الفصل الثاني

مقدمة إلى العرق

واصل العالَمُ مسيرته طوال الغالبية الساحقة من تاريخه دون أن يعرف العرق، في حين لم تخلُ الولايات المتحدة منه قط.

ديفيد روديجر، «كيف صَمَد العرق في تاريخ الولايات المتحدة، منذ فترة الاستيطان والعبودية حتى ظاهرة أوباما؟»

(١) فهم حقيقة العرق

تكثُر التشبيهات الخاصة بالعرق؛ فأحيانًا يقال إنه عقدٌ اجتماعي، أو ضبابٌ معرفي، أو خرافةٌ خطيرة، أو وهمٌ قوي، وتُعبِّر هذه التشبيهات وغيرها عن حقيقة العرق في مجتمع الولايات المتحدة المعاصِر. العرق موجودٌ الآن في كل مكان. وأيًّا كان الالتباس وأوجه الخلاف المحيطة بتعريفاته أو توصيفاته، فقليلٌ هم مَن يناقشون هذه الفكرة ويجادلون فيها، وهذا أمرٌ مفهوم. نحن نعيش في مجتمعٍ مُشبَّع بالعرق، غارقٌ فيه؛ فقد تغلغل التفكيرُ العنصري في أرجائه، وهو يؤثِّر حاليًّا بطريقة أو بأخرى في تجاربنا جميعًا على مستوى الصحة، والتعليم، والحياة العاطفية، والصداقة، والعمل، والدين، والسياسة، وفي كل منحًى تقريبًا من مناحي حياتنا. هذه التأثيرات قد تكون ظاهرةً على نحوٍ مؤلم أو غير ملحوظة فعليًّا، إلا أنها موجودة دائمًا. ونتيجةً لذلك، نشأ معظمنا بمرور الوقت وفي داخله معتقداتٌ عِرقية راسخة تستند إلى هذه التجارب المُتراكمة وإلى مجموعةٍ ثابتة من الصور وأشكال المعرفة الأخرى التي تُعزِّز الثقة في قدرتنا على رؤية العرق وإدراك وجوده. وفي النهاية، فإننا نُصبح خبراء في العرق، أو على الأقل خبراء في الكيفية التي نرى بها «الأعراق» ونَخبرُها، من حيث خصائصها المادية، وسلوكياتها، ولا سيَّما اختلافاتها المتأصِّلة أو الجوهرية.

إننا نناقش طبيعة العنصرية المعاصرة ومداها في محيط الأسرة والأصدقاء، وفي المنتديات على الإنترنت، بل وعبر «الحوار الوطني» المُتقطِّع، الذي تستحثُّه عادةً الأحداثُ الراهنة، وتجتاحه عباراتٌ رنَّانةٌ موجزة يمكن توقُّعها والتنبُّؤ بها. أحيانًا، قد تدفعنا تجاربُ الآخرين ومعتقداتهم إلى إعادة النظر في تجاربنا ومعتقداتنا، بيد أن هذا التبادل على مستوى التجارب والخبرات نادرًا ما يستقصي — أو يكشف عن — الركائز الثقافية القوية لالتزاماتنا الجَمْعية تجاه العرق والعنصرية. فَكِّر في الأمر. كَم مرة تقودنا النظرةُ الثانية التي يقتضيها تخمينُ العرق «الحقيقي» لشخصٍ ما إلى انتقاد فرضية أن العرق له أساسٌ بيولوجي في علم الأحياء أو فكرة الأنماط الظاهرية العرقية، أو التشكيك من الأساس في رغبتنا في «تصنيف» هذا الشخص على أساسٍ عِرقي؟ إن ما نُفكِّر فيه على الأرجح هو عدم توافُق هؤلاء الأفراد مع المعايير العرقية التي ثبتَ عدم صحتها منذ زمنٍ بعيد. بالتأكيد، قد يعترض مَنْ لا يزالون يهتمون بعَدِّ الأعراق وإحصائها على ما إذا كان ينبغي تقسيم البشر إلى ثلاثة أعراق أو أربعة أو خمسة أو يزيد. ومع ذلك، يقفز قليلون إلى الاستنتاج المنطقي الذي يسمح لهذه التفاصيل الثانوية في ظاهرها بتحدي إيماننا بالعرق بوصفه وسيلةً لبيان الاختلاف بين البشر، وتصنيفه؛ ومن ثمَّ إسباغ منزلةٍ معينة عليه. قد يُمثل اتخاذ هذه الخطوة تحدِّيًا حتى لأولئك الذين يكافحون من أجل إبطال «العقد العِرقي» وإلغائه (ميلز ١٩٩٧) ونبذ مفاهيم السيادة العرقية أو التفوق العرقي. ومن خلال عدم مشاركتنا في تلك القضايا والموضوعات الأساسية، أو الاكتفاء بالمشاركة السطحية فحسب، فإننا نُقوِّض قدرتنا على فهم العرق وطرح العُنصرية.

