الفصل السادس عشر

بعثات الكشف عن السودان ومنابع النيل

بالرغم من غزو المصريين والعرب للسودان، وبالرغم مما كان بين مصر والسودان والحبشة من علاقات تبدأ من التاريخ القديم المعروف، ظلت مناطق كثيرة في السودان — كما كانت هناك مناطق كثيرة أخرى في إفريقيا — من المجاهل؛ ولذلك قامت بعثات للكشف عن مجاهل السودان ومنابع النيل، ويرجع الفضل في إيفاد هذه البعثات إلى محمد علي الكبير مؤسس الأسرة العلوية المالكة، وإلى الخديوي إسماعيل باشا والد جلالة الملك فؤاد، وإلى بعض الهيئات في إنجلترا وأمريكا. على أننا رأينا من المؤرخين إجماعًا على أن الفضل الأكبر يرجع إلى أمراء الأسرة العلوية، فقد صحب الفتوحات المصرية في عهدي محمد علي وإسماعيل، كشفٌ عن أراض كانت مجهولة، كما أنهم بذلوا المال والمساعدات إلى بعض الأوربيين من محبي الاستطلاع والتنقيب والكشف عن المجاهل.

(١) في حملة إسماعيل باشا بن محمد علي باشا الذي قتل في شندى

استصحب إسماعيل باشا بن محمد علي باشا في قيادته للحملة المصرية في عهد أبيه لفتح السودان بعض العلماء من الفرنسيين، ومنهم مسيو فردريك كايو الذي وضع كتابًا عن السودان، واسمه «رحلة في مروى والنيل الأبيض وفازوغلي» في خمسة أجزاء.
figure
تخطيط مدينة الخرطوم عند إنشائها لأول مرة في عهد محمد علي سنة ١٨٢٢ (انظر الفصل الثاني عشر من هذا الجزء).

(٢) رحلة هاي وهوشت سنة ١٨٢٤

وقد وصلا إلى ما يلي رأس الخرطوم جنوبًا.

(٣) رحلة لينان باشا سنة ١٨٢٧

رحل مسيو لينان دي بلفون — الذي عرف فيما بعد باسم لينان باشا — في النيل إلى ما يلي الخرطوم.

(٤) رحلة إبراهيم كاشف

نزل في النيل الأبيض إلى بلاد الشلك والدنكا، قريبًا من بحر الغزال.

(٥) رحلة محمد علي باشا إلى السودان

سافر محمد علي باشا الكبير إلى السودان في ١٦ أكتوبر سنة ١٨٣٨؛ ليتفقد الإدارة المصرية به، وليبحث عن معادنه ومنتجاته، فوصل إلى مناجم الذهب في دنقلة، واجتاز صحراء بيوضة، ووصل إلى الخرطوم يوم ٢٨ نوفمبر سنة ١٨٣٨ وأقام بها ٢٢ يومًا، ثم زار سنار فجبال فازوغلي؛ للبحث عن مناجم الذهب، ثم عاد إلى الخرطوم وأقام بها أيامًا قليلة، ومنها عاد إلى مصر عن طريق صحراء النوبة، من أبي حمد إلى وادي حلفا، فوصل إلى القاهرة في ١٥ مارس سنة ١٨٣٩، وقضى في رحلته خمسة أشهر، وكان يصحبه فيها لفيف من المهندسين والعلماء الباحثين، مثل: مسيو ليففر، ومسيو د. أرنود، ومسيو لمبرت.

(٥-١) رحلات البكباشي سليم قبطان

لمناسبة رحلة محمد علي باشا إلى السودان — متقدمة الذكر، رأى أن يعهد إلى البكباشي سليم قبطان بالقيام برحلات لكشف منابع النيل الأبيض، ووضع تحت تصرفه قوة من الجنود وسفنًا مسلحة، وقد وصل سليم قبطان إلى بلدة «العيس» جنوبي الخرطوم، وكان معه أربعمائة جندي، وكان سفره من الخرطوم يوم ١٦ نوفمبر سنة ١٨٣٩، وعرج في رحلته على نهر سوباط، أحد روافد النيل، وعاد إلى الخرطوم بعد أن قضى في رحلته ١٢٥ يومًا، وقد وضع رسالة بالفرنسية قدمت إلى الجمعية الجغرافية الفرنسية في باريس، ونالت إعجابها ونشرت في مجلتها.

