الفصل الثالث والثلاثون

من انتسب إلى تطيلة من أهل العلم

عبد الله بن محمد الفهري كانت له رحلة، نقل ابن الأبار القضاعي عن ابن حبيش قال: كان عالمًا فاضلًا، صالحًا دينًا، من الحفاظ المتقدمين. وأبو عبد الله بن محمد بن عيسى بن القاسم الصدفي، سكن بآخرة مدينة فاس، سمع أبا علي بن سكرة الصدفي، ولازم مجلسه لسماع الحديث، ومسائل الرأي، وكان فقيهًا عارفًا بالوثائق، أديبًا شاعرًا، استكتبه ابن الملجوم في قضائه بمكناسة، واستخلفه، وتوفي سنة ٥٢٩، عن ابن الأبار. وأبو حفص عمر بن محمد بن إسماعيل الزاهد المعروف بالترفي، روى بالمشرق عن أبي القاسم بن الصقلي، توفي سنة ٣٧٩.

وسكن تطيلة من العلماء عبد الرحمن بن الحسين، روى عن عبد الله بن محمد بن يحيى ابن عبد العزيز بن الخراز صاحب الصلاة بقرطبة. وأبو عبد الله محمد بن عيسى المعروف بابن لبريلي من أهل تطيلة وقاضيها. له رحلة إلى المشرق حج فيها سنة ٣٨١، ولقي مشيخة المصريين، وأخذ عنهم، وكان موصوفًا بالعلم والصلاح، والعفة والشجاعة، والجهاد بثغره. وخرج مع المهدي محمد بن هشام لنصرته، فقتل بعقبة البقر، في صدر شوال سنة ٤٠٠، عن ابن بشكوال.

وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد بن موسى بن نعم الخلف الرعيني، من أهل تطيلة، سمع بسرقسطة من القاضي أبي الوليد الباجي، وكان قد رحل حاجًّا فلقي بمكة أبا معشر الطبري، وبالإسكندرية أبا الفتح السمرقندي، وكان مولده سنة ٤٤٣، وتوفي سنة ٥٠٧ في أوريولة، قاله ابن بشكوال. وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن مطرف البكري، يروي عن أبي العباس أحمد بن أبي عمر المقري، وأبي الوليد الباجي، وأبي علي بن المبشر، والحصري وغيرهم، توفي بالميرته سنة ٥٢١، عن ابن بشكوال. ووليد بن خطاب بن محمد، سمع من أبي بكر التجيبي وغيره، وله رحلة إلى المشرق كتب فيها عن أبي سعيد الماليني، وعن جماعة سواه. وكانت له عناية بالحديث وكان ثقة، رواه ابن بشكوال. وأبو بكر يحيى بن زكريا بن محمد الزهري القرشي، روى ببلدة تطيلة عن عبد الله بن بسام وغيره، وحدّث عنه الصاحبان وقالا: كان رجلًا صالحًا، رحمه الله.

وأبو الحسن داود بن إسماعيل المكتب، حكى عنه أبو عمرو البلجيطي١ ترجمه ابن الأبار وأبو جعفر أحمد بن علي بن غزلون الأموي، روى عن أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، وهو معدود من كبار أصحابه، وكان من أهل الحفظ والذكاء، وتوفي بالعدوة في نحو ٥٢٠ قاله ابن بشكوال. وحوشب بن سلمة، قال ابن عميرة: تطيلي منسوب إلى بلدته، ولي قضاءها، ومات بها في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن.

وأبو الوليد حيون بن خطاب بن محمد، يروي عن أبي العاصي حكم بن إبراهيم المرادي، وأبي محمد بن ارفع رأسه، وسهل بن إبراهيم الأستجي وابن الهندي وابن العطار، وله رحلة إلى المشرق حج بها، ولقي الداودي والقابسي، والبراذعي، وله كتاب جمع فيه أسماء الرجال الذين لقيهم، حدّث عنه محمد بن سمعان الثغري.

