الفصل الثالث

١

(اللحن الرئيسي. تُفتح الستارة على كورس النساء وكورس الرجال في الوضعية السابقة, الضوء مُسلط على صفَّي الكورس فقط وبقية المشهد معتمة.)

كورس الرجال :
وفيما جلجامش يشرح لأمه أحلامه،
جاءت المرأة بإنكيدو إلى مساكن الرعاة،
فتجمع الربع حوله كمن يرى آيةً من السماء،
أو كمن يشهد تجسُّدًا لإله.
وضعوا الخبز أمامه وسكبوا له الجِعَة،
فحار إنكيدو فيما يرى وعفَّ عن المائدة.
حليب الحيوانات الوحشية كان يرضع،
ويأكل ما تجود به الأرض ولا تمنع.
كورس النساء :
كُلِ الخبز يا إنكيدو، إنه عماد الحياة،
وخذ الشراب القوي كعادة أهل البلاد.
كورس الرجال :
أكل إنكيدو الخبز حتى الشبع،
وأخذ من الشراب سبعة أقداح،
فانتشى فؤاده وأشرق وجهه.
استحمَّ بالماء وعصب رأسه.
مسح جسده بالزيت فصار رجلًا.
أخذ سلاحه وانطلق يقنص الأسود،
يريح الرعاة من شرِّها ليلًا.
الكورس المشترك :
ودون كثير تلكؤٍ وانتظار،
مشى وراء المرأة نحو أوروك،
يقوده إليها مصيره المرسوم.

(يختلط الكورسان مشكِّلان عامة أوروك، وتُضيء الأنوار كامل المشهد. بضع درجات تؤدِّي إلى باب المعبد الضخم، وجزء من سوره يبدو عن يمين ويسار الباب. أهل أوروك في احتفالات الزواج المقدَّس. هرجٌ ومرج. رقصات ثنائية، ورقصات جماعية في حلقات، رجال ونساء يتعانقون. خلفية موسيقية مجنونة.)

كورس النساء : ها قد جاءت، ها قد جاءت.
كورس الرجال : ها قد جاء، ها قد جاء.

(ينفصل الكورسان ليصطفَّا عن يمين ويسار الدرج المؤدِّي إلى البوابة. يسير جلجامش والكاهنة العليا بتؤدةٍ على إيقاع لحنٍ طقسي خاص. يقفان على الدرجة الأولى ثم يستديران نحو الحفل في وقفة طقوسية.)

كورس النساء :
أيها العريس الغالي على قلبي،
عظيمة هي مسرتك، حلوة كالعسل.
أيها الليث الغالي على قلبي،
بهيةٌ هي طلعتك، ونقية كالتِّبر.
لقد أسرتني، أقف مرتجفةً أمامك.
أيها العريس، آه لو تحملني إلى الخِدر؛
لأستمتع بحسنك المهيب وأهبك ملاطفات يدي.
يا حلوي الغالي، آه لو تحملني إلى الخِدر.
أيها الليث، أعلم أين تبتهج روحك،
وقلبك، أعلم أين يفرح قلبك،
فخذ مسرَّتك منِّي ونم في حجرتي حتى الفجر.
كورس الرجال :
أيتها العروس، أمامك جئت بالعسل.
يا ضياء النجم، أمامك أسكب خمرتي.
جداءً وحملانًا وخبزًا، إليك تقدمتي.
إليك بستاني فهل تُخصبين بستاني؟
وها تُفَّاحي ورماني فهل تُخصبين لي شجري؟
كورس النساء :
لقد جاء بي، لقد جاء بي.
جاء بي إلى البستان.
تموز جاء بي إلى البستان.
قرب شجرة التفاح ركعت كما يليق،
أمام الحبيب القادم بالنشيد.
دفقت الزرع من رحمي،
وضعت الثمار أمامه، دفقت من رحمي.
الكورس المشترك :
في الخِدر يسكبان الزُّبد والعسل اللذيذ.
في الخِدر يشربان الجِعَة والنبيذ.
ها هما معًا فلنبتهج بك يا ربيع.

