية.

– شكرًا. قولي له إنني أنتظره في «بار الأصدقاء».

لحق بي المصور بعد نصف ساعة. ضخم كعهده دائمًا، ويرتدي طاقمه الأبدي من القطيفة السوداء المهترئة في الركبتين؛ وكاميرا «ليكا» تتدلى من رقبته. بدا في حالة مزاجية جيدة.

– يا لها من مفاجأة أيها المفتش! كدت لا أصدق ابنتي. أتعود إلينا؟

– بل أعمل في تولوز. أنا أحقق في موضوع خاص، وتشاء الصدفة أن يذكروا اسمك أمامي في أحداث ترتبط بهذه المسألة.

انحنى نحوي. ودون أن ينطق بكلمة، أشار إليَّ بمواصلة الكلام. لخصت له — بإيجاز — ملف تيرو.

– وما الذي تنتظره مني أيها المفتش؟

– أحب أن تحكي لي ذكرياتك في أكتوبر ١٩٦١م، وخاصة إذا كنت قد تجوَّلت بالقرب من فوبور بواسونير. لن أذكرك في التقرير. كلمة شرف. أريد أن أعرف ما حدث في هذه الليلة. لا أحد يريد الحديث عنها. وعمليًّا، لا يوجد أي أثر لها. وبدون موت برنار تيرو في تولوز، لربما ظللت أجهل كل شيء.

دفع روسنير ظهر مقعده وأخذ يؤرجحه.

– ما الذي سيقدمه لك تنقيبك في الماضي أيها المفتش؟ أعتقد أنك لا تتوقع مني أن أعطيك اسم القاتل وأنا أجتر ذكرياتي. تلك الليلة استهلكت عشرات لا بأس بها من البكرات؛ ثلاثمائة وخمسين صورة نجاتيف على الأقل! لا أذكر أنني طبعت صورة لأي أوروبي، عدا رجال الشرطة.

أكان هناك قتلى بين قوات النظام؟

– لا، ولا واحد، ولا حتى جريح. لكنَّ أفرادًا، من قوات الأمن الجمهورية طلبوا مني تصويرهم في وضع الصيادين وقدم كل واحد منهم فوق جثمان واحد من الجزائريين. أثار هذا دهشتي حقًّا عندما فكرت فيه. لم يكن مع المتظاهرين أية أسلحة، ولم يحاولوا — في أية لحظة — تنظيم أي احتجاج. وفي أفضل الأحوال، أخذوا يحاولون الهرب أو الاختباء في مداخل العمارات. وهذا ما تناقض — تمامًا — مع المعلومات التي بثها مركز الاتصال. في بداية الاضطرابات، أعلنت لجنة التنسيق بين أقسام الشرطة — وهي نوع من إدارة للطوارئ مُقامة في المديرية — عن عشرات القتلى من رجال الشرطة على يد جبهة التحرير الشعبية في المادلين والشانزليزيه. وعلى الفور، هرعتُ هناك في ناقلة تابعة للشرطة المتنقلة، كانت مركونة جانبًا. أصبحوا كالمجانين عندما سمعوا الراديو. حيوانات ضارية حقًّا. لكن، ومنذ هذه اللحظة، تلقى الجزائريون وابلًا من اللكمات. وخلال ربع ساعة، أحصيت ست جثث، دون ذكر الجرحى. ومن المادلين، توجهت إلى الأوبرا، حيث اشتعل الاقتتال في الحي كله. أتذكر أحد المشاهد: مجموعة من المتظاهرين تلاحقها قوات الأمن الجمهورية، تندفع نحو «كافيه دي لا بيه» في بولفار كابوسين. لم تكن الشرطة بحاجة إلى محاصرة المقهى، فقد وفَّر عليهم رواده والعاملون فيه هذا الجهد بطرد الهاربين منه. أتذكر ذلك — الآن — جزءًا جزءًا! توقفت — قبل ذلك بالضبط — أمام مسرح «أوليمبيا» لتصوير حلقة تجمُّعات المتظاهرين المعتقلين. أرى إعلان الاستعراض؛ فقد التقطت له صورة إعلان عن استعراض لجاك بريل. بعد ذلك بقليل، قادني كونستابل شمال بولفار الإيطاليون، في ريشيلو-دروو. وقفت عشرون ناقلة — تابعة للفرقة الثالثة لقوات الأمن الجمهورية — على أهبة الاستعداد للانطلاق في اتجاه شارع الجمهورية، فتابعت — بالتالي — تحركات الفرقة.

– دائمًا على الموتوسيكل؟

– لا. في إحدى المدرعات. كانوا مسلحين حتى النخاع! بنادق، قاذفات قنابل، مسدسات؛ علاوة على الهراوات. كلهم أرادوا التقاط صورة لهم قبل البدء في العمل. عدد لا بأس به منهم أدى الخدمة العسكرية في الجزائر. قاد السائق «ع. ح. ع» في منطقة وهران.

