اختفاء تختخ

استطاع الشاويش أن يقوم بالعمل جيدًا؛ فقد قبض على أفراد العصابة الأربعة، عدا رقم «٣» الذي لم يحضر الاجتماع، وكان الشاويش سعيدًا جدًّا بنفسه، فسوف يثني عليه المفتش «سامي» ويأخذ ترقية، ولكنه تذكَّر فجأة أنه ترك «تختخ» في الدولاب، فقرر أن يذهب إليه ويطلق سراحه.

كان الفجر قد اقترب عندما وصل الشاويش إلى المتحف، فدخل، ووقف أمام باب الدولاب المغلق، وأخذ يحدِّث «تختخ» الذي كان يظن أنه ما زال موجودًا: تستطيع أن تخرج الآن يا «تختخ»، لقد قبضت على العصابة وحدي.

ولم يرد أحد، فشعر الشاويش بالخوف وقال في نفسه: هل يكون الولد قد مات مختنقًا؟ وأحسَّ برعدة في جسده، فمدَّ يده وفتح الدولاب، وكانت مفاجأة ألا يجد «تختخ» مكانه.

وأغلق الشاويش الدولاب، وهو يشعر بالقلق والخوف، لقد ترك الولد في الدولاب، وكان يجب أن ينقذه، فماذا سيقول للمفتش «سامي» الآن، إذا حدث أي مكروه ﻟ «تختخ».

وفي اليوم التالي اجتمع الأصدقاء الخمسة، وكلهم غاضبون على الشاويش الذي ترك «تختخ» في الدولاب، وقرروا وضع خطة لمضايقته.

وهكذا تفرَّق الأولاد حول منزل الشاويش وحول القسم، وكلما قابله واحد منهم أسرع إليه قائلًا: يا حضرة الشاويش، ألم تر «تختخ»؟

ويقول الشاويش: أبدًا، أين سأراه؟

فيقول الآخر: ولكنك الشاويش المسئول عن الأمن، كيف يختفي ولد مثل «تختخ» ولا تعرف مكانه؟

ويحمرُّ وجه الشاويش، ولا يجد أي إجابة. وزادت مخاوف الشاويش تدريجيًّا، وأحسَّ بالذنب الذي ارتكبه.

أما المفتش «سامي»، فلم يكن سعيدًا بما أتمَّه رجاله، خاصة الشاويش، فأرسل له، ودخل الشاويش على المفتش، وهو منفوش كالديك، منتظرًا كلمات الثناء والإعجاب، ولكن المفتش «سامي» قابله في برود قائلًا: لقد قبضتم على العصابة حقًّا، ولكن الأهم أنكم لم تعثروا على عقد المجوهرات الثمين، لقد أخفاه اللصوص ولم تتمكنوا من العثور عليه، وهو عقد يساوي عشرات الألوف من الجنيهات؛ لقيمته المادية والتاريخية.

قال الشاويش: لا أدري يا سيدي، إنني لم أجد أي عقد.

المفتش: أرجو أن تقصَّ عليَّ القصة من الأول، وكيف دخلت متحف الشمع، لعلني أعثر على شيء يوصلنا إلى الحقيقة.

وأخذ الشاويش يتحدث عن مغامرته فخورًا، حتى وصل إلى اللحظة التي عطس فيها، والتي قبض فيها اللصوص على «تختخ»، وهنا صاح المفتش «سامي»: هل تقصد أن «تختخ» كان هناك أيضًا، وأنه كان متخفِّيًا في شكل تمثال.

أي تمثال كان؟

الشاويش: تمثال نابليون يا سيدي، إن هذا الولد لا يكف عن التدخل في عملي … و…

المفتش: هل تريد أن تقول إنك تركت «تختخ» في الدولاب؟!

الشاويش: في الحقيقة يا سيدي إن … إن … إنني … كنت أريد … صدقني … إنني …

وصاح المفتش بصوت كالرعد: ماذا حدث بعد ذلك؟

الشاويش: لقد عدت في الفجر لإطلاق سراح «تختخ»، ولكن للأسف لم أجده في الدولاب.

المفتش: إذن اختفى «تختخ». هذه مصيبة، هذا تقصير منك …

وأمسك المفتش بالتليفون وأخذ يتحدَّث إلى أقسام الشرطة، بينما أمر الشاويش بالانصراف للبحث عن «تختخ».

خرج الشاويش وهو يشعر بآلام هائلة في رأسه، لقد ضاع المجد الذي كان يحلم به، والمفتش «سامي» ساخط عليه، والمجوهرات غير موجودة، و«تختخ» اختفى … شيء فظيع … فظيع …

سار الشاويش في الطريق، وهو محني الرأس مهمومًا، وفجأة قفز كلب على قدميه، وأخذ ينبح وينبح، وصاح الشاويش: فرقع من هنا! ثم لاحظ أن الكلب هو «زنجر»، فرفع رأسه ليرى من معه، وكم كانت دهشته، عندما وجد «تختخ» يقف أمامه، وهو يبتسم بسخرية.

صاح الشاويش: «تختخ»! أين كنت؟ إن الدنيا كلها مقلوبة بحثًا عنك، حتى المفتش «سامي» اشترك في البحث عنك.

وردَّ «تختخ» ببرود: آسف يا شاويش أن أقول لك، لقد كانت قسوة منك أن تتركني في الدولاب، فقد كدت أموت مختنقًا.

الشاويش: لم أقصد طبعًا، ولكن أخبرني كيف استطعت الخروج من الدولاب وأنت مقيد؟!

تختخ: لن أقول لك.

وترك «تختخ» الشاويش واقفًا، وقد فتح فمه دهشة وألمًا، وانطلق إلى منزله.

أسرع الشاويش إلى القسم حيث أخبر المفتش بظهور «تختخ»، فاتصل المفتش ﺑ «تختخ» تليفونيًّا، ورجاه أن يقابله.

قابل المفتش «تختخ» بالترحاب الشديد، وطلب منه أن يروي له القصة كاملة، وكيف تنكَّر في ثياب «نابليون»، وروى «تختخ» القصة كلها، فقال المفتش: إنك ولد مدهش، وتصلح كأحسن مفتش للشرطة. ولكن هل سمعت أخبار العصابة؟

تختخ: نعم، قرأت ما كتبته الجرائد، وقد قام الشاويش بعمله جيدًا وقبض على العصابة.

المفتش: للأسف فزعيم العصابة نفسه ما يزال مختفيًا، كذلك اختفى عقد الجواهر الثمين، وهكذا يبدو أن الشاويش لم يفعل شيئًا له قيمة.

ولمعت عينا «تختخ» عندما سمع هذه الأخبار الهامة، وقال للمفتش: إذن فعقد المجوهرات ما يزال مختفيًا، وزعيم العصابة كذلك؟

المفتش: هذه هي الحقيقة.

تختخ: هل تسمح للأصدقاء الخمسة أن يبحثوا عن العقد الثمين؟

المفتش: إنني غاضب لأنكم اشتركتم في الجزء الخطر من المغامرة، أما الآن، فلا مانع عندي!

خرج «تختخ» مسرعًا والدنيا لا تتسع لفرحته، وأسرع إلى أصدقائه، وأخبرهم بما سمع من المفتش «سامي».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