٢

(يختلط الكورسان … هرجٌ ومرج مرةً أخرى … يُدير جلجامش والكاهنة العليا ظهرهما لصعود الدرج. في هذا الوقت يصل إنكيدو. ينتبه الحشد إلى القادم الغريب، تهدأ حركتهم تدريجيًّا ويأخذون في التحلُّق حول إنكيدو.)

صوت ١ :
هل انشقَّت الأرض عن مارد
أم جاءت السماء بروحٍ شارد؟
صوت ٢ :
كلا وحقِّ الآلهة العظام،
إنه لرجل من لحمٍ ودم.
صوت ٣ :
يشبه جلجامش في بنيته،
أقصر قامةً ولكنه أصلب عودًا.
صوت ٤ :
كأنِّي بهما أخَوان،
رضعا معًا حليب ننسون.
صوت ٥ :
لقد ظهر لجلجامش ند،
وللبطل القوي الوسيم الآن ضد.
صوت ٦ :
سيدخلان في تنافسٍ دائم،
وتستريح أوروك.
مجموعة أصوات :
سيدخلان في تنافسٍ دائم،
وتستريح أوروك.

(جلجامش يقف عند بوابة المعبد بعد أن دفع الكاهنة العليا إلى الداخل.)

إنكيدو :
جلجامش.

(موسيقى قويةٌ وتأثير صوتي لوقوع صاعقةٍ من السماء، يلي ذلك لحن ذو إيقاعٍ متلاحق.)

سليل الآلهة أنت،
وأنا نسل البراري والقِفار.
من أجل لقائنا هذا خُلقت،
ولأجل هذه الساعة قد جُبلت.
فلتقض الآلهة في أمرنا الآن،
وليكن بيننا حكم القدر.

(بقفزةٍ واحدة يهبط جلجامش درج المعبد، وينقَض على إنكيدو دون كلمةٍ واحدة، يشتبك الاثنان على إيقاع الطبول. ينقسم الجمهور إلى فريقين تند عنهما أصوات تشجيعٍ وإشفاق. أصوات البطلين أشبه بالزئير تتواصل طيلة الصراع، مؤثراتٌ صوتية لتحطُّم وتكسُّر، وما يشبه الهزَّة الأرضية، ثم سكون تام. قدم جلجامش على ظهر إنكيدو المستلقي على وجهه، وهو يلوي ذراعيه الاثنتين نحو الأعلى، جلجامش في قمة الانفعال يتصبَّب عرقًا، يسكن تدريجيًّا على صوت موسيقى هادئة، يترك خصمه ويستدير متجهًا نحو بوابة المعبد ببطء، يقف إنكيدو مخاطبًا جلجامش.)

إنكيدو :
مخلوقٌ فذ أنت يا جلجامش.
(بصوت عالٍ متهدج وممتلئ بالعاطفة) حملت بك ننسون البقرة الوحشية،
الحكيمة سيدة المدن الحصينة،
فرأسك مرفوعٌ بين الرجال،
وسلطانًا على البشر
قد وهبك الإله إنليل.

(تخفُّ الأضواء، بينما ينقسم الحشد مرةً أخرى إلى كورسين، يغيب جلجامش خلف بوابة المعبد دون أن يستدير … يخرج إنكيدو.)

كورس الرجال :
تصارع البطلان كما اشتهت أوروك،
فانتهى الصراع إلى أُلفةٍ وصحبة دائمة،
وحلَّ إنكيدو في القصر أنيسًا ومشيرًا،
كورس النساء :
استراحت أوروك لا لتنافس الخصمين،
بل لمحبة النِّدين وتوافق اللِّدين؛
فالحب يُلين الجماد ويجمع الضدين.
الكورس المشترك :
تغيَّر جلجامش، تولَّى عن ساحات النزال،
أطلق شباب أوروك وعفَّ عن نسائها،
مع صاحبه يمضي أطراف الليل وآناء النهار.

(اللحن الرئيسي، يتحوَّل تدريجيًّا إلى اللحن المسائي الذي تكرَّر سابقًا في القصر.)

٣

(الوقت منتصف الليل، المكان غرفة الراحة في القصر، جلجامش يقف عند النافذة متكئًا بمرفقه إليها في حالة تأمل، إنكيدو في وضعية الجلوس يلهو بقوس.)