الرحلة الثانية لسليم قبطان

سافر البكباشي سليم قبطان يوم ٢٣ نوفمبر سنة ١٨٤٠ من الخرطوم، ومعه قائد القوة البرية سليمان الكاشف، والمهندسان الفرنسيان د. أرنود وسابا تييه، والرحالة الألمان فيرن ومسيو تيبوه، الذي كان يتسمَّى باسم إبراهيم أفندي، والذي صحبه في الرحلة الأولى، وسارت البعثة ومعها قوة عسكرية في النيل الأبيض جنوبي بلدة العيس، ووصلت يوم ٢٥ يناير سنة ١٨٤١ إلى جزيرة «جونكر» الواقعة على الخط الخامس من خطوط العرض، وتقع «جونكر» تجاه «غندكرو» التي تبعد عن «الخرطوم» ١٠٨٠ ميلًا جنوبًا، فهي قريبة من البحيرات التي ينبع النيل منها، وقد صارت وقتًا ما عاصمة لمديرية خط الاستواء في عهد الخديوي إسماعيل، وقد حالت الجنادل والشلالات دون تقدُّم السفن التي حملت البعثة، فعادت إلى الخرطوم في ١٨ أبريل سنة ١٨٤١، وقد نشرت مجلة الجمعية الجغرافية الفرنسية عدد نوفمبر سنة ١٨٤٢ رسالة عن هذه الرحلة.

الرحلة الثالثة بقيادة سليم قبطان

قامت من الخرطوم يوم ٢٧ سبتمبر سنة ١٨٤١ ومعها قوة عسكرية، وواصلت السير في النيل الأبيض محاولة كشف الأراضي الواقعة جنوبي جزيرة «جونكر» إلى البحيرات التي ينبع النيل منها، ولكنها لم تستطع التقدم جنوبي «جونكر».

(٦) في عهد سعيد باشا

أوفدت الجمعية الجغرافية الإنجليزية الرحالتين الإنجليزيين «أسبيك» و«جرانت» لكشف منابع النيل الأبيض، فسافرا عن طريق زنجبار، وكشفا بحيرة «أكروي» ومنبع النيل فيها في ٢٨ يولية سنة ١٨٦٢، وسمياها باسم بحيرة «فيكتوريا». «وفيكتوريا» هي الملكة فيكتوريا ملكة الإنجليز يومئذ.

(٦-١) رحلة السير صمويل بيكر الإنجليزي

وقد عُرف في عهد إسماعيل باسم «بيكر باشا»، إذ عينه مديرًا لمديرية خط الاستواء، وكان ذا لحية، سافر من تلقاء نفسه ومعه زوجه لكشف منابع النيل الأبيض، وسلك في ذلك طريق السفر من الخرطوم، فوصل في ٢ فبراير سنة ١٨٦٣ إلى «غوندكرو»، حيث التقى بالرحالتين «سبيك» و«جرانت»، وأعلماه كشفهما، وأبلغاه أن هناك بحيرة علما بوجودها من الأهالي، فسافر إليها وكشفها في ١٤ مارس سنة ١٨٦٤، وكان أول كاشف لها، وسماها بحيرة «ألبرت»، وهو اسم الأمير «ألبرت» زوج الملكة «فيكتوريا»، وعاد إلى الخرطوم في ٣ مايو سنة ١٨٦٥، ومنها إلى بربر، فثغر سواكن حيث أبحر منها إلى إنجلترا.

