الملك «بسمتيك الثاني»

بسمتيك الثاني نفر-أب-رع
يقول «مانيتون»: إن هذا الملك حكم ست سنوات، وفي رواية أخرى سبع عشرة سنة (راجع Unger Chronologie des Manetho, P. 271).
والرقم ست سنوات جاء فيما رواه «أفريكانوس»، والرقم ١٧ جاء فيما رواه المؤرخون الآخرون الذين نقلوا عن تاريخ «مانيتون». أما «هردوت» فيقول: إنه حكم ست سنوات (راجع Herod. II chap. 161). والآثار التي عثر عليها حتى الآن تؤكد ما قاله «أفريكانوس» و«هردوت» (راجع Wiedemann, Aegypt. Gesch, P. 602 & 604; Maspero, Hist. III, P. 54, Note 3; L. R. IV P. 92). ويقول «جوتييه»: إن أعلى تاريخ لحكم الملك «بسمتيك الثاني» هو السنة السابعة (راجع Ibid. P. 92, Note 4)، وما كتب عنه في قصة «بتيسي».

(١) حالة البلاد في عهده وسياسته

مات الملك «نيكاو» عام ٥٩٤ق.م ما بين ٤ مايو و٢٣ نوفمبر، وتولى زمام الحكم بعده ابنه «بسمتيك الثاني»؛ وتدل الأحوال على أنه سار في أعقاب سياسة والده، وقد كان أهم ما وجه إليه عنايته هو بالمحافظة على حدود بلاده من جهة الشمال، ثم من جهة الجنوب، والظاهر أنه لم يكن إلا مدافعًا عن حدود مصر في هاتين الجهتين، كما يظهر ذلك مما بقي لنا من الآثار التي عثر عليها حتى الآن.

وقد تحدثنا عن رحلته إلى بلاد «سوريا»، ثم نفصل القول عن حروبه مع بلاد الكوش كل في موضعه.

(٢) آثار بسمتيك الثاني

  • (١)
    رشيد: وجدت قطعة حجر عليها اسم الملك «بسمتيك الثاني» في بلدة «رشيد» (راجع Wiedemann, Geschichte P. 634).
  • (٢)
    دمنهور: يقول «ماسبرو»: إنه في عام ١٨٨٣م وجد الأثري «بركش» تابوتًا في قرية بالقرب من «دمنهور»، وقد نقل إلى متحف «بولاق» (رقم ٦٠٢٩)، ويقول «ماسبرو»: إنه تابوت الملك «بسمتيك الثاني». وحوض هذا التابوت من الحجر الرملي، وقد صنع صنعًا خشنًا ويبلغ ارتفاعه ٧٥ سنتيمترًا، وطوله ١٫٧٥ مترًا وعرضه ٧٨ سنتيمترًا، وقد لوحظ أن داخله قد حفر بسرعة؛ لأجل أن توضع فيه المومية، وليس عليه زينة أو أشكال عند القدمين والرأس. كما هي العادة. وقد رسم على الجانبين الطويلين للتابوت بعض مناظر جنازية باسم «بسمتيك الثاني» (راجع A. Z. Band, XXII P. 79).

    والواقع أن هذا الأثر هو قاعدة مجوفة من حجر «الكوارتسيت» لفرس البحر المقدس، (؟) وليس بتابوت كما يقول «ماسبرو»، والمتن الذي نقش عليه جاء فيه اسم الملك «بسمتيك الثاني».

    وتدل شواهد الأحوال على أن هذا التابوت لم يكن للملك «بسمتيك الثاني»، وذلك على الرغم من أنه يشمل صورة هذا الملك وطغراءاته. والاستنباطات التي أريد استخلاصها من صغر حجم هذا التابوت (وهي القائلة: إنه للملك «بسمتيك الثاني»؛ بسبب الادعاء بأن الملك «بسمتيك الثاني» كان قصير القامة، وأنه مات في غير أوانه) تعتبر غير مقبولة. (راجع Porter & Moss, IV P. 49: L. R. IV P. 97 Note 2)؛ لأنها ترتكز على أساس علمي واضح.
  • (٣)
    الإسكندرية: وجدت قطعة حجر في الإسكندرية، وهي جزء من تمثال جالس من حجر البروفير الأحمر (راجع Porter & Moss IV P. 270). وقد نقش عليها اسم هذا الملك.
  • (٤)
    نقراش: (راجع Petrie, Naukrates I PL. XXXVIII No. 184). وجد في «نقراش» (تل جعف) جعارين عليها لقب هذا الفرعون وهو «نفر أب رع».
  • (٥)
    تانيس: (راجع Petrie, Tanis I. P. XII No. 25). عثر «بنري» على جزء من قرص من الفخار المطلى عليه لقب هذا الفرعون في حفائر «تانيس».
  • (٦)
    الأشمونين: مفصلة باب من البرونز منقوش عليها اسم «بسمتيك الثاني» (راجع Brugsch, Recueil 1, X, 7).
  • (٧)
    دفنه (أدفينا): عثر «بتري» في «أدفينا» على خاتم مصنوع من الجبس، نقش عليه اسم «بسمتيك الثاني» (راجع Petrie, Tanis II, XXXVI, 3.)
  • (٨)
    نهاية Naharieh: على بعد بضعة أميال من جنوب «سايس» (صا الحجر)، تقع على الشاطئ الغربي من النيل قرية «نهارية»، وفيها عثر على أحجار أثرية كثيرة من معبد قديم، وعليها اسما الملك «بسمتيك الثاني» والفرعون «حفرة». (راجع L. D, Texte III. P. 4)، وقد عثر على هذه الأحجار الأثري «لبسيوس» في أكتوبر سنة ١٨٤٢.
  • (٩)
    أتريب (بنها الحالية): عثر في خرائب «أتريب» الحالية على خاتم كاهن، عليه اسم «بسمتيك الثاني» (راجع Brugsch, Recueil I, X 6).
  • (١٠)
    هليوبوليس: عثر في حفائر عملت في خرائب مدينة «بومبي» على مائدة قربان محفوظة الآن في متحف مدينة «نابولي». راجع A. Z. VI P. 85. وهذه المائدة مصنوعة من البازلت وقد جاء عليها النقش التالي:

    إن حور (المسمَّى) رع ثابت القلب، وحور الذهبي (المسمَّى) مرقي مصر، ونفر أب رع (رع القلب) «بسمتيك» يأتي إليك يا «آتوم» يا سيد «هليوبوليس»، إنه يقدم لك عين حور ويمجد «بسمتيك» بن رع يا «آتوم» يا سيد «عين شمس»، ومعه إناءان «شست»، حاملًا إليك تمثالك في «هليوبوليس»، وإنه يمنحك أعيادًا ثلاثينية عديدة جدًّا على عرش حور مثل رع أبديًّا.

    وكذلك عثر على قاعدة تمثال «بولهول» من الجرانيت الرمادي الأسود، ومن المحتمل أنها مستخرجة من مدينة «عين شمس» أو «سايس» عاصمة الأسرة السادسة والعشرين، وقد نقش عليها المتنان التاليان:
    • الجهة اليمنى للقاعدة: يعيش حور (المسمى) كامل القلب، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (المسمَّى) «نفر أب رع»، بن «رع» (المسمى) «بسمتيك»، مثل رع محبوب الأم الإلهية يحتمل أنه يقصد هنا الإلهة «نيت» معبودة «سايس» التي ذكرت على الجهة اليسرى …
    • الجهة اليسرى: يعيش «حور» (المسمى) سليم القلب، ملك الوجه القبلي (والوجه البحري) نفر أب رع، بن رع (المسمى) بسمتيك، مثل رع محبوب الإلهة «نيت» وهو الإله الكامل ضارب بلاد شثت (شسمث؟) ومخرب قوم «أونو» (؟) ومن خوفه يفنى قوم «بندوقدو»، معطي كل الحياة والثبات والقوة والسرور مثل رع أبديًّا.
    ويلحظ أنه ليس أمامنا شيء كثير نستخلصه من المتن الذي على الجزء الأيمن من القاعدة؛ وذلك لأن التهشيم في هذا الجزء قد بدأ في الجزء الذي كان يمكن أن نستنبط منه أشياء. أما المتن الذي على الجزء الأيسر فقد حفظ لنا، ويمكن أن نستخلص منه بعض الحقائق الهامة، وذلك أن النعت «ضارب سثت (أو شسمت) يوحي بأنه كان هناك حملة حربية قام بها «بسمتيك الثاني» في فلسطين أو «سوريا» أو «فنيقيا». وكلمة «سثت» تعني قوم الآسيويين، والواقع أنه في العام الرابع من حكم الملك «بسمتيك الثاني». هذا (حوالي ٥٩١ق.م) زار هذا الفرعون بطريق البحر على ما يظن محراب بلدة «ببلوص»، الذائع الصيت في رحلته إلى بلاد «خارو»، التي صحبه فيها كهنة «آمون»، وهذه الرحلة كما يقول المتن الذي ذكرت فيه وتحدثنا عنها فيما سبق في قصة بتيسي، توحي بأنها كانت بمثابة حج ديني لا حملة حربية، على أنه ليس لدينا ما يمنعنا على حسب ما جاء في المتن الذي نحن بصدده، من أن هذا الفرعون قد قام بحملة حربية فعلًا على هذه البلاد، وبخاصة عندما نعلم أن الملك «نبوخد نصر» البابلي كان يفكر في مشاريع عدوانية، تهدد مركز مصر في بلاد «فنيقيا»، وعلى ذلك فإن النعت «ضارب الآسيويين» قد يحملنا على الظن أن هذه الرحلة كانت دينية، وفي الوقت نفسه حربية وسياسية. يضاف إلى ذلك عبارة «بندوقدو» تدل على قول أفريقيين، ومن ثم نجد أن «بسمتيك الثاني» أراد أن يدون على قاعدة تمثاله هذا أنه هزم الآسيويين والسودانيين في مدة حكمه، وهذا ما يتفق مع الحقائق التاريخية التي ذكرناها في هذا المؤلف كما سيأتي بعد (راجع A. S. XXXIV P. 129 ff).
  • (١١)
    لتوبوليس (أوسيم): عثر الأثري «أحمد كمال» على قطعة حجر من تمثال في «أوسيم» مركز «إمبابه»، نقش عليها اسما ملكين أولهما «نيكاو» والثاني هو «بسمتيك الثاني»، والظاهر أن هذا التمثال كان قد أهداه «بسمتيك الثاني» لوالده نيكاو (راجع A. S. IV P. 92).
  • (١٢)
    أبو صير (بالقرب من سقارة): عثر على قطع من الحجر عليها اسم «بسمتيك الثاني» في «أبو صير» (راجع Porter & Moss, III P. 99).
  • (١٣)
    تل بسطة: عثر في «تل بسطة» على لوحة خاصة بهبة قطعة أرض في السنة الثانية من حكم الفرعون «بسمتيك الثاني». (راجع A. S. XI P. 192). وهذه اللوحة نحتت في الحجر الجيري، وارتفاعها ٥٨ سنتيمترًا، وعرضها ٣٢ سنتيمترًا، وهي مستديرة في جزئها الأعلى ونقشها ليس متقنًا. ويشاهد في الجزء الأعلى المستدير تحت قرص الشمس المجنح منظر، وقد سمي فيه «بسمتيك» بلقبه «نفر أب رع»، وقد مثل وهو يلبس التاج المزدوج، ويقدم رمز الحقل للإلهة «باستت» التي مثلت واقفة وبيدها ساق بردية، ونقرأ تحت ذراع الملك: يعطي الحقل لأمه «باستت» العظيمة ربة «بوبسطة». ونقرأ أمام الإلهة: كلام يقال بوساطة «باستت» العظيمة ربة «بوسطة» معطاة الحياة مثل رع أبديًّا. وتحت ذلك يأتي المتن الخاص بهبة الأطيان والمتن ليس من السهل قراءته بسبب رداءة كتابة الإشارات.
  • (١٤)
    المحلة الكبرى: عثر على قطعة من الجرانيت الأحمر في «المحلة الكبرى»، عليها طغراءان للملك «بسمتيك الثاني» بنيت في صهريج (راجع Daressy, Rec. Trav. XXXIII P. 162; Kamal. A. S VII P. 238; Ibid. VIII P. 2).