جلجامش :
لماذا تغيب الأمور عنَّا وتخفى،
وهي في وضوح الحق، في جلاء النهار؟

(يلتفت إلى إنكيدو مستعملًا يديه في إشاراتٍ معبِّرة.)

جلائل الأعمال في خير البشر،
في قهر الشر في تحدي القدر.
ولكنهم، لعمري، قطيع لا يعرف أنَّى المصير،
وأنَّى التوجُّه بغير راعٍ يقود المسير،
دعنا نصنع من أجلهم أمرًا خطيرًا،
تشدو به الأجيال على مرِّ الزمان.
ونرفع لنا اسمًا باقيًا،
ما بقي الدهر وما دامت الأكوان.

(إنكيدو يُلقي عنه القوس ويقف مقتربًا من جلجامش بخطًى حذرةٍ وئيدة.)

إنكيدو :
في خاطر سيدي تعبث أفكارٌ طائشة،
تقلقل دعة أيامنا الهانية.
جلجامش (يتابع على الوتيرة نفسها) :
الآلهة خالدون في السماء،
والبشر يَقصُر بهم العمر في كل يومٍ يمر،
وما من مَحيدٍ ما من مفر،
إلا في اجتراح المعجز في خلود الذكر.

(يتحوَّل اللحن المسائي المُنساب إلى لحن إيقاعيٍّ يتصعَّد تدريجيًّا.)

إنكيدو :
أشم رائحة الأخطار،
أسمع صوت اقتراب الهول.
جلجامش (مواجهًا إنكيدو) :
في غابة الأرز البعيدة،
يعيش خمبابا الوحش الرهيب.
هيَّا بنا أنا وأنت، هيا بنا نقتله،
هيا نمسح الشر كله عن وجه الأرض.
إنكيدو :
أي قولٍ أسمع؟
(ينتفض مبتعدًا عن صاحبه) قد كنت أخشى سماع ما أسمع.
تقول غابة الأرز؟
تقول خمبابا؟
أتعرف ما غابة الأرز، ما خمبابا؟
في تجوالي القديم لمحت الغابة إيَّاها.
تتباعد أطرافها فلا يعرف مداها،
سوى إنليل راعيها.
أقام عليها خمبابا حرسًا،
يجول أرجاءها كعاصفة الطوفان هادرة،
من منخره يخرج دخان،
ومن فمه شرار نارٍ يتطاير،
أنفاسه تُحيل الحجارة جمرًا
جلجامش :
أراك خائفًا من الموت ونحن هنا،
فأين ضاع منك العزم؟
وهل ذهبت حياة القصور
ببأس ابن البراري الجَسور؟
سأمضي أمامك في الطريق،
ولينادني صوتك أن تقدَّم ولا تخَف،
فإذا سقطتُ أصنع لنفسي شهرة:
«لقد سقط جلجامش،
صرعه خمبابا الوحش الجسور.»
وإذا فتحتُ مسالك الغابة الموصدة،
سأحتطب منها شجر الأرز،
وتتغنى باسمي الأجيال والعصور.
إنكيدو :
لتمسك بي الهوة السفلى
إن قصَّرتُ عن خطوك أو تخلَّيت.
ولكن دعنا نُبلغ شَمَشْ السماوي،
بأمر حملتنا الوشيكة؛
فإنه إلهك الحامي ودرعك القديم،
قاهر الظلام عدو الشر نصير البشر.

(يلتفت جلجامش نحو النافذة ويتقدَّم نحوها مستطلعًا.)

جلجامش :
الليل يطوي جناحه ويفر،
وجنود الشمس تنتشر عند الأفق.

(يسقط شعاعٌ باهت من شمس الفجر على المكان، بينما يقع جلجامش على ركبتيه أمام النافذة رافعًا ذراعيه نحو الأعلى.)

جلجامش :
أي شَمَشْ القدير،
إني لداخلٌ أرض الأرز فخُذ بيدي،
وقاتلٌ رمز الشر فكن نصيري،
إليك أرفع ضراعتي،
فلتبسط عليَّ حمايتك،
ولتعد بي سالمًا إلى مرفأ أوروك،
ولتهدأ بك نفسي المضطربة.

(ضوءٌ باهر يغمر المكان ثلاثًا ثم يخبو.)

