الباب الثالث

في الكلام على مملكة إنكلترة

(١) في تاريخها

اعلم أنه لم يُعلم شيء من الحوادث يستفاد منه تحقيق تاريخ إنكلترة قبل ظهور جول سيزار؛ أي يوليوس قيصر الذي نزل بجيشه مرتين في تلك الجزيرة حتى فتحها قبل ظهور المسيح عليه السلام بخمس وخمسين سنة، وبعد ثلاث وأربعين سنة من الميلاد المسيحي عاد الإمبراطور كلود إلى ما كان عليه سلفه قيصر من العناية بفتح الممالك، وتبعه في ذلك ورثته، فاجتاز جيش الرومان للجزيرة في سنة ثمانٍ وسبعين. ثم في سنة خمس وثمانين مرَّ ساباغريكلا إلى أن بلغ جبال غرامبيان التي تشق إسكوسيا، ولم تدخل تلك الجزيرة بتمامها تحت طاعتهم. وفي سنة إحدى عشرة وأربعمائة خرج الإمبراطور هونوريوس من البريتانيا وترك أهلها غير قادرين على مدافعة أمة البيكت، فاستغاثوا بأمة الساكسون الساكنة بشمال ألمانيا في ذلك الوقت سنة ثمانٍ وأربعين وأربعمائة، فلبَّت دعوتهم سنة تسع وأربعين وأربعمائة فتأسس بتعاضد الأمتين أربع ممالك بإنكلترة وهي أسَّكْس وسسَّكْس وَوَسَّكْس وكَنْت، وذلك من سنة خمس وخمسين وأربعمائة إلى سنة سبعٍ وعشرين وخمسمائة. ثم جاءت بعدهم أمة الأنغل وأسسوا من سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة إلى سنة أربع وثمانين وخمسمائة ثلاث ممالك أخرى وهي استنغليا ومرسيا وديري مع برنيسيا، وهاته الممالك صارت متحدة تحت سلطة أغبرت صاحب أسَّكس سنة سبع وعشرين وثمانمائة.

ثم في سنة خمس وثلاثين وثمانمائة تصدت أمة الدنيمرك إلى محاربة إنكلترة حتى خربوها. ثم من سنة إحدى وسبعين وثمانمائة إلى تسعمائة انتصر على المذكورين ألْفِرد الكبير ملك إنكلترة وألزمهم الصلح. ثم في سنة إحدى وثمانين وتسعمائة تغلب الدنيمرك على إنكلترة ثانيًا وأجلسوا ملكهم سوينون على تختها سنة ثلاث عشرة وألف، ولم ترجع العائلة الأصلية إلى التخت المذكور إلَّا في سنة إحدى وأربعين وألف.

ثم في سنة ست وستين وألف استولى على المملكة المذكورة وِلْيَم الأول دوك نورماندي وأسس الجنس الجديد الذي جاء عقبه في سنة أربع وخمسين ومائة وألف، وهم جماعة البلَنْتَجَنات التي كانت مسماة في فرنسا باسم كونت دانجو، وهم من ذرية وليم المذكور من جهة النسوة، وأولهم هنري الثاني، وهؤلاء تسلطوا إلى سنة خمس وثمانين وأربعمائة. ومن أعظم الحوادث في تلك المدة اجتماع خمس إيالات كبيرة فرنساوية مع الإنكليز بجلوس هنري الثاني ومحاربته لتوماس بَكَتْ من سنة اثنتين وستين ومائة وألف إلى سنة سبعين، وفتح أرلاندة سنة إحدى وسبعين، وحروب رشاردكور دليون لفرنسا من سنة خمس وتسعين إلى سنة تسع وتسعين ومائة وألف، وظهور نظام الشرط الكبير المسمى مانيا كارتا أساس كونستيتوسيون الإنكليز سنة خمس عشرة ومائتين وألف، وقيام سيمون دو مونفور كونت ليستر على هنري الثالث سنة ثمانٍ وخمسين، وفتح مملكة سكوتلاند وهي إسكوسيا من سنة ست وثمانين إلى سنة أربع عشرة وثلاثمائة وألف، ومحاربات فرنسا المتجاوزة مائة سنة من سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وألف إلى سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، ثم الحروب الأهلية الواقعة بين عائلتي يورك ولانكستر المسماة حروب الوردتين المُجْلية عن سقوط العائلة الملكية من سنة خمسين وأربعمائة إلى سنة خمس وثمانين.

وفي ذلك الوقت ارتَقت على تخت السلطنة عائلة تودور التي تولدت من ثاني فروع بيت الملك، وفي أيامها بلغت السلطنة إلى أوجها وهي التي أبدلت المذهب الكاثوليكي بالمذهب البروتستانتي، وممن أعان على ذلك التبديل هنري الثامن وإدوارد السادس والملكة ألِزَبَث وذلك من سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة وألف إلى سنة ثلاث وستمائة وألف. ثم في السنة المذكورة خلف الملكة ألزبث جاك الأول الذي ابتُدئت به عائلة الستوارد بإنكلترة، وهو أول مَن جمع الممالك الثلاث؛ إنكلترة وسكوسيا وأرلاندة في مملكة واحدة وسماها بريتانيا الكبرى، وأراد ابنه شارل الأول بعد ولايته بمدة تغيير القوانين والاستبداد بالتصرف فنشأ من ذلك حروب بينه وبين مجلس البارلمان وانتصر عليه المجلس بإعانة العامة وألقاه في السجن، ثم حُكم عليه بالقتل كخائن للمملكة في سنة تسع وأربعين.

وفي ذلك الوقت تكونت الربوبليك؛ أي الجمهورية، فأخذ الجنرال كرومول زمام المملكة وبقي رئيسًا عليها مدة حياته باسم الحامي إلى سنة ثمانٍ وخمسين. ثم رجعت عائلة الستوارد إلى الملك سنة ستين وستمائة، لكن هفوات جاك الثاني أنشأت ثورة سنة ثمانٍ وثمانين وستمائة التي بها سقطت تلك العائلة بالمرة. وارتقى وليم الثالث من عائلة أورانج — وكانت تحته بنت جاك الثاني — ملكًا على تخت إنكلترة، وبهذه الثورة تأسست الدولة القانونية بإنكلترة التي سبقت سائر الممالك إلى الكونستيتوسيون بنحو قرن، فبها تأكد احترام الذوات والمكاسب وظهور العدل في الأحكام وعدم عزل الحكام وتحديد الأداء ومراقبة أحوال الدولة والتكلم في تصرفاتها لدى المجالس. وإنما قلنا تأكدت هاته الأمور؛ لأنها كانت موجودة عندهم قبل الثورة المذكورة منذ مدة مديدة يتوارثها الأبناء عن الآباء، فلم تزدها الثورة إلَّا تقوية وتقريرًا، فالحاصل أن تأسيس القوانين الحامية لحقوق الرعية بإنكلترة كان في القرن الثالث عشر. ومن سعادة الأمة الإنكليزية في أمورها الدنيوية معرفتها بأمور السياسة وإدارة المملكة واقتدارها على معرفة ما ينبغي في حماية حريتها وحفظ حقوقها وإمضاء شروطها، حيث أوجدت في ذلك القرن مجلس البارلمان أي المفاوضة في مناضلات ملوكهم، والبارلمان الموجود اليوم باقٍ على الكيفية المتأسس عليها في أثناء القرن المذكور. وقد قال فرتسكو الكنشليير في مدة هنري السادس بإنكلترة إن المُلك على نوعين: استبدادي وقانوني. والفرق بينهما أن الملك في الأول يحكم على الأمة بنفسه ويوظف عليهم الأداء بحسب ما يظهر له من غير أن يبحث عن مقدرتهم ورضاهم، وفي الثاني لا يتصرف إلَّا بشريعة وقانون ترتضيه الأمة لنفسها. وقد يقال: إن الثورة الإنكليزية نشأت عروقها في القرون الماضية وأظهرت قوتها الأحوال والأوضاع القديمة التي كانت في سياسة المملكة، والتبديل الواقع من الثورة الدينية في القرن السادس عشر، كما أن ثورة سنة ثمانٍ وثمانين وستمائة وألف كانت بدسائس وِليَم الثالث الذي جلس عقبها على تخت المُلك، وأعانه عليها السيرة المستقبحة جدًّا التي كان عليها سلفه المَلك جاك الثاني الذي لا بصيرة عنده ولا شفقة، مع أن المجلسين — أعني مجلس اللوردوات ومجلس نواب العامة — كانا متفقين على تلك الثورة والخروج عن طاعة الملك، والأمة بأسرها كذلك. ومن ذلك الوقت ظهر حُسن التنظيمات السياسية التي استقامت بها أمور إنكلترة الداخلية ونمت قوتها البحرية حتى ملكت المستعمرات الكثيرة في سائر جهات المعمور.

ثم في سنة اثنتين وسبعمائة وألف استولت بعد وليم الثالث حَنَّا بنت جاك المذكور، واستدعت الأمة بعد موتها عائلة هانوفر إلى المُلك سنة أربع عشرة وسبعمائة وألف، وهذه العائلة هي الحاكمة اليوم بإنكلترة، وقد استولى منها خمسة ملوك، واسم الملكة المستولية الآن فكتوريا. وفي مدة هؤلاء الملوك الأخيرة فُتحت كانَدَا بأميركا سنة ستين وسبعمائة وألف، وتم ذلك بعد حرب سنة ثلاث وستين وسبعمائة وألف، وضاعت من أيديهم الممالك المتحدة بأميركا من سنة أربع وسبعين وسبعمائة وألف إلى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة وألف، ودخل الهند تحت سلطتهم سنة سبع وخمسين وسبعمائة وألف، وتم ذلك بعد حروب انتهت إلى سنة ست عشرة وثمانمائة وألف، وحاربوا نابوليون الأول فرنسا من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة وألف إلى سنة خمس عشرة وثمانمائة وألف. وفي مدة جورج الرابع ابتُدئ تاريخ العصر الجديد؛ أي تبديل السياسة على الكيفية التي اختارها نواب الشعب، وذلك في سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة وألف.

ولنذكر أسماء ملوك إنكلترة على ترتيبهم في الملك مرقومًا بإزاء كل واحد منهم تاريخ ولايته:

أسماء ملوك إنكلترة وتواريخ ولاياتهم.
سنة   
العائلة الأولى الساكسونية
۸۲۷ أغبرت
۸۳٦ أثلولف
۸٥۸ أثلبلد
۸٦۰ أثلبرت
۸٦٦ أثلريد
۸۷۱ ألفرد الكبير
۹۰۰ إدوارد الأول القديم
۹۲٥ أثلستان
۹٤۱ أدموند الأول
۹٤٦ إدرد
۹٥٥ أدوي
۹٥۷ إدغرد الملقب بالبسيفك أي السليم
۹۷٥ صانت إدوارد الملقب بالمرتير أي الشهيد
۹۷۸ إثلريد الثاني
العائلة الثانية الساكسونية والدنيمركية
۱۰۱۳ سوينون الدنيمركي
۱۰۱٤ أثلريد المذكور
۱۰۱٦ إدموند الثاني الملقب بالسكسوني
۱۰۱۷ كانوت الكبير دنيمركي
۱۰۳٦ هارولد الأول دنيمركي
۱۰۳۹ هاردي كانوت دنيمركي
۱۰٤۱ إدوارد الكونفسور ساكسوني
۱۰٦٦ هارولد الثاني ساكسوني
العائلة الثالثة من جنس النورماند
۱۰٦٦ وليم الأول الملقب بالفاتح
۱۰۸۷ وليم الثاني الملقب بالأشقر
۱۱۰۰ هنري الأول المسمى بوكليرك
۱۱۳٥ ستيفن دوبلوي
العائلة الرابعة من جنس أنجو البلنتجنات
۱۱٥٤ هنري الثاني
۱۱۸۹ ريشارد الأول الملقب كور دليون أي قلب الأسد، وهو الذي حارب صلاح الدين بن أيوب عند افتكاكه لبيت المقدس
۱۱۹۹ جان سانتير أي الذي هو بلا أرض؛ لأن أباه لم يملكه شيئًا
۱۲۱٦ هنري الثالث
۱۲۷۲ إدوارد الأول
۱۳۰۷ إدوارد الثاني
۱۳۲۷ إدوارد الثالث
۱۳۷۷ ريشارد الثاني
۱۳۹۹ هنري الرابع
۱٤۱۳ هنري الخامس
۱٤۲۲ هنري السادس
۱٤٦۱ إدوارد الرابع
۱٤۸۳ إدوارد الخامس
۱٤۸۳ ريشارد الثالث
العائلة الخامسة من بيت تودور
۱٤۸٥ هنري السابع
۱٥۰۹ هنري الثامن
۱٥٤۷ إدوارد السادس
۱٥٥۳ جان غري
۱٥٥۳ ماريا
۱٥٥۸ ألزبث
العائلة السادسة من بيت ستوارت
۱٦۰۳ جاك الأول
۱٦۲٥ شارل الأول
فترة مدة سجن المذكور وقتله من ۱٦٤۹ إلى ۱٦٥۲
۱٦٥۲ أولور كرومول رئيس الجمهورية الملقب بالحافي
۱٦٥۸ ريشارد كرومول ابنه
رجوع عائلة ستوارت إلى الملك
۱٦٦۰ شارل الثاني
۱٦۸٥ جاك الثاني
العائلة السابعة من بيت أورانج وستوارت
۱٦۸۹ وليم الثالث من بيت أورانج وماريا زوجته من بيت ستوارت
۱۷۰۲ حنَّا
العائلة الثامنة من بيت هانوفر
۱۷۱٤ جورج الأول
۱۷۲۷ جورج الثاني
۱۷٦۰ جورج الثالث
۱۸۲۰ جورج الرابع
۱۸۳۰ وليم الرابع
۱۸۳۷ فيكتوريا وهي الملكة الآن

