مرة أخرى
في صباح اليوم التالي جلس الأصدقاء يتحدثون عمَّا حدث … قالت «لوزة»: لقد كان لغزًا معقدًا حقًّا!
تختخ: إنني أسمِّيه القضية الكبرى … فهو مكونٌ من ثلاث مشاكل متصلة … الولد المخطوف … السيدة المختفية … النقود التي استولت عليها …
نوسة: شيءٌ غريبٌ!
عاطف: والأغرب منه أن يحاول الشاويش حل اللغز بعيدًا عنا … فيقع في مطب شديد، ولولا مساعدتنا له … لكانت كارثة!
تختخ: لقد كانت مراقبتك للمنزل تلك الليلة ذات فائدة كبرى … فعندما عرفت أن السيدة لم تستأجر الشقة لمدة طويلة أدركت أن استنتاجاتي كانت صحيحةً، وهكذا استطعنا السير في القضية حتى النهاية …
نوسة: ولكن لم نساعد الشاويش «علي» في القبض عليها …
ولم تكد «نوسة» تذكر اسم الشاويش حتى ظهر على باب الحديقة، محمر العينين، وقد انتكس شاربه الذي يقف عليه الصقر … كان واضحًا أنه لم ينم طويلًا، وقد اعترف بهذه الحقيقة عندما جلس في تعبٍ وإرهاقٍ وقال: إنني لم أنم طول الليل … وقد أبلغت رؤسائي بالحقائق التي توصلتم إليها …
عاطف: وقلت طبعًا إنك أنت الذي فعلت كل شيءٍ!
صاح «تختخ» محذرًا «عاطف»: لا داعي لهذا الكلام يا «عاطف»، لقد ساعدنا الشاويش كأصدقاء … والأصدقاء لا يمنون بما يفعلون …
الشاويش: إنني أشكركم … ولكني ما زلت في حاجة إلى مساعدتكم مرة أخرى …
انتبه الأصدقاء، ومضى الشاويش يقول: إنني أريدكم أن تشاركوا في البحث عنها … فقد كانت استنتاجاتكم عنها صادقة … وبقى أن تحاولوا أن تعرفوا أين هي الآن …
محب: ولكنها ليست مسألة استنتاجات هذه المرة يا حضرة الشاويش، إنها مسألة جهدٍ لابد أن يبذل …
تختخ: إنني أتصور أن هناك بعض استنتاجات يمكن أن تؤدي إلى القبض عليها … نظر الشاويش إلى «تختخ» باهتمام فقال: ليضع كل واحد منكم نفسه مكان الممثلة التي أخفقت، لقد حصلت على ثلاثة آلاف جنيه ولكنها نقود الحكومة، وعليها علامات بالطبع، وهي تعلم هذه الحقيقة!
الشاويش: نعم عليها علامات خفية وقد قُلنا لها عليها!
تختخ: وهل تحاول التخلص من هذه النقود فورًا … واستبدالها بنقود أخرى ليس بها علامات؟
نوسة: طبعًا!
لوزة: طبعًا!
تختخ: فكيف تتخلص من هذه النقود؟
ساد صمت قصير فقال «تختخ»: إنها طبعًا لن تذهب إلى أحد البنوك، فهي تعلم أن الشرطة ستبلغ جميع البنوك!
محب: معقول!
الشاويش: معقول جدًّا!
تختخ: والحل؟
لوزة: أن تشتري شيئًا يساوي ثلاثة آلاف جنيه، ثم تبيعه!
تختخ: تمامًا … ولو بخسارة … فما هو الشيء الذي يمكن شراؤه فورًا بهذا المبلغ وبيعه بعد ذلك سريعًا؟
استغرقوا جميعًا في التفكير لحظات وقال الشاويش: تشتري أقمشة مثلًا …
تختخ: إن هذا يستغرق وقتًا طويلًا … فلكي تشتري أقمشة بثلاثة آلاف جنيه لابد أن تقضي يومًا أو يومين وربما ثلاثة أيام!
نوسة: تشتري مجوهرات أو ذهب!
تختخ: بالضبط … ولكن شراء المجوهرات وبيعها في نفس اليوم قد يلفت إليها الأنظار … إلا …
الشاويش: إلا ماذا؟
تختخ: إلا إذا باعتها في بلد آخر …
الشاويش: مثل؟
تختخ: مثل الإسكندرية، فنحن في موسم الصيف … وهي لن تبتعد كثيرًا عن الأضواء والتمثيل … وأرجِّح أنها سافرت إلى هناك حيث باعت المجوهرات … وبدأت تحاول التمثيل، أو تكوين فرقة مسرحية …
لم يكد الشاويش يسمع هذا الكلام حتى قفز من مكانه خارجًا … ولكن «تختخ» قال: اسمع يا حضرة الشاويش … اسألوا أيضًا في متاجر السيارات … فمن الممكن أن تشتري سيارة تسافر بها إلى الإسكندرية ثم تبيعها هناك … بعد أن تركبها فترة، إنها ميالة إلى التظاهر … والسيارة تمنحها الإحساس بالأهمية والثراء …
وطار الشاويش …
وجلس الأصدقاء يستكملون حديثهم …