جلجامش (واقفًا) :
هي ذي إشارة شَمَشْ،
هو ذا إله العدل والحقِّ معنا.

(يتجه نحو الباب صائحًا.)

إنمركار، إنمركار
اجمع صُنَّاع السلاح في أوروك.
فيصنعوا السلاح تحت أنظارنا،
سيوفًا تليق بخمبابا،
أقواسًا وسهامًا ورماحًا.

٤

(خلفية المشهد معتمة، الضوء مسلطٌ على الأشخاص فقط في هذا المشهد كله. يدخل كورس الرجال ويتحلَّق حول سندان يقوم عليه من يطرق سيفًا هائلًا بمطرقةٍ مُحدِثًا إيقاعًا للموسيقى المرافقة. جلجامش وإنكيدو إلى جانب السندان يقومان برقصة حربٍ طقوسية. حلقة الرجال تقوم برقصةٍ أخرى حول البطلين. يدخل كورس النساء بالمزاهر والدفوف ويُشكِّل حلقةً ثالثة. هدوء تدريجي، تنفتح الحلقتان مشكِّلتين نصف دائرة مفتوحة نحو المشاهدين، يقوم من بين الرجال من يُقلِّد جلجامش وإنكيدو أسلحتهما، ظلام. بقعة ضوءٍ واحدة على البطلين يعتنيان بهندامهما، بينما يُعيد الكورس تشكيل مجموعته من جديد. يتقدَّم البطلان نحو مقدمة المسرح، الخلفية معتمةٌ كما كانت عند بداية المشهد.)

جلجامش :
هلمَّ أيها الصديق إلى معبد ننسون.
ننسون الحكيمة العليمة،
تُباركنا وتسدِّد خطانا بنُصحها.
إنكيدو :
نعم يا صديق.
إن لم يمُد الخالدون إلينا اليدا،
لصارت أعمالنا وما نأتي به سُدًى.

(يستدير البطلان نحو مؤخرة المسرح. بقعة ضوء ساطعٍ على ننسون جالسة على عرشها. موسيقى طقسية. ضوء على الكورسين مصطفِّين عن اليمين وعن اليسار. يخرج من كل صفٍّ الشخص الأخير الأقرب إلى العرش، فيُشعلان شمعتين كبيرتين أمام ننسون ويقفان في مواجهة المشاهدين. يركع جلجامش وإنكيدو أمام العرش. بينما يُنشد الكورسان.)

كورس النساء :
في ليلة حبٍّ مشهودة،
حملت به من مليك بشر،
وهبته من صفات الآلهة الكثير،
وقصَّرت عن تجنيبه مصير البشر.
كورس الرجال :
فانظري يا ننسون الرحيمة،
كيف في داخله يتحرَّق الإله.
انظري كيف يرنو إلى مراتع السماء،
كيف يصطرع في نفسه الخلود والفناء.
جلجامش :
أي ننسون، أيتها الأم العلية،
جئت أُخبرك وأنت بما أُخبرك عليمة.
إنها رحلةٌ طويلة إلى موطن خمبابا،
وطريق أجهل مسالكها إلى غابة الأرز.
فإلى اليوم الذي فيه أعود،
إلى أن أصل الغابة وأقتل وحشها،
فأمحو من الأرض كل شرٍّ يكرهه شَمَشْ،
صلي من أجلي عند شَمَشْ.

(تقوم ننسون عن كرسيها، تنظر بحنو وإشفاق إلى جلجامش. تقترب كمن يرغب في عناقه، ثم تتماسك، يتحرَّك عناصر الكورس الواقفون عن يمين وشمال العرش فيحرقون بخورًا من الشمع المُشتعل ويضعونه في المبخرة بينما ينشد الكورس المشترك.)

الكورس المشترك :
دخلت ننسون غرفتها،
وضعت عليها رداءً يليق بجسمها،
وحليةً تليق بصدرها.
اعتمرت تاجها وصعدت إلى الشرفات العليا،
وعلى السطح أحرقت بخورًا إلى شَمَشْ.

(تركع ننسون على ركبتيها رافعةً ذراعيها نحو السماء.)