(٢) في وصف مملكة الإنكليز وتحديد مساحتها

اعلم أن المملكة الإنكليزية تشتمل على ثلاث ممالك متحدة، وهي إنكلترة وسكوسيا وأرلاندة، وسميت ببريتانيا العظمى عند إضافة مملكة سكوسيا إلى إنكلترة في عهد جاك الأول سنة ثلاث وستمائة وألف، وهما متصلتان في أكبر جزر بريتانيا التي يبلغ طولها الممتد مما بين الشمال والغرب إلى ما بين الجنوب والشرق ثمانمائة وثمانين كيلومترًا، وعرضها في جهة الشمال خمسة وسبعون ومائتا كيلومتر، وفي الوسط أربعة وعشرون ومائة كيلومتر، وفي الجنوب ثمانية وثمانون وأربعمائة كيلومتر، وتكسير سطحها تسعة وسبعون وستمائة وثلاثون ألفًا ومائتا ألف كيلومتر مربعًا. ويحدها شمالًا وشرقًا بحر الشمال وجنوبًا بحر المانش الفاصل بينها وبين فرنسا، وغربًا بوغاز صان جورج وبحر أرلاندة. هذا وإن إنكلترة في حد ذاتها تنقسم إلى اثنين وخمسين كونتيا منها اثنا عشر لإمارة الغال. وأما عدد سكانها فإنه قد بلغ في سنة إحدى وستين وثمانمائة وألف عشرين مليونًا وواحدًا وستين ألفًا وسبعمائة وخمسًا وعشرين نفسًا. والجبال بها قليلة إلَّا في إمارة الغال وفي الناحية الشمالية، ومع هذا فليست شامخة؛ إذ أعلاها سناودون وهو لا يتجاوز ألفًا ومائتي متر. وأوديتها كثيرة لكن غالبها صغير وأكبرها التامس والسفرن والهومبر، وهو متكون من الترانت الأوز، ثم المدوى والمرسى ووادي آفون والتيس والدي والتين والدروانت. وهناك بحيرات قليلة في الناحية الشمالية، والخُلُج المصنوعة بها لتيسير التواصل كثيرة، ولهم فيها أربعة أصول ينسب كل واحد منها إلى بلدة، وهي ليفربول ومانشستر ولندرة وبرمنغهم.

ثم إن إقليم إنكلترة كثير الرطوبات بارد ذو ضباب، ينبت به كثير من الثمار والحبوب والخُضَر، ويوجد به الهبلون وهو حشيشة الدينار تخمَّر بها البيرة ونباتات يُستخرج منها الدقيق وأخرى يُستخرج منها الزيوت، وأما العنب فلا ينبت بأرضهم. ومراعيهم في غاية الجودة ولذلك حسنت خيلها وسائر مواشيها وكثر الصيد في غالب جهاتها. وبالناحية الغربية من الإقليم المذكور أجمة واسعة، ومزارعها كثيرة ومقاطع الفحم الحجري والحديد بها غنية جدًّا وكذا مقاطع النحاس والرصاص والقصدير. وأما الصناعات فقد اتسع عندهم نطاقها غاية الاتساع، لا سيما صناعة الجوخ والكتان وسائر الأقمشة ونسج الحرير والصوف والكتان وغزل القطن وصبغه، واستخراج المعادن واصطناع الأسلحة وآلات الحديد اللازمة للضروريات، واصطناع الساعات والمصوغ، ودبغ الجلود وغسل الثياب بالآلات. وبها طرق عظيمة اعتيادية وطرق كثيرة حديدية، وطول الذي تم منها سنة ثلاث وستين وثمانمائة وألف ثمانية عشر ألف كيلومتر وسبعمائة وثمانية وسبعون كليومترًا. ويوجد سلك التلغراف في جميع جهات المملكة بكثرة، إلَّا أننا لم نقف على حساب طوله.

وأمر التجارة بها في غاية الرواج داخل المملكة وخارجها، بحيث إن تجارتهم تصل إلى سائر جهات المعمور، وأما مملكة سكوسيا فإنها تبدي للناظر منظرًا بهيجًا لا تشبه جهة منها الأخرى، وناحيتها الشمالية صعبة المسالك لكثرة الجبال التي بها، وفي الناحية الجنوبية منها مزارع منبسطة خصبة، والوسط منها تشقه سلسلة من جبال غرامبيان، والشاطئ الغربي كله متصل بمستجزرات عديدة، حيث كانت مياه البحر المحيط نافذة فيه وواصلة إلى أصول الجبال، ولذلك تكون في تلك الجهة عدد كثير من الغولف، ومن الباي المعبر عنهما عندنا بالجون والدخلة، وبهاته المملكة أودية وبحيرات كثيرة، وبها خليج كبير يسمى كليذونيان واصل بين بحر الشمال وبحر أرلاندة، وهذا الإقليم بارد ويوجد بجباله مقاطع الرصاص والحديد والفحم الحجري وأنواع الرخام وبلور الصخر والحجر اليماني وبقية المعادن.

وأمر الفلاحة بها في غاية الانتظام، والمراعي كثيرة خصبة؛ ولذلك كثرت أنعامها خصوصًا الغنم ذا الصوف الجيد. وأهل سكوسيا متقدمون في سائر الصناعات لا سيما علم الفلاحة عند أهل الأرض البسيطة. ثم إن مملكتها منقسمة إلى ثلاثة وثلاثين كونتيًا، وقد بلغ أهلها في سنة إحدى وستين وثمانمائة وألف ثلاثة ملايين وواحدًا وستين ألفًا ومائتين وخمسين نفسًا. وأما مملكة أرلاندة فإن موقعها بغرب إنكلترة منفصلة عنها ببوغاز صان جورج وبحر أرلاندة، ومساحة طولها الممتد من الشمال إلى الجنوب أربعمائة وخمسون كيلومترًا وعرضها مائتان وثمانون كيلومترًا، وتكسير سطحها يبلغ أربعة وثمانين ألفًا ومائتين وسبعة وثلاثين كيلومترًا مربعًا. وعدد أهلها في سنة إحدى وستين وثمانمائة وألف بلغ خمسة ملايين وسبعمائة وأربعة وستين ألفًا وخمسمائة وثلاثًا وأربعين نفسًا. وهذه المملكة تنقسم إلى أربع إيالات وتنقسم تلك الإيالات إلى اثنين وثلاثين كونتيًا، وأرضها في غالب الجهات منبسطة كثيرة الأودية، وبها ثلاثة خلج كبيرة يسمى أحدها بالخليج الكبير والثاني بالخليج الملكي والثالث بخليج نيوري. وبأرلاندة عدد وافر من البحيرات، وشطوطها في غاية التعريج المستحسن خصوصًا في الناحية التي بين القبلة والغرب؛ ولذلك حصلت هذه المملكة على عدة مينات صالحة لإرساء السفن. وأما المراعي الجيدة ومستنقعات المياه فكثيرة بها، وإقليمها معتدل لكنه نَدِيٌّ سريع التغير، وأصول النباتات التي بها الشعير والفوان وهو نوع منه مختص بالدواب والكتان والبطاطة بكثرة والقمح بقلة، ويوجد بها كثير من الحيوانات، وخيلها الصغار مرغوب فيها، والمعز والخنزير يوجدان فيها بكثرة، وبها معدن الذهب والفضة والنحاس والرَّصاص والحديد والفحم الحجري وحجر الزرنيخ ومقاطع الكذان. وأما الصناعات فإنها غير بالغة فيها مبلغها في غيرها، وبها من المواد قماش الكتان والقطن والأقمشة الرقيقة. وأما الجزُر الموجودة بهذه الممالك فمنها الجزر المجاورة للبريتانيا وهي وَيْت ومان وأنْكلْسِي، والجزر المتجمعة مثل جزر أبريد وجزر أوركاد وجزر شيتلاند … إلخ، ويحتوي جميعها على ألف وستة وعشرين كيلومترًا مربعًا، وقد بلغ سكانها في سنة إحدى وستين وثمانمائة وألف مائة وثلاثة وأربعين ألفًا وسبعمائة وتسعًا وسبعين نفسًا، وقدر سطح الممالك المذكورة بالتكسير ثلاثمائة ألف وخمسة عشر ألفًا وتسعمائة واثنان وأربعون كيلومترًا مربعًا، وقد بلغ سكانها في سنة إحدى وستين وثمانمائة وألف تسعة وعشرين مليونًا وواحدًا وثلاثين ألفًا ومائتين وثماني وتسعين نفسًا، وتختها مدينة لندرة المحتوية بمقتضى ما تحرر في السنة المذكورة على مليونين وثمانمائة ألف وثلاثة آلاف وأربع وثلاثين نفسًا.

ثم إن للدولة الإنكليزية زيادة على جزر البريتانيا جزرًا عديدة ومستعمرات، منها في أوروبا جزيرة اليغولاند في بحر الشمال وجزر جَرْسِي وغَرْنسِي في بحر المانش وجبل طارق بأرض إسبانيا وجزيرة مالطة وغوزو ببحر الروم، وجملة سكان الأماكن المذكورة ثلاثمائة وسبعة وثمانون ألفًا وخمسمائة وثلاث وعشرون نفسًا. ولها في آسيا غالب أرض الهند من غربي الغانج وجزيرة سيلان، وفي شرقي الغانج مملكة أسام وأركان وممالك أخرى. ولها في الصين جزيرة هنكونغ وبلدتها، ولها في جزيرة العرب مدينة عدن وفي بوغاز باب المندب جزيرة بريم. وجملة سكان ما ذكر أي ممالك الإنكليز في آسيا مائة وسبعة وثمانون مليونًا ومائة وسبعة وعشرون ألفًا وثمانمائة وخمس وسبعون نفسًا، فمن ذلك في الهند مائة وخمسة وثمانون مليونًا وثلاثمائة وسبعة عشر ألفًا وثمانمائة وخمس عشرة نفسًا، والذين منهم تحت حكم الإنكليز مائة وخمسة وثلاثون مليونًا وثلاثمائة وتسعة وستون ألفًا وخمسمائة وثمانٍ وستون نفسًا، والباقي وقدره تسعة وأربعون مليونًا وتسعمائة وثمانية وأربعون ألفًا ومائتان وسبع عشرة نفسًا مقسوم تحت ملوك طوائف لها نوع استقلال في إدارتها الداخلية، وتؤدي للإنكليز أداءً سنويًّا من المال، وللدولة المذكورة في أفريقية مواضع في سنيغال وفي غِنْيَ وجزر موريس صانت آلان وجزيرة أسانسيون ومستعمرات رأس الرجاء الصالح، ومراكز في جزيرة مدغسكار، وسكان جميعها أي ما بأفريقية تسعمائة ألف وأربعة عشر ألفًا وثلاثمائة وأربع وستون نفسًا، ولها بأميركا البريتانيا الجديدة المحتوية على كانَدَا وبرنزويك الجديد وسكوسيا الجديدة ولابرادور وجزيرة الأرض الجديدة وعدة بلدان أخرى كائنة غربي ما ذُكر، ولها أراضٍ وجزر في ناحية القطب الشمالي والجزر المسماة بالأنتيل الصغار وجزيرة جامايك وغيان الإنكليزية وجزر ماجلان. وجملة سكان جميعها أي ما بأميركا ثلاثة ملايين ومائتان وتسعة وتسعون ألفًا وخمسمائة وثلاث وستون نفسًا. ولها في الأوقيانية وهي جزر الأوقيانوس أي البحر المحيط الشطر الشرقي من أوستراليا وعدة جهات من الشاطئ الغربي وجزيرة تزمانيا وجزر نيوزيلاند — أي زيلاندة الجديدة — وجزر نورفولك، وجملة سكانها مليون وثلاثمائة وثمانية وخمسون ألفًا وثلاثمائة وإحدى وثمانون نفسًا. ولها ممالك جديدة بجنوب أفريقية كمدينة لاغوس تملَّكتها سنة إحدى وستين وثمانمائة وألف، وويدَّا (بتشديد الدال) وعدة جزر أخرى صغيرة.

واعلم أن من هذه الممالك ما هو غير معتبر في حد ذاته لكنه بواسطة كونه مركزًا حربيًّا ومأوًى للسفن عند الحاجة معتبر جدًّا؛ حيث إن بوارج الإنكليز يمكنها بواسطة تلك الممالك أن تجول بجيشها في سائر أقطار الأرض بسهولة. فالحاصل أن جملة رعايا إنكلترة في أقسام الكرة الخمسة بلغت في سنة إحدى وستين وثمانمائة وألف مائتين وعشرين مليونًا وثلاثمائة وثمانية آلاف وتسعمائة وأربعًا وأربعين نفسًا، وذلك أكثر من خُمس سكان المعروف من الكرة الآن.