    ويدل ظاهر هذه القطعة على أنها كانت جزءًا من عمود باب ومنقوشة باسم الملك «بسمتيك الثاني»، ولكن بدلًا من كتابة أسماء هذا الفرعون على حسب الطريقة التي كانت متبعة وقتئذ؛ أي كتابة الألقاب مبتدئة بالاسم الحوري، ثم اسم السيدتين ثم اسم حور الذهبي واسم ملك الوجه القبلي والوجه البحري، وأخيرًا اسم ابن رع «بسمتيك»، فإن أسماء هذا الفرعون قد نظمت على حسب الأسلوب القديم، فنجد أن صورة قصر الملك قد رسمت يعلوها الصقر، ويحتوي على اسم «الكا»، وكذلك على لقب الفرعون موزعًا توزيعًا متوازيًا، ولدينا مثل هذا التوزيع في آثار كل من الملكين «نيوسررع» و«بيبي الثاني». ويلحظ أن الآثار العتيقة تعطي الأولوية للقبي ملك الوجه القبلي والوجه البحري والسيدتين. وعلى أية حال فإنا نجد في مثل هذه الكتابة رجوع الساويين إلى تقليد العهود القديمة بدرجة ملحوظة، وكان هذا هو هدفهم الأسمى.

  • (١٥)
    صا الحجر: يوجد جزء من تمثال من البازلت الأسود محفوظ الآن في «كمبردج» بمتحف «فيتزوليم» (راجع Remarks on some Egyptian Monuments in England (Yorke and Leake), PL. XIII Fig. 38, Texts Budge, A Catalogue of the Egyptian Collection in the Fitzwilliam Museum P. 112).
    وقد وجد اسم «بسمتيك الثاني» في «صا الحجر» على قطعتين من الحجر، غير أنه لا يمكن بوساطتهما الحكم على أن هذا الملك قد أقام مباني في هذه العاصمة. (راجع A. S. XLI P. 406).
  • (١٦)
    السويس: رأس تمثال ضخم من الحجر الرملي لتمثال قاعدة للملك «بسمتيك الثاني» ووجد معه بقايا نقوش عرش، ويقال: إنه قد عثر عليه في الطرف الجنوبي من «قناة السويس» (راجع Brit. Mus. Guide to the Egyptian Collection (1909) Fig. P. 259, (1930) P. 386 Fig. 212; Guide Sculpture (1909) P. 222 (803)).
  • (١٧)
    القاهرة: قطعة حجر من الجانب الأسفل لعمود، وقد مثل عليها منظران يمثلان «بسمتيك الثاني» واقفًا أمام الإله «آتوم»، ويتبعه روحه ومعه علم. عثر على هذه القطعة في القلعة (راجع Porter & Moss, Vol. IV P. 71).
  • (١٨)
    محاجر المعصرة: وجدت طغراءات الملك «بسمتيك الثاني» في محاجر المعصرة (راجع Vyse. Op. cit. III P. 102. Porter & Moss IV P. 74).
  • (١٩)
    أسوان: يوجد متنان على صخر عند سفح المرسى … إلخ (راجع L. R. IV P. 95). عليهما اسم الملك «بسمتيك الثاني».
  • (٢٠)
    وادي حمامات: نقش من السنة الثالثة من عهد الملك «بسمتيك الثاني» (راجع Les Inscriptions du Ouadi Hammamat P. 71 PI. XXIV).
    ويشاهد في هذا النقش صورة كبش جالس على قاعدة متجه بوجهه نحو اليمين ولابس تاجًا مركبًا، وأمامه طغراءات للفرعون «بسمتيك الثاني»، وأسفل من ذلك بقليل كتب كرة أخرى ولكن بصورة غير واضحة تمامًا طغراء هذا الفرعون؛ وأخيرًا نقرأ تحت صورة الكبش لقب الملك مرة ثالثة. وقد كتب اسم الملك هكذا: ابن الشمس (رب القوة بسمتيك) وملك الوجه القبلي والوجه البحري (مجمل الأرضين طيب القلب رع) (راجع كذلك L. D. III 275e).
  • (٢١)
    روما:  مسلة «كامبنس» أو «منتوشيتوريو» Campense or Monte Citorio Oblisk.
    باسم الملك «بسمتيك الثاني»، ويحتمل أنه أتى بها من «هليوبوليس» وأقيمت في «روما» عام ١٠ق.م أقامها «أغسطس» في «كامبس مرتيوس» Campus Martius بمثابة مزولة شمسية، وقد كشف عنها البابا «بندكت الرابع عشر» عام ١٧٤٩، وأقيمت من جديد في عام ١٧٩٢ ميلادية في بيازا دي منت شيتوريو Piazza di Monte Citorio، أقامها البابا «بيوس السادس» (راجع Porter & Moss, VII P. 411).
  • (٢٢)
    متحف القاهرة: ويوجد بمتحف القاهرة قطعتان من مسلة للملك «بسمتيك الثاني»، وهما من الجرانيت الأسود ويبلغ طولهما الحالي ١٥٢ سنتيمترًا و٢٠٨ سنتيمترات على التوالي، والجزء الأعلى منهما اشتُري من «الأقصر»، والجزء الأسفل وُجد في معبد الكرنك في الجنوب من البوابة الثامنة (راجع Catalogue General du Musée. Du cairè, Obelisques No. 17028 A et B. P. 57 et Pl. XV). وقد نقشت أوجهها الأربعة بأسماء «بسمتيك الثاني» الخمسة، وكذلك جاء عليها أن «بسمتيك» معطى الحياة قد عملها أثرًا له.
  • (٢٣)
    تونس: توجد بعض جعارين باسم «بسمتيك الثاني» في «تونس» في البرج الجديد (راجع Ibid P. 367).
  • (٢٤)
    لوحة «السربيوم»: هذه اللوحة محفوظة في متحف «اللوفر» الآن (راجع Chassinat, Rec. Trav. XXII, 1900 P. 169; Breasted A. R. IV § 984–988).
    نفهم من الاستنباطات التي نستخلصها من مضمون هذه اللوحة معلومات ثمينة عن مدة حكمي الملكين «نيكاو» و«بسمتيك الثاني». وعجل «أبيس» الذي احتفل به قد مات في اليوم الثاني عشر من الشهر الثامن من السنة الثانية عشرة من حكم الملك «إبريز»، وكان عمره عند وفاته سبع عشرة سنة وستة أشهر وخمسة أيام. ومن ثم نعلم أن حياته بدأت قبل تولية «إبريز» بمدة خمس سنوات وعشرة أشهر وثلاثة وعشرين يومًا. ولما كان هذا العجل قد وقع يوم ولادته في اليوم السابع من الشهر الثاني من العام السادس عشر من حكم «نيكاو»، فإن الفترة التي من أول تولية «نيكاو» عرش الملك حتى تولية الفرعون «إبريز» (أو بعبارة أخرى) حتى موت «بسمتيك الثاني» هي مجموع:
    ١٥ سنة ١ شهر ٧ أيام = ٢١ سنة فقط
    ٥ سنة ١٠ شهر ٢٣ يوم

    وعلى ذلك يكون مجموع حكم كل من «نيكاو» و«بسمتيك الثاني» هو واحد وعشرون سنة بالضبط. وقد جاء مؤكدًا لهذه النتيجة الكشف عن لوحة أخرى خاصة بالتبني في الكرنك، وهي لوحة «عنخنس نفر أب رع» التي عثر عليها «لجران» في معبد الكرنك، وسنتحدث عنها فيما بعد، وهذه اللوحة تضع أمامنا المقدمات التالية عن طول مدة حكم الملك «بسمتيك الثاني». ففي السنة الأولى من حكم «بسمتيك الثاني» في الشهر الحادي عشر في اليوم التاسع والعشرين، وصلت ابنته الأميرة «عنخنس نفر أب رع» إلى «طيبة»؛ لأجل أن تصبح ربيبة للزوجة الإلهية «نيتوكريس». وفي السنة السابعة من حكمه في الشهر الأول من نفس السنة في اليوم الثالث والعشرين مات الملك «بسمتيك الثاني»، وتذكر اللوحة كذلك أن ابنه «إبريز» تولى بعده الحكم. وكان موضوع التبني فكرة سياسية يقوم بعملها الفرعون دون أي تأخير، ومن ثم نكون في مأمن إذا استنبطنا أن «عنخنس نفر أب رع»، كانت قد وصلت إلى «طيبة» بعد فترة وجيزة من تولي «بسمتيك الثاني» الملك، وهو التاريخ الذي وقع متأخرًا في السنة التقويمية، وعلى ذلك تكون أولى سني حكمه لا تحتوي على أكثر من شهر أو شهرين. أما آخر سنة حكمها (وهي السنة السابعة)، فإنه لم يكن قد مر منها أكثر من ثلاثة وعشرين يومًا عندما توفي، وعلى ذلك يكون قد حكم فعلًا خمس سنوات وشهرين أو ثلاثة، ومن الواحد والعشرين عامًا التي حصلنا عليها فيما سبق بمثابة مجموع لمدة حكم الملكين «نيكاو» و«بسمتيك الثاني» على التوالي، يمكننا أن نستنبط أن حكم «بسمتيك الثاني» كان أكثر من خمس سنوات بقليل، ومن ثم يكون حكم «نيكاو» فعلًا ست عشرة سنة، وهذا يتفق مع الحقيقة القائلة: إن أعلى رقم لحكم «نيكاو» هو ست عشرة سنة (وذلك عندما كان العجل أبيس الخاص باللوحة قد ولد). وهذا يتفق مع ما جاء في «هردوت» الذي قال: إن حكم «نيكاو» هو ست عشرة سنة، وحكم «بسمتيك» ست سنوات.