إنَّ التصالح مع تاريخنا المتنوِّع والمشترك فيما يخص العرق والعنصرية هو نقطة انطلاقٍ جيدة لأولئك الذين يرغبون في نبذ فكرة العرق. وفي الواقع، ثمة أمورٌ أكثر محلُّ تفكير فيما يتعلَّق بقدرتنا الجَمعية أو بعجزنا الجَمعي عن مواجهة ماضينا العرقي بإنصاف، من مجرَّد تكرار أخطاء الماضي وجرائمه؛ لأنه يُمثل تاريخًا حيًّا. إن هذا الماضي يعيش معنا وبداخلنا، ويمنعنا من مواصلة حياتنا معًا كأنداد. في بعض الأحيان، تُعاود الأحداث التاريخية المرتبطة بالعرق والعنصرية الظهور على السطح، بالمعنى الحرفي للكلمة، لتُعيد صياغة ماضينا وحاضرنا. وهذا هو ما كان عليه الوضعُ في مستهلِّ القرن العشرين عندما أعادَ عمَّال البناء «اكتشافَ» المقبرة الأفريقية في نيويورك التي أُنشِئَتْ في حي مانهاتن السفلي خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر. ساعدت أعمالُ الحفر اللاحقة وإخراجُ الأدوات ورُفات الهياكل العظمية لأكثر من أربعمائة شخصٍ من مقبرة الأمريكيِّين الأفارقة هذه الطاعنة في القِدَم في إثارة اهتمامٍ واسع بتاريخ العبودية في الشمال، ذلك التاريخ الذي لم يحظَ بالدراسة الكافية أو التقدير اللائق (بليكي ٢٠١٠).

كثيرًا ما تُواصل موروثاتنا العرقية وجودها في حجرات الدراسة، وأماكن العمل، والبنوك، وقاعات المحاكم، وفي مجموعةٍ كبيرة من الهيئات المؤسَّسية؛ حيث تزيد أو تنقص فرص الحياة والحقائق المادية على نحوٍ كبير. في هذه الأماكن، من السهل أن تُخفي طبيعةُ الإجراءات والتفاعلات — الموضوعية في ظاهرها — فرضياتٍ وتحيُّزاتٍ وعلاقات قوةٍ مُشبَّعة ضمنيًّا بالعرق. ويُمكن لهذه التفاعلات الروتينية أن تستدعي، وأن تُعزِّز، صورًا نمطية وعلاقات قوةٍ ذات أساسٍ عِرقي بأساليبَ ماكرةٍ وإن كانت فعَّالة، وخصوصًا من خلال وضع سياسات «الحياد العرقي» أو «عمى الألوان» (هاني لوبيز، الفصل السادس من هذا الكتاب). نحن نجسِّد ماضينا العرقي ونُرسِّخه إلى أعمق درجة من خلال تصنيفات الهوية المعاصرة وما يرتبط بها من تفاوت فيما يخصُّ الصحة والثروة والفرص التعليمية، وهي أمورٌ نناقشها في الجزء الثالث من هذا الكتاب. ومن ثمَّ، على الرغم من أنَّ البعض مُتحمِّسون حاليًّا لإعلان الولايات المتحدة مجتمعًا «خاليًا من العنصرية والتمييز العرقي»، فإنَّ هذه الفكرة التي كثيرًا ما يُتشدَّق بها تبدو عاريةً من الصحة ومحلَّ نقاشٍ للكثيرين، لا سيَّما أولئك المستهدفين باستئصال العنصرية واجتثاثها من جذورها، والمُكرَّسين لهذا الهدف (هاريسون ٢٠٠٥، الفصل السابع عشر من هذا الكتاب). في الواقع، بصرف النظر عن النتيجة، يرى معظم الناس أنَّ من الصعب تخيُّل فترةٍ لم يكن العرق فيها موجودًا أو تصوُّر الحياة بدونه. وبدلًا من ذلك، فإننا نميل إلى أن نستنتج ممَّا بات عليه الوضعُ حاليًّا من انتشار العرق وهيمنته — في المؤسسات، والثقافة الشعبية، واللغة، وغيرها — أنَّ العرق لطالما كان موجودًا وسيظل معنا دائمًا؛ فالعرق، فيما يبدو، جزءٌ حتمي من ماضينا ومصيرنا.