(٣) في بيان التنظيمات السياسية بإنكلترة

اعلم أن الكونستيتوسيون الإنكليزي كما أشار إليه لورد بروغم ليس بسيطًا، بل هو مركَّب من ملاحظة أمور ناشئة عن تركب الدولة الإنكليزية من الأصول الثلاثة التي لا تخلو دولة ملكية عن واحد منها، وذلك أن الدولة إما أن تكون أوتوكراتيك؛ أي استبدادية، أو أريستوكراتيك؛ أي زمامها بيد الأعيان، أو ديموكراتيك؛ أي أمرها بيد العامة، ولا شكَّ أن كل واحدة من هاته الصور في حد ذاتها لا تكفي لحفظ حقوق الأمة ولا لحسن الإدارة؛ فلذلك تأسس الكونستيتوسيون الإنكليزي على الأصلين المتقررين بين الدول الأوروباوية، وهما أن ينوب عن القوة السلطانية مجالس مستقلة في تصرفها، وأن لا تمضي أحكامها إلا بموافقة الملك لها، وأما ما يعرض للكونستيتوسيون المذكور من مزيد القوة والضعف فإنما ذلك من اختلاف عاداتهم وتبدل أوقاتهم؛ إذ لم يكن الكونستيتوسيون عندهم أمرًا سياسيًّا متفقًا عليه، ولم يكن صادرًا في أصله عن إملاء وروية وإعمال للقواعد العلمية كما فعله الفرنساويون، بل هو نتيجة ملاحظة أحوال وعادات كما أشرنا إليه. وقال دوك ديان الذي كان إمبشدور فرنسا بلندرة: إن الكونستيتوسيون الإنكليزي مستجمع من القوانين القديمة والجديدة ولا يخلو من نوع ارتباك؛ إذ قد يوجد فيه حكمان متناقضان في نازلة واحدة، بأن يصدر حكم جديد فيها قبل إبطال الأول وتركه بمقتضى حب الأمة للتمدن مع احترامهم لعاداتهم القديمة. ثم إن مبدأ تاريخ الكونستيتوسيون الإنكليزي من وقت انعقاد الشرط الكبير الذي عرضه جماعة البارونات على الملك جان سانتير وألزموه بتصحيحه وإمضائه، وذلك في التاسع عشر من يونيو سنة خمس عشرة ومائتين وألف، ومنه قوله في الفصل الثاني: «سوَّغنا لسائر رعيانا في مملكتنا الإنكليزية علينا وعلى ورثتنا إلى الأبد جميع الحرية الآتي شرحها؛ ليملكوها هم وأعقابهم منَّا ومن أعقابنا.»

وفي الفصل الرابع عشر منه يقول: «ولتركيب المجلس العمومي بمملكتنا للمفاوضة في توظيف الأداء على الناس نجمع جماعة الأرشفاك والأفاك — أي رؤساء الأساقفة والأساقفة، وهم من أهل الخطط الدينية — والآبي — وهم رؤساء الأديرة التي بها الرهبان — والكونت والبارونات الكبار باستدعاءٍ منَّا بمكاتبة كل شخص بانفراده وبواسطة رؤساء متوظفي الدولة نجمع المتوظفين الذين لنا عليهم الأمر.» وفي الفصل الخامس عشر منه يقول: «ونفعل مثل ذلك فيما إذا أردنا وضع الإعانة على مدينة لندرة مع بقاء الحرية القديمة للمدينة المذكورة وحرية عاداتها.» وفي الفصل الثاني والعشرين منه يقول: «مجلس الأحكام العمومية الكبير لا يلزم في المستقبل انتقاله إلى حيث ننتقل، بل يستقر بالمحل المعين له.» وفي الفصل الخامس والعشرين منه يقول: «المُكْتري لأرض أحد الأعيان الذين كانوا يملكون الأراضي بما عليها لا يغرم مالًا لمجرد هفوة صغيرة ولا كبيرة إلَّا بحسب الجناية، وإذا لم يكن للجاني ما يزيد على مقدار المعيشة الضرورية فلا يسوغ إغرامه، وإذا تعلقت الجناية بالباعة السوقية فلا يسوغ أن تُمس رءُوس أموالهم ولا أن تُعطل حركاتهم.» وفي الفصل السادس والعشرين يقول: «إن أرباب الفلاحة سواءٌ كانوا تحت سلطتنا أو تحت سلطة أرباب الأملاك لا تُضرب عليهم الغرامة عند صدور الذنب إلَّا بقدر طاقتهم، ولا يعطون عن خدمة آراضهم ولا تلزم الغرامة إلَّا بشهادة اثنتي عشرة نفسًا من الجيران الذين تُرضى شهادتهم ويمينهم.» وفي الفصل الثامن والثلاثين منه يقول: «ليس لأحد من جماعة الآبي والكونت ولا غيرهم من ضباطنا أن يأخذ على وجه الغصب خيلًا أو كراريط لحمل أثقالنا إلَّا بدفع القيمة المعتادة.» وفي الفصل الثالث والأربعين منه يقول: «ويكون القيس والكيل والوزن في سائر بلدان المملكة بمعيار واحد، وهو الموجود بمدينة لندرة.» وفي الفصل الثامن والأربعين يقول: «لا يُمسك أحد من الناس ولا يُسجن أو يُؤخذ منه شيء مما يملكه، ولا يُعطل شيء من عاداته وحريته، ولا يخرج عن ذمة القوانين ولا يُنفى من أرضه ولا يُمس بما ينافي الحرية بأي وجه كان، ونحن لا نكون عليه ولا نأمر بسجنه إلَّا أن يصدر بذلك حكم بمقتضى قانون البلاد المتقرر لدى المجالس.» وفي الفصل التاسع والأربعين منه يقول: «لا نمنع أحدًا حقًّا له ولا نبيع عليه شيئًا ولا نعطل دونه حكمًا.» وفي الفصل الثاني والخمسين يقول: «كل أحد من مملكتنا يرخَّص له في السفر والخروج من المملكة متى شاء وفي الرجوع إليها ترخيصًا مطلقًا بدون أن يخشى منعًا في ذلك من أحد، كان السفر في البر أو في البحر، وعليه أن لا يحيد عما يجب عليه من طاعتنا.»

وفي سنة ثمانٍ وخمسين ومائتين وألف تقرر الشرط الكبير بالقانون المسمى تقرير أوكسفورد، وهي بلدة بإنكلترة، الصادر عن إملاء أربعة وعشرين بارونًا في أول اجتماج لهم بلندرة في مجلس المفاوضة الذي لقَّبوه بالبارلمان. ويحتوي التقرير المشار إليه على أشياء منها أن البارونات هم الذين يسمون حكام النوازل في كل سنة، كما يسمون ناظر الخزنة الشانسلر وهو رئيس الكتبة وشاهد الدولة وغيرهما من متوظفي المملكة، ومنها أن تكون تحت نظرهم حراسة قصور الملك، ومنها أن البارلمان يجتمع ثلاث مرات في السنة في فراير ويونيو وأكتوبر، ومنها أن يسمى كومسيونًا مؤبدًا مركَّبًا من اثني عشر بارونًا للحضور في البارلمان ليتفاوضوا مع مجلس الملك في سائر الأمور، ومنها أن يعين أربعة من الكفالييرية في كل كونتي لتلقِّي ما عسى أن يحدث من الشكايات بالأعيان ونحوهم من متوظفي الملك، ويعرضون ذلك على البارلمان أول جلسة له. ثم في سنة أربع وستين ومائتين وألف اجتمع البارلمان أول مرة، وكان فيها تامًّا؛ إذ لم يكن تركُّبه من الأعيان والقرناء فقط، بل كان معهم وكلاء الكونتي والبورغ أي وكلاء الإيالات والقرى، حتى إن مَاكُولي المؤرخ عبَّر عن هذا الاجتماع بوقت تمام تكوين الأمة الإنكليزية في الحقيقة وظهور أخلاقهم الخصوصية المحفوظة فيهم من ذلك العهد، ومن ثم عُدَّ آباؤهم سكان جزيرة حسًّا ومَعْنًى؛ أي كما أنهم منقطعون عن غيرهم حسًّا فهم منقطعون عنهم أيضًا في سياستهم وعاداتهم، وظهرت فيهم من ذلك الوقت مزايا الكونستيتوسيون، فإنه وقع فيه بعد ذلك تغيير كبير فهو أحسن ما عاشت عليه أمة كبيرة عدة قرون، ومما نشأ في ذلك الوقت اجتماع مجلس الكومون أي نواب الإيالات الذي نسج على منوالهم فيه سائر الأمم.

وفي مدة الملك إدوارد الثالث افترق المجلسان اللذان كانا مجتمعين قبل ذلك الوقت، ثم في مدة ريشارد الثاني رخص لنواب الأهالي أن ينظروا في أمر الدخل والخرج، وفي مدة هنري الرابع ظهر شرط سنة ست وأربعمائة وألف الذي حجر على الملك أن يتصرف بدون موافقة مجلس مؤبد يحلَّف أعضاؤه بالبارلمان على المحافظة على سائر قوانين الكونستيتوسيون، ثم في مدة حروب الوردتين من أيام مُلك عائلة تودور المستبد ضعفت سلطة مجلس البارلمان حتى صار يقنع من الغنيمة بمجرد البقاء، ثم في مدة ستوارت ارتفع شأنه وخرج من ربقة العبودية التي بقي فيها مدة طويلة لتقدم سلطة الملك بعد منازعات شديدة أرسى الحال فيها على هدم تلك السلطة الاستبدادية، ثم بعد ذلك دخل أمر المملكة في قبضة كرونول الذي بدد شمل البارلمان في سنة ثلاث وخمسين وستمائة وألف، ثم تجدد احترامه في مدة شارل الثاني، ثم تجددت المحاربة بينه وبين السلطة الملكية في مدة جاك الثاني وأُجْلِيَ الأمر فيها عن سقوط القوة الملكية أيضًا سنة ثمانٍ وثمانين وستمائة وألف، ثم إن البارلمان أعطى تاج الملك وليم دورانج.

وفي الرابع والعشرين من فراير سنة تسع وثمانين وستمائة وألف تجدد بمعاريض القوانين أساس الكونستيتوسيون الإنكليزي الموجود الآن بالتمام، وشروطه الأصلية هي أنه لا عبرة بالقوة الملكية التي يستند إليها في الإلزامات والتوقيفات بدون موافقة البارلمان، ولا ينسخ شيء من القوانين أو يوقف العمل به ولا يسوغ تعيين شيء من الأداء لخصوصية الملك أو لمصلحة المملكة بغير موافقة البارلمان أو بكيفية مغايرة لمقصده، وإن كل شخص من آحاد الناس له أن يعرض على الملك مطلبه بنفسه ولا يعوقه شيء من ذلك ولا يسوغ أخذ العسكر ولا بقاؤه في الخدمة بدون موافقة البارلمان، وأن انتخاب أعضائه يكون من الأهالي بمقتضى اجتهادهم بدون منافاة لحريتهم، ولا تعطل حرية المفاوضة بين العامة فيما يقع به، ولا يلزم أحد بوضع مال على جهة الضمان إلى تمام الخصومة، ولا يضرب عليه غرامة تشق عليه، ولا يعاقب بعقاب شديد أو غير معتاد. وينبغي أن يشهر للناس أسماء أمناء الحكم الذين يقع عليهم الاختيار، كما ينبغي أن يكون اختيارهم على أتم وجه، والأمناء الذين يُستفتون في مرتكب جناية كبيرة ينبغي أن يكونوا من أصحاب الأملاك، وينبغي المحافظة على اجتماع البارلمان لإصلاح جميع ما يتشكى منه وتغيير ما يلزم تغييره من القوانين وحفظ الباقي عن طروق الخلل، كما أن صك القوانين الذي يبين شروط وراثة التاج يشمل على الشروط الآتي بيانها، وهي: أن كل شخص يتحد بكنيسة رومية أو يتزوج بباباوي أو بباباوية؛ أي يكون على مذهب الكاثوليك، يسقط حقه من الملك ولا يمكن من أن يملك التاج أبدًا أو يرثه، ولا تكون بيده إدارة الدولة، وإذا وقع ذلك ونزل فالأمة لا تكون مطالبة بطاعته، ويرجع التاج إلى أقرب وارث.

ثم إنهم بعد مدة قليلة اقترعوا في صك القوانين على المقدار الذي ترخص فيه القمرة للدولة من العسكر الذي يبقى تحت السلاح في كل سنة، ثم في دولة الملكة حَتَّى اقترع البارلمان على معروض في قبول عائلة هانوفر للمُلك من فصوله: أن كل مَن يرث التاج الإنكليزي في المستقبل لا بدَّ أن يدخل تحت قيود اعتقادات الكنيسة الإنكليزية طبق ما تقرر في القوانين، وإذا نقل التاج إلى أحد غير مولود بإنكلترة فلا تكون الأمة الإنكليزية مدافعة عن ملك أو أرضٍ غير راجعين إلى التاج الإنكليزي بدون موافقة البارلمان، ولا يمكن لمن يملك التاج في المستقبل أن يتوجه خارج أرض إنكلترة وسكوسيا وأرلاندة إلَّا بإجازة من القمرة، وجميع نوازل الإدارة التي يجب عرضها على مجلس الملك المسمى بالمجلس الخاص يجعل تقرير فيما وقع فيها من الانفصال مصحح ممن حضر من الأعضاء، وكل مَن ولد خارج إنكلترة وسكوسيا وأرلاندة وخارج بلدان سلطة المملكة لا يمكن أن يكون عضوًا في المجلس الخاص ولا في أحد المجلسين المشار إليهما ولو أخذ عقد الجنسية بالاستحقاق أو بتفضل الملك، إلَّا أن يكون أحد أبويه من الإنكليز، ولا يأخذ رتبة ما أو توكل لأمانته وظيفة مدنية أو عسكرية ولا يعطى شيئًا من أرض التاج على وجه الهبة والعطية، ولا ينتفع أحد بكتب أمان ولو ختم بالطابع الكبير إذا كان صدور الشكاية منه من البارلمان؛ ومن أجل ما ذكر من الأمور ومعاريض التراتيب والقوانين التي سيأتي الكلام عليها انقسمت القوة الحكمية بين الملوك والبارلمان.