  • (٢٥)
    لوحة «عنخنس نفر أب رع»: هذه اللوحة الهامة كشف عنها الأثري «لجران» في خبيئة الكرنك، وهي مصنوعة من المرمر ويبلغ ارتفاعها ٧٤ سنتيمترًا وعرضها ٤٢ سنتيمترًا وسمكها ١٣ سنتيمترًا، وهي محفوظة الآن بمتحف القاهرة وقد ترجمها وعلق على محتوياتها «ماسبرو» (راجع A. S. Tom. V P. 80–90). وكذلك ترجمها الأثري «برستد» (راجع BR. A. R. IV § 988 etc.). ويشاهد في الجزء الأعلى المستدير من اللوحة السماء ذات النجوم، وتحت السماء يرى قرص الشمس المجنح، ويدعى «بحديتي» الإله العظيم رب السماء صاحب الريش المبرقش الخارج من الأفق معطى الحياة. وأسفل من ذلك منظران أحدهما على اليسار والآخر على اليمين. والمنظر الذي على اليسار: نشاهد ملك الوجه القبلي والوجه البحري (واح أب رع) معطى الحياة والثبات والحكم كلها مثل رع؛ ويرتدي على رأسه التاج المزدوج، ويقبض بيده اليسرى على المقمعة وعصا وضع الأساس، ويمد يده اليمنى نحو آمون: «آمون رع» رب عرش الأرضين ورب السماء يقبض في يده على علامات الثناء والمديح. ويشاهد الإله مادًّا يده ليسلم للفرعون السيف «خبش». ويرى أمامه سطران عموديان من النقوش جاء فيهما:

    (١): كلام يقال: إني أعطيك كل الوجه القبلي والوجه البحري، وكل الأراضي الأجنبية أبديًّا (٢) كلام يقال: إني أعطيك … وعيدسد (العيد الثلاثين).

    وخلف آمون نشاهد الإلهة «موت» العظيمة. وفي المنظر الذي على اليمين نشاهد زوج الإله «عنخنس نفر أب رع» معطاة الحياة أبديًّا. لابسة ثوبًا فضفاضًا ومرتدية تاج «نمس» الذي يعلوه الريشتان، وهي تحرك في يديها صناجتين مختلفتين أمام «آمون رع» ملك الآلهة والإله العظيم، وأمام الإله «خنسو» في «طيبة» «نفر حتب» معطي كل الحياة والثبات والحكم. وتلبس حذاء ويتبعها المدير العظيم للبيت (المسمى) «شيشنق» برأس حليق، وفي قدميه حذاء، ويلبس قميصًا طويلًا وفي يده اليمنى مروحة. ويشغل الجزء الذي أسفل هذين المنظرين متن مؤلف من خمسة عشر سطرًا، وهاك ترجمتها:

    السنة الأولى الشهر الثالث من فصل الصيف اليوم التاسع والعشرين من الشهر في عهد جلالة حور (المسمى) سليم القلب، والسيدتان (المسمى) قوي الساعد، وحور الذهبي (المسمى) مجمل الأرضين، ملك الوجه القبلي والوجه البحري (المسمى) (نفر أب رع) بن رع (المسمَّى) «بسمتيك» معطي الحياة.

    في هذا اليوم وصلت ابنة الملك «عنخنس-نفر-أب-رع» إلى «طيبة». وقد خرجت أمها الزوجة الإلهية «نيتوكريس» العائشة لترى جمالها. وذهبا سويًّا إلى بيت «آمون»، وبعد ذلك قيدت الصورة المقدسة من بيت «آمون» إلى … لأجل أن تعمل لقبها كما يأتي: العظيمة المديح (الكاهنة العظيمة) في بيت «آمون»، والتي تحمل الأزهار في القصر … الخاص ﺑ … «آمون»، وكاهن «آمون» الأول، وابنة الملك «عنخنس-نفر-أب-رع»، عندما كانت في حضرة والدها «آمون رع» سيد «طيبة» والمشرف على الكرنك.
    • موت «بسمتيك الثاني»: في السنة السابعة الشهر الأول من الفصل الأول في اليوم الثالث والعشرين صعدا هذا الإله الطيب، رب الأرضين، «بسمتيك الثاني» إلى السماء. وقد انضم إلى قرص الشمس، والأعضاء المقدسة مختلطة بمن سواه. وبعد ذلك توج ابنه في مكانه (وهو) «حور» (المسمَّى): مطمئن القلب، والسيدتان (المسماة) سيد القوة، و«حور الذهبي» (المسمى) مخضر القطرين، ملك الوجه القبلي والبحري (المسمَّى) خعع أب رع، وابن «رع» (المسمَّى) «واح أب رع» (= «إبريز») العائش.
    • موت «نيتوكريس» ودفنها: «السنة الرابعة الشهر الرابع من الفصل الثالث (فصل الصيف)، من عهد جلالة هذا الملك صعدت المتعبدة الإلهية «نيتوكريس» إلى السماء، وانضمت إلى رع والأعضاء المقدسة اختلطت بمن خلقها. وعملت لها ابنتها الكاهن الأكبر «عنخنس نفر أب رع» كل ما يعمل لكل ملك ممتاز. والآن بعد مضي اثني عشر يومًا على هذه الحوادث في الشهر الرابع من الفصل الثالث اليوم الخامس عشر، ذهبت ابنة الملك الكاهن الأكبر «عنخنس نفر أب رع» إلى بيت آمون ملك الآلهة، في حين كان الكهنة خدام الإله والكهنة آباء الآلهة والكهنة المطهرون، والكهنة المرتلون وكهنة الساعة بمعبد آمون، خلفها، والسمار العظام كانوا أمامها، وقد أدى لها كل الشعائر العادية الخاصة بمصاحبة المتعبدة الإلهية لآمون إلى المعبد بوساطة الكاتب المقدس، وتسعة من الكهنة المطهرين من هذا البيت، وقد وضعت على نفسها كل التعاويذ والزينات الخاصة بالزوجة الإلهية، والمتعبدة الإلهية متوجة بريشتين، والتاج الذي على رأسها لأجل أن تكون ملكة لكل ما تحيط به الشمس.
    • ألقاب «عنخنس نفر أب رع»: وقد ألفت الألقاب كما يأتي: الأميرة الوراثية والحاكمة والعظيمة في ظرفها، والعظيمة الحظوة، سيدة الرقة، حلوة الحب ملكة كل النساء، الزوجة الإلهية، والمتعبدة الإلهية (حكنفروموت) ويد الإله «عنخنس نفر أب رع» العائشة، وابنة الملك سيد الأرضين «بسمتيك الثاني».
    • حكم «عنخنس نفر أب رع»: لقد عمل لها كل ما كان معتادًا عمله من شعائر، وكل الأحفال كما عمل للإلهة «تفنوت» في البداية. وقد أتى إليها الكهنة خدام الإله والكهنة آباء الإله، والكهنة الخارجون عن الهيئة المختصون بالمعبد في كل وقت، عندما كانت تذهب إلى بيت آمون في كل عيد ظهور له.

(٢-١) تعليق

وهذه الوثيقة الجديدة تمدنا بحقائق تاريخية غاية في الأهمية عن عهد الأسرة السادسة والعشرين، وبخاصة من حيث تأكيد بناء تأريخ هذه الأسرة، فهي تعد البرهان الفاصل في «بسمتيك الثاني» والد «عنخنس نفر أب رع»، كما تمدنا بتاريخ موت «بسمتيك الثاني»، ومن ثم نعلم مدة حكمه بوجه التأكيد، يضاف إلى ذلك أننا نعلم من متن هذه اللوحة أن «إبريز» هو ابن «بسمتيك الثاني»، كما نعرف من سياق النص تاريخ تبني «عنخنس نفر أب رع»، وتاريخ موت «نيتوكريس»، وأخيرًا عرفنا تاريخ تولي «عنخنس نفر أب رع» سلطتها الشرعية.

والواقع أن متن اللوحة يقص علينا وصول «عنخنس نفر أب رع» إلى «طيبة» في السنة الأولى من حكم والدها «بسمتيك الثاني»، وتبنيها هناك من «نيتوكريس»، كما حدث ذلك فيما سبق وتبنيت «نيتوكريس» من «شبنوبت الثانية» بوساطة المنشور، الذي أصدره «بسمتيك الأول» خاصًّا بذلك كما سبق شرحه. ومما يلفت النظر أنها عند الاحتفال بهذا التبني لقبت بالكاهن الأعظم لآمون. وبعد وصول «عنخنس نفر أب رع» بخمس سنين وتسعة وخمسين يومًا، مات والدها «بسمتيك الثاني»، وخلفه على عرش الملك «إبريز» ابنه، وفي السنة الرابعة من حكم هذا الفرعون الأخير؛ أي بعد مضي ثماني سنين وأربعة أشهر وعشرة أيام على تبني «عنخنس نفر أب رع» ماتت نيتوكريس. وبعد مضي اثني عشر يومًا على هذه الوفاة، خلفتها «عنخنس نفر أب رع» في وظيفتها، وقد بقيت فيها حتى عهد الملك «بسمتيك الثالث»، وكانت قد بلغت الثمانين من عمرها وقتئذ على أقل تقدير.

