أين «تختخ»؟

في صباح اليوم التالي تلقَّى «مُحب» رسالة من «تختخ» في ورقة صغيرة: اذهبوا إلى مدينة الملاهي بعد الظهر، وسأقابلكم هناك وأنا متنكِّر.

وقضى الأصدقاء الصباح يفكرون كيف سيتنكَّر «تختخ»، ثم أخذوا بعض النقود، وأسرعوا إلى مدينة الملاهي وكلهم شوق للتعرف على «تختخ» متنكرًا، وكل منهم يحلم بالحصول على القلم.

عندما وصل الأصدقاء الأربعة إلى الكورنيش، قابلهم رجل عجوز محنيُّ الظهر، كان يجرُّ قدميه جرًّا، وقد ظهرت أصابعه من حذائه القديم، وطالت لحيته، ويمسك بيده عصًا يستند عليها.

قالت «لوزة» محذرة: إنه «تختخ»، إنه متنكِّر بطريقة ممتازة ولكنني أعرفه.

ووقف الأصدقاء يراقبون الرجل الذي جلس على أحد المقاعد، وأخرج سيجارة أخذ يدخنها وهو يسعل بشدة.

عاطف: إنه «تختخ» بلا شك، وقد أخذ سيجارة من والده ليخدعنا … وسعل الرجل العجوز مرةً أخرى، وأخذ يحك أنفه بظهر يده.

وضحكت «لوزة» قائلة: إنه مدهش، لقد تمرن على التدخين، وعلى السعال وعلى كل شيء! تعالوا نتحدث إليه.

وأسرع الأصدقاء إلى الرجل العجوز، وجلس «مُحب» بجواره قائلًا: أهلًا «تختخ»، إنه تنكر رائع بلا شك، ولكن للأسف لقد عرفناك فورًا، والمشكلة الآن، من الذي سيأخذ القلم!

لم ينظر العجوز إلى «مُحب» إطلاقًا، بل استمر يدخِّن سيجارته في صمت. صاح «مُحب»: «تختخ»، يكفي هذا، إن التدخين سوف يُتعب صدرك! وضحك الجميع، ولكن الرجل استمرَّ يدخِّن، فمدَّ «عاطف» يده، وأمسك لحية الرجل وشدها، ففزع الرجل، ووضع يده خلف أذنه وصاح: واه!

وضحكت «نوسة» وقالت: إنه يتظاهر بالصمم أيضًا.

ولاحظت «لوزة» أن أذن الرجل كبيرة، وحمراء فصاحت بالأصدقاء: كفى … كفى … إنه ليس «تختخ»، انظروا إلى أذنه! ونظر الأصدقاء إلى الأذن الكبيرة الحمراء، وأدركوا أنهم ارتكبوا خطأ كبيرًا، فانصرفوا وقد أحسُّوا بالخجل الشديد.

قال «مُحب»: الحمد لله أن الرجل أصم، فلم يسمع ما قلناه، ولعل «تختخ» قريب منا الآن، يراقبنا ويضحك علينا.

وسار الأصدقاء على الكورنيش، فقابلوا بائع اللبن، ولكنه كان أطول من «تختخ»، ثم قابلوا الكنَّاس، فأخذوا ينظرون إليه بشدة، فصاح الرجل: ماذا بكم؟! هل في شكلي شيء غريب، ألم تروا مقشة من قبل؟!

وابتعد الأولاد مسرعين، وهم يعتذرون في كلمات متعثِّرة.

وقابلوا أشخاصًا كثيرين بعد ذلك، ولكنهم كانوا أكثر حرصًا، خاصة بعد أن كاد بائع الترمس أن يجري خلفهم عندما قالوا له: يا «تختخ»! وأخيرًا وصلوا إلى مدينة الملاهي، وكان الناس يتجمعون حول الألعاب وحول متحف الشمع، الذي كان يضمُّ عددًا كبيرًا من التماثيل الشمعية لمشاهير الشخصيات.

وكان الأصدقاء الأربعة كلما قابلوا شخصًا غريبًا، ساروا خلفه وحاولوا التحدث إليه لعله يكون «تختخ»، وتعرضوا في سبيل ذلك إلى متاعب كثيرة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