(٤) في قوة التنفيذ

اعلم أن قوة التنفيذ بيد الملك فهو الذي ينفِّذ القوانين بواسطة وزرائه، وأن تاج البريتانية العظمى ينتقل بالوراثة يرثه الأكبر فالأكبر من السلسلة الواحدة من العائلة على ترتيبهم في الولادة، بمعنى أنه ينقل من الأب إلى الابن البكر وهكذا، ويتقدم الذكر على الأنثى إذا كانا في درجة واحدة مثل الأخ الصغير يتقدم على أخته الكبيرة. ويلقب ملك إنكلترة باسم الري، وهذه طالعة أوامره: «فلان بنعمة الله ملك المملكة المتحدة من البريتانية الكبرى وأرلاندة محاميًا عن العقيدة.» ومن حيث كونه رئيس الكنيسة يختار كبراء الديانة ويأمر بجمع ديوان الأساقفة، ومن حيث كونه رئيس المملكة يُنصِّب الوزراء ويمنح سائر الوظائف العسكرية برًّا وبحرًا وسائر ألقاب الشرف والمقامات والنياشين، وغير ذلك من أنواع الجزاء في الأمور المدنية والجندية، ويرخص في قبول علامات التمييز المعطاة من ملوك الأجانب ويرسل السفراء ويقبل سفراء الدول الأجنبية، ويستعين بكافة أهل المملكة على ما يهم الجميع، ويُشهر الحرب ويعقد الصلح، ويضرب السكة ويعطي مكاتيب الجنسية الإنكليزية، ويعفو عن الجناة ونحوهم، وهذه الأمور وإن كانت كلها راجعة لسلطة الملك بأصل الاستحقاق فإنها متوقفة على إجازة الوزراء من حيث إنهم مطالبون بتصرفات الدولة عند البارلمان؛ ولذلك لا يبدي الملك أمرًا حتى يستشير وزراءه، ثم الوزراء لا يمكن بقاؤهم في التصرف إذا لم يكن غالب أعضاء المجلس موافقًا لسياستهم، وهو معنى مسئولية الوزراء. وصورة موافقة المجلس في ذلك أن تعرض على أعضائه سائر النوازل الداخلية والخارجية، وذلك من حقوقه، كما أن له أن يسأل الوزراء عما يظهر له متى شاء أو يقدح في سيرتهم، وعلى الوزراء الجواب، فينشأ عن ذلك مجادلة بالمجلس بين القادح والمدافع، فإذا اتفق غالب المجلس بعد تأملهم في النوازل وجواب الوزراء عما ورد على سيرتهم في إدارة المملكة من القدح لم يبقَ للملك والحالة ما ذُكر إلا أحد أمرين؛ إما تبديل الوزراء أو إغلاق المجلس، على شرط أن يعيد الأهالي الانتخاب، فإذا انتخبوا غير الوكلاء الأُوَل ممن يعرف باللين والمساعدة للدولة دلَّ على رضاهم بسيرتها فيبقى الوزراء حينئذٍ على خططهم، وإذا اختاروا الوكلاء الأُوَل أو من هو مثلهم في المعارضة دلَّ ذلك على عدم رضاهم بها ووجب حينئذٍ خروج الوزراء من الخطة.

ومن حقوق المجلس أيضًا أن يدَّعي على أحد الوزراء أو على جميعهم بالخيانة إذا رأى موجبًا لذلك، فيكون فصل النازلة بالمجلس الأعلى أي مجلس اللوردوات، ومنها أن يمتنع من إعطاء المال والعسكر للحرب التي يراها الملك إذا لم يرَ فيها فائدة للأمة؛ لأن ترتيب الأداء والخدمة العسكرية أمر سنوي لا بدَّ من تجديد القانون فيه كل سنة.

قلت: فبهذه القوانين حصل للأمة الإنكليزية من المعارف والعمران وأنواع التمدن ما صارت به جزيرتهم كأحسن البساتين بعد أن كانت صخرة في البحر لا عمران بها، وما استولوا به على خُمس سكان الكرة كما هو مشاهد بالعيان لمَن له اطلاع على الجغرافيا. ثم إن الوزراء ينتخبهم الملك من أعضاء المجلسين، ويقع الاختيار بالتعيين لرئيس العصبة التي تنحاز إليها أكثرية القمرة، وهذا الرئيس يتلقَّب بالوزير الأول، وهو الذي يعيِّن بقية الوزراء من أعيان العصبة المذكورة ويعرض ذلك على موافقة الملك، فإن لم يوافقه عليهم امتنع من قبول الرئاسة؛ لأن المسئولية إذا وقعت في إدارة أحدهم تشمل جميعهم؛ إذ العهدة عليهم كلهم في حسن الإدارة، فبالضرورة يمتنع من قبول الخدمة مع من لا يثق بكفاءته.

هذا ويوجد في سياسة المملكة عصبتان وهما: هويغ وتوري، فالأولى حزب التقدم وتوسيع دائرة الحرية، والثانية حزب المحافظة على الأصول القديمة، فالوزراء وغيرهم من أهل الخطط المعتبرة يكونون من أحد الحزبين من غير مشاركة الحزب الآخر له. وإذا سقطت الوزارة أمام البارلمان لأجل نازلة سياسية أو كان أحد المجلسين ضدًّا لها وظهر بالقرعة عدم رضاهم بتصرفها فإن رئيس الوزراء يتأخر عن الخدمة، واستعفاؤه يستلزم استعفاء رفقائه. صورة تركيب الوزارة: لورد الخزانة وهو وزير المال يكون في الغالب هو الوزير الأكبر، ثم لورد رئاسة المجلس الخاص، ثم اللورد الشانسلر الكبير وشانسلر الأشيكيي وناظر الأمور الداخلية وناظر الأمور الخارجية وناظر المستعمرات الخارجية أيضًا، وناظر الحرب وناظر أمور الهند، ويضاف إلى هؤلاء الأعضاء التسعة الذين هم وزراء عدة أشخاص من متوظفي الدولة. ثم إن جراية أعضاء الوزارة تختلف باختلاف خططهم من خمسين ألف فرنك إلى مائتين وخمسين ألفًا في السنة، والوزارة تتصرف تحت أمر الملك في أمور المملكة الداخلية والخارجية المتعلقة بمواصلاتهم مع الدول الأجنبية بدون خروج عن حدود البارلمان كما تقدم.

(٥) في كيفية استنباط الأحكام القانونية

اعلم أن استنباط الأحكام ببلاد الإنكليز من تصرف الملك والبارلمان الذي هو عبارة عن مجلس اللوردوات ومجلس وكلاء العامة، واجتماعهم يكون في الوقت الذي يعينه الملك من أيام السنة، ولا يؤاخذ أعضاء البارلمان بما يصدر منهم من الأقوال في كلتا القمرتين، كما لا يؤاخذ صاحب المطبعة بما يشيعه من ذلك وغيره في الورقات اليومية، ولكل واحد من الأهالي أن يعرض على البارلمان ما يبدو له في أي أمر كان، وانتهاء جلساته يكون بإذن الملك، والجُرنالات تطبع سائر المفاوضات بدون إخلال بشيء منها. وقمرة اللوردوات تتركب من الإكليروس وهم أهل الكنيسة والنوبليس وهم الأعيان، ومن هذا التركيب يتولد طائفتان من اللوردوات وهما القرناء الروحية والقرناء العالمية، فالطائفة الأولى مركبة من رئيسي أساقفة كنتوربري ويورك، وهما بلدتان، وأربعة وعشرين أسقفًا من إنكلترة وأحد رؤساء أساقفة أرلاندة وثلاثة أساقفة منها، والطائفة الثانية هم أمراء العائلة الملكية المعدودون من جملة القرناء، ثم سائر قرناء إنكلترة الذين وُجدوا قبل اتحاد سكوسيا بها وبعده، وقرناء البريتانية الكبرى الموجودون بعد اتحاد أرلاندة معها وعدة أشخاص من لوردوات سكوسيا وأرلاندة. فنواب سكوسيا بالقمرة ستة عشر لوردًا ينتخبهم لوردوات البلاد لمدة حياتهم، ويُسمَّى هؤلاء اللوردوات بالقرناء النواب. فرتبة اللورد تكون تارة بالوراثة وأخرى بتسمية الملك، فإن كانت بالوراثة استحقها الابن البكر، وأما القرناء الذين كان يسميهم الملك لمدة الحياة فقط فلا وجود لهم اليوم، والملك يمكنه أن يحدث متى شاء مَن شاء من قرناء إنكلترة دون حصر بعدد خاص، ولا يمكنه ذلك في قرناء سكوسيا كما لا يمكنه إحداث قرين من أرلاندة إلَّا بعد فقد ثلاثة منها.

والقرناء لا يجلسون مجلس اللوردوات إلَّا بعد أن يبلغ عمر الواحد منهم إحدى وعشرين سنة، ومن خصوصياتهم أن لا يُحكم على مَن ارتكب منهم خيانة تتعلق بالدولة أو خرج من الطاعة إلَّا في قمرة اللوردوات، كما أن اللورد لا يحلف عند دفع الشهادة أمام الحكم وإنما يقول: «أشهد بما يقتضيه شرف ذاتي»، ولا يُعزل عن مقامه إلا بحكم يصدر من البارلمان، وللقرين إعطاء الرأي بالمجلس إذا كان حاضرًا ساعة الاقتراع، كما أن له إرسال رأيه مصححًا منه إلى المجلس مع أحد القرناء أمثاله. ومن خصوصيات القرناء جواز التسجيل ضدًّا للقرعة المضروبة بدفتر القمرة؛ أي إن الذي يخالف فيما اتفق عليه رأي الغالب له أن يكتب في دفتر المجلس أدلته في المخالفة، وما أحسن هذا الترتيب؛ إذ بذلك يظهر من حصل برأيه ضرر للمملكة. ومن خصوصيات اللورد أنه لا يوقف لأجل دَين وجب عليه، ومجلس النواب إذا ادَّعى على أحد المتوظفين بشيء فإن الحكم عليه يصدر من مجلس اللوردوات الذي هو منتهى الأحكام، وقد بلغ عدد أعضاء مجلس اللوردوات في جلسة سنة خمس وستين وثمانمائة وألف أربعمائة وستة وخمسين عضوًا. وكان انقسامهم من إنكلترة وإيالة والس التي يقال لها بالفرنساوية الغال ومن سكوسيا ومن أرلاندة على الترتيب الآتي بيانه في الجدول محولة.

تفصيل أعضاء مجلس اللوردوات.
عدد   
۳ قرناء العائلة الملكية
۲۰ دوك
۱۱۱ كونت
۲٤ أساقفة ويقال لهم أيضًا مطارنة
۱٦ قرناء سكوسيا
۲ أرشفاك أي رؤساء الأساقفة
۱۹ مركيز
۲۲ فيكونت
۲۰۷ بارونات
۲۸ قرناءُ أرلاندة
٤ رؤساء أساقفة منهم اثنان لأرلاندة واثنان لسكوسيا
٤٥٦ الجملة

وأما قمرة وكلاء العامة المسماة بالقمرة الثانية فإنها تشتمل على أناس منتخبين من الشعوب ليقوموا بحقوقها مدة سبعة أعوام، وعند تمامها يبدلون بغيرهم أو يجدد لهم. وحسن كيفية هاته القمرة من آثار القانون المحرر في سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة وألف، وانتخاب الوكلاء في الكونتي والمدن والقرى من حقوق من بلغ من العمر إحدى وعشرين سنة متصرفًا في حقوقه المدنية، وله من الدخل السنوي مما لا ينقل من الأملاك مائتان وخمسون فرنكًا، ولا يلزم اعتبار ذلك المبلغ فيمن كان من أهل المعارف. وفي الجميع تُعتبر الوجاهة ويكون الانتخاب علنًا، والقرعة لا مدخل فيها لقرناء المملكة؛ بمعنى أنهم لا ينتخبون غيرهم، كما أنه لا مدخل فيها لأجنبي ولا لمَن لم يبلغ سن الرشد ولا لمَن ثبت عليه أنه حلف يمينًا كاذبة أمام الحكم أو استعان بصندوق الصدقة الخارجية من الكنيسة في تلك السنة، ولا للمكلفين بأخذ مداخيل الكمارك ونحوها ومداخيل الكومون، ولا للمكلفين بالتامبر؛ أي طبع الكواغد ولا لسائر متوظفي الدولة أو متوظفي البوسطة أو أعوان الضبطية، ولا لكل مَن ثبت عليه أنه تحيل أو رام التخيل في الانتخاب السابق عن ذلك الوقت. هذا ما يتعلق بالذين ينتخبون غيرهم، وأما الذين ينتخبون للنيابة عن الشعوب بالقمرة فيشترط فيهم بلوغ إحدى وعشرين سنة وأن يكونوا من الأهالي لا من الأجانب ولا من حكام المجالس العالية أو مجالس الكونتي أو مجالس البوليس، أو وكلاء الخصام الذين يخدمون بمجالس التحقيق، ولا من أهل كنيسة إنكلترة وسكوسيا الكاثوليكيين، ولا ممن صدر عليه حكم بالنفي أو ثبت عليه جناية أو خروج عن الطاعة. ولا يُنتخب متوظفو الكونتي والمدن والقرى في البلاد التي يخدمون فيها، وكذلك المكلفون بقبض المجابي الموظفة بعد سنة اثنتين وخمسين وستمائة وألف، وكل مَن له خطة يأخذ عليها مرتبًا من الدولة من الخطط المحدثة بعد سنة ثمانٍ عشرة وسبعمائة وألف، أو تكون معيشته جارية من الدولة أو يكون من الوكلاء المكلفين بأمور الجيش أو ممن يلتزمون شيئًا من الدولة أو من ضباط الشَّرِف، ولفظ الشَّرِف لقب في لغتهم لخطة معروفة.