(٣) أسرة بسمتيك الثاني

(٣-١) زوجة «تخاوت»

تزوج الفرعون «بسمتيك الثاني» من امرأة تدعى «تخاوت»، وقد جاء ذكرها على تابوت ابنتها المتعبدة الإلهية «عنخنس نفر أب رع». ويقول جوتييه: الظاهر أنها ليست من دم كاهنات آمون «طيبة»؛ وذلك لأنه كان لا بد لابنتها أن تتبناها «نيتوكريس»؛ لأجل أن يكون لها حق الوراثة في ملك ولاية طيبة. (راجع L. R. IV P. 160)، غير أن هذا التبني ليس له علاقة بوراثة ملك طيبة في تلك الفترة.
وقد عثر أخيرًا على تابوت في بلدة بنها الحالية وهي «أتريب» القديمة، وجد عليه نقش كما وجد بداخله بعض حلي وتمائم جميلة الصنع، ويحتمل أنها نفس «تخاوت» زوج الملك بسمتيك الثاني، وهاك النقش الذي جاء على هذا التابوت:

قربان يقدمه الملك لأوزير أول أهل الغرب وللإله العظيم رب القوة؛ (؟) ليعطي قربانًا من البخور والعطور وكل شيء جميل، مما يعيش منه الإله إلى روح الأميرة الوراثية والسميرة الوحيدة سيدة اللطف والحلاوة والحب والزوجة الملكية «تخاوت» المرحومة.

(٣-٢) ابنته «عنخنس نفر أب رع»

تحدثنا عن لوحة تنصيب هذه الأميرة فيما سبق، وقد عثر لها على تابوت مستطيل الشكل من الحجر الجيري الأسود، وقد نقش على الجزء الخارجي من الغطاء صورة بارزة للملكة لابسة لباس الرأس الذي في صورة عقاب يعلوه قرص الشمس وقرنا الإلهة حتحور، ورشيتا الإله «آمون رع». وقد مثلت مرتدية ثوبًا فضفاضًا يصل إلى كعبيها، وتقبض في يدها على صولجان الحكم، وفي داخل الغطاء مثلت صورة الإلهة «نوت» في طول كل الغطاء، وفي قعر التابوت نفسه مثلت صورة «حتحور أمنتي». ويلحظ أن سطح رقعة التابوت كله في الخارج والداخل قد غطي بالنقوش المصرية القديمة، التي تحتوي على صلوات نقشت نقشًا بديعًا، وكذلك تحتوي على خطابات للمتوفاة، توجهها للآلهة المختلفين الخاصين بالأموات. وتدل شواهد الأحوال على أن جسم الأميرة قد نقل من التابوت في الأزمان القديمة جدًّا، ويحتمل أن ذلك قد حدث في عصر الملك «قمبيز» ثم حرق. وفيما بعد يظهر أن التابوت قد احتله كاتب ملك يدعى «امنحوتب بي منتو»، الذي حشر اسمه في طغراءات الملكة ومحا المقطع الدال على التأنيث في النقوش، ووضع مكانه ضمير المذكر؛ لأجل أن تعود الصلوات والدعوات التي على التابوت عليه هو. وقد عثر على التابوت في قعر حفرة تبلغ عمقها حوالي ١٢٥ قدمًا خلف معبد الرمسيوم في طيبة. وقد حمل هذا التابوت إلى «باريس»، ولكنه فيما بعد بيع للمتحف البريطاني، ويبلغ طوله ٦ أقدام و٥ بوصات وعرضه ٣ أقدام، و بوصة وارتفاعه ثلاث أقدام وثماني بوصات، ويبلغ وزنه من الأطنان (راجع A Guide to the Egyptian Galleries (Sculpture 1909) P. 224-225). والآثار الأخرى التي وجدت لهذه الأميرة أو التي تشير إليها (راجع Gauthier L. R. IV P. 101–103) لا تضيف كثيرًا إلى تاريخها أو إلى وظيفتها، ويدخل في ذلك الصورة التي نقلها لبسيوس (L. D. III, 2740)، وهي الصورة التي استخلص البعض منها أنها كانت زوجة الملك «أمسيس» الثاني، وهذه الفكرة لا ترتكز على أي أساس علمي. ولا أدل على ذلك من أنها لم تحمل قط لقبًا يدل على أنها كانت زوجة هذا الملك، والواقع أن ما جاء في هذه الصورة يدل على أنها كانت محبوبة لدى «أمسيس»، وأنه هو الذي قلدها وظيفتها، وعلى ما يحتمل بقيت تشغلها حتى نهاية الأسرة. وليس ببعيد أن الحوادث التي وقعت في أواخر الأسرة قد أشير إليها في المتون السحرية التي جاءت على تابوتها، وهي التعاويذ الخاصة بطرد الأقوام الأجنبية، وهي التعاويذ التي تجد فيها ذكر طرد سكان جزائر البحر الأبيض (Z 446) وكذلك الآسيويين (Z. 461/2, Z. 452/3, Z 442).

ومما يلفت النظر في نقوش هذا التابوت أن لقب «عنخنس نفر أب رع» وهو «حق موت نفرو» لم يذكر على التابوت، وقد كان ذلك ضروريًّا لإظهار مكانتها، والواقع أن الألقاب العادية التي كانت تحملها زوج الإله في هذه النقوش، وهي زوج الإله والمتعبدة الإلهية، ويد الإله كانت توجد بكثرة، ولكن لم تجد اللقب الرئيسي على تابوتها.

(أ) قيمة النقوش التي على تابوت «المتعبدة الإلهية»

Die Religiosen Texte auf Dem Sarg der Anchnesneferibre, Von Sander Hansen P. 1 ff.
إن النقوش التي وجدت على تابوت١ «عنخنس نفر أب رع» لا تقدم لنا في الواقع إلا معلومات قليلة جدًّا عن شخصية صاحبة هذا التابوت، كما هي العادة في مثل هذه المتون الدينية البحتة، غير أن المعلومات الخاصة التي تقدمها لنا نقوش التابوت، سواء أكانت قصيرة أم طويلة تعد نسبيًّا ذات أهمية عظيمة، فنجدها أنها تذكر في الصيغ القصيرة التي على التابوت أنها تدعى زوج الإله «عنخنس نفر أب رع» المرحومة، وأمها المرحومة زوج الإله والمتعبدة الإلهية «نيتوكريس» أو يد الإله «عنخنس نفر أب رع» المرحومة ابنة الملك رب الأرضين «بسمتيك» المروحوم، وابنة الملك رب الأرضين «بسمتيك» المرحوم أوزير الزوجة الإلهية «عنخنس نفر أب رع» المرحومة، وأمها الزوجة الإلهية «نيتوكريس» المرحومة. وفي الصيغ الطويلة التي على التابوت تدعى ابنة الملك رب الأرضين أوزير، التي ولدتها الزوجة الإلهية العظيمة «تاخوت». وفي رواية أخرى «تخاوتي» فكانت «عنخنس نفر أب رع»، كما هو معلوم في النقوش التي على غير هذا التابوت تدعى: ابنة الملك بسمتيك الثاني من زوجه الأولى «تاخوت»، وهي التي على ما نعلم لم تذكر في وثيقة أخرى، وهذه البيانات بالإضافة إلى تسمية زوج الإله «نيتوكريس» بوصفها أمها، وذكر بسمتيك بوصفه والدها قد سبب في وقت ما سوء فهم كبير إلى أن وضع الأمور في نصابها الأثري العظيم «ارمان» في مقاله عن التبني، كما تحدثنا عن ذلك في الجزء العاشر.
وكما ذكرنا من قبل تولت «عنخنس نفر أب رع» مهام وظيفتها في السنة الرابعة من حكم «إبريز»، ولقبت الزوجة الإلهية والمتعبدة الإلهية «حق موت نفروت»، وهذا اللقب الأخير يشبه الاسم الذي كانت تحمله الزوجة الإلهية «أمنردس» وهو (خع موت نفرو) (راجع Rec. Trav. 22, 126)، ومما يلفت النظر هنا أن هذا الاسم لم ينقش على تابوت «عنخنس نفر أب رع».

(ب) تمثال الزوجة الإلهية «عنخنس نفر أب رع»