هل هذا ما عليه الوضعُ حقًّا؟ إلى أي مدًى تتغلغل جذورُ العرق في أعماق التاريخ البشري؟

(٢) اختراعٌ بشريٌّ حديث

كما تشير العبارة المُقتبَسة، وعلى نحوٍ مُستحيل كما يبدو عليه الوضعُ الآن، ثمة فترةٌ لم يكن العرق فيها قد شوَّه مفاهيم التنوع البشري بعدُ. في الواقع، يتفق معظمُ علماء الأنثروبولوجيا، والمؤرِّخون، وغيرهم من المَعنيِّين بدراسة الأنظمة الثقافية والاجتماعية ومقارنتها؛ أن تلك الفترة لم تكن ببعيدة للغاية (سميدلي ٢٠٠٧). إنهم لا يعترفون بالعرق بين البشر بوصفه نِتاج التطور البيولوجي أو الصنيع الإلهي. وبدلًا من ذلك، وضعَ الباحثون مجموعةً كبيرة ومُتزايدة من الدراسات والأبحاث التي توثِّق فكرة أن العرق بنيةٌ اجتماعية/تاريخية/ثقافية؛ منظومةٌ من الفِكَر، والهُويَّات، والعلاقات المادية، التي انبثقَت ببطءٍ في سياق الاستعمار والتوسُّع الاستعماري الذي اعتمدته أوروبا الغربية في مستهلِّ القرن الخامس عشر. وعلى النقيض من الاعتقاد الشائع بأن العرق صفةٌ بشريةٌ مميَّزة وفطرية ومُثبَتة تجريبيًّا، يُوضِّحون أن القوانين الأولى التي وُضِعت لإقامة الحدود العرقية والتراتبية الهَرَمية والحفاظ عليها لم تظهر حتى منتصف القرن السابع عشر، عندما كانت «النظرة العالمية العرقية» فكرةً جديدة يُطالعها العالَمُ لأول مرة (سميدلي ٢٠٠٧). وانطلاقًا من هذا المنظور، فإنَّ الأعراق البشرية ليست وحداتٍ بيولوجية. وعلى الرغم من وجود الكثير من السِّمات المادية (وعلى نحوٍ متزايد، الثقافية) المُشتركة على ما يبدو التي تُعزى إليها مرجعية الأعراق، فإن الأعراق في الواقع ما هي إلا كياناتٌ سياسيةٌ ناتجة عن تصرُّفاتنا الاجتماعية (بليكي ١٩٩٩، موكوباداي وآخرون ٢٠٠٧، هاريسون ١٩٩٥).

نحن نتَّفق في الرأي، والمعلومات الواردة في الفصول والأقسام القادمة تدعم وجهة النظر هذه التي ترى أنَّ العرق اختراعٌ بشري حديث. تُشير الأبحاث الراهنة إلى أن الأعراق البشرية موجودة لمجرد أننا اختلقناها وبالأشكال التي خلَّدناها بها ليس إلا، علاوةً على ذلك، فإننا نؤكِّد — تكرارًا لآراء المؤرِّخة باربرا فيلدز (١٩٩٠، ٢٠٠٣) — على أن الاعتراف بالعرق والعنصرية بوصفهما حقائقَ اجتماعيةً ثقافية، وليسا حقائق بيولوجية، ما هو إلا جانبٌ ضئيل من العمل التحليلي، وما خفي كان أعظم. أما ما يُطلِق عليه الأكاديميون المنهج «البنائي»، فإنه يقدِّم منظورًا تُوضَع من خلاله المظاهر والعلاقات والنتائج الأيديولوجية والمادية المتعلِّقة بالعرق والعنصرية والظواهر ذات الصلة موضع البحث النقدي (سميدلي ٢٠٠٧، هاريسون ٢٠٠٥). ببساطة، يُمثِّل هذا المنهج وسيلة — لا غاية — لفهم العرق؛ ومن ثمَّ فإننا لا نهدف ببساطة إلى إقناع القارئ بأن الأعراق البشرية هي بنياتٌ اجتماعية ثقافية، وإنما هدفنا بالأحرى في هذا القسم من الكتاب أن نوضِّح بدقة كيف ولماذا أصبح العرق ولا يزال — شأن الطبقة الاجتماعية، والجنس، وغيرهما من «مَعاوِل الاضطهاد» (فارمر ٢٠٠٣) — عنصرًا راسخًا وفعَّالًا للتقسيم الطَّبَقي في المجتمع الأمريكي والثقافة الأمريكية. وكما يشير عنوان هذا الجزء، فإن التاريخ الصعب للعِرق في هذه الدولة هو في الواقع مجموعة من القصص أو الحكايات المتشابِكة التي توضِّح كيف تواطأت — وتبارت أحيانًا — قوى العادات والتقاليد، والدين، والقانون، والعِلم في توضيح الاختلاف البشري والتحكُّم فيه (من خلال قوانين مناهضة اختلاط الأجناس على سبيل المثال). إنَّ الخطوة الأولى نحو فهمٍ شامل للعِرق هي إدراك أصوله السياسية «غير الطبيعية» وتطوُّره المستمر بوصفه نِتاج النشاط البشري: ماذا كان مفهوم العرق قديمًا، وماذا صار اليوم، وما الذي من المُحتمَل أن نُحوِّله إليه في السنوات القادمة؟