– قاد ماذا؟

– تشكيل عمليات الحماية العسكرية (ع. ح. ع). وهو نوع من الوحدة العسكرية — من خمسة عشر أو عشرين جنديًّا — مكلَّفة بمراقبة قطاع جغرافي صغير بهدف عقد اتصالات مع السكان الأصليين. وبشكل محسوس، انحصرت مهمتهم في تفكيك شبكات مساعدة رجال المقاومة بكافة الوسائل. تحدثوا كثيرًا عن التعذيب بالكهرباء، لكنه ليس أسوأ أنواع التعذيب! واستخدام ماكينة اللحام في خرق الكعبين ليس بعمل قبيح كذلك! آه. هؤلاء اﻟ «ع. ح. ع» في هذا الزمن، كانوا يعطونك — في مدخل حمام السباحة، ألم تعرف هذا أيها المفتش؟ — عبوات الشامبو الفردية الصغيرة؛ غسيل رأس، غسيل مخ. لنعد إلى سهرتك. أقاموا حاجزًا من الناقلات خلف سينما «ركس» ثم بدأ الصيد في بهو «ميدي-مينوي». سأتذكر دائمًا عنوان الفيلم الذي عرضوه هذه الليلة: «محصَّل الجثث»، مع بوريس كارلوف وبيلا لوجوزي.

– لن أحتاج إلى الذهاب إلى مركز السينما.

توقف مارك روسنير عن الحديث، وأشار إلى صاحب المقهى ليأتي لنا بفنجانَي قهوة آخرَين.

– آه. نعم. لماذا؟

– يبدو أن روجيه تيرو حضر إحدى حفلات السينما قبل أن يُقتل. على أيَّة حال، وجدوا معه تذكرة من «ميدي-مينوي» عندما عثروا عليه ميتًا.

– لا أفهم لماذا يدسون تذكرة سينما في جيبه؛ فلمدرس التاريخ الحق في الاهتمام بالخيالي. وبالنسبة لي، أديت المطلوب من عملي في هذا المكان وعيني ملتصقة بالعدسة. سأقول لك شيئًا، ما يهم الآن — في هذه اللحظة — هو الصورة. أنت لا ترى حقًّا ما يحدث. فقط الضوء، الكتل، والإطار. والمصور ليس شاهدًا، ففيلمه هو الذي يلعب هذا الدور. وفي لحظة الضغط على الزر، نثبت الصورة، دون أن ندركها. تعرف صورة المراسل الصحفي من السلفادور، والذي صوَّر جنديًّا يمسك به مسددًا نحوه بندقية؟ لقد صوَّر في اللحظة المضبوطة تمامًا، عندما ضغط الجندي على الزناد. قطعًا كان يعلم أنه يخاطر بحياته، لكنه لم يستطع تفسير الأمر، فقد سيطر الهدف على الشاشة. ربما صورت مصرع رجلك؛ لكن المؤكد أنني لم أره.

– لا تضغط على نفسك يا روسنير. أتفهَّم — تمامًا — ألا ترغب في مساعدتي؛ لا شيء يرغمك على هذا.

– أخطأت أيها المفتش. أنا لا أهرب. السابع عشر من أكتوبر تاريخ هام بالنسبة لي؛ فهو يُحدد نهاية مهنتي كشرطي. سأُضحكك، لكن هذا العمل كان يرضيني حقًّا! لم أتحدث في ذلك مع أحد. فمنذ عشرين عامًا عاهدت نفسي على نسيان كل شيء اليوم، تفاجئني، وتجبرني على الاعتراف بأمر يهمني جدًّا. أعطني وقتًا لأجمع شتات ذهني. أعتقد أنني عبرت فوبور بواسونيير أمام «لومانيتيه»، وأخذت فنجان قهوة في بار «الجيمناز» حيث كان يجلس فريق من التليفزيون البلجيكي. لم يصدقوا أعينهم. عليهم الاكتفاء بالمشاجرات بين الفالونيين١ والفلمنديين.٢ احتموا خلف صندوق «جوك».٣ أخذ المصور يواصل التصوير بلا انقطاع. وفي رأيي أنهم لم يطبعوا شيئًا يذكر. كان الوقت ليلًا. وطبعًا يصعب وضع مصفحات من الكشافات وتوجيهها على رجال الشرطة! أنا استخدمت الفلاش خلال عملي. بعد خروجي من المقهى، ذهبت إلى المسرح، بجواره. كانت مجموعة من قوات الأمن الجمهورية تخرج منه حفنة من الجزائريين نجحوا في الدخول إلى الكواليس. مكثت هناك حتى الساعة التاسعة لأتنفس قليلًا. أعطاني المدير كأسًا من الشمبانيا، فقد كانوا يحتفلون بالعرض الأول لإحدى المسرحيات، يبدو أنه اعتقدني مصورًا لإحدى الصحف.