ننسون :
أي شَمَشْ العدالة والحق.
لماذا وهبت ابني قلبًا مضطربًا؟
واليوم قد حفَّزته ليمضي،
في رحلةٍ طويلة إلى موطن خمبابا.
في طريق يجهل مسالكها إلى غابة الأرز؟
لتكن مشيئتك كما تراها،
وإلى اليوم الذي فيه يعود،
إلى أن يصل الغابة ويقتل وحشها،
فيمحو عن الأرض كل شرٍّ تكرهه،
لتكن له سندًا ودرعًا،
ولتوكل به أرواح الليل الحارسة.

(يُظلم المسرح.)

٥

(يُضاء المسرح في الخلفية. جانب من سور وبوابة المدينة. موسيقى تُفتتح بالأبواق. جلجامش وإنكيدو عند بوابة السور وأهل المدينة وشيوخها في وداعهما. هرجٌ ومرج. تهدأ الضجة تدريجيًّا عندما يرفع جلجامش يده، يقف أمامه كورس الرجال مُشكِّلًا مجلس أعيان المدينة، والنساء يقفن بلا نظام.)

جلجامش :
أصغوا إليَّ يا شيوخ أوروك.
أريد، أنا جلجامش،
أن أُجابه من تروون عنه الأخبار،
أن أصرع خمبابا الوحش الرهيب،
وأفتح مسالك غابته المُوصدة،
فاحتطب منها شجر الأرز الثمين،
فتتغنَّى باسمي الأجيال على مرِّ السنين:
«ما أقوى ابن أوروك!»
هذا ما سأجعل البلاد تسمعه،
يتردَّد في كل مكانٍ وآنٍ.
كورس النساء :
ما أقوى ابن أوروك،
ما أقوى ابن أوروك!
سيوخ أوروك :
فتيٌّ أنت يا جلجامش،
وبعيدًا قد حفَّزت قلبك،
لا تعرف كُنه ما انتويت،
قد سمعنا عن شكل خمبابا وغابته،
يجول أرجاءها كعاصفة الطوفان هادرة،
من منخره يخرج دخان،
ومن فمه شرار نارٍ يتطاير،
أنفاسه تُحيل الحجارة جمرًا.
فهلَّا عدلت عمَّا عزمت.
وبقيت بيننا، لأوروك، لنا.
لقد أصغينا إليك دومًا وأبدًا،
والآن دورك أن تُصغي أيها الملك.
جلجامش (مُخاطبًا إنكيدو) :
ماذا نقول لهم يا إنكيدو؟
أنقول قد خاف جلجامش،
ولمَّا يغادر بعدُ البوابة والأسوار؟
كلا أيها الشيوخ، ارجعوا إلى بيوتكم.
سأصرع خمبابا أو أُقتل دون ذلك.
كورس الرجال :
عُد إلينا سالمًا إذن.
لا تعتمد على قوتك يا جلجامش،
لتكن عينك مفتوحةً وضربتك أكيدة.
دع إنكيدو يمشي أمامك،
فلقد رأى الطريق وسلكه،
حتى مشارف غابة الأرز.
ليهبك شَمَشْ من عنده نصرًا،
ويكشف أمام خطوك الطريق.
إنكيدو (يتقدَّم) :
أنت الثاني من ورائي
فلنبدأ السفر.

(يخرج البطلان. صرخةٌ حادة تُطلقها إحدى النساء ترتمي على الأرض في وسط المسرح تحثو التراب على رأسها، حولها تتحلق بقية كورس النساء تنتفض على لحن دفوفٍ ومزاهر إيقاعية. يتوزَّع كورس الرجال حولهن دون نظام.)

النادبة :
ويلي … ويلي … يا ويلاه! …
غادرنا فالويل لنا.
آه … آه.
كورس النساء : آه … آه … يا ويلاه!
النادبة :
من لي من بعدك يا ولداه؟
ويلي ويلي يا ويلاه!
آه … آه!
كورس النساء : آه … آه … يا ويلاه!
النادبة :
من يحمي الدار الثكلى،
من يدفع عنها الأرزاء؟
آه آه!
النادبة : آه آه يا ويلاه!
كورس النساء : آه آه يا ويلاه!

(يُتابعن الرقص على إيقاع. يتصاعد الرقص والنغم حتى ذروته ثم يتلاشى تدريجيًّا … يُظلِم المشهد.)

(ستار)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