سنستعرض خلال رحلتنا في هذا الكتاب الأصولَ التاريخية لفكرة الأعراق البشرية وتطورها. إلا أن من الملائم أولًا أن نعرض نبذةً موجزة عن «الفترة السابقة على ظهور فكرة العرق». من المؤكَّد أن الزعم القائل بأن العرق لم يدخل المشهد إلا في حقبةٍ متأخِّرة من التاريخ البشري، ربما تعود إلى بضع مئاتٍ من السنين؛ يترك مسألة الكيفية التي عالجت بها الشعوبُ الأولى الاختلاف البشري مفتوحةً على مصراعيها دون حسمٍ. كيف فَهم أسلافُنا التنوُّع الثقافي والبيولوجي حتى ذلك الحين؟ إذا كان العرق حديثًا في التجربة الإنسانية، فما الذي كان سابقًا على التفكير العرقي؟

لا شك أنَّ الشعوب السابقة كانت شعوبًا تتَّسم بالاستعلاء العرقي؛ إذ كانوا كثيرًا ما يعتقدون أنهم أعلى شأنًا من الناحية الثقافية من غيرهم، وكانوا أحيانًا يجنحون إلى العادة السيئة التي يصوِّرون فيها الآخرين على أنهم غير مُتحضِّرين ووحشيِّين أو همجيِّين، لدرجة أنهم كانوا يُبرِّرون العبودية والقتل على هذا الأساس. ومع هذا، كما سيُوضح أي كتابٍ تمهيدي عن الأنثروبولوجيا الثقافية، يختلف المنطق الاستعلائي العرقي عن المنطق العرقي الذي ظهر لاحقًا اختلافًا كبيرًا. وتتجلَّى هذه الاختلافات في أبلغ صورها فيما يتعلق بوصف الإمكانات البشرية ووجود العلاقة المُدرَكة بين الصفات الثقافية والبدنية، أو غيابها. قبل نشأة العرق، كان الناسُ أكثر ميلًا بكثير إلى ربط المُمارسات الثقافية على نحوٍ غريزي وصعب التغيير بالاختلافات الجسدية، التي غالبًا ما تُعزى إلى الظروف البيئية المختلفة (بريس ٢٠٠٥). ولم يكن الناسُ بالضرورة يميلون إلى الاعتقاد بأن تنوُّع النمط الظاهري عبر الجماعات يُمثِّل اختلافاتٍ فطريةً أو جوهرية — أي لا يمكن تجاوزها — في القدرة أو الشخصية. في الواقع، كان الناسُ قبل العرق على استعدادٍ أكبر لإمعان النظر في الأنماط الظاهرية بما يجعلهم يتوصَّلون إلى أوجهِ شبهٍ سلوكيةٍ أعمقَ، إنْ لم يكن إلى أساسٍ مُشترك. علاوة على ذلك، بما أنهم اعتبروا الآخرين متخلِّفين ثقافيًّا من حيث اللغة أو الدين أو الغذاء أو الزينة أو غير ذلك من سلوكياتٍ أخرى، فقد مالوا إلى اعتبار هذه النقائص أمورًا قابلة للتقويم. وبمرور الوقت، أصبح من المُمكن محو النقائص السلوكية المُكتسَبة من خلال التنشئة الثقافية «الملائمة»، في حين لم يتسنَّ محو الدُّونية العرقية المتأصلة، بحُكم تعريفها.

مرةً أخرى، فإن التحيُّزات الثقافية ليست بالأمر الحميد على الإطلاق، وهدفنا في هذا الصدد لا أن نُصنِّف الأنظمة الطَّبَقية وفقًا لمدى خباثتها وضررها. في الواقع، يصعُب أحيانًا التمييز بين الاستعلاء الإثني والعنصرية؛ بسبب الخلط المتزايد بين الثقافة والعرق (هاريسون، الفصل السابع عشر من هذا الكتاب). الهدف هنا هو إبراز التحوُّل الخطير الذي يُمثله العرق في طبيعة العلاقات بين البشر؛ وهو تحوُّلٌ مُؤسِف — في محور التركيز الأساسي — من عادات وتقاليدَ مُكتسَبةٍ إلى مفاهيمَ ثابتةٍ أو جامدة عن الصفات الجسدية والأساسية. بوجهٍ عام، فإنَّ مفاهيم التنوع السابقة على ظهور العرق لم تمنع المرءَ من إدراك أو إقرار القدرة المشتركة للبشر على التعلُّم والإسهام على نحوٍ تامٍّ في أي ثقافة أو مجتمع، بصرف النظر عن الصفات المرتبطة بالنمط الظاهري التي استُخدِمت فيما بعدُ لتمييز الأعراق.