ثم إن قمرة النواب هي التي تسمي رئيسها في أول اجتماع لها، وسائر معاريض القوانين يمكن عرضها على كل من القمرتين بدون تمييز، لكن جرت العادة بأن تعرض أولًا على القمرة الثانية التي هي مجمع نواب العامة، وإذا عرض المعروض عليها يمكنها أن تقبله على حاله أو تتصرف فيه بالزيادة والنقصان أو ترده، ويستثنى من ذلك ما له تعلق بالأعيان فإنه يُرفع إلى مجلس اللوردوات؛ لاقتضاء العادة أن وكلاء العامة لا يغيرون منه شيئًا، وكذا ما له تعلق بالأداء السنوي فإنه يقترع عليه أولًا في مجلس النواب ثم تتفاوض فيه قمرة اللوردوات، فإما أن تقبله أو تردَّه بدون تصرف فيه. وفي هذه القمرة للقرناء أن يعرضوا المعاريض متى شاءوا، وأما في قمرة النواب فلا بدَّ من استيذانها وطلب الرخصة في العرض، وكل ما له تعلق بفائدة الجمهور يكون غالبًا عرضه من الدولة. وصورة الاقتراع في القمرة الأولى أن يتلفظ القرناءُ بلفظ: راضٍ أو غير راضٍ، وكثير منهم يدفع القرعة بواسطة غيره من أمثاله بالكتابة كما قدمنا. وأما في القمرة الثانية فلا بدَّ من الحضور بالذات ومن الجواب بلفظ: لا أو نعم، وبعد قبول المعروض في القمرتين يعرض على الملك فإما أن يتولى النظر فيه بنفسه أو ينيب له كومسيونًا من اللوردوات، وبإمضاء الملك يصير المعروض قانونًا يُعمل به. وقد بلغ أعضاء قمرة النواب في سنة خمس وستين وثمانمائة وألف ستمائة وثمانية وخمسين عضوًا، وكان تركبهم على التفصيل الآتي:

تركيب مجلس النواب.
الجملة نواب البلدان والقرى نواب الكونتي أسماءُ الممالك
٥۰۰ ۳۳۸ ۱٦۲ إنكلترة
٥۳ ۲۳ ۳۰ أرلاندة
۱۰٥ ٤۱ ٦٤ سكوسيا
٦٥۸ ٤۰۲ ۲٥٦ الجملة

(٦) في الحرية العامة

لا ريب أن الأمة باختيارها للنواب المناضلين عنها بالقمرة وبما لأرباب الأملاك وغيرهم من متوظفي المملكة من نفوذ الكلمة، وبدوام نظر البارلمان في أمور العامة وبإعلان مباحثاتهم بدون منع، تستقر حريتها ويستتب نجاح سائر أمورها. وحسبك أن الطبقة العليا من الناس وأوساطهم يتداخلون في سائر الأمور، ولهم مزيد اعتناء وشدة مراقبة لأفعال متصرفي دولتهم ولآرائهم اعتبار تام في انتخاب متوظفي البلاد، مع ما لأرباب الحِرف والصناعات من الرخصة في عرض ما أرادوا عرضه على البارلمان. ثم لا يصدر من الدولة فعل من الأفعال بدون أن يكون الوزير الذي أذن فيه ضامنًا لما ينشأ عنه، وكذلك سائر المتوظفين ضامنون لما ينشأ من تصرفهم، بحيث إنهم من الأدنى إلى الأعلى يتوقعون الشكاية بهم من آحاد الناس للتريبونال، ويوقف المشتكي بإذن البارلمان، وهو من أحسن الضمانات في حفظ الحقوق.

ثم إن الناس لا يُمنعون من الاجتماع في المجامع العمومية للنظر في أفعال الدولة، ولا تُضيق هذه الرخصة عليهم كما أشار إليه اللورد بروغم، وقد يمكن اجتماع مئات من الألوف في مكان واحد للمكالمة فيما يظهر لهم من سيرة الدولة بإقامة الدليل على ذلك بلا مانع، وما يقع عليه الاتفاق يعرض عليها وعلى البارلمان، إلا إذا خرجوا عن الحدود المعقولة القانونية بأن اغتنموا فرصة تلك الرخصة وأرادوا تحيير راحة السكان، وبإشهار السلاح وتهديد مَن لم يوافق رأيهم ونحو ذلك، فيجب منعهم حينئذٍ بأن يقوم حاكم المحل خطيبًا فيهم بقوله: «سيدنا وحاكمنا الملك يأمر كل فردٍ منكم أيها المجتمعون بالتفرق في الحين، وبأن تدخلوا مساكنكم أو أماكن خدمتكم تحت قيد الحكم الصادر في أول سنة من دولة الملك جورج في قطع الهرج والاجتماعات الغوغائية. والله يحرس الملك.» وإذا لم يفترق الجمع بعد الخطبة بقدر ساعة يمكن حينئذٍ إعمال القوة وتوقيف رؤساء العصبة، وقلما يُحتاج إلى ما ذُكر. ولهم أيضًا الرخصة في طبع الآراء ونشرها في البلاد في أسرع وقت، ولا يتوقفون على استئذان في إنشاء جرنال أو تأليف كتاب في أي غرض شاءوا، والضمانة التي يلزم اعتبارها في ذلك أن يُعرف مؤلف الكتاب أو الجرنال باسمه ولقبه ومسكنه؛ ليُطالَب إذا تجاوز الحدود الملحوظة في صناعة الكتابة إلى التشفي من الأغراض الشخصية أو التحريض على القيام والخروج عن الطاعة ونحو ذلك.

ثم إن تقرر الحرية الشخصية ليس لخصوص تمكين الموقوف بدون حق من التشكي من سائر المجالس، بل يعتبر مع ذلك إمكان وقوع الحكم الشديد على كل حاكم يمتنع من سراح الموقوف بعد إعطائه ضمانة كافية على الوجه الذي مرَّ ذكره، وزيادة على ذلك فالقانون الإنكليزي أعطى ضمانة أخرى للناس عند الحاكم وهي إيقاع الحكم بواسطة الجوري؛ أي الأمناء الذين تقدم بيانهم في الكلام على مجالس فرنسا.

هذا إجمال الإدارة السياسية بمملكة الإنكليز، ولنختم هذا الفصل بما قاله اللورد بروغم من أن الكونستيتوسيون الإنكليزي يحتوي على النتائج النافعة للدولة الملكية الاستبدادية والدولة التي بيد الأعيان والدولة الجمهورية؛ حيث حصلت به قوة الأولى وثبات الثانية لتقرر عاداتها وقوانينها وحرية الثالثة، حيث إن جميع الأمة بواسطة وكلائهم يتداخلون في سائر تصرفات بلادهم بالاحتساب على سيرة الدولة، ولهم شأن عظيم عند مديري أمورهم، ولآرائهم مزيد اعتبار عند انتخاب متوظفي الدولة، ولوجوه الناس منهم نفوذ كلمة تمنع العامة من ارتكاب ما يحير راحة السكان، وكذا للملك نفوذ الكلمة في أحوال المملكة بما لا يُعطل شيئًا من أعمال المجالس المتقدم ذكرها.

ومن مزايا الأمة الإنكليزية تحسين الإدارة في فصل النوازل باستقلال مجالس الحكم ومنع أعضائها من الدخول في خدمة البارلمان وفي المنازعات السياسية التي تقع بين الأحزاب. ثم اعلم أن المملكة الإنكليزية منقسمة باعتبار إدارتها المدنية إلى إيالات تسمى كل واحدة منها بكونتي؛ أي عمل كونت، وباعتبار الإدارة الحكمية وإدارة الضبطية إلى أقسام أخرى. وكل من هذه الإدارات الثلاث منفصلة عن الأخريين، فمتوظف الكونتي اللورد النائب والشَّرِف وحكام الصلح والكورنر وهم دون حكام الصلح في الرتبة والتصرف، فأما اللورد النائب فهو الوالي العسكري بالكونتي وتقديمه وتأخيره بيد الملك نفسه، وقد جرت العادة بانتخابه من أعضاء القمرة المعبر عنهم بالبير؛ أي القرناء، وهم اللوردوات من سكان ذلك الكونتي، وليس لهذا الوالي مرتب في مقابلة خدمته ويختار بنفسه شخصًا أو شخصين يكونان في إعانته، ويعبر عن مجموع الوالي ومعينيه بنواب الكونتي، والوالي المذكور يأخذ الحراس الأهلية ويسمي ضباطهم، وعليه حماية راحة السكان وأمنهم، وهو الذي يعرض على اللورد الشانسلر الكبير مَن يستحق التقدم من الحكام والمحافظ على دفاتر مجالس الأحكام والتريبونالات.

وأما الشَّرِف فهو لقب لأول متوظف مدني من الكونتي يختاره الحاكم من ثلاثة أشخاص يعينهم حكام المجالس الغالية وعظماءُ المملكة في كل سنة، بحيث لا يبقى هذا المتوظف في خطته أكثر من سنة، ولا يسوغ لمَن وقع عليه الاختيار أن يمتنع من القبول، وإن كانت خدمته مجانًا وكلفته استبقاء راحة السكان وإجراء القوانين، وهو الذي يوقف المدين ويجمع أمناء الحكم؛ أي الجوري الذين يشهدون على المدعى عليه بثبوت الذنب أو عدمه، كما أنه يرأس المجمع الذي يرام انتخاب النواب فيه للقمرة، وعليه حراسة السجون ويكون في إعانته معين ونائب وبالي؛ أي عون حكم وحرس سجون، وله أن يستعين بمَن شاء من الناس ممن تجاوز سنه خمس عشرة سنة إذا اضطره الحال إلى ذلك، إلَّا جماعة البير — أي القرناء — فإنهم معافون من ذلك.

وأما حاكم الصلح ويعبر عنه بالمَجِسترَات — أي القاضي — فولايته تكون بأمر اللورد الشانسلر الكبير بعرض نائب الكونتي، ويكون انتخابه من بين أصحاب الأملاك والعقارات ووجوه الناس وقد يُختار من أهل الكنيسة بشرط أن يكون له من دخل أملاكة مائة ليرة سترلين أي ألفان وخمسمائة فرنك في السنة، وكلفته الحكم بين الناس وتحسين الإدارة، ولا يأخذ في مقابلة خدمته شيئًا، ثم إن عدم عزلهم وتبديلهم بمجرد العادة؛ إذ ليس في القوانين ما يقتضي ذلك وليس لأحد عليهم يد ولا يتقيدون بعدد، ويجتمع بهم المتوظفون في أوقات من السنة لتلقى ما يستقر عليه الرأي من الإدارة. واجتماع هذه المجالس على نوعين؛ كبير وصغير، فالاجتماع الكبير لمدة ثلاثة أشهر فيقع أربع مرات في السنة ويكون به عدد كثير من حكام الصلح، ولا يتم نصابه إلا بوجود اثنين منهم، ويمضي الحكم باتفاقهما، ويختار حكام الصلح رئيسًا عليهم تكون خدمته غالبًا مجانًا، وتحت أمرهم متوظف يسمى كلاردُبَي بمعنى ضابط الصلح لتنفيذ أوامرهم، ويولِّيه اللورد النائب ويكون انتخابه في الغالب من أعيان الأفوكاتية، ومن أعمالهم أن يكلفوا شخصًا يقبض ويدفع المال المتعلق بالكونتي، ومن خدمتهم تعيين الأداء بوجه خصوصي وتسمية غالب متوظفي الإيالة.

واعلم أن إدارة الكونتي تحتوي على الخدم الآتية، وهي: إقامة سجون الجنايات الخفيفة وأمر الضبطية والمحافظة على لوازمها وبناءُ القناطر وتسوية الطرقات وحفظها وبناء مآوي الفقراء وحفظها وحفظ الموازين الرسمية. ومصاريف هذه المصالح كلها تخرج من الأداء الموظف على الكونتي، والمغارم المتحصلة عند الضبطية وما يعين لأماكن المجانين، وأما الكورنر وهو الحاكم المستنطق فخدمته جمع سائر الحجج اللازمة في النوازل والقيام بالحق العام. ولتسهيل الإدارة ينقسم إلى أقسام حكمية كما أشير إليه آنفًا، وحكام الصلح يرأسون الجمعيات الأصلية والجمعيات الصغار مرة في الشهر أو أكثر إذا اقتضى الحال ذلك.

وتنقسم إنكلترة بالنسبة لأحكام الجنايات إلى سبع دوائر تعقد بها مجالس الجنايات في كل ستة أشهر وتسمى مجالس الدائرة، ثم ينقسم الكونتي بالنظر إلى أعمال الضبطية إلى أقسام أصولية تنتهي إلى حكام الصلح، وعلى رئاسة كل قسم ناظر من الضبطية له النظر على سائر ضباطها، ثم ينقسم كل كونتي إلى أقسام تُسمَّى هَندرَدس بمعنى أن المائة من العائلات يرأسهم كونستابل كبير أي رئيس شرطة يسميه حكام الصلح حين يجتمعون بالمجلس، وأعمال المذكور تدور بين ضابط الصلح ومنفذ أحكام القضاة ويكلف أيضًا بجمع الأداء.

المدن والقرى

اسم البورو يطلق في إنكلترة على البلدة التي تقيم نائبًا في البارلمان أو تكون ذات خصوصية في الإدارة بدون أن تكون تحت أحكام الكونتي، وبعض تلك البلدان التي يوجد بها المطران — أي كبير الكنيسة — بذلك القسم تُسمَّى ستي؛ أي مدينة. ومن البورو والستي تحصل مجامع بلدية مركبة من الشيخ؛ وهو الرئيس، والدرمن؛ وهو النائب عن الشيخ، وأعضاء من وجوه الناس بالبلد ينتخبهم الأهالي لثلاثة أعوام ويتبدل ثلثهم كل سنة، ونواب الرئيس تسميهم الأعضاء، ومدة خدمتهم ست سنين ويتبدل نصفهم في كل ثلاث سنين يعينون الرئيس في خدمته. وهذا المجلس ينتخب رئيسه من الأعضاء أو من معيني الرئيس في كل سنة. ومن وظيفة الرئيس أنه يرأس الجمعية التي تختار النائب للقمرة إذا لم تكن البلدة من البلدان التي بها رئاسة الكونتي، كما يرأسها عند اختيار أعضاء المجلس البلدي ويتأمل مع معينيه في جرائد أسماء مَن له حق الانتخاب بالقرية، ويتصرف كتصرف حاكم الصلح في سنة خدمته ثم في السنة التي تليها، وتكون خدمته مجانًا.

ومن متعلقات نظر المجلس البلدي إدارة الأملاك الراجعة للبلد وضبط مداخيلها ومراقبة أحكام البلد ومطالعة السجون والمارستانات وإدارة الضبطية وفصل المنازعات التي تقع بين ضباطها والأهالي بإعانة حاكم الصلح بالقرية، ثم البارواس وهي قسم دائرة الديانة، وهذا التقسيم في بلاد إنكلترة المعتبر دينيًّا وسياسيًّا معًا مستعمل في سائر جهاتها، وإدارة أحوال البارواس تكون من الجمعية المركبة من كل مَن يكلف، ومن لوازم الإدارة المذكورة حفظ الكنائس والمقابر والطرقات وإعانة المساكين والضبطية وحصر مَن يولد ويموت، فالمتوظفون المكلفون بهذه الخدم المختلفة وهم وكلاء الكنائس والمَرْغِلِيَر ونظار المقابر والطرقات وأولياء الفقراء وضباط البوليس أي الضبطية كلهم تسميهم الجمعية العمومية المذكورة.

(٧) في شرح نظام الأحكام

اعلم أنه ليس بإنكلترة وزارة حكم مثل التي بفرنسا وغيرها، وأحكامها ليست محصورة بكتاب أو تقييد، وليس بها ما يخص المتوظفين بحكمٍ إذا ارتكبوا مخالفة في تصرفاتهم الحكمية، وإنما جميع النوازل التي يختص بها مجلس والي الإيالة ومجلس الدولة بفرنسا راجعة في بلاد الإنكليز إلى مجالس عالية يسمي مجموعها مجلس الملك والي المجالس المعتادة ومجلس الأشيكيي فيما يخص المحاسبات، وسائر المتوظفين من أي نوع كانوا مطالبون بأعمالهم، فكل مَن يدعي مضرة منهم يطالبهم لدى المجالس المعتادة بدون توقف على رخصة ما ولو كانت المضرة ناشئة عن قوة الخطة العامة.

وأحكام الإنكليز تستند إلى القانون العام المؤسس على مجاري العادات، وتؤخذ من الأحكام التي جرى بها العمل. ومن الشروط المتفق عليها ومن شريعة الرومان ومن القانون المسطور والأحكام المؤلفة وأنظار المشرعين الكبار من البارلمان، فالجمعيات التي عليها مدار الإدارة الحكمية بواسطة أو بدونها هي القضاة والجوري ومشرعو التاج وجماعة الشَّرِف والأفوكاتية وأعوان الحكم، فاللورد شانسلر الكبير بيده رئاسة الماجستراتور أي أحكام القوانين، ويقال له القاضي الأول ويرأس قمرة اللوردوات وهو أيضًا أحد أعضاء مجلس الوزراء، ثم نائب الشانسلر واللوردوات الذين هم قضاة المجالس العليا وتحتهم حكام مجالس الكونتي ومجالس الضبطية، وحكام هاته المجالس يأخذون المرتب.

وبجانب جمعيات الحكم المشار إليها توجد حكام الصلح ولا مرتب لهم، وتكون منهم مجالس الأشهر الثلاثة في كل كونتي ومجالس الجلسات الصغار، ويحضر لديهم جميع التصرفات المحلية المتعلقة بالحكم وكذلك ما يتعلق بالإدارة. ثم الجوري — أي أمناء الحكم — لهم اعتبار تام في الحكم المدني؛ أي الأحكام العرفية وكذا أحكام الجنايات، ومنهم جوري كبار وجوري صغار، فخدمة الكبار التأمل في الدعوى من جهة قبولها أو ردها، فما يتفق عليه اثنا عشر من ثلاثة وعشرين وهم جملة الجوري يكون عليه العمل قبولًا أو ردًا، وإذا قُبلت الدعوى يكون فصلها بمجالس الحكم بمحضر الجوري الصغار الذين عددهم في الأقل اثنا عشر. والشروط الواجب اعتبارها في انتخاب الجوري المذكورين هي أن يكون سن الواحد منهم أكثر من إحدى وعشرين سنة ودون الستين، ويكون له دخل سنوي من الرَّبع والعقار مقداره مائتان وخمسون فرنكًا أو يدفع كراءً سنويًّا مقداره خمسمائة فرنك أو مقدارًا معلومًا للفقراء. وفي جميع الحالات يُشترط أن يكون ممن يتصرف في حقوقه المدنية والسياسية، وليس للجوري مرتب، بل يخدمون مجانًا. ولعدم وجود محتسب عمومي ببلاد الإنكليز كان القيام بدعاوي الجنايات ممن تعلقت به الجناية إلَّا إذا اشتدت فتقوم بها الدولة، ولذا كانت ضباطها ومستشارات التاج في الأحكام هم أتورني جنرال؛ أي المحتسب، وسلِّسِتُر جنرال؛ أي الأفوكاتو العام، وأفوكاتو الملك. وهؤلاء المذكورون يعطون رأيهم في كل نازلة يُسألون عنها خصوصًا ما يتعلق بما بين الأجناس من الحقوق، والأتورني جنرال مخصوص بمقاصصة الجناة في الجنايات الثقيلة، والشَّرِف مكلف بإمضاء الأحكام وتحته الكورنر الذي متعلَّق وظيفته الأصلية النظر في حال من يموت بحادث هل كان موته بأمر سماوي أو كان على وجه الخطأ أو العمد، وكل أحد له أن يدافع في نازلته عن نفسه، لكن في الغالب لا يُستغنى عن توسط الأفوكاتو، وجماعة الأفوكاتية تنقسم إلى قسمين وكلاهما مكلف بالنيابة عن الخصمين وإحضار لوازم النازلة.

كيفية الحكم في نوازل الجنايات

يمكن حصر أحكام الجنايات في طبقتين، فالمجالس التي تحكم بدون حضور أمناء الحكم هم الطبقة الأولى، وهم حكام الصلح الذين يحكمون بانفرادهم، ومجالس الجلسات الصغار ومجالس الضبطية، وهؤلاء لا يحكمون إلَّا في النوازل الخفيفة كغرامات المخالفات في مثل صيد البحر والبر وخدمة الفبريكات وعدم التحفظ عما يضر بالعامة كبيع ما يضر بالبدن، ونحو الإجارات الواقعة بين المعلمين وصنَّاعهم، وفي زجر من لا حرفة له عن البطالة، ثم في حفظ الشوارع وطرق الحديد وآلات الوزن والكيل وما أشبه ذلك، ونوازل المشاتمات والضرب الذي لم ينشأ عنه جرح أو مضرة والسكْر وإفساد سياجات البساتين ونحوها.

والطبقة الثانية، المجالس التي يحضرها أمناءُ الحكم الصغار، فالأمناءُ الكبار يوجهون لِهَاتِه المجالس المدعى عليه بغير الأمور الثقيلة، والأمور الثقيلة يحكم فيها المجلس المستقر ويقال له مجلس الوطن، وبمدينة لندرة مجلس الجنايات الكبير. وتحكم هذه المجالس في الجنايات الشخصية والجنايات على الأملاك ودعاوي الزور ونحو ذلك. ورفع الشكايات إليها تارة يكون ممن تعلقت به الجناية وتارة من ضباط الضبطية وتارة من الدولة نفسها. ولكل واحد من الناس غير المتوظفين القيام بالجنايات صغيرةً كانت أو كبيرة ولو تلحقه ضرورة منها. ثم إن ضباط الضبطية لهم إمساك الذين لا صناعة لهم وإيقافهم بالسجن إذا صدر منهم ما يحير الراحة كما لهم إيقاف من يُدَّعى عليه أنه اختطف شيئًا أو سرقه أو جنى جناية، ويسوغ مثل ذلك للأتورني جنرال، وهو محتسب الدولة المشار إليه آنفًا، في حالة مخصوصة كما تقدم. وإذا وقع موت بقتل أو تشاجر أفضى إليه ولو بلا تعمد أو قتل أحدٌ نفسَه فالكورنر يبذل الجهد في البحث فورًا، ويستدعي لذلك بعض أطباء الدولة ليمتحن بَدن القتيل ويعطي رأيه في سبب الموت، وكل أحد يدَّعى عليه القتل يرفعه الكورنر للمجلس المستقر. وفيما عدا أحوال القتل من سائر الجنايات يرفع إلى أحد الحكام أو حكام الصلح أو الجلسات الصغار أو مجلس الضبطية، وكلٌّ من هذه المجالس الصغار التي تحكم في النوازل الخفيفة لا يوقف المدعى عليه بعد إعطاء ضمانة كافية لمطلب المدعي الذي لم يشتط فيه، كما أنه يطلقه إذا رأى الحجج القائمة عليه غير ناهضة، وإذا كانت محتملة للصحة احتمالًا لا يكفي في الحكم عليه فإنه يُطلق أيضًا بعد أخذ الضمانة الكافية بأن سيرته تحسن في المستقبل، وهذه الضمانة إما أن تكون بكفالة إنسان معروف أو بتعيين مقدار معلوم من المال، ولا يلزم وضعه بمحل. وإذا لم توجد الضمانة المذكورة فللمجلس إيقاف المدعى عليه مدة أقصاها سنة، وإذا ترجح ثبوت الجناية على المدَّعى عليه فإن المجلس يفصل النازلة بذلك إن كانت من النوازل الخفيفة، وأما إن كانت ثقيلة فإنه يتمم الموجبات من تحرير الشهادات وتحليف شهودها ونحو ذلك، ثم يوجه النازلة إلى مجلس الأشهر الثلاثة أو إلى المجلس المستقر. وسائر أعمال المجلس تكون علنًا، وللمدعى عليه أن يحضر الأفوكاتو أول وهلة ليدافع عنه، ولا يُستنطق خارج المجلس بل وفي المجلس نفسه ينبهه الحاكم ويأمره بالتثبت، وعند استنطاقه يقول له: ما تقول ولستَ بِمُكرهٍ على القول، قل إن شئت عارفًا أن ما تقوله يكتب عليك ويمكن أن يكون فيه حجة عليك فانظر ما تقول. قلت: ما أبعد هذا عن التقرير بضرب السياط ونحو ذلك فتأمل!

وفي الأحكام المتقررة أن المدعى عليه لا يرخص له في السراح بوضع الضمانة، بل يوقف بالمحل المعلوم يأكل ما يشتهيه من الطعام ويجتمع بأقاربه متى شاء، ويأتيه الأفوكاتو المدافع عنه في أي وقت شاء ويختلي به، ولا ينادى في السجن أو في محل الحكم إلا بعنوان المسجون دون المتهم أو الجاني أو المذنب حتى تثبت عليه الدعوى، وفي اليوم الذي يصدر فيه الحكم يجمع الشَّرِف غالب الأمناء الكبار والصغار ويقرأ شاهد المجلس تقرير الدعوى على الأمناء الكبار فيتأملون هل في النازلة قرائن وشبهات كافية في تذنيب المسجون؟ فإذا اتفق غالب الأمناء على توجه موجب الحكم يكتب كبيرهم على رسم الدعوى لفظ رسم صحيح. والمسجون الذي تظهر عليه قرائن كافية في الجناية يحضر بالمجلس ويقرأ عليه ضابط المجلس رسم الدعوى ويسأله أيعترف بالذنب أم لا؟ فإن اعترف نبهه الحاكم بخطاب لين على ما يمكن أن يترتب على اعترافه عسى أن يتيقظ ويرجع عما صدر منه، فإذا دام على الاعتراف حكم المجلس عليه في الحال بدون حضور الأمناء وبدون مدافعة عنه، والذي لا يعترف بالذنب ويدعي البراءة يحضر له الأمناء الصغار فيحلفون أمام المجلس وتُبتدأ المنازعة، فيتكلم وكيل المدعي أولًا مع تقرير الأدلة واستنطاق الشهود وتحليفهم قبل الشروع في الحكم، ويجلسون في بيت الحكم بحيث يسمع كل منهم شهادة مَن قبله. قلت: وهذا الصنيع ليس بمستحسن.

والمدَّعى عليه أو وكيله يمكنه معارضة أدلة المدعي واستنطاق الشهود بإلقاء ما يظهر له بدون توسط رئيس الحكم في ذلك، ولا يسوغ للرئيس أن يعرف المجلس بما يعرفه من حال المدعى عليه كأن يقول هذا من أهل التهم أو ذوي المروءة، وحسبه إذا تكررت منه الجناية أن يعرف الحاكم بذلك بعد إعطاء أمناء الحكم رأيهم في النازلة، وحينئذٍ يسوغ له تقرير ذنبه السابق، ولا تدفع الشهادة إلَّا بمحل الحكم، ويجب حضور شهود الجنايات بأنفسهم في المجلس، بحيث لا تغني الكتابة من غير حضور الشاهد، وهذا الحضور من الشهود لدى الحكم في أمر الجنايات كاد يكون واجبًا في هذه الأزمان، وبعد سماع دعوى المدعي واستفسار شهوده يُبتدأ بسماع كلام المدعى عليه واستفسار شهوده أيضًا، وآخر الكلام للمدعى عليه إذا لم يكن المدعي هو الدولة، فإن كان إياها فإن لها آخر الكلام، فإذا انتهت المجادلة فإن الرئيس يعرض النازلة على الأمناء وتكون المباحثة بمحل مخصوص، وجماعة الأمناء لا يعطون رأيهم إلَّا بعد اتفاق جميعهم؛ بمعنى أن يقولوا كلهم: مذنب أو غير مذنب، فإن خالفهم واحد منهم باحثوه حتى يرجع إليهم أو يرجعوا إليه. قلت: ووجوب الاتفاق غير معقول.

الحكم المدني

لما لم يكن بإنكلترة قانون معين يُرجع إليه في الأحكام المدنية اعتاضوا عنه الاستعانة في غالب الأحوال بالأحكام الماضية والقوانين المتقررة، وقد يحكمون بمجرد الاجتهاد مع ترجيح سلوك طريق اللين والتخفيف، ويمكن لهذه الطائفة أن تحكم بما يقتضيه الذوق السليم والإنصاف خصوصًا إذا لم تتكرر الجناية من المدَّعى عليه، والحاصل أن دائرة المجالس التي تحكم بمقتضى العادات والأحكام الماضية أضيق من دائرة المجالس الحاكمة بمجرد الاجتهاد. قال المؤلف فرانكفيل: إذا تعلقت النازلة بحدوث مضرة فمجالس الأحكام غير الاجتهادية لا تقدر إلَّا على الحكم بدفع المقدار الحاصل من الضرر. وأما مجالس الأكِيتي أي الاجتهاد المبني على العدل فلها أن تحكم بأخذ الحذر اللازم؛ منعًا لعَود المضرة في المستقبل، بمعنى أن مجالس الأحكام العامة نظرها مقصور على الحقوق الثابتة، ومجالس الأكيتي تجيل نظرها فيما يؤدي إليه الاجتهاد، فتمنع المضرات الواقعة والمتوقعة، وينفذ حكم هذين النوعين من المجالس في سائر الأحكام المدنية أي المعاملات والجنايات، فالمجالس التي تصدر عنها الأحكام الاجتهادية هي قمرة اللوردوات ومجلس الشانسلر العالي المشتمل على رئيس القضاة، وهو اللورد شانسلر، وعلى لوردوين من حكام التحقيق وثلاثة من نواب الشانسلر وواحد دفتر دار ينظر صحف الحكم.

وبهذا المجلس أيضًا اثنا عشر مستشارًا لمجرد الاستشارة بدون أن يكون لهم صوت في الحكم، وإعطاء الاجتهاد لمثل هذا العدد مع أن أفراده من العارفين بالنوازل والأحكام لا ينشأ منه ضرر. والأحكام العامة تنحصر في أربع طبقات؛ الأولى: مجالس الكونتي للحكم في الأمور المدنية التي يحقق عليها. الثانية: المجالس الثلاثة العالية للأحكام العامة، وهي مجلس الملك ومجلس النوازل المدنية ومجلس الأشيكيي؛ أي المحاسبات المالية. الثالثة: مجلس بيت الأشيكيي أيضًا. الرابعة: قمرة اللوردوات. فمجالس الكونتي يبلغ عددها إلى تسعة وخمسين وهي التي تحكم الحكم الأول في النوازل التي لا يتجاوز الحق فيها ألفًا ومائتين وخمسين فرنكًا، وهذه المجالس تشتمل على قاضٍ وهو الحاكم على صاحب خزانة المجلس وعلى يازجي أي كاتب المجلس وعلى أعوان ورئيسهم، فصاحب الخزانة هو المكلف بتحقيق حساب اليازجي، واليازجي يقبل سائر المطالب ويقيدها بدفتر مجعول لذلك الأمر مع تعيين أسماء الخصوم وألقابهم ومساكنهم، وجماعة الأعوان مكلفون بإمضاء الأحكام ويحضرون وقت الحكم، وهم الذين يكتبون تذاكر التعيين ويباشرون تعطيل الأملاك وغير ذلك من لوازم الحكم، ولكل من المدعي والمدعى عليه في النوازل العرفية أن يطلب لفصل النازلة أمناء الحكم إذا كانت الدعوى في قدر مائة وخمسة وعشرين فرنكًا فأكثر، وهذه الجوري أعني التي تكون في الأحكام العرفية تتركَّب من عشرة أعضاء، ومجالس الحكم الثلاثة الكبار تحقق النوازل التي ترجع إليها من مجالس الكونتي، وتقبل النوازل التي تكون في مقدار ألف ومائتين وخمسين فرنكًا فما فوق، ويختص مجلس الملك زيادة على مراقبة المجالس التي هي دونه بجلب جميع النوازل التي يظهر له أن ينظر فيها ولو في أقل الأشياء، كما يختص مجلس الأشيكيي بالحكم في النوازل المتعلقة بمال الدولة، فالمجلس الأول مركَّب من رئيس وهو أول القضاة وأربعة أعضاء، والثاني والثالث كل منهما مركَّب من رئيس وأربعة أعضاء أيضًا، وأعضاء هذه المجالس الكبار مكلفون بالحضور مرتين في السنة بمجالس الجنايات وبالإيالات السبعة من تقسيم المملكة الإنكليزية.

وزيادة على ذلك يرأس في كل شهر واحد من أولئك الأعضاء مجلس الجنايات المستقر بلندرة الحاكم في سائر الجنايات التي تُرتكب بلندرة ونواحيها، ومَن يطلب تحقيق الحكم الصادر من أحد المجالس الثلاثة يركَّب له مجلس من ثمانية أعضاء مأخوذين من المجلسين اللذين لم يحكما في النازلة، ويرأسهم اللورد شانسلر وهو قاضي القضاة، ولا يحقق على هذا المجلس أحد إلَّا مجلس اللوردوات الذي هو في تلك الحالة بمثابة المجلس العالي، وبحكمه تنتهي النازلة. وهذا المجلس له النظر في الأحكام العامة الصادرة من مجلس الشانسلر والمجالس الثلاثة العالية.

والحاصل أن للأحكام المدنية وأحكام الجنايات سلطات تتحد تارة وتتعاقب أخرى، وهناك تريبونالات صغار خصوصية تركناها هنا وهي المعدة لمثل نوازل الفَلَس والإرث والنكاح والطلاق ومجلس البحرية ومجلس المعادن ومجلس المدارس ونحو ذلك. والحكام مطلقًا يُنتخبون من أشهر العارفين بالأحكام ويسميهم اللورد شانسلر الكبير، ولا يُعزل أحد منهم باختيار الحاكم، وإذا وقع خلاف بين إدارة الدولة ومجلس من المجالس تعرض النازلة على مجلس المملكة. هذا ما أمكن تلخيصه من تراتيب المجالس والأحكام بإنكلترة.

(٨) في محاصيل المملكة الإنكليزية وعدد حيواناتها ونتائج معادنها وغير ذلك

ليرة سترلين محاصيل الأشياء الآتي ذكرها سنة ۱۸۳۳
۸٦۷۰۰۰۰۰ ثمن سائر الحبوب
۱۱۳۰۰۰۰۰۰ ثمن أنواع الحشيش المزدرع والطبيعي واللفت
۱۹۰۰۰۰۰۰ ثمن البطاطة
۳۸۰۰۰۰۰ ثمن الفواكه والخضر المزدرعة بالمقاثي
۲٦۰۰۰۰۰ ثمن الكرستة والهبلون أي حشيشة الدينار
٦۰۰۰۰۰۰ ثمن الجبن والزبد والبيض وغيرها
۳٥۰۰۰۰۰ ثمن الأنغري أي الدمال
۱۲۰۰۰۰۰۰ ثمن الصوف وبزر القنب
۲٤٦٦۰۰۰۰۰ الجملة ليرة تصير ٦۱٦٥۰۰۰۰۰۰ فرنك
رأس عدد الحيوانات في السنة المذكورة
۲٥٦۰۰۰۰ خيل
۱۱٦۰۰۰۰۰ بقر
٥٥۸۰۰۰۰۰ غنم ومعز وغير ذلك
٦۹۹٦۰۰۰۰ الجملة قيمتها تقريبًا ٦۰٥۰۰۰۰۰۰۰ فرنك

والمملكة الإنكليزية تقدمت في عمران أرضها بأنواع الفلاحة والمواشي تقدمًا كليًّا منذ نيِّف وثلاثين سنة إلَّا أني لم أجد تفصيل ذلك في الكتب الملخص منها هذا الكتاب.