– ألم تلاحظ أي شيء في الناحية الأخرى من البولفار، في اتجاه شارع نوتردام دي بون نوفيل؟

– لا شيء. أنا آسف أيها المفتش؛ عندما غادرت المسرح، ذهبت — رأسًا — إلى قاعة المعارض التابعة لبوابة فرساي، حيث يجمعون المتظاهرين المقبوض عليهم. لم تجد المديرية استادًا كبيرًا بما فيه الكفاية، ولا قريبًا بشكلٍ كافٍ؛ فسيبدو أمرًا قبيحًا أن تسجن المتعلقين في استاد «دي كولومب».٤ وأخيرًا، في بون نوفيل، واصلوا إطلاق الرصاص في كافة الاتجاهات؛ حيث سجلوا أكبر عدد من القتلى والجرحى.

– تقول إن المتظاهرين في «لا سيتيه» لقوا مصرعهم داخل المديرية؟ هذا مستحيل. لا يمكنهم أبدًا الدخول فيها.

– لا شيء مستحيل في تلك الليلة المجنونة. اعترفت الحكومة بثلاث أو أربع حالات وفاة، رقم يجب مضاعفته إلى خمسين ضعفًا — على الأقل — للاقتراب من الحقيقة. فقد استدعوا فريقًا من معهد الطب الشرعي — حوالي الساعة الثانية صباحًا — في الثامن عشر من أكتوبر، ليتسلم ثمانيًا وأربعين جثة دفعة واحدة، في الحديقة الصغيرة الموجودة بالقرب من «نوتردام»، قبل العمل في موقف السيارات الأرضي. لم يمت أي واحد منهم بالرصاص. كان التشخيص واحدًا بالنسبة للجميع: الضرب بالمطرقة. وطبقًا لشائعات قوية، تم نقل مسئولين من جبهة التحرير الشعبية — مباشرة — إلى «لا سيتيه» للاستجواب. ظلوا تحت المراقبة، في مكان ما بالطابق الأول، عندما دخل القاعة — فجأة — جمع من رجال الشرطة ورشاشاتهم مصوبة نحوهم. اعتقد الأسرى أن ساعتهم الأخيرة قد دنت، فاندفعوا نحو الباب الخلفي، الذي انفتح تحت ضغطهم. وتصادف أن هذا الباب يؤدي — مباشرة — إلى القيادة العليا لمدير المديرية. لا مجال لإطلاق الرصاص.

سمع مدير المديرية — والمحيطون به — هذه الجلبة خلال تنسيقهم لعمليات القمع. وفورًا اعتقدوا في حدوث هجومٍ من جبهة التحرير الشعبية، فوجهوا كل حرس «لا سيتيه» المركزي ضد السجناء. والنتيجة ٤٨/صفر! نتيجة جميلة. بجوار أرقام كهذه، تبدو أخطاء اليوم تافهة حقًّا! أحكي لك كل هذا — أيها المفتش — رغم أنه لم يرد ذكره رسميًّا أبدًا، ولا أي دليل ولا أي أثر للثماني والأربعين جثة: لقد وجد المعهد سببًا حقيقيًّا وجادًّا لتفسير كل وفاة. إدارة مهملات التاريخ. الأفضل — للجميع — أن يظلوا في القاع! لا تتسلَّ بانتشالهم إلى السطح. سيفعلون مثل دراكولا ويعيشون على دمك أنت.

لأول مرة يفقد روسنير مظهره الساخر الذي يبديه باستمرار. نهض وهو يستند على المائدة: أيها المفتش، أنت ماهر في دس أنفك في الأعمال القذرة. لكن، ليس بتحريك الطين تستطيع الخروج منه.

– كيف إذن؟

– بأن تُغرق فيه الآخرين، بكل بساطة.

•••

عُدت إلى باريس بقطار الضواحي؛ ونزلت محطة «جار دي نُورْ» قبل الخامسة بقليل. أخذ المسافرون القليلون يحثون الخطى نحو مواقف الأتوبيسات. عَبرت أروقة المحلات واتجهت نحو الساحة. كان الميدان الرمادي خاويًا. وأمامي، سارت امرأة شابة شعرها أحمر. راقبت — شارد الذهن — حركات ساقيها. في كل خطوة تخطوها يتمدد قماش جونلتها، فأرى علامة ملابسها الداخلية الخفية، والموجودة — رغم هذا — بطريقة لا تصدق. يبدو أن إلحاح نظرتي أصبح من القوة إلى حد أن دفع المرأة للالتفات نحوي، وفحصي من قمة رأسي حتى أخمص قدمي، وهي تثبت بصرها — من قبيل التحدي — على ما بين فخذي. كانت ترتدي تي شيرت مطبوعًا عليه اسم ناتالي. ابتعدت في اتجاه محطة «جار دي لاست».