يشرح عالِمُ الكلاسيكيات فرانك سنودن (١٩٨٣) هذه الحقيقة بوضوح في دراسته المُبتكَرة «قبل التعصُّب اللَّوني»، التي أعدَّها عن «الصورة الذهنية للسُّود» في الفن والأدب المصري، والإغريقي، والروماني، والمسيحي المبكِّر. يلاحظ سنودن — مُحذِّرًا من الانجراف وراء قراءة القضايا الاجتماعية المعاصرة في ضوء الأحداث التاريخية السابقة — أن التفاعلات في بلدان البحر الأبيض المتوسط القديمة بين الشعوب التي تُصنَّف حاليًّا إلى سودٍ أو بِيض — حتى بين الخصوم السياسيِّين والعسكريين — كانت خالية من الوعي اللَّوني «الحادِّ» ومن أي نوعٍ من التمييز العرقي. ويُشير إلى أن هذه المجتمعات لم تنظر قطُّ إلى سواد البشرة باعتباره أساسًا للعبودية.

كما أن التاريخ القديم ليس تاريخ العرق الأبيض (بينتر ٢٠١٠). ومن غير المستغرب أن الحُجج المعارِضة للعِرق والعنصرية بوصفهما عناصرَ جامدة أو قديمة من العلاقات البشرية تطغى على كتابات ويليام إدوارد بورجاردت دو بويز (١٩٣٩)، وآنا جوليا كوبر (١٩٨٨)، وسانت كلير دريك (١٩٨٧‏، ١٩٩٠)، وآخرين ممَّن سعوا إلى الدفاع عن الأمريكيِّين الأفارقة و«حمايتهم» من المزاعم التي تنعتهم بالدُّونية الفطرية والمتأصِّلة على نحوٍ غير قابل للتغيير.

تساعد المعالجة التاريخية والأنثروبولوجية الرصينة التي أعدَّها هؤلاء العلماء عن مفهوم العرق، والظواهر المرتبطة به المتمثِّلة في التعصُّب اللَّوني والتحيُّز الجنسي؛ في تشكيل الأساس الفكري للتفسيرات البنائية الراهنة. بيد أنه لا يتعيَّن على المرء — كما أشرنا أعلاه — أن يتفقَّد العصور القديمة ليُدرك قيمة الفترة التي تفوَّقت فيها الثقافة القابلة للتقويم على مفهوم العرق المستعصي تغييره بأن اعتبرته أمرًا خارجًا عن سيطرة المرء بحُكم ميلاده ونشأته حسب وجهة نظر مَن بيدهم سلطة تقرير هذه الأمور. من القرن الثامن عشر وحتى أوائل القرن العشرين، على سبيل المثال، كان الأمريكيُّون البِيض مبهورين بفكرة «تثقيف» الأمريكيِّين الأصليين و«تهذيبهم» عن طريق محو المُمارسات الثقافية الأصلية.

•••

تُفرَد دراستنا التاريخية عن العرق في أربعة فصول، يعكس كلٌّ منها في تركيزه ومحتواه أحدَ مكونات التاريخ الأساسية للمعرض المتحفي المتنقل «الأعراق البشرية: هل نحن حقًّا على هذا القدر من الاختلاف؟» وتتضمَّن الموضوعات التي نتناولها نشأة مفهوم العرق البشري، العرق والعنصرية في العِلم، تاريخ ومعنى العرق الأبيض والفئة العرقية «البيضاء»، ودور العنصرية/العَرقَنَة القانونية في خلق التفاوت الاجتماعي والامتيازات الاجتماعية والإبقاء عليهما. يتضمَّن كلُّ فصل مخططًا زمنيًّا للمفاهيم الأساسية والأحداث والأفراد، بالإضافة إلى مقالاتٍ ومقالاتٍ خاصة داعمة تقدِّم رؤًى أعمق وأشمل عن هذه الموضوعات. تساعد هذه السجلات التاريخية في إبراز العرق بوصفه واقعًا اجتماعيًّا وأحد الأوهام الكبرى للعِلم، وهي موضوعاتٌ سنَستكشِفها بالتفصيل في أجزاءٍ لاحقة من الكتاب. وفي سبيل إيصال هذه الموضوعات، فإننا نَستمِع إلى كثير من الأصوات التي تُمثِّل وجهات نظرٍ متعدِّدة؛ إذ نستمع إلى شخصياتٍ تاريخيةٍ بارزة، وبعضٍ من الباحثين الرائدين في الوقت الحالي، وآخرين مِمَّن توضِّح آراؤهم وتجاربهم الشخصية التناقضَ والمرونة اللتَين جعلتا العرق والعنصرية من القضايا المُلِحَّة للغاية بمرور الوقت. لا شك أن بعضَ الأفراد، أمثال بوكاهانتس، وتوماس جفرسون، وفريدريك دوجلاس، مألوفون للقُرَّاء. وربما آخرون، أمثال تاكاو أوزاوا، وجون بانش، وفرانز بواس، ليسوا بنفس القدر من الشُّهرة خارج نطاق الأوساط الأكاديمية‎.