وجد لهذه الأميرة تمثال من البازلت الأخضر يبلغ ارتفاعه ٧١ سم، وكان قد عثر على الجسم والقدمين والقاعدة أولًا، ثم عثر على الرأس فيما بعد في نفس خبيئة الكرنك (راجع Cat. Gen. Statues des Rois et de Particuliers III P. 13 ff):
والنقوش التي تغطي السطح العلوي للقاعدة وهي ما يأتي: البيضة الإلهية (= حتحور) الخارجة من الروح العظيمة والزوجة الإلهية التي اختارها والدها لآمون «موو ور» (الماء الأزلي)، والزوجة الإلهية والأميرة الوراثية والحاكمة والوزيرة وابنة الإله «جب» …
ونقش حول القاعدة: … الزوجة الإلهية (موت حكا نفرو) ويد الإله «عنخنس نفر أب رع» حورة (مؤنث لفظ حور)، العظيمة محبوبة آمون التي تسر الروح العظيم بشعائرها التي تقيمها لحبها له، والزوجة الإلهية المنضمة لآمون في قوة، ويد الإله الجميلة العينين عند المشاهدة والمتعبدة الإلهية لآمون ملك الآلهة العظام ربة السماء.
ونقش على ظهر التمثال في سطر عمودي: الأميرة الوراثية العظيمة سيدة الحظوة الفاخرة حلوة الحب، وسيدة كل ما يحيط به قرص الشمس والزوجة الإلهية الطاهرة اليدين التي تحمل الصناجتين لتسر آمون بصوتها، ويد الإله «عنخنس نفر أب رع» محبوبة آمون رب عروش الأرضين، ويلفت النظر في هذا التمثال أن أجزاءه مستديرة وبدينة، وهذا شيء نادر في الفن المصري، وهو من هذه الناحية يذكرنا بتمثال السيدة «تاكوشيت»، والظاهر أن هذا التمثال كان قد نحت بمناسبة حمل «عنخنس نفر أب رع» لقبي الزوجة الإلهية والمتعبدة الإلهية، وقد حدث ذلك في ١٦ مسرى من السنة الرابعة من حكم الملك «إبريز» كما ذكرنا ذلك من قبل (راجع Journal d’entrée du Musée du Caire No. 36750).
وقد عاشت «عنخنس نفر أب رع»، حتى آخر عهد الأسرة السادسة والعشرين (راجع A. S. VI P. 131-132) أي في عهد «بسمتيك الثالث». وكان المدير العظيم للبيت المسمى «شيشنق» معاصرًا لها (راجع Daressy, Cones 187, Tomb. Gardiner-weigall Topagraphical Cat, No. 27)، وكان والده من قبله يشغل نفس الوظيفة، واسمه «بدي نيت» (راجع Lady Meux, COll. No. 71). غير أن تاريخ تولية هذه الوظيفة ليس مؤكدًا؛ أي إننا لا نعرف في عهد مَنْ مِن عهود المتعبدات الإلهيات كان يشغل وظيفته (راجع Das Gottesweib des Amun P. 39)، وقبره معروف رقم ١٩٧ على الشاطئ الأيسر للنيل بطيبة الغربية.
وجاء اسم هذه الأميرة على جعران في مجموعة «بتري» (راجع Petrie, Hist. III P. 357 Fig. 148). راجع كذلك ما جاء عن هذه الأميرة في كتاب مس «بتلز» (راجع Miss Buttles, The Queens of Egypt P. 227-228; Guide British Museum (1909), Sculpture P. 225 No. 812).
ووجد لها نقش من الحجر الرملي في المُتْحَف البريطاني، والنسخة التي نقلها الأثري «بدج» لا بد خاطئة، ولا بد أن نقرأ «عنخنس نفر أب رع» (ابنة) «نيتوكريس»، ويشاهد أن المتعبدة الإلهية هنا يصحبها «شيشنق» المدير العظيم للبيت. وكذلك وجدت قطعة من الحجر الرملي محفوظة بالمُتْحَف البريطاني، عثر عليها في طيبة (راجع Guide, 1909, Sculpture P. 225, No. 813). وذكر «بدج» في كتاب الملوك أن لها لوحة صغيرة محفوظة بالمُتْحَف البريطاني (Book of the Kings II, P. 84 No. 907)، ويحتوي المُتْحَف البريطاني كذلك على تمثال صغير للإله «حربوخرات»، جاء عليه الزوجة الإلهية «عنخنس نفر أب رع» العائشة المحظوظة بالمحبة.
وأخيرًا جاء اسم هذه الكاهنة الأولى على قاعدة تمثال أهداه أحد موظفيها للإله «آمون رع»، وهذا التمثال محفوظ بالمُتْحَف البريطاني (Wiedemann Gesch. P. 198).

(٣-٣) نيت مري تس

هي ابنة الملك «بسمتيك الثاني»، وقد جاء اسمها على تمثال «نفر نفر أب رع». وهذا التمثال من الجرانيت الأسود، وقد مثل راكعًا ويحمل ناووسًا على قاعدة مكعبة الشكل، وقد ضاع الجزء الأعلى من هذا الناووس، وكذلك الجزء العلوي من التمثال. وكان في المقصورة تمثال إلهة يحتمل أنها الإلهة «نيت» وعلى جانبي الناووس نقشت أسماء أبناء «بسمتيك الثاني» غير أنها وجدت مهشمة، ونقرأ من بينها اسم الأميرة «نيت مري تس». واسم صاحب التمثال الذي مثل تحت أقدام الأمراء هو السمير الوحيد المشرف على المستودعات «نفر نفر أب رع»، وهو نفس الاسم الذي صادفناه على تمثال أوزير فيما سبق.

(٣-٤) أست خب

ونقرأ على نفس التمثال اسم ابنة أخرى وهي «است خب».

(٣-٥) ابناه

ترك «بسمتيك الأول» وراءه ولدين وهما:
  • (١) إبريز: (راجع Herod. II, 161).
  • (٢) بسمتيك: وقد وجد اسمه على التمثال السالف الذكر: الابن الملكي من جسده محبوبه «بسمتيك» (راجع L. R. IV P. 100).

(٤) عظماء الرجال في عصر بسمتيك الثاني

(٤-١) نفر نفر أب رع

كان «نفر نفر أب رع» يعد من أعظم الشخصيات في عهد الملك «بسمتيك الثاني»، وقد حدثنا عن نفسه في نقوش على تمثال للإله «أوزير» عثر عليه في سقارة، وهو مصنوع من البازلت الرمادي وقد وجد بدون رأس. ونقش على مقدمة قاعدته سطران جاء فيهما:

مربي ملك الوجه القبلي، مهذب ملك الوجه البحري سيد الأرضين «بسمتيك» عاش أبديًّا. المنشئ والمشرف على المستودع (المسمَّى) «حورارعا»، واسمه الجميل هو «نفر نفر أب رع» يقول: «يا أوزير أيها الإله العظيم بين الآلهة نجني من كل المتاعب التي أنا فيها؛ لأني طاهر الفم، ماهر، والناس يقولون لي: تعال تعال في سلام، بسبب ما يرى كل إنسان من أخلاق في، وإني أعرض بوجهي عن الذي لا قلب له، وإني حامٍ من يحمي المعوز من القوى. وإني أعرف أن الله منشرح من الذي يفعل ذلك.

وجاء على الجهة اليسرى من مقعد التمثال في أسطر من اليمين إلى الشمال ما يأتي

المشرف على المستودع «حورارعا»، واسمه الجميل «نفر نفر أب رع» يقول: يا أوزير يا أيها الإله العظيم بين الآلهة إني خادمك وإني أقتفي أثرك ولم أفعل قط ما تمقت. وإني أفرح بما تحبه ولقد أديت الاحترام لكل الناس. وإني آتي لك بدون خطيئة وبدون سيئة ولم أشهد زورًا، (؟) وعملت السعادة للناس والسرور للآلهة، وإني محمي بك يا سيدي. ولا يوجد تقرير ضدي أمام رب الرياسة، وإني ممدوح (إله مدينته) وخادمة الحقيقي الذي يمشي في أثره، والذي يدير احترام بلده وصلاح مقاطعته، مربي ملك الوجه القبلي ومنشئ ملك الوجه البحري رب الأرضين «بسمتيك»، حاضن بسمتيك، والمشرف على المستودعات «حور ارعا»، الذي اسمه الجميل «نفر نفر أب رع» مبسوط الراحة (الكريم) سخي العطايا، والذي يعمل الطيبات للناس دون أن يعوقه إنسان، ومن عزيمته تنفذ، ومن يعرفه كل شريف، ومن يعمل الخيرات للناس، ومن يستمر في العمل الذي يعمله، ومن جعله الإله فالحًا في الأرضين، ومن روحه وضاءة في الجبانة، ومن ذكراه حسنة في فم الأحياء.

وقد نقش حول القاعدة ما يأتي

كلام يقال: يا أوزير إن الأمير الوراثي والحاكم وحامل خاتم الوجه البحري والسمير الوحيد، ومنشئ ملك الوجه القبلي وحاضن ملك الوجه البحري رب الأرضين «بسمتيك» عاش أبديًّا، والمربي والمشرف على المستودع «حورارعا» الذي اسمه الجميل هو «نفر نفر أب رع» يأتي إلى جوارك يا سيده. وإنه قد عمل ما قاله الناس وما تبتهج له الآلهة وإنه قد أعطى خبزًا للجائع، وماءً للعطشان، وكساءً للعريان، فاجعل اسمه يفلح على الأرض مثل كل محظوظ عندك. المديح لوجهك يا أيها الإله العظيم رب العدالة. إن الأمير الوراثي والحاكم وحامل خاتم الوجه البحري والسمير الوحيد ومنشئ ملك الوجه القبلي، وحاضن ملك الوجه البحري رب الأرضين «بسمتيك» العائش أبديًّا، والمربي والمشرف على المستودعات «حورارعا» واسمه «الجميل» هو «نفر نفر أب رع» يأتي بجوارك وستقوده ليرى جمالك، وإنه يحضر لك العدالة وإنه يقصي عنك الشر، ولن يفعل ما يمقته الآلهة ولن ينهب القربات الخاصة بالمعابد، ولن يغتصب العبد من سيده.

تعليق

إن من ينظر بعين فاحصة في محتويات هذا المتن يمكنه أن يستنبط منه عدة حقائق غاية في الأهمية من الوجهات التاريخية والأثرية والاجتماعية. فالمتن أولًا يميط اللثام عن مكانة مربي الفرعون «بسمتيك الثاني» المسمى «حورارعا»، وما كان له من اتصال وثيق بالفرعون. فقد كان هذا العظيم يحمل لقب الإمارة كما كانت في يده مستودعات البلاد وخيراتها، هذا فضلًا عن أنه كان يقوم بحضانة الفرعون وتنشئته وتربيته، ولا يبعد إذن أنه كان بمثابة وصي على الفرعون، وبخاصة إذا صدقنا أنه تولى الملك وهو صغير السن. هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد أن كاتب هذا المتن قد اختار لنفسه التعابير، التي كانت تستعمل في أوائل عهد الإقطاع الأول حتى نهاية الدولة الوسطى، وهذا يؤكد لنا مرة أخرى حب عظماء عصر النهضة تقليد كتابات العصر الذهبي للغة المصرية، وانتحال ألقابهم. وأخيرًا نجد في عبارات هذا المتن ما يشير إلى اعترافات المتوفى في الفصل الخامس والعشرين بعد المائة من كتاب الموتى أمام الإله «أوزير» رب الآخرة؛ ولذلك جاءت مناسبة للمقام، وقد نقشها على تمثال الإله المعني بذلك (راجع A. Z. 25, P. 120, Cat Gen. Musée du Caire Statues des Divinités P. 69-70 No. 38236).

(٤-٢) حور منخف-أب-نخت

يوجد جزء من تمثال «لأزيس» و«حور» مصنوع من البازلت الأسود، والجزء الباقي هو الجزء الأسفل، وتشاهد فيه أزيس تحمل «حور» في حجرها، ولم يبقَ من تمثال «حور» شيء. وقاعدة هذا التمثال مستطيلة وقد نقش حولها ما يأتي:

من اليسار

قربان يقدمه الملك لأزيس العظيمة الأم المقدسة؛ لتعطي قربانًا من كل شيء جميل طاهر مما يعيش منه الإله، والذي يأتي به سيد الاحترام حور الذهبي (المسمى) مكمل الأرضين «بسمتيك» عاش مخلدًا، بمثابة حظوة لروح صادق القلب والماهر المرتل الأول لجلالته، وصاحب حور (المسمى) «حور منخف اب نخت» … إلخ.