راودتني فكرة زيارة مدام تيرو، ثم تخليت عنها. بدا لي من اللائق أكثر أن أطلب منها موعدًا، وأترك لها حرية اختيار ساعة ومكان لقائنا. أسندت كوعي على بار «فييل دي بروكسيل» لأطلب بيرة «جيز»، عندما اخترقت ذهني فكرة فجائية. فتحت مفكرتي وسألت الجرسون أن يطلب رقمًا في بلجيكا. وبعد خمس دقائق، سألتني عاملة سويتش راديو وتليفزيون بلجيكا الفرانكفوني عما أريد.

– أود الحديث مع السيد دريل أو السيد تيرلوك؛ من قسم التحقيقات والريبورتاج؛ وذلك بخصوص فيلم أخرج لمجلة «تسعة مليون».

– لم يعد لهذه المجلة وجود؛ فقد تخطينا العشرة ملايين نسمة؛ وقد خرج الأستاذ تيرلوك على المعاش العام الماضي. أستطيع أن أجعلك تتصل بالسيد دُريل، المسئول عن أحداث الساعة لجريدة المساء.

حرصت على ألا أجيبها لأتجنب الاستماع إلى تاريخ الجريدة الناطقة. حصلت على تليفون مكتب جان دُريل.

– آلو. هنا المفتش كادان من تولوز. أحقق في مصرع شاب، مات والده أيضًا أثناء أحداث أكتوبر ١٩٦١م، في باريس. لدينا قليل جدًّا من الوثائق في فرنسا؛ أقصد الوثائق المتاحة. وأرغب في مشاهدة الأفلام التي سجلتموها في تلك الفترة.

– هذه مفاجأة، وخاصة من شرطي. منذ عشرين عامًا، بدأت أقتنع بلامبالاة العدالة الفرنسية إزاء هذه الوثائق. أنا مستعد لوضعها تحت تصرفك. لنحدد موعدًا.

– حسنًا. أنا في محطة جار دي نور، والقطار التالي، المسافر إلى بروكسيل، يغادر المحطة الساعة ٥:٤٥ دقيقة بعد الظهر. أستطيع مقابلتك بدءًا من الساعة الثامنة مساءً.

– يسرني التَّعرف على رجال جادين مثلك أيها المفتش، اتفقنا إذن، لكن لا تأت إلى مدينة التليفزيون في بولفار ريرز، فلن أكون هناك. نحن نصور بعض المشاهد في سوق البراغيت٥ بميدان جيو دي بال، على بعد دقيقتين — بالتاكسي — من محطة جار سنترال. لن تضل الطريق إلينا. ستجد هناك ثلاث لوريات للمعدات، وعربة المنتج. ما الذي تريد مشاهدته بالضبط؟ أعدَّ تيرلوك مونتاجًا — مصحوبًا بتعليق — يستغرق حوالي عشر دقائق؛ ولم يُعرض أبدًا في القناة التليفزيونية. أعتقد أن سفيركم لعب دورًا في هذا! وإلا فنحن نحتفظ — في الأرشيف — بالفيلم الخام كله؛ حوالي ساعة من الصور الصامتة.

– لا يهمني المونتاج، سأكتفي بالتصوير المتواصل، إلى أن نلتقي — إذن — في سوق البراغيت.

لا نحتاج إلى أكثر من عبور الحدود لنعتقد أننا في قلب المغامرة: كامبري، فالنسين، مونز! ابتهجت — مقدمًا — بهذه الهجمة على الأراضي البلجيكية. الغارة السابقة ترجع إلى عامين. وقتئذٍ، كنت أعمل في هازيبروك، وأعاني من أكتر حالات اليأس فداحة؛ فأجنح كثيرًا، بالتالي، إلى حانة تغلق أبوابها عند الفجر. وذات أمسية من أمسيات الاكتئاب أقسمت لمديري أن أحتسي قهوتي في بروكسيل وأعود للإفطار. كان بإمكاني القيام بمجرد نزهة في الريف ثم العودة وحكاية أية قصة، فلن يطالبني أحد بأكثر من حساب أجر ليلة إضافية. لكنني أضفت إليها وعدًا بالعودة ومعي فاتورة المقهى. ليس لهذه المغامرة أي شيء مشترك مع هجوم باريس-داكار.٦ لكنها أثرت على زبائن هازيبروك؛ الذين لم يسبق للبعض منهم رؤية البحر أبدًا، والذي يقع على بُعد خمسين كيلومترًا منهم، إذا اتفقنا أن نسمي «بحرًا» ما يأتي بعد الشاطئ، في اتجاه دانكرك. براي لي دون، شاطئ لوون، ويسان، وامبلتوز! فرق كبير بينها وبين أسماء في شهرة سان تروب، راما تويل، أو جوان لي بينز.