في الفصل الثالث، نُعيدُ تشكيل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الفريدة التي أدَّت إلى بدايات العرق «كما نعرفه» في مجتمع أمريكا الشمالية الاستعماري. في مقال عن نشأة الأيديولوجية العرقية، تُشير سميدلي إلى أن ظهور العرق لم يكن بالعملية التلقائية التي حدثَت عند نزول الأوروبيِّين والأفارقة بالشواطئ الأمريكية. وإنما ما نجده إجمالًا في المستعمرات الأولى هو أمزجةٌ مميَّزة من عِرقيَّات العالَم «القديم» والعالَم «الجديد» المتحاربة والمتحابَّة والمتعايشة معًا دون اللجوء إلى العرق أو العنصرية (برلين ٢٠٠٣). سيطرت في البداية اختلافاتُ الدين (مسيحيون في مقابل ملحدين) والجنسية على أذهان المُستعمِرين الأوائل على نحوٍ أكبرَ من اختلافات لون البشرة. تصف سميدلي كيف تغيَّر ذلك كلُّه عندما اخترع مُلَّاكُ الأراضي الأثرياء العرقَ بغرض تبرير العبودية، وادِّعاء أحقيتهم في الاستحواذ على أراضي سكان البلاد الأصليِّين، وتعزيز الانقسام في صفوف طبقة العُمَّال المتزايدة التمرُّد من الأمريكيِّين الأصليين والأوروبيين والأفارقة. يتناقض ظهورُ حالة العبودية الدائمة والقابلة للتوريث بالنسبة إلى السود على نحوٍ صارخ مع العبودية بالمفهوم الذي تُمارَس به في مجتمعاتٍ أخرى ومع المبادئ التأسيسية للدولة، بما في ذلك المفهوم السريع التطوُّر للحرية والعتق بوصفهما من حقوق الإنسان التي لا يُمكن التنازل عنها.

يُقدم الفصل الرابع مقدمةً تمهيدية لنقاشنا حول علم الاختلاف البشري (الجزء الثاني)، الذي نستبعد فيه من وجهة نظرٍ تطوُّرية إمكانية أن تكون الأعراق البشرية موجودة من الأساس. يستمدُّ الفصلُ اسمه من كتابٍ لعالِم الأحياء التطوُّري ستيفن جاي جولد بعنوان «التقليل من شأن الإنسان»؛ وهو تفنيدٌ كلاسيكي لدراسات الذكاء القائمة على العرق. وفيه نبحثُ كيف أدركَ العلماءُ وغيرهم خرافة العرق كمُكوِّنٍ بيولوجي من خلال دراسة تفاصيل الاختلاف البشري وتحليلها. ونروي نشأة علم الأعراق، والعنصرية العلمية، وانهيارهما ثم عودتهما بينما كان العلماء يميلون إلى البحث عن الاختلافات العرقية التي أوجدتهما أو اختلقتهما. في تلك الأثناء، فنَّدَ علماءُ آخرون الدراسات العرقية عن طريق إعادة توجيه بؤر تركيزها الأساسية بعيدًا عن النهايات الحتمية (أحيانًا دون التعرُّض لمفهوم العرق كمُكوِّن بيولوجي)، أو عن طريق تقديم وسيلة غير عِرقية لدراسة الاختلاف بين البشر (مثل ليفينجستون ١٩٦٢، بريس ٢٠٠٥). بناءً على ذلك، توجد في معظم العلوم فكرةٌ متوارَثة ثلاثية المَحاور تتكوَّن من: العرقية/العنصرية/مناهضة العنصرية. تتجلى هذه الفكرة أثناء مُتابعة المخطَّط الزمني لهذا الفصل (موكوباداي وموزس ١٩٩٧، أرميلاجوس وجودمان ١٩٩٨، مولينجز ٢٠٠٥، ماركس ٢٠١٠). في هذا الفصل، يستعرض عالِمُ الآثار جو واتكينز بُعدًا مهمًّا للفِكَر العرقية المتوارَثة والمُتعارِضة بعلم الأنثروبولوجيا في مقالٍ عن العلاقة محل النزاع عادةً بين الأمريكيين الأصليين وتطبيق علم الآثار في الولايات المتحدة الأمريكية.