(٧) في عهد إسماعيل

(٧-١) رحلة السير صمويل بيكر الثانية

بقي «صمويل بيكر» خمس سنوات تقريبًا في إنجلترا بعد رحلته الأولى إلى مصر في معية الأمير إدوارد ولي عهد إنجلترا إذ ذاك — ملكها إدوارد السابع فيما بعد — الذي لبى دعوة الخديوي إسماعيل لحضور حفلات افتتاح قناة السويس، وقد رغب الأمير إدوارد إلى الخديوي إسماعيل في مطاردة تجار الرقيق في السودان، فوافق الخديوي على ذلك، وأنفذ في سنة ١٨٦٩ سير صمويل بيكر ومعه حملة مؤلفة من ألف وسبعمائة رجل، وأنعم عليه برتبة فريق، وعينه مديرًا لمديرية خط الاستواء براتب قدره عشرة آلاف جنيه في السنة لمدة أربع سنوات، وعاونه إسماعيل بالمال والسلاح والسفن التي نُقلت أجزاؤها على الإبل في صحراء النوبة.
figure
صمويل بيكر باشا مدير خط الاستواء في عهد إسماعيل وحوله أركان حربه، وهم: القائمقام عبد القادر بك حلمي، فالمهندس هيجنبوتام Higginbotham، ثم الملازم بيكر.

أما بيكر باشا فقد أبحر من السويس إلى سواكن، ومنها على ظهور الإبل إلى بربر، ومنها على باخرة نيلية إلى الخرطوم، حيث سافر منها يوم ٨ فبراير سنة ١٨٧٠ في حملة أقلَّتها ثلاثون مركبًا شراعية كبيرة، تقدمتها باخرتان، قاصدة خط الاستواء بقيادة بيكر باشا، الذي رست سفينته عند محطة أسماها «التوفيقية»، باسم الأمير محمد توفيق بن الخديوي إسماعيل، وهي تقع جنوبي فاشودة وقريبًا من ملتقى نهر السوباط بالنيل، وبعد أشهر سار جنوبًا حتى بلغ «غوندكرو»، في ١٥ أبريل سنة ١٨٧١، ورفع عليها العلم المصري يوم ٢٦ مايو في حفلة عسكرية حضرها ألف ومائتا جندي تتقدمهم الموسيقى. وقد أسمى بيكر باشا «غوندكرو» «الإسماعيلية»، باسم الخديوي إسماعيل، وجعلها عاصمة مديرية خط الاستواء، وفي ٢٢ يناير سنة ١٨٧٢ سار في النيل الأبيض، وأسس نقطًا عسكرية وحصونًا وبلادًا، منها «الإبراهيمية» تذكارًا لإبراهيم باشا ابن محمد باشا، وفتح مملكة «أونيورو» المتاخمة لبحيرة «ألبرت» شرقًا، واحتل عاصمتها «ماسندي»، وسلم ملكها المدعو «كابريقة» للحكومة المصرية، ثم انقض عليها ولكنه هُزم، وخلعه بيكر باشا وعيَّن مكانه منافسه المدعو «ريونجا» ملكًا خاضعًا للخديوي إسماعيل، ثم وصلت رسل «أمتيسة» ملك أوغندة المجاورة لمملكة «أونيورو»، الواقعة شمالي بحيرة فيكتوريا وغربيها، وأعلنت بيكر باشا بخضوع «أمتيسة» لخديوي مصر، وفتح الطريق بين أعالي النيل وزنجبار على شاطئ المحيط الهندي.

وعاد بيكر باشا إلى «غندكرو» في أبريل سنة ١٨٧٣ بعد أن انتهت مدة خدمته المحددة بأربع سنوات، وبلغت نفقات الحملة ٨٠٠ ألف جنيه، دفعتها خزينة مصر التي كان العسر مشتدًّا بها، وحل رءوف بك — الذي عرف فيما بعد باسم رءوف باشا حكمدار السودان — محل بيكر باشا، وأنعم الخديوي على القائمقام عبد القادر حلمي بك برتبة الميرالاي، الذي عرف فيما بعد برتبة عبد القادر حلمي باشا.

(٧-٢) حملة غوردون باشا

سافر الكولونيل غوردون — الذي منحه الخديوي إسماعيل رتبة فريق في الجيش المصري — إلى مديرية خط الاستواء، فأبحر إلى سواكن، ومنها إلى النيل، حتى وصلت الحملة إلى محطة «سوباط»، ومنها إلى «غندكرو»، ثم سار إلى بحيرة «ألبرت» في سفن بخارية، وأنشأ نقطًا عسكرية.

(٧-٣) بعثة الميرالاي بودري بك الأمريكي

كان أحد ضباط أركان حرب الجيش المصري، سافر ومعه ضباط مصريون، وجاب الجهات التي بين النيل والبحر الأحمر، من القاهرة والسويس شمالًا إلى قنا والقصير جنوبًا، وكشفوا طرق المواصلات ومناجم المعادن والمحاجر في تلك الجهات.