كان عليَّ اجتياز ثلاثمائة كيلو متر. انقضى الذهاب بلا مشاكل. وصلت بروكسيل عن طريق تورني. وجدت نفسي في قلب مدينة منكوبة، مبقورة في كل مكان، تتشابك فيها الحفر بتحويلات الطرق، بالاتجاهات الممنوعة. احتجت حوالي ساعة لأصل إلى المدينة القديمة، حيث لافتة هائلة تخبر الزوار بالمدة المرجحة لأعمال الحفر بالمترو، وتشكرهم على حسن تفهمهم. لم أجد دكانًا واحدًا مفتوحًا! وعمَّق غياب الحياة هذا — أيضًا — من انطباعي بعبور مدينة في حالة حرب. أخذت أتجنب كل المطبات المرصودة في طريق «الخلد البلجيكي». ركنت السيارة بالقرب من جراند بلاس، حيث فانوس أحمر يلمع تحت الممر ذي البواكي. اقتربت من الواجهة ذات الإضاءة الخافتة، وأنا أحلم — مقدمًا — بالصوت المكتوم لكوب البيرة الطازجة من البار. دفعت الباب متأهبًا للصياح بطلبي من البارمان. لم تقل دهشة شرطة الدوام، التابعة لقسم شرطة الحي، عن حجم دهشتي أنا.

لم أتعلم — فقط — هذه الليلة، أن المصباح الأحمر، ذا الضوء الخافت لا بد أن يشير إلى وجود قسم شرطة «جراند بلاس». علمت — أيضًا — أن مسمارًا من النحاس (بل وأكدوا لي أنه من الذهب)، مثبت في قلب ساحة كنيسة نوتردام دي باريس، يرمز إلى نقطة طرق فرنسا القومية الرئيسية. عند العودة، بالقرب من «هال»، وفي بار بإحدى الضواحي، جلست فوق مقعد بار عالٍ، بالقرب ممن اعتقدت — للوهلة الأولى — أنه طائر فَلَندري، أخذت أحاول التعرف على الأمكنة وأنا أحتسي البيرة الموعودة، فإذ بي في بيت للدعارة بالضواحي، وإذ بطائري الفلندري يتحول إلى «دجاجة»٧ ترتدي الموسلين الوردي، وتنتظر — بصبرٍ نافدٍ — وصول مسافر متأخر.
حكى لي صاحب المقهى — وهو في حالة بوح — أنه عاش في باريس قبل الحرب، وعرض عليَّ بضع زجاجات خمر تفاخر بأنه بائعها الوحيد. لم يكف عن كيل المديح لشراب الكيرش،٨ وأجبرني على شرب نخب الصداقة الفرنسية-البلجيكية، ثم رسم الخطوط العريضة لموقع مسمار نوتردام.

دخل القطار المحطة الرئيسية بعد الثامنة بقليل. أخذت تاكسيًا وذكرت له ميدان جو دي بال.

– كويس جدًّا يا أستاذ. هو أمامنا مباشرة؛ لكن يجب الدوران عبر سان جوديل بسبب الأشغال.

– أشغال المترو أيضًا؟

– آه. لا. هذه انتهت. أشغال توسيع محطة القطار. هاك. ها هي كنيسة سان جوديل! بين مبنى بنك بلجيكا الوطني ومبنى شركة الطيران «سابينا». إنهم يحطمون كل شيء في هذه البلاد، وكأنهم — عندكم — قرروا غرس عمارات «لا ديفانس».٩ فوق كنيسة نوتردام ومن الجهتين، قريبًا سيضعون المانيكان «بيي» في مراحيض عامة،١٠ وسيلزم أن تدس له عملة لتراه يتبول!

أنزلني عند تقاطع شارع «هو» وشارع «ينار». كان الميدان محاصرًا بكردون من رجال الشرطة. وما إن ذكرت اسم دُريل، حتى انفتح الحاجز. اتجهت مباشرة نحو لوري المنتج المتوقف في ناصية شارع بلاس. وعبر نظارات مستديرة مطوقة بالحديد، حدَّق فيَّ رجل في الخمسين من عمره، وشعره الأشيب يتموج فوق كتفيه.

– أنا على موعد مع السيد دُريل، المخرج.

– وصلت في ميعادك بالضبط أيها المفتش. إنه أنا. أمهلني دقيقة وسأكون تحت تصرفك. يجب أن أسجل بعض التعليمات بالنسبة لحركة رافعة الكاميرا.