وزكريا بن الخطاب بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن حزم الكلبي محدث، من أهل تطيلة، رحل إلى المشرق حاجًّا سنة ٢٩٣، فسمع بمكة كتاب النسب للزبير بن بكار، من الجرجاني، وروى موطأ مالك بن أنس، رواية أبي المصعب الزهري، فكان الناس يأتون إلى تطيلة للسماع منه. وعمر بن يوسف بن موسى بن فهد بن خصيب بن الإمام، تطيلي، توفي سنة ٣٣٧. ونعم الخلف بن أبي الخصيب، يكنى أبا القاسم، من أهل تطيلة، كان محدثًا، شاعرًا، زاهدًا، مرابطًا، غازيًا، قتل شهيدًا سنة ٣٩٨، ذكره ابن عميرة في بغية الملتمس. وعامر بن مؤمل، بالميم، وقيل موصل، بالصاد، ابن إسماعيل بن عبد الله بن سليمان بن داود بن نافع اليحصبي، يكنى أبا مروان، محدث من أهل تطيلة، مات في أيام الأمير عبد الله بن محمد الأموي. ومحمد بن علي بن محمد بن شبل بن كليب بن معشر بن عبد الله القيسي. وسعيد بن هارون بن عفان بن مالك بن عبد الله، اليحصبي التطيلي محدث، له رحلة. ذكره محمد بن حارث الخشني عن ابن عميرة.

وإلى الشمال من تطيلة مدينة «الفاره».٢

هوامش

(١) نسبة إلى بلجيط من عمل سرقسطة إلى الجنوب منها، والأسبان يقولون لها «بلشيت» beichite، وقد ذكر ياقوت في المعجم بلدة من نواحي سرقسطة اسمها «بلطش» بفتح الطاء والشين معجمة، وقال: إن لها نهرًا يسقي عشرين ميلًا. ولم نتحقق اسمها بالإسبانيولي.
(٢) Alfaro وهي من المدن التي كانت للعرب. قال ياقوت: فارة بالراء المشددة والهاء بلفظ قولهم: امرأة فارة، أي هاربة. مدينة في شرقي الأندلس، من أعمال تطيلة ا.ﻫ. جاء في دليل بديكر أنها مدينة قديمة سكانها اليوم ستة آلاف نسمة.
ومما ذكره جغرافيو العرب من أعمال تطيلة «فاجرة» قال ياقوت: بكسر الجيم والراء مهملة، مدينة في شرقي الأندلس من أعمال تطيلة هي اليوم بيد الإفرنج. قلت هي بلدة قديمة كان يقيم بها الملوك وفيها أديار وكنائس ولفظها عند الإسبانيول Najera كما هو عند العرب.
وقالوا إن من أعمال تطيلة أرنبط، قال ياقوت: بضم أوله مدينة في شرقي الأندلس من أعمال تطيلة، مطلة على أرض العدو، بينها وبين تطيلة عشرة فراسخ، وبينها وبين سرقسطة سبعة وعشرون فرسخًا. قال ابن حوقل: هي بعيدة عن بلاد الإسلام ا.ﻫ. قلنا: إلى الشمال من تطيلة، ضاربة في الأرض التي كانت يومئذ للعدو، «أوليت» وفيها مساكن لملوك نبارة، فهل هذه هي التي يقال لها «أرنيط» أو الراء فيها محرفة عن الواو وهي «أونيط» على أنها إقليم قلعة أيوب ودروقة، وفي دليل بديكر ذكر بلدة اسمها «أرنيدو» على ٣٠ كيلومترا من «كلهرة» فالأقرب أن أرنيط هي هذه.
وذكروا أيضًا من أعمال تطيلة «بقيرة» قال ياقوت: بينها وبين تطيلة أحد عشر فرسخًا. فهل هي «أقيلة» Aguila التي بقرب تطيلة من جهة الشرق وقد حرفها العرب إلى «بقيرة»؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