سنة ١٨٧٣، أبحر الميرالاي «بودري» بك إلى برنيس «برنيقة» القديمة على البحر الأحمر «غربي رأس بناس»، ولحق به «كولوستن» الأميرالاي الأميركي بالجيش المصري، وخططا الجهة بين «برنيس» و«بربر» على النيل.

سنة ١٨٧٤، كشف الميرالاي شاييه لونج بك Chaillé Long Bey بحيرة «إبراهيم»، ومعظم النيل المعروف بنيل فيكتوريا، وحقق أن نيل فيكتوريا يصب في بحيرة ألبرت.

(٨) بعثات ضباط الأركان حرب

أوفد الخديوي إسماعيل ثلاث بعثات مؤلفة من ضباط الأركان حرب في الجيش المصري لكشف «كوردوفان» و«دارفور»، وكانت البعثة الأولى برياسة الميرالاي بودري بك، وكان من أعضائها القائمقام ميزون والملازمون: محمود صبري، ومحمد سامي، وسعيد نصر، وخليل حلمي، والدكتور محمد أمين، وقد كشفت طرق المواصلات بين النيل وحفرة النحاس، وحققت ٢٢ موقعًا فلكيًّا، ورسمت خريطة.

(٨-١) البعثة الثانية برياسة الميرالاي كولوستون بك

كان من أعضائها الميرالاي الأمريكي بروت، والصاغ أحمد حمدي، والملازمون: عمر رشدي «باشا»، ومحمد ماهر «باشا»، ويوسف حلمي، وخليل فوزي، والدكتور بيفوند Pfond، وقد كشفت البعثة جهات كوردوفان وحققت موقعها ومدنها وطرق المواصلات فيها ووضعت خريطة وأمضت البعثتان الأولى والثانية ثلاث سنوات.

(٨-٢) البعثة الثالثة برياسة المهندس الأمريكي ميتشل Michel

وكان يصحبه الضابط عبد الفتاح فتحي. كشفت البعثة مناجم للذهب في الحمامة شرقي قنا، وعرجت على ثغور البحر الأحمر وخليج عدن، كالقصير ومصوع وتاجورة وزيلع، وتغلغلت في الداخل، وعادت إلى مصوع، وكشفت الجهات الشرقية من الحبشة.

ورسم أرنست لينان دي بلفون «ابن لينان باشا» الطريق بين غندكرو ودوباجا عاصمة أوغنده، وقد قُتل وهو عائد من مهمته، وعلى ضوء بياناته وضع العلامة جورج شونفرت خريطة عن تلك الجهات.

ورسم البكباشي محمد عزت، أحد ضباط حملة منزنجر باشا على الحبشة، خريطة الجهات الواقعة بين تاجورة وبحيرة «أوسا» بالحبشة.

ورسم محمد مختار بك «باشا» وعبد الله بك فوزي «باشا» خريطة بلاد هرر، ورسم الأول خريطة المدينة، ووضع خريطة أخرى لرأس «جردوفون» «جردفوي» وموقع الفنار الذي أزمع إسماعيل إنشاءه في تلك الجهة.

ورسم ضباط أركان حرب نادي باشا الجهات الواقعة بين هرر وزيلع.

ووضع القائمقام عبد الرزاق نظمي بك خريطة بربرة وملحقاتها، وكشف حملة الصومال التي أنفذها إسماعيل سنة ١٨٧٥ سواحل البنادر الواقعة على المحيط الهندي، وجهاتها قسمايو «بور إسماعيل»، ونهر الجوبا، وهي الجهات التي قصدت إليها الحملة.

وفي سنة ١٨٧٧، جاب الميرالاي ميزون Mason بك بحيرة «ألبرت»، وأتمَّ الكشف الذي بدأه فيها السير صمويل بيكر، ووضع لها خريطة دقيقة.

وأنفذ الخديوي سنة ١٨٧٧ بعثة برئاسة المستر برتون؛ للبحث عن المعادن التي بجهات «مدين» في جزيرة العرب.

وحقق ضباط الأركان حرب برئاسة البكباشي عبد الله بك فوزي «باشا» حدود الحبشة الشمالية، والطرق بين مصوع والخرطوم، ورسموا خريطتها.