تابعته ببصري. أخذ يحرك رأسه، وذراعيه، وشعره، وسط مجموعة من الفنيين، يُصدر الأوامر ويستمع إلى الاقتراحات. عاد إلى اللوري الذي لم أغادره.

– حدثتني عن سوق البراغيت في التليفون. توقعت رؤية ميدان تجتاحه المنصات والسُّيَّاح!

– هذا ما سيحدث غدًا صباحًا أيها المفتش. نحن نصور المساحات الخالية دون وجود أي كومبارس. ستتجول الكاميرا عبر الواجهات والأرض وهي تتبع خط سير محددًا، وستقطع المسافة — مرة أخرى — عندما يبدأ العمل في السوق، وهو في ذروته، غدًا. لم تأت إليَّ من باريس — على وجه السرعة هكذا — لمشاهدة موضوع معرفتك به لا تقل عن معرفتي تمامًا! لم يخترعوا سوق البراغيت في بروكسيل!

– لا، وليس لديَّ كثير من الوقت.

– لست أول فرنسي يهتم بهذا الفيلم عن المتظاهرين الجزائريين. حاولت أقسام الأمن — في بلادكم — شراء النسخة الأصلية، والنسخ المنقولة من هيئة إذاعة وتليفزيون بلجيكا الفرانكفوني، لكن الإدارة قاومتهم. لا أظن أن المسئولين عن المذبحة توقعوا افتضاح أمرهم بهذا الشكل الدعائي المكثف لنتائج أوامرهم. هذا طلب يرجع إلى أكثر من عشرين عامًا. بالضبط عقب حوار سريع أجرته صحيفة «لي سوار»، مع تيرلوش. في ذلك الحين، أكاد أجزم أن العالم كله لم يعلم بوجود مثل هذه الأفلام.

– عدا إدارة قناتكم.

– استطاع التليفزيون البلجيكي التحرر من السلطة السياسية قبل نظيره الفرنسي بكثير. لا أحد يضغط على الصحفيين ليرغمهم على سحب موضوع ما. وللأمانة المطلقة، فإننا لم نكن في باريس لتغطية هذه المظاهرة، وإنما لمتابعة سلسلة حفلات «جاك بريل» الموسيقية على مسرح «الأوليمبيا». أذكر أنه كان قد تقرر أن يبدأها صباح اليوم التالي، لمدة خمس عشرة ليلة، وأنهم ألغوا حفل الافتتاح لارتباط بريل بعقد سابق، مساء ١٦ أكتوبر، في قاعة استقبال كبار الزوار بوزارة البحرية. إعلان رائع! جاك بريل، شارل ترنييه، وأوركسترا هيليان و… فرح ديبا! نجحنا في الحصول على دعوات لحفل الاستقبال بالسفارة البلجيكية. ألم تشاهد رحلة شاه إيران وفرح ديبا الرسمية في فرنسا؟

– لا. إنها متعة لم يسمحوا لي بها!

– أنا طفت بكل صفحات مجلة «بوتان» في بلجيكا. لن أحكي لك. ولكن أن ترى الحرس الجمهوري يقف في موكب الشرف تحية لإمبراطور بلاد فارس، شيء صعب الإدراك. لم أفهم أبدًا ما الذي ورَّط «جاك الكبير» في مثل هذه الأعمال!

أصبحنا في عربة المنتج. جلس دريل أمام جهاز توقيت موصول بالمونيتور١١ ووضع فيه كاسيت.

– لقد راجعته. يستغرق ساعة وسبع دقائق. إذا شدَّ انتباهك مقطع أو مشهد — أكثر من غيره — فيكفيك تدوين رقم العداد. يمكننا طبع بضع صور منه. أتركك؛ فلديَّ بعض الأعمال الهامة.

تتابعت الصور. كلها يصعب الدفاع عنها الواحدة أكثر من الأخرى. صُوِّر الجزء الأول من الفيلم التسجيلي من داخل سيارة تتجول عبر باريس. دارت اشتباكات عديدة بين متظاهرين مجردين من السلاح، أربكتهم البلادة، ومجموعات قوات الأمن الجمهورية المتلاحمة والحرس المتنقل الحازم المتأهب. ضاعف غياب الصوت من ثقل مشاهد العنف.