(راجع Cat. Gen. Musée du Caire Statues de Divinités P. 319 No. 39275).
ويلحظ أن اسم هذا المرتل الأول قد ركب تركيبًا مزجيًّا مع الاسم الحوري للملك «بسمتيك الثاني»، يضاف إلى ذلك صاحب التمثال رقم ١١٢ بمتحف «الفاتيكان» (راجع Maruccbi II Museo Egizio Vaticano P. 77–79).
وكذلك يوجد تمثالان للإلهة «نيت» ربة «سايس» في متحف «ليدن» (A. 53,) (et D 121)، وكلها تحمل اسم الملك «بسمتيك» (راجع Leemans, Monuments de Lyde I, PI. II & XXI).

(٤-٣) بدي امست

يوجد في مجموعة الأستاذ «ليشانشف» بروسيا الجزء الأعلى من تمثال، وقد نقش على ذراعيه اسم هذا الفرعون ولقبه، وكذلك نقش على العمود الذي يستند عليه التمثال: المبجل بجانب سيده الأمير الوراثي والحاكم والعظيم عند الإله المحلى المسمى «بدي است» …

(٤-٤) بف دي خنسو وحورسا إيزيس

ونجد في نفس المجموعة تمثالين مجيبين لرئيسي الخزانة من هذا العصر. الأول ويدعى المشرف على الخزانة «بف دي خنسو». والثاني يسمى المشرف على الخزانة «حورسا أزيس»، واسمه الجميل «بسمتيك أم أخت» بن «بتاح أرديس» الذي وضعته السيدة المحترمة «تاحورديس».

(٤-٥) نسوحور

وأخيرًا يوجد في مجموعة «نورايف» الجزء الأسفل من تمثال من الجرانيت الأسود، وهو يمثل رجلًا يخطو إلى الأمام وبين يديه صورة أوزير محنط دون ناووس. ويبلغ ارتفاعه ٣٠ سنتيمترًا، وقد نقش اسم «بسمتيك الثاني» ولقبه بين ذراعي التمثال ورأسه المهشم (١): ابن رع «بسمتيك» العائش أبديًّا (٢) نفر أب (رع) عاش أبديًّا.

وعلى اليسار بالقرب من رأس أوزير نقش: «المبجل بجوار الإله الكامل رب الأرضين.»

ونقش ثلاثة نصوص جميلة على العمود الذي يرتكز عليه التمثال وعلى جانبيه، غير أنها تحتوي على أغلاط. وقد بقيت الكتابة التي على الجانب الأيمن من التمثال سليمة تقريبًا جاء فيها:

(١) الأمير الوراثي والحاكم وحامل خاتم الوجه البحري والسمير الوحيد في الحب (٢) «نسوحور» ابن «أوفرر» يقول: «يا جميع الكهنة ويا كل عالم ويا جميع الذين يمرون بي إذا أردتم أن تكون أعضاؤكم سليمة مثل كل الأعضاء السليمة فقولوا قربانًا يقدمه الملك على حساب ما يريد القلب، وهو نفس الفم المفيد للمتوفى، وبه لن يتعب الإنسان (من قول ذلك)؛ ولأن ذلك ليس مستحيلًا ولن ينقص من متاعك (ثروتك)، وأن الذي يعمل على تخليد الأثر للمستقبل سيبقى اسمه بين الأحياء … إلخ.

أما نقش العمود الذي يرتكز عليه ظهر التمثال، فقد هشم بعضه من أعلى ومن أسفل. وجاء فيه:

الأمير الوراثي والحاكم وحامل خاتم الوجه البحري، والعظيم في «نتر» والمشرف على بابي أراضي الأخضر العظيم (البحر الأبيض المتوسط) (المسمى) «نسوحور» بن «أوفرر» … يقول: إن أوزير يعطيني من خير أوزير، ويحضر إليَّ من طعام آلهة «حت بيت» (معبد لأوزير بالقرب من سايس)، وهو مكانه المفضل وعلى ذلك فإني أصبحت إنسانًا منعمًا (؟).

ويلحظ هنا أن اسم «نسوحور» بن «أوفرر» يذكرنا باسم القائد المعروف الذي كان في «الفنتين» في عهد الملك «إبريز» كما سنرى بعد (راجع A. Z. 28, P. 160–163).
توجد عدة جعارين وخواتم باسم هذا الفرعون (راجع L. R. IV. P. 97 ff).

(٤-٦) القائدان «نفر نفر أب رع» و«أمسيس»

تحدثنا عند الكلام على الحرب الدفاعية التي قام بها «بسمتيك الثاني» على بلاد كوش، وعن الدور الذي قام به كل من قائديه «بدي سماتوى» وأحمس أو أمسيس على حسب النقوش الإغريفية التي خلفاها لنا على تمثال رعمسيس الثاني القائم في معبد أبو سمبل، وقد كانت الحملة كما ذكرنا من قبل تتألف من جنود مصريين، وكذلك من جنود مرتزقة معظمهم من الإغريق، ويحتمل كذلك من بعض اليهود. وتدلنا هذه النقوش الإغريقية على أن الجنود الإغريق كان يقودهم «بوتاسمتو» (بدي سماتوى)، كما كان يقود الجنود المصريين القائد «أمسيس» (أحمس). ولدينا في المُتْحَف المصري ثلاثة آثار خاصة بهذين القائدين بعينهما، وهي تابوت وآنية قربان ويحملان اسم «بدي سماتوى» (بوتاسمتو)، وتمثال صغير يحمل اسم القائد «أمسيس» (أعحمس). وسنورد هنا ملخصًا لحياة «بدي سماتوى» (بوتاسمتو على حسب ما جاء على آثاره السابقة الذكر (أي: التابوت وإناء الطعام)، ثم نشفع ذلك بشيء عن حياة أمسيس كما جاءت على تمثاله.

(أ) تابوت «بوتاسمتو»

عثر على هذا التابوت في «كوم أبويس» بالوجه البحري في عام ١٨٩٦، وهو مصنوع من الشست الرمادي (راجع A. S. 38 P. 158).

اسمه وألقابه

ومن النقوش التي على تابوت هذا القائد نعلم أنه كان يسمى بالمصرية «بدي-سماتوى»، وقد نطقه الإغريق بلفظة «بوتاسمتو». وكان اسمه الذي ينادى به هو «نفر أب رع نب فنت». ومن ثم نعلم أنه كان اسمًا مركبًا تركيبًا مزجيًّا مع لقب الفرعون بسمتيك الثاني. وكان يحمل الألقاب التالية: الأمير الوراثي وحاكم المقاطعة، وحامل خاتم ملك الوجه البحري، والسمير الوحيد المحبوب، والمشرف على الحجرتين (أو المصنعين) والمشرف على البلاد الأجنبية، ومراقب الأجانب. والمشرف على الإغريق وقائد الجنود والمحارب العظيم وصاحب النصر.

حياته وأسرته ومسقط رأسه

وكان قد بلغ من العمر العاشرة بعد المائة عند وفاته (وهذه السن كانت تطلق في العادة على كل من مات في شيخوخة متقدمة، كما كان العمر المثالي عند قدماء المصريين). وبعد وفاته أودع في مكان التحنيط سبعين يومًا (أو المكان الجميل كما يسميه المصريون القدامى)، وكان والده يدعى «رع» ويحمل الألقاب التالية: المحارب العظيم، صاحب النصر، كاهن آمون والكاهن «سما»، والختص بأمر إدارة «حرموتي» رب «شدن» (أبو يسن الحالية القربة من هربيط). أما أمه فكانت تدعى «تادي ست»، وتلقب ربة البيت. وقد جاء في النقوش التي عند رأس التابوت الخاص بالقائد «بوتاسمتو»، ذكر اسم مكان يدعى «جحست»؛ أي بلدة الغزال (راجع Gauthier, D. G. V P. 220). وهذا المكان في الواقع مجهول لدينا، ولم يحقق موقعه بصورة أكيدة عندنا، وتدل شواهد الأحوال على أنه مكان خرافي، وقيل: إن «أوزير» قتل فيه بفعل أخيه «ست» (راجع Ibid). وجاء كذلك ذكر بلدة «شدن» في نقوش الإناء الذي باسم هذا القائد، ولا بد أن هذا الاسم كان موحدًا باسم «كوم أبو يسن» الواقعة على مسافة قريبة من بلدة «هربيط»، وقد ذكرنا من قبل أن التابوت والإناء قد عثر عليهما في نفس «تل أبو يسن» هذا.

(ب) تمثال «أمسيس» (أحمس)

اسم «أحمس» وألقابه

ننتقل بعد ذلك إلى ألقاب «أحمس» أو «أمسيس»، كما جاءت على تمثاله السالف الذكر، فقد كان يدعى «أعح مس» (أمسيس). وكان اسمه الذي ينادى به هو «نفر أب رع» (لقب بسمتيك الثاني) «نخت». ويحمل الألقاب التالية: المشرف على الجنود؛ أي القائد، ومبعوث الملك، والذي يحارب من أجل الملك في كل الممالك الأجنبية، والذي يعمل ما يرغب فيه الملك في النوبة، والمشرف على القلعتين في البلاد الشمالية، وكاهن الإله «سوبد» رب الشرق. واسم والده هو «ني آتوم». واسم أمه هو «نا أزيس نفر»، وتلقب ربة البيت. وقد جاء على تمثال هذا القائد اسم جغرافي مهشم يظهر أنه جزء من بلدة «صفط الحناء»، وهي البلدة التي وجد فيها تمثاله، وكذلك أشير في نقوشه إلى قلعتين مصريتين على الحدود المصرية الفلسطينية والنوبية. ومما سبق يمكن أن نوحد القائد «بوتاسمتو» بالقائد «بدي سماتوى»، والقائد «أمسيس» بالقائد «أحمس» للأسباب الآتية:
  • أولًا: تشابه اسميهما في النقوش الإغريقية والمصرية.
  • ثانيًا: لأن «بوتاسيمتو» كان قائدًا للجنود الأجانب في حين أن «بدي سماتوى» كان المشرف على الأجانب.
  • ثالثًا: لأن «أمسيس» كان يقود المصريين في حين أن «أحمس» كان المشرف على الجنود المصريين؛ ولأنه حارب من أجل الملك في كل البلاد الأجنبية، وعمل كل ما رغب فيه الملك في بلاد النوبة.
  • رابعًا: كان كل من «بدي سماتوى» و«أحمس» قد استعمل لقب «بسمتيك» بوصفه جزءًا من الاسم الذي كان ينادى به، وهذا يدل بلا شك على أنهما عاشا في عهد الملك الذي نقشت فيه النقوش، التي على تمثال «رعمسيس» بأبو سمبل (راجع A. S. 38 P. 158).