وحقق جيسي باشا مواقع بحر الغزال.

وجاب الميرالاي محمد مختار بك «باشا» نواحي السودان الشرقي حين كان رئيسًا لأركان حرب السودان سنة ١٨٨٠، يصحبه من ضباط الأركان حرب خليل بك فوزي، والملازمان محمد خير الله وعلي خيري، وله مبحث مسهب في تخطيط أبو حراز، والقضارف «أبو سن»، والقلابات، وطومات، وأميديب، وغيرها من مدن السودان الشرقي.

وكشف أمين باشا مدير خط الاستواء نهر السمليكي الواصل بين بحيرة «إدوارد» وبحيرة «ألبرت».

ورسم ضباط أركان حرب الجيش المصري سنة ١٨٧٧ خريطة مفصلة لإفريقيا، وهي أدق خريطة عرفت إلى ذلك الحين، واشترك في رسمها كل من الميرالاي «لوكت»، والقائمقام محمد مختار «باشا» بك، والصاغ عبد الله فوزي بك، وعبد الرازق نظمي بك، والضباط: محمود صبري «باشا»، وأحمد فائق، ومصطفى كامل، وأحمد فهمي، وحسن حارس «باشا»، وحسن صفوت، وإبراهيم حلمي، ومحمد جودت، ومحمد خير الله، ويوسف ضيا «باشا»، وعلي حيدر، وأحمد رشيد، وهذه الخريطة مودعة ضمن محفوظات الجمعية الجغرافية الملكية.

وذكر الجنرال أستون باشا رئيس أركان حرب الجيش المصري في عهد إسماعيل «أن الجهات التي جابها ضباط الأركان حرب وحققوها، ورسموا مواقعها، تبلغ في اتساع مداها مجموع مساحة فرنسا وألمانيا والنمسا والمجر بحدودها القديمة، وهذا يدلك على عظم الفتوحات والتحقيقات التي تمت على أيديهم.

(٩) آثار السودان

أهدى المرحوم السلطان حسين كامل سنة ١٨٩٩ إلى المتحف المصري أثرًا وجده عظمته في مزرعته بإيتاي البارود، وهذا الأثر حجر جرانيتي أزرق ارتفاعه متران تقريبًا، ومؤرَّخ في اليوم الثالث عشر من شهر مسري للسنة الأولى من حكم الملك «نقطانب الثاني» آخر فراعنة مصر، وكان شمالي السودان في عهده تابعًا لمصر.

وقد توالت البعثات العلمية الأثرية في السودان، فنقَّبت بعثة الولايات المتحدة من سنة ١٩١٩ إلى ١٩٢٢ عن آثار جبل «برقل» بجوار «نبته»، وعن الأهرام في «مروى»، وكشف «كايو» الأثري الفرنسي بعض أهرام على الشاطئ الشرقي للنيل في المكان المعروف الآن بجزيرة «مروى»، ونقَّب الأثري الإنجليزي «هوسكنس» والأثري الألماني «ليبسيوس»، ثم الأثري الإنجليزي «جارنستانج» والأثري «جريفس» عن آثار «مروى».١

(٩-١) الخط السوداني

وقد دلت الآثار على أنه كان «لمروى» خط خاص، فحصه الأثري الإنجليزي «جريفث»، وقال عنه إن السودانيين قد اخترعوه ووصلوا إليه بعد معرفتهم الخط اليوناني في عهد البطالسة في مصر، والخط العربي من بلاد الحبشة، واستمر الخط السوداني مستعملًا حتى سنة ٥٠٠ بعد الميلاد، وقد اختُرع منه نوع للمكاتبات الرسمية، وقد تبين أن الخط السوداني ملائم للغة السودانية والنطق بها، وبعد سنة ٥٠٠ ميلادية بدأ استعمال الخط اليوناني، وقد وجدت آثار يونانية في «مروى»؛ منها: رأس تمثال لإله العقل، وكأس من الزجاج الملون، ومسرجة برونزية، وأواني برونزية، وتواريخها من سنة ٤٥٠ق.م، إلى القرن الثاني بعد الميلاد.

١  ينطق بها أحيانًا «مروة».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