فجأة، توقفت السيارة. وبهدوء، وقفت بمحاذاة أحد الأرصفة. أتاحت لي حركة بانورامية واسعة، نفذها المصور، من رؤية بوابة لافيلات؛ حيث المجازر القديمة، وجناح «بنك جرافيرو» الحجري. انتهى المشهد بمساحات حوض لافيلات السوداء؛ حيث تلتقي قناة أورك بقناة سان-دني. ارتفعت الكاميرا بغتة. قام المصور بحركة زوم ليفحص مجموعة من الرجال يتوجهون إلى شارع كورنتان كاريو، في اتجاه سياج الجسر. التمعت معاطفهم الجلدية والخوذات تحت المطر. فجأة، ألقي بجسم في الماء. شعرت أنني أسمع صوت ارتطام الجثة خلال ملامستها للسطح السائل. تلتها جثة أخرى، ثم ثالثة. تكررت الحركات نفسها إحدى عشرة مرة، ثم — مرة ثانية — الأضواء من جديد، وواجهة «ركس» الفخمة وإعلان «مدافع نافارون»، ثم إعلان — من لونٍ واحدٍ على شبكة حديدية — عن أول مكنسة شافطة «تورنادو» يحجب نصفه دعاية عن موسوعة أسبوعية: «اعتبارًا من ٢٥ أكتوبر «الكون كله» ﺑ «خمسين فرنكًا أسبوعيًّا».»

أظهرت لقطة مقربة تفاصيل وجه امرأة جزائرية سرعان ما حجبه زي رسمي أسود. وعندما انزوى الشرطي، حلَّ وجه رجل محل وجه المرأة. وهوت المطرقة. تغيرت زاوية التصوير مرة أخرى. احتل الجزء العلوي من علبة «جوك» جانبًا من الصورة. يحتمل أنه المشهد الذي تحدث عنه روسنير هذا الصباح في كورفيليه.

طوقت وحدة من الحرس المتنقل حفنة من المتظاهرين. وأبعد قليلًا، وقفت سيارة هيئة الأتوبيسات الباريسية في اتجاه شارع سانتيي. وبقسوة، قادوا الجزائريين إليها. غادرت الأتوبيسات الموقف، الواحد تلو الآخر، ممتلئًا عن آخره. تدلت بعض الأجساد — بشكلٍ خطر — من الجزء الخلفي منه، وكل سائق، وحده مع حمولته البشرية. مائة، مائة وخمسون سجينًا. لم يحاول أيٌّ منهم الهرب أو تخليص زملائه؛ فباريس محاصَرة، وكل محاولة للفرار محكوم عليها — مسبقًا — بالفشل.

انتقلت الكاميرا نحو اليسار، وصعدت بولفار بون نوفيل. راح المصور يتأمل تفاصيل واجهة مقهى مادلين-باستيل، ثم توقف عند تقاطع شارع فيل نوف.

أخذ رجل من قوات الأمن الجمهورية يسير ببطء على الرصيف وقد خلع معطفه، غير مبالٍ بما لهذه الحركة من غرابة في قلب حي فريسة للهياج الشعبي. بدا غير عابئٍ بالمعارك الضارية التي تدور حوله، تمامًا مثل تجاهله للمطر. لم يركز المصور على هذا المشهد الذي يدعو للدهشة. تراجع عدة أمتار إلى الوراء ليلقي نظرة على جسد جريح. مرَّت ثلاثون ثانية لا نهاية لها؛ قبل أن تستأنف الكاميرا سيرها. لا زال رجل قوات الأمن الجمهورية يتقدم بخطواته المتزنة. تجاوز شارع توريل. وعندما بلغ مستوى شارع نوتردام دي بون نوفيل، توقف قليلًا، وكأنه تردد، ثم حوَّل اتجاهه وارتقى السلالم. هناك، وقف رجل آخر، ذراعاه محملتان بباقة ورد وعلبة جاتوه. أتى رجل قوات الأمن الجمهورية ووقف بجواره.

وفي مقدمة الصورة، أخذوا يجمعون الجزائريين وأيديهم خلف أعناقهم. احتاج النقيب لكل قواه لمنع رجاله — الذين لم يتوقفوا من شدة هياجهم وإثارتهم — عن ضرب الجزائريين. تتالت اللقطات المأخوذة أمام أوبرا باريس، حيث أقامت الشرطة حاجزًا أمنيًّا لحماية مشاهدي باليه «الهند الأنيقة»، ثم أصبحت الشاشة خاوية. ضغطت على زرار الإيقاف وانتظرت عودة دريل. رأيته عبر النافذة يفحص اتجاهات الكشافات ويعيد ترتيب أعمدتها. أنهى استحكاماته، وأتى ليلقاني في الشاحنة.

– حسنًا أيها المفتش، مفاجأة؟ يبدو عليك السرور.

– نعم. تعرفت على الرجل الذي أبحث عنه. الصورة موجودة برقم ٨٣، عند نهاية الشريط. إذا أدرت الجهاز، فسأدلك عليه.