وصف مختصر لتابوت «بدي سماتوى» (بوتاسمتو) وترجمة نقوشه

لما كان تابوت «بدي سماتوى» هذا يمثل طراز توابيت هذا العصر، فقد آثرنا أن نصفه بشيء من التفصيل ليكون نموذجًا لتوابيت عصر النهضة التي نحن بصددها.

غطاء التابوت

غطاء هذا التابوت على شكل مومية مرتدية شعرًا مستعارًا ولحية مستعارة أيضًا، وعلى صدرها صدرية من الخرز في نهايتها رأس صقر عليه قرص الشمس. ويلفت النظر بنوع خاص الرسم البارز الذي على جانبي الركبة، والجزء الأسفل من الساق للمومية نفسها، فيوجد سبعة آلهة ممثلة على الغطاء وهي: الإلهات «نفتيس» و«أزيس» (وقد ظهرتا مرتين) و«نوت» والإلهة «حبى» و«كبح سنوف» و«أمستي» و«دوا موت ف»، وهم الآلهة الأربعة الذين يحمون الأجزاء المختلفة التي تنتزع من باطن الجسم في أثناء التحنيط، والإله الأول رأسه في صورة قرد ويحمي الرئتين، والثاني رأسه في صورة صقر ويحرس الأمعاء، والثالث رأسه في صورة إنسان ويحرس الكبد، والرابع رأسه في صورة ابن آوى ويحرس المعدة. وهؤلاء الآلهة الأربعة لهم أجسام آدمية، ويتبع كل واحد منهم متن ديني مأخوذ من كتاب الموتى. وسنأتي هنا على ذكر المتون التي على التابوت مع ترجمتها:

المتن الذي على الغطاء

  • (١)
    المتن الذي على قمة الرأس: أولًا نشاهد صورة «نفتيس» ومعها المتن التالي:
    يا أوزير «بدي سماتوى» لقد أتت إليك نفتيس، وهي الأخت إلى «جحست»٢ إنها ترفع لك رأسك. إنها تضم إليك عظامك، إنها تركب لك أعضاءك (التي فصل بعضها عن بعض).
  • (٢)
    المتن الذي في الوسط: نشاهد هنا صورة الإلهة «نوت»، ومعها المتن التالي:

    يا أوزير «بدي سماتوى» الصادق القول والذي وضعته «تادي-ست» إنك مولود السماء، وقد حملت فيك «نوت» (السماء) ووارث «جب» (إله الأرض) ومحبوبه. وأن أمك «نوت» تنتشر عليك باسمها سر السماء، ولقد وهبت أنك ستبقى إلها بدون أعدائك بوصفك إلها، وأنها قد حمتك من كل شر باسمها حامية العظيم.

    (راجع Chap. Cl XXVIII PP. 467-468 Book of the Dead).
  • (٣)
    المتن الذي على القدمين: يشاهد هنا صورة الإلهة «أزيس»، ومعها المتن التالي:

    كلمات تتلى: يا أوزير «بدي سماتوى» إن أختك «أزيس» قد أتت إليك فرحة بحبها لك، إنها ترعاك، إنها تقترب من ساقيك، وإنها تحميك، وإنك لم تغرق.

    ويلحظ هنا أن السطر الأول من هذا المتن هو صورة مشوهة للسطر ٦٣٢ من متون الأهرام.
  • (٤)
    المتن الذي حافة القدم من جهة اليمين:

    يا سبع البوابات (التي تؤلف بوابة لأوزير) يا من تخبرون عن أحوالها أوزير من العيد! هل يعرفك أوزير «بدي سماتوى» لقد ولد (ثانية) في «رستاو».

    (راجع كتاب الموتى Chap. CLIV P. 329).
  • (٥)
    المتن الذي على اليسار:

    يا فاتحي الطرق. يا فاتحي الممرات للأرواح الممتازة في بيت أوزير افتحوا أنتم (الطرق لروح أوزير «بدي سماتوى»).

  • (٦)
    المتن الذي على الجانب الأيسر: يشاهد هنا صورة «أزيس»، ومعها المتن التالي:
    كلمات تتلى على لسان «أزيس»: لقد أتيت لأكون حاميتك يا أوزير «بدي-سماتوى» لقد أعطيتك الهواء لخيشوميك (أي) ريح الشمال الذي يخرج من آتوم. ولقد جعلت زورك يتنفس، ولقد منحتك أن تحيا إلهًا، وأعداؤك تحت نعليك (Chap. CL. P. 382).
  • (٧)
    المتن الذي في الوسط: يشاهد فيه صورة الإله «أمستي» ومعه المتن التالي. كلام يتلى بوساطة «أمستي»:
    يا أوزير «بدي سماتوى» أني «أمستي»، إني ابنك حور محبوبك، لقد أتيت لأضمك، وإني أحضر لك قلبك المخصص لمكانه (في جسمك)، وإني حي لأكون حماية لك (Chap. CLI P. 385).
  • (٨)
    وفي الجزء الأسفل: يشاهد صورة الإله «دوا موت ف» ومعه المتن التالي:
    كلمات يتلوها الإله «دوا موت ف»: يا أوزير «بدي سماتوى» إني «دوا موت ف» إني ابنك حور محبوبك. لقد أتيت لحمايتك من الذي سيعمل لك سوءًا، ولقد جعلتك تقف على ساقيك إلى الأبد (راجع Chap. LXV P. 502, Chap. CL P. 213).
  • (٩)
    المتن الذي على الغطاء من الجهة اليمنى من أعلى: يشاهد فيه صورة الإلهة «نفتيس»، ومعها المتن التالي:

    كلمات تتلوها «نفتيس» إني ألف حول أخي «أوزير» «بدي-سماتوى». إني عائشة حامية لك، وإني أحمي ظهرك أبد الآبدين، وإن رع يسمع نداءك، وإن صوتك صادق أمام تاسوع الآلهة، وإن الذي يعمل ضدك لن يعيش.

  • (١٠)
    المتن الذي في الوسط: يشاهد فيه صورة الإله «حبي»، ومعه المتن التالي:

    كلمات يتلوها «حبي» يا أوزير «بدي سماتوى» لقد أتيت لأحميك في الحياة، وإني كائن بمثابة حماية لك، وإني أهزم لك أعداءك، وإنك قد رفعت ولذلك أمدح جمالك. ولقد مددت لك ذراعيك حتى الأفق الشرقي للسماء.

  • (١١)
    الجزء الأسفل: نشاهد فيه صورة الإله «كبح سنوف»، ومعه المتن التالي:

    كلمات يلقيها «كبح سنوف» يا أوزير «بدي سماتوى» إني ابنك حور محبوبك، إني كائن بمثابة حماية لك تحفظك في يوم العيد، إن رع يرحب بك في أفقه، إن القمر يضيء لك بضوئه، وإن قرينك قوي وكذلك روحك.

  • (١٢)
    الجزء الأسفل (القاعدة): يشاهد فيه صورة «أزيس»، ومعها المتن التالي:

    يا أوزير «بدي سماتوى» إني أنا أختك «أزيس».

  • (١٣)
    صورة «نفتيس» معها المتن التالي:

    يا أوزير «بدي سماتوى» إني أنا أختك «نفتيس».

  • (١٤)
    الجزء الأسفل من اليسار نقش في شريط أفقي ما يأتي:

    كلمات تتلى: يا أوزير المشرف على الحجرتين «بدي سماتوى» الذي وضعته ربة البيت «تادي ست»، إن وارث الأرض الغربية، وهو حور الذي وضعته «أزيس» يعطيك آباءك المتوفين وأذرعتهم خلفك يا أوزير «بدي سماتوى» (بمثابة حماية).

  • (١٥)
    يشاهد صورة الإله «أمستي» ومعه المتن التالي:

    إن الحياة في الأرض المقدسة لك يا أوزير «بدي سماتوى»، وإن روحك ستبقى فيما بعد (في المستقبل) يا أوزير المشرف على الأجانب «بدي سماتوى».

  • (١٦)
    صورة الإله (كبح سنوف) معه المتن التالي:

    لك السلام في الأرض الغربية يا أوزير «بدي سماتوى»، وإنك ترتاح بين أهل السلام يا أوزير «بدي سماتوى» (يقصد هنا بأهل السلام أصحاب النعيم في الآخرة).

  • (١٧)
    صورة الإله «جب» ومعه المتن التالي:

    إن روحك ستكون مقدسة في «نوت» (= السماء) يا أوزير «بدي سماتوى». وقد قدم لك ما هو خاص بك بوصفك نجمًا في السماء يا أوزير «بدي سماتوى».

  • (١٨)
    صورة «أنوبيس» الذي على جبله ومعه المتن التالي:

    إنك كنت تتعلم في مكانه (أي: مكان التعليم) في شبابك يا أوزير «بدي سماتوى»، وإنك ستعيش مع كائنات العالم الآخر يا أوزير «بدي سماتوى».

  • (١٩)
    صورة الإله «ماتف» (أي: الذي يرى والده) ومعها المتن التالي:

    إن اسمك هو الثابت في الأفواه يا أوزير «بدي سماتوى»، وذكراك في كل المعابد يا أوزير «بدي سماتوى».

  • (٢٠)
    صورة الإله «خر باق ف» (= الذي تحت زيتونته، وهذا لقب يعطى عادة الآلهة «تحوت» و«بتاح» و«حور» و«ست»، والإشارة هنا للإله (تحوت)، وقد يدل أحيانًا على الإله «رع») ومعها المتن التالي:

    لقد مكثت سبعين يومًا في البيت الجميل يا أوزير «بدي سماتوى». ولقد حنط «أنوبيس» جسمك يا أوزير «بدي سماتوى».