نتائج معادن إنكلترة سنة ۱۸٥٦.
فرنك أصناف المعادن
۲۰۰۳۱۰۰۰ ثمن القصدير
۷۱۱۷٦۰۰۰ ثمن النحاس
٤۳۸۷۷۰۰۰ ثمن الرصاص
٥٥۷۷۰۰۰ ثمن الزنك وهو التوتية
۳٦۳٦۳۸۰۰۰ ثمن الحديد
٤۸۰۰۰ ثمن المعدن المسمى أرسنيك وهو السليماني
۱۳۰۰۰ ثمن المعدن المسمى نيكل
٤۱٦٥۹۷۰۰۰ ثمن الفحم الحجري
۱۳۸٥۰۰۰۰ ثمن الملح
۲٥۰۰۰۰۰ ثمن المعدن المسمى باريت
۷٦۰٦۲۰۰۰ ثمن حجر البناء
۳۰۲۲۰۰۰ ثمن التراب الذي يصنع منه الفرفوري
۱۰۱٦۳۹۱۰۰۰ الجملة
نتائج سكك الحديد.
فرنك   
۷۷۸۹۰۹۹۲٥ جملة ما تحصل منها في سنة ۱۸٦۳ وعدد المسافرين بها ۲۰٤٦۹۹٤٦٦ نفسًا
محاصيل الأهالي أصحاب الصنائع.
ليرة سترلين أنواع المصنوعات
۳۱۰۰۰۰۰۰ ثمن الأقمشة المصنوعة من القطن
۸۰۰۰۰۰۰ ثمن أقمشة الحرير
۱٦۲٥۰۰۰۰ ثمن أقمشة الصوف
۱۱۰۰۰۰۰۰ ثمن أقمشة الكتان
۱٥۰۰۰۰۰۰ ثمن الجلد
۱۷۳۰۰۰۰۰ ثمن أنواع المصنوعات الرقيقة
٥۹۰۰۰۰۰ ثمن البلور والفخار
۳٤۰۰۰۰۰ ثمن المصوغ وماعون الفضة ونحو ذلك
۹۰۰۰۰۰۰ ثمن الكاغد وتوابعه
۳۱۲۰۰۰۰۰ محاصيل ما بقي من سائر الحِرف
۱٤۸۰٥۰۰۰۰ جملة ذلك تساوي ۳۷۰۱۲٥۰۰۰۰ فرنك
قيمة السلع الواردة إلى إنكلترة والخارجة منها في ۱۸٦۱.
الخارج الداخل أسماء الممالك
٥۷٦٥۸۳۰ ۱۲۸۲۲٦۸۸ الروسية أي الموسكو
۱۱۲۱۹۲۱ ۲٦۲۰۷۲۰ السويد
٦۲۸٦۰۲ ۹٥۱۲۰٥ النورويج
۱۸٦۱٤۲٦ ۲٦۳٥۰٤۱ الدنيمرك وعمالاتها الخارجية
٤۰٥۷۸٥۰ ٦٤٤۰۸۹٥ البروسية
۹۷۸۹۷ ٤۱۲٤۳۱ مكلنبورغ
۱۸۸۲۷۱٦ ۲۸٤۹۸٤ الهانوفر
۷۷۱٤۸ ۳٦٤۷۹ أولدمبورغ
۱۳۰٤٦٤۱۹ ٦۰٥۸٤۹۰ البلدان المتحدة في ألمانيا
۱۰۹۸۹۷٤۹ ۷٦۹۲۸۹٥ هولاندة
۱۱۹٥۸۲۷ ۳۳٥۸۸۳ عمالاتها في غير أوروبا
٤۹۱٤۳٥۹ ۳۸۱۷۸۰۰ البلجيك
۱۷٤۲۷٤۱۳ ۱۷۸۲٦٦٤٦ فرنسا
۲۰۹٥٥ ۳۰۳۲۲ الجزائر
۱۱۰۹٥ ۸٥۳٥۳ عمالات فرنسا في غير أوروبا
۲۳٥٦۱۰٥ ۱۹٦۲۸۹۹ البرتوغال
۳۳۸٦٤۳٤ ٥٤٥۸۳۷۳ إسبانيا وجزر الباليار
۱٤٦۰۲٦۹ ٤۲۷۱۷۹۳ كوبا وغيرها من مستعمرات إسبانيا
۲۱۰۹۹۱ ۷۸۱٥۱۰ عمالات من توابع البرتوغال
۹٤۰۳۹۷ ۱۰٤٦۳۲۳ عمالات من توابع إسبانيا
٦۷۹۲٦٦۰ ۲٤۸۰۰٦٤ إيطاليا
۱۷۹٥٦٥۹ ۱۲٤٦۰٤٦ أوستريا أي النمسة
۳۲٤۱۹٦ ۷۸۹٥٤٤ الإغريق
۳۱۰٤۰۲۹ ۳٦۳۱۹۲۹ بر الترك
۱۹٦۳۷٥ ۱۱۲۳۲۹۰ التونة من توابع الدولة العلية
۸۸٤٥٤٤ ۷۷٤۲٥ الشام من توابع الدولة العلية أيضًا
۲۳۹۸٤۷۸ ۸۳۹۸٤۹۳ مصر
۱۷۹٤ ۱٤٥۹۳ تونس وطرابلس
۱۸۷۷۲٦ ٤۹۸٦۸۸ الغرب
۱۱۰۲٥٦۸۳ ٤۹۳۸۹٦۹۲ الدول المتحدة في أميركا
٦٥۲۸٦۲ ۳٤۷٥۲۹ المكسيك
۱۷٦٥۱۷ ۳۱۳۸٦۹ أميركا الوسطى
۳۱۰٥٥٥ ۱۳۷٤۷۱ هاييتي
۸۳۷٤۲٦ ٤۳۳۰٦۰ غرناطة الجديدة
٤۳٤۰۸٦ ۲٤٥٥٦ فينازويلة
٤٦۹۰۸۷٥ ۲٦۳۱٤۸۰ برازيل
٦۰۲۰۸۷ ٦۳۹۷۱۷ أوراغون
۱٤۰۳۲۲۷ ۱٤۷٤۸٦۹ بوينوس أيرس وباطاغونيا
۱۳۸۰٥۳۳ ۲٤۱٦۸۹٥ شيلي
۱۰۳۱ ۱۲٥٤۱٦ بوليفيا
۱۲۲۱۰۱۸ ۳۱٦۹٥٥۲ بيرو
۱٥٦۹۱٦ ۸۱۸۰۲ أكواتور
۳۱٦۱۹۱۸ ۸٦۰۸٦۰۹ مملكة الصين
٤۳٤۲٦ ٥۳۸٦۸۷ جزر جابون
۳٦۱۹۱ ۲٥۱۳۸ سيام
۲٦٥٤٥ العجم أي بلاد فارس
۲۱٦ ٤۹٥ شطوط أفريقية الشرقية
۱۰۷٦٤٥۲ ۱٤٦۷۹۹۲ شطوط أفريقية الغربية
۲۷۱ كرونلاند ومضيق داوس
جزر البحر الجنوبي
٤٦۷۲۱ ۱٤۳۱۱۰ مراسي مختلفة
۸۲۲۰۲٤ ٦۳۸۷۷۲ جزر الصوند
۱۱٦۹۱٤۲ ۱۳۳۸۳٤ جبل طارق
٦۲۸۸۹۱ ۱٤۳٤۳۷ مالطة
۳۲٥۹۸۲ ۲۱۳۱٥۷ جزر الإغريق
٤۱۹٥٥۸۱ ۸٦۸۲۰٦۱ عمالات الإنكليز في أميركا الشمالية
۲۱۷۸۹٤٤ ٤۳۸۱۰٥٤ جزر في غربي الهند وهندوراس
٦٦٦۷۰۱ ۱۷٦۱۳۸۰ غيان
۱۳۱۲۱ ٤۷٦۷ جزر فالكلاند ويقال لها مالوين
۱۱٥۳۰۸۰٤ ٦۹۰۱٤۸۷ أوستراليا
۱۷۰٥۳۳٥٥ ۲۱۹٦۸۷٥۲ عمالات الهند الشرقي
۱۰٥٦٤٥۸ ۱۹۱۳٤۲٥ جزر سانغبور
٥۰۸۳٤۹ ۲۲٥۱۰۱۹ جزيرة سيلان
۱۲۳٦۸ ۱۷ عدن وجزر في البحر الأحمر
٥۸۹۷٤۷ ۱۹۱٤۰٤۲ جزيرة موريس
۲۱۷۱٦۱٦ ۱٤۲۱٦٤۷ عمالات جنوبي أفريقية
٥۰۷۰۷۹ ۲۰۸۷٥۱ عمالات وجزر غربي أفريقية
۱۷۷۸٥۲۲ ۱۳۷۸٦٤ هونكونغ في الصين
۳۹٤ ٥٤٤ جزيرة اليغولاند
۱٥۹٦۳۲٤۹۸ ۲۱۸٤۷۸۷٥۱ الجملة ليرة سترلين
۲۱۸٤۷۸۷٥۱ يضاف الداخل إلى الخارج
۳۷۸۱۱۱۲٤۹ جملة قوة المتجر ليرة تساوي ۹٤٥۲۷۸۱۲۲٥ فرنكًا
بيان متجر الهند سنة ۱۸٦۱.
ليرة سترلين   
۳٤۱۷۰۷۰۳ الداخل إليها في السنة المذكورة
۳٤۰۹۰۱٥٤ الخارج منها
٦۸۲٦۰۷٥۸ جملة قوة متجر الهند تساوي ۱۷۰٦٥۲۱٤۲٥ فرنكًا
المراكب التي دخلت مراسي إنكلترة والتي خرجت منها في ۱۸٦۲.
المراكب الخارجة المراكب الداخلة
طونلاتة مراكب طونلاتة مراكب أصناف المراكب
٥٥۳۲۱٦۲ ۲۲۹۲۱ ٥۲٦۰۳۲۹ ۲۲٦۳٥ مراكب قلاع إنكليزية
٤۹۱۱٥۷۹ ۲٥۷٦٥ ٤۷٤٥٤۷۳ ۲٤٤۳٤ مراكب قلاع أجنبية
۲٦۰۹۸۱٦ ۷٦٤٤ ۲٦٦۰۰٤٦ ۷۹٤۱ فابورات إنكليزية
٤٦۲٤۷۹ ۱۲۲٥ ٥۱۲۰٤۰ ۱۷۹۳ فابورات أجنبية
۱۳٥۱٦۰۳٦ ٥۷٥٥٥ ۱۳۱۷۷۸۸۸ ٥٦۸۰۳ الجملة
۱۳۱۷۷۸۸۸ ٥٦۸۰۳ يضاف الداخل للخارج
۲٦٦۹۳۹۲٤ ۱۱٤۳٥۸ تكون جملة المراكب الداخلة والخارجة
بيان تكاثر الأهالي بإنكلترة عدا أرلاندة وسكوسيا.
عدد السكان   
٤۸۰۰۰۰۰ كان عدد السكان بإنكلترة سنة ۱٦۰۰
٥٦۰۰۰۰۰ وصار في سنة ۱٦٥۰
٦٥۲٥۰۰۰ وفي سنة ۱٦۸۸
۷٥۱۷۰۰۰ وفي سنة ۱۷٥۰
۱۰۹٤۲۰۰۰ وفي سنة ۱۸۰۱
۱۱٦۰۹۰۰۰ وفي سنة ۱۸۲۱
۱۸٥۲٦۰۰۰ وفي سنة ۱۸٤۱
۲۳۲۷۱۹۹٥ وفي سنة ۱۸٦۱

وما تراه من التكاثر غير داخل فيه مَن ارتحلوا عن أوطانهم.

دخل الدولة الإنكليزية وخرجها والدَّين الذي عليها.
ليرة سترلين أنواع الدخل سنة ۱۸٦۲
۲٤۰۳٤۰۰۰ من الكمارك
۱۷۱٥٥۰۰۰ من الأداء الذي على المأكولات والمشروبات
۸۹۹٤۰۰۰ من الأداء الذي على التامبر أي الطابع
۱۰٥٦۷۰۰۰ الأداء المرتب على الدخل
۳۱٥۰۰۰۰ الأداء المرتب على الربع والعقار وغيرهما
۳٦۰۰۰۰۰ دخل البوسطة
۳۰۰۰۰۰ دخل ملك الدولة
۲۸۰۳٥٦۱ من أنواع مختلفة
۷۰٦۰۳٥٦۱ الجملة
٤۲۹۷۰۰۰۰ يضاف إلى ذلك دخل الهند
۱۱۳٥۷۳٥٦۱ الجملة ليرة تساوي ۲۸۳۹۳۳۹۰۲٥ فرنكًا
ليرة سترلين أنواع الخرج في السنة المذكورة
۲٦۲۳۱٦٥۷ فائدة الدين
۱۸۸٤۰۰۱ مصاريف على الدين
۱٦۲٦٤۷۸۹ مصروف العسكر والحراسة البلدية
۱۱۳۷۰٥۸۸ مصروف السفن والبحرية
۹۲۰٥۸۷ مصروف إنشاء السفن
٤۰٦٤۸۹ مرتب الملكة
۷٦٤۰٤۳٥ مرتب المتوظفين السياسية وغيرهم
٤٥٥۳٤٦۱ مصروف على استخلاص الأداء
۱۰۸۰۰۰۱ مصاريف مختلفة
٤۳۲٥٥۰۰۰ مصروف الهند
۱۱۳٦۰۷۰۰۸ جملة الخرج تساوي ۲۸٤۰۱۷٥۲۰۰ فرنك
۱۱۲٥۷۳٥٦۱ يطرح من هذه الجملة الدخل المتقدم
۸۳٦۱۷٥ زيادة الخرج على الدخل
فرنكًا بيان ديون الدولة الإنكليزية
۲۰۰٤٥۲۱٥۱۷٥ جملة الدين الذي على الدولة
۲۸٤٦۹۲۷۰۲٥ جملة الدين الذي على الهند
۲۲۸۹۲۱٤۲۲۰۰ المجموع من ذلك

واعلم أن الدولة الإنكليزية بمقتضى قوانين المملكة لا تطلب من الأهالي أداءً سنويًّا إلَّا المصاريف اللازمة لمصالح الدولة المذكورة أصولها آنفًا، وأما الأداء اللازم للمصالح العامة غير ما تقدم من عمل الطرقات وبناء القناطر والمارستانات والكنائس والمدارس، ومرتبات المكلفين بها ومرتبات أهل الخطط الدينية ونحو ذلك، فإن تعيينه وصرفه بيد مجالس الأوطان والبلدان تحت نظارة البارلمان الكبير ولا مدخل للدولة فيه، وقدره تقريبًا ثمانمائة مليون فرنك.

القوة العسكرية البرية بدولة إنكلترة سنة ۱۸٦۱.
جملة الجيش التريس الخيالة الطوبجية والمهندسون أصناف العساكر
۹۸۹۱۸ ۹۸۹۱۸ عسكر تريس بالضباط
۱٤٤۳٦ ۱٤٤۳٦ خيالة بالضباط
۲۱۳۳٦ ۲۱۳۳٦ طوبجية بالضباط
۱۱۷۰۸ ۱۱۷۰۸ مهندسون وغيرهم بالضباط
۱۱۲۱ أتاماجور أي أركان الحرب
جيش الهند
٥۹٥٦۷ ٥۹٥٦۷ تريس
٦٤۱٦ ٦٤۱٦ خيالة
٥٤۸۲ ٥٤۸۲ طوبجية
۱۲۰٥۷ يداك
۱۲٤۰۰ في أرلاندة
۱۹۳۳۳ رديف
۲٦۲۷۷٤ ۱٥۸٤۸٥ ۲۰۸۲٥ ۳۸٥۲٦ الجملة
القوة البحرية بإنكلترة في سنة ۱۸٦۱.
جملة البحرية فسيالات أصناف البحرية
۲٤ أميرالًا كبيرًا تحت السلاح
٦٦ ممن ذكر في اليداك
۹۰
۲۷ كاهية أميرال تحت السلاح
٥۷ ممن ذكر في اليداك
۸٤
۲۱ كنترا أميرال تحت السلاح
۱۰۷ ممن ذكر في اليداك
۱۲۸
۳٥۰ قبطانات أجفان تحت السلاح
٤۰۲ ممن ذكر في اليداك
۷٥۲
٤٥۰ قبطانات فراقط تحت السلاح
۷۲٣ ممن ذكر في اليداك
۱۱۷۳
۷۹۸ يوزباشية تحت السلاح
۳٥۳ ممن ذكر في اليداك
۱۱٥۱
٥٤٣۰۰ فسيالات صغار وعسكر بحرية
۱۸٤۰۰ فسيالات وعسكر بر معد للمراكب
۷٦۰۷۸ ۳۳۷۸ الجملة نقلت إلى [الجدول التالي]
تابع القوة البحرية بدولة إنكلترة.
جملة المراكب ومدافعها ۹۷٥٦ مراكب قلاع بها قوة خيل ۱۲٥٦۱۷ جملة البحرية فسيالات البحرية وأصناف المراكب
      فابورات فابورات مدرعة         
۷٦۰۷۸ ۳۳۷۸ نقلة جامعة [الجدول السابق]
۸۲ ۱ ٥۸ ۲۳ أجفان
٥۳ ۱۰ ٤۳ فراقط
۳۰ ۲۷ ۳ قرابط
٥٥ ۱ ٥۲ ۲ شالوب أي قوارب
۳ ۳ كنونيار أي ذوات المدافع
۱۳٦ ۱۳٦ شالوب كنونيار
٤ ٤ بطريات عوامة
۱۲ ۱۲ مراكب متنوعة
٤ ٤ أفيزو
۳۸ ۳۸ شالوب بومبارد
۷۰ ۷۰ مراكب كبار لحمل الأثقال
۲ ۲ بومبارد
٦ ٦ ياكت
۲ ۲ مراكب لحراسة الشطوط
٤۹۷ ٥۰ ٤۱۲ ۳٥ ۷٦۰۷۸ ۳۳۷۸ الجملة
مراكب متجر الإنكليز في سنة ۱۸٦۲.
طونلاتة مراكب أصناف المراكب
٤۳۹٦٥۰۹ ۲٦۲۱۲ مراكب قلاع
٥۳۷۸۹۱ ۲۲۲۸ فابورات
۹۰٦۱۲٥ ۹۸۲۹ مراكب العمالات التابعة لإنكلترة ولم يتيسر لنا الآن تمييز الفابورات من مراكب القلاع
٥۸٤۰٥۲٥ ۳۸۲٦۹ الجملة

وجملة البحرية في جميع المراكب المذكورة ۲۸۸۳۰٤٥ نفسًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