شاهد عرض الجزء الأخير، ثم أخرج الكاسيت وطلب من أحد مساعديه الذهاب إلى الاستديو ليطبع صورة بروفة من المشهد الذي يتكئ فيه رجل قوات الأمن الجمهورية على السلالم؛ بالقرب من روجيه تيرو، ثم أمسك بي من كتفي.

– أدعوك إلى العشاء أيها المفتش. لن ترحل من بروكسل دون تشريف مطبخنا. لا زال أمامهم ساعتان لضبط الصور. كم هو جنوني الوقت الذي نضيعه في الانتظار! لكن، هكذا السينما. فلديك خمسون شخصًا تتحمل مسئوليتهم، ويعملون الواحد تلو الآخر. وكل واحد منهم يشارك بلمسته الشخصية. مهنة لا عيب فيها. ومغزى القصة هو أن المخرج هو الذي يذهب ليأكل ويتلقى المجاملات عند عودته! هيا. تعال سأصحبك إلى «ماي فازير موستاش»،١٢ فلا يوجد مثله في فرنسا. سينما قديمة أشهرت إفلاسها واشترتها رابطة طلابية. وبدلًا من المقاعد، وضعوا موائد خشبية ومصاطب مصفوفة على التوالي. يقدمون المأكولات البلجيكية المشهورة. وكل ربع ساعة، يطفئون الأنوار ويعرضون أفلامًا صامتة قصيرة: لوريل وهاردي، هارولد ليلود، شارلي شابلن، أو «ملك» لباستير كيتون. مرتين أو ثلاثًا، يمنحون فرصة لأحد المغنين أو لإحدى المجموعات — غالبًا من الذين يتسكعون في ميادين المدينة: إنجليز، ألمان، يابانيين. الخلاصة؛ يقدمون كل القوميات.

وعلى المائدة، نصحني بطبق «نامور»: سمك الثعابين باﻟ «إسكافيش». وطلب لترًا من «كرييك» لكل واحد منا.

– سترى. إنه ذائع الصيت. سمك الثعابين البحرية؛ المنقوع في الخل قبل تحميره. يقدمونه باردًا ومثلجًا. أتعرف أن نفس النهر هو الذي يروي العاصمتين؟

– لا. أخطأت. نهر السين ينبع من ناحية ديجون، ويصب في المانش، بين لوهافر وهوفليير، دون أن يغادر الأراضي الفرنسية.

انطلق في ضحكة صاخبة.

– آه. لا زلتم ذوي حساسية مفرطة عند الحديث عن بلادكم. فالسين — بلا شك — لا ينساب بين الواجهات البورجوازية لميدان بروكيير. ولكن، على نحو ما. فنهرنا اسمه السنُّ، بنون مشددة. نجوت بأعجوبة! بروكسيل مدينة جديرة ﺑ «ألفونس آليه»:١٣ لنأخذ مثلًا بولفار الدائرة الصغرى، والذي يستخدم تصميمات الحصون القديمة. إن بولفار «ووترلو» ليس بعيدًا عن «الأبتوار».١٤

بعد أن التهمنا الثعابين، عدنا إلى ميدان جول دي بال، حيث كان في أنظاري النجاتيف المأخوذ من الريبورتاج. استدعى دُريل تاكسيًا وأصرَّ على تسديد حساب المشوار مقدمًا. وعدته بإطلاعه على ما يطرأ في تحقيقاتي.

ظهرت آثار لتر البيرة في القطار المنطلق إلى باريس. أدركت لماذا اختار هذا الشعب المانيكان «بي» شعارًا له.

١  من منطقة فالونيا في بلجيكا.
٢  من فلندريا.
٣  صندوق «جوك» صندوق يحتوي على أسطوانات يختار منها الناس ما يشاءون عند إنزال العملة في ثقب خاص فيه.
٤  استاد حمام السلام.
٥  سوق الأشياء القديمة.
٦  «باريس-داكار» سباق سيارات مشهور.
٧  Poule، أي مومس بالفرنسية الدارجة.
٨  مشروب كحولي من الكرز.
٩  La defense عمارات مشيدة بأسلوب معماري شديد الحداثة.
١٠  Sanisette مراحيض عامة على هيئة كابينة تعمل بالعملة.
١١  Monitor، شريط مغناطيسي لتسجيل صور التليفزيون. (المترجم)
١٢  My Father Mous tache.
١٣  ألفونس آليه: Alphonse Allais كاتب فرنسي (وُلد في هوفلير ١٨٥٤م – مات في باريس ١٩٠٥م) ألَّف عدة حكايات هزلية صغيرة، من أشهرها: «تحيا الحياة» Vive La vie (١٨٩٢م)، و«لسنا ببقر» On n’est pas des boeufs (١٨٩٦م) وقد ارتكزت فكاهته على المنطق العبثي.
١٤  المجازر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