  • (٢١)
    الجزء الأسفل من جهة اليمين متن أفقي جاء فيه:

    كلمات تتلى يا أوزير المشرف على الإغريق «بدي سماتوى» بن «رع»، صادق القول ارفع نفسك ارفع نفسك على الجانب الأيسر، ضع نفسك على الجانب الأيمن، إن ما تمقته هو النوم والخمول، وإنه لكريه لك أن تكون تعبًا، قف، لن يكون في وسعك أن تصير متعبًا.

  • (٢٢)
    من اليمين:

    كلمات تتلى إن وجه أوزير «بدي سماتوى» قد فتح، وبذلك يمكنه أن يرى رب الأفق، إن «بدي سماتوى» يعبر السماء كل يوم، وإنه يظهر بمثابة إله سرمدي.

  • (٢٣)
    من اليسار:

    كلمات تتلى: إن أبواب السماء قد فتحت، وقد فتحت أبواب الأقواس بوساطة جماعة الآلهة الذين في «ب»، وإنهم يأتون إلى «بدي سماتوى» في الجبانة بالقرب من المكان الذي ناحت عليه فيه «نفتيس».

  • (٢٤)
    صورة «حبي» ومعها المتن التالي:

    سيبقى اسمك من فم لفم يا أوزير «بدي سماتوى»، وإن اسمك لن يمحى أبد الآبدين يا أوزير «بدي سماتوى».

  • (٢٥)
    صورة الإله «دوا موت ف» ومعها المتن التالي:

    إن الملابس ستوجد من أجلك، هكذا تقول «الإلهة نيت»، يا أوزير «بدي سماتوى» الخارج من الحجرتين، وإنها تلف جسمك يا أوزير «بدي سماتوى».

  • (٢٦)
    صورة الإله «أنوبيس» الذي أمام الساحة المقدسة ومعها المتن التالي:

    إنك قد عمرت عشرًا ومائة سنة على الأرض المقدسة الخاصة بسيدك (سيده يقصد الملك)، يا أوزير «بدي سماتوى»، ولقد مكثت في مكان التحنيط سبعين يومًا يا أوزير «بدي سماتوى».

  • (٢٧)
    صورة «حور» الحامي والده ومعها المتن التالي:

    إن تماثيلك ستبقى مستمرة إلى الأبدية يا أوزير بدي سماتوى، إن اسمك ينطق به عليها يا أوزير «بدي سماتوى».

  • (٢٨)
    صورة «حرخنتي-ن-ادتي» «حور الذي في المقدمة دون عينيين»، ومعه المتن التالي:

    إن جسمك سيبقى في الأرض الخفية (الجبانة) يا أوزير «بدي سماتوى»، وإن اسمك يستمر على أرض الأحياء يا أوزير «بدي سماتوى».

وهكذا نرى نموذجًا من نماذج التوابيت في العصر الصاوي، ويشاهد في متونه أنها تنزع أحيانًا إلى متون الأهرام، كما تقتبس الكثير من متون كتاب الموتى، وقد ذكر في هذا المتن بعض نقاط هامة عن حياة صاحب التابوت، كما ذكرت أمور هامة من الوجهة الدينية في هذا العهد عن الشعائر الدينية التي كانت تقام للمتوفى عند دفنه، وهي كلها تنزع إلى محاربة الموت ومغالبته ليعود المتوفى إلى الحياة بعد الموت.

متون الآنية التي عثر عليها باسم «بدي سما توى»

والمتون التي وجدت على هذه الآنية تقدم لنا ألقابه وشيئًا عن مكانته ومكانة والده.

وهاك هذه الألقاب: الأمير الوراثي، والحاكم، وحامل خاتم الوجه البحري، والسمير الوحيد، والمشرف على الحجرتين، والمراقب على الأجانب، والمشرف على الجنود والمحارب العظيم وسيد النصر «بدي سماتوى»، واسمه المنادى به هو «نفر أب رع نب قنت» ابن المحارب العظيم رب النصر، وكاهن آمون والكاهن «سما» المرتبط بأعمال الإله «حرموتي» صاحب «شدن» المسمى «رع» صادق القول.

وبلدة «شدن» كانت مركز عبادة الإله «حرموني». ومما لا شك فيه أنها هي التي قام على أنقاضها «كوم أبو يسن» الواقع في الجنوب الشرقي من «هربيط» الحالية.

متن تمثال «أمسيس»

أما تمثال «أمسيس» أو «أحمس» فقد جاءت عليه النقوش التالية:
  • المتن الذي على صدر التمثال: المشرف على الجنود «أحمس»، واسمه الذي ينادى به هو «نفر أب رع نخت».
  • والمتن الذي حول القاعدة جاء فيه: رسول الملك والذي يحارب من أجل سيده في كل البلاد الأجنبية، والذي يعمل ما يرغب فيه جلالته في بلاد النوبة، والمشرف على الحصنين في البلاد الشمالية وكاهن الإله «سبد» رب الشرق «أحمس» واسمه الذي ينادى به هو «نفر أب رع نخت» بن «نس آتوم»، والذي وضعته سيدة البيت «نارس نفر».
  • والمتن الذي على ظهر التمثال جاء فيه: (أنتم يا من في (؟) حت أو ايات) نبست أمام «سبد» رب الشرق، تذكروا أنتم روحي في مخدعها (؟) في … لأن نفس فمكم (صلاتكم) مفيد للمتوفى، وإنه ليس مشينًا أن تنطقوا بشيء ممتاز. وعندما يكون الإنسان قد عمل شعائره الصالحة، فإنه يفلح على أرضه، وإن مثل هذه الشعائر ستعمل له بالمثل في المستقبل (أي: بعد وفاته).
(راجع A. S. 38, P. 193; & Br. A. R IV P. 514.)

(٤-٧) حور» بن «سمتاوى تفنخت»

كشف عن قبر هذا العظيم في حفائر سقارة (راجع A. S. XLI P. 391)، ويوجد قبر «حور» هذا في الجهة الجنوبية من هرم الملك «وسر كاف». والبئر الرئيسية طول فوهتها حوالي ٩٥٠ سنتيمترًا من الشرق إلى الغرب، ٨٠٠ سنتيمتر من الشمال إلى الجنوب. وقد حفرت البئر إلى عمق ١٢ مترًا، وحجرة الدفن الجانبية الواقعة في الجهة الغربية تبلغ ١٢٠ سنتيمترًا مربعًا، وحوالي ١٤ مترًا في العمق. وقد وجد في حجرة الدفن تابوت طوله ٣٢٠ سنتيمترًا من الشرق إلى الغرب، ١٨٠ سنتيمترًا من الشمال إلى الجنوب، وقد وجد سليمًا ونقش على غطاء التابوت سطر يحتوي على صيغة القربان المنفية الخاصة بالإله «نفر توم»، كما نقش متنان المنفية آخران حول الحافة. ونعلم من النقوش أن صاحب هذا التابوت هو «حور» ابن «سماتوى تفنخت»، وأمه هي «ارت-أرو». وتدل النقوش كذلك على أنه كان يدعى باسم آخر. والواقع أننا نعلم من النقوش المحفورة أن الاسم الذي كان ينادى به هو «نفر أب رع أم أخت»، ولكن من جهة أخرى نجد رسمًا بالفرشة على أحد جانبي المقصورة الخاصة بهذا الرجل باسم آخر، وهو «واح أب رع أم أخت». والواقع أن توحيد الألقاب التي كان يحملها صاحب المقبرة لا يجعل مجالًا للشك في صاحب المقبرة، وعلى ذلك فإنه يحتم علينا أن نستنبط أن «حور» هذا قد غير اسمه الذي ينادى به في خلال إقامة قبره. فغير اسمه «واح أب رع أم أخت» الذي قد ركب تركيبًا مزجيًّا مع لقب «بسمتيك الأول» إلى اسم «نفر أب رع أم أخت»، الذي يحتوي على لقب «بسمتيك الثاني»، ومن المحتمل جدًّا إذن أنه مات في عهد الملك الأخير.
وكان «حور» هذا يحمل الألقاب التالية:
  • (١)

    السمير الوحيد.

  • (٢)

    المشرف على الحجرة.

  • (٣)

    الكاهن والد الإله.

  • (٤)

    قريب الملك.

  • (٥)

    رئيس أسرار «روستاو».

وقد وجد مع المومية جعارين قلب من اليشب الأخضر القاتم والهمتيت واللازورد، وكذلك تمائم في صورة عيون مقدسة واحدة منها من الأبسديون والأخرى من الهمتيت واليتسب والزبرجد. أما التعاويذ الأخرى المصنوعة من الحجر، فقد وجد منها فلب من الكرنالين (حجر الدم) ومخدة وعمود «داد» (علامة الثبات الخاصة بالإله أوزير) وتعاويذ في صورة الطائر «حور»، وتعويذة في صورة تحوت وأعمدة وازي (تعاويذ). أما التعاويذ المصنوعة من الذهب فتحتوي على قلادة (وسخت) في صورة صدرية، وبعض آلهة وعلامة دد (الثبات) وعين مقدسة وثعبان، هذا بالإضافة إلى عشرين غطاء لأصابع اليدين والقدمين، وقد وجد في حجرة الدفن أربع كوات لأواني الاحتساء أيضًا.

ويلحظ أن صاحب المقبرة قد رسم على الواقع شرقي التابوت بالمداد الأسود وأمامه مائدة قربان. هذا وقد وجدت على جدران قبر هذا الكاهن نفس النقوش التي وجدت على جدران «آمون تفنخت»، التي تحدثنا عنها ومعظمها من متون الأهرام، غير أنه يلاحظ أن النقوش هنا قد وجدت غير كاملة؛ وذلك لأن المقبرة لم تكن قد تمت عند موت صاحبها على ما يظهر. وقد نقش خارج المقصورة ما يأتي: في الجانب الشرقي متن خاص بالإلهة «نوت»، وهو مأخوذ من متون الأهرام (راجع Pyr. §§ 506–51, 52-53, 56-57).

وعلى الجانب الجنوبي: صيغة قربان للإله أوزير، ومعها قائمة قربان مؤلفة من ١٤٠ مربعًا.

وعلى الجانب الشمالي: صيغة قربان للإلهة «أوبيس» مشروحة بمتن من متون الأهرام (راجع Pyr. §§ 364–366a). ويلحظ أن زينة هذا الجانب قد تركت ناقصة في حين أنه على الجانب الغربي لم توجد أية نقوش قط.
١  انظر صورة هذا التابوت شكل رقم ٩.
٢  المكان الذي قتل فيه «ست» أخاه «أوزير».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