يستكشف الفصل الخامس أصول العرق الأبيض ونشأته وامتداده عبر تاريخ الولايات المتحدة. على مدى القرون القليلة الماضية، أجرى بعض المؤرِّخين وعلماء الاجتماع والمحلِّلين الثقافيين دراساتٍ عن العرق الأبيض بوصفه مجالًا بحثيًّا واستقصائيًّا ثريًّا يُعنى بالتركيب التاريخي والثقافي للفئة العرقية المتمثِّلة في «البِيض» والإبقاء عليها. يتناول هؤلاء الباحثون بالتفصيل الصعوبات السياسية والاقتصادية الأولى التي واجهَت المهاجرين الأوروبيين على مدى مسيراتهم المتنوعة نحو «الدخول في زُمرة البِيض والانتماء إليهم»، بالإضافة إلى الامتيازات الاجتماعية والمادية التي مُنِحَت لهم في النهاية، وحُرِمَ منها آخرون بدعاوى عِرقية، خلال هذه العمليات (برودكين ١٩٩٨، جاكوبسون ١٩٩٨، دومينجيز ١٩٨٦، روديجر ١٩٩٩، ٢٠٠٨، هاني لوبيز ١٩٩٦). إننا نتناول موضوع التميُّز العرقي للبِيض كأشخاص من وجهات نظر عدة. تقارن المؤرِّخة نيل بينتر بين وجهة نظر توماس جفرسون وميشيل جيوم جين دي كريفكير، وهو دبلوماسيٌّ عسكري وكاتِبٌ فرنسي، بشأن النقاء العرقي (الأنجلو ساكسوني) باعتباره أساسَ نشأة العرق الأبيض لدى الأمريكيين الأوائل. ومن خلال ربط الماضي والحاضر، تُشارك عالِمة الأنثروبولوجيا كارول موكوباداي في هذا الفصل بمقالٍ تنويري عن استمرار مُصطلح «قوقازي» في الثقافة الأمريكية. وتشير موكوباداي بإقناعٍ إلى أن اعتزال هذا الأثر من علم الأنماط العرقية قد فات أوانه منذ أمدٍ طويل. في الواقع، تُذكِّرنا الحدود المتغيِّرة للعِرق الأبيض بأن الفئات والهُويات العرقية، بوصفها نِتاج توتراتٍ تاريخية واجتماعية، ظاهرةً للعيان وفي الوقت نفسه ربما تكون أقل ثباتًا عما تبدو عليه.

في الفصل السادس، وهو آخر فصول الجزء الأول، نناقش كيف أُجيزَ العرق والعنصرية والامتيازات العرقية من قِبل مَن بيدهم سلطة تشريع تلك الأمور. وهذا موضوعٌ بحثناه في مناقشتنا للعِرق الأبيض وتناولناه هنا بتوسُّع بحيث يشمل تجارب غير البِيض على اختلاف مسمَّياتهم. فنذكر جوانبَ أساسية من التاريخ الأمريكي المشترك المتمثِّل في نزع ملكية الأراضي من الأمريكيِّين الأصليين، والعبودية القائمة على أساس العرق، وجهود مُناهضة الهجرة، ومعاداة السامية، والفَصل العُنصري، واعتقال الأمريكيين اليابانيين، وفرض الخط الأحمر (ممارسة الحرمان أو زيادة التكلفة في الخدمات كالتأمين والتوظيف والحصول على الرعاية الصحية، وحتى التسوُّق للمقيمين في مناطق لها غالبيةٌ عرقيةٌ محدَّدة)، وغير ذلك من أشكال التمييز والاضطهاد القانونية الأخرى. بالتأكيد لم تمرَّ هذه الإجراءات مرور الكرام؛ ولذلك فإننا نوضِّح كيف تصدَّى لها مؤيدو العدالة العرقية و/أو عدَّلوها و/أو خصَّصوها لغرضٍ معين. وبناءً عليه، نقدِّم أيضًا أهم مراحل التوسُّع المُستمر والدءوب في مجال حقوق الإنسان والحقوق المدنية التي تُوفر معلوماتٍ عن الهُويَّات العرقية التي يَحتفي بها كثيرون اليوم على نحوٍ يُمكن تبريره. يقدم الكاتِب جوناثان أوديل روايةً صادقة ومؤثِّرة عن تلقينه — عندما كان صبيًّا صغيرًا — امتياز البِيض وثقافة جيم كرو التي ترجع إلى خمسينيات القرن العشرين. وإلى جانب مناقشة التجارب المعاصرة عن العرق والعنصرية الموجودة في الجزء الثالث، يُذكِّرنا هذا الفصل بالمسافة الشاسعة التي قطعناها كأمة، والتي ينبغي لنا قطعها لتحقيق المساواة الكاملة بين الأعراق.

•••

في كتابٍ مُختصَر، تكون الأحداث التاريخية المقدَّمة في هذا القسم قليلة وغير كافية بالضرورة. ولحُسن الحظ، تتوافر بسهولة معالجاتٌ تاريخيةٌ مُتميِّزة عن مفهوم العرق، بعضُها كَتَبه أفرادٌ من المساهمين في هذا الكتاب. إلا أن ربط النقاط عبر الزمان والمكان لفهم المشكلات والتجارب الإنسانية فهمًا تامًّا قدر الإمكان هو الأمر الذي يضطلع به علماءُ الأنثروبولوجيا على النحو الأفضل. ونرى أن العلاقات العديدة والعميقة بين الثقافة، والعِلم، والمجتمع، التي نشرع في استكشافها في هذا القسم، تُقدِّم إطارًا مفاهيميًّا جديدًا لفهم التنوع أو الاختلاف البشري في السياق الأكبر لإنسانيتنا المشتركة. علاوةً على ذلك، لا غنى عن معرفة المعلومات المقدَّمة هنا لأي شخصٍ يرغب في إعادة التفكير في مفهوم العرق وطَرحِ العنصرية. وأملنا أن يتكوَّن لديك فهمٌ أكبر للعِرق والتاريخ بوصفهما القوى الحية التي تُحرِّك الهويات وأوجه التفاوت وعدم المساواة المعاصرة. دعنا نبدأ …

المراجع

  • Armelagos, George J., and Alan H. Goodman:
    1998 Race, Racism and Anthropology. In Building a New Biocultural Synthesis: Political-Economic Perspectives on Human Biology. Alan H. Goodman and Thomas L. Leatherman, eds. pp. 359–377. Ann Arbor: The University of Michigan Press.
  • Berlin, Ira:
    2003 Generations of Captivity: A History of African-American Slaves. Cambridge, MA: The Belknap Press of Harvard University Press.
  • Blakey, Michael L.:
    1999 Scientific Racism and the Biological Concept of Race. Literature and Psychology 45: 29–43.
  • Blakey, Michael L.:
    2010 African Burial Ground Project: Paradigm for Cooperation. Museum International 62: 61–68.
  • Brace, C. Loring:
    2005 “Race” Is a Four-Letter Word: The Genesis of the Concept. New York: Oxford University Press.
  • Brodkin, Karen:
    1998 How Jews Became White Folks And What That Says about Race in America. New Brunswick: Rutgers University Press.
  • Cooper, Anna Julia:
    1988 A Voice from the South. New York: Oxford University Press.
  • Dominguez, Virginia R.:
    1986 White By Definition: Social Classification in Creole Louisiana. New Brunswick: Rutgers University Press.
  • Drake, St. Clair:
    1987 Black Folk Here and There: An Essay in History and Anthropology, vol. 1. Los Angeles: Center for Afro-American Studies, University of California.
  • Drake, St. Clair:
    1990 Black Folk Here and There: An Essay in History and Anthropology, vol. 2. Los Angeles: Center for Afro-American Studies, University of California.
  • Du Bois, W. E. B.:
    1939 Black Folk Then and Now: An Essay in the History and Sociology of the Negro Race. New York: Henry Holt and Company.
  • Farmer, Paul:
    2003 Pathologies of Power: Health, Human Rights and the New War on the Poor. Berkeley: University of California Press.
  • Fields, Barbara J.:
    1990 Slavery, Race and Ideology in the United States of America. New Left Review 181: 95–118.
  • Fields, Barbara J.:
    2003 Of Rogues and Geldings. The American Historical Review 108: 1397–1405.
  • Haney López, Ian F.:
    1996 White by Law: The Legal Construction of Race. New York: New York University Press.
  • Harrison, Faye V.:
    1995 The Persistent Power of “Race” in the Cultural and Political Economy of Racism. Annual Review of Anthropology 24: 47–74.
  • Harrison, Faye V., ed.:
    2005 Resisting Racism and Xenophobia: Global Perspectives on Race, Gender, and Human Rights. Walnut Creek, CA: Altamira Press.
  • Jacobson, Matthew Frye:
    1998 Whiteness of a Different Color: European Immigrants and the Alchemy of Race. Cambridge, MA: Harvard University Press.
  • Livingstone, Frank:
    1962 On the Nonexistence of Races. Current Anthropology 3: 279–281.
  • Marks, Jonathan:
    2010 The Two 20th-Century Crises of Racial Anthropology. In Histories of American Physical Anthropology in the Twentieth Century. Michael A. Little and Kenneth A. R. Kennedy, eds. pp. 187–206.
  • Mills, Charles W.:
    1997 The Racial Contract. Ithaca and London: Cornell University Press.
  • Mukhopadhyay, Carol C., and Yolanda T. Moses:
    1997 Reestablishing “Race” in Anthropological Discourse. American Anthropologist 99: 517–533.
  • Mukhopadhyay, Carol C., Henze, Rosemary, and Yolanda T. Moses:
    2007 How Real Is Race: A Sourcebook on Race, Culture, and Biology. Lanham, MD: Rowman and Littlefield Education Press.
  • Mullings, Leith:
    2005 Interrogating Racism: Toward an Antiracist Anthropology. Annual Review of Anthropology 34: 667–693.
  • Painter, Nell Irvin:
    2010 The History of White People. New York: W. W. Norton and Company.
  • Roediger, David R.:
    1999 The Wages of Whiteness: Race in the Making of the American Working Class. Rev. edition. London: Verso.
  • Roediger, David R.:
    2008 How Race Survived U.S. History: From Settlement and Slavery to the Obama Phenomenon. London: Verso.
  • Smedley, Audrey:
    2007 Race in North America: Origin and Evolution of a Worldview. 3rd edition. Boulder: Westview Press.
  • Snowden, Frank M., Jr.:
    1983 Before Color Prejudice: The Ancient View of Blacks. Cambridge, MA: Harvard University Press.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